الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، أَنَّ الرَّجْمَ مِمَّا أَنْزَلَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ، وَمَا رُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَسْخِ اللهِ عز وجل ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ
2057 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ ابْنَ شِهَابٍ ، أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ عز وجل بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا ، وَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، وَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: وَاللهِ مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ النِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ ".
⦗ص: 303⦘
2058 -
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، وَيُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
2059 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ، أَخْبَرَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه مِثْلَهُ ، وَزَادَ فِيهِ:" وَايْمُ اللهِ ، لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: كَتَبَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللهِ مَا لَمْ يُنَزَّلْ لَكَتَبْتُهَا "
2060 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ: " قَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا ، وَأَنْزَلَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ، وَلَوْلَا أَنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: إِنَّ عُمَرَ زَادَ فِي كِتَابِ اللهِ لَكَتَبْتُهُ بِخَطِّي حَتَّى أُلْحِقَهُ بِالْكِتَابِ ".
⦗ص: 304⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّ الرَّجْمَ مِمَّا أَنْزَلَهُ اللهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ ، وَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا مِنْ جِنْسِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِمَّا أُنْزِلَ قُرْآنًا ، فَوَقَفَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ نُسِخَ فَأُخْرِجَ مِنَ الْقُرْآنِ فَلَمْ يَقِفْ عَلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ مَا قَالَ لِهَذَا الْمَعْنَى ، وَوَقَفَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ ، وَعُثْمَانُ ، وَعَلِيٌّ رضي الله عنهم ، فَلَمْ يَكْتُبُوهَا فِي الْقُرْآنِ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ النَّسْخَ قَدْ لَحِقَهَا ، فَأُخْرِجَتْ مِنَ الْقُرْآنِ فَأُعِيدَتْ إِلَى السُّنَّةِ ، فَقَالَ قَائِلٌ: وَهَلْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه كَتَبَ الْقُرْآنَ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ كَانَ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَكَتَبَهُ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمٍ وَخَارِجَةَ ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه كَانَ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي قَرَاطِيسَ ، وَكَانَ قَدْ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ ، فَأَبَى عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَفَعَلَ ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْكُتُبُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تُوُفِّيَ ، ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تُوُفِّيَ ، ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ ، فَأَبَتْ أَنْ تَدْفَعَهَا إِلَيْهِ حَتَّى عَاهَدَهَا لَيَرُدَّنَّهَا إِلَيْهَا ، فَبَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ ، فَنَسَخَهَا عُثْمَانُ فِي هَذِهِ
⦗ص: 305⦘
الْمَصَاحِفِ ، ثُمَّ رَدَّهَا إِلَيْهَا ، فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهَا حَتَّى أَرْسَلَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَأَخَذَهَا فَحَرَقَهَا
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: " أَرَى أَنْ يُجْمَعَ الْقُرْآنُ " فَقُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: " هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ ". فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي بِذَلِكَ ، وَرَأَيْتُ فِيهِ الَّذِي رَأَى فِيهِ. قَالَ زَيْدٌ: وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: إِنَّكَ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلَا نَتَّهِمُكَ ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَاتَّبِعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ ، فَاتَّبَعْتُ الْقُرْآنَ فَجَمَعْتُهُ مِنَ الْأَقْتَابِ ، وَالْعُسُبِ ، وَالْأَكْتَافِ ، وَصُدُورِ الرِّجَالِ ، وَكَانَتِ الْمَصَاحِفُ الَّتِي جَمَعْتُ فِيهَا الْقُرْآنَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه حَيَاتَهُ ، ثُمَّ تَوَفَّاهُ اللهُ ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ ابْنَةِ عُمَرَ.
⦗ص: 306⦘
فَكَانَ فِيمَا قَدْ رُوِّينَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَدْ وَقَفَ عَلَى أَنَّ آيَةَ الرَّجْمِ قَدْ نُسِخَتْ مِنَ الْقُرْآنِ وَرُدَّتْ إِلَى السُّنَّةِ ، وَأَنَّ عُثْمَانَ أَيْضًا قَدْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ
2061 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سَلَمَةَ يَعْنِي ابْنَ كُهَيْلٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ جَلَدَ عَلِيٌّ رضي الله عنه شُرَاحَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَرَجَمَهَا يَوْمَ
⦗ص: 307⦘
الْجُمُعَةِ ، وَقَالَ:" جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللهِ ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم "
2062 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّعَيْنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ ، عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ ، عَنْ حَبَّةَ ،
⦗ص: 308⦘
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَتْهُ شُرَاحَةُ فَأَقَرَّتْ عِنْدَهُ أَنَّهَا زَنَتْ ، فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه:" فَلَعَلَّكَ عَصَيْتِ نَفْسَكِ ". قَالَتْ: أَتَيْتُ طَائِعَةً غَيْرَ مُكْرَهَةٍ ، فَأَخْرَجَهَا حَتَّى وَلَدَتْ وَفَطَمَتْ وَلَدَهَا ،
⦗ص: 309⦘
ثُمَّ جَلَدَهَا الْحَدَّ بِإِقْرَارِهَا ، ثُمَّ دَفَنَهَا فِي الرَّحْبَةِ إِلَى مَنْكِبِهَا فَرَمَاهَا هُوَ أَوَّلُ النَّاسِ ، ثُمَّ قَالَ: ارْمُوا ، ثُمَّ قَالَ:" جَلَدْتهَا بِكِتَابِ اللهِ ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ".
⦗ص: 310⦘
فَأَخْبَرَ عَلِيٌّ بِمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهُ: أَنَّ الرَّجْمَ فِي الزِّنَى سُنَّةٌ لَا قُرْآنٌ. وَتَابَعَ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ عَلَى ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ لِأَبِي بَكْرٍ مَعَ قَدِيمِ عِلْمِهِ بِهِ لِكِتَابِهِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْوَحْيَ ، وَكَانَ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا أَوْلَى مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْهُ ، فَكَانَ عِلْمُ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ بِخُرُوجِ آيَةِ الرَّجْمِ مِنَ الْقُرْآنِ وَنَسْخِهَا مِنْهُ أَوْلَى مِنْ ذَهَابِ ذَلِكَ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ عُمَرَ بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَدْ رَأَى مِنْ ذَلِكَ مَا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهِ فَلَمْ يَكْتُبْهَا فِي الْمُصْحَفِ ، وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمَا تَرَكَ كِتَابَهَا فِيهِ ، وَلَكِنَّهُ تَرَكَ كِتَابَهَا فِيهِ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ عِلْمَ أُولَئِكَ مِمَّا عَلِمُوا مِمَّا ذَهَبَ عَلَيْهِ عِلْمُهُ أَوْلَى مِنْ كِتَابِهِ إِيَّاهَا ، فَرَدَّ ذَلِكَ وَرَجَعَ إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ. فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الرَّجْمَ الَّذِي هُوَ حَدُّ الزَّانِي الْمُحْصِنِ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، لَا آيَةٌ ثَابِتَةٌ الْآنَ مِنْ كِتَابِ اللهِ عز وجل ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