المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في موجبات الغسل] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ١

[محمد بن يوسف المواق]

الفصل: ‌[فصل في موجبات الغسل]

وَالْخَلَّ فِي الْحُمَّى الْوَبَائِيَّةِ، نَصَّ الْأَطِبَّاءُ أَنَّ هَذَا مِنْ مُعَالَجَةِ الْعَلِيلِ، فَهَلْ لِلصَّحِيحِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِمَا يُتَوَقَّعُ مِنْ الْحُمَّى؟ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَتَعْلِيقِ الْحِرْزِ.

[بَاب فِي الْغُسْلِ]

[فَصَلِّ فِي مُوجِبَات الْغُسْل]

فَصْلٌ ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْغُسْلِ (يَجِبُ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَنِيٍّ) ابْنُ شَاسٍ: مِنْ مُوجِبَاتِ

ص: 444

الْغُسْلِ الْجَنَابَةُ وَتَحْصُلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَبِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ (وَإِنْ بِنَوْمٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ فَوَجَدَ فِي لِحَافِهِ بَلَلًا فَإِنْ كَانَ مَنِيًّا اغْتَسَلَ، وَإِنْ كَانَ مَذْيًا غَسَلَ فَرْجَهُ ابْنُ نَافِعٍ: فَإِنْ شَكَّ فِيهِ فَلْيَغْتَسِلْ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ احْتِيَاطًا قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ مَنْ لَاعَبَ امْرَأَتَهُ فِي الْيَقِظَةِ أَوْ رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ يُجَامِعُ فَإِنْ أَمْنَى اغْتَسَلَ، وَإِنْ أَمَذَى غَسَلَ فَرْجَهُ، وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ، فِيمَا يَرَاهُ فِي الْمَنَامِ أَوْ الْيَقِظَةِ، الْبَاجِيُّ: وَسَوَاءٌ ذَكَرَ أَنَّهُ جَامَعَ فِي مَنَامِهِ أَوْ الْتَذَّ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ رَأَى الْمَنِيَّ فِي ثَوْبِهِ فَإِنَّهُ يَغْتَسِلُ لِأَنَّ الْغَالِبَ خُرُوجُهُ عَلَى وَجْهِ اللَّذَّةِ، وَانْظُرْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ حَكَى فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الطِّرَازِ: لَا يُشْتَرَطُ فِي إنْزَالِ الْمَرْأَةِ خُرُوجُ مَائِهَا لِأَنَّ عَادَتَهُ أَنْ يَنْدَفِعَ إلَى دَاخِلِ الرَّحِمِ لِيَتَخَلَّقَ مِنْهُ الْوَلَدُ، وَرُبَّمَا دَفَعَتْهُ الرَّحِمُ إلَى خَارِجٍ انْتَهَى اُنْظُرْ هَذَا مَعَ نَصِّ الْمُوَطَّأِ «قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ ثُمَّ قَالَ: مَاءُ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ» أَبُو عُمَرَ: وَإِنْكَارُ عَائِشَةَ وَأَمِّ سَلَمَةَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي النِّسَاءَ مَنْ لَا تَحْتَلِمُ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ وَهُوَ فِي النِّسَاءِ أَحْرَى.

(أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ بِلَا جِمَاعٍ) الْبَاجِيُّ: إنْ لَاعَبَ أَهْلَهُ وَوَجَدَ اللَّذَّةَ

ص: 445

الْكُبْرَى وَلَمْ يُجَامِعْ وَلَمْ يُنْزِلْ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَنْزَلَ فَلِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَغْتَسِلُ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ بِاللَّذَّةِ، وَذَلِكَ الْمُرَاعَى فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ دُونَ ظُهُورِهِ.

وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يُعِيدُ وَرَوَى هَذَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ رَأَى أَنَّهُ يَحْتَلِمُ وَلَمْ يُنْزِلْ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَنْزَلَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ.

وَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ جُنُبًا بِخُرُوجِ الْمَاءِ وَذَلِكَ بَعْدَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ الْبَاجِيُّ: وَهَذَا عِنْدِي أَظْهَرُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِ الْمَاءِ لَمْ يَجْزِهِ وَذَكَرَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْغُسْلَ وَإِعَادَةَ الصَّلَاةِ رِوَايَةً لِابْنِ وَهْبٍ قَالَ: وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ لَا غُسْلَ وَلَا إعَادَةَ صَلَاةٍ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ مُقَارِنَةٍ (أَوْ بِهِ وَلَمْ يَغْتَسِلْ) اُنْظُرْ أَنْتَ مَا مَعْنَى هَذَا، وَمِنْ ابْنِ عَرَفَةَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ

ص: 446

دُونَ لَذَّةٍ بَعْدَ تَذَكُّرٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ أَوْ مَغِيبٍ بِلَا إنْزَالٍ اغْتَسَلَ لَهُ.

ثَالِثُهَا إلَّا فِي الْمَغِيبِ انْتَهَى وَالْقَصْدُ كَشْفُ الْمَنْقُولِ، وَأَمَّا تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ أَعْنِي تَنْزِيلَ الْمَنْقُولِ عَلَى لَفْظِ الْمُؤَلِّفِ فَمَا غَيْرِي بِدُونِيِّ فِي ذَلِكَ (لَا بِلَا لَذَّةٍ) اُنْظُرْ عَلَى مَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فِيمَنْ تَقَدَّمَتْهُ لَذَّةٌ ثُمَّ بَعْدَ سُكُوتِهَا

ص: 447

خَرَجَ الْمَنِيُّ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَعَلَى تَعْلِيلِ الْبَاجِيِّ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِأَنَّ الْمَنِيَّ انْفَصَلَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ فَيَقْتَضِي هَذَا كُلُّهُ أَنَّ الْمَنِيَّ إذَا خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَلَا مُصَاحِبَةٍ أَنَّهُ لَا غُسْلَ.

وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ فُقِدَتْ اللَّذَّةُ الْمُعْتَادَةُ وَغَيْرُ الْمُعْتَادَةِ وَلَمْ تَكُنْ مُقَارِنَةً وَلَا سَابِقَةً فَهَاهُنَا قَوْلَانِ، الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ (أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ) اُنْظُرْ هُنَا فُرُوعًا ثَلَاثَةً: الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: مَنْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَأَمْنَى أَوْ ضُرِبَ بِسَيْفٍ

قَالَ سَحْنُونَ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ لَذَّةً، وَمُقْتَضَى مَا لِابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهَا لَذَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ حَكَّ جَرَبًا فَأَمْنَى.

الْفَرْعُ الثَّانِي: لَذَّةٌ المتساحقتين نَصَّ سَحْنُونَ أَنَّ مَنْ أَنْزَلَتْ مِنْهُمَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ الْفَرْعُ الثَّالِثُ: الْمُنْزِلُ لِلَّذَّةِ الْحَكَّةُ أَوْ الْمُسَاحَقَةُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: هِيَ لَذَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ كَلَذَّةِ مَنْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ، وَفِي الْغُسْلِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَانِ.

وَقَالَ سَحْنُونَ فِي الْمُنْزِلِ لِحَكَّةٍ: هُوَ مِثْلُ المتساحقتين قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُمَا يَجِدَانِ لَذَّةً، وَضَعَّفَ اللَّخْمِيِّ الْقَوْلَ الْآخَرَ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ خَلِيلٍ.

(وَيَتَوَضَّأُ كَمَنْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ) مِنْ سَمَاعِ عِيسَى: مَنْ جَامَعَ وَلَمْ يُنْزِلْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ الْمَاءُ الدَّافِقُ بَعْدَ أَنْ اغْتَسَلَ يَتَوَضَّأُ وَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، ابْنُ رُشْدٍ: وَجْهُ تَرْكِ الْغُسْلِ أَنَّ هَذَا الْمَاءَ قَدْ كَانَ اغْتَسَلَ لَهُ، وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ مَاءٌ خَرَجَ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ إذْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ لَذَّةٌ فَأَشْبَهَ مَنْ ضُرِبَ بِسَيْفٍ، وَقَدْ قِيلَ أَيْضًا: إنَّ عَلَيْهِ الْغُسْلَ الْبَاجِيُّ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَعْنِي الْقَوْلَ بِالْغُسْلِ يُخْتَلَفُ هَلْ يُعِيدُ الصَّلَاةَ؟ انْتَهَى.

فَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فَكَانَ خَلِيلٌ فِي غِنًى عَنْ قَوْلِهِ: " وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ " وَانْظُرْ مَنْ خَرَجَ بَقِيَّةُ مَنِيِّهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَسَوَاءٌ بَالَ أَمْ لَا قَالَ مَالِكٌ: يَغْسِلُ مَخْرَجَ الْبَوْلِ وَيَتَوَضَّأُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ اُنْظُرْ خُرُوجَ مَاءِ الرَّجُلِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ غُسْلِهَا، رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ بَوْلِهَا.

(وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ مَغِيبُ حَشَفَةِ غَيْرِ

ص: 448

خُنْثَى أَوْ مِثْلِهَا وَمِنْ مَقْطُوعِهَا فِي دُبُرِ أَوْ قُبُلِ غَيْرِ خُنْثَى وَلَوْ مِنْ بَهِيمَةٍ مَاتَتْ عَلَى مَنْ هِيَ مِنْهُ أَوْ غَابَتْ فِيهِ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ ذَاهِبًا عَقْلُهُ أَبُو عُمَرَ: فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ فُعِلَ بِهِ مِنْ آدَمِيٍّ بَالِغٍ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، سَوَاءٌ كَانَ عَاصِيًا لَهُ بِفِعْلِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَاصِي مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ الْمَازِرِيُّ: وَتَتَخَرَّجُ حَشَفَةُ الْخُنْثَى وَفَرْجُهُ عَلَى الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ اللَّخْمِيِّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ: بَعْضُ الْحَشَفَةِ لَغْوٌ قَالَ: وَمَغِيبُ الْحَشَفَةِ مَلْفُوفَةً الْأَشْبَهُ إنْ كَانَتْ رَقِيقَةً أَوْجَبَ ابْنُ شَعْبَانَ: إنْ أَدْخَلَتْ زَوْجَةُ الْعِنِّينِ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا لَزِمَهَا الْغُسْلُ الشَّيْخُ: أَعْرِفُ فِيهِ اخْتِلَافًا انْتَهَى مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ.

(لَا مُرَاهِقٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا تَغْتَسِلُ الْكَبِيرَةُ مِنْ وَطْءِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ تُنْزِلَ هِيَ لِأَنَّ ذَكَرَ الصَّبِيِّ كَالْأُصْبُعِ (أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعٍ

ص: 449

فِي فَرْجٍ وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتٍ) هَذَا دَاخِلٌ كُلُّهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمَةِ.

وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: مَغِيبُ الْحَشَفَةِ يُوجِبُ نَيِّفًا عَلَى مِائَتَيْنِ حُكْمٍ (وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا عُدِمَ الْبُلُوغُ فِي الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ لَا غُسْلَ وَيُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ (كَصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا إلَخْ) .

قَالَ أَشْهَبُ:

ص: 450

إذَا وَطِئَ الْبَالِغُ صَبِيَّةً صَغِيرَةً تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ اغْتَسَلَتْ ابْنُ يُونُسَ: لَمَّا كَانَتْ مَأْمُورَةً بِالصَّلَاةِ أُمِرَتْ بِالْغُسْلِ اللَّخْمِيِّ: هَذَا حَسَنٌ.

وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ: لَا غُسْلَ عَلَيْهَا وَوَجَّهَهُ ابْنِ يُونُسَ.

(لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ وَلَوْ الْتَذَّتْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ دَخَلَ فَرْجَهَا مَاءُ وَاطِئِهَا دُونَهُ فَلَا غُسْلَ مَا لَمْ تَلْتَذَّ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَيْ تُنْزِلْ.

(وَبِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: انْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ يُوجِبُ الْغُسْلَ (بِدَمٍ وَاسْتُحْسِنَ وَبِغَيْرِهِ) سَمِعَ أَشْهَبُ: وَوَلَدَتْ دُونَ دَمٍ اغْتَسَلَتْ ابْنُ رُشْدٍ: أَيْ دُونَ دَمٍ كَثِيرٍ إذْ خُرُوجُهُ بِلَا دَمٍ مُحَالٌ عَادَةً اللَّخْمِيِّ: الْغُسْلُ لِلدَّمِ لَا لِلْوَلَدِ وَلَوْ نَوَتْ أَنْ تَغْتَسِلَ لِخُرُوجِ الْوَلَدِ

ص: 451

دُونَ الدَّمِ لَمْ يُجِزْهَا، فَسَمَاعُ أَشْهَبَ مَنْ وَلَدَتْ دُونَ دَمٍ اغْتَسَلَتْ اسْتِحْسَانٌ.

(لَا بِاسْتِحَاضَةٍ وَنُدِبَ لِانْقِطَاعِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا انْقَطَعَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ وَكَانَتْ قَدْ اغْتَسَلَتْ لَا تُعِيدُ الْغُسْلَ ثُمَّ قَالَ: تَتَطَهَّرُ ثَانِيَةً أَحَبُّ إلَيَّ وَهَذَا اسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَفِي الرِّسَالَةِ يَجِبُ الطُّهْرُ لِانْقِطَاعِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: اسْتَشْكَلُوا ظَاهِرَ الرِّسَالَةِ ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ كَانَ هَذَا الِاسْتِشْكَالُ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُدَوَّنَةَ فَالْمَشْهُورُ قَدْ لَا يَتَقَيَّدُ بِهَا وَإِنْ كَانَ لِعَدَمِ وُجُودِهِ فَقُصُورُ النَّصِّ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ: قَالَ مَرَّةً تَغْتَسِلُ وَمَرَّةً لَا تَغْتَسِلُ.

(وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِمَا ذُكِرَ) ابْنُ رُشْدٍ: سَمَاعُ سَحْنُونٍ إنَّمَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ إذَا كَانَ أَجْنَبَ مُفَسِّرٌ لِكُلِّ الرِّوَايَاتِ اللَّخْمِيِّ: إنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا اغْتَسَلَ لِنَجَاسَةِ

ص: 453

جِسْمِهِ وَانْظُرْ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ أَنْ ارْتَدَّ، أَمَّا الْوُضُوءُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ (وَصَحَّ قَبْلَهَا وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى

ص: 454

الْإِسْلَامِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ اغْتَسَلَ لِلْإِسْلَامِ وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَجْزَاهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فِيهِ الْجَنَابَةَ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الطُّهْرَ (لَا الْإِسْلَامُ إلَّا لِعَجْزٍ) الَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ: إسْلَامُهُ بِالْقَلْبِ إسْلَامٌ حَقِيقِيٌّ لَوْ مَاتَ قَبْلَ نُطْقِهِ مَاتَ مُؤْمِنًا إلَّا أَنَّا لَا نَحْكُمُ لَهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يُظْهِرَهُ إلَيْهَا بِلِسَانِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَبْكَمَ يَصِحُّ إيمَانُهُ لِأَنَّ الْإِيمَانَ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ.

(وَإِنْ شَكَّ أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ اغْتَسَلَ) اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا قَوْلَ ابْنِ نَافِعٍ إنْ شَكَّ اغْتَسَلَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ بِنَوْمٍ (وَأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ كَتَحَقُّقِهِ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَيَشُكُّ فِي حَدَثِهِ " نَصُّ الْمُوَطَّأِ وَكَلَامُ أَبِي عَمْرٍو الْبَاجِيِّ وَانْظُرْ ابْنَ يُونُسَ فِي تَرْجَمَةِ الْإِمَامِ يُصَلِّي وَهُوَ جُنُبٌ،

ص: 455

وَانْظُرْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ نَوَاقِضِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ الرِّدَّةَ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ.

(وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ وَمُوَالَاةٌ كَالْوُضُوءِ) ابْنُ عَرَفَةَ: فَرْضُ الْغُسْلِ النِّيَّةُ الْبَاجِيُّ يَنْوِي الْجَنَابَةَ أَوْ مَا يُغْسَلُ لَهُ كُلُّ الْجَسَدِ وُجُوبًا أَوْ اسْتِحْبَابًا أَوْ يَنْوِي اسْتِبَاحَةَ كُلِّ مَوَانِعِهَا أَوْ بَعْضِهَا ابْنُ عَرَفَةَ: وَيُجْزِئُ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ قَالَ: وَمُوَالَاتُهُ كَالْوُضُوءِ.

(وَإِنَّ نَوَتْ الْحَيْضَ وَالْجَنَابَةَ أَوْ أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً لِلْأُخْرَى أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ أَوْ نِيَابَةً عَنْ الْجُمُعَةِ حَصَلَا) ابْنُ حَبِيبٍ: لَوْ حَاضَتْ جُنُبٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلْتَنْوِهِمَا عِنْدَ الْغُسْلِ وَانْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " أَوْ نَسِيَ حَدَثًا " أَنَّهَا إنْ نَوَتْ وَاحِدًا نَاسِيَةً لِلْآخَرِ أَنَّهُ يُجْزِئُهَا وَهَذَا هُوَ رَابِعُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ مَعًا صَحَّ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ: إنْ قَصَدَ بِغُسْلِ جَنَابَتِهِ نِيَابَةً عَنْ جُمُعَةٍ أَجْزَأَ، وَإِنْ خَلَطَهُمَا فِي نِيَّةٍ لَمْ يُجْزِهِ (وَإِنْ نَسِيَ الْجَنَابَةَ أَوْ قَصَدَ نِيَابَةً عَنْهَا انْتَفَيَا) ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: إنْ نَوَى بِغُسْلِهِ الْجُمُعَةَ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ نِيَّةِ الْجَنَابَةِ الْبَاجِيُّ: وَجْهُهُ أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ فَلَا يُجْزِئُهُ نِيَّتُهُ عَنْ نِيَّةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَهُوَ وَاجِبٌ.

(وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: تَخْلِيلُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاجِبٌ ابْنُ يُونُسَ: وَالصَّوَابُ وُجُوبُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ، وَسَمِعَهُ أَشْهَبُ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ سُقُوطَهُ.

ص: 456

(وَضِغْثُ مَضْفُورِهِ لَا نَقْضُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: تُضْغِثُ شَعْرَهَا بِيَدِهَا وَلَا تُنْقِضُ ضَفْرَهَا، ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ وَإِلَّا نَقْضُ الضَّفْرِ فَتْلُ بَعْضِ الشَّعْرِ بِبَعْضٍ وَالْعَقْصُ جَمْعُ مَا ضُفِرَ مِنْهُ قُرُونًا صَفًّا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.

(وَدَلْكٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَشْهُورُ وُجُوبُ التَّدَلُّكِ ابْنُ يُونُسَ: مِنْ شَرٍّ وَمَا كَوْنُهُ غُسْلًا، إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْبَدَنِ كُلِّهِ (وَلَوْ بَعْدَ الْمَاءِ) اُنْظُرْهُ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَالدَّلْكِ " وَنَصَّ ابْنُ يُونُسَ " وَتَدْلُكُ بِالْقُرْبِ "(أَوْ بِخِرْقَةٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ وَإِنْ تَعَذَّرَ سَقَطَ) ابْنُ عَرَفَةَ: مَا عَجَزَ عَنْهُ سَاقِطٌ فَإِنْ أَمْكَنَهُ بِنِيَابَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ فَلِسَحْنُونٍ يَجِبُ، وَلِابْنِ حَبِيبٍ لَا يَجِبُ ابْنُ رُشْدٍ: الصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِيُسْرِ الدِّينِ فَيُوَالِي صَبَّ الْمَاءِ خَاصَّةً وَيُجْزِئُهُ.

(وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا) ابْنُ بَشِيرٍ: مِنْ سُنَنِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ (وَصِمَاخِ أُذُنَيْهِ وَمَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ)

ص: 457

ابْنُ بَشِيرٍ: الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ عِنْدَنَا سُنَّتَانِ فِي الْغُسْلِ وَكَذَا مَسْحُ دَاخِلِ الْأُذُنَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالدَّاخِلِ هُنَا الصِّمَاخُ وَأَمَّا خَارِجُهُ فَلَا خِلَافَ فِي فَرْضِيَّتِهِ.

(وَنُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى) اللَّخْمِيِّ: يَبْتَدِئُ الْجُنُبُ بِغَسْلِ مَوَاضِعِ الْأَذَى ثُمَّ يَغْسِلُ تِلْكَ الْمَوَاضِعَ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ، الْمَازِرِيُّ: لِيَسْلَمَ مِنْ مَسِّ ذَكَرِهِ فِي غُسْلِهِ اللَّخْمِيِّ: فَإِنْ نَوَى الْجَنَابَةَ فِي حِينِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَغَسَلَ غُسْلًا وَاحِدًا أَجْزَأَ ابْنُ أَبِي يَحْيَى: وَهَذَا عَلَى

ص: 458

مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ.

(ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ) ابْنُ بَشِيرٍ: مِنْ فَضَائِلِ الْغُسْلِ الِابْتِدَاءُ بِالْوُضُوءِ قَبْلَهُ اللَّخْمِيِّ: وَيَنْوِي بِهِ الْجَنَابَةَ وَإِنْ نَوَى الْوُضُوءَ أَجْزَأَهُ (كَامِلَةً) رَوَى عَلِيٌّ: يُتِمُّ وُضُوءَهُ فِي أَوَّلِ غُسْلِهِ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى تَأْخِيرِ الرِّجْلَيْنِ آخِرَهُ (مَرَّةً) عِيَاضٌ: لَمْ يَأْتِ فِي وُضُوءِ الْجُنُبِ تَكْرَارٌ وَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ: يَتَوَضَّأُ

ص: 459

وُضُوءَ الصَّلَاةِ فَإِنْ شَاءَ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهُمَا إلَى آخِرِهِ.

(وَأَعْلَاهُ وَمَيَامِنِهِ) ابْنُ بَشِيرٍ مِنْ فَضَائِلِ

ص: 460

الْغُسْلِ أَنْ يَغْسِلَ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى وَالْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ.

(وَتَثْلِيثُ رَأْسِهِ) ابْنُ يُونُسَ: مِنْ فَضَائِلِ الْغُسْلِ أَنْ يَغْمِسَ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ بَعْدَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُخَلِّلَ بِأَصَابِعِهِ أُصُولَ شَعْرِ رَأْسِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ مِنْ مَاءٍ بِيَدَيْهِ عِيَاضٌ: الْغَرْفَةُ الْأُولَى لِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ وَالثَّانِيَةُ لِلْأَيْسَرِ وَالثَّالِثَةُ لِلْوَسَطِ.

(وَقِلَّةُ الْمَاءِ بِلَا حَدٍّ) اُنْظُرْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَقِلَّةُ مَاءٍ بِلَا حَدٍّ ".

(كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ لِعَوْدِهِ لِجِمَاعٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لِلْجُنُبِ أَنْ يَأْكُلَ إذَا غَسَلَ يَدَهُ مِنْ الْأَذَى وَلَهُ أَنْ يُعَاوِدَ أَهْلَهُ ابْنُ يُونُسَ: يَعْنِي امْرَأَتَهُ الَّتِي كَانَ وَطِئَهَا أَوْ جَارِيَتَهُ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَةً لَهُ أُخْرَى فِي يَوْمِ الْأُخْرَى الْبَاجِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ غَسْلُ فَرْجِهِ وَمَوَاضِعِ النَّجَاسَةِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ الْجِمَاعَ.

(وَوُضُوئِهِ لِنَوْمٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: وُضُوءُ الْجُنُبِ لِنَوْمِهِ

ص: 461

مُسْتَحَبٌّ (لَا تَيَمُّمٍ وَلَمْ يَبْطُلُ إلَّا بِجِمَاعٍ) رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ: وُضُوءَ الْجُنُبِ لِيَنْشَطَ لِغُسْلِهِ اللَّخْمِيِّ: فَعَلَيْهِ إنْ فَقَدَ الْمَاءَ أَنْ لَا يَتَيَمَّمَ وَلَا يَنْتَقِضَ بِحَدَثٍ غَيْرِ الْجِمَاعِ.

(وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ وَالْقِرَاءَةَ) ابْنُ عَرَفَةَ: تَمْنَعُ الْجَنَابَةُ كَالْحَدَثِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ (إلَّا كَآيَةٍ لِتَعَوُّذٍ وَنَحْوِهِ) قَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ إلَّا الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ عِنْدَ أَخْذِهِ مَضْجَعَهُ أَوْ يَتَعَوَّذُ لِارْتِيَاعٍ وَنَحْوِهِ لَا عَلَى جِهَةِ التِّلَاوَةِ، فَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَهَا أَنْ تَقْرَأَ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ طُهْرَهَا، يُرِيدُ فَإِنْ طَهُرَتْ وَلَمْ تَغْتَسِلْ بِالْمَاءِ فَلَا تَقْرَأُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا

ص: 462

قَدْ مَلَكَتْ طُهْرَهَا اُنْظُرْ الصَّلَاةَ الثَّانِي مِنْ ابْنِ يُونُسَ، اُنْظُرْ الْمَرْأَةَ إذَا أَصَابَتْهَا الْحَيْضَةُ وَهِيَ جُنُبٌ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الصَّوَابُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ لِلْجَنَابَةِ لِأَنَّ حُكْمَ الْجَنَابَةِ مُرْتَفِعٌ مَعَ الْحَيْضِ، وَانْظُرْ قِرَاءَةَ الْجُنُبِ آيَةً لِغَيْرِ تَعَوُّذٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: تَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ فِي قِرَاءَةِ آيَةِ الدَّيْنِ لِطُولِهَا وَلِمَفْهُومِ نَقْلِ الْبَاجِيِّ: يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْيَسِيرَ وَلَا حَدَّ فِيهِ تَعَوُّذًا وَتَبَرُّكًا.

(وَدُخُولَ مَسْجِدٍ وَلَوْ مُجْتَازًا) ابْنُ عَرَفَةَ، تَمْنَعُ الْجَنَابَةُ دُخُولَ الْمَسْجِدِ وَلَوْ عَابِرَ سَبِيلٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ وَيَقْعُدَ مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَمُرَّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ عَابِرَ سَبِيلٍ، وَتَأَوَّلَ مَالِكٌ {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} [النساء: 43] الْآيَةُ أَيْ لَا تَفْعَلُوا فِي حَالِ السُّكْرِ صَلَاةً وَلَا تَفْعَلُوهَا وَأَنْتُمْ جُنُبٌ إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ أَيْ وَأَنْتُمْ مُسَافِرُونَ بِالتَّيَمُّمِ وَأَجَازَ ابْنُ مَسْلَمَةَ دُخُولَهُ مُطْلَقًا فَأَلْزَمَهُ اللَّخْمِيِّ الْحَائِضَ مُسْتَثْفِرَةً.

وَرَدَّهُ عِيَاضٌ بِمَنْعِهِ إدْخَالَ الْمَسْجِدِ النَّجَاسَةَ ابْنُ عَرَفَةَ لَعَلَّهُ يُجِيزُ ذَلِكَ مَسْتُورًا دَمُهُ بِبَعْضِهِ وَهُوَ أَحَدُ نَقْلَيْ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَانْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَإِنَاءً لِبَوْلٍ " ابْنُ يُونُسَ: فَإِنْ تَذَكَّرَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ خَرَجَ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ، وَكَذَا اتَّفَقَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَانْظُرْ عَكْسَ هَذَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْجُنُبُ مَاءً إلَّا فِي الْمَسْجِدِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَسَكَتَ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ قَدَّاحِ: إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَالدَّلْوُ بِالْمَسْجِدِ

ص: 463

فَلْيَتَيَمَّمْ الْجُنُبُ وَيَدْخُلُ لِأَخْذِهِ وَانْظُرْ مَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً فَتَيَمَّمَ هَلْ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ؟ (كَكَافِرٍ وَإِنْ أَذِنَ مُسْلِمٌ) ابْنُ رُشْدٍ: لَمْ يُنْكِرْ مَالِكٌ بُنْيَانَ النَّصَارَى فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَحَبَّ أَنْ يَدْخُلُوا مِمَّا يَلِي مَوْضِعَ عَمَلِهِمْ، وَخَفَّفَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مُرَاعَاةً لِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ إذْ مِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَ أَنْ يَدْخُلُوا كُلَّ مَسْجِدٍ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامِ لِحَدِيثِ ثُمَامَةَ وَرَبَطَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعِنْدَ هَؤُلَاءِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ غَيْرُ مُتَعَبِّدٍ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ فَافْتَرَقَا فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ.

(وَلِلْمَنِيِّ تَدَفُّقٌ وَرَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ عَجِينٍ) ابْنُ شَاسٍ: مَنِيُّ الرَّجُلِ فِي اعْتِدَالِ الْحَالِ أَبْيَضُ ثَخِينٌ دَافِقٌ ذُو دَفَعَاتٍ يَخْرُجُ بِشَهْوَةٍ وَيَعْقُبُ خُرُوجَهُ فُتُورٌ وَرَائِحَةٌ كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ وَيَقْرُبُ مِنْ رَائِحَةِ الطَّلْعِ رَائِحَةُ الْعَجِينِ، وَمَنِيُّ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ.

(وَيُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ جَنَابَتِهِ) اللَّخْمِيِّ: النِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ تُجْزِئُ عَنْ الْغُسْلِ، وَفِي الْغُسْلِ تُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا فَرْضٌ.

(وَغَسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ وَلَوْ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ) اللَّخْمِيِّ: لَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ جُنُبٌ أَجْزَأَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْمَغْسُولِ مِنْ الْوُضُوءِ اُنْظُرْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلِّحْيَةِ وَمَا بَيْنَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ بَيْنَ الطَّهَارَتَيْنِ فَرْقًا.

(كَلَمْعَةٍ مِنْهَا وَإِنْ مِنْ جَبِيرَةٍ) وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا أَصَابَ الْجُنُبَ كَسْرٌ أَوْ شَجَّةٌ فَكَانَ يَنْسَكِبُ عَنْهَا الْمَاءُ لِمَوْضِعِ الْجَبَائِرِ فَإِنَّهُ إذَا صَحَّ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْهُ حَتَّى صَلَّى صَلَوَاتٍ تَوَضَّأَ لَهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ كَالظَّهْرِ وَالصَّدْرِ وَقَدْ كَانَ مَسَحَ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِ الْجَبَائِرِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ غَسَلَ الْمَوْضِعَ فَقَطْ وَأَعَادَ مَا صَلَّى مِنْ يَوْمِ بَرَأَ وَطَهُرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَطَهَّرَ لِجَنَابَةٍ بَعْدَ بُرْئِهِ فَإِنَّمَا يُعِيدُ مَا صَلَّى بَعْدَ بُرْئِهِ إلَى حِينِ طُهْرِهِ الثَّانِي قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهَذَا إنْ تَرَكَ غَسْلَهُ نَاسِيًا وَأَمَّا تَهَاوُنًا أَوْ عَامِدًا فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الْغَسْلَ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَتَوَضَّأَ بَعْدَ بُرْئِهِ فَإِنَّمَا يُعِيدُ مَا صَلَّى بَعْدَ بُرْئِهِ إلَى حِينِ وُضُوئِهِ ابْنُ يُونُسَ: فَيُجْزِئُ غَسْلُ الْوُضُوءِ فِيهِ غَسْلَ الْجَنَابَةِ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُمَا فَرْضَانِ فَأَجْزَأَ أَحَدُهُمَا

ص: 464