الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَاب فِي مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ] [
فَصَلِّ فِي نَوَاقِض الْوُضُوء]
فَصْلٌ ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ (نُقِضَ الْوُضُوءُ بِحَدَثٍ وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ) التَّلْقِينُ: الْأَحْدَاثُ الْمُوجِبَةُ لِلْوُضُوءِ مَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ مِنْ الْمُعْتَادِ دُونَ النَّادِرِ الْخَارِجِ عَلَى وَجْهِ الْمَرَضِ وَالسَّلَسِ مِنْ غَائِطٍ وَرِيحٍ وَبَوْلٍ وَمَذْيٍ وَوَدْيٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَسِ،
وَالِاسْتِنْكَاحِ (لَا حَصًى وَدُودٍ وَلَوْ بِبِلَّةٍ) ابْنُ يُونُسَ: لَا شَيْءَ عَلَى مَا خَرَجَ مَنْ دُبُرِهِ دُودٌ عِنْدَ مَالِكٍ ابْنُ نَافِعٍ: إذَا لَمْ يُخَالِطْهُ أَذًى ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ الْحَصَاةُ تَخْرُجُ مِنْ الْإِحْلِيلِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ بِأَثَرِهَا بَوْلٌ ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ لَا يَنْقُضُ كَدُودٍ يَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ خَرَجَتْ نَقِيَّةً أَوْ غَيْرَ نَقِيَّةٍ الْكَافِي: وَكَذَلِكَ الدَّمُ اللَّخْمِيِّ: وَسَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ الذَّكَرِ أَوْ مِنْ الدُّبُرِ، ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَكَذَلِكَ الرِّيحُ مِنْ الْقُبُلِ لَا وُضُوءَ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ كَالْجُشَاءِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَبِسَلَسٍ فَارَقَ أَكْثَرَ) مِنْ ابْنِ يُونُسَ: مَنْ خَرَجَ مِنْ ذَكَرِهِ بَوْلٌ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ أَوْ مَذْيٌ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ لِبَرْدٍ أَوْ عِلَّةٍ تَوَضَّأَ إلَّا أَنْ يَسْتَنْكِحَهُ ذَلِكَ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، فَإِنْ شِقَّ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِبَرْدٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَنْكِحِ فِي صَلَاةٍ فَلْيَكُفَّهُ بِخِرْقَةٍ وَيَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا قَطَعَ وَفِي لُزُومِ غَسْلِ الْخِرْقَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَوْلَانِ:
الْأَوَّلُ لِلْإِبْيَانِيِّ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ قَالَ بَكْرٌ: سَلَسُ الْبَوْلِ وَالِاسْتِحَاضَةُ اللَّذَانِ لَا يَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهُمَا عَلَى حَالٍ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِمَا انْتَهَى، مَا لِابْنِ يُونُسَ وَكَذَا قَرَّرَ الْبَاجِيُّ وَنَسَبَ قَوْلَ بَكْرٍ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا قَرَّرَ ابْنُ رُشْدٍ وَعَزَا قَوْلَ بَكْرٍ لِبَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ قَالَ: هُوَ صَحِيحٌ
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ كَثُرَتْ مُلَازَمَتُهُ اُسْتُحِبَّ وُضُوءُهُ وَعَكْسُهُ الْمَشْهُورُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، وَسُئِلَ الْإِبْيَانِيُّ عَمَّنْ تَأْخُذُهُ عِلَّةٌ لِكِبَرٍ وَنَحْوِهِ لَا يَسْتَطِيعُ حَبْسَ الرِّيحِ فَقَالَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ سَلَسِ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا اسْتَرْخَتْ مَوَاسِكُهَا نَقَلَ الْبُرْزُلِيِّ أَنَّ إمَامَةَ هَذَا أَخَفُّ مِنْ إمَامَةِ ذِي سَلَسِ الْبَوْلِ لِأَنَّهُ بِالْبَوْلِ يُنَجَّسُ (كَسَلَسِ مَذْيٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ) الْجَلَّابُ: إنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُ سَلَسٍ بِنِكَاحٍ أَوْ تَسَرٍّ وَجَبَ الْوُضُوءُ، الْبَاجِيُّ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (وَنُدِبَ إنْ لَازَمَ أَكْثَرَ لَا إنْ شَقَّ)
تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ بَشِيرٍ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ (وَفِي اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: مَعْنَى الْمُلَازَمَةِ أَنْ يَأْتِيَهُ الْبَوْلُ مِقْدَارَ ثُلُثَيْ كُلِّ سَاعَةٍ لَيْلًا وَنَهَارًا وَقِيلَ: إنَّمَا تُعْتَبَرُ
مُلَازَمَتُهُ وَمُفَارَقَتُهُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ الزَّمَانُ الَّذِي يُخَاطَبُ فِيهِ بِالْوُضُوءِ (مِنْ مَخْرَجَيْهِ) الرِّسَالَةُ: يَجِبُ الْوُضُوءُ لِمَا يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ (أَوْ ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ إنْ انْسَدَّا وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) أَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَفِي الْحَاوِي: الْحَدَثُ خُرُوجُ الْمُعْتَادِ مِنْ الْمُعْتَادِ أَوْ ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ إنْ انْسَدَّ
وَنَقَلَ خَلِيلٌ عَنْ ابْنِ بَزِيزَةَ: إذَا انْفَتَقَ بِخُرُوجِ الْحَدَثِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ فَإِنْ انْسَدَّ أَوْ كَانَ تَحْتَ الْمَعِدَةِ نَقَضَ الْوُضُوءَ الْخَارِجُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْسَدَّا فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ.
(وَبِسَبَبِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: نَاقِضُ الْوُضُوءِ بِمَظْنُونِهِ سَبَبُ حَدَثٍ (وَهُوَ زَوَالُ عَقْلٍ وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ) الرِّسَالَةُ: يَجِبُ الْوُضُوءُ بِزَوَالِ الْعَقْلِ بِنَوْمٍ مُسْتَثْقَلٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ تَخَبُّطِ جُنُونٍ (وَلَوْ قَصُرَ لَا خَفَّ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَشْهُورُ أَنَّ
النَّوْمَ سَبَبٌ اللَّخْمِيِّ: خَفِيفٌ قَصِيرُهُ لَغْوٌ وَمُقَابِلُهُ نَاقِضٌ، وَخَفِيفٌ طَوِيلُهُ يُسْتَحَبُّ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ.
(وَلَمْسٌ يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ بِهِ عَادَةً) ابْنُ رُشْدٍ: إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ مِنْ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَاللَّمْسِ بِالْيَدِ فَإِنْ قَصَدَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ إلَى الِالْتِذَاذِ فَالْتَذَّ فَلَا خِلَافَ فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الِالْتِذَاذَ وَلَا الْتَذَّ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَاللَّمْسِ وَأَمَّا الْقُبْلَةُ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْهَا عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَهُوَ دَلِيلُ الْمُدَوَّنَةِ.
وَعِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُبْلَةَ لَا تَنْفَكُّ مِنْ اللَّذَّةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَبِيَّةً صَغِيرَةً يُقَبِّلُهَا عَلَى سَبِيلِ الرَّحْمَةِ، أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ يُقَبِّلُهَا عَلَى سَبِيلِ الْوَدَاعِ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِالْمُلَامَسَةِ اللَّذَّةَ فَلَمْ يَلْتَذَّ فَرَوَى عِيسَى عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ ابْتَغَاهَا بِلَمْسِهِ.
وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْمُلَامَسَةِ اللَّذَّةَ وَلَكِنَّهُ الْتَذَّ فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ، وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ مَسَّتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ الرَّجُلِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهَا ابْنُ رُشْدٍ: إذَا قَبَّلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عَلَى غَيْرِ الْفَمِ أَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ الْفَاعِلُ، وَلَا
وُضُوءَ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، إلَّا أَنْ يَلْتَذَّ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ قَبَّلَهَا عَلَى الْفَمِ مُكْرَهَةً أَوْ طَائِعَةً فَلْيَتَوَضَّآ جَمِيعًا.
وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ: مَنْ غَلَبَتْهُ زَوْجَتُهُ فَقَبَّلَتْهُ وَهُوَ كَارِهٌ وَلَا يَجِدُ لَذَّةً فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْفَمِ وَكَذَلِكَ.
قَالَ أَصْبَغُ: إنَّ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَإِنْ أُكْرِهَ وَاسْتُغْفِلَ لِمَا جَاءَ أَنَّ الْقُبْلَةَ فِيهَا الْوُضُوءُ مُجْمَلًا بِلَا تَفْصِيلٍ (وَلَوْ كَظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ) الْجَلَّابُ: مَسُّ الشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ نَاقِضٌ اللَّخْمِيِّ: فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ (أَوْ حَائِلٍ وَأُوِّلَ بِالْخَفِيفِ وَبِالْإِطْلَاقِ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بِمَنْعِ الْحَائِلِ
وَرَوَى عَلِيٌّ: إنْ كَانَ خَفِيفًا ابْنُ رُشْدٍ: تَفْسِيرُ اللَّخْمِيِّ رِوَايَةَ عَلِيٍّ أَحْسَنُ إنْ كَانَ بِالْيَدِ
وَإِنْ ضَمَّهَا فَالْكَثِيفُ كَالْخَفِيفِ (إنْ قَصَدَ لَذَّةً أَوْ وَجَدَهَا) تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ إنْ قَصَدَ فَالْتَذَّ تَوَضَّأَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ قَصَدَهُ وَلَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ عَلَى رِوَايَةِ عِيسَى وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ وَجَدَ وَلَمْ يَقْصِدْ تَوَضَّأَ بِلَا خِلَافٍ (لَا انْتَفَيَا إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ اسْتِغْفَالٍ) تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ إنْ لَمْ يَقْصِدْ وَلَمْ يَجِدْ فَلَا وُضُوءَ إلَّا فِي الْقُبْلَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهَا ابْنُ رُشْدٍ بِفَمِهِ وَعَزَاهُ لِرِوَايَةِ أَشْهَبَ.
وَدَلِيلُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَتَى ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا بِثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هَذَا الثَّانِي لِغَيْرِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَنْتَقِضُ مُطْلَقًا الْقَوْلُ الثَّالِثُ: تَنْقُضُ إنْ كَانَتْ عَلَى الْفَمِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَعَ عِيَاضٍ عَنْ رِوَايَةِ الْمَجْمُوعَةِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا لِابْنِ يُونُسَ قَبْلَ قَوْلِهِ " وَلَوْ كَظُفْرٍ "(لَا لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ) ابْنُ يُونُسَ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فِي قُبْلَتِهِ امْرَأَتَهُ لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ، إلَّا أَنْ يَلْتَذَّ (وَلَا لَذَّةَ بِنَظَرٍ) ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: قَوْلُ
ابْنِ بُكَيْر لَذَّةُ الْقَلْبِ تُنْقِضُ لَا أَعْلَمُ مَنْ قَالَهُ غَيْرُ الْمَازِرِيِّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّ لَذَّةَ النَّظَرِ لَا تُنْقِضُ (كَإِنْعَاظٍ) رَوَى ابْنُ نَافِعٍ لَا يَنْقُضُ الْإِنْعَاظَ عِيَاضٌ: وَتَأْوِيلُ الْبَاجِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَنْقُضُ بَعِيدٌ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَعَ الْإِنْعَاظِ قَرِينَةً (وَلَذَّةٌ بِمَحْرَمٍ عَلَى الْأَصَحِّ) ابْنُ رُشْدٍ: قَصْدُهَا مِنْ الْفَاسِقِ فِي الْمَحْرَمِ نَاقِضٌ وَلَوْ قَصَدَهَا فِي الصَّغِيرَةِ وَوَجَدَهَا فَلَا وُضُوءَ، إلَّا عَلَى النَّقْضِ لِلَذَّةِ التَّذَكُّرِ ابْنُ عَرَفَةَ: يُرَدُّ بِقُوَّةِ الْفِعْلِ عِيَاضٌ: وَلَمْسُ الْغِلْمَانِ وَفُرُوجِ سَائِرِ الْحَيَوَانِ لِلَّذَّةِ نَاقِضٌ.
(وَمُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ) ابْنُ يُونُسَ: لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ شَرَجٍ وَلَا رَفْغٍ إلَّا مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ، وَحْدَهُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ أَوْ بِبَاطِنِ الْأَصَابِعِ، فَإِنْ مَسَّهُ بِظَاهِرِ يَدِهِ أَوْ بِبَاطِنِ ذِرَاعِهِ أَوْ بِظَاهِرِهِ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ.
وَمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِغَيْرِ تَعَمُّدٍ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ: لَا وُضُوءَ إلَّا إنْ تَعَمَّدَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالِاحْتِيَاطِ قِيلَ لِمَالِكٍ: فَإِنْ مَسَّهُ عَلَى غِلَالَةٍ خَفِيفَةٍ؟ قَالَ: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِلْحَدِيثِ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ وَصَلَّى مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ قِيلَ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَقِيلَ لَا إعَادَةَ وَوَجْهُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ، وَقِيلَ: يُعِيدُ أَبَدًا انْتَهَى وَانْظُرْ قَوْلَ خَلِيلٍ " ذَكَرَهُ ".
قَالَ الْمَازِرِيُّ: الْجُمْهُورُ أَنَّ مَسَّ ذَكَرَ غَيْرِهِ كَذَكَرِ نَفْسِهِ وَعِنْدِي إنْ مَسَّهُ لِلَّذَّةِ
نُقِضَ كَاللَّمْسِ، قَالَ: وَذَكَرُ الْبَهِيمَةِ كَالْغَيْرِ وَاَلَّذِي لِلْقَرَافِيِّ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْخَاتِنِ بِذَكَرِ الْمَخْتُونِ وَلَا بِذَكَرِ الْغَيْرِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ مَسَّتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ الرَّجُلِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهَا انْتَهَى وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمَلْمُوسِ ذَكَرُهُ.
قَالَ ابْنُ شَاسٍ: لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ قَالَ: وَقَالَ الْأَبِيُّ: يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ ابْنُ عَرَفَةَ: وَهَذَا الْخِلَافُ إذَا لَمْ يَلْتَذَّ (الْمُتَّصِلِ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَسَّهُ مَقْطُوعًا لَغْوٌ (وَلَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا) خَرَّجَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْمَازِرِيُّ مَسَّ الْخُنْثَى فَرْجَهُ عَلَى الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ (بِبَطْنٍ)
ابْنُ حَبِيبٍ: يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ أَبُو مُحَمَّدٍ: مِنْهَا مَسُّ الذَّكَرِ بِبَاطِنِ الْكَفِّ أَوْ بِبَاطِنِ الْأَصَابِعِ (أَوْ جَنْبِ الْكَفِّ أَوْ إصْبَعٍ وَإِنْ زَائِدًا) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي مَسِّهِ بِحَرْفِ الْيَدِ وَالْأَصَابِعِ أَوْ بِإِصْبَعٍ زَائِدَةٍ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ. الطَّرَّازُ: إذَا مَسَّهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ أَوْ بِحَرْفِ كَفِّهِ أَوْ بِإِصْبَعٍ زَائِدَةٍ انْتَقَضَ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (أَحَسَّ) الْجُزُولِيُّ: الْخِلَافُ فِي مَسِّ الذَّكَرِ بِإِصْبَعٍ زَائِدَةٍ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا يَجِبُ فِيهَا إذَا قُطِعَتْ، فَمَنْ قَالَ: فِيهَا دِيَةٌ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ، وَمَنْ قَالَ حُكُومَةٌ فَلَا وُضُوءَ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ إنْ كَانَتْ لِلْإِصْبَعِ قُوَّةٌ فَالدِّيَةُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قُوَّةٌ فَلَا دِيَةَ، اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ الْقَوِيَّةِ عَشْرٌ ثُمَّ اطَّلَعْت عَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ يَنْبَغِي إذَا تَسَاوَتْ الْأَصَابِعُ فِي التَّصَرُّفِ وَالْإِحْسَاسِ أَنْ تَنْقُضَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ شَكَّ فَعَلَى الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ.
(وَبِرِدَّةٍ) سَمِعَ مُوسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِضَ وُضُوءُهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: بَلْ وَاجِبٌ عَلَيْهِ
أَنْ يَتَوَضَّأَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّ الْحَجَّ الَّذِي حَجَّ قَبْلَ ارْتِدَادِهِ لَا يُجْزِئُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ: قِيَاسُ هَذَا أَنَّ مَا ضَيَّعَ مِنْ الْفَرَائِضِ قُبَيْلَ ارْتِدَادِهِ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا.
(وَبِشَكٍّ فِي حَدَثِهِ بَعْدَ طُهْرٍ عُلِمَ) ابْنُ يُونُسَ: مَنْ شَكَّ فِي بَعْضِ وُضُوئِهِ فَلْيَغْسِلْ مَا شَكَّ فِيهِ وَلَوْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ ثُمَّ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ، أَحْدَثَ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَمْ لَا فَلْيُعِدْ وُضُوءَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنْكِحًا فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ شَيْءٍ مِنْ وُضُوءٍ وَلَا صَلَاةٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِذَا خُيِّلَ إلَيْهِ أَنَّ رِيحًا خَرَجَ مِنْهُ فَلَا يَتَوَضَّأُ إلَّا أَنْ يُوقِنَ بِهِ.
وَكَذَلِكَ إنْ دَخَلَهُ الشَّكُّ بِالْحِسِّ وَأَتَى بِالْحَدِيثِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا إنْ شَكَّ هَلْ بَالَ أَوْ أَحْدَثَ أَمْ لَا؟ فَهَذَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ انْتَهَى اُنْظُرْ هَذَا الْمَسَاقَ لِلْحَدِيثِ مَعَ مَسَاقِ ابْنِ رُشْدٍ لَهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي رَسْمِ بِعْ: مَنْ شَكَّ أَثْنَاءَ صَلَاتِهِ هَلْ هُوَ عَلَى وُضُوءٍ أَمْ لَا، فَيَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَهُوَ عَلَى شَكِّهِ ذَلِكَ.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ قَالَ: صَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَاهَا نَافِلَةً حِينَ شَكَّ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا قَالَ إنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ وَإِنْ تَمَادَى عَلَى شَكِّهِ، لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِطَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الشَّكُّ الطَّارِئُ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي
صَلَاتِهِ لِحَدِيثِ «إنَّ الشَّيْطَانَ يُفْشِي بَيْنَ أَلْيَتَيْ أَحَدِكُمْ فَلَا يَنْصَرِفُ مِنْ صَلَاتِهِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَلَيْسَ هَذَا بِخِلَافٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
مَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ كَأَنَّ الشَّكَّ طَرَأَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهَا إلَّا بِطَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ، وَهُوَ فَرْقٌ بَيِّنٌ وَأَظْهَرُ مِمَّا رَوَى سَحْنُونَ عَنْ أَشْهَبَ انْتَهَى.
وَيَظْهَرُ مِنْ الْإِكْمَالِ أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ حَبِيبٍ غَيْرُ طَرِيقَةِ غَيْرِهِ اُنْظُرْ فِي الْإِكْمَالِ قَبْلَ بَابِ التَّيَمُّمِ، وَانْظُرْ ذَلِكَ كُلَّهُ مَعَ مَا يَقْتَضِيهِ تَقْرِيرُ ابْنِ يُونُسَ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ فِي الْحَدِيثِ:«مَنْ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا صَلَّى» قَالَ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَصْلٌ عَظِيمٌ يَطَّرِدُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يُزِيلُهُ شَكٌّ، وَأَنَّ الشَّيْءَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِهِ الْمَعْرُوفِ حَتَّى تُزِيلَهُ بِيَقِينٍ لَا شَكَّ مَعَهُ.
وَالْأَصْلُ فِي الظُّهْرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فَلَا يُبْرِئُهُ إلَّا يَقِينٌ مِثْلُهُ وَقَدْ غَلِطَ بَعْضُهُمْ فَظَنَّ أَنَّ الشَّكَّ أَوْجَبَ الْإِتْيَانَ بِالرَّكْعَةِ وَهَذَا غَلَطٌ، بَلْ الْيَقِينُ أَنَّهَا أَرْبَعٌ أَوْجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامَهَا يُرَجِّحُهُ حَدِيثُ «لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» فَلَمْ يَنْقُلْهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَصْلِ طَهَارَتِهِ الْمُتَيَقَّنَةِ بِشَكٍّ عَرَضَ لَهُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ الْحَدَثَ وَإِلَّا فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى هَذَا غَيْرُهُ وَخَالَفَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَقَالَ: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيِّ، وَأَنَّهُ عَلَى الْأَصْلِ، حَدَثًا كَانَ أَوْ طَهَارَةً.
وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ أَيْقَنَ بِالْحَدَثِ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ شَكَّهُ لَا يُفِيدُ فَائِدَةً وَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ، وَحَكَى ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: الْوُضُوءُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ اسْتِحْبَابٌ وَاحْتِيَاطٌ وَقَالَ فِي مُوَطَّئِهِ فِيمَنْ وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا وَقَدْ بَاتَ فِيهِ لَيَالِيَ وَأَيَّامًا: أَنَّهُ لَا يُعِيدُ صَلَاةً وَلَا يَغْتَسِلُ إلَّا مِنْ آخِرِ نَوْمٍ نَامَهُ أَبُو عُمَرَ: وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَهُ فِيمَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْبَاجِيِّ: مَا صَلَّى قَبْلَ تِلْكَ النَّوْمَةِ هُوَ فِيهَا شَاكٌّ، وَهَذَا الشَّكُّ إنَّمَا طَرَأَ بَعْدَ إكْمَالِ الصَّلَاةِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْهَا فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيهَا كَمَا لَوْ سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ بَعْدَ طَهَارَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ شَكٌّ طَرَأَ بَعْدَ تَيَقُّنِ سَلَامَةِ الْعِبَادَةِ وَالثَّانِي: أَنَّ الشَّكَّ يُؤَثِّرُ فَيُعِيدُ مِنْ أَوَّلِ نَوْمِهِ.
وَفِي التَّمْهِيدِ: نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ إطْرَاحًا لِأَعْمَالِ الشَّكِّ وَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ مِنْ الْفِقْهِ أَنْ لَا يَدَعَ الْإِنْسَانُ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَالِ الْمُتَيَقَّنَةِ إلَّا بِيَقِينٍ فِي انْتِقَالِهَا، وَلِشِهَابِ الدِّينِ: فِي الْفَرْقِ الرَّابِعِ وَالْأَرْبَعِينَ بَيْنَ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ وَالشَّكِّ فِي الشَّرْطِ
وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَى جَمْعٍ مِنْ الْفُضَلَاءِ قَالَ: شَرَعَ الشَّارِعُ الْأَحْكَامَ وَشَرَعَ لَهَا أَسْبَابًا وَجَعَلَ مِنْ جُمْلَةِ مَا شَرَعَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّكَّ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: مُجْمَعٌ عَلَى اعْتِبَارِهِ كَمِنْ شَكَّ فِي الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ وَالْمَيِّتَةِ، وَكَمَنْ شَكَّ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَمُجْمَعٌ عَلَى إلْغَائِهِ كَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا.
وَهَلْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ أَمْ لَا، فَالشَّكُّ هُنَا لَغْوٌ وَقِسْمٌ ثَالِثٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَصْبِهِ سَبَبًا كَمَنْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا، اعْتَبَرَهُ مَالِكٌ دُونَ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ حَلَفَ يَمِينًا وَشَكَّ مَا هِيَ، وَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا وَقَالَ فِي الْفَرْقِ الْعَاشِرِ بَيْنَ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ وَالشَّكِّ فِي الشَّرْطِ: فَرْقٌ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ شَكٌّ فِي شَرْطٍ، وَالشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ شَكٌّ فِي سَبَبٍ، إذْ الطَّلَاقُ سَبَبُ زَوَالِ الْعِصْمَةِ، وَالْقَاعِدَةُ: كُلُّ مَشْكُوكٍ اجْعَلْهُ كَالْعَدَمِ، يَبْقَى فِي الْبَحْثِ فِيمَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ (إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ) تَقَدَّمَ مَا لِابْنِ يُونُسَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنْكِحًا وَهُوَ لِلْمُوَسْوَسِ.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: يَبْنِي عَلَى أَوَّلِ خَاطِرَيْهِ إنْ سَبَقَ إلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَكْمَلَ وُضُوءَهُ أَوْ أَنَّهُ عَلَى وُضُوئِهِ فَلَا يُعِيدُ، وَإِنْ سَبَقَ إلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ أَعَادَ وَلِأَنَّهُ فِي الْخَاطِرِ الْأَوَّلِ مُشَابِهٌ لِلْعُقَلَاءِ، وَفِي الثَّانِي مُفَارِقٌ لَهُمْ.
(وَبِشَكٍّ فِي سَابِقِهِمَا) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَوْ تَيَقَّنَ طُهْرًا وَحَدَثًا شَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا فَلَا نَصَّ لِعُلَمَائِنَا وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْحُكْمُ نَقِيضُ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ صَحِيحُ أَقْوَالِنَا إلْغَاءُ الشَّكِّ، فَمَنْ كَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ مُحْدِثًا جَزَمَ بَعْدَهُ بِوُضُوءٍ وَحَدَثَ شَكٌّ فِي الْأَحْدَاثِ مِنْهَا يَتَوَضَّأُ لِتَيَقُّنِ وُضُوئِهِ وَشَكِّ نَقْضِهِ، وَلَوْ كَانَ مُتَوَضِّئًا فَمُحْدِثٌ لِتَيَقُّنِ حَدَثِهِ وَشَكِّ رَفْعِهِ ابْنُ مُحَرِّزٍ يَجِبُ الْوُضُوءُ فِيهِمَا.
(لَا بِمَسِّ دُبُرٍ) رَوَى ابْنُ رُشْدٍ إلْغَاءَ مَسِّ الدُّبُرِ وَلَوْ الْتَذَّ (أَوْ أُنْثَيَيْنِ) التَّلْقِينُ: لَا وُضُوءَ مِنْ مَسِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا مِنْ أَكْلِ شَيْءٍ أَوْ شُرْبِهِ كَانَ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ أَوْ مِمَّا لَمْ تَمَسَّهُ وَلَا مِنْ قَهْقَهَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مِنْ ذَبْحِ بَهِيمَةٍ وَلَا مِنْ قَيْءٍ وَلَا مِنْ حِجَامَةٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ.
(أَوْ فَرْجِ صَغِيرَةٍ) الْقَرَافِيُّ: مَسُّ ذَكَرِ الصَّبِيِّ وَفَرْجِ الصَّبِيَّةِ وَفَرْجِ الْبَهِيمَةِ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَمُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ "(وَقَيْءٍ وَأَكْلِ جَزُورٍ وَذَبْحٍ وَحِجَامَةٍ وَقَهْقَهَةٍ بِصَلَاةٍ) هَذَا كُلُّهُ نَصُّ التَّلْقِينِ.
(وَمَسِّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا
وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِعَدَمِ الْإِلْطَافِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا مَسَّتْ الْمَرْأَةُ فَرْجَهَا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهَا ابْنُ يُونُسَ: إنْ قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَلْطَفَتْ نُقِضَ اتِّفَاقًا ابْنُ بَشِيرٍ وَعَبْدُ الْحَقِّ: قَدْ قِيلَ بِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَبُو عُمَرَ: فَسَّرُوا الْإِلْطَافَ بِالِالْتِذَاذِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: سَأَلْت خَالِي مَالِكًا عَنْ مَعْنَاهُ فَقَالَ لِي: تُدْخِلُ يَدَهَا فِيمَا بَيْنَ الشُّفْرَيْنِ.
(وَنُدِبَ غَسْلُ فَمٍ مِنْ لَحْمٍ وَلَبَنٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَمَضْمَضَ مِنْ اللَّبَنِ وَاللَّحْمِ
وَيَغْسِلَ الْغَمْرَ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ.
(وَتَجْدِيدُ وُضُوءٍ) اللَّخْمِيِّ: تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَضِيلَةٌ (إنْ صَلَّى بِهِ) عِيَاضٌ: الْوُضُوءُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ الْوُضُوءِ الْمَمْنُوعِ تَجْدِيدُهُ قَبْلَ صَلَاةِ فَرْضٍ بِهِ.
(لَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ) تَقَدَّمَ لِسَمَاعِ مُوسَى عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِشَكٍّ فِي حَدَثِهِ (وَمَنَعَ حَدَثٌ صَلَاةً وَطَوَافًا) التَّلْقِينُ: الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا عَلَى اخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا مِنْ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ وَنَفْلٍ وَسُجُودِ الْقُرْآنِ وَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ كَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ إلَّا بِالْوُضُوءِ.
(وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَإِنْ بِقَضِيبٍ وَحَمْلِهِ وَإِنْ
بِعِلَاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ وَإِنْ عَلَى كَافِرٍ) قَالَ مَالِكٌ: لَا يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ لَا عَلَى وِسَادَةٍ وَلَا بِعِلَاقَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي تَابُوتٍ أَوْ خُرْجٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَهُ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ أَوْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ لِأَنَّ الَّذِي يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ عَلَى وِسَادَةٍ أَرَادَ حُمْلَانَهُ لَا حُمْلَانَ مَا سِوَاهُ.
وَاَلَّذِي حَمَلَهُ عَلَى الْغِرَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، إنَّمَا أَرَادَ حُمْلَانَ مَا سِوَاهُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا يُقَلَّبُ وَرَقُهُ بِعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا دِرْهَمٍ) ابْنُ شَاسٍ: لِغَيْرِ الْمُتَوَضِّئِ مَسُّ الدِّرْهَمِ الْمَنْقُوشِ ابْنُ رُشْدٍ: أَجَازَ سَلَفُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِالدَّرَاهِمِ وَفِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَمَسَّهَا النَّجِسُ وَالْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ لِأَجْلِ مَا فِيهَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ.
وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا مِنْ كَافِرٍ لِمَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: فَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أُجِرَ وَمَنْ فَعَلَهُ لَمْ يَأْثَمْ، وَقَدْ أُجِيزَ لِلضَّرُورَةِ أَنْ يُعْطُوا الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ الْمَازِرِيُّ: رَأَى بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنْ لَا يَكْتُبَ
الْبَسْمَلَةَ فِي عُقُودِ الْيَهُودِ (وَتَفْسِيرٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ لَا بَأْسَ بِالتَّفْسِيرِ غَيْرِ ذَاتِ كُتُبِ الْآيِ مُطْلَقًا وَذَاتِ كُتُبِهَا إنْ لَمْ تُقْصَدْ (وَلَوْحٍ لِمُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ) فِي الْمُخْتَصَرُ: أَرْجُو أَنْ مَسَّ الصِّبْيَانِ الْمُصْحَفَ لِلتَّعْلِيمِ وَهُمْ عَلَى غَيْرِ الْوُضُوءِ خَفِيفٌ ابْنُ حَبِيبٍ.
وَيُكْرَهُ لَهُمْ مَسُّ الْمُصْحَفِ الْجَامِعِ إلَّا عَلَى وُضُوءٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ: اُسْتُخِفَّ لِلرَّجُلِ يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ إمْسَاكُ اللَّوْحِ فِيهِ الْقُرْآنُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ الْمُعَلِّمُ يُشَكِّلُ الْأَلْوَاحَ لِلصِّبْيَانِ (وَإِنْ حَائِضًا) سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ بْنَ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ لِلْحَائِضِ تُمْسِكُ اللَّوْحَ فِيهِ الْقُرْآنُ فَتَقْرَأُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ (وَجُزْءٍ لِمُتَعَلِّمٍ وَإِنْ بَلَغَ) سَمِعَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ بِمَا تُعَلِّقُهُ الْحَائِضُ وَالْحَبَلَةُ وَالصَّبِيُّ مِنْ مَرَضٍ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ ابْنُ بَشِيرٍ: يَجُوزُ لِلْمُتَعَلِّمِ مَسُّ الْمُصْحَفِ خَلِيلٌ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَالِغًا (وَحِرْزٍ بِسَاتِرٍ وَإِنْ لِحَائِضٍ) سَمِعَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ بِمَا تُعَلِّقُهُ الْحَائِضُ وَالْحُبْلَى وَالصَّبِيُّ مِنْ مَرَضٍ أَوْ عَيْنٍ وَالْخَيْلُ وَالْبَهَائِمُ كَذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إجَازَةُ ذَلِكَ وَاسْتَخَفَّهُ بِالْقُرْآنِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْهُ.
وَإِنَّمَا شَرْطُ ذَلِكَ أَيْ الْحِرْزِ أَنْ يَكُونَ فِي طُهْرٍ مِنْ قَصَبَةِ حَدِيدٍ وَشَبَهِ ذَلِكَ صِيَانَةً مِنْ أَنْ تُصِيبَهُ نَجَاسَةٌ لَا أَنْ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي مَسِّهِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الطَّاهِرِ حَمْلُ الْمُصْحَفِ بِعِلَاقَةٍ وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعَلَّقَ عَلَى النُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضِ الشَّيْءُ مِنْ الْقُرْآنِ إذَا خَرَّزَ عَلَيْهِ جِلْدًا وَكَانَ فِي قَصَبَةٍ، وَأَكْرَهُ قَصَبَةَ الْحَدِيدِ وَانْظُرْ تَعْلِيقَ هَذَا الْحِرْزِ هَلْ فِي حَالِ الْمَرَضِ أَوْ يَجُوزُ لِلصَّحِيحِ لِيَدْفَعَ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ عَيْنٍ؟
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: ذَلِكَ جَائِزٌ مُطْلَقًا عَلَى ظَاهِرِ هَذَا السَّمَاعِ، وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى شَمَّ الرَّيْحَانِ