الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: المراد بذلك أن من صلى العشاء في جماعة كانت له كقيام نصف ليلة، أما من صلى الصبح في جماعة فتكون له كقيام الليل كله، وهذا فضل الله عز وجل. وأيَّد ذلك الإمام ابن خزيمة رحمه الله فقال:((باب فضل صلاة العشاء والفجر في الجماعة، والبيان أن صلاة الفجر في الجماعة أفضل من صلاة العشاء في الجماعة، وأن فضلها في الجماعة ضعفي فضل العشاء في الجماعة))، ثم ساق الحديث بنحو لفظ مسلم (1)، وفضل الله عز وجل واسع. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح والعشاء: ((
…
ولو يعلمون ما فيهما لأتوها ولو حبواً)) (2).
8 - اجتماع ملائكة الليل والنهار في صلاة الفجر والعصر
؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون
(1) انظر: صحيح ابن خزيمة، 2/ 365.
(2)
متفق عليه، البخاري، برقم 644، ومسلم، برقم 651، وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.
في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم، كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)) (1). قال الإمام النووي رحمه الله:((ومعنى يتعاقبون: تأتي طائفة بعد طائفة، ومنه تعقب الجيوش، وهو أن يذهب إلى ثغر قوم ويجيء آخرون، وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين، وتكرمته لهم أن جعل اجتماع الملائكة عندهم، ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم، فيكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير)) (2). والأظهر وهو قول الأكثرين أن هؤلاء الملائكة هم الحفظة الكتّاب، وقيل: يحتمل أن يكونوا من جملة الملائكة بجملة الناس غير الحفظة. والله أعلم (3).
(1) متفق عليه: البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 555، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم 632.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 138.
(3)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 138.
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: ((إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامُون (1) في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا)) يعني الفجر والعصر، ثم قرأ جرير:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها} (2).
وقد ثبت الفضل العظيم لمن حافظ على صلاة الفجر والعصر مع الجماعة، فعن أبي بكر بن عمارة بن رؤيبة عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لن يلجَ النارَ أحدٌ
(1) لا تضامون: أي لا يلحقكم ضيم وهو المشقة، وفي رواية بتشديد الميم (تضامُّون: أي لا ينضم بعضكم إلى بعض بل كل يراه منفرداً، وجاء ((هل تضارُّن)) أي لا تضارن غيركم في حالة الرؤية، وكل هذا صحيح. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 3/ 18.
(2)
متفق عليه، البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 554، ومسلم واللفظ له، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم 633، والآية من سورة طه 130، أما في صحيح البخاري فقرأ:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} سورة ق، الآية:39.
صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)) يعني الفجر والعصر (1).
وعنه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى البردين دخل الجنة)) (2)، وهما: الصبح والعصر (3). وقد جاء الوعيد الشديد لمن ترك صلاة العصر، أو فاتته، فعن بريدة رضي الله عنه أنه قال لأصحابه في يوم ذي غيم: بكِّروا بصلاة العصر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله)) (4).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهلُهُ وماله)) (5).
ذكر الإمام القرطبي رحمه الله:أن قوله: ((وُتِرَ أهلُه
(1) مسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم634.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة الفجر، برقم 574، ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر، برقم 635.
(3)
انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/ 262.
(4)
البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم 553.
(5)
متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، برقم 556، ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر، برقم 535.