الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَاب فِي أَحْكَامِ النَّجَاسَاتِ] [
فَصَلِّ تَمْيِيز الْأَعْيَان الطَّاهِرَة عَنْ النَّجِسَة]
(فَصْلٌ) ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ النَّجَاسَاتِ وَفِيهِ فُصُولٌ فِي تَمْيِيزِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ عَنْ النَّجِسَةِ، وَفِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ (الطَّاهِرُ مَيْتُ مَا لَا دَمَ لَهُ) التَّلْقِينُ: مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً كَالزُّنْبُورِ وَالْعَقْرَبِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَالصِّرَارِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَشَبَهِ ذَلِكَ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ دَوَابِّ الْبَحْرِ لَا يَنْجَسُ فِي
نَفْسِهِ وَلَا يَنْجَسُ مَا مَاتَ فِيهِ مِنْ مَائِعٍ أَوْ مَاءٍ، وَكَذَلِكَ ذُبَابُ الْعَسَلِ وَالْبَاقِلَّاءُ وَدُودِ الْخَلِّ عِيَاضٌ: فِي قَوْلِ التَّلْقِينِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنْ لَا يُؤْكَلَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ إذَا كَانَ مُخْتَلِطًا بِالطَّعَامِ وَغَالِبًا عَلَيْهِ وَإِنْ تَمَيَّزَ الطَّعَامُ مِنْهُ أُكِلَ الطَّعَامُ دُونَهُ إذْ لَا يُؤْكَلُ الْخَشَاشُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَّا بِذَكَاةٍ الْبَاجِيُّ: مَا لَا دَمَ فِيهِ وَلَا دَمَ لَهُ كَالْخُنْفُسَاءِ لَا يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ إلَّا أَنَّ مَنْ احْتَاجَهُ لِدَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ ذَكَّاهُ بِمَا يُذَكِّي بِهِ الْجَرَادَ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ وَقَعَ خَشَاشٌ بِقِدْرٍ أَوْ إنَاءٍ أُكِلَ طَعَامُهُ وَتُوُضِّئَ بِمَائِهِ ابْنُ يُونُسَ: إنْ تَمَيَّزَ الْخَشَاشُ فَأُزِيلَ أَوْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَقَلَّ وَكَثُرَ الطَّعَامُ كَاخْتِلَاطِ قَمْلَةٍ بِكَثِيرِهِ.
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ، فَإِنْ بَاعَ الطَّعَامَ بَيَّنَ لِمَا يَكْرَهُ النَّاسُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا هَذَا الْخَشَاشُ وَالْخُنْفُسَاءُ وَنَحْوُهُ قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ إذَا بَاعَ
طَافِيَ الْحُوتِ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ.
(وَالْبَحْرِيُّ وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ) ابْنُ عَرَفَةَ: رَابِعُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ مَالِكٍ إنَّ الْبَحْرِيَّ وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ كَالضُّفْدَعِ وَالسُّلَحْفَاةِ وَتُرْسِ الْمَاءِ طَاهِرٌ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنَّمَا يُذْبَحُ تُرْسُ الْمَاءِ اسْتِعْجَالًا لِمَوْتِهِ وَمَا أَكْرَهُ مَوْتَهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَى النَّاسِ شَكٌّ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَبْدُ الْحَقِّ: وَأَمَّا مَيْتَةُ الضَّفَادِعِ الْبَرِّيَّةِ فَنَجِسَةٌ.
(وَمَا ذُكِّيَ) ابْنُ عَرَفَةَ: مُذَكَّى الْمَأْكُولِ طَاهِرٌ (وَجُزْؤُهُ إلَّا مُحَرَّمَ الْأَكْلِ) ابْنُ شَاسٍ: كُلُّ حَيَوَانٍ غَيْرَ الْخِنْزِيرِ يَطْهُرُ بِذَكَاتِهِ كُلُّ أَجْزَائِهِ مِنْ لَحْمٍ وَعَظْمٍ وَجِلْدٍ
ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِالْبَخُورِ بِلُحُومِ السِّبَاعِ الْمُذَكَّاةِ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا عَلَى أَعْمَالِ الذَّكَاةِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ وَتُلْبَسَ إذَا ذُكِّيَتْ، وَكَرِهَ مَالِكٌ أَكْلَهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ انْتَهَى اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ شَاسٍ مِنْ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْحِمَارَ الْأَهْلِيَّ مِثْلُهُ، وَانْظُرْ بَعْدَ هَذَا حُكْمَ الْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ.
(وَصُوفٌ وَوَبَرٌ وَزَغَبُ رِيشٍ وَشَعْرٌ وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ إنْ جُزَّتْ)
ابْنُ عَرَفَةَ: الشَّعْرُ وَالصُّوفُ وَالْوَبَرُ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ أُخِذَ مِنْ غَيْرِ قَلْعٍ مِنْ غَيْرِ مُذَكًّى طَاهِرٌ، وَكَذَا شَعْرُ الْخِنْزِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ اللَّخْمِيِّ: أَجَازَهُ مَالِكٌ لِلْخَرَّازَةِ انْتَهَى اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: مِنْ غَيْرِ قَلْعٍ وَقَدْ قَالُوا: لَا تَتَهَيَّأُ بِهِ الْخَرَّازَةُ إنْ جُزَّ، وَانْظُرْ زَغَبَ الرِّيشِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَقَصَبَةُ رِيشٍ.
(وَالْجَمَادُ وَهُوَ جِسْمٌ غَيْرُ حَيٍّ وَمُنْفَصِلٌ عَنْهُ إلَّا الْمُسْكِرَ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْجَمَادُ غَيْرَ مُنْفَصِلٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَلَا مُسْكِرٍ طَاهِرٌ.
(وَالْحَيُّ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَيَوَانُ طَاهِرٌ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ " الْخِنْزِيرُ وَالْكَلْبُ نَجَسَانِ " حَمَلَهُ
الْأَكْثَرُ عَلَى سُؤْرِهِمَا، وَرَجَّحَ أَبُو عُمَرَ نَجَاسَةَ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ.
(وَدَمْعُهُ وَعَرَقُهُ وَلُعَابُهُ وَمُخَاطُهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: الدَّمْعُ وَالْعَرَقُ وَالْبُصَاقُ وَالْمُخَاطُ كَلَحْمِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِلُعَابِ الْكَلْبِ يُؤْكَلُ صَيْدُهُ فَكَيْفَ يُكْرَهُ لُعَابُهُ؟ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: عَرَقُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ يَتْبَعُ لَحْمَهُ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِعَرَقِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّوَقِّي مِنْهُ وَانْظُرْ عَرَقَ السَّكْرَانِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: عَلَى طَهَارَتِهِ حُذَّاقُ الْمَذْهَبِ، رَجَّحَ الْمَازِرِيُّ أَيْضًا طَهَارَتَهُ قَالَ التُّونُسِيُّ: كَتَخَلُّلِ الْخَمْرِ (وَبَيْضُهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: بَيْضُ الطَّيْرِ طَاهِرٌ وَبَيْضُ سِبَاعِهِ وَالْحَشَرَاتِ كَلَحْمِهَا.
(وَلَوْ أَكَلَ نَجِسًا) ابْنُ الْقَاسِمِ: لَبَنُ الْجَلَّالَةِ طَاهِرٌ اللَّخْمِيِّ:
وَمِثْلُهُ بَيْضُهَا وَلَبَنُ شَارِبَةِ الْخَمْرِ (إلَّا الْمَذِرَ) الصِّحَاحُ: مَذِرَتْ الْبَيْضَةُ فَسَدَتْ اُنْظُرْ فِي الْبُيُوعِ أَنَّ الْبَيْضَ يُرَدُّ لِفَسَادِهِ وَيَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ وَهَذَا فَرْعُ طَهَارَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيِّ: مُرَادُهُمْ بِهَذَا الْبَيْضِ هُنَا الْبَيْضُ الْمَمْدُوقُ لَا الَّذِي هُوَ كَمَيْتَةٍ، وَمِنْ نَحْوِ هَذَا هُوَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَغْسِلُ يَدَهُ مِنْ نَتْفِ إبْطِهِ وَكَذَا يَغْسِلُ ثَوْبَهُ إنْ أَصَابَهُ مَاءُ بَيْضٍ لَهُ رِيحٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا الْغُسْلُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ مُسْتَحْسَنٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُرُوءَةِ وَالنَّظَافَةِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَطْلَقَهُ الشَّيْخُ وَعِبَارَةُ الْكَافِي: إذَا وُجِدَ فِي الْبَيْضَةِ فَرْخٌ مَيِّتٌ أَوْ دَمٌ حَرُمَ أَكْلُهَا انْتَهَى اُنْظُرْ قَدْ يَتَّفِقُ أَنْ يُوجَدَ فِي الْبَيْضَةِ نُقْطَةُ دَمٍ قِيلَ: وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ أَكْلِهَا الْجَرَادَ الذَّخِيرَةُ: فَمُقْتَضَى مُرَاعَاةِ السَّفْحِ فِي الدَّمِ لَا تَكُونُ هَذِهِ الْبَيْضَةُ
نَجِسَةً وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذَا بَحْثٌ وَمَا ظَهَرَ غَيْرُهُ.
(وَالْخَارِجَ بَعْدَ الْمَوْتِ) مَالِكٌ: الْبَيْضُ يَخْرُجُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا مِنْ مَيْتَةٍ نَجِسٌ.
(وَلَبَنُ آدَمِيٍّ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَبَنُ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ (إلَّا الْمَيِّتَ) فِي الرِّسَالَةِ: يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَبَنُ الْمَرْأَةِ فِي مَوْتِهَا وَحَيَاتِهَا سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ إنْ دَبَّ صَبِيٌّ وَهِيَ مَيْتَةٌ فَرَضَعَهَا وَقَعَتْ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَلَا يَحِلُّ اللَّبَنُ فِي ضُرُوعِ الْمَيْتَةِ قِيلَ: فَكَيْفَ أُوقِعَتْ الْحُرْمَةُ بِلَبَنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ وَلَبَنُهَا لَا يَحِلُّ؟ قَالَ: لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ لَأَشْرَبَنَّ لَبَنًا فَشَرِبَ لَبَنًا مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ أَوْ شَرِبَ لَبَنَ شَاةٍ مَيْتَةٍ أَنَّهُ حَانِثٌ اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَالْأَظْهَرُ طَهَارَتُهُ ".
(وَلَبَنُ غَيْرِهِ تَابِعٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَبَنُ الْخِنْزِيرِ نَجِسٌ وَلَبَنُ الْآدَمِيِّ وَمَأْكُولِ اللَّحْمِ طَاهِرٌ وَالْمَشْهُورُ فِي غَيْرِهِمَا التَّبَعِيَّةُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِلَبَنِ الْحِمَارَةِ ابْنُ رُشْدٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ لَا بَأْسَ بِالتَّدَاوِي بِهِ.
(وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ
مُبَاحٍ إلَّا الْمُتَغَذِّيَ بِنَجِسٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَعْرُوفُ طَهَارَةُ بَوْلِ مُبَاحِ الْأَكْلِ وَرَوْثِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مِمَّا لَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ.
(وَقَيْءٌ إلَّا الْمُتَغَيِّرَ عَنْ الطَّعَامِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: الْقَيْءُ قَيْآنِ: مَا خَرَجَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ فَهُوَ طَاهِرٌ، وَمَا تَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الطَّعَامِ فَهُوَ نَجِسٌ وَالْقَلْسُ مَاءٌ حَامِضٌ قَدْ تَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الْمَاءِ لَيْسَ بِنَجِسٍ وَلَوْ كَانَ
نَجِسًا مَا قَلَسَ رَبِيعَةُ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ: وَرُبَّمَا كَانَ طَعَامًا فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَأَصَابَهُ فِي صَلَاتِهِ تَمَادَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قَطَعَ وَتَمَضْمَضَ وَابْتَدَأَ صَلَاتَهُ، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ قَارَبَ الْقَيْءُ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ فَهُوَ نَجِسٌ اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا فِي الرُّعَافِ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَمَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ ".
(وَصَفْرَاءُ وَبَلْغَمٌ وَمَرَارَةُ مُبَاحٍ) الْقَرَافِيُّ: الْمَعِدَةُ عِنْدَنَا طَاهِرَةٌ لِعِلَّةِ الْحَيَاةِ وَكَذَا الْبَلْغَمُ وَالصَّفْرَاءُ وَمَرَارَةُ مَا يُؤْكَلُ كُلُّ لَحْمِهِ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الطِّبِّ أَنَّهُ يَنْصَبُّ إلَى الْمَعِدَةِ عِنْدَ الْجُوعِ
الشَّدِيدِ دَمٌ أَحْمَرُ مِنْ الْكَبِدِ فَيُغَذِّيهَا.
(وَدَمٌ لَمْ يُسْفَحْ) اللَّخْمِيِّ: إنْ لَمْ يَظْهَرْ الدَّمُ أُكِلَ اتِّفَاقًا كَشَاةٍ شُوِيَتْ قَبْلَ تَقْطِيعِهَا، وَإِذَا قُطِّعَتْ فَظَهَرَ الدَّمُ فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: حَرَامٌ وَحَمَلَ الْإِبَاحَةَ فِيهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِأَنَّ قَطْعَهُ مِنْ الْعُرُوقِ حَرَجٌ وَقَالَ مَرَّةً: حَلَالٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] فَلَوْ قُطِّعَ اللَّحْمُ عَلَى هَذَا بَعْدَ إزَالَةِ الْمَسْفُوحِ لَمْ يَحْرُمْ وَجَازَ أَكْلُهُ بِانْفِرَادِهِ.
