الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُضُوئِهِ فِي غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ تَوَضَّأَ لِلظُّهْرِ وَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُبَادِرَ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِهَذَا الْوُضُوءِ وَيُعِيدَ الْعِشَاءَيْنِ اسْتِحْبَابًا وَلَا يُعِيدُ الظُّهْرَيْنِ. انْتَهَى مِنْ الْبُرْزُلِيُّ.
[بَابٌ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ]
فَصْلٌ ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (الْحَيْضُ دَمٌ كَصُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ خَرَجَ بِنَفْسِهِ مِنْ
قُبُلِ مَنْ تَحْمِلُ عَادَةً وَإِنْ دَفْعَةً) ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَيْضُ دَمٌ تَلْقِيهِ رَحِمٌ مُعْتَادٌ حَمْلُهَا دُونَ وِلَادَةٍ، فَيَخْرُجُ دَمُ بِنْتِ سَبْعٍ وَنَحْوِهَا وَالْآيِسَةِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ حَاضَتْ يَائِسَةٌ سُئِلَ النِّسَاءُ إنْ كَانَ مِثْلُهَا يَحِيضُ. وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ: وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَزَا الْخَمْسِينَ سَنَةً لِعَائِشَةَ قَالَ: إلَّا أَنْ تَكُونَ قُرَشِيَّةً. الْبَاجِيُّ: السِّنُّ الَّذِي يُحْكَمُ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ بِالْيَأْسِ مِنْ الْحَيْضِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: خَمْسُونَ عَامًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْآيِسَةِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا مِنْهُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ
صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً فِي أَيَّامِ حَيْضَتِهَا أَوْ فِي غَيْرِهِ فَهُوَ حَيْضٌ. وَإِنْ لَمْ تَرَ مَعَهُ دَمًا. الْبَاجِيُّ: أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ دَمٌ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَإِنْ اغْتَسَلَتْ ثُمَّ رَأَتْ قَطْرَةَ دَمٍ تَوَضَّأَتْ دُونَ غُسْلٍ وَهَذَا يُسَمَّى التِّرْيَةُ. وَأَتَى ابْنُ يُونُسَ بِهَذَا دُونَ مُعَارِضٍ، وَكَذَا الْبَاجِيُّ أَتَى بِهِ فِقْهًا مُسَلَّمًا وَنَصُّهُ: مَا رُئِيَ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ مِنْ قَطْرَةِ دَمٍ أَوْ غُسَالَةٍ فَلَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ إنَّمَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ.
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ عِنْدَ الْوُضُوءِ فَإِذَا قَامَتْ ذَهَبَ عَنْهَا قَالَ مَالِكٌ: تَشُدُّ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَلَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ. ابْنُ رُشْدٍ: رَآهَا مُسْتَنْكَحَةً.
(وَأَكْثَرُهُ لِمُبْتَدَأَةٍ نِصْفُ شَهْرٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الدَّمِ أَوَّلَ بُلُوغِهَا فَهُوَ حَيْضٌ، فَإِنْ
تَمَادَى بِهَا قَعَدَتْ عَنْ الصَّلَاةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَتَغْتَسِلُ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ إلَّا أَنْ تَرَى مَا لَا تَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ وَالنِّسَاءُ يَعْرِفْنَ ذَلِكَ بِلَوْنِهِ وَرِيحِهِ (كَأَقَلِّ الطُّهْرِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا رَأَتْ بَعْدَ طُهْرِهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوِهَا دَمًا قَالَ: إنْ كَانَ الدَّمُ الثَّانِي قَرِيبًا مِنْ الْأَوَّلِ أُضِيفَ إلَيْهِ وَكَانَ كُلُّهُ حَيْضَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ تَبَاعَدَ مَا بَيْنَهُمَا فَالثَّانِي حَيْضٌ مُؤْتَنَفٌ، وَلَمْ يُوَقَّتْ كَمْ ذَلِكَ إلَّا قَدْرَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا حَيْضَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَيُعْلَمُ أَنَّ بَيْنَهُمَا مِنْ الْأَيَّامِ مَا يَكُونُ طُهْرًا. قَالَ فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ: وَيُسْأَلُ النِّسَاءُ عَنْ عَدَدِ أَيَّامِ الطُّهْرِ.
وَفِي الرِّسَالَةِ: حَتَّى يَبْعُدَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ مِثْلُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ أَوْ عَشَرَةٍ فَيَكُونُ حَيْضًا مُؤْتَنَفًا.
قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله: بِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْفَتْوَى، وَقَدْ اسْتَقْرَأَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ.
وَقَالَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: فَعَلَى هَذَا فَقَدْ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا. اُنْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ أَيْضًا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ الدَّفْعَةَ حَيْضَةٌ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى الْفِقْهِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ حَسْبَمَا يَأْتِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَرَجَعَ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ ".
وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: أَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَاعْتَمَدَهُ التَّلْقِينُ وَجَعَلَهُ ابْنُ شَاسٍ الْمَشْهُورَ.
(وَلِمُعْتَادَةٍ ثَلَاثَةٌ اسْتِظْهَارًا عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا مَا لَمْ تُجَاوِزْهُ ثُمَّ
هِيَ طَاهِرٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ دَامَ دَمُ الْمُعْتَادَةِ فَفِيهَا تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تَرْجِعُ لِعَادَتِهَا، وَالِاسْتِظْهَارُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
وَفِي التَّهْذِيبِ: وَاَلَّتِي أَيَّامُهَا غَيْرُ ثَابِتَةٍ تَحِيضُ فِي شَهْرٍ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَفِي آخَرَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ إذَا تَمَادَى بِهَا الدَّمُ تَسْتَظْهِرُ عَلَى أَكْثَرِ أَيَّامِهَا، وَأَيَّامُ الِاسْتِظْهَارِ كَأَيَّامِ الْحَيْضِ. فَاَلَّتِي أَيَّامُهَا اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا فَدُونَ ذَلِكَ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَثَلَاثَةَ عَشَرَ بِيَوْمَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ بِيَوْمٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ لَا تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ ثُمَّ تَصِيرُ مُسْتَحَاضَةً ثُمَّ هِيَ طَاهِرٌ. ابْنُ يُونُسَ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: تَغْتَسِلُ بَعْدَ الِاسْتِظْهَارِ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَتُوطَأُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
(وَلِحَامِلٍ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ
النِّصْفُ وَنَحْوُهُ وَفِي سِتَّةٍ فَأَكْثَرَ عِشْرُونَ يَوْمًا وَنَحْوُهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا رَأَتْ الْحَامِلُ الدَّمَ أَوَّلَ حَمْلِهَا أَمْسَكَتْ عَنْ الصَّلَاةِ قَدْرَ مَا يَجْتَهِدُ لَهَا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ وَلَيْسَ أَوَّلُ الْحَمْلِ كَآخِرِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ رَأَتْهُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ تَرَكَتْ الصَّلَاةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَنَحْوَهَا، وَإِنْ رَأَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا تَرَكَتْ الصَّلَاةَ مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَهَلْ مَا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ كَمَا بَعْدَهَا أَوْ كَالْمُعْتَادَةِ قَوْلَانِ) ابْنُ زَرْقُونٍ: اُخْتُلِفَ فِي دَمِ الْحَامِلِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ: قَالَ مَالِكٌ: يُجْتَهَدُ لَهَا.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِي نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَنَحْوِهَا، وَبَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عِشْرُونَ يَوْمًا وَنَحْوُهَا. وَيَخْتَلِفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هَلْ لِلشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ حُكْمُ الثَّلَاثَةِ؟ فَقَالَ الْإِبْيَانِيُّ: لَهَا حُكْمُهَا فَتَجْلِسُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونٍ: الشَّهْرَانِ كَالْحَائِلِ. ابْنُ زَرْقُونٍ: إذْ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِمَا الْحَمْلُ. وَرَوَى عِيسَى لِمَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ حُكْمُ آخِرِ الْحَمْلِ. ابْنُ زَرْقُونٍ: لِلسِّتَّةِ حُكْمُ الثَّلَاثَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ الْإِبْيَانِيُّ: لِلسِّتَّةِ حُكْمُ مَا بَعْدَهَا.
