الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: من اشتسهد من المهاجرين في غزوة أحد
حمزة بن عبد المطلب
…
الفصل الأول: من استشهد من المهاجرين في غزوة أحد
اختلف في عدد من استشهد من المسلمين في غزوة أحد من المهاجرين فقيل: أربعة1 وحكى ابن سيد الناس عن موسى بن عقبة أنه زاد خامسا2 وقيل: ستة3كما ذكر ابن سيد الناس أن ابن سعد زاد على الخمسة الذين ذكرهم موسى بن عقبة ستة فجعلهم أحد عشر شهيدا من قريش وحلفائهم، وأن ابن عبد البر زادهم حتى جعلهم أربعة عشر4وفيما يأتي تراجم الأربعة الذين ذكرهم ابن إسحاق في كتاب المغازي:
1-
حمزة بن عبد المطلب5:
حمزة بن عبد المطلب بن هاشم6بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبوعمارة7، وأمه: هالة بنت وهيب بن عبدمناف بن زهرة، عم النبي صلى الله عليه وسله 8،
1 ابن حبان، السيرة النبوية وأخبار الخلفاء: ص226، وابن حزم، جوامع السيرة النبوية: ص 132، وابن كثير، البداية والنهاية: 4/47،والفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم له: ص150.
2 ابن سيد الناس، عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير: 1/437.
3 الحلبي، السيرة الحلبية: 2/547.
4 ابن سيد الناس، عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير: 1/437.
5 ذكره ابن إسحاق فيمن استشهدوا في أحد من المهاجرين: من قريش من بني هاشم بن عبد مناف (تهذيب سيرة ابن إسحاق، لابن هشام: 3/122)، وذكره من شهداء أحد: ابن سعد، الطبقات الكبرى: 2/42، والبخاري، الجامع الصحيح: 7/374، والذهبي، سير أعلام النبلاء: 1/149.
6 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/271.
7 ابن الأثير، أسد الغابة: 1/528، وابن حجر، الإصابة 1/353، وانظر ترجمته في كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد: 3/8-19.
8 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/271.
وأخوه من الرضاعة1 وقريبه من جهة أمه2.
ولد رضي الله عنه قبل النبي صلى الله عليه وسله بسنتين وقيل بأربع3 وأسلم في السنة الثانية من البعثة4وقيل بل كان إسلامه بعد دخول النبي صلى الله عليه وسله دار الأرقم في السنة السادسة من مبعثه صلى الله عليه وسله 5ولما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسله قد امتنع، وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه6ولازم حمزة رضي الله عنه نصر رسول الله صلى الله عليه وسله وهاجر معه، وآخى النبي صلى الله عليه وسله بينه وبين زيد بن حارثة 7.
1 قال الحافظ ابن حجر: “عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب كما ثبت في الصحيحين” (ابن حجر، الإصابة 1/353)، ولم أقف ـ لا في الصحيحين ولا في أحدهما ـ على ما ذكره الحافظ من: أن ثويبة هي التي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم وحمزة، والذي فيهما أن حمزة أخ للنبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة دون تحديد المرأة التي أرضعتها. (انظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، لمحمد فؤاد عبد الباقي 2/103، والبخاري مع الفتح 5/253، ومسلم 2/1071) وأن ثويبة أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا سلمة (انظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، لمحمد فؤاد عبد الباقي 2/103- 104، والبخاري مع الفتح 9/158، ومسلم: 2/1072) .
2 فإن أم حمزة هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة إبنة عم آمنة بنت وهب بن عبد مناف أم النبي صلى الله عليه وسلم (ابن حجر، الإصابة 1/353) .
3 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/271، وابن حجر، الإصابة 1/353-354،وقال ابن عبد البر في ترجمة حمزة رضي الله عنه: “كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنين وهذا لا يصح عندي لأن الحديث الثابت أن حمزة وعبد الله بن عبد الأسد أرضعتهما ثويبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن يكون أرضعتهما في زمانين” ولم أقف على الحديث الثابت المشار إليه في كلام ابن عبد البر وسبق تعقبي على ابن حجر في عزوه للشاهد منه إلى الصحيحين.
4 ابن عبد البر، الاستيعاب: 271، وابن الأثير، أسد الغابة: 1/528.
5 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/271.
6 الذهبي، سير أعلام النبلاء: 1/172.
7 ابن حجر، الإصابة 1/354.
كان يقال له: أسد رسوله، ويكنى: أبا عمارة، وأبا يعلى بابنيه: عمارة، ويعلى1 رُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسله لقبه: أسد الله2وسيد الشهداء3أو: خير الشهداء4، وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسله لواء وأرسله في سرية فكان ذلك أول لواء عقد في الإسلام في قول المدائني5.
شهد رضي الله عنه بدرا وأبلى فيها بلاء حسنا مشهورا: فقد قتل شيبة ابن ربيعة، وشارك في قتل عتبة بن ربيعة أو بالعكس على اختلاف في ذلك، وقتل: طعيمة بن عدي6 وقيل إنه قتل: سباعا الخزاعي يومئذ؛ وقيل: بل قتله يوم أحد قبل أن يقتل7.
شهد رضي الله عنه أحدا وقَتل أكثر من ثلاثين نفسا من المشركين قبل أن يُقتل8 قتله رجل يقال له وحشي مولى لجبير بن مطعم، وكان جبير بن مطعم قد قال لمولاه وحشي: إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر، فتربص وحشي لحمزة رضي الله عنه حتى قتله9.
فقد كان حمزة يقاتل في أحد بين يدي النبي صلى الله عليه وسله بسيفين فقال قائل: أي
1 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/271.
2 ابن حجر، الإصابة 1/354.
3 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/273، والذهبي، سير أعلام النبلاء: 1/173، وابن حجر، الإصابة 1/354.
4 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/273.
5 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/271 ولم يذكر المدائني، ابن حجر، الإصابة 1/354.
6 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/273، وابن الأثير، أسد الغابة: 1/529.
7 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/273.
8 ابن حجر، الإصابة 1/354.
9 البخاري، الجامع الصحيح: 7/367، وابن عبد البر، الاستيعاب: 1/273.
أسد، فبينا هو كذلك إذا عثر عثرة وقع منها على ظهره، فانكشفت الدرع عن بطنه، فطعنه وحشي الحبشي بحربة أو برمح فأنفذه1.
وقد روى البخاري في صحيحه تفصيل قصة استشهاده من رواية القاتل نفسه فقد قال وحشي: إن حمزة قتل طُعَيمة بن عدي بن الخيار ببدر، فقال لي مولاي جبير بن مطعم: إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر. قال: فلما أن خرج الناس عام عينين -وعينين جبل بحيال أحد بينه وبينه واد- خرجت مع الناس إلى القتال فلما اصطفوا للقتال خرج سِبَاع فقال: هل من مبارز؟ قال: فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقال: يا سباع يا ابن أم أنمار مقطعة البظور أتحاد الله ورسوله صلى الله عليه وسله؟ قال: ثم شد عليه فكان كأمس الذاهب قال: وكمنت لحمزة تحت صخرة فلما دنا مني رميته بحربتي فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه قال فكان ذاك العهد به.
فلما رجع الناس رجعت معهم فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام ثم خرجت إلى الطائف فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسله رسولا فقيل لي إنه لا يهيج الرسل قال فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسله فلما رآني قال: "آنت وحشي؟ " قلت: نعم. قال: "أنت قتلت حمزة؟ " قلت: قد كان من الأمر ما بلغك. قال: "فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني". قال: فخرجت فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسله فخرج مسيلمة الكذاب قلت: لأخرجن إلى مسيلمة لعلي أقتله فأكافئ به حمزة قال: فخرجت مع الناس فكان من أمره ما كان قال فإذا رجل قائم في ثلمة2جدار كأنه جمل أورق ثائر الرأس قال: فرميته بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه قال: ووثب رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته3.
1 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/274-275، وابن الأثير، أسد الغابة: 1/530.
2 الثُّلْمَةُ: فُرْجَةُ المكسور والمهدوم (الفيروز آبادي، القاموس المحيط: ص 1402) .
3 البخاري، الجامع الصحيح: 7/367-368.
عاش رضي الله عنه دون الستين 1 ودفن هو وعبد الله بن جحش في قبر واحد2.
ورُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسله قال: لولا أن تجد صفية لتركت دفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع، وكان قد مثل به يومئذ فقد بقرت3هند بنت عتبة عن بطن حمزة رضي الله عنه فأخرجت كبده وجعلت تلوك4كبده ثم لفظتها فقال النبي صلى الله عليه وسله "لو دخل بطنها لم تدخل النار"، فلم يمثل بأحد ما مثل بحمزة، قطعت هند كبده وجدعت أنفه وقطعت أذنيه، وبقرت بطنه5.
وعلّق ابن عبد البر رواية من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسله وقف على حمزة حين استشهد" فبكى ولما رأى ما مُثِّل به: شهق، فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه فقال: رحمك الله أي عم فلقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات"6.
ورثاه: كعب بن مالك - وقيل: عبد الله بن رواحة -بأبيات منها:
بكت عيني وحق لها بكاها
…
وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد الإله غداة قالوا
…
لحمزة ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعا
…
هناك وقد أصيب به الرسول
1 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/273، وابن حجر، الإصابة 1/354.
2 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/273، وابن الأثير، أسد الغابة: 1/531.
3 البَقْرُ: الفتح، والكشف (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث: 1/145) .
4 الَّلوكُ: أهون المضغ، أو مضغ صلب، أو علك الشيء (الفيروز آبادي، القاموس المحيط: ص 1230) .
5 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/274، وابن الأثير، أسد الغابة: 1/530.
6 ابن عبد البر، الاستيعاب: 1/275.