الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَقَاصِد الطَّهَارَة] [
بَاب فِي الْوُضُوء] [
فَصَلِّ فِي فَرَائِض الْوُضُوء وَسُنَنه وَفَضَائِله]
فَصْلٌ ابْنُ شَاسٍ: أَمَّا قِسْمُ الْمَقَاصِدِ فَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ
الْأَوَّلُ فِي فُرُوضِ الْوُضُوءِ وَسُنَنِهِ وَفَضَائِلِهِ (فَرَائِضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَمَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ وَالذَّقَنِ) ابْنُ عَرَفَةَ: فَرَائِضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَهُوَ مِنْ مَنْبَتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ حَتَّى الذَّقَنِ وَالْعِذَارَانِ مِنْهُ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ: وَكَذَلِكَ الْبَيَاضُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُذُنَيْنِ ابْنُ يُونُسَ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا تَحْتَ ذَقَنِهِ وَلَا مَا تَحْتَ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ مِنْهُ (وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَاللِّحْيَةُ مِنْ الْوَجْهِ وَلِيَمُرَّ عَلَيْهَا مِنْ فَضْلِ مَاءِ الْوَجْهِ وَلَا يُجَدِّدُهُ لَهَا، وَعَابَ مَالِكٌ أَنْ يُخَلِّلَهَا فِي
الْوُضُوءِ (فَيَغْسِلُ الْوَتَرَةَ وَأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ وَظَاهِرَ شَفَتَيْهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: يَجِبُ غَسْلُ مَا تَحْتَ مَارِنِهِ
وَأَسَارِيرِ جَبْهَتِهِ وَظَاهِرِ شَفَتَيْهِ وَغَائِرِ جَفْنَيْهِ (بِتَخْلِيلِ شَعْرٍ تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ) التَّلْقِينُ: خَفِيفُ شَعْرِ
الْوَجْهِ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ لِبَشْرَتِهِ وَيَسْقُطُ فِي كَثِيفَةٍ (لَا جُرْحًا بَرِئَ أَوْ خُلِقَ غَائِرًا) ابْنُ يُونُسَ: لَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا غَارَ مِنْ جُرْحٍ بَرِئَ عَلَى اسْتِغْوَارٍ كَثِيرٍ أَوْ كَانَ خَلْقًا خُلِقَ بِهِ وَفِي رِسَالَةٍ فِي الْغَسْلِ
وَيُتَابِعُ عُمْقَ سُرَّتِهِ.
(وَيَدَيْهِ بِمِرْفَقَيْهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ غَسْلِ الْمِرْفَقَيْنِ انْتَهَى وَانْظُرْ هُنَا مَا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي كِتَابِهِ لَمَّا نَقَلَ مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى مِدَادٍ بِيَدِهِ أَجْزَأَهُ
قَالَ: قَيَّدَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِدِقَّتِهِ وَعَدَمِ تَجَسُّدِهِ إذْ هُوَ مِدَادُ مَنْ مَضَى (وَبَقِيَّةُ مِعْصَمٍ إنْ قُطِعَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُغْسَلُ أَقْطَعُ الْمِرْفَقَيْنِ مَوْضِعَ الْقَطْعِ إذْ قَدْ أَتَى عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ أَقْطَعِ الرِّجْلَيْنِ، إلَّا إنْ عَرَفَ أَنَّهُ بَقِيَ
مِنْ الْمِرْفَقِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُغْسَلُ (كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ) فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ: لَوْ نَبَتَ كَفٌّ فِي عَضُدٍ دُونَ ذِرَاعٍ
غُسِلَتْ فَقَطْ (بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ) ابْنُ حَارِثٍ: رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ إنْكَارِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوءِ
إلَى وُجُوبِ تَخْلِيلِهَا (لَا إجَالَةُ خَاتَمِهِ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَرَى عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُحَرِّكَ خَاتَمَهُ عِنْدَ
الْوُضُوءِ.
قِيلَ: أَيَسْتَنْجِي بِهِ وَفِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ؟ قَالَ: لَوْ نَزَعَهُ كَانَ أَحْسَنَ وَمَا كَانَ مَنْ مَضَى يَتَحَفَّظُ هَذَا التَّحَفُّظَ فِي مِثْلِ هَذَا وَلَا يَسْأَلُ عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا يَدْخُلُ الْخِلَافُ الْمَوْجُودُ فِيمَنْ تَوَضَّأَ وَقَدْ لَصِقَ بِظُفْرِهِ أَوْ بِذِرَاعِهِ الشَّيْءُ الْيَسِيرَ مِنْ الْعَجِينِ أَوْ الْقِيرَا وَالزِّفْتِ، وَإِنْ كَانَ الْأَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ تَخْفِيفُ ذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدْ أَبَاحَ لِبَاسَ الْخَاتَمِ (وَنُقِضَ غَيْرُهُ) اُنْظُرْ أَنْتَ مَا مُرَادُهُ بِهَذَا، إنْ كَانَ يَعْنِي بِهِ غَيْرَ الشَّيْءِ
الْيَسِيرِ مِنْ الْعَجِينِ وَنَحْوِهِ، وَانْظُرْ قَوْلَهُ:" وَنُقِصَ " إنْ كَانَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: " وَبَقِيَّةُ عَصْمٍ "، وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا بَهْرَامَ وَانْظُرْ النَّشَادِرَ قَالَ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحِنَّاءِ قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: وَكَانَ شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ يَقُولُ: هُوَ حَائِلٌ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ جِسْمُهُ عِنْدَ الْعَجِينِ، وَكَذَا عِنْدَهُ الْحُرْقُوصُ الَّذِي لَا يَزُولُ بِالْمَاءِ بَلْ بِالتَّقْشِيرِ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَزُولُ بِالْمَاءِ كَالْحُرْقُوصِ الْمُسَمَّى بِالْغُبَارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ أَيْضًا: الْخِضَابُ بِالْحِنَّاءِ لِلَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا جَائِزٌ وَلِلْمُعْتَدَّةِ حَرَامٌ، وَلِذَاتِ الزَّوْجِ مُسْتَحَبٌّ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ مَالِكٍ: لَا بَأْسَ لِلشَّابَّةِ أَنْ تَدَعَ الْخِضَابَ " مَعْنَاهُ إذَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ قَصْدًا مِنْهَا لِلتَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ مِنْ رَسْمِ شَكٍّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَحْمِيرُ الْوَجْهِ وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ وَتَطْرِيفُ الْأَصَابِعِ
وَقَالَ عِيَاضٌ: رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رُخْصَةٌ فِي جَوَازِ النَّمْصِ وَحَفِّ الْمَرْأَةِ جَبِينَهَا لِزَوْجِهَا وَقَالَتْ: أَمِيطِي عَنْك الْأَذَى عِيَاضٌ: وَأَجَازَ مَالِكٌ أَنْ تُوشِي الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا بِالْحِنَّاءِ الْمُحَكَّمُ: وَشَاهُ نَقَشَهُ وَحَسَّنَهُ أَبُو عُبَيْدٍ: النَّامِصَةُ الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعْرَ مِنْ الْوَجْهِ وَلَمَّا ذَكَرَ عِيَاضٌ الْوَعِيدَ فِي الْوَشْمِ قَالَ: وَهَذَا فِيمَا يَكُونُ بَاقِيًا وَأَمَّا مَا لَا يَكُونُ بَاقِيًا كَالْكُحْلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِلنِّسَاءِ، وَكَرِهَ الْكُحْلَ لِلرِّجَالِ وَانْظُرْ قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ قَوْلِهِ:" وَبَقِيَّةُ مِعْصَمٍ إنْ قُطِعَ " مَا لِابْنِ عَرَفَةَ.
(وَمَسْحُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مَسْحُ كُلِّ الرَّأْسِ وَمَا طَالَ مِنْ شَعْرِهِ وَهُوَ مِنْ مُلَاحِقِ الْوَجْهِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: آخِرُهُ حَتَّى شَعْرِ الْقَفَا.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ: مُنْتَهَى الرَّأْسِ الْجُمْجُمَةُ، شَارِحُ التَّهْذِيبِ: عَارَضَ بَعْضُهُمْ مَا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ بِمَا فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ اللَّخْمِيِّ: الْمَذْهَبُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ الْمَعْلُومُ إلَى آخِرِ الْجُمْجُمَةِ ابْنُ رُشْدٍ: قَدْ قِيلَ: إنَّ مَا طَالَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَشَعْرِ الرَّأْسِ لَا يُغْسَلُ وَلَا يُمْسَحُ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ لَيْسَتْ بِوَجْهٍ، وَلَا شَعْرُ الرَّأْسِ بِرَأْسٍ، وَالْمَعْلُومُ مِنْ الْمَذْهَبِ
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ (بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ) الشَّيْخُ: شَعْرُ الصُّدْغَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ الْبَاجِيُّ: مَعْنَاهُ عِنْدِي مَا فَوْقَ الْعَظْمِ مِنْ الصُّدْغِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ يَحْلِقُهُ الْمُحْرِمُ، وَأَمَّا مَا دُونَهُ فَلَيْسَ مِنْ الرَّأْسِ (مَعَ الْمُسْتَرْخِي) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: تَمْسَحُ الْمَرْأَةُ مَا اسْتَرْخَى مِنْ شَعْرِهَا نَحْوَ الدَّلَالِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ: أَنَّ
هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، اُنْظُرْ غَسْلَ مَا طَالَ مِنْ الظُّفُرِ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ: هُوَ كَمَا طَالَ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ (وَلَا يَنْقُضُ ضَفْرَهُ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ)
(وَيُدْخِلَانِ يَدَيْهِمَا تَحْتَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ) ابْنُ يُونُسَ: إنْ كَانَ شَعْرُهَا مَعْقُوصًا مَسَحَتْ عَلَى ضَفْرِهَا وَلَا تَنْقُضُ شَعْرَهَا، وَكَذَلِكَ الطَّوِيلُ الشَّعْرَ مِنْ الرِّجَالِ قَدْ ضَفَّرَهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ: يَمُرُّ بِيَدَيْهِ إلَى قَفَاهُ ثُمَّ يُعِيدُهُمَا مِنْ تَحْتِ شَعْرِهِ إلَى مُقَدِّمِ رَأْسِهِ ابْنُ حَبِيبٍ: فَانٍ كَانَتْ مُسْدَلَةَ الشَّعْرِ أَوْ الضَّفَائِرِ تَمَادَتْ بِيَدَيْهَا إلَى أَطْرَافِهِ ثُمَّ أَدْخَلَتْ يَدَيْهَا مِنْ تَحْتِهِ فَتَرُدُّ يَدَيْهَا إلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهَا وَأَطْرَافِ شَعْرِهَا قَابِضَةً عَلَيْهِ قَالَ: وَإِنْ كَثَّرَتْ شَعْرَهَا بِصُوفٍ أَوْ شَعْرٍ لَمْ يَجُزْ لَهَا أَنْ تَمْسَحَ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْزِعَهُ إذَا لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى
شَعْرِهَا مِنْ أَجْلِهِ.
وَقَدْ نَهَى أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا بِشَيْءٍ الْمَازِرِيُّ: وَصْلُ الشَّعْرِ عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَتَدْلِيسٌ قَالَ مَالِكٌ: الْوَصْلُ بِكُلِّ شَيْءٍ مَمْنُوعٌ وَعِيَاضٌ: وَأَمَّا رَبْطُ نَوَاصِي الْحَرِيرِ الْمُلَوَّنَةِ وَشَبَهِهَا مِمَّا لَا يَنْسُبُهُ الشَّعْرُ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْوَصْلِ وَلَا هُوَ مَقْصِدُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ التَّجَمُّلِ وَالتَّحْسِينِ كَمَا يُشَدُّ مِنْهُ فِي الْأَوَاسِطِ (وَغَسْلُهُ مُجْزِئٌ) ابْنُ شَعْبَانَ:
يُجْزِئُ غَسْلُهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اتِّفَاقًا وَحَكَى ابْنُ سَابِقٍ فِي هَذَا خِلَافًا.
(وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ غَسْلُ الرَّجُلَيْنِ (بِكَعْبَيْهِ) اللَّخْمِيِّ: الْكَعْبَانِ كَالْمِرْفَقَيْنِ عِيَاضٌ: يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا (النَّاتِئَيْنِ بِمِفْصَلَيْ السَّاقَيْنِ) عِيَاضٌ: الْكَعْبَانِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ فِي جَانِبَيْ طَرَفَيْ السَّاقِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْأَصَحُّ لُغَةً وَمَعْنَى قِيلَ يَشْهَدُ لِهَذَا الْحَدِيثِ:«أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ» قَالَ الرَّاوِي: فَلَقَدْ رَأَيْت الرَّجُلَ يُلْزِقُ
كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ وَالْعُرْقُوبُ مَجْمَعُ مِفْصَلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَالْعَقِبُ تَحْتَ الْعُرْقُوبِ (وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا) الرِّسَالَةُ: التَّخْلِيلُ أَطْيَبُ لِلنَّفْسِ ابْنُ حَبِيبٍ: هُوَ مُرَغَّبٌ فِيهِ وَأَمَّا فِي الْغُسْلِ فَوَاجِبٌ
وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ: يَبْدَأُ فَيُخَلِّلُ خِنْصَرَ الْيُمْنَى ثُمَّ مَا يَلِيهِ وَإِبْهَامَ الْيُسْرَى ثُمَّ مَا يَلِيهِ لِلِابْتِدَاءِ بِالْمَيَامِنِ.
(وَلَا يُعِيدُ مَنْ قَلَّمَ ظُفُرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ) فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ فَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ لَمْ يُعِدْ مَسْحَهُ ابْنُ يُونُسَ: إذْ لَيْسَ الشَّعْرُ مِثْلَ الْخُفَّيْنِ لِأَنَّ الشَّعْرَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ الْبَاجِيُّ: مَسْحُ الشَّعْرِ أَصْلٌ فِي الطَّهَارَةِ وَلَيْسَ بِبَدَلٍ، فَمَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ حَلَقَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَسْحِ وَكَانَ أَصْلًا فِي الطَّهَارَةِ كَالْبَشَرَةِ اللَّخْمِيِّ: عَلَى مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ بِضْعَةٌ مِنْ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بَعْدَ
ذَلِكَ أَوْ مَسْحُهُ إنْ شَقَّ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ (وَفِي لِحْيَتِهِ قَوْلَانِ) ابْنُ الطَّلَّاعِ: يَجِبُ غَسْلُ
مَحَلِّ اللِّحْيَةِ لِسُقُوطِهَا ابْنُ الْقَصَّارِ: لَا يَجِبُ.
(وَالدَّلْكُ) عِيَاضٌ: الْمَشْهُورُ وُجُوبُ التَّدَلُّكِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:
تَجُوزُ الْوَكَالَةُ عَلَى صَبِّ الْمَاءِ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَا تَجُوزُ عَلَى عَرْكِهَا إلَّا إنْ كَانَ الْمُتَوَضِّئُ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ إذَا دَلَكَ إحْدَى رِجْلَيْهِ بِالْأُخْرَى وَلَمْ يُمِرَّ عَلَيْهَا يَدَهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: وُجُوبُ التَّدَلُّكِ إنَّمَا هُوَ لِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ فَإِذَا بَقِيَ فِي الْمَاءِ زَمَنًا حَتَّى وَصَلَ لِجَمِيعِ جَسَدِهِ أَجْزَأَهُ الْبُرْزُلِيِّ: وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا اخْتَارَهُ الصَّائِغُ أَنَّ الدَّلْكَ وَاجِبٌ لِغَيْرِهِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ، اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ بَعْدَ هَذَا أَجْمَعُوا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَوْ تَدَلَّكَ الْجُنُبُ أَثَرَ انْغِمَاسِهِ فِي الْمَاءِ أَجْزَاهُ وَارْتَضَاهُ ابْنُ يُونُسَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَهُوَ الصَّحِيحُ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ: لَوْ كَانَتْ بِجِسْمِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهَا لَا تَزُولُ إلَّا بِمُقَارَنَةِ الدَّلْكِ لِلصَّبِّ فَتَبْقَى لَمْعَةٌ وَلِابْنِ رُشْدٍ: أَجْمَعُوا أَنَّ الْجُنُبَ إذَا انْغَمَسَ فِي النَّهْرِ وَتَدَلَّكَ فِيهِ لِلْغُسْلِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْقُلْ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ إلَيْهِ وَلَا صَبَّهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ وَلَا يَلْزَمُ نَقْلُ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ.
(وَهَلْ الْمُوَالَاةُ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يَطُلْ جَفَافُ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلَ أَوْ سُنَّةٌ خِلَافٌ) ابْنُ يُونُسَ: الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُوَالَاةَ مَعَ الذِّكْرِ وَاجِبَةٌ وَلَا يُفْسِدُهُ قَلِيلُ التَّفَرُّقِ ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْفَوْرَ سُنَّةٌ فَإِنْ فَرَّقَهُ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَامِدًا أَعَادَ أَبَدًا لِتَهَاوُنِهِ ابْنُ بَشِيرٍ: الْمُوَالَاةُ أَنْ يَفْعَلَ الْوُضُوءَ كُلَّهُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ بَقِيَتْ رِجْلَاهُ مِنْ وُضُوئِهِ فَخَاضَ بِهَا نَهْرًا فَدَلَّكَهُمَا فِيهِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَنْوِ تَمَامَ وُضُوئِهِ لَمْ يُجْزِهِ حَتَّى يَنْوِيَهُ ابْنُ يُونُسَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ نَسِيَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ وَظَنَّ أَنَّهُ أَكْمَلَهُ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ، وَأَمَّا لَوْ تَوَضَّأَ بِقُرْبِ النَّهْرِ ثُمَّ دَخَلَ النَّهْرَ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ فِيهِ لَأَجْزَاهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَمَامَ وُضُوئِهِ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ لِكُلِّ عُضْوٍ يَغْسِلُهُ نِيَّةً.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَاسُ النِّيَّةِ فِي خِلَالِ الْغَسْلِ وَلَا قَبْلَ الْغَسْلِ إذَا كَانَ الْأَمْرُ قَرِيبًا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي دَخَلَ الْحَمَّامَ لِغُسْلِ جَنَابَةٍ فَنَسِيَ ذَلِكَ وَقْتَ الْغُسْلِ: إنَّهُ يُجْزِيهِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يَغْسِلْ مَا تَرَكَ سَهْوًا حِينَ ذَكَرَهُ يُرِيدُ وَطَالَ اسْتَأْنَفَ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ، وَإِنْ قَامَ لِعَجْزِ مَائِهِ وَقَرُبَ وَلَمْ يَجِفَّ بَنَى وَفِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَرَكَ فَرْضًا مِنْ فَرَائِضِ وُضُوئِهِ أَوْ سُنَّةً فَذَكَرَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ فَعَلَ الْفَرْضَ وَمَا يَلِيهِ وَفَعَلَ السُّنَّةَ وَلَمْ يُعِدْ مَا يَلِيهَا.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ ذَكَرَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ قَطَعَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُعِدْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، وَسَيَأْتِي هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا ".
(وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ النِّيَّةُ ابْنُ رُشْدٍ: اتِّفَاقًا الْمَازِرِيُّ: عَلَى الْمَشْهُورِ وَهِيَ الْقَصْدُ بِهِ رَفْعُ الْحَدَثِ أَعْنِي بِهِ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا لَا مِنْ جُزْئِيَّتِهِ إنَّمَا هَذَا فِي التَّيَمُّمِ فَلِذَا قَالُوا: لَا يُرْفَعُ الْحَدَثُ (عِنْدَ وَجْهِهِ) الْبَاجِيُّ: مُقْتَضَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ مِنْ الطَّهَارَةِ فِي أَوَّلِ طُهْرِهِ عِنْدَ التَّلَبُّسِ بِهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّ مَحَلَّهَا عِنْدَ ابْتِدَائِهِ بِفَرْضِ الطَّهَارَةِ ثُمَّ قَالَ أَثْنَاءَ كَلَامِهِ: لِأَنَّ الطَّهَارَةَ تُفْتَتَحُ بِنَوَافِلِهَا فَلَوْ قَارَنَتْ النِّيَّةُ الْفَرْضَ لَعَرَا غَسْلُ الْيَدَيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ عَنْ النِّيَّةِ.
(أَوْ الْفَرْضِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ) ابْنُ شَاسٍ: كَيْفِيَّةُ النِّيَّةِ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ مَا لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا بِطَهَارَةٍ
أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ الْبَاجِيُّ: إنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فِعْلٍ بِعَيْنِهِ لَا اسْتِبَاحَةَ جَمِيعِ مَا يُمْنَعُ فَالْمَشْهُورُ إنْ كَانَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ ذَلِكَ الْمَفْعُولِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ (وَإِنْ مَعَ تَبَرُّدٍ) الْمَازِرِيُّ: فِي صِحَّةِ
الْوُضُوءِ لِرَفْعِ الْحَدَثِ وَالتَّبَرُّدِ قَوْلَانِ: ابْنُ الْقَاسِمِ: يُجْزِئُ لِلتَّعْمِيمِ وَرَفْعِ الْحَدَثِ.
(أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ) ابْنُ الْقَصَّارِ: مَنْ نَوَى بِطَهَارَتِهِ اسْتِبَاحَةَ صَلَاةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَتَخَرَّجَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ فِي رَفْضِ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ ابْنُ بَشِيرٍ: مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ: أَتَطَهَّرُ لِلظُّهْرِ دُونَ الْعَصْرِ (أَوْ نَسِيَ حَدَثًا) ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ
تَطَهَّرَتْ لِلْحَيْضَةِ نَاسِيَةً لِلْجَنَابَةِ أَجْزَأَهَا أَبُو الْفَرَجِ: وَكَذَا الْعَكْسُ لِأَنَّهُ فَرْضٌ نَابَ عَنْ فَرْضٍ ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا صَوَابٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ إذَا كَانَ مُوجِبُهَا وَاحِدًا وَاجْتَمَعَتْ تَدَاخَلَ حُكْمُهَا وَنَابَ مُوجِبُ أَحَدِهَا عَنْ الْآخَرِ كَاجْتِمَاعِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ وَالْمَذْيِ يَنُوبُ عَنْ جَمِيعِهَا وُضُوءٌ وَاحِدٌ وَيُجْزِئُ الْوُضُوءُ لِأَحَدِهَا عَنْ الْجَمِيعِ وَقَوْلُ أَبِي الْفَرَجِ وِفَاقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الشَّجَّةِ إذَا كَانَتْ فِي مَوْضِعِ الْوُضُوءِ إنْ غَسَلَهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ يُجْزِئُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَانْظُرْ فِي كِتَابِ الْفُرُوقِ نَظَائِرَ يَتَدَاخَلُ حُكْمُهَا وَيَنُوبُ مُوجِبُ أَحَدِهَا عَنْ الْآخَرِ (لَا أَخْرَجَهُ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ تَعَدَّدَ الْحَدَثُ فَإِنْ نَوَى رَفْعَ وَاحِدٍ مِنْهُ ارْتَفَعَ جَمِيعُهُ، هَذَا إنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ إلَّا مَا نَوَاهُ فَإِنْ خَطَرَ غَيْرُهُ وَقَصَدَ إلَى رَفْعِ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ فَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ دُونَ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ النِّيَّةِ فِي الطَّهَارَةِ أَنْ يَنْوِيَ أَحَدَ ثَلَاثَةٍ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ امْتِثَالَ الْأَمْرِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ فَإِنْ خَطَرَ بِبَالِهِ بَعْضُهَا أَجْزَأَهُ عَنْ جَمِيعِهَا وَلَوْ خَطَرَ جَمِيعُهَا بِبَالِهِ وَقَصَدَ بِطَهَارَتِهِ بَعْضَهَا نَاوِيًا عَدَمَ حُصُولِ الْآخَرِ فَالطَّهَارَةُ بَاطِلَةٌ كَأَنْ يَقُولَ: أَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ وَلَا أَرْفَعُ الْحَدَثَ أَوْ أَمْتَثِلُ أَمْرَ اللَّهِ فِي الْإِيجَابِ وَلَا أَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ.
(أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ) الْمَازِرِيُّ: نِيَّةُ التَّطْهِيرِ الْأَعَمِّ
مِنْ الْخَبَثِ وَالْحَدَثِ لَغْوٌ (أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَا نُدِبَتْ لَهُ) الْبَاجِيُّ: إنْ نَوَى مَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّهَارَةُ مِثْلُ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِدُخُولِ مَسْجِدٍ أَوْ لِقِرَاءَةٍ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، فَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ أَنَّهُ يُصَلِّي بِوُضُوءِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يُصَلِّي بِوُضُوءِ النَّوْمِ الْبَاجِيُّ: وَمِثْلُهُ يَلْزَمُ فِي الْوُضُوءِ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَأَلْحَقَ ابْنُ حَبِيبٍ بِذَلِكَ مَنْ تَوَضَّأَ لِيَدْخُلَ عَلَى الْأَمِيرِ، وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَا
يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يُصَلِّي بِوُضُوءِ الدُّخُولِ عَلَى الْأَمِيرِ اتِّفَاقًا انْتَهَى اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ مَالِكٍ مَنْ تَوَضَّأَ يُرِيدُ الطُّهْرَ لَا الصَّلَاةَ يُصَلِّي بِهِ، وَمَنْ تَوَضَّأَ لِيَكُونَ عَلَى طُهْرٍ أَجْزَأَهُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَانْظُرْ أَيْضًا كَلَامَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي الْقَبَسِ لَمَّا ذَكَرَ فِيهِ مَا ذَكَرَ قَالَ: إنَّمَا تَوَضَّأَ لِيَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ فَيَقُولُ فِي النَّوْمِ: أَلْقَى رَبِّي عَلَى طَهَارَةٍ إنْ مِتُّ وَيَقُولُ فِي الدُّخُولِ عَلَى الْأَمِيرِ: لَا أَدْرِي قَدْرَ مَا أَحْتَبِسُ رُبَّمَا تَحِينُ الصَّلَاةُ فَتَجِدُنِي طَاهِرًا وَأَمَّا ذِكْرُ اللَّهِ فَيَقُولُ: لَا أَتَكَلَّمُ بِهِ إلَّا عَلَى طُهْرٍ فَأَيُّ خِلَافٍ يُتَصَوَّرُ فِي هَذَا لَوْلَا الْغَفْلَةُ عَنْ وُجُوهِ النَّظَرِ فَيَبْقَى وُضُوءُ الْمُجَدِّدِ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّهَارَةَ وَالْإِبَاحَةَ، اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى الْإِسْلَامِ (أَوْ قَالَ: إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ) ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اغْتَسَلَ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَتْ بِهِ جَنَابَةٌ فَهَذَا
لَهَا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ جَنَابَةً أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ: لَعَلَّ هَذَا فِي الْوَهْمِ لَا الشَّكِّ (أَوْ جَدَّدَ فَتَبَيَّنَ حَدَثُهُ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُجَدِّدَ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا لَا يُصَلِّي بِهِ.
(أَوْ تَرَكَ لَمْعَةً فَانْغَسَلَتْ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ) عَبْدُ الْحَقِّ: مَا زَادَ عَلَى الْفَرْضِ فِي تَكْرَارِ الْوُضُوءِ يَجِبُ أَنْ يُفْعَلَ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ لِتَنُوبَ الثَّانِيَةُ عَمَّا نَقَصَ مِنْ الْأُولَى، فَإِنْ أَتَى بِهِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ تَخْرُجُ عَلَى مَنْ جَدَّدَ فَتَبَيَّنَ حَدَثُهُ الْبَاجِيُّ: الَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ التَّكْرَارُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَإِنَّمَا يُؤْتَى بِنِيَّةِ الْفَرْضِ بِمَنْزِلَةِ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ.
(أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ) ابْنُ بَشِيرٍ: فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ مُفْتَرِقَةً عَلَى الْأَعْضَاءِ قَوْلَانِ: عَلَى طُهْرِ كُلِّ عُضْوٍ بِفِعْلِهِ أَوْ بِالْكُلِّ، سَنَدٌ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ اهـ اُنْظُرْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ الْفَرْقَ بَيْنَ تَفْرِقَةِ النِّيَّةِ عَلَى الْأَعْضَاءِ أَوْ عَلَى رَكَعَاتِ الْفَرْضِ كَإِعْتَاقِ نِصْفِ عَبْدِهِ عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ بَاقِيهِ عَنْهُ، وَعَلَى
هَذَا مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ أَثْنَاءَ غُسْلِهِ إذَا مَرَّ بِيَدِهِ عَلَى مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ؟ (وَالْأَظْهَرُ فِي الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ) اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " أَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ " ثُمَّ كَمَّلَ.
(وَعُزُوبُهَا بَعْدَهُ وَرَفْضُهَا مُغْتَفَرٌ) بَهْرَامَ أَيْ بَعْدَ مَحِلِّهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ لَا يَضُرُّ اخْتِلَاسُ النِّيَّةِ فِي خِلَالِ الْغُسْلِ أَوْ قَبْلَهُ النُّكَتُ: رَفْضُ النِّيَّةِ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ يُبْطِلهَا بِخِلَافِ رَفْضِهَا أَثْنَاءَ الْوُضُوءِ وَالْحَجِّ فَإِنَّهُ إنْ عَادَ إلَى كَمَالِهَا بِنِيَّةٍ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ قَبْلَ الطُّولِ صَحَّ وُضُوءُهُ وَحَجُّهُ، اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ التَّاسِعَةَ مِنْ الْأَسْبَابِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ الْأَحْكَامِ مِنْ الْمُوَافَقَاتِ، وَضَعَّفَ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَوْلَ مَالِكٍ:
مَنْ تَصَنَّعَ لِنَوْمٍ فَلَمْ يَنَمْ تَوَضَّأَ ".
قَالَ اللَّخْمِيِّ: عَلَى هَذَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْوَطْءَ فَكَفَّ ابْنُ عَرَفَةَ: يُشَبِّهُ إرَادَةَ الْفِطْرِ أَثْنَاءَ الصَّوْمِ الرَّفْضَ أَثْنَاءَ الْوُضُوءِ لَا بَعْدَهُ.
(وَفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ خِلَافٌ) سَلَّمَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ أَبِي إِسْحَاقَ اخْتِلَاسَ النِّيَّةِ قَبْلَ الْغُسْلِ بِقُرْبٍ لَا يَضُرُّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: تَقَدُّمُ النِّيَّةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِيَسِيرٍ جَائِزٌ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَصَحَّحَ الْمَازِرِيُّ خِلَافَ هَذَا كُلِّهِ.
(وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا) ابْنُ يُونُسَ: لَيْسَ لِغَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ نَصٌّ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَسَقَطَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَرْضًا، وَثَبَتَ فِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةً (ثَلَاثًا) الْكَافِي: يَغْسِلُ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ.
وَفِي الرِّسَالَةِ: ثَلَاثَةَ (تَعَبُّدٌ بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ) الْبَاجِيُّ: فِي افْتِقَارِ غَسْلِ يَدَيْهِ قَبْلَ دُخُولِهِمَا فِي الْإِنَاءِ لِنِيَّةٍ قَوْلَانِ: عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ أَوْ لِلنَّظَافَةِ فَمَنْ جَعَلَهُمَا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ كَابْنِ الْقَاسِمِ اعْتَبَرَ فِيهِمَا النِّيَّةَ، وَمَنْ رَأَى غَسَلَهُمَا لِلنَّظَافَةِ كَأَشْهَبَ فَلَا يَعْتَبِرُ نِيَّةً، وَعَنْ مَالِكٍ مَا يَقْتَضِي الْوَجْهَيْنِ.
(وَلَوْ نَظِيفَتَيْنِ أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ) ابْنُ بَشِيرٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُسَنُّ غَسْلُهُمَا لِلْقَرِيبِ الْعَهْدِ بِغَسْلِهِمَا كَمَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ أَحْدَثَ أَثْنَاءَ وُضُوئِهِ انْتَهَى اُنْظُرْ هَلْ يُدْخِلُهُمَا فِي هَذَا الْفَرْعِ فِي الْإِنَاءِ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُدْخِلُهُمَا
فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يُفْرِغَ عَلَيْهِمَا الْمَاءَ أَبُو عُمَرَ: مَنْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ وُضُوءَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ نَجَاسَةٌ رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى أَصْلِهِ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ يُدْخِلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الْمَاءِ وَهُمْ جُنُبٌ وَالنِّسَاءُ حُيَّضٌ فَلَا يُفْسِدُ ذَلِكَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَقُرِّبَ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَضُوءُهُ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا وَنُقِلَ لَهُ: أَمِثْلُكَ يَفْعَلُ هَذَا؟ فَقَالَ: لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ، أَرَأَيْت الْمِهْرَاسَ الَّذِي كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّئُونَ فِيهِ كَيْفَ كَانُوا يَصْنَعُونَ بِهِ؟
أَبُو عُمَرَ: هَذَا عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ وُضُوءَهُ ذَلِكَ كَانَ فِي مَطْهَرَةٍ وَشَبَهِهَا مَا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَصُبَّ مِنْهُ عَلَى يَدِهِ فَلِذَلِكَ أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ مِنْ الْمَطَاهِرِ وَيُدْخِلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهَا وَلَا يَغْسِلُونَهَا، وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالْبَرَاءُ وَجَرِيرٌ يَتَوَضَّئُونَ مِنْ الْمَطَاهِرِ الَّتِي يَتَوَضَّأُ مِنْهَا الْعَوَامُّ وَيُدْخِلُونَ أَيْدِيَهُمْ قَبْلَ غَسْلِهَا (مُفْتَرِقَتَيْنِ) ابْنُ رُشْدٍ: سَمَاعُ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ مِثْلُ سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُمَا مُجْتَمَعَتَيْنِ مُسْلِمٌ: فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا الْمَازِرِيُّ: فِيهِ حُجَّةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَسْلِهِمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ ابْنُ اللُّبِّيِّ: تَحْدِيدُ غَسْلِهِمَا بِالثَّلَاثِ يَدُلُّ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ أَنَّهُ غَسَلَهُمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ أَوْ مُفْتَرِقَتَيْنِ لِأَنَّ كَفَّيْهِ أَعَمُّ وَالْعَامُّ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالْأَخَصِّ
ابْنُ عَرَفَةَ: فَتَخْرِيجُ الْمَازِرِيِّ غَسْلَهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَتَيْنِ عَلَى التَّعَبُّدِ أَوْ النَّظَافَةِ قُصُورٌ.
(وَمَضْمَضَةٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ الْمَضْمَضَةُ الْقَاضِي: هِيَ إدْخَالُ الْمَاءِ فَاهُ فَيُمَضْمِضُهُ ثُمَّ يَمُجُّهُ ثَلَاثًا (وَاسْتِنْشَاقٌ وَبَالَغَ مُفْطِرٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ الِاسْتِنْشَاقُ وَهُوَ جَذْبُ الْمَاءِ بِأَنْفِهِ وَنَثْرُهُ بِنَفَسِهِ وَيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ ثَلَاثًا
وَيُبَالِغُ غَيْرُ الصَّائِمِ (وَفِعْلُهُمَا بِسِتٍّ أَفْضَلُ وَجَازَا أَوْ إحْدَاهُمَا بِغُرْفَةٍ) الرِّسَالَةُ: يُمَضْمِضُ فَاهُ ثَلَاثًا مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ شَاءَ أَوْ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ ثُمَّ قَالَ: وَيُجْزِئُهُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثٍ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، وَلَهُ جَمْعُ ذَلِكَ فِي غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَالنِّهَايَةُ أَحْسَنُ وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْغَرْفَةَ الْوَاحِدَةَ إذَا قَدَرَ أَنْ يُمْسِكَ مِنْ الْمَاءِ بِكَفِّهِ مَا يَكْفِيهِ لِذَلِكَ قَالَ: وَالِاخْتِيَارُ لِلَّخْمِيِّ أَنْ يَأْخُذَ غَرْفَةً فَيُمَضْمِضُ بِهَا وَيَسْتَنْثِرُ ثُمَّ أُخْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ
أُخْرَى كَذَلِكَ (وَاسْتِنْثَارٌ) عِيَاضٌ: الِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ عِنْدَنَا سُنَّتَانِ، وَعَدَّهُمَا بَعْضُ شُيُوخِنَا سُنَّةً وَاحِدَةً، وَأَنْكَرَ مَالِكٌ تَرْكَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ عِنْدَهُ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ بِوَضْعِ يَدِهِ يَدْفَعُ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْفِهِ مَعَ الْمَاءِ الَّذِي اسْتَنْشَقَهُ مِنْ أَنْ يَسِيلَ عَلَى فِيهِ أَوْ لِحْيَتِهِ.
(وَمَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ) اُنْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ
الصِّمَاخَ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَاوِي فَقَالَ: وَمَسْحُ وَجْهَيْ الْأُذُنَيْنِ وَالصِّمَاخِ انْتَهَى وَمَذْهَبُنَا نَحْنُ كَذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا سَقَطَ مِنْ الْأَصْلِ وَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ: ثُمَّ يَمْسَحُ أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا ابْنُ عَبَّاسٍ: بَاطِنَهُمَا بِالسَّبَّابَةِ وَظَاهِرَهُمَا بِالْإِبْهَامِ اللَّخْمِيِّ: مَسْحُ الصِّمَاخَيْنِ سُنَّةٌ اتِّفَاقًا ابْنُ يُونُسَ: مَسْحُ دَاخِلِ الْأُذُنَيْنِ سُنَّةٌ وَمَسْحُ ظَاهِرِهِمَا قِيلَ: فَرْضٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ (وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا) ابْنُ يُونُسَ:
تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِمَسْحِ أُذُنَيْهِ سُنَّةٌ.
(وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ رَدُّ الْيَدَيْنِ مِنْ مُنْتَهَى
الْمَسْحِ لِمَبْدَئِهِ.
(وَتَرْتِيبُ فَرَائِضِهِ فَيُعَادُ الْمُنَكَّسُ وَحْدَهُ إنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ وَإِلَّا مَعَ تَابِعِهِ) ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ
أَنَّ تَرْتِيبَ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ سُنَّةٌ ابْنُ يُونُسَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: إنْ نَكَّسَ عَامِدًا أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا لِأَنَّهُ عَابِثٌ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ نَكَّسَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ أَعَادَ الْمُقَدَّمَ وَمَا بَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا، فَإِنْ جَفَّ الْوُضُوءُ
فَفِيهَا لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ، ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيُعِيدُ النَّاسِي مَا قَدَّمَ فَقَطْ.
(وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أَتَى بِهِ وَبِالصَّلَاةِ وَسُنَّةً فَعَلَهَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ) الرِّسَالَةُ: وَمَنْ ذَكَرَ مِنْ وُضُوئِهِ شَيْئًا مِمَّا هُوَ فَرِيضَةٌ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بِالْقُرْبِ أَعَادَ
ذَلِكَ وَمَا يَلِيه، وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ أَعَادَهُ فَقَطْ، وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ، وَإِنْ ذَكَرَ مِثْلَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَمَسْحَ الْأُذُنَيْنِ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا فَعَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُعِدْ مَا بَعْدَهُ، وَإِنْ تَطَاوَلَ فَعَلَ ذَلِكَ لِمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَمْ يُعِدْ مَا صَلَّى قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ.
(وَفَضَائِلُهُ مَوْضِعٌ طَاهِرٌ) عَدَّ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ مِنْ الْفَضَائِلِ
أَنْ لَا يَتَوَضَّأَ فِي الْخَلَاءِ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِي وُضُوئِهِ.
(وَقِلَّةُ مَاءٍ بِلَا حَدٍّ كَالْغُسْلِ) الْبَاجِيُّ: أَقَلُّ مَاءِ الْوُضُوءِ مُدٌّ وَالْغُسْلِ صَاعٌ عِيَاضٌ: الْمَشْهُورُ عَدَمُ التَّحْدِيدِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِمَا انْتَضَحَ مِنْ غُسْلِ الْجُنُبِ فِي إنَائِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ النَّاسُ الِامْتِنَاعَ مِنْ هَذَا وَلَيْسَ النَّاسُ فِيمَا يَكْفِيهِمْ مِنْ الْمَاءِ سَوَاءً.
(وَتَيَمُّنُ أَعْضَاءٍ وَإِنَاءٍ إنْ فُتِحَ) ابْنُ يُونُسَ: مِنْ فَضَائِلِ الْوُضُوءِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَيَامِنِ وَأَنْ يَضَعَ الْإِنَاءَ عَنْ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِنَقْلِ الْمَاءِ إلَى الْأَعْضَاءِ عِيَاضٌ: اخْتَارَ أَهْلُ الْعِلْمِ مَا ضَاقَ عَنْ إدْخَالِ الْيَدِ فِيهِ وُضِعَ عَلَى
الْيَسَارِ.
(وَبَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ) ابْنُ يُونُسَ: الْبَدْءُ بِمُقَدَّمِ الرَّأْسِ ذَاهِبًا لِقَفَاهُ فَضِيلَةٌ.
(وَشَفْعُ غَسْلِهِ وَتَثْلِيثُهُ
وَهَلْ الرِّجْلَانِ كَذَلِكَ أَوْ الْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ)
قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ الْوَاحِدَةَ إلَّا مِنْ الْعَالِمِ بِالْوُضُوءِ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَلَا يُزَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَلَا يُزَادَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْوَاحِدَةِ، وَأَمَّا غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ فَلَا حَدَّ فِي غَسْلِهِمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَاهَدَ عَقِبَيْهِ انْتَهَى نَصُّ ابْنِ يُونُسَ وَنَحْوُهُ
قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ الْمَعْرُوفُ عَدَمُ تَكْرَارِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إنْقَاؤُهُمَا خِلَافُ نَصِّ الرِّسَالَةِ وَظَاهِرُ غَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: الرَّابِعَةُ مَمْنُوعَةٌ إجْمَاعًا ابْنُ رُشْدٍ:
الرَّابِعَةُ مَكْرُوهَةٌ.
(وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ) ابْنُ رُشْدٍ: تَرْتِيبُ الْمَسْنُونِ مَعَ الْمَفْرُوضِ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ فِي الْمُوَطَّأِ: مَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ قَبْلَ مَضْمَضَتِهِ لَمْ يُعِدْ غَسْلَهُ.
(وَسِوَاكٌ) ابْنُ يُونُسَ السِّوَاكُ فَضِيلَةٌ
ابْنُ عَرَفَةَ: وَهُوَ بِالْيُمْنَى أَوْلَى الشَّارْمَسَاحِيُّ: هُوَ بِالْيَسَارِ أَوْلَى كَالِامْتِخَاطِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِقَضْبِ الشَّجَرِ وَأَفْضَلُهَا الْأَرَاكُ، وَضَعُفَ قَوْلُ مَنْ كَرِهَهُ بِذِي صَبْغٍ لِلتَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ: كَرِهَهُ أَيْضًا مَالِكٌ لِذَلِكَ، وَكَرِهَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِعُودِ الرُّمَّانِ وَالرَّيْحَانِ (وَإِنْ بِإِصْبَعٍ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ لَمْ يَجِدْ سِوَاكًا فَأُصْبُعُهُ تُجْزِئُ (كَصَلَاةٍ بَعُدَتْ مِنْهُ) اللَّخْمِيِّ: يُسْتَحْسَنُ إذَا بَعُدَ مَا بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ أَنْ
يَسْتَاكَ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَإِنْ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ تِلْكَ أَنْ يُعِيدَهُ لِلثَّانِيَةِ.
(وَتَسْمِيَةٌ) رَوَى عَلِيٌّ: أَنْكَرَ مَالِكٌ التَّسْمِيَةَ عَلَى الْوُضُوءِ وَقَالَ: مَا سَمِعْت بِهَذَا أَيُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَ أَبُو عُمَرَ يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ
اسْمِ اللَّهِ عَلَى كُلِّ وُضُوءٍ وَذِكْرُ اللَّهِ حَسَنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (وَتُشْرَعُ فِي غُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَزَكَاةٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَسَفِينَةٍ وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ لِمَنْزِلٍ وَمَسْجِدٍ وَلُبْسٍ وَغَلْقِ بَابٍ وَإِطْفَاءِ مِصْبَاحٍ وَوَطْءٍ وَصُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَرًا وَتَغْمِيضِ مَيِّتٍ وَلَحْدِهِ) قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَتُشْرَعُ فِي طَهَارَةٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَزَكَاةٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَسَفِينَةٍ وَدُخُولِ مَسْجِدٍ وَمَنْزِلٍ وَخُرُوجٍ مِنْهُمَا وَلُبْسِ ثَوْبٍ وَنَزْعِهِ وَغَلْقِ بَابٍ وَإِطْفَاءِ مِصْبَاحٍ وَوَطْءٍ مُبَاحٍ وَصُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَرًا وَتَغْمِيضِ مَيِّتٍ وَوَضْعِهِ بِلَحْدِهِ وَابْتِدَاءِ طَوَافٍ وَتِلَاوَةٍ وَنَوْمٍ قَالَ: وَلَا تُشْرَعُ فِي حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَذَانٍ وَذِكْرٍ وَصَلَاةٍ وَدُعَاءٍ، وَتُكْرَهُ فِي فِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ، وَانْظُرْ فِي الْفَرْقِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ عَسُرَ عَلَى الْفُضَلَاءِ مَا تُشْرَعُ فِيهِ الْبَسْمَلَةُ قِيلَ: لَا تُشْرَعُ فِي ذِكْرٍ لِأَنَّهُ بَرَكَةٌ فِي نَفْسِهِ، وَأَوْرَدَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْبَرَكَاتِ رَاجِعْهُ فِيهِ.
(وَلَا تُنْدَبُ إطَالَةُ الْغُرَّةِ) كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أُحِبُّ أَنْ أُطِيلَ غُرَّتِي قَالَ عِيَاضٌ: وَالنَّاسُ مُجْمِعُونَ عَلَى خِلَافِهِ النَّوَوِيُّ: لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَصْحَابُنَا مُجْمِعُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْجُزْءِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ لِاسْتِيفَاءِ كَمَالِ الْوَجْهِ.
(وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ) اللَّخْمِيِّ: يُكْرَهُ مَسْحُ الرَّقَبَةِ.
(وَتَرْكُ مَسْحِ الْأَعْضَاءِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالْمَسْحِ بِالْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَرَوَاهُ عَلِيٌّ قَبْلَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَإِنِّي لَأَفْعَلُهُ.
(وَإِنْ شَكَّ فِي ثَالِثَةٍ فَفِي كَرَاهَتِهَا قَوْلَانِ قَالَ كَشَكِّهِ فِي صَوْمِ يَوْمَ عَرَفَةَ هَلْ هُوَ الْعِيدُ) الْمَازِرِيُّ: لَوْ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِ الْعَدَمِ وَتَرْجِيحِ السَّلَامَةِ مِنْ مَمْنُوعٍ عَلَى تَحْصِيلِ فَضِيلَةٍ قَالَ: وَعَلَيْهِمَا صَوْمُ مَنْ شَكَّ فِي كَوْنِ يَوْمِ عَرَفَةَ عَاشِرًا.