وَفِي الْقَبَسِ: قَوْلُهُ {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] يَقْتَضِي تَحْلِيلَ مَا خَالَطَ الْعُرُوقَ وَجَرَى عِنْدَ تَقْطِيعِ اللَّحْمِ سَفَحَ هَرَقَ ابْنُ يُونُسَ: الْفَرْقُ بَيْنَ قَلِيلِ الدَّمِ وَكَثِيرِهِ أَنَّ كُلَّ مَا حَرُمَ أَكْلُهُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ بِهِ وَإِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] فَدَلَّ أَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ مَسْفُوحًا حَلَالٌ طَاهِرٌ وَذَلِكَ
لِلضَّرُورَةِ الَّتِي تَلْحَقُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ إذْ لَا يَخْلُو اللَّحْمُ وَإِنْ غُسِلَ أَنْ يَبْقَى فِيهِ دَمٌ يَسِيرٌ، وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَوْ حُرِّمَ قَلِيلُ الدَّمِ لَتَتَبَّعَ النَّاسُ مَا فِي الْعُرُوقِ، وَلَقَدْ كُنَّا نَطْبُخُ اللَّحْمَ وَالْمَرَقَةُ تَعْلُوهَا الصُّفْرَةُ، وَلِذَلِكَ فُرِّقَ بَيْنَ قَلِيلِ الدَّمِ وَبَيْنَ قَلِيلِ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ لِأَنَّ قَلِيلَ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ حَرَامٌ أَكْلُهَا وَشُرْبُهَا.
(وَمِسْكٌ وَفَأْرَتُهُ) اللَّخْمِيِّ: اتَّفَقُوا عَلَى طَهَارَةِ الْمِسْكِ وَإِنْ كَانَ خُرَاجَ حَيَوَانٍ لِاتِّصَافِهِ
بِنَقِيضِ عِلَّةِ النَّجَاسَةِ إسْمَاعِيلُ: فَأْرَةُ الْمِسْكِ مَيْتَةٌ طَاهِرَةٌ الْبَاجِيُّ: إجْمَاعًا لِانْتِقَالِهَا عَنْ الدَّمِ كَالْخَمْرِ لِلْخَلِّ.
(وَزَرْعٌ بِنَجِسٍ) ابْنُ يُونُسَ: الْقَمْحُ النَّجِسُ يُزْرَعُ فَيَنْبُتُ هُوَ طَاهِرٌ وَكَذَلِكَ الْمَاءُ النَّجِسُ يُسْقَى بِهِ شَجَرٌ أَوْ بَقْلٌ فَالثَّمَرَةُ وَالْبَقْلُ طَاهِرَتَانِ.
(وَخَمْرٌ تَحَجَّرَ) ابْنُ بَشِيرٍ: مَا تَحَجَّرَ بِآنِيَةِ خَمْرٍ كَعَرَقِ السَّكْرَانِ الْمَازِرِيُّ: وَقَعَ اضْطِرَابٌ فِي الطَّرْطَرِ هَلْ هُوَ طَاهِرٌ (أَوْ خُلِّلَ) ابْنُ رُشْدٍ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْخَمْرَ نَجِسَةٌ وَإِذَا
تَخَلَّلَتْ مِنْ ذَاتِهَا طَهُرَتْ، ابْنُ زَرْقُونٍ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ تَحْرِيمَ تَخْلِيلِهَا.
وَرَوَى أَشْهَبُ الْإِبَاحَةَ، فَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمَالِكٍ قَوْلَانِ فِي أَكْلِهَا إذَا خُلِّلَتْ مَبْنِيَّانِ عَلَى النَّهْيِ هَلْ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَمْ لَا.
(وَالنَّجَسُ مَا اُسْتُثْنِيَ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى كُلِّ مُسْتَثْنًى (وَمَيْتُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ) ابْنُ عَرَفَةَ: مَيْتَةُ بَرِّيٍّ ذِي نَفْسٍ سَائِلَةٍ غَيْرَ إنْسَانٍ كَالْوَزَغِ نَجِسٌ (وَلَوْ قَمْلَةً) ابْنُ بَشِيرٍ: الْبُرْغُوثُ لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً فَلَا يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ إلَّا أَنْ يَجْتَلِبَ دَمًا فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَعَلَى هَذَا يَجْرِي قَتْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْقَمْلَةِ فَلَا تُقْتَلُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا تُلْقَى فِيهِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ فِي بُرْغُوثٍ وَقَعَ فِي ثَرِيدٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤْكَلَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ
يَنْجَسَ إذَا كَانَ فِيهِ دَمٌ الْبُرْزُلِيِّ: اُسْتُخِفَّ ابْنُ عَرَفَةَ جِلْدُ الْقَمْلَةِ.
(وَآدَمِيًّا وَالْأَظْهَرُ طَهَارَتُهُ) ابْنُ رُشْدٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ بَنِي آدَمَ لَيْسَ بِنَجِسٍ، وَقَالَهُ سَحْنُونَ وَابْنُ الْقَصَّارِ وَأَخَذَهُ اللَّخْمِيِّ مِنْ قَوْلِهَا يُكْرَهُ وَضْعُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يَنْجَسُ وَأَخَذَهُ اللَّخْمِيِّ مِنْ قَوْلِهَا لَبَنُ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ
نَجِسٌ.
(وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ وَمَيِّتٍ مِنْ قَرْنٍ وَعَظْمٍ وَظِلْفٍ وَعَاجٍ وَظُفُرٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كُلُّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ بَعْدَ مَوْتِهَا مِثْلُ صُوفِهَا، وَكَرِهَ الْقَرْنَ وَالْعَظْمَ وَالظِّلْفَ وَالسِّنَّ مِنْهَا، وَرَآهُ مَيْتَةً وَكَرِهَ أَخْذَ الْقَرْنِ مِنْهَا فِي الْحَيَاةِ أَيْضًا، وَكَرِهَ الِادِّهَانَ فِي أَنْيَابِ الْفِيلِ وَالْمَشْطَ بِهَا وَالتِّجَارَةَ فِيهَا، وَلَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ مِنْ عِظَامِ الْمَيْتَةِ وَلَا يُوقَدُ بِهَا لِطَعَامٍ وَلَا لِشَرَابٍ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَفْسُدْ الشَّرَابُ وَالطَّعَامُ إلَّا أَنْ يَشْوِيَ عَلَيْهَا خُبْزًا أَوْ لَحْمًا لِأَنَّ وُدْكَ الْعِظَامِ يُنَجِّسُهُ وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُحَرِّمَ مِنْهَا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ خَصَّتْ الِانْتِفَاعَ بِالْجِلْدِ وَبَقِيَ مَا سِوَاهُ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ، خَلَا أَنَّ مَالِكًا كَرِهَهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ لِلْخِلَافِ ابْنُ الْمَوَّازِ: كَرِهَ مَالِكٌ الْأَدْهَانَ فِي أَنْيَابِ الْفِيلِ وَعِظَامِ الْمَيْتَةِ وَالْمَشْطِ بِهَا وَبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا وَلَمْ يُحَرِّمْهُ، لِأَنَّ رَبِيعَةَ وَعُرْوَةَ وَابْنَ شِهَابٍ أَجَازُوا ذَلِكَ
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ: لَا بَأْسَ بِتِجَارَةِ الْعَاجِ ابْنُ يُونُسَ: وَجْهُ إجَازَتِهِمْ الْمَشْطَ بِهَا قِيَاسًا عَلَى جِلْدِهَا ابْنُ رُشْدٍ: كَرِهَ مَالِكٌ أَخْذَ الْقَرْنِ حَالَ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الصُّوفَ فِي أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْمَوْتُ وَلَا يُؤْلِمُ الْبَهِيمَةَ أَخْذُهُ حَالَ الْحَيَاةِ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَمَا قُطِعَ مِنْ طَرَفِ الْقَرْنِ وَالظِّلْفِ مَا لَمْ يُؤْلِمْ الْحَيَّ وَلَا يَنَالُهُ لَحْمٌ وَلَا دَمٌ فَهُوَ حَلَالٌ، أُخِذَ مِنْهَا حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً انْتَهَى وَأَتَى بِهِ ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّهُ فِقْهُ مُسْلِمٍ وَلِمَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيِّ قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ يَجْرِي مَا قُصَّ مِنْ الظُّفُرِ إذَا قُطِعَ مِنْ الْأَنَامِلِ الْبُرْزُلِيِّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْ صَرَّ أَظْفَارَهُ فِي طَرَفِهِ وَصَلَّى بِهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَظْفَارِهِ نَجَاسَةٌ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَأَنْيَابُ الْفِيلِ كَالْقُرُونِ لَا كَالْعِظَامِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: الْعِظَامُ كُلُّهَا تَطْهُرُ بِالصَّلْقِ وَقَدْ جَعَلَ التُّونُسِيُّ طَرَفَ الْقَرْنِ كَالرِّيشِ.
