الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
98 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ " عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ فِيهِ أَيْدِينَا مِنَ الْجَنَابَةِ» .
99 -
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، قَالَ: ثنا أَفْلَحُ رحمه الله.
100 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: ثنا أَفْلَحُ، فَذَكَرَا مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ
101 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كُنْتُ أُنَازِعُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْغُسْلَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الْجَنَابَةِ»
102 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا الْخَصِيبُ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا وَالنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَا يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، يَغْتَرِفُ قَبْلَهَا وَتَغْتَرِفُ قَبْلَهُ»
103 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:" كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، فَأَقُولُ: أَبْقِ لِي ، أَبْقِ لِي ".
104 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيُّ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا الْمُبَارَكُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
105 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ
106 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَتْ مِنْ جَنَابَةٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ، فَقَالَتْ لَهُ ، فَقَالَ:«إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» . فَقَدْ رَوَيْنَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ تَطَهُّرَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِسُؤْرِ صَاحِبِهِ، فَضَادَّ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ، فَوَجَبَ النَّظَرُ هَاهُنَا لِنَسْتَخْرِجَ بِهِ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَضَادَّيْنِ مَعْنًى صَحِيحًا. فَوَجَدْنَا الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ إِذَا أَخَذَا بِأَيْدِيهِمَا الْمَاءَ مَعًا مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ. وَرَأَيْنَا النَّجَاسَاتِ كُلَّهَا إِذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يُتَوَضَّأَ مِنْهُ أَوْ مَعَ التَّوَضُّؤِ مِنْهُ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ سَوَاءٌ. فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ; وَكَانَ وُضُوءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مَعَ صَاحِبِهِ لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ عَلَيْهِ كَانَ وُضُوءُهُ بَعْدَهُ مِنْ سُؤْرِهِ فِي النَّظَرِ أَيْضًا كَذَلِكَ. فَثَبَتَ بِهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفَرِيقُ الْآخَرُ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى
بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ
107 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ثِفَالٍ الْمُرِّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَبَاحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ» .
⦗ص: 27⦘
108 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْجَارُودِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ أَبِي ثِفَالٍ الْمُرِّيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَبَاحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أَنَّهَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ.
109 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أنا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ أَبِي ثِفَالٍ الْمُرِّيِّ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَامِرِيِّ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُسَمِّ عَلَى وُضُوءِ الصَّلَاةِ فَلَا يُجْزِيهِ وُضُوءُهُ. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا: مَنْ لَمْ يُسَمِّ عَلَى وُضُوئِهِ فَقَدْ أَسَاءَ، وَقَدْ طَهُرَ بِوُضُوئِهِ ذَلِكَ.
110 -
وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حُضَيْنٍ أَبِي سَاسَانَ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُدٍ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللهَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ ". فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ أَنْ يَذْكُرَ اللهَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ، وَرَدَّ السَّلَامَ بَعْدَ الْوُضُوءِ الَّذِي صَارَ بِهِ مُتَطَهِّرًا. فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّهُ قَدْ تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ. وَكَانَ قَوْلُهُ:«لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» يُحْتَمَلُ أَيْضًا مَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى وَيُحْتَمَلُ «لَا وُضُوءَ لَهُ» أَيْ لَا وُضُوءَ لَهُ مُتَكَامِلًا فِي الثَّوَابِ ، كَمَا قَالَ:«لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَاللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ» فَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمِسْكِينٍ خَارِجٍ مِنْ حَدِّ الْمَسْكَنَةِ كُلِّهَا حَتَّى تَحْرُمَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ. وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْمِسْكِينِ الْمُتَكَامِلِ فِي الْمَسْكَنَةِ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَ دَرَجَتِهِ فِي الْمَسْكَنَةِ دَرَجَةٌ
111 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَاللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ. قَالُوا: فَمَنِ الْمِسْكِينُ؟ قَالَ: الَّذِي يَسْتَحِي أَنْ يَسْأَلَ ، وَلَا يَجِدُ مَا يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُعْطَى ".
112 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ.