(وَإِنْ تَقَطَّعَ طُهْرٌ لَفَّقَتْ أَيَّامَ الدَّمِ فَقَطْ عَلَى تَفْصِيلِهَا ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ
وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ) اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " فِي دَمِ النِّفَاسِ وَتَقَطُّعِهِ وَمَنْعِهِ كَالْحَيْضِ " وَهَذِهِ هِيَ عِبَارَةُ التَّلْقِينِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا رَأَتْ الطُّهْرَ يَوْمًا وَالدَّمَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَاخْتَلَطَ هَكَذَا لَفَّقَتْ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ عِدَّةَ أَيَّامِهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ وَأَلْغَتْ أَيَّامَ الطُّهْرِ ثُمَّ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ اخْتَلَطَ عَلَيْهَا الدَّمُ فِي أَيَّامِ الِاسْتِظْهَارِ أَيْضًا لَفَّقَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ هَكَذَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَصِيرُ مُسْتَحَاضَةً بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْأَيَّامُ الَّتِي اسْتَظْهَرَتْ بِهَا هِيَ فِيهَا حَائِضٌ وَهِيَ مُضَافَةٌ إلَى الْحَيْضِ، رَأَتْ بَعْدَهَا دَمًا أَمْ لَا، إلَّا أَنَّهَا فِي أَيَّامِ الطُّهْرِ الَّتِي كَانَتْ تَلْغِيهَا تَتَطَهَّرُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ فِي خِلَالِ ذَلِكَ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَتُوطَأُ وَهِيَ فِيهَا طَاهِرٌ، وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْأَيَّامُ بِطُهْرٍ تَعْتَدُّ بِهِ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الدَّمِ قَدْ ضُمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ فَجُعِلَ حَيْضَةً وَاحِدَةً.
قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَلَكِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَدَمٍ وَاحِدٍ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: أَمَّا فِي الْعِدَّةِ فَقَدْ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ وَاغْتَسَلَتْ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ، ثُمَّ لِيَوْمٍ آخَرَ عَاوَدَهَا دَمٌ فَيُقَالُ لَهَا: هَذَا الدَّمُ مُضَافٌ إلَى الْأَوَّلِ فَلَا تَعْتَدُّ بِهَذَا الطُّهْرِ، وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الرَّجْعَةِ؟ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا: لَا يُجْبَرُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الدَّمُ كُلُّهُ مَحْكُومًا لَهُ بِحُكْمِ حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَعْتَدِ فِي طَلَاقِهِ إنَّمَا طَلَّقَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الدَّمِ وَلَا عِلْمَ بِرُجُوعِهِ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّسَالَةِ: " وَالِاسْتِبْرَاءُ فَبِنَفْسِ مَا تَرَى الدَّمَ صَارَتْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَلَا فَائِدَةَ لِلدَّمِ الثَّانِي قَالَ: يُقَالُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ رَأَتْ الطُّهْرَ فَبَاعَهَا فِيهِ، ثُمَّ لِيَوْمٍ آخَرَ عَاوَدَهَا دَمٌ فَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: هَذَا الدَّمُ مُضَافٌ إلَى الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ لَهَا حَيْضَةً.