(وَقَصَبِ رِيشٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي رِيشِ الْمَيْتَةِ طُرُقٌ وَرَوَى الْبَاجِيُّ مَا لَهُ سِنْخٌ فِي اللَّحْمِ مِثْلُهُ وَمَا لَا كَالزَّغَبِ طَاهِرٌ ابْنُ عَلَاقٍ: رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ يَجُوزُ بَيْعُ رِيشِ الْمَيْتَةِ الَّذِي لَهُ سِنْخٌ يَكُونُ فِيهِ الدَّمُ السِّنْخُ الْأَصْلُ وَأَسْنَاخُ الْأَسْنَانِ أُصُولُهَا، وَسَنَخَ فِي الْعِلْمِ رَسَخَ فِيهِ.
(وَجِلْدٍ وَلَوْ دُبِغَ) ابْنُ رُشْدٍ: أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: إنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ يُطَهِّرُهُ الدِّبَاغُ فَيُبَاعُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ، وَفِي الصَّلَاةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَالْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ لَا يُطَهِّرُهُ الدِّبَاغُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ دُبِغَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (وَرُخِّصَ فِيهِ مُطْلَقًا إلَّا
مِنْ خِنْزِيرٍ بَعْدَ دَبْغِهِ فِي يَابِسٍ وَمَاءٍ) ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ لَا يُطَهِّرُهُ الدِّبَاغُ، إلَّا لِلْمَنَافِعِ دُونَ الصَّلَاةِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ، الْآتِي مِنْهَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الَّذِي يَطْهُرُ
بِذَلِكَ جَمِيعُ الْجُلُودِ إلَّا جُلُودَ الدَّوَابِّ وَجُلُودَ الْخِنْزِيرِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الضَّحَايَا وَإِذَا دُبِغَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ فَقَطْ.
(وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ الْمَوَّازِ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ، وَكَذَا فَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ قَالَ: كَرِهَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: كَرِهَ مَالِكٌ الْقَرْنَ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: نَابُ الْفِيلِ كَالْقَرْنِ انْتَهَى فَمُقْتَضَى نُصُوصِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْعَاجَ وَأَطْرَافَ الْقُرُونِ وَأَطْرَافَ الْأَظْفَارِ الْأَمْرُ فِيهَا قَرِيبٌ قُصَارَى مَا فِي ذَلِكَ الْكَرَاهَةُ، وَكَذَلِكَ مَا لَهُ سِنْخٌ
مِنْ زَغَبِ الرِّيشِ تَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ بِجَوَازِ بَيْعِهِ فَعَلَى هَذَا الْأَمْرُ فِيهِ سَهْلٌ بِالنِّسْبَةِ لِرِيشِ السِّهَامِ فَلَا يَلْزَمُ الرَّامِي نَزْعُ كِنَانَتِهِ عِنْدَ الصَّلَاةِ.
(وَالتَّوَقُّفُ فِي الْكِيمَخْتِ) ابْنُ رُشْدٍ: الْكِيمَخْتُ جُلُودُ الْحَمِيرِ وَقِيلَ: جُلُودُ الْخَيْلِ كِلَاهُمَا لَا يُؤْكَلُ عِنْدَ مَالِكٍ فَلَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِي لُحُومِهِمَا وَلَا يُطَهِّرُ الدِّبَاغُ جُلُودَهُمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: وَقَفَ مَالِكٌ عَنْ الْجَوَابِ فِي الْكِيمَخْتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: اسْتَحَبَّ مَالِكٌ تَرْكَهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ.
وَفِي
الْعُتْبِيَّةِ: مَا زَالَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِالسُّيُوفِ وَفِيهَا الْكِيمَخْتُ ابْنُ رُشْدٍ: رَأْيُ مَالِكٍ الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ بِهِ مِنْ التَّعَمُّقِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي.
(وَمَنِيٌّ) أَبُو عُمَرَ: الْمَنِيُّ نَجِسٌ لِمَجْرَى الْبَوْلِ ابْنُ شَاسٍ: وَقِيلَ لِأَصْلِهِ وَعَلَيْهِمَا مَنِيُّ الْمُبَاحِ وَغَيْرُهُ.
(وَمَذْيٌ وَوَدْيٌ وَقَيْحٌ وَصَدِيدٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَالْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ
نَجِسٌ.
(وَرُطُوبَةُ فَرْجٍ) عِيَاضٌ: مَاءُ الْفَرْجِ وَرُطُوبَتُهُ عِنْدَنَا نَجِسَانِ.
(وَدَمٌ مَسْفُوحٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: مَسْفُوحُ
الدَّمِ نَجِسٌ وَقَالَ عِزُّ الدِّينِ: وَيَجِبُ غَسْلُ مَحَلِّ الذَّكَاةِ بِالْمَاءِ انْتَهَى وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: يَجِبُ أَنْ يَرْفَعَ بِأَنْفِ الْبَهِيمَةِ لِيَخْرُجَ الدَّمُ الْمَسْفُوحُ (وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ) ابْنُ يُونُسَ: الدَّمُ عِنْدَ مَالِكٍ كُلُّهُ سَوَاءٌ دَمُ حَيْضٍ أَوْ سَمَكٍ أَوْ ذُبَابٍ أَوْ غَيْرِهِ، يُغْسَلُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيِّ دَمَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ
سَائِلَةً عَلَى افْتِقَارِهِ لِلذَّكَاةِ وَعَدَمِهِ (وَسَوْدَاءُ) الذَّخِيرَةُ: الدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ نَجِسَانِ.
(وَرَمَادُ نَجِسٍ وَدُخَانُهُ) اللَّخْمِيِّ: انْعِكَاسُ دُخَانِ الْمَيْتَةِ فِي مَاءٍ أَوْ طَعَامٍ يُنَجِّسُهُ الْمَازِرِيُّ: الدُّخَانُ أَشَدُّ مِنْ الرَّمَادِ ابْنُ رُشْدٍ: الْأَظْهَرُ طَهَارَتُهُمَا لِأَنَّ الْجِسْمَ الْوَاحِدَ تَتَغَيَّرُ أَحْكَامُهُ بِتَغَيُّرِ صِفَاتِهِ، اُنْظُرْ سَمَاعَ سَحْنُونٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَقَالَ أَيْضًا: لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَرِهَ دُخَانَ الْمَيْتَةِ مُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَنَا غَيْرُ نَجِسٍ.