113 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أنا ابْنُ أَبِي ذِئبٍ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
114 -
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
115 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ، أَوْ كَمَا قَالَ:«لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ»
116 -
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُسَاوِرِ أَوِ ابْنِ أَبِي الْمُسَاوِرِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُعَاتِبُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِي الْبُخْلِ وَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ جَائِعٌ» . فَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ إِيمَانًا خَرَجَ بِتَرْكِهِ إِيَّاهُ إِلَى الْكُفْرِ ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْإِيمَانِ. وَأَشْبَاهُ هَذَا كَثِيرَةٌ ، يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا. فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:«لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَوَضِّئٍ وُضُوءًا لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنَ الْحَدَثِ ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَوَضِّئٍ وُضُوءًا كَامِلًا فِي أَسْبَابِ الْوُضُوءِ الَّذِي يُوجِبُ الثَّوَابَ. فَلَمَّا احْتَمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْمَعَانِي مَا وَصَفْنَا، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَلَالَةٌ يُقْطَعُ بِهَا لِأَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ؛ وَجَبَ أَنْ يُجْعَلَ مَعْنَاهُ مُوَافِقًا لِمَعَانِي حَدِيثِ الْمُهَاجِرِ ، حَتَّى لَا يَتَضَادَّا. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْوُضُوءَ بِلَا تَسْمِيَةٍ يَخْرُجُ بِهِ الْمُتَوَضِّئُ مِنَ الْحَدَثِ إِلَى الطَّهَارَةِ. وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، فَإِنَّا رَأَيْنَا أَشْيَاءَ لَا يَدْخُلُ فِيهَا إِلَّا بِكَلَامٍ. مِنْهَا الْعُقُودُ الَّتِي يَعْقِدُهَا بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ مِنَ الْبِيَاعَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ وَالْخُلْعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَكَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ لَا تَجِبُ إِلَّا بِأَقْوَالٍ، وَكَانَتِ الْأَقْوَالُ مِنْهَا إِيجَابٌ ، لِأَنَّهُ يَقُولُ (قَدْ بِعْتُكَ ، قَدْ زَوَّجْتُكَ ، قَدْ خَلَعْتُكِ) . فَتِلْكَ أَقْوَالٌ فِيهَا ذِكْرُ الْعُقُودِ وَأَشْيَاءُ تَدْخُلُ فِيهَا بِأَقْوَالٍ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالْحَجُّ ، فَتَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ ، وَفِي الْحَجِّ بِالتَّلْبِيَةِ. فَكَانَ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّلْبِيَةُ فِي الْحَجِّ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِهَا. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ ، هَلْ تُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؟ فَرَأَيْنَاهَا غَيْرَ مَذْكُورٍ فِيهَا إِيجَابُ شَيْءٍ كَمَا كَانَ فِي النِّكَاحِ وَالْبُيُوعِ. فَخَرَجَتِ التَّسْمِيَةُ لِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ مَا وَضَعْنَا ، وَلَمْ تَكُنِ التَّسْمِيَةُ أَيْضًا رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ كَمَا كَانَ التَّكْبِيرُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ ، وَكَمَا كَانَتِ التَّلْبِيَةُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ ، فَخَرَجَ أَيْضًا بِذَلِكَ حُكْمُهَا مِنْ حُكْمِ التَّكْبِيرِ وَالتَّلْبِيَةِ. فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْوُضُوءِ كَمَا لَا بُدَّ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فِيمَا يُعْمَلُ فِيهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الذَّبِيحَةَ لَا بُدَّ مِنَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَهَا ، وَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ ، فَالتَّسْمِيَةُ أَيْضًا عَلَى الْوُضُوءِ كَذَلِكَ. قِيلَ لَهُ: مَا ثَبَتَ فِي حُكْمِ النَّظَرِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ مُتَعَمِّدًا أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ ، لَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُؤْكَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُؤْكَلُ. فَأَمَّا مَنْ قَالَ: تُؤْكَلُ فَقَدْ كُفِينَا الْبَيَانَ لِقَوْلِهِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: لَا تُؤْكَلُ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: إِنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا تُؤْكَلُ ، وَسَوَاءٌ عِنْدَهُ كَانَ الذَّابِحُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ كِتَابِيًّا. فَجُعِلَتِ التَّسْمِيَةُ هَاهُنَا فِي قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَهَا فِي الذَّبِيحَةِ ، إِنَّمَا هِيَ لِبَيَانِ الْمِلَّةِ.
⦗ص: 29⦘
فَإِذَا سَمَّى الذَّابِحُ صَارَتْ ذَبِيحَتُهُ مِنْ ذَبَائِحِ الْمِلَّةِ الْمَأْكُولَةِ ذَبِيحَتُهَا، وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ جُعِلَتْ مِنْ ذَبَائِحِ الْمِلَلِ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهَا. وَالتَّسْمِيَةُ عَلَى الْوُضُوءِ لَيْسَ لِلْمِلَّةِ إِنَّمَا هِيَ مَجْعُولَةٌ لِذِكْرٍ عَلَى سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الصَّلَاةِ، فَرَأَيْنَا مِنْ أَسْبَابِ الصَّلَاةِ الْوُضُوءَ وَسَتْرَ الْعَوْرَةِ ، فَكَانَ مَنْ سَتَرَ عَوْرَتَهُ لَا بِتَسْمِيَةٍ ، لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ ، أَنْ يَكُونَ مَنْ تَطَهَّرَ أَيْضًا لَا بِتَسْمِيَةٍ ، لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى