المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في إزالة النجاسة] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ١

[محمد بن يوسف المواق]

الفصل: ‌[فصل في إزالة النجاسة]

[فَصَلِّ فِي إزَالَة النَّجَاسَة]

فَصْلٌ (هَلْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ وَلَوْ طَرَفَ عِمَامَتِهِ وَبَدَنِهِ وَمَكَانِهِ لَا طَرَفَ حَصِيرِهِ سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَإِلَّا أَعَادَ الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ خِلَافٌ) اُنْظُرْ لَا يَنْبَنِي عَلَى هَذَا حُكْمٌ فِي الْخَارِجِ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ: " شَرْطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ " فَانْظُرْهُ مَعَ هَذَا. ابْنُ عَرَفَةَ: إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْ لِبَاسِ الْمُصَلِّي وَمَحَلِّهِ وَجَسَدِهِ.

قَالَ الْجَلَّابُ وَابْنُ رُشْدٍ: هِيَ سُنَّةٌ. ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. اللَّخْمِيِّ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ هِيَ وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ عَالِمًا غَيْرَ مُضْطَرٍّ مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا أَعَادَ أَبَدًا.

وَإِنْ صَلَّى بِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِنَجَاسَةٍ أَوْ مُضْطَرًّا إلَى الصَّلَاةِ فِيهِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ. ابْنُ يُونُسَ: حَرَكَةُ طَرَفِ عِمَامَتِهِ النَّجِسِ مُعْتَبَرٌ لِأَنَّهُ لَابِسُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: تَعْلِيلُهُ يُوجِبُ اعْتِبَارُهُ سَاكِنًا. ابْنُ الْحَاجِبِ: النَّجَاسَةُ عَلَى طَرَفِ حَصِيرٍ لَا تُمَاسُّ لَا تَضُرُّ عَلَى الْأَصَحِّ. ابْنُ حَبِيبٍ: الْمُعْتَبَرُ مَحَلُّ قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وَسُجُودِهِ وَمَوْضِعُ كَفَّيْهِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ صَلَّى عَلَى مَوْضِعٍ ذِي نَجَاسَةٍ جَفَّتْ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ كَانَتْ تَحْتَ جَبْهَتِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ غَيْرِهِ

ص: 188

عِيَاضٌ: وَسُقُوطُ طَرَفِ ثَوْبِهِ عَلَى جَافٍّ نَجَاسَةٌ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ لَغْوٌ. الْإِبْيَانِيُّ: مَنْ نَزَعَ نَعْلَهُ لِنَجَاسَةٍ أَسْفَلِهِ وَوَقَفَ عَلَيْهِ جَازَ كَظَهْرِ حَصِيرٍ. وَمِنْ نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ فِي الْمُقَرِّقَةِ الْمُحَفَّظَةِ بِالْقَرْنِ النَّجِسِ إنْ جَلَسَ عَلَيْهَا فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الْحَصِيرِ، فَإِنْ حَرَّكَهَا فَكَأَنَّهُ حَمَلَهَا.

وَمِنْهَا أَيْضًا: إذَا تَشَوَّشَ بِمَا يَمْنَعُهُ مِنْ السُّجُودِ أَبْعَدَهُ عَنْهُ وَلَا يَرُدُّهُ مِنْ يَمِينِهِ إلَى يَسَارِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِصَلَاةِ الْمَرِيضِ عَلَى فِرَاشٍ نَجِسٍ إنْ بُسِطَ عَلَيْهِ طَاهِرًا كَثِيفًا. ابْنُ يُونُسَ: خَصَّهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِالْمَرِيضِ وَعَمَّمَهُ بَعْضُهُمْ فِي الصَّحِيحِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ فِي جَسَدِهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَوَقْتُهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ اصْفِرَارُ الشَّمْسِ، وَفِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ اللَّيْلُ كُلُّهُ.

ابْنُ يُونُسَ: الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابٌ فَأَشْبَهَتْ التَّنَفُّلَ فَكَمَا لَا يَتَنَفَّلُ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فَكَذَلِكَ لَا يُعِيدُ فِيهِ مَتَى وَجَبَتْ إعَادَتُهُ فِي الْوَقْتِ، وَكَمَا جَازَ التَّنَفُّلُ اللَّيْلَ كُلَّهُ جَازَتْ الْإِعَادَةُ فِيهِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُ ثَوْبٍ نَجِسٍ صَلَّى بِهِ فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ أَوْ مَاءً يَغْسِلُهُ بِهِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ.

ص: 189

(وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ كَذِكْرِهَا فِيهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ عَلِمَ بِنَجَاسَةٍ فِي صَلَاتِهِ قَطَعَ وَفِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ كَانَ مَأْمُومًا الْبَاجِيُّ: وَعَلَى هَذَا قَالَ سَحْنُونَ: إنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ نَجِسٌ فَسَقَطَ مَكَانَهُ ابْتَدَأَ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ رَأَى بِمَحَلِّ سُجُودِهِ نَجَاسَةً بَعْدَ رَفْعِهِ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُتِمُّ صَلَاتَهُ مُتَنَحِّيًا عَنْهُ. وَقُلْت أَنَا: يَقْطَعُ لِقَوْلِهَا مَنْ عَلِمَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ قَطَعَ وَابْتَدَأَ صَلَاتَهُ

ص: 201

بِإِقَامَةٍ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ صَلَاتِهِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ (لَا قَبْلَهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قِيلَ لَهُ: إنْ رَآهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ. زَادَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَنَسِيَ حَتَّى دَخَلَ قَالَ: هُوَ مِثْلُ هَذَا كُلِّهِ يَعْنِي إنْ صَلَّى بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ ذَكَرَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ كَانَ وَحْدَهُ أَوْ مَأْمُومًا، وَإِنْ كَانَ إمَامًا اسْتَخْلَفَ، ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ: وَلَوْ رَأَى النَّجَاسَةَ فِي صَلَاتِهِ فَهَمَّ بِالْقَطْعِ فَنَسِيَ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، إلَّا فِي الْوَقْتِ، وَكَذَا لَوْ رَآهَا بَعْدَ صَلَاتِهِ فَهَمَّ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَنَسِيَ.

وَرَوَى الْأَخَوَانِ: يُعِيدُ أَبَدًا. وَانْظُرْ لَوْ تَرَكَ الْإِعَادَةَ عَمْدًا بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَمَعَ ذِكْرِ تَرْتِيبِ حَاضِرَتَيْنِ "(أَوْ كَانَتْ أَسْفَلَ نَعْلٍ فَخَلَعَهَا) الْمَازِرِيُّ عَنْ

ص: 203

بَعْضِهِمْ: وَلَوْ عَلِمَ نَجَاسَةً بِنَعْلِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَأَخْرَجَ رِجْلَهُ دُونَ تَحْرِيكِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: " وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ "، وَكَذَا يَظْهَرُ مِنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ هَذَا مُشْكِلٌ، اُنْظُرْهُ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ وَطِئَ عَلَى نَجَاسَةٍ.

(وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ) ابْنُ بَشِيرٍ: وَقِسْمٌ يَعْنِي مِنْ النَّجَاسَاتِ لَا يُؤْمَرُ بِإِزَالَتِهِ

ص: 204

إلَّا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ كُلُّ مَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُهُ الِانْفِكَاكُ عَنْهَا (كَحَدَثِ مُسْتَنْكِحٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ خَرَجَ مِنْ ذَكَرِهِ بَوْلٌ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ أَوْ مَذْيٌ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ لِبَرْدٍ أَوْ عِلَّةٍ تَوَضَّأَ، إلَّا أَنْ يَسْتَنْكِحَهُ ذَلِكَ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِبَرْدٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَنْكِحِ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَكُفَّهُ بِخِرْقَةٍ وَيَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ: يُسْتَحَبُّ إعْدَادُهُ مَا يَقِيهِ عَنْ ثَوْبِهِ.

وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ السَّلَسُ لَا

ص: 205

يَنْقَطِعُ عَلَى حَالٍ فَلَا وُضُوءَ قَالَ شَارِحُ التَّهْذِيبِ: أُوجِبُ فِي الْكِتَابِ الْوُضُوءَ مِنْ السَّلَسِ إنْ كَانَتْ مُفَارَقَتُهُ أَكْثَرَ، وَلَمْ يُوجِبْهُ الْعِرَاقِيُّونَ لِأَنَّهُمْ شَرَطُوا فِي الْخَارِجِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ.

(وَبَلَلِ بَاسُورٍ

ص: 206

فِي يَدٍ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ أَوْ ثَوْبٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَنْ بِهِ بَاسُورٌ يَخْرُجُ فَيَرُدُّهُ بِيَدِهِ عَلَيْهِ غَسْلُهَا إلَّا أَنْ يَكْثُرَ. عِيَاضٌ: هُوَ بِالْبَاءِ تَوَرُّمٌ دَاخِلُ الْمَقْعَدَةِ بِثَآلِيلَ، وَبِالنُّونِ انْفِتَاحُ عُرُوقِهَا الْقِبَابُ وَالثَّوْبُ كَالْيَدِ وَنَحْوِهِ.

(وَثَوْبِ مُرْضِعَةٍ) فِي الذَّخِيرَةِ: ثَوْبُ الْمُرْضِعَةِ يُعْفَى عَنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ

ص: 207

(تَجْتَهِدُ وَنُدِبَ لَهَا ثَوْبٌ لِلصَّلَاةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أُحِبُّ صَلَاةَ الْأُمِّ فِي ثَوْبٍ لَا تُرْضِعُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ غَسَلَتْ الْبَوْلَ جُهْدَهَا. التُّونِسِيُّ: لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَتَكَرَّرُ فَأَشْبَهَ إذَا كَانَتْ مُسْتَنْكَحَةً.

قَالَ شَارِحُ التَّهْذِيبِ: وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى الْجَزَّارُ وَالْكَنَّافُ. وَانْظُرْ مَنْ شُغْلُهُ فِي الزِّبْلِ النَّجِسِ مُقْتَضَى مَا لِلْبَرْزَلِيِّ أَنَّهُ مِثْلُ الْمُرْضِعِ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ: أَنْ يُعِدَّ لِلصَّلَاةِ ثَوْبًا غَيْرَهُ إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا فَلْيُصَلِّ عَلَى حَالِهِ وَلَا يُخْرِجْ الصَّلَاةَ عَنْ

ص: 209

وَقْتِهَا. وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ: اُنْظُرْهُ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ ".

(وَدُونَ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ مُطْلَقًا) اُنْظُرْ هَذَا بَيْنَ رُؤْيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَهَا فَرْقٌ، خِلَافًا لِلدَّاوُدِيِّ.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يُغْسَلُ قَلِيلُ كُلِّ دَمٍ وَلَوْ كَانَ مِنْ ذُبَابٍ إلَّا أَنْ يَرَاهُ فِي صَلَاةٍ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: مَنْ رَأَى فِي صَلَاتِهِ دَمًا يَسِيرًا فِي ثَوْبِهِ دَمَ حَيْضٍ أَوْ غَيْرَهُ تَمَادَى وَلَوْ نَزَعَهُ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا، وَإِنْ كَثُرَ قَطَعَ وَنَزَعَهُ وَابْتَدَأَ الْفَرِيضَةَ بِإِقَامَةٍ وَإِنْ كَانَ نَافِلَةً قَطَعَ وَلَا

ص: 210

قَضَاءَ عَلَيْهِ.

وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ قَدْرَ الْخِنْصَرِ قَلِيلٌ وَرَوَى عَلِيٍّ قَدْرِ الدِّرْهَمِ قَلِيلٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: فِي يَسَارَةِ الدِّرْهَمِ رِوَايَتَا عَلِيٍّ وَابْنِ حَبِيبٍ. (وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: الْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ عِنْدَ مَالِكٍ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ.

ص: 212

(وَبَوْلِ فَرَسٍ لِغَازٍ بِأَرْضِ حَرْبٍ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَخْفِيفَ بَوْلِ فَرَسِ الْغَازِي يُصِيبُهُ بِأَرْضِ الْحَرْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُمْسِكٌ غَيْرُهُ وَيَتَّقِيهِ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ مَا اسْتَطَاعَ وَدَيْنُ اللَّهِ يُسْرٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَتَرَكَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَيْدَ بَلَدِ الْحَرْبِ، وَتَرَكَ ابْنُ شَاسٍ قَيْدَ فَقْدِ الْمُمْسِكِ وَكِلَاهُمَا مُتَعَقَّبٌ انْتَهَى. اُنْظُرْ الْمُنْتَقَى فَإِنَّهُ قَالَ: بَوْلُ الدَّوَابِّ وَأَرْوَاثُهَا مَكْرُوهٌ. وَأَمَرَهُ فِي هَذَا السَّمَاعِ بِالتَّوَقِّي إلَّا إنْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ مِنْ مَعِيشَةٍ فِي السَّفَرِ

ص: 214

بِالدَّوَابِّ. وَمِنْ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ سَحْنُونَ عَنْ بَوْلِ الدَّوَابِّ فِي الزَّرْعِ عِنْدَ دِرَاسِهِ، فَخَفَّفَهُ لِلضَّرُورَةِ كَاَلَّذِي لَا يَجِدُ بُدًّا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَيُمْسِكُ عِنَانَ فَرَسِهِ وَهُوَ قَصِيرٌ فَيَبُولُ فَيُصِيبُهُ بَوْلُهُ، وَخُفِّفَ هَذَا مَعَ الضَّرُورَةِ لِلِاخْتِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ كَمَا خُفِّفَ فِي الْمَشْيِ بِالنَّعْلِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا خِلَافَ فِي نَجَاسَتِهِ فَلَا يُخَفَّفُ مَعَ الضَّرُورَةِ.

(وَأَثَرِ ذُبَابٍ مِنْ عَذِرَةٍ) سَنَدٌ: يَسِيرُ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ يَعْلَقُ

ص: 215

بِالذُّبَابِ ثُمَّ يَجْلِسُ عَلَى الْمَحَلِّ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.

(وَمَوْضِعِ حِجَامَةٍ مُسِحَ فَإِذَا بَرِئَ غُسِلَ وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ وَبِالْإِطْلَاقِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يَغْسِلُ الْمُحْتَجِمُ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ وَلَا يُجْزِئُ مَسْحُهَا فَإِنْ مَسَحَهَا وَصَلَّى أَعَادَ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ أَنْ يَغْسِلَهَا، يُرِيدُ إنْ مَسَحَهَا سَاهِيًا.

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: إنْ مَسَحَهَا سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا فَإِنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لِلِاخْتِلَافِ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: أَمَّا أَثَرُ الدَّمِ فَإِنَّ مَا فَوْقَ الدِّرْهَمِ مِنْهُ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ.

(وَكَطِينِ مَطَرٍ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ الْعَذِرَةُ

ص: 216

بِالْمُصِيبِ لَا إنْ غَلَبَتْهُ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنَهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِطِينِ الْمَطَرِ الْمُسْتَنْقَعِ فِي السِّكَكِ وَالطُّرُقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ الْجَسَدَ وَالْخُفَّ وَالنَّعْلَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْعَذِرَةُ وَسَائِرُ النَّجَاسَاتِ

ص: 217

وَمَا زَالَتْ الطُّرُقُ وَهَذَا فِيهَا وَكَانُوا يَخُوضُونَ الْمَطَرَ وَطِينَهُ وَيُصَلُّونَ وَلَا يَغْسِلُونَهُ. الشَّيْخُ: مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنُهَا قَائِمَةً. ابْنُ بَشِيرٍ: يَحْتَمِلُ التَّقْيِيدَ وَالْخِلَافَ قَالَ: كَمَا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَافْتَقَرَ إلَى الْمَشْيِ فِيهِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ كَثَوْبِ الْمُرْضِعَةِ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يُعْفَى عَمَّا تَطَايَرَ مِنْ نَجَاسَةِ الطُّرُقِ وَخَفِيَتْ عَيْنُهُ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ. وَقَبِلَهُ الْمَازِرِيُّ، اُنْظُرْ الْفَرْقَ التَّاسِعَ وَالثَّلَاثِينَ وَالْمِائَتَيْنِ مِنْ قَوَاعِدِ شِهَابِ الدِّينِ. ذَكَرَ نَظَائِرَ لِطِينِ الْمَطَرِ قَدَّمَ الشَّرْعُ النَّادِرَ فِيهَا عَلَى الْغَالِبِ رَحْمَةً لِلْعِبَادِ. قَالَ: وَقَدْ غَفَلَ عَنْ هَذَا قَوْمٌ فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ الْوَسْوَاسُ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ عَلَى قَاعِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهِيَ الْحُكْمُ بِالْغَالِبِ وَهَذَا كَمَا قَالُوا، وَلَكِنَّ الشَّرْعَ أَلْغَى هَذَا ثُمَّ قَالَ: فَمَنْ رَاعَى الْغَالِبَ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ. وَمِمَّا أَلْغَى الشَّرْعُ فِيهِ الْغَالِبَ وَرَاعَى الْأَصْلَ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا سَتْرًا عَلَى الْعِبَادِ وَرَحْمَةً إلْحَاقُ الْوَلَدِ بِالْمُطَلِّقِ، إذَا وَضَعَتْهُ بَعْدَ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ، وَإِذَا أَتَتْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الدُّخُولِ بِوَلَدٍ، وَمَا يَصْنَعُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَمَا يَصْبُغُونَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ

ص: 218

النَّجَاسَةِ وَالْبُسُطِ الَّتِي اسْوَدَّتْ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَتْ، وَدَعْوَى الصَّالِحِ عَلَى الْفَاسِقِ دِرْهَمًا، وَالتَّعْمِيرِ بِسَبْعِينَ سَنَةً لِأَنَّ الشُّيُوخَ فِي الْوُجُودِ أَقَلُّ. وَقَدْ أَلْغَى الشَّارِعُ النَّادِرَ وَالْغَالِبَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَهَادَةِ ثَلَاثَةٍ بِالزِّنَا وَشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَشَهَادَةِ الْعَدْلِ، كَذَلِكَ وَدَعْوَى السَّرِقَةِ عَلَى الْمُتَّهَمِينَ صَوْنًا لِلْأَعْرَاضِ وَالْأَطْرَافِ وَالْقُرْءِ الْوَاحِدِ فِي الْعِدَّةِ، وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بَعْدَمَا غَابَ عَنْهَا سِنِينَ الْغَالِبُ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا، وَالنَّادِرُ شَغْلُهُ وَقَدْ أَلْغَاهُمَا صَاحِبُ الشَّرْعِ.

(وَذَيْلِ امْرَأَةٍ مُطَالٍ لِلسَّتْرِ وَرَجُلٍ بَلَّتْ يَمُرَّانِ

ص: 219

بِنَجَسٍ يَبِسَ بِمَا بَعْدَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يَطْهُرُ ذَيْلُ الْمَرْأَةِ تُطِيلُهُ لِلسَّتْرِ مِنْ الْقَشَبِ الْيَابِسِ بِمُرُورِهِ عَلَى طَاهِرٍ، وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ وَطِئَ مَوْضِعًا قَذِرَا جَافًّا لَا بَأْسَ عَلَيْهِ قَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَى

ص: 220

هَذِهِ الْأُمَّةِ. اللَّخْمِيِّ: لِأَنَّ رَفْعَ رِجْلَيْهِ بِالْخَضِرَةِ يَمْنَعُ اتِّصَالَ النَّجَاسَةِ إلَّا مَا لَا قَدْرَ لَهُ. وَلِابْنِ رُشْدٍ تَعْلِيلٌ آخَرُ وَكَذَلِكَ لِلْبَاجِيِّ وَكَذَلِكَ لِلْمَازِرِيِّ وَكَذَلِكَ لِابْنِ اللَّبَّادِ، كُلُّهَا تَعَالِيلُ يُخَالِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَأَنَّهَا تُشْعِرُ أَنَّهَا عَلَى الْأَصْلِ لَا فِي مَحَلِّ الْعَفْوِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ لَصِقَ ثَوْبَهُ بِجِدَارِ مِرْحَاضٍ إنْ كَانَ يُشْبِهُ الْبَوْلَ غَسَلَهُ، وَإِنْ كَانَ يُشْبِهُ الْغُبَارَ رَشَّهُ.

(وَخُفٍّ وَنَعْلٍ مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ وَبَوْلِهَا إنْ دُلِكَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ وَطِئَ بِخُفَّيْهِ أَوْ نَعْلَيْهِ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ الرَّطْبِ وَأَبْوَالِهَا دَلَّكَهُ وَصَلَّى بِهِ.

ص: 221

ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي نَجَاسَتِهِ بِخِلَافِ الدَّمِ وَالْعَذِرَةِ. (لَا غَيْرِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ وَطِئَ بِخُفَّيْهِ أَوْ نَعْلَيْهِ عَلَى دَمٍ أَوْ عَذِرَةٍ أَوْ بَوْلٍ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى يَغْسِلَهُ.

قَالَ مَالِكٌ: أَهْلُ الْعِلْمِ لَا يَرَوْنَ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ أَبْوَالِ الْأَنْعَامِ شَيْئًا وَإِنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ لَمْ يَغْسِلْهُ وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ أَبْوَالِ الدَّوَابِّ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَنْ يُغْسَلَ.

(فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ لَا مَاءَ مَعَهُ وَيَتَيَمَّمُ) ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي مُسَافِرٍ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَأَصَابَتْ خُفَّهُ نَجَاسَةٌ وَلَا مَاءَ مَعَهُ أَنَّهُ يَنْزِعُهَا وَيَتَيَمَّمُ. الْمَازِرِيُّ: وَعَلَى هَذَا، مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا قَدْرَ وَضُوئِهِ أَوْ مَا يَغْسِلُ بِهِ نَجَاسَةً بِغَيْرِ مَحَلِّهِ

ص: 223

فَإِنَّهُ يَغْسِلُهَا وَيَتَيَمَّمُ، وَجَزَمَ بِهَذَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَائِلًا: إذْ لَا بَدَلَ عَنْ غَسْلِهَا وَعَنْ الْوُضُوءِ بَدَلٌ. (وَاخْتَارَ إلْحَاقَ رِجْلِ الْفَقِيرِ وَفِي غَيْرِهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ) الْبَاجِيُّ: لَا نَصَّ فِي الرِّجْلِ وَأَرَاهَا كَالْخُفِّ، وَخَرَّجَهَا اللَّخْمِيِّ عَلَى النَّعْلِ وَاخْتَارَ هُوَ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ غَسْلَهَا لِغَيْرِ مَنْ شَقَّ عَلَيْهِ شِرَاءُ نَعْلٍ.

(وَوَاقِعٍ عَلَى مَارٍّ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ سَقَطَ عَلَيْهِ مَاءُ السَّقَائِفِ هُوَ فِي سَعَةٍ مَا لَمْ يُوقِنْ بِنَجَاسَةٍ. (وَإِنْ سَأَلَ صُدِّقَ الْمُسْلِمُ) اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَقَبِلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ ".

ص: 224

(وَكَسَيْفٍ صَقِيلٍ لِإِفْسَادِهِ مِنْ دَمٍ مُبَاحٍ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ عَلَى مُجَاهِدٍ غَسْلُ دَمِ سَيْفِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: لِلْعَمَلِ وَسَمِعَ: يَكْفِي مَسْحُ دَمِ السَّيْفِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ صَلَّى بِهِ دُونَهُ لَمْ يُعِدْ فِي الْوَقْتِ. عِيسَى: إنْ كَانَ فِي جِهَادٍ أَوْ صَيْدِ عَيْشِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ عِيسَى تَفْسِيرُ. بَهْرَامُ: مِثْلُ السَّيْفِ الْمُدْيَةُ وَالشَّفْرَةُ مِمَّا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ النَّجَاسَةِ شَيْءٌ. اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَكَطِينِ

ص: 225

مَطَرٍ ".

(وَأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يَنْكَأْ وَنُدِبَ إنْ تَفَاحَشَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُغْسَلُ دَمُ قُرْحَةٍ تَسِيلُ دُونَ إنْكَاءٍ

ص: 226

وَمُتَفَاحِشُهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ، فَإِنْ نَكَاهَا يَعْنِي الْقُرُوحَ فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ أَوْ غَيْرُهُ فَلْيَغْسِلْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ فَلْيَفْتِلْهُ وَلَا يَنْصَرِفُ.

قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ، فَإِنْ انْفَجَرَ دُمَّلُهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا مَضَى فِي صَلَاتِهِ وَإِلَّا قَطَعَ. ابْنُ رُشْدٍ: يَسِيرُهُ مَا يَفْتِلُهُ الرَّاعِفُ. (كَدَمِ بَرَاغِيثَ) بَيْنَ الْبَرَاغِيثِ وَالْقُرْحَةِ فَرْقٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُ غَسْلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ إذَا تَفَاحَشَ بِخِلَافِ الْقُرْحَةِ.

(إلَّا فِي صَلَاةٍ وَيُطَهِّرُ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ بِلَا نِيَّةٍ بِغَسْلِهِ إنْ عُرِفَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ:

ص: 228

إنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ وَعَلِمَ نَاحِيَتَهَا غَسَلَهَا فَقَطْ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الِاسْتِنْجَاءِ: وَيُجْزِئُ فِعْلُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَكَذَلِكَ غَسْلُ الثَّوْبِ النَّجِسِ. (وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْمَشْكُوكِ فِيهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ جَهِلَ مَوْضِعَ نَجَاسَةٍ أَيْقَنَ نَيْلَهَا ثَوْبَهُ غَسَلَهُ. (كَكُمَّيْهِ بِخِلَافِ ثَوْبَيْهِ فَيَتَحَرَّى) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إنْ أَصَابَ أَحَدَ كُمَّيْهِ

ص: 231

نَجَاسَةٌ وَلَمْ يُمَيِّزْهُ تَحَرَّاهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ، إنْ فَصَلَهُمَا جَازَ الِاجْتِهَادُ إجْمَاعًا كَمَا لَوْ شَكَّ فِي أَحَدِ ثَوْبَيْنِ انْتَهَى.

وَقَالَ قَبْلَ هَذَا ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ: وَاَلَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ فِي سَفَرٍ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا ثَوْبَانِ أَصَابَتْ أَحَدَهُمَا نَجَاسَةٌ لَا يَدْرِي أَيَّهُمَا هُوَ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ: يُصَلِّي فِي وَاحِدٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ وُجِدَ طَاهِرًا، وَلَسْت أَنَا أَرَى ذَلِكَ بَلْ يُصَلِّي فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ يُعِيدُ فِي الْآخَرِ مَكَانَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إنْ وُجِدَ طَاهِرًا. ابْنُ رُشْدٍ: فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ إذَا صَلَّى عَلَى أَنْ يُعِيدَ لَمْ يَعْزِمْ فِي صَلَاتِهِ فِيهِ أَنَّهُ فَرَضَهُ وَكَذَلِكَ إذَا أَعَادَهَا فِي الْآخَرِ لَمْ يُخْلِصْ النِّيَّةَ لِلْفَرْضِ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَوَى أَنَّهَا صَلَاتُهُ إنْ كَانَ هَذَا الثَّوْبُ هُوَ الثَّوْبُ الطَّاهِرُ. وَنَحْوُ هَذَا لِابْنِ يُونُسَ فِي جَامِعِ الْقَوْلِ فِي الْإِمَامَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى صَلَاةً عَلَى أَنْ يُعِيدَهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا تُجْزِئَهُ. ابْنُ رُشْدٍ: وَقَوْلُ مَالِكٍ أَصَحُّ وَأَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ فَرْضُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، فَإِنْ وَجَدَ فِي الْوَقْتِ ثَوْبًا يُوقِنُ بِطَهَارَتِهِ أَعَادَ اسْتِحْبَابًا. اُنْظُرْ فِي الذَّخِيرَةِ اعْتِرَاضَهُ عَلَى ابْنِ شَاسٍ.

(بِطَهُورٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَحُكْمُ الْخَبَثِ بِالْمُطْلَقِ (مُنْفَصِلٍ كَذَلِكَ) ابْنُ عَرَفَةَ: غُسَالَةُ النَّجَاسَةِ مُتَغَيِّرَةٌ نَجِسَةٌ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: كَمَغْسُولِهَا وَغَيْرُ مُتَغَيِّرَةٍ طَاهِرَةٌ كَمَغْسُولِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا يَرِدُ بِانْتِقَالِ النَّجَاسَةِ مِنْهَا لَهَا. وَبِمَفْهُومِ الْمُدَوَّنَةِ مَا تُوُضِّئَ بِهِ لَا يُنَجِّسُ ثَوْبًا أَصَابَهُ إنْ كَانَ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ أَوَّلًا

ص: 234

طَاهِرًا.

وَفِي الْعَارِضَةِ النَّجَاسَةِ إذَا كَثُرَتْ بِالْمَاءِ كَانَ الْحُكْمُ لِلْمَاءِ لَا لَهَا، فَكَفٌّ مِنْ مَاءٍ أَكْثَرُ مِنْ نُقْطَةٍ مِنْ مَذْيٍ انْتَهَى. وَانْظُرْ أَوَّلَ الْكَافِي لِأَبِي عُمَرَ.

(وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ) الْعَارِضَةُ: قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَطْهُرُ الثَّوْبُ حَتَّى يُعْصَرَ، وَلَا الْإِنَاءُ حَتَّى يَسْتَقْصِيَ فِي إزَالَةِ الرُّطُوبَةِ عَنْهُ. وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: يَطْهُرُ وَهُوَ

ص: 235

الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ نَجَاسَةٌ كَاثَرَهَا الْمَاءُ فَحُكِمَ بِطَهَارَتِهَا، وَلِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ مِنْ الْمَاءِ عَنْ الْمَحَلِّ جُزْءٌ مِنْ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلُ طَاهِرٌ فَالْمُتَّصِلُ مِثْلُهُ. (مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: بَقَاءُ الطَّعْمِ مُعْتَبَرٌ.

(لَا لَوْنٍ وَرِيحٍ عَسُرَا) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اللَّوْنُ وَالرِّيحُ إنْ عَسُرَا لَغْوٌ.

وَرَوَى مُحَمَّدٌ إنْ طَهُرَ مَا صُبِغَ بِبَوْلٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَتَرْكُ الصَّبْغِ بِهِ أَحَبُّ إلَيَّ. الْكَافِي لَا يَضُرُّ لَوْنُ الدَّمِ إذَا ذَهَبَ عَيْنُهُ وَبَقِيَ أَثَرُهُ. وَلِعِزِّ الدِّينِ: وَلَا يَلْزَمُ فِي إزَالَةِ مَا يَبْقَى مِنْ أَثَرِ النَّجَاسَةِ بِالْعَقَاقِيرِ إذْ لَا يَضُرُّ الْأَثَرُ. قَالَ: وَأَمَّا الْأَدْهَانُ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنْ كَانَتْ غَلِيظَةً

ص: 236

جَامِدَةً تَمْنَعُ مُلَاقَاةَ الْمَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ صَحَّتْ الطَّهَارَةُ. (وَالْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ نَجِسَةٌ)

ص: 237

تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: " مُنْفَصِلٌ كَذَلِكَ ".

(وَلَوْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ لَمْ يَتَنَجَّسْ مُلَاقِي مَحَلِّهَا) ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِمُضَافٍ أَوْ قِلَاعٍ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ رَطْبٌ بِمَحَلِّهَا.

وَقَالَهُ

ص: 238

الشَّيْخُ التُّونِسِيُّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ.

(وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ) الْقَبَّابُ: النَّضْحُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ اسْتِحْبَابٌ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: اشْتِغَالُ عُمَرَ بِالنَّضْحِ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ يَدُلُّ

ص: 239

عَلَى وُجُوبِهِ.

(وَإِنْ تَرَكَ أَعَادَ الصَّلَاةَ كَالْغَسْلِ) ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ شَكَّ هَلْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَمْ لَا وَصَلَّى نَاسِيًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَعَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَعَادَ أَبَدًا. أَبُو عُمَرَ: النَّضْحُ لَا يُطَهِّرُ نَجَاسَةً وَإِنَّمَا هُوَ لِقَطْعِ الْوَسْوَسَةِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فِي النَّضْحِ نُكْتَةٌ بَدِيعَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْغَسْلَ شُرِعَ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَعَ ضَرْبٍ مِنْ التَّعَبُّدِ،

ص: 241

وَالنَّضْحُ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ لِإِزَالَةٍ فِيهِ فَتَرْكُهُ تَرْكُ فَرْضٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ. (وَهُوَ رَشٌّ بِالْيَدِ) الْقَابِسِيُّ: يَرُشُّ مَوْضِعَ الشَّكِّ بِيَدِهِ رَشَّةً وَاحِدَةً وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ وَإِنْ رَشَّهُ بِفِيهِ أَجْزَأَهُ. عِيَاضٌ: لَعَلَّهُ بَعْدَ غَسْلِ فِيهِ مِنْ بُصَاقِهِ وَإِلَّا كَانَ مُضَافًا. عِيَاضٌ: وَفَائِدَةُ النَّضْحِ إنْ وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلَّةٌ فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ النَّضْحِ فَتَطْمَئِنُّ نَفْسُهُ بِالْمَاءِ.

وَفِي الْجَلَّابِ: إنْ شَكَّتْ هَلْ أَصَابَ ثَوْبَهَا شَيْءٌ مِنْ دَمِ حَيْضَتِهَا فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا نَضَحَتْهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا. أَبُو عُمَرَ: فِي حَدِيثِ مُلَيْكَةَ نُضِحَ الْحَصِيرُ لِشَكِّ نَجَاسَتِهِ إنْ تَطَيَّبَ النَّفْسُ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِي ثَوْبِ الْمُسْلِمِ وَأَرْضِهِ وَجِسْمِهِ الطَّهَارَةُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِالنَّجَاسَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ وَالنَّضْحُ لِمَنْ قَالَ بِهِ قَطْعٌ لِلْوَسْوَسَةِ وَحَزَازَاتِ النَّفْسِ. وَقِيلَ: النَّضْحُ لَا يَزِيدُ إلَّا نَشْرًا (بِلَا نِيَّةٍ) ابْنُ مُحْرِزٍ: وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ. ابْنُ بَشِيرٍ: هُوَ الْقِيَاسُ أَوْ لِأَنَّ النَّضْحَ

ص: 242

تَعَبُّدٌ وَالتَّعَبُّدُ مُفْتَقِرٌ إلَى النِّيَّةِ.

(لَا إنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ) الْبَاجِيُّ: وَإِنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ شَيْءٌ لَا يَدْرِي أَطَاهِرٌ هُوَ أَمْ نَجِسٌ فَلَيْسَ فِيهِ نَضْحٌ وَلَا غَيْرُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُنْضَحُ. الْقَرَافِيُّ: قِيلَ: لَا نَضْحَ إذَا شَكَّ فِي الْمُصِيبِ لِأَنَّ الِاسْتِقْذَارَ سَبَبٌ وَالْإِصَابَةَ شَرْطٌ، وَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِسَبَبِهِ أَقْوَى مِنْ تَعَلُّقِهِ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ وُجُودُ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الشَّرْطِ، وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ: مَنْ اغْتَسَلَ بِمَاءِ بِئْرٍ مَاتَ فِيهَا قِطٌّ يَنْضَحُ مِنْ ثِيَابِهِ مَا أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَأَعَادَ

ص: 243

غَسْلَهُ وَلَا يُعِيدُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا مَا هُوَ فِي وَقْتِهِ، وَلَا يَأْكُلُ مَا بَقِيَ مِنْ الْخُبْزِ الْمَعْجُونِ بِذَلِكَ الْمَاءِ. (أَوْ فِيهِمَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ شَكَّ فِيهِمَا فَلَا نَضْحَ. وَانْظُرْ لِقَصْدِهِ اسْتِيفَاءَ الْفُرُوعِ نَصَّ عَلَى هَذَا: وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ لَهُ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ فِي الْخِيَارِ:" أَوْ مُنَازَعَةً ".

(وَهَلْ الْجَسَدُ كَالثَّوْبِ أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ خِلَافٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَشْهُورُ لُزُومُ غَسْلِ الْجَسَدِ، وَلِلْمَازِرِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُنْضَحُ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا خَشِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَذْيُ أَصَابَ أُنْثَيَيْهِ غَسَلَهُمَا بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَالْحَصِيرِ يَشُكُّ هَلْ أَصَابَهُمَا نَجَاسَةُ تِلْكَ تُنْضَحُ انْتَهَى. اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ جَعَلَ الْحَصِيرَ كَالثَّوْبِ فَانْظُرْ لَوْ شَكَّ فِي الْبُقْعَةِ هَلْ هِيَ كَالْجَسَدِ أَوْ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهَا تُغْسَلُ لِيُسْرِ الِانْتِقَالِ؟ اُنْظُرْ التَّرَدُّدَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ.

ص: 244

(وَاذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجِسٍ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجَسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِلَّا فَبِجَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ ". ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالطُّرْطُوشِيُّ: اشْتِبَاهُ إنَاءِ بَوْلٍ كَمُتَنَجِّسٍ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَإِنْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ وَلَا مَاءَ غَيْرَهُمَا تَوَضَّأَ وَصَلَّى بِعَدَدِ النَّجَسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَاحِدٍ. زَادَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: وَيَغْسِلُ أَعْضَاءَهُ مِنْ الثَّانِي. الْبَاجِيُّ: وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْمَاءَ الثَّانِي إذَا غَلَبَ عَلَى آثَارِ الْمَاءِ الْأَوَّلِ فِي الْأَعْضَاءِ صَارَ لَهُ حُكْمُ نَفْسِهِ، فَإِمْرَارُ الْيَدِ مَعَهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُجْزِئُ مِنْ الْوُضُوءِ بِهِ. التُّونِسِيُّ: خَلْطُ الْمَاءِ بِالسِّدْرِ يُضِيفُهُ وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَى الْجَسَدِ بَعْدَ حَكِّهِ بِالسِّدْرِ لَا يُضِيفُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَلَى هَذَا يَطْهُرُ الثَّوْبُ النَّجَسُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ بَعْدَ

ص: 247

طَلْيِهِ بِالصَّابُونِ اُنْظُرْ فِيهِ بَحْثَهُ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَانْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَالدَّلْكُ ".

(وَنُدِبَ غَسْلُ إنَاءِ مَاءٍ وَيُرَاقُ لَا طَعَامٍ وَحَوْضٍ سَبْعًا تَعَبُّدًا بِوُلُوغِ كَلْبٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَا وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ مِنْ لَبَنٍ أَوْ طَعَامٍ أُكِلَ وَلَا يُغْسَلُ مِنْهُ الْإِنَاءُ، وَإِنْ كَانَ يُغْسَلُ سَبْعًا لِلْحَدِيثِ فَفِي الْمَاءِ وَحْدَهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ:

ص: 253

يُطْرَحُ الْمَاءُ وَيُؤْكَلُ اللَّبَنُ: «وَوَرَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَوْضٍ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْكِلَابَ تَلَغُ فِي هَذَا الْحَوْضِ. فَقَالَ: لَهَا مَا أَخَذَتْ فِي بُطُونِهَا وَلَنَا مَا بَقِيَ شَرَابٌ وَطَهُورٌ» . الْبَاجِيُّ وَالْمَازِرِيُّ: وَغَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ تَعَبُّدٌ. عِيَاضٌ: طَرَدَ بَعْضُهُمْ الْغَسْلَ حَتَّى إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ (مُطْلَقًا) الْبَاجِيُّ: فِي خُصُوصِ الْغَسْلِ بِالْمَنْهِيِّ عَنْ اتِّخَاذِهِ رِوَايَتَانِ (لَا غَيْرِهِ) فِي التَّفْرِيعِ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ

ص: 257

نَفْيُ الْغَسْلِ سَبْعًا مِنْ وُلُوغِ الْخِنْزِيرِ. (عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ) نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا يُغْسَلُ الْإِنَاءُ عِنْدَ إرَادَةِ اسْتِعْمَالِهِ كَالْوُضُوءِ لَا يَجِبُ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ الْإِنْسَانِ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ غَسْلُ سَائِرِ الْأَنْجَاسِ. (بِلَا

ص: 258

نِيَّةٍ) الْبَاجِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ: لَا يَفْتَقِرُ غَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ لِنِيَّةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ. فِيهِ عَلَى التَّعَبُّدِ نَظَرٌ (وَلَا تَتْرِيبٍ) فِي الصَّحِيحِ «وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» . عِيَاضٌ: حُجَّتُنَا أَنَّ التَّعْفِيرَ لَيْسَ فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ. (وَلَا يَتَعَدَّدُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ أَوْ كِلَابٍ) الْمَازِرِيُّ: لَا نَصَّ فِي تَكْرَارِ الْغَسْلِ بِتَعَدُّدِ الْكِلَابِ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُهُ.

ص: 259