وَقَالَ التُّونِسِيُّ: رَمَادُ الْمَيْتَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لِأَنَّهُ كَالْخَمْرِ تَصِيرُ خَلًّا وَإِنْ انْعَكَسَ دُخَانُهَا فِي الْقِدْرِ نَجِسَتْ انْتَهَى اُنْظُرْ الْمُرْتَكَ مِنْ عَظْمِ الْمَيْتَةِ قَالَ مَالِكٌ: يَجِبُ غَسْلُهُ
وَقَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَيْسَ بِنَجِسٍ الْبَاجِيُّ: هَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ.
(وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يُغْسَلُ قَلِيلُ الْبَوْلِ وَكَثِيرُهُ، وَبَوْلُ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ سَوَاءٌ، وَيُغْسَلُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلَا الطَّعَامَ.
(وَمُحَرَّمٌ وَمَكْرُوهٌ) قَالَ ابْنُ عَلَاقٍ: الَّذِي يَحْكِيهِ الْأَشْيَاخُ أَنَّ الْأَبْوَالَ تَابِعَةٌ لِلُّحُومِ وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ: بَوْلُ الْمَكْرُوهِ مَكْرُوهٌ وَنَحْوُهُ.
قَالَ الْقَاضِي وَاللَّخْمِيُّ انْتَهَى وَكَانَ ابْنُ عَلَاقٍ أَنْكَرَ الْقَوْلَ بِأَنَّ بَوْلَ الْمَكْرُوهِ نَجِسٌ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مُسَاوَاةُ بَوْلِ الْخَيْلِ لِكَثِيرِ الدَّمِ.
وَفِي الْمَسَالِكِ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي جِلْدِ الْفَرَسِ أَنَّهُ جِلْدُ حَيَوَانٍ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ ابْنُ يُونُسَ.
قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ: إنْ لَمْ تَصِلْ الْفَأْرَةُ لِنَجَاسَةٍ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهَا ابْنُ رُشْدٍ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَوْلُ الْفَأْرَةِ نَجِسًا يُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونَ: لَا يُعِيدُ لِلْخِلَافِ فِي أَكْلِهَا وَلِابْنِ الْحَاجِبِ: مَا بَالَ فِيهِ هِرٌّ وَفَأْرَةٌ مِنْ طَعَامٍ فَيُكْرَهُ أَكْلُهُ كَكَرَاهَةِ لَحْمِهَا إلَّا أَنْ يَأْكُلَا النَّجَاسَةَ ابْنُ حَبِيبٍ: بَوْلُ الْوَطْوَاطِ وَبَعْرُهُ نَجِسٌ الشَّامِلُ: وَقِيلَ: إنَّهُ
طَاهِرٌ.
(وَيَنْجُسُ كَثِيرُ طَعَامٍ مَائِعٍ بِنَجِسٍ قَلَّ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الطَّعَامَ الْمَائِعَ يَنْجُسُ بِحُلُولِ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ قَالَ فِي التَّلْقِينِ: وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ الْبَاجِيُّ: إذَا مَاتَتْ فَأْرَةٌ أَوْ نَحْوُهَا فِي كَثِيرِ زَيْتٍ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُهُ.
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: سَاوَى مَالِكٌ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْمَائِعِ وَوُجِّهَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَاءِ، وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ قَوْلُهُ عليه السلام:«خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ، وَانْظُرْ فِي الصَّيْدِ مِنْ
كِتَابِ التُّونُسِيِّ قَالَ فِي النُّقْطَةِ مِنْ الْبَوْلِ تَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الطَّعَامِ لَا تَضُرُّ.
(كَجَامِدٍ إنْ طَالَ وَأَمْكَنَ السَّرَيَانُ وَإِلَّا فَبِحَسَبِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ كَانَ الْعَسَلُ أَوْ السَّمْنُ يَعْنِي الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ جَامِدًا لَطُرِحَتْ الْفَأْرَةُ وَمَا حَوْلَهَا وَأُكِلَ مَا بَقِيَ سَحْنُونَ: إلَّا أَنْ يَطُولَ مُقَامُهَا ابْنُ يُونُسَ: مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ
يَذُوبُ فِي خِلَالِ ذَلِكَ فَلْيُطْرَحْ ذَلِكَ كُلُّهُ.
(وَلَا يَطْهُرُ زَيْتٌ خُولِطَ وَلَحْمٌ طُبِخَ وَزَيْتُونٌ مُلِّحَ وَبَيْضٌ صُلِقَ بِنَجِسٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَا مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ مِنْ عَسَلٍ أَوْ سَمْنٍ ذَائِبٍ فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُؤْكَلُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْلَفَ الْعَسَلَ النَّحْلُ وَيُسْتَصْبَحُ بِالزَّيْتِ إنْ تُحُفِّظَ مِنْهُ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ ابْنُ يُونُسَ: وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إجَازَةُ غَسْلِ الزَّيْتِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَبِذَلِكَ كَانَ يُفْتِي ابْنُ اللَّبَّادِ بِخِلَافِ شَحْمِ الْمَيْتَةِ، إذْ لَا يُسْتَطَاعُ رَفْعُ نَجَاسَتِهِ، وَالزَّيْتُ يُسْتَطَاعُ رَفْعُ نَجَاسَتِهِ ابْنُ يُونُسَ: فَافْتَرَقَا اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ: " فَافْتَرَقَا " فَكَأَنَّهُ يُرَشِّحُ جَوَازَ الْغَسْلِ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إنْ طَالَتْ إقَامَةُ الْفَأْرَةِ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا دُهْنِيَّةٌ فَلَا يَطْهُرُ، فَفَرْقٌ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الدُّهْنِيَّةِ وَالنَّجَاسَةِ الْعُضْوِيَّةِ، يُطَهِّرُ الْوَاحِدَةَ الْمَاءُ وَلَا يُطَهِّرُ الْأُخْرَى ابْنُ رُشْدٍ: الْقِيَاسُ جَوَازُ بَيْعِ الزَّيْتِ النَّجِسِ مِمَّنْ لَا يَغُشُّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الَّذِي أَرَى أَنَّ الزَّيْتَ النَّجِسَ يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ فَيَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُؤْكَلُ لَحْمٌ طُبِخَ بِمَاءٍ نَجِسٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ تَطْهِيرُهُ ابْنُ يُونُسَ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ: يُؤْكَلُ بَعْدَ غَسْلِهِ إنْ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِيهِ بَعْدَ طَبْخِهِ وَعَزَا ابْنُ رُشْدٍ هَذَا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَرَشَّحَهُ وَقَالَ: هُوَ عَيْنُ الْفِقْهِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ فِي الزَّيْتُونِ: بِمِلْحٍ فَتَقَعُ فِيهِ النَّجَاسَةُ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وُقُوعُهَا فِيهِ بَعْدَ طِيبِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ يُونُسَ غَيْرَ هَذَا ابْنُ عَرَفَةَ: رَوَى إسْمَاعِيلُ طَرْحَهُ وَخَرَّجَهُ اللَّخْمِيِّ عَلَى تَطْهِيرِ اللَّحْمِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تُؤْكَلُ بَيْضَةٌ طُبِخَتْ مَعَ أُخْرَى فِيهَا فَرْخٌ لَسَقْيِهَا إيَّاهَا اللَّخْمِيِّ: عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي تَطْهِيرِ لَحْمٍ طُبِخَ بِمَاءٍ نَجِسٍ يُؤْكَلُ السُّلَيْمَانِيَّةُ قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ صَحِيحَ الْبَيْضِ لَا يَنْفُذُهُ مَائِعٌ انْتَهَى اُنْظُرْ قَدْ رَأَيْت بَيْضًا صَحِيحًا طُبِخَ بِمَاءِ زَعْفَرَانَ فَنَفَذَهُ.
(وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ) الْبَاجِيُّ: فِي تَطْهِيرِ آنِيَةِ الْخَمْرِ يُطْبَخُ فِيهَا مَاءٌ رِوَايَتَانِ ابْنُ بَشِيرٍ: أَوَانِي الْفَخَّارِ تُسْتَعْمَلُ فِيهَا الْأَشْيَاءُ النَّجِسَةُ الْغَوَّاصَةُ كَالْخَمْرِ هَلْ تَطْهُرُ قَوْلَانِ.
وَذَلِكَ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ تَرْجِعُ إلَى الْحِسِّ وَفِي النَّوَادِرِ: فِي أَوَانِي الْخَمْرِ تُغْسَلُ وَيُنْتَفَعُ بِهَا وَلَا تَضُرُّهَا الرَّائِحَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا يُنْتَفَعُ بِالزِّقَاقِ، وَأَمَّا الْقِلَالُ فَيُطْبَخُ فِيهَا الْمَاءُ مَرَّتَيْنِ وَتُغْسَلُ مِنْ الذَّخِيرَةِ أَبُو عُمَرَ: لَا بَأْسَ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِظُرُوفِ الْخَمْرِ بَعْدَ تَطْهِيرِهَا وَغَسْلِهَا بِالْمَاءِ وَتَنْظِيفِهَا إلَّا أَنَّ الزِّقَاقَ الَّتِي بَالَغَتْهَا الْخَمْرُ وَدَاخَلَتْهَا إنْ عُرِفَ أَنَّ الْغَسْلَ لَا يَبْلُغُ مِنْهَا مَبْلَغَ التَّطْهِيرِ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا، اُنْظُرْ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ:" بِقُلَّةِ خَلٍّ فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ " اُنْظُرْ تَرْجَمَةَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ مِنْ الْمُنْتَقَى بَيْنَ مُخَالَطَةِ الْخَمْرِ لِلرُّبِّ أَوْ الْخَلِّ فَرْقٌ.
وَانْظُرْ الْفَخَّارَ الْمُحَنْتَمَ فِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ إذَا غُسِلَ قِدْرُ الطَّبْخِ مِرَارًا وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ وَيُسَخَّنُ فِيهِ الْمَاءُ لِلْغَسْلِ فَالطُّهْرُ بِهِ جَائِزٌ انْتَهَى وَهَذَا فَرْعٌ أَنَّ الْمُحَنْتَمَ يَطْهُرُ، وَانْظُرْ إذَا طُفِيَ السِّكِّينُ فِي الْمَاءِ النَّجِسِ فَقِيلَ: يُطْفَأُ مَرَّةً أُخْرَى فِي الْمَاءِ الطَّاهِرِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَكْفِي غَسْلُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يَكْفِي غَسْلُهُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ لِأَنَّ السِّكِّينَ لَا تَقْبَلُ أَجْزَاؤُهَا الْمَاءَ.
(وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: يُسْتَصْبَحُ بِالزَّيْتِ النَّجِسِ وَيُعْلَفُ الْعَسَلَ النَّحْلُ.
(لَا نَجِسٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: تَخْرِيجُ اللَّخْمِيِّ عَلَى جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِالْمُتَنَجِّسِ طَلْيُ السُّفُنِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ فَاسِدُ الْوَضْعِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَلِكَ ".
وَقَالَ التِّلْمِسَانِيُّ وَغَيْرُهُ: الْقِيَاسُ الْمُقَابِلُ لِلنَّصِّ فَاسِدُ الْوَضْعِ الْأَبْهَرِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يُوقَدَ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ إذَا تُحُفِّظَ مِنْهُ مُحَمَّدٌ: لَا يَحْمِلُ الْمَيْتَةَ لِكَلْبِهِ وَيَأْتِي بِهِ إلَيْهَا وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الَّذِي تَكُونُ بِهِ الْقُرْحَةُ أَيَغْسِلُهَا بِالْبَوْلِ وَالْخَمْرِ؟ قَالَ: إذَا نُقِّيَ ذَلِكَ بِالْمَاءِ بَعْدَ قَلْعِ ذَلِكَ وَإِنِّي لَأَكْرَهُ الْخَمْرَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قِيلَ لَهُ: فَالْبَوْلُ عِنْدَك أَخَفُّ؟ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْت الَّذِي يَشْرَبُ بَوْلَ الْإِنْسَانِ يَتَدَاوَى بِهِ؟ قَالَ: مَا أَرَى ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِبَوْلِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ أَنْ يُشْرَبَ فَقُلْت لَهُ: كُلُّ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يُشْرَبُ بَوْلُهُ؟
قَالَ: أَنْتَ قُلْت هَذَا مِنْ عِنْدِك وَلَمْ أَقُلْهَا لَك وَلَكِنَّ أَبْوَالَ الْأَنْعَامِ ابْنُ رُشْدٍ: رَأَى غَسْلَ الْجُرْحِ بِالْبَوْلِ أَخَفَّ مِنْهُ بِالْخَمْرِ وَجَازَ الِانْتِفَاعُ بِالْبَوْلِ فِي غَسْلِ الْجُرْحِ وَشَبَهِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ، وَيَحْرُمُ التَّدَاوِي بِشُرْبِ الْبَوْلِ وَفَرَّقَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ شُرْبِ أَبْوَالِ الْأَنْعَامِ وَبَيْنَ شُرْبِ أَبْوَالِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ غَيْرِهَا، وَالْقِيَاسُ إذَا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ فِي الطَّهَارَةِ أَنْ تَسْتَوِيَ فِي جَوَازِ التَّدَاوِي بِشُرْبِهَا الْبَاجِيُّ: وَقَعَ الْخِلَافُ فِي اسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ خَارِجَ الْبَدَنِ، جَوَّزَهُ مَالِكٌ وَمَنَعَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ.
وَأَمَّا أَكْلُهُ أَوْ شُرْبُهُ فَيَحْرُمُ فِي الْوَجْهَيْنِ، اُنْظُرْ آخِرَ مَسْأَلَةٍ قَبْلَ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ مِنْ الْمُنْتَقَى وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا بَأْسَ بِإِطْعَامِ مَا عُجِنَ بِمَاءٍ نَجِسٍ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ رَقِيقَهُ الْكُفَّارَ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: لَا يُطْعِمُهُمْ وَلَا يَمْنَعُهُمْ (فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ (وَآدَمِيٍّ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ عَزَّ وَابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ لِمَالِكٍ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِالنَّجَاسَةِ خَارِجَ الْبَدَنِ.
(وَلَا يُصَلَّى بِلِبَاسِ كَافِرٍ بِخِلَافِ نَسْجِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُصَلَّى بِمَا لَبِسَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ ثِيَابٍ أَوْ خِفَافٍ حَتَّى تُغْسَلَ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَإِنْ كَانَ جَدِيدًا قَالَ: وَمَا نَسَجُوهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ مَضَى الصَّالِحُونَ عَلَى هَذَا انْتَهَى بَهْرَامَ: قَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ مَا لَبِسَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ مَغِيبُهُ عَلَيْهِ وَلُبْسُهُ لَهُ وَانْظُرْ أَيْضًا قَدْ نَصُّوا أَنَّ
مَا صَنَعُوهُ مِثْلُ الْخِفَافِ فَإِنَّهُ مِثْلُ مَا نَسَجُوهُ، اُنْظُرْ اللَّخْمِيَّ وَانْظُرْ الْفَرْقَ التَّاسِعَ وَالثَّلَاثِينَ وَالْمِائَتَيْنِ تَنْتَفِعُ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَسُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ اشْتَرَى ثَوْبًا مَلْبُوسًا مِنْ السُّوقِ فَأَجَابَ: لَهُ الصَّلَاةُ بِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَرِيبَ أَمْرًا فَيَغْسِلَهُ، أَوْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ الْغَالِبُ عَلَيْهِ النَّصَارَى أَوْ يَبِيعُهُ شَارِبُ خَمْرٍ وَقَدْ لَبِسَهُ فَيَغْسِلُهُ.
مِنْ الْبُرْزُلِيُّ (وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ وَلَا بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ) اللَّخْمِيِّ: مَلْبُوسُ النَّوْمِ وَقَمِيصُ غَيْرِ الْمُصَلِّي نَجِسٌ، أَمَّا مَا يُنَامُ
فِيهِ فَلَا يُصَلِّي فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ كَانَ بَائِعُهُ مَنْ كَانَ، لِأَنَّ الشَّأْنَ قِلَّةُ التَّحَفُّظِ لِوُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ، وَأَمَّا مَا يُلْبَسُ فَإِنْ عَلِمَ بَائِعَهُ وَأَنَّهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُصَلِّي لَمْ يُصَلِّ بِهِ، اُنْظُرْ تَرْجَمَةَ بَابِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ الْكَافِرِ مِنْ اللَّخْمِيِّ، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ:" نَجَاسَةُ الْجَدِيدِ عَيْبٌ " وَمَعَ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ (إلَّا لِرَأْسِهِ) اللَّخْمِيِّ: لِبَاسُ رَأْسِ غَيْرِ الْمُصَلِّي أَخَفُّ.
(وَلَا بِمُحَاذِي فَرْجِ غَيْرِ
عَالِمٍ) اللَّخْمِيِّ: لِبَاسُ الْوَسَطِ نَجِسٌ لِقِلَّةِ مَنْ يُحْسِنُ الِاسْتِبْرَاءَ قَالَ: وَمَا شَكَّ فِي حَالِ لَابِسِهِ غُسِلَ احْتِيَاطًا قَالَ: وَنَجَاسَةُ الْجَدِيدِ عَيْبٌ.
(وَحَرُمَ اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ مُحَلَّى) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلصِّبْيَانِ الذُّكُورِ كَمَا كَرِهَهُ لِلرِّجَالِ عِيَاضٌ: هَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ لِقَوْلِهِ: كَمَا كَرِهَهُ لِلرِّجَالِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلصِّبْيَانِ عَلَى بَابِهَا فَرْقٌ فِي الْبَيَانِ بَيْنَ تَحْلِيَتِهِمْ وَأَكْلِهِمْ الْمَيْتَةَ الْبَاجِيُّ: يَكْرَهُ ذَلِكَ لِلصِّبْيَانِ دُونَ تَحْرِيمٍ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ ابْنُ يُونُسَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إبَاحَةُ لُبْسِ الصِّغَارِ الْأَسْوِرَةَ وَالْخَلَاخِلَ ذَهَبَا وَفِضَّةً وَخَفَّفَ النَّاسُ لَهُمْ لُبْسَ الْحَرِيرِ
وَالْأَشْبَهُ تَكْلِيفُ الْوَلِيِّ مَنْعَهُمْ ذَلِكَ كَمَا يُتَعَبَّدُ أَنْ تَجِدَ الصَّغِيرَةَ (وَلَوْ مِنْطَقَةً وَآلَةَ حَرْبٍ) ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: لُبْسُ الْفِضَّةِ لِلذُّكُورِ الْبَالِغِينَ حَرَامٌ إلَّا الْخَاتَمَ وَالسَّيْفَ وَالْمُصْحَفَ، وَفِي الْمِنْطَقَةِ خِلَافٌ، وَلِابْنِ شَعْبَانَ: يُزَكِّي مَا حَلَّى بِهِ الدَّرَقَةَ وَالْمِنْطَقَةَ وَجَمِيعَ الْحِرَابِ إلَّا السَّيْفَ.
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا
تُحَلَّى آلَةُ الْحَرْبِ إلَّا السَّيْفُ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا رَابِعُ الْأَقْوَالِ (إلَّا الْمُصْحَفَ وَالسَّيْفَ وَالْأَنْفَ وَرَبْطَ سِنٍّ
مُطْلَقًا) الْبَاجِيُّ: خَصَّ الْمُصْحَفَ بِالْحِلْيَةِ كَمَا خُصَّتْ الْكَعْبَةُ بِالْكُسْوَةِ ابْنُ بَشِيرٍ: وَيُحَلَّى الْمُصْحَفُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ابْنُ رُشْدٍ: وَكَذَا السَّيْفُ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَالْمُوَطَّإِ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَجُوزُ اتِّخَاذُ الْأَنْفِ وَمَا سُدَّ بِهِ مَحَلُّ سِنٍّ سَقَطَتْ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ.
(وَخَاتَمَ فِضَّةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَجُوزُ التَّخَتُّمُ بِالذَّهَبِ إلَّا لِلنِّسَاءِ، وَأَمَّا بِالْفِضَّةِ فَمُبَاحٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَإِنْ صَحَّ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ الْخَاتَمِ إلَّا لِذِي سُلْطَانٍ، فَمَعْنَاهُ
لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يَجُوزُ التَّخَتُّمُ بِالْحَدِيدِ وَلَا بِالشَّبَهِ، الْجَوْهَرِيُّ: الشَّبَهُ ضَرْبٌ مِنْ النُّحَاسِ أَبُو عُمَرَ: اُخْتُلِفَ فِي خَاتَمِ الْحَدِيدِ وَلُبْسِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَثْبُتَ النَّهْيُ.
(لَا مَا بَعْضُهُ ذَهَبٌ وَلَوْ قَلَّ) كَرِهَ مَالِكٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْعَلَ فِي فَصِّ خَاتَمِهِ مِسْمَارًا ذَهَبًا أَوْ يَخْلِطَ مَعَ فِضَّةٍ حَبَّتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ لِئَلَّا تَصْدَأَ فِضَّتُهُ ابْنُ رُشْدٍ: الْمِسْمَارُ كَالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ وَغَيْرُهُ يُجِيزُهُ فَمَنْ تَرَكَهُ أُجِرَ وَمَنْ فَعَلَهُ لَمْ يَأْثَمْ، وَأَمَّا خَلْطُ يَسِيرِ الذَّهَبِ فَهُوَ كَالْخَزِّ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ.
(وَإِنَاءُ نَقْدٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: آنِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنْ اُتُّخِذَتْ
لِلِاسْتِعْمَالِ فَجُمْهُورُ الْأَمَةِ عَلَى تَحْرِيمِهَا اللَّخْمِيِّ: وَتُكْسَرُ عَلَى مَالِكِهَا (وَاقْتِنَاؤُهُ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ لِلزِّينَةِ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ الْبَاجِيُّ: مَسَائِلُ أَصْحَابِنَا تَقْتَضِي جَوَازَ الِاتِّخَاذِ دُونَ الِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْعَهَا، وَانْظُرْ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ فِي الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَصِيَاغَةً " وَنَحْوُ هَذَا لِابْنِ يُونُسَ فِي تَرْجَمَةِ جَامِعِ مَا يَقَعُ فِي الصَّرْفِ الْمَازِرِيُّ: يُؤْخَذُ جَوَازُ الِاتِّخَاذِ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ " ظُهُورُ شَقِّهَا بَعْدَ بَيْعِهَا عَيْبٌ " عَبْدُ الْوَهَّابِ وَعِيَاضٌ عَنْ الْمَذْهَبِ: يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا وَاقْتِنَاؤُهَا انْتَهَى وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى ثِيَابَ الْحَرِيرِ الْمُعَدَّةَ لِلرِّجَالِ فِي نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ جَائِزٌ بَيْعُهَا (وَإِنْ لِامْرَأَةٍ) الْكَافِي: لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْأَوَانِي مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ وَلَا لِلنِّسَاءِ.
(وَفِي الْمَغْشِيِّ وَالْمُمَوَّهِ وَالْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلْقَةِ وَإِنَاءِ الْجَوْهَرِ قَوْلَانِ) ابْنُ سَابِقٍ: لَوْ
غُشِيَتْ آنِيَةُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِغَيْرِ ذَهَبٍ وَبِغَيْرِ فِضَّةٍ أَوْ كَانَتْ الْآنِيَةُ مِنْ غَيْرِ ذَهَبٍ وَمِنْ غَيْرِ فِضَّةٍ فَمُوِّهَتْ بِذَلِكَ أَوْ فِضَّةٍ فَقَوْلَانِ: قَالَ الْبُرْزُلِيِّ عَلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ: إذَا فُرِشَ عَلَى بِسَاطِ الْحَرِيرِ لِحَافُ صُوفٍ أَوْ كَتَّانٌ أَوْ قُطْنٌ أَجْرَيْت ذَلِكَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَغْشِيِّ، وَعَلَى مَسْأَلَةِ إذَا فُرِشَ عَلَى النَّجِسِ ثَوْبٌ طَاهِرٌ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ حَكَى لِي شَيْخُنَا الْبَطْرَنِيُّ أَنَّ سَيِّدِي الْمَرْجَانِيَّ كَانَ يَجْلِسُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْحَائِلِ، وَانْظُرْ فِي النَّوَازِلِ الْمَذْكُورَةِ الْخِلَافَ فِي تَحْلِيَةِ الْأَجَايِزِ بِالذَّهَبِ قَالَ: وَرَأَيْت أَجَايِزَ كَثِيرَةً مُمَوَّهَةً بِالذَّهَبِ وَفِيهَا الْفَوَاصِلُ، كَذَلِكَ وَفِيهَا شَهَادَاتُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا، وَكَذَلِكَ رَأَيْت شُيُوخَنَا يَفْعَلُونَ قَالَ: وَاتَّبَعْنَاهُمْ نَحْنُ اقْتِدَاءً بِهِمْ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ إذْ هِيَ مِنْ اتِّبَاعِ كَتْبِ الْمُصْحَفِ وَتَعْظِيمِهِ وَرَأَيْت خَتِيمَةً بِجَامِعِ الْقَيْرَوَانِ أَدْرَكَتْ زَمَنَ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَمَنْ بَعْدَهُ مُحْبَسَةً لِلْقِرَاءَةِ مَكْتُوبَةً كُلُّهَا بِالذَّهَبِ مُغَشَّاةً بِالْحَرِيرِ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ جُزْءًا، وَلَا تَجْتَمِعُ هَذِهِ الْقُرُونُ عَلَى ضَلَالَةٍ انْتَهَى.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبنِي أَنْ يُشْرَبَ فِي إنَاءٍ إذَا كَانَتْ فِيهِ حَلْقَةُ فِضَّةٍ أَوْ يُضَبَّبُ شُعَبُهُ بِهَا وَكَذَلِكَ الْمِرْآةُ يَكُونُ فِيهَا الْحَلْقَةُ مِنْ الْفِضَّةِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُنْظَرَ فِيهَا الْوَجْهُ حَمَلَ الْبَاجِيُّ قَوْلَ مَالِكٍ: " لَا يُعْجِبُنِي " عَلَى الْمَنْعِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: كُلُّهُ مَكْرُوهٌ ابْنُ رُشْدٍ: التَّضَبُّبُ وَالْحَلْقَةُ كَالْعَلَمِ مِنْ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ وَمَالِكٌ يَكْرَهُهُ وَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَجَازَهُ عَلَى قَدْرِ الْأَرْبَعِ أَصَابِعِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْآنِيَةُ مِنْ نَفِيسِ الْجَوْهَرِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ أَوَانِي الذَّهَبِ الْبَاجِيُّ: لَا يَتَعَدَّى التَّحْرِيمُ لَأَوَانِي الْجَوْهَرِ ابْنُ سَابِقٍ: وَتُكْرَهُ لِأَجْلِ السَّرَفِ.
(وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا) ابْنُ عَرَفَةَ: حُلِيُّ مَلْبُوسِ النِّسَاءِ وَلَوْ ذَهَبًا مُبَاحٌ وَعَنْ ابْنُ يُونُسَ: مَا يَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ لِشُعُورِهِنَّ وَأَزْرَارِ جُيُوبِهِنَّ وَأَقْفَالِ ثِيَابِهِنَّ وَمَا يَجْرِي مَجْرَى لِبَاسِهِنَّ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَلَيْسَ كَمَا يَتَّخِذْنَهُ لِلْمَرَايَا وَأَقْفَالِ الصَّنَادِيقِ وَتَحْلِيَةِ الْمِذَبَّاتِ وَالْأَسِرَّةِ وَالْمُقَرَّمَاتِ وَشَبَهِ ذَلِكَ.
(وَلَوْ نَعْلًا)
الْبُرْزُلِيِّ قَالَ أَبُو حَفْصٍ: يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ اتِّخَاذُ نِعَالٍ بِالْفِضَّةِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَا يَجُوزُ وَذَلِكَ سَرَفٌ (لَا كَسَرِيرٍ) تَقَدَّمَ مَا لِابْنِ يُونُسَ وَلَيْسَ كَمَا يَتَّخِذْنَهُ لِلْأَسِرَّةِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ لِبَاسُهَا وَفِرَاشُهَا مِنْ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ.