الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
611 -
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ: ثنا أَسَدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: هَلْ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ أَحَدٌ؟ فَقَالَ: لَمْ يَصْحَبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ، وَلَكِنْ فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ فَتَفَرَّقْنَا فِي الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ نَلْتَمِسُهُ ، وَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ نَقُولُ: اسْتُطِيرَ ، أَمِ اغْتِيلَ. فَقَالَ:«إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ ، فَذَهَبْتُ أُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ فَأَرَانَا آثَارَهُمْ» فَهَذَا عَبْدُ اللهِ قَدْ أُنْكِرَ أَنْ يَكُونَ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ. فَهَذَا الْبَابُ إِنْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْ طَرِيقِ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ ، فَهَذَا الْحَدِيثُ ، الَّذِي فِيهِ الْإِنْكَارُ أَوْلَى ، لِاسْتِقَامَةِ طَرِيقِهِ وَمَتْنِهِ ، وَثَبْتِ رُوَاتِهِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ ، أَنَّهُ لَا يُتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ الزَّبِيبِ ، وَلَا بِالْخَلِّ ، فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ نَبِيذُ التَّمْرِ أَيْضًا كَذَلِكَ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ ، أَنَّهُ لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاءٍ. فَلَمَّا كَانَ خَارِجًا مِنْ حُكْمِ الْمِيَاهِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ ، كَانَ كَذَلِكَ هُوَ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ. وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي فِيهِ التَّوَضُّؤُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ إِنَّمَا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِهِ ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَافِرٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُهُمْ ، فَقِيلَ إِنَّهُ تَوَضَّأَ بِنَبِيذِ التَّمْرِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ ، وَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ هُوَ بِمَكَّةَ ، لِأَنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ ، فَهُوَ أَيْضًا فِي حُكْمِ اسْتِعْمَالِهِ ذَلِكَ النَّبِيذَ هُنَالِكَ فِي حُكْمِ اسْتِعْمَالِهِ إِيَّاهُ بِمَكَّةَ. فَلَوْ ثَبَتَ هَذَا الْأَثَرُ أَنَّ النَّبِيذَ مِمَّا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْبَوَادِي ، ثَبَتَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ لَا بِهِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ ، وَفِي حَالِ عَدَمِهِ. فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ ، وَالْعَمَلِ بِضِدِّهِ ، فَلَمْ يُجِيزُوا التَّوَضُّؤَ بِهِ فِي الْأَمْصَارِ ، وَلَا فِيمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَمْصَارِ ، ثَبَتَ بِذَلِكَ تَرْكُهُمْ لِذَلِكَ الْحَدِيثِ ، وَخَرَجَ حُكْمُ ذَلِكَ النَّبِيذِ ، مِنْ حُكْمِ سَائِرِ الْمِيَاهِ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ، وَهُوَ النَّظَرُ عِنْدَنَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ
بَابُ الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ
612 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَا: ثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح
613 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبِي تَوَضَّأَ ، وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْنِ لَهُ. فَقُلْتُ لَهُ: أَتَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ؟ فَقَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ»
614 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أنا شَرِيكٌ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي سَفَرٍ وَنَزَلْنَا بِمَاءٍ مِنْ مِيَاهِ الْأَعْرَابِ ، فَبَالَ فَتَوَضَّأَ ، وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ. فَقُلْتُ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا. فَقَالَ: «مَا أَزِيدُكَ عَلَى مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ ، كَمَا يُمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَقَالُوا: قَدْ شَذَّ ، ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا
615 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ ، وَوَهْبٌ قَالَا: ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ: أَنَّهُ رَأَى عَلِيًّا رضي الله عنه بَالَ قَائِمًا ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ ، فَتَوَضَّأَ ، وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ ، ثُمَّ صَلَّى " وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: لَا نَرَى الْمَسْحَ عَلَى النَّعْلَيْنِ. وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْنِ تَحْتَهُمَا جَوْرَبَانِ ، وَكَانَ قَاصِدًا بِمَسْحِهِ ذَلِكَ إِلَى جَوْرَبَيْهِ ، لَا إِلَى نَعْلَيْهِ. وَجَوْرَبَاهُ مِمَّا لَوْ كَانَا عَلَيْهِ بِلَا نَعْلَيْنِ ، جَازَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا ، فَكَانَ مَسْحُهُ ذَلِكَ مَسْحًا أَرَادَ بِهِ الْجَوْرَبَيْنِ ، فَأَتَى ذَلِكَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ فَكَانَ مَسْحُهُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ هُوَ الَّذِي تَطَهَّرَ بِهِ ، وَمَسْحُهُ عَلَى النَّعْلَيْنِ فَضْلٌ
616 -
وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: ثنا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي مُوسَى «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ»
617 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، وَابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ. فَأَخْبَرَ أَبُو مُوسَى وَالْمُغِيرَةُ ، عَنْ مَسْحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَعْلَيْهِ ، كَيْفَ كَانَ مِنْهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَجْهٌ آخَرُ
618 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ اللِّهْبِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ وَنَعْلَاهُ فِي قَدَمَيْهِ ، مَسَحَ عَلَى ظُهُورِ قَدَمَيْهِ بِيَدَيْهِ وَيَقُولُ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ هَكَذَا» فَأَخْبَرَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ فِي وَقْتٍ مَا كَانَ يَمْسَحُ عَلَى نَعْلَيْهِ ، يَمْسَحُ عَلَى قَدَمَيْهِ فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا مَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ ، هُوَ الْفَرْضُ ، وَمَا مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ كَانَ فَضْلًا. فَحَدِيثُ أَبِي أَوْسٍ ، يَحْتَمِلُ عِنْدَنَا مَا ذَكَرَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَسْحِهِ عَلَى نَعْلَيْهِ ، أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى ، وَالْمُغِيرَةُ ، أَوْ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ.
⦗ص: 98⦘
فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى وَالْمُغِيرَةُ ، فَإِنَّا نَقُولُ بِذَلِكَ ، لِأَنَّا لَا نَرَى بَأْسًا بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ، إِذَا كَانَا صَفِيقَيْنِ قَدْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ، فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَا صَفِيقَيْنِ ، وَيَكُونَا مُجَلَّدَيْنِ ، فَيَكُونَانِ كَالْخُفَّيْنِ. وَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ إِثْبَاتَ الْمَسْحِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ ، فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ ، وَمَا عَارَضَهُ وَمَا نَسَخَهُ فِي بَابِ فَرْضِ الْقَدَمَيْنِ. فَعَلَى أَيِّ الْمَعْنَيَيْنِ كَانَ وَجْهُ حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ ، مِنْ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي مُوسَى ، وَالْمُغِيرَةِ ، وَمِنْ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ. فَلَمَّا احْتَمَلَ حَدِيثُ أَوْسٍ مَا ذَكَرْنَا ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ ، الْتَمَسْنَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، لِنَعْلَمَ كَيْفَ حُكْمُهُ؟ فَرَأَيْنَا الْخُفَّيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ جَوَّزَ الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا إِذَا تَخَرَّقَا ، حَتَّى بَدَتِ الْقَدَمَانِ مِنْهُمَا أَوْ أَكْثَرُ الْقَدَمَيْنِ ، فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهُ لَا يُمْسَحُ عَلَيْهِمَا. فَلَمَّا كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا غَيَّبَا الْقَدَمَيْنِ ، وَيَبْطُلُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُغَيِّبَا الْقَدَمَيْنِ ، وَكَانَتِ النَّعْلَانِ غَيْرَ مُغَيَّبَيْنِ لِلْقَدَمَيْنِ ، ثَبَتَ أَنَّهُمَا كَالْخُفَّيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يُغَيِّبَانِ الْقَدَمَيْنِ