(وَالْمُمَيَّزُ بَعْدَ طُهْرٍ ثُمَّ حَيْضٍ) . ابْنُ عَرَفَةَ: مَا مَيَّزَتْهُ مُسْتَحَاضَةٌ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ حَيْضٌ فِي الْعِبَادَةِ اتِّفَاقًا وَفِي الْعِدَّةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا: فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إلَّا أَنْ تَرَى دَمًا لَا تَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ دَمُ حَيْضَةٍ فَتَدَعُ الصَّلَاةَ وَتَعْتَدُّ بِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَالنِّسَاءُ يَعْرِفْنَ ذَلِكَ بِلَوْنِهِ وَرِيحِهِ. (وَلَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى الْأَصَحِّ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ دَامَ مَا مَيَّزَتْهُ الْمُسْتَحَاضَةُ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ. رَوَى مُحَمَّدٌ: لَا تَسْتَظْهِرُ وَلَا وَجْهَ لِهَذَا مِنْ النَّظَرِ، وَسُمِعَ عِيسَى تَسْتَظْهِرُ إنْ دَامَ بِصِفَةِ مَا يُسْتَنْكَرُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ
وَابْنُ الْمَاجِشُونِ تَسْتَظْهِرُ مُطْلَقًا. وَوَجَّهَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ فِي الْأَوَّلِ لَا وَجْهَ لَهُ وَلَمْ يُرَجِّحْ ابْنُ يُونُسَ شَيْئًا، وَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى عَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَرَى دَمًا لَا تَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ دَمُ حَيْضَةٍ قَالَ: تَدَعُ الصَّلَاةَ، فَإِنْ تَمَادَى بِهَا اسْتَظْهَرَتْ، فَإِنْ عَاوَدَهَا دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ بَعْدَ حَيْضَتِهَا صَلَّتْ بِغَيْرِ اسْتِظْهَارٍ يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ تَغْتَسِلَ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَرَوَاهُ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ. ابْنُ رُشْدٍ: وَوُجِّهَ أَنَّهَا لَا تَسْتَظْهِرُ إنْ عَاوَدَهَا دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ أَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي بِهِ قَبْلَ أَنْ تَرَى الدَّمَ الْمُسْتَنْكَرَ وَكَانَتْ بِهِ فِي حُكْمِ الطَّاهِرِ، فَلَمَّا رَجَعَتْ إلَيْهِ وَجَبَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ فِي حُكْمِ الطَّاهِرِ وَلَا تَسْتَظْهِرُ.
(وَالطُّهْرُ بِجُفُوفٍ أَوْ قَصَّةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: تَغْتَسِلُ الْحَائِضُ إذَا عَلِمَتْ أَنَّهَا طَهُرَتْ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ اغْتَسَلَتْ حِينَ تَرَاهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَرَاهَا فَحِينَ تَرَى الْجُفُوفَ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْجُفُوفُ أَنْ تُدْخِلَ الْخِرْقَةَ فَتُخْرِجَهَا جَافَّةً. عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ: وَالْقَصَّةُ مَاءٌ أَبْيَضُ كَالْمَنِيِّ يُسَمَّى قَصَّةٌ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالتُّرَابِ الْأَبْيَضِ الَّذِي تُجَصَّصُ بِهِ الْبُيُوتُ. ابْنُ حَبِيبٍ: الْحَيْضُ أَوَّلُهُ دَمٌ ثُمَّ
صُفْرَةٌ ثُمَّ تِرْيَةٌ ثُمَّ كُدْرَةٌ ثُمَّ يَصِيرُ رِيقًا كَالْقَصَّةِ ثُمَّ يَنْقَطِعُ فَتَصِيرُ جَافَّةً. (وَهِيَ أَبْلَغُ لِمُعْتَادَتِهَا فَتَنْتَظِرُهَا) قَالَ مَالِكٌ: إنْ رَأَتْ الْجُفُوفَ وَهِيَ مِمَّنْ تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ فَلَا تُصَلِّي حَتَّى تَرَاهَا إلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ بِهَا. ابْنُ يُونُسَ: وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا فِي الَّتِي تَرَى الْقَصَّةَ: لَا تَنْتَظِرُ زَوَالَهَا وَلَكِنْ تَغْتَسِلُ إذَا رَأَتْهَا لِأَنَّهَا
عَلَامَةٌ لِلطُّهْرِ.
(لِآخِرِ الْمُخْتَارِ وَفِي الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ) الْبَاجِيُّ: قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: أَمَّا الْمُبْتَدَأَةُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ. وَهَذَا مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نُزُوعٌ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَنَحْوَ هَذَا نَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ قَالَ: وَنَقَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الشَّرْحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُبْتَدَأَةَ إنْ رَأَتْ الْجُفُوفَ تَطَهَّرَتْ لَهُ ثُمَّ تُرَاعِي بَعْدُ مَا يَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهَا مِنْ جُفُوفٍ أَوْ قَصَّةٍ ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ أَصَحُّ فِي الْمَعْنَى وَأَبْيَنُ فِي النَّظَرِ مِمَّا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْهُ لِأَنَّهُ كَلَامٌ
مُتَنَاقِضٌ فِي ظَاهِرِهِ.
(وَلَيْسَ عَلَيْهَا نَظَرُ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ بَلْ عِنْدَ النَّوْمِ وَالصُّبْحِ) الْبَاجِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَتَفَقَّدَ طُهْرَهَا بِاللَّيْلِ وَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ مَصَابِيحُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ إذَا أَرَادَتْ النَّوْمَ أَوْ قَامَتْ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَعَلَيْهِنَّ أَنْ يَنْظُرْنَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، وَنَحْوِ هَذَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَزَادَ: وَلَيْسَ مِنْ تَفَقُّدِ طُهْرِهَا يَعْنِي بِاللَّيْلِ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهَا أَنْ تَنْظُرَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُهَا إنْ رَأَتْ الطُّهْرَ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إذْ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَتَعَيَّنُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَسَقَطَ ذَلِكَ عَنْهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشَقَّةِ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَتْ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهِيَ طَاهِرٌ فَلَمْ تَدْرِ لَعَلَّ طُهْرَهَا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ حَمَلَتْ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا قَامَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا قَضَاءُ صَلَاةِ اللَّيْلِ حَتَّى تُوقِنَ أَنَّهَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَأُمِرَتْ فِي رَمَضَانَ بِصِيَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَتَقْضِيهِ احْتِيَاطًا.
(وَمَنَعَ صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَوُجُوبَهُمَا) اُنْظُرْ مَا يُحَصَّلُ مِنْ هَذَا مَعَ مَا يَتَقَرَّرُ، وَلَوْ قَالَ: صِحَّةَ صَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَوُجُوبَهُمَا لَكَانَ صَحِيحًا عَلَى طَرِيقَةِ التَّلْقِينِ وَالْمُقَدِّمَاتِ، وَلَا
مَحْصُولَ لَهُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى حَتَّى تَقُولَ وَتَقْضِيَ الصَّوْمَ وَإِلَّا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَنُصَّ عَلَى قَضَاءِ الْوَاحِدِ دُونَ الْآخَرِ. هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ لِلْمُفْتِينَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يَمْنَعُ الْحَيْضُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَتَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. وَمِنْ التَّلْقِينِ وَالْمُقَدِّمَاتِ: دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ يَمْنَعَانِ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَصِحَّةَ فِعْلِهَا وَفِعْلِ الصَّوْمِ دُونَ وُجُوبِهِ. وَفَائِدَةُ الْفَرْقِ لُزُومُ الْقَضَاءِ لِلصَّوْمِ وَنَفْيُهُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ الْبَاجِيُّ: لَا مَعْنًى لِهَذَا الَّذِي قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، فَإِنَّ الْفِعْلَ إذَا لَمْ يَصِحَّ يَنْتَفِي وُجُوبُهُ. فَقَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ:" إنَّ الدَّمَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ " كَذَلِكَ قَوْلُهُ: " إنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّوْمِ " غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ وَجَبَ لَصَحَّ انْتَهَى.
(وَطَلَاقًا) ابْنُ رُشْدٍ: يُنْهَى الْمُطَلِّقُ أَنْ يُطَلِّقَ فِي الْحَيْضِ لِئَلَّا يَطُولَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ فَيُضِرَّ بِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ تِلْكَ الْحَيْضَةِ لَا تَعْتَدُّ بِهِ فِي أَقْرَائِهَا فَتَكُونُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَالْمُعَلَّقَةِ، لَا مُعْتَدَّةٍ وَلَا ذَاتِ زَوْجٍ وَلَا فَارِغَةٍ مِنْ زَوْجٍ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ إضْرَارِ الْمَرْأَةِ بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا فَقَالَ:{إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1] إلَى {فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة: 231](وَبَدْءَ عِدَّةٍ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فِي الْحَيْضِ لَا تَعْتَدُّ بِمَا بَقِيَ مِنْ تِلْكَ
الْحَيْضَةِ.
(وَوَطْءَ فَرْجٍ أَوْ تَحْتَ إزَارٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: وَالْحَائِضُ تَشُدُّ إزَارَهَا وَشَأْنُهُ بِأَعْلَاهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَوْلُهُ: " شَأْنُهُ بِأَعْلَاهَا " أَيْ يُجَامِعُهَا فِي أَعْكَانِهَا أَوْ بَطْنِهَا أَوْ مَا شَاءَ مِنْهَا مِمَّا هُوَ أَعْلَاهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَطَؤُهَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ. ابْنُ يُونُسَ: لِلذَّرِيعَةِ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَيْسَ بِضِيقٍ إذَا اجْتَنَبَ الْفَرْجَ. وَقَالَهُ أَصْبَغُ انْتَهَى.
وَاَلَّذِي لِلْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ: لَهُ أَنْ يَسْتَمْنِيَ بِيَدِهَا وَبِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ زَمَنَ الْحَيْضِ سِوَى الْوِقَاعِ. وَانْظُرْ أَحْكَامَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5](وَلَوْ بَعْدَ نَقَاءٍ) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] أَيْ يَرَيْنَ الطُّهْرَ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] أَيْ بِالْمَاءِ. وَذَهَبَ ابْنُ بُكَيْرٍ إلَى جَوَازِ وَطْئِهَا إذَا رَأَتْ النَّقَاءَ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ لِأَنَّ الْمَانِعَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْحَيْضِ، وَالْحُكْمُ إذَا تَعَلَّقَ بِعِلَّةٍ وَجَبَ زَوَالُهُ بِزَوَالِهَا. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا أَقْيَسُ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحْوَطُ وَأَحَبُّ إلَيْنَا.
(وَتَيَمُّمٍ) فِيهَا إذَا طَهُرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ حَيْضِهَا فِي سَفَرٍ وَتَيَمَّمَتْ فَلَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا حَتَّى
يَكُونَ مَعَهُمَا مِنْ الْمَاءِ مَا يَغْتَسِلَانِ بِهِ جَمِيعًا. سَحْنُونَ: يَعْنِي مَا تَغْتَسِلُ هِيَ بِهِ مِنْ الْحَيْضَةِ ثُمَّ مَا يَغْتَسِلَانِ بِهِ جَمِيعًا مِنْ الْجَنَابَةِ.
(وَرَفْعَ حَدَثِهَا) . ابْنُ رُشْدٍ: لَا خِلَافَ أَنَّ التَّطَهُّرَ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يَرْفَعُ حُكْمَ الْحَدَثِ مِنْ جِهَتِهَا مَا دَامَا مُتَّصِلَيْنِ، وَإِنَّمَا يَرْفَعُهُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِمَا (وَلَوْ جَنَابَةً) . ابْنُ رُشْدٍ: الصَّوَابُ أَنَّ حُكْمَ الْجَنَابَةِ مُرْتَفِعٌ مَعَ الْحَيْضِ فَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ لِلْجَنَابَةِ. ابْنُ يُونُسَ: وَيَنْبَغِي إذَا ارْتَفَعَ دَمُ الْحَيْضِ عَنْ الْحَائِضِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْجُنُبِ لَا تَقْرَأُ وَلَا تَنَامُ حَتَّى تَتَوَضَّأَ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ طُهْرَهَا. ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْحَيْضِ وَهِيَ جُنُبٌ فَلْتَغْتَسِلْ غُسْلًا وَاحِدًا.
قَالَ سَحْنُونَ: فَإِنْ نَوَتْ الْجَنَابَةَ لَمْ يُجْزِهَا. ابْنُ يُونُسَ: الصَّوَابُ الْإِجْزَاءُ، نَوَتْ الْجَنَابَةَ أَوْ الْحَيْضَ، لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ إذَا كَانَ مُوجِبُهَا وَاحِدًا نَابَ مُوجِبُ أَحَدِهَا عَنْ الْآخَرِ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الشَّجَّةِ.
(وَدُخُولَ مَسْجِدٍ فَلَا تَعْتَكِفُ وَلَا تَطُوفُ وَمَسَّ مُصْحَفٍ لَا قِرَاءَةً) . ابْنُ رُشْدٍ:
يَمْنَعُ دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَالِاعْتِكَافِ وَذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ، وَيَمْنَعُ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ شَاذٌّ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا. الْبَاجِيُّ وَالتَّلْقِينُ: فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا رِوَايَتَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ التَّلْقِينِ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِرَاءَةِ سَوَاءٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لَا تَقْرَأُ النُّفَسَاءُ. وَعَلَّلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِنْ بَالِغًا ".
(وَالنِّفَاسُ دَمٌ خَرَجَ لِلْوِلَادَةِ) ابْنُ عَرَفَةَ: النِّفَاسُ دَمُ إلْقَاءِ حَمْلٍ فَيَدْخُلُ دَمُ إلْقَاءِ الدَّمِ الْمُجْتَمِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ. عِيَاضٌ: قِيلَ مَا
خَرَجَ قَبْلَ الْوَلَدِ غَيْرُ نِفَاسٍ، وَمَا بَعْدَهُ نِفَاسٌ، وَفِيمَا مَعَهُ قَوْلًا الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ (وَلَوْ بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا وَبَقِيَ فِي بَطْنِهَا آخَرُ وَلَمْ تَضَعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَالدَّمُ يَتَمَادَى بِهَا فَحَالُهَا كَحَالِ النُّفَسَاءِ وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَضَعْ آخِرَ وَلَدٍ فِي بَطْنِهَا. ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ " كَحَالِ
النُّفَسَاءِ " يُرِيدُ فِي الْجُلُوسِ عَنْ الصَّلَاةِ إذَا تَمَادَى بِهَا الدَّمُ فَتَجْلِسُ شَهْرَيْنِ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَقَدْرَ مَا يَرَاهُ النِّسَاءُ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي.
(وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ دَامَ دَمُ النِّفَاسِ جَلَسَتْ شَهْرَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ: قَدْرَ مَا يَرَاهُ النِّسَاءُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ اقْتَصَرَ فِي التَّلْقِينِ وَالرِّسَالَةِ. (فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا فَنِفَاسَانِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: عَلَى قَوْلِهَا دَمُ الْأَوَّلِ نِفَاسٌ فَمَا بَعْدَ الثَّانِي مَعَهُ نِفَاسٌ وَاحِدٌ، وَعَلَى أَنَّهُ دَمُ حَيْضِ يَسْتَقْبِلُ دَمَ الْوَلَدِ الثَّانِي وَلَا يُضَافُ لِمَا قَبْلُ.
(وَتَقَطُّعُهُ وَمَنْعُهُ كَالْحَيْضِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا انْقَطَعَ دَمُ النُّفَسَاءِ فَإِنْ كَانَ قُرْبَ الْوِلَادَةِ فَلْتَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي فَإِذَا رَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ دَمًا
فَهُوَ مُضَافٌ إلَى دَمِ النِّفَاسِ إلَّا أَنْ يَتَبَاعَدَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ فَيَكُونُ الثَّانِي حَيْضًا، وَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ يَوْمَيْنِ وَالطُّهْرَ يَوْمَيْنِ فَتَمَادَى بِهَا ذَلِكَ فَتَلْغِي أَيَّامَ الطُّهْرِ وَتَغْتَسِلُ إذَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَتَدَعُ الصَّلَاةَ فِي أَيَّامِ الدَّمِ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَقْصَى مَا يَجْلِسُ فِيهِ النِّسَاءُ فِي النِّفَاسِ مِنْ غَيْرِ سَقَمٍ ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ. اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَمَنَعَ صِحَّةَ الصَّلَاةِ " وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الْقِرَاءَةِ (وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ وَالْأَظْهَرُ نَفْيُهُ) الذَّخِيرَةُ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَاءُ الْحَامِلِ قُرْبَ وَضْعِهَا كَبَوْلِهَا.
وَقَالَ مَالِكٌ فِيهِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. ابْنُ رُشْدٍ: أَيْ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ.