الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الميم
من اسمه محمد
417 -
محمد بن آدم بن كمال أبو المظفر الهروي (1) الحنفي (2).
[تفقه على القاضي (3)] أبي الهيثم، ثم جدد الفقه على القاضي أبي العلاء صاعد، وتلمذ للأستاذ أبي بكر الخوارزمي.
ذكره عبد الغافر في «سياق نيسابور» وقال: سمعت من أثق به أن القاضي الإمام صاعدا. كان يراجعه في المشكلات في أثناء درسه في الأحايين، وكان يقعد للتدريس في التفسير، والنحو، والتصريف، وشرح الدواوين. مات سنة أربع عشرة وأربعمائة.
ذكره القرشي.
418 -
محمد بن أبان بن وزير (4).
المستملى لوكيع بن الجراح، ويعرف بحمدويه.
(1) في الأصل: «المهدوي» تحريف، صوابه في: الجواهر المضيئة للقرشي، والطبقات السنية، ومعجم الأدباء لياقوت.
(2)
له ترجمة في: الجواهر المضيئة للقرشي 2/ 30، الطبقات السنية ورقة 383 أ، معجم الأدباء للسيوطي 6/ 267، الوافي بالوفيات للصفدي 1/ 333.
(3)
تكملة عن الجواهر المضيئة، والطبقات السنية.
(4)
له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 498، العبر 1/ 443، ميزان الاعتدال 3/ 454، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 319، الوافي بالوفيات للصفدي 1/ 334.
روى عن إسماعيل بن عليّة، وأيوب بن سويد الرملي، وحماد بن أبي أسامة، وسفيان بن عيينة، وأبي عاصم الضحاك بن مخلد، وعبد الله بن رجاء المكي.
روى عنه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وإبراهيم الحربي، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، والحسن بن علي بن شبيب المعمري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم.
وجمع، وصنّف «التفسير» وغيره. مات ببلخ سنة أربع وأربعين ومائتين.
419 -
محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أسود بن أبي بكر الغساني (1).
من أهل المريّة، قدم إلى مصر ولقي بها أبا بكر الطرطوشي، ثم عاد إلى بلده، وشوور واستقضي بمرسيّة مدة طويلة، ثم صرف وسكن مراكش.
قال ابن بشكوال: وتوفي بمراكش في رجب سنة ست وثلاثين وخمسمائة.
وقال أبو جعفر بن الزبير: وله كتاب «تفسير القرآن» وبيته بيت علم ودين.
ذكره المقريزي في «المقفى» .
420 -
محمد بن إبراهيم بن الحسن أبو بكر الفقيه الحنفي الرازي (2).
نزيل الإسكندرية، صاحب الكرامات.
سمع من أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال بمصر، وأبي الحسن علي
(1) له ترجمة في: الصلة لابن بشكوال 2/ 553، المقفى للمقريزي 1/ 31.
(2)
له ترجمة في: الجواهر المضيئة للقرشي 2/ 4، الطبقات السنية ورقة 385 ب.
ابن أحمد السرخاباذي (1)، وروى عن أبي علي الحسين بن علي بن إسحاق الفاقوسي.
وروى عنه أبو بكر يحيى بن إبراهيم بن عثمان بن شبل، وأبو الحسين يحيى بن سعادة، وأبو محمد عبد المعطي بن مسافر بن يوسف القمودي، وأبو محمد عبد الكريم بن أحمد بن فراج التّروجيّ (2)، والكرم راشد بن ناجي بن خلف، وأبو العباس أحمد بن موسى المباحيّ نسبة إلى أكل المباح، وشداد ابن شريف بن صدقة التاجر.
ولم ير في زمنه من الفقهاء من يجري مجراه زهدا وعلما، وكان في الشتاء يمشي في الطين وفي رجله الخف بغير نعل ولا تتلوث رجله.
وكان من أعيان الفقهاء ومن الصلاح على أعلى طريقة، وكان يقعد في داره مستقبل القبلة، وكتبه بين يديه وهو في وسطها لا يلتذ بسواها، وله تصنيف في «تأويل آيتي
القتل في سورة النساء». ومات بالإسكندرية في جمادى الأولى سنة ثلاث. وقيل أربع وتسعين وأربعمائة وكانت جنازته عظيمة جدا.
ذكره المقريزي في «المقفى» .
421 -
محمد بن إبراهيم بن محمد بن عليّ بن رفاعة كمال الدين أبو الفتوح القوصي (3).
(1) نسبة الى سرخاباذ من قرى الري (معجم البلدان).
(2)
نسبة الى تروجة- بالفتح ثم الضم وسكون الواو وجيم- قرية بمصر من كورة البحيرة من أعمال الاسكندرية.
وجاء في ياقوت: أنا أبا بكر الرازي كان أجل شيخ للتروجي، وبه كان يفتخر التروجي (معجم البلدان لياقوت 1/ 845).
(3)
له ترجمة في: الطالع السعيد للادفوي 482، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 27.
مولده بقوص في سنة أربعين وخمسمائة، وتوفي في سنة ست وتسعين وخمسمائة.
وكان عالما متفنّنا في الفقه والأصلين، والنحو واللغة والتفسير، وتقلّد القضاء والأعمال القوصيّة عدة سنين، ومدح بعدة مدائح.
ذكره المقريزي.
422 -
محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة بن حازم بحاء مهملة وزاي- بن صخر بن عبد الله بدر الدين أبو عبد الله بن أبي إسحاق بن الفضل الكناني الشافعي الحموي (1).
ولد بمدينة حماة عشية الجمعة رابع عشر ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة، وسمع من شيخ الشيوخ الأنصاري، ومن والده، ومن عبد الله بن علاق، وجماعة.
وسمع بمصر من الرضيّ بن البرهان، والرشيد العطار، وإسماعيل بن عزّون، وآخرين، وبدمشق من أبي اليسر، وبمكة وغيرها من جماعة، وحدث بالكثير، وتفرّد في وقته، وكان يشارك في معرفة علم الحديث وفي الفقه والأصول والتفسير مشاركة جيدة، وكانت له عبادة وأوراد.
وولي قضاء بيت المقدس مدّة، والخطابة به، وولاه الأشرف خليل قضاء مصر والتدريس بالصالحية، كخطابة الجامع الأزهر، ثم صرف عن القضاء بتقي الدين بن بنت الأعز، وعوض عنه التدريس بالمدرسة الناصرية بجوار قبة
(1) له ترجمة في: الأنس الجليل لمجير الدين الحنبلي 2/ 136، البداية والنهاية لابن كثير 14/ 163، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 425، الدرر الكامنة لابن حجر 3/ 367، ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 107، الرسالة المستطرفة للكتاني 214، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 74 ب، فوات الوفيات 2/ 253، قضاة دمشق لابن قطلوبغا 80، كشف الظنون لحاجي خليفة 1663، 1884، مرآة الجنان 4/ 287، المقفى 1/ 45، مصور بدار الكتب رقم 5372 تاريخ، والترجمة فيه بالنص، النجوم الزاهرة 9/ 298، نكت الهميان للصفدي 235، هدية العارفين للبغدادي 2/ 248، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 18.
الإمام الشافعي، وتدريس المشهد الحسيني، ثم ولي قضاء دمشق بعد موت شهاب الدين محمد بن أحمد الخوييّ، وأضيفت إليه خطابة الجامع الأموي، ثم صرف عن القضاء بإمام الدين عمر القزويني، وبقي على خطابة الجامع، ثم أعيد إلى القضاء بعد موت تقي الدين محمد بن دقيق العيد، فلم يزل على قضاء مصر إلى أن صرفه الناصر محمد بن قلاوون بجمال الدين سليمان بن عمر الزّرعي (1)، ثم أعاده عوضا عن الزرعي، فلما أنشأ السّلطان الجامع الجديد خارج مدينة مصر، ولاه الخطابة به، فطالت ولايته هذه وشاخ وأضرّ وثقل سمعه، فطلب الإعفاء من القضاء فأعفي، ولزم داره إلى أن مات في ليلة الاثنين حادي عشري جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، ودفن بالقرافة، وكان يخطب من إنشائه.
وصنّف كتاب «مناسك الحج» وكتاب «علوم الحديث» وكتابا نحا فيه نحو السهيلي في كتاب «التعريف والإعلام» وزاد عليه، و «كتابا في الكنائس وأحكامها» وخرج له أهل الحديث عوالي ومشيخات، وخرج لنفسه أيضا «أربعين حديثا» تساعيا.
وكان عارفا بطرائق الصوفية، وقصد بالفتوى من الأقطار، وتفرد بها وبرواية أشياء، وكان رئيسا متوددا، لين الأخلاق، عفيفا عن الأموال، زاهدا فيما في أيدي الناس.
وحج مرارا كثيرة، وانتفع الناس بعلمه. وذكر أن الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله، وقف له على فتوى فاستحسن ما كتبه.
(1) ولد الزرعي بأذرعات، وولي قضاء زرع بالضم وكلاهما من أعمال الشام، والنسبة الى الأولى أذرعي، والى الثانية زرعي. فشهر بالثانية. حواشي ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 18.
ومن شعره:
لما تمكّن من فؤادي حبه
…
عاتبت قلبي في هواه ولمته (1)
فرثى له طرفي وقال أنا الذي
…
قد كنت في شرك الهوى أوقعته
عاينت حسنا باهرا فاقتادني
…
سرّا إليه عند ما أبصرته
وله:
أحنّ إلى زيارة حيّ ليلى
…
وعهدي من زيارتها قريب (2)
وكنت أظنّ قرب العهد يطفي
…
لهيب الشوق فازداد اللهيب
أورده الشيخ تقي الدين المقريزي في «المقفى» .
423 -
محمد بن إبراهيم بن المنذر الإمام أبو بكر النّيسابوريّ (3) الفقيه نزيل مكة، وأحد الأعلام، وممن يقتدى به في الحلال والحرام.
كان إماما مجتهدا، حافظا، ورعا.
سمع الحديث من محمد بن ميمون، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ، ومحمد ابن عبد الله بن عبد الحكم، والربيع بن سليمان وغيرهم.
روى عنه أبو بكر بن المقري، ومحمد بن يحيى بن عمّار الدّمياطيّ، شيخ الطلمنكيّ، والحسن بن علي بن شعبان، وأخوه الحسين، وآخرون.
(1) الأبيات في الوفي بالوفيات للصفدي 2/ 19، والمقفى للمقريزي 1/ 47.
(2)
المقفى 1/ 47، والوفي بالوفيات 2/ 19.
(3)
له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 782، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/ 197، الرسالة المستطرفة للكتاني 77، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 102، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 6 أ، طبقات الشيرازي 89، طبقات العبادي 67، طبقات المفسرين للسيوطي 28، الفهرست لابن النديم 215، لسان الميزان 5/ 27، مرآة الجنان لليافعي 2/ 261، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 450، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 344.
وصنّف كتبا معتبرة عند أهل الاسلام، ولم يصنف مثلها في الفقه وغيره، منها كتاب «المبسوط» و «كتاب الإشراف في معرفة الخلاف» ، و «الأوسط» وهو أصل الإشراف، وكتاب «الإجماع» ، وكتاب «الإقناع» «السنن والإجماع والاختلاف» وكتاب «التفسير» الذي لم يصنف مثله، وكان مجتهدا لا يقلد أحدا.
قال الشيخ أبو اسحاق: توفي سنة تسع- أو عشر- وثلاثمائة.
قال الذهبيّ: وهذا ليس بشيء، لأن محمد بن يحيى بن عمّار لقيه سنة ست عشرة وثلاثمائة.
424 -
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان بن محمد بن عبد الله أبو أحمد بن أبي جعفر الأصبهانيّ المعروف بالعسّال- بعين وسين مهملتين- الحافظ العلامة القاضي الأصبهاني (1).
سمع أبا مسلم الكجّيّ، ومحمد بن أيوب البجليّ، وأبا بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن عبد الله الحضرميّ، ومحمد بن عثمان العبسيّ، وأبا شعيب الحرانيّ، وبكر بن سهل الدّمياطيّ، وطبقتهم.
وقرأ لنافع على أبي سهل صاحب المفضل بن شاذان، تلا عليه ابنه أبو عامر عبد الوهاب، وحدّث عنه أولاده أبو عامر، وأبو جعفر أحمد، وإبراهيم، والعباس، وأبو بكر عبد الله، وأبو الحسين عامر، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر المقري، وابن منده، وابن مردويه، وابن أبي علي، ومحمد بن عبد الله الرّباطيّ، وأحمد بن إبراهيم القصّار، وأحمد بن محمد بن ماجة المؤدب، وأبو سعيد النقاش، وأبو نعيم الحافظ، ومحمد بن علي بن مصعب التاجر، وآخرون.
(1) له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 886، العبر للذهبي 2/ 282، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 325.
قال الباطرقانيّ: حدثنا أبو عبد الله بن منده، قال: كان أبو أحمد العسال يتولى القضاء خلافة لعبد الرحمن بن أحمد الطبري وهو أحد الأئمة في الحديث فهما وإثباتا وأمانة.
وقال النقاش: أخبرنا أبو أحمد العسال، ولم ير مثله في الإتقان.
وقال أبو نعيم: أبو أحمد من الكبار في المعرفة، والاتقان، والحفظ، صنف «الشيوخ» و «التفسير» وعامة «المسند» .
وقال أبو يعلى في «الإرشاد» له: أبو أحمد العسال، حافظ، متقن، عالم بهذا الشأن، كان على قضاء أصبهان، من شرط الصحاح، لقيت ابنه أحمد بالري.
قال ابن مردويه: سمعت أبا أحمد العسال يقول: أحفظ في القراءات خمسين ألف حديث، ويقال: إن أبا أحمد أملى تفسيرا كبيرا من حفظه، وقيل إنه أملى أربعين ألف حديث بأردستان، فلما رجع إلى بلده قابل ذلك، فاذا به كما أملى.
وقال الخطيب: حدثنا عبد الله بن أحمد السوذرجانيّ، سمعت ابن منده يقول: كتبت عن ألف شيخ لم أر فيهم أتقن من أبي أحمد العسال.
وقال عبد الرحمن بن منده: سمعت أبي يقول: كتبت عن ألف وسبعمائة شيخ فلم أر فيهم مثل العسّال وأبي إسحاق بن حمزة.
وقيل: كان أبو أحمد لا يمسّ جزءا إلا على طهارة، وأنه صلى بالختمة في ركعة.
ولأبي أحمد أيضا «تاريخ» و «المعجم» له، وكتاب «المعرفة في السنة» وكتاب «الرؤية» وكتاب «العظمة» وكتاب «الرقائق» وكتاب «المسند» على الأبواب، وكتاب «غريب الحديث» على الأبواب، وكتاب
«حروف القراءات» ، وكتاب «كرامات الأولياء» و «كتاب حديث مالك» وكتاب «غسل الجمعة» وأشياء كثيرة.
وكان من كبراء أهل بلده، وذوي الثروة، وكان أبوه من كبار التجار المتمولين وقف أملاكه على أولاده، وكان قد لحق إسماعيل بن عمر البجلي صاحب مسعر، وسمع منه.
ومات سنة اثنتين وثمانين ومائتين، قال ابن مردويه: مات أبو أحمد في شهر رمضان سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وكان مولده يوم التروية سنة تسع وستين ومائتين.
425 -
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان أبو الحسن النحوي (1).
قال الزّبيديّ: وليس هذا بالقديم الذي له [في](2) العروض والمعمى [كتاب](3).
قال الخطيب: كان يحفظ المذهبين البصريّ والكوفيّ في النّحو، لأنه خذ عن المبرّد وثعلب، وكان أبو بكر بن مجاهد، يقول: إنه أنحى منهما.
قال ياقوت: لكنّه إلى مذهب البصريين أميل.
وكان ابن الأنباريّ يقول: خلط المذهبين فلم يضبط منهما شيئا.
قال أبو حيان التوحيديّ: ما رأيت مجلسا أكثر فائدة، ولا أجمع لأصناف العلوم والتّحف والنّتف من مجلسه. وكان يجتمع على بابه نحو مائة رأس من
(1) له ترجمة في: انباه الرواة للخطيب البغدادي 3/ 57، البداية والنهاية لابن كثير 11/ 117، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 1/ 335، روضات الجنات للخوانساري 600، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 15، الفهرست لابن النديم 81، مرآة الجنان لليافعي 2/ 236، معجم الادباء لياقوت 6/ 280، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 178، نزهة الألباء 235، الوافي بالوفيات 2/ 31.
(2)
له ترجمة في: انباه الرواة للخطيب البغدادي 3/ 57، البداية والنهاية لابن كثير 11/ 117، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 1/ 335، روضات الجنات للخوانساري 600، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 15، الفهرست لابن النديم 81، مرآة الجنان لليافعي 2/ 236، معجم الادباء لياقوت 6/ 280، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 178، نزهة الألباء 235، الوافي بالوفيات 2/ 31.
(3)
من انباه الرواة للقفطي ومعجم الأدباء لياقوت.
الدوابّ للرؤساء والأشراف الذين يقصدونه، وكان إقباله على صاحب المرقعة والخلق كإقباله على صاحب الدّيباج والدّابة.
ومن تصانيفه: «معاني القرآن» ، «المهذّب في النحو» ، «غلط أدب الكاتب» ، «اللّامات» ، «البرهان» ، «غريب الحديث» ، «علل النحو» ، «مصابيح الكتّاب» ، «ما اختلف فيه البصريون والكوفيون» وغير ذلك.
قال الخطيب: مات لثمان خلون من ذي القعدة سنة تسع وتسعين ومائتين.
قال ياقوت: هذا لا شكّ سهو، ففي «تاريخ» أبي غالب همّام بن الفضل بن المهذّب المغربيّ: إنه مات سنة عشرين وثلاثمائة.
أورده شيخنا في «طبقات النحاة» .
426 -
محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو الفرج الشّنّبوذي (1) البغدادي (2).
المقرئ. غلام ابن شنّبوذ.
قال الذهبي في «طبقات القراء» : قرأ عليه، وعلى ابن مجاهد، وإبراهيم نفطويه، وابن الأخرم الدمشقي، ومحمد بن هارون التمار، وأبي بكر الأدمي، وأبي مزاحم الخاقاني، وأبي بكر النقاش. وأكثر الترحال في طلب القراءات وتبحر فيها، واشتهر أسمه وطال عمره.
قرأ عليه الهيثم بن أحمد الصباغ، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي، وأبو الفرج الأسترآباذي، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن الحسن
(1) نسبة الى شيخه ابن شنبوذ (اللباب لابن الأثير 2/ 30).
(2)
له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 1020، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 50، طبقات القراء للذهبي 1/ 268، طبقات المفسرين للسيوطي 37، العبر للذهبي 3/ 40، اللباب 2/ 30، معجم الأدباء 6/ 304، المنتظم لابن الجوزي 7/ 204، النجوم الزاهرة 4/ 199، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 39.
الكارزيني، وأبو علي الأهوازي، وخلق سواهم. وكان عالما بالتفسير وعلل القراءات.
قال الخطيب: سمعت عبد الله بن أحمد يذكر الشنية ذي فعظّم أمره، وقال سمعته يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن.
وقال أبو عمرو الداني: مشهور نبيل حافظ ماهر حاذق، كان يتجول في البلدان، سمعت عبد العزيز بن علي المالكي يقول: دخل أبو الفرج غلام بن شنبوذ على عضد الدولة زائرا، فقال له: يا أبا الفرج، إن الله يقول: يَخْرُجُ (1) مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ونرى العسل يأكله المحرور فيتأذى به، والله الصادق في قوله. فقال:
أصلح الله الملك، إن الله لم يقل فيه الشفاء للناس بالألف واللام اللذين يدخلان لاستيفاء الجنس، وإنما ذكره منكرا، فمعناه فيه شفاء لبعض الناس دون بعض.
قال الداني: الصواب أن الألف واللام في قوله للناس، لا يستغرقان الجنس كله، كما لا يستغرقانه في قوله: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ (2) وقوله فَنادَتْهُ (3) الْمَلائِكَةُ وفي قوله: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ (4) وشبهه.
وسمعت عبد الرحمن بن عبد الله يقول: كنت أجلس إلى الشّنبوذي أسمع منه التفسير، وكان من أعلم الناس به. سمعت فارس بن أحمد يقول: علينا الشّنبوذي حمص، فقال لنا: كيف يقف الكسائي على قوله: تراءى الجمعان؟ فقلنا: الفائدة من الشيخ أعزه الله، فقال: تراءى، فأمالها.
(1) سورة النحل 69.
(2)
سورة آل عمران 173.
(3)
سورة آل عمران 39.
(4)
سورة التوبة 30.
قال أبو بكر الخطيب: ولد الشنبوذي سنة ثلاثمائة، وتكلم الناس في رواياته فحدّثني أحمد بن سليمان الواسطي المقرئ، قال: كان الشنبوذي يذكر أنه قرأ على الأشناني، فتكلم الناس فيه. وقرأت [عليه](1) لابن كثير، ثم سألت الدارقطني عنه فأساء القول فيه.
وتعقب ذلك شيخ المقرئين شمس الدين بن الجزري في «طبقات القراء» فقال: وثقه الحافظ أبو العلاء الهمذاني وأثنى عليه، قال: ولا نعلمه ادعى القراءة على الأشناني.
وله من الكتب كتاب «ما خالف فيه ابن كثير أبا عمرو» قال الخطيب: توفي أبو الفرج الشنبوذي يوم الاثنين لثلاث خلون من صفر، سنة ثمان وثمانين (2) وثلاثمائة، انتهى.
وشنّبوذ بفتح الشين المعجمة والنون المشددة ثم باء موحدة وآخره ذال معجمة، فقلت هذا الضبط من «حاشية الشفاء» للشيخ شهاب الدين بن رسلان.
427 -
محمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي صاحب كتاب «الكشف (3) والبيان في القرآن» ................ (4)
428 -
محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر التونسيّ العلامة أبو عبد الله
(1) من طبقات القراء لابن الجزري.
(2)
في الأصل: «سنة ثمان وعشرين» وصوابه في مصادر الترجمة.
(3)
كتاب «الكشف والبيان في تفسير القرآن» لأحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، والد المترجم، وقد تقدمت ترجمته رقم 59، وانظر أيضا كشف الظنون لحاجي خليفة 2/ 1496.
(4)
بياض في الأصل، وجاء في حاشية نسخة معهد المخطوطات:«ستكمل ترجمته إن شاء الله» .
الوانوغيّ (1) المالكي.
نزيل الحرمين. كان عالما بالتفسير والأصلين والعربيّة والفرائض والحساب والجبر والمقابلة والمنطق، ومعرفته بالفقه دون غيره.
ولد سنة تسع وخمسين وسبعمائة بتونس ونشأ بها، وسمع من مسندها أبي الحسن بن أبي العباس البطرنيّ خاتمة أصحاب الأستاذ أبي جعفر بن الزبير بالإجازة، وسمع أيضا من ابن عرفة، وأخذ عنه الفقه والتفسير والأصلين، والمنطق، وعن الوليّ بن خلدون الحساب والهيئة والأصلين والمنطق والنّحو عن أبي العباس البصار.
وكان شديد الذكاء سريع الفهم، حسن الإيراد للتدريس والفتوى، وإذا رأى شيئا وعاه وقدّره وإن لم يعتن به وله «تأليف على قواعد ابن عبد السلام» و «عشرون سؤالا في فنون العلماء (2)» تشهد بفضله، بعث بها إلى القاضي جلال الدين البلقينيّ، فأجاب عنها فردّ ما قاله البلقينيّ.
وكان يعاب عليه إطلاق لسانه في العلماء، ومراعاة السائلين في الإفتاء.
ومات بمكة المشرفة في سحر يوم الجمعة، تاسع عشري شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثمانمائة.
أورده شيخنا في «طبقات النحاة» .
(1) له ترجمة في: ذيل تذكرة الحفاظ 277، الضوء اللامع للسحاوي 7/ 3، كشف الظنون لحاجي خليفة 92، نيل الابتهاج للسبتي 268.
(2)
«عشرون سؤالا في فنون من العلم» وفي كشف الظنون لحاجي خليفة 92: «الأسئلة في فنون من العلم» وسيذكر المصنف هذه الترجمة مرة أخرى فيما بعد، وقد ورد اسم الكتاب فيها:«عشرون سؤالا في العلم» .
429 -
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف الشيخ العلامة الزاهد وليّ الدين أبو عبد الله العثماني الديباجي الشافعي المعروف بابن المنفلوطي وبالملوي (1).
ولد سنة ثلاث عشرة وسبعمائة وسمع من جماعة، وتفقه وبرع في فنون، وأخذ عن الشيخ نور الدين الأردبيلي، وحدث واشتغل، وكان قد نشأ بدمشق، ثم طلب إلى الديار المصرية في أيام الناصر حسن، ودرس بالمدرسة (2) التفسير بالمنصورية وغيرهما.
قال الشيخ وليّ الدين العراقي: برع في التفسير، والفقه، والتصوّف، وكان متمكنا من هذه العلوم، قادرا على التصرف فيها، حلو العبارة، حسن الوعظ، كثير العبادة والتأله، جمع وألف، وشغل وأفتى، ووعظ وذكر، وانتفع به الناس، ولم يخلف في معناه مثله.
وقال الحافظ شهاب الدين بن حجّي: تفرّد بحسن التدريس، وكان يتصوف، وكان من ألطف الناس وأظرفهم شكلا وهيئة، وله تواليف بديعة الترتيب، توفي في ربيع الأول سنة أربع وسبعين وسبعمائة.
وذكر أنه لما حضرته الوفاة قال: هؤلاء ملائكة ربي قد حضروا وبشّروني بقصر في الجنة، وشرع يرد السلام عليكم. ثم قال: انزعوا ثيابي عني فقد جاءوا بحلل من الجنة، وظهر عليه السرور ومات في الحال، ودفن بتربة الأمير ناصر الدين بن آقبغا آص، وكانت جنازته مشهودة، قال بعضهم حزر الجمع الذين صلوا عليه بثلاثين ألفا.
(1) له ترجمة في: الأنس الجليل لمجير الدين الحنبلي 2/ 109، البدر الطالع للشوكاني 2/ 257، ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 376، الضوء اللامع للسحاوي 9/ 255، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 247، قضاة دمشق لابن قطلوبغا 121، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 56، هدية العارفين للبغدادي 2/ 187، 188.
(2)
في الأصل: «وتدريس التفسير بالمنصورية» . ولعل الأوفق ما أثبته.
ذكره ابن قاضي شهبة.
430 -
محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الشيخ شمس الدين أبو الخير المنعوت بابن الجزري (1).
الدمشقي، الشافعي، المقرئ، الحافظ شيخ الإقراء في زمانه.
ولد في ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، بداخل خط القصاعين بين السورين.
وأخذ القراءات عن أبي محمد عبد الوهاب بن السلار، وأبي العباس أحمد بن إبراهيم بن الطحان، والشيخ أحمد بن رجب، والشيخ إبراهيم الحموي، وأبي المعالي بن اللبان، وأبي عبد الله محمد بن صالح والإمام بالمدينة الشريفة، وأبي بكر عبد الله بن الجندي، والعلامة أبي عبد الله محمد ابن الصائغ، وأبي محمد عبد الله بن البغدادي، وغيرهم.
وسمع الحديث من أصحاب الدمياطي، والأبرقوهي، والفخر بن البخاري.
وأخذ الفقه عن الإسنويّ وغيره، وقرأ الأصول والمعاني والبيان على الشيخ. ضياء الدين سعد الله القزويني:
وأذن له في الإفتاء الحافظ عماد الدين بن كثير، والشيخ سراج الدين البلقيني، وولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح بدمشق، وولي قضاء الشام سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة.
ثم دخل مملكة الروم لما ناله من الظلم فاتصل بملكها أبي يزيد (2) بن
(1) له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 1/ 46، الدرر الكامنة لابن حجر 3/ 395، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 94 أ.
(2)
كذا في الأصل، وهو يوافق ما في: ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي، والضوء اللامع. وفي طبقات القراء لابن الجزري:«با يزيد بن عثمان» .
عثمان فأكرمه وانتفع به أهل الروم، فلما دخل تيمورلنك إلى الروم، وقتل ملكها، اتصل بتيمور ودخل معه بلاد العجم، وولي قضاء شيراز، وانتفع به أهلها في القراءة والحديث، وكان إماما في القراءات لا نظير له في عصره، حافظا للحديث وغيره أتقن منه فيه.
وألف «النشر في القراءات العشر» ومختصرة «التقريب» و «تحبير التيسير في القراءات العشرة» ، «طبقات القراء» جمع فيه فأوعى و «شرح المصابيح» في ثلاثة أسفار، وألف في التفسير، والحديث، والفقه، والعربية، وله تخاريج في الحديث وعمل، وصفه الحافظ ابن حجر بالحفظ في مواضع عديدة من «الدرر الكامنة» .
ونظم «غاية المهرة في الزيادة على العشرة» ونظم «طيبة النشر في القراءات العشر» و «الجوهرة» في النحو، و «المقدمة فيما على القارئ أن يعلمه» وقصيدة سماها «التذكار في رواية أبان العطار» .
مات سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة.
431 -
محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة بن نوح بن أزهر أبو منصور الأزهريّ الشافعيّ (1).
الإمام في اللغة.
ولد بهراة سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
وأخذ عن الربيع بن سليمان، وسمع بهراة من الحسين بن إدريس، ومحمد عبد الله الشافعي، وطائفة.
(1) له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 960، روضات الجنات للخوانساري 175، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 63، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 12 أ، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 5، اللباب لابن الأثير 1/ 38، معجم الأدباء لياقوت 6/ 297، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 111، النجوم الزاهرة 4/ 139، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 45، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 458.
ثم رحل إلى بغداد، فسمع أبا القاسم البغويّ، وأبا بكر بن أبي داود، وإبراهيم بن عرفة نفطويه، وابن السّرّاج، وأبا الفضل المنذيريّ، وعبد الله ابن عروة وغيرهم.
وروى عنه أبو يعقوب القرّاب، وأبو ذرّ عبد (1) بن أحمد، وأبو عثمان سعيد القرشيّ، والحسين الباشانيّ، وعلي بن أحمد خمروزيه، وغيرهم.
وكان إماما في اللغة، بصيرا في الفقه، عارفا بالمذهب، عالي الإسناد، ثخين الورع، كثير العبادة والمراقبة، شديد الانتصار لألفاظ الشافعي، متحريا في دينه.
أدرك ابن [دريد (2)] وامتنع أن يأخذ عنه اللغة (3).
وقد حمل عنه اللغة جماعة، منهم أبو عبيد الهرويّ صاحب الغريبين.
ومن مصنفاته «التهذيب» الذي جمع فيه فأوعى في عشرة مجلدات، و «التقريب» في التفسير، و «تفسير، ألفاظ مختصر المزني» و «علل القراءات» وكتاب «الروح وما ورد فيها من الكتاب والسنة» و «تفسير الأسماء الحسنى» و «تفسير إصلاح المنطق» و «تفسير السبع الطّول» (4) و «شرح شعر ديوان أبي تمام» و «الأدوات» .
وأسرته القرامطة، فحكى عن نفسه أنه وقع في أسر عرب نشأ وافى البادية، يتبعون مساقط الغيث أيام النّجع، ويرجون إلى أعداد المياه في
(1) في الأصل: عبد الرحمن. وما أثبتنا عن المشتبه وتاريخ الاسلام والشذرات وتذكرة الحفاظ للذهبي وطبقات الشافعية للسبكي.
(2)
من طبقات الشافعية للسبكي، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة.
(3)
في طبقات النحاة لابن قاضي شهبة: «ولم يأخذ عن أبي بكر بن دريد تدينا وتورعا لأنه رآه سكرانا» .
(4)
السبع الطول: من البقرة الى الأعراف، والسابعة سورة يونس أو الأنفال وبراءة جميعا، لأنها سورة واحدة عند الجوهري. القاموس (ط ول).
محاضرهم زمن القيظ، ويتكلمون بطباعهم البدوية، ولا يوجد في منطقهم لحن أو خطأ فاحش، قال فبقيت في أسرهم دهرا طويلا، واستفدت منهم ألفاظا جمّة. توفى بهراة في شهر ربيع الآخر سنة سبعين وثلاثمائة.
أخبرني القاضي زين الدين عبد الغني (1) بن شيخ الإسلام علامة أوانه، قاضي المالكية شمس الدين محمد البساطي، والخطيب شمس الدين أبو عبد الله محمد بن [محمد بن (2)] قدامة الحنبلي، وخاتمة المسندين أمة الخالق بنت عبد اللطيف العقبى تسويغا، عن أم عبد الله عائشة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي العباس بن أبي طالب، عن ابن عمر، أنبأنا عبد الأوّل ابن عيسى أنبأنا علي بن أحمد خميرويه، حدثنا محمد بن أحمد بن الأزهر إملاء، حدثنا عبد الله بن عروة، حدثنا محمد بن الوليد، عن غندر، عن شعبة، عن الحكم، عن علي بن الحسين، عن مروان بن الحكم، قال:
شهدت عليا وعثمان، فنهى عثمان عن التمتع، وأن يجمع بينها، فلما رأى ذلك عليّ أهل بهما، فقال: لبّيك بحجّة وعمرة. فقال عثمان: تراني أنهي الناس، وأنت تفعله؟ فقال: لم أكن لأدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد من الناس.
قال الحافظ الذهبي: إسناده صحيح. وهو شيء غريب، إذ فيه رواية عليّ بن الحسين، عن مروان، وفيه تصويب مروان اجتهاد عليّ على اجتهاد عثمان رضي الله عنهما، مع كون مروان عثمانيا.
وجد على أصل كتاب «التهذيب» بخط الأزهري:
وإنّ عناء تعلّم جاهلا
…
ويحسب جهلا أنه منك أعلم
متى يبلغ البنيان يوما تمامه
…
إذا كنت تبنيه وآخر يهدم
فكيف بناء خلفه ألف هادم
…
وألف وألف ثم ألف وأعظم
(1) أنظر ترجمته في الضوء اللامع للسحاوي 4/ 255.
(2)
ما بين المعقوفتين بياض في الأصل، أكملته من الكواكب السائرة 1/ 19.
432 -
محمد بن أبي سعد أحمد بن الحسن بن علي أحمد بن سليمان أبو الفضل البغدادي ثم الأصبهاني.
من بيت العلم والحديث، كان واعظا عالما فصيحا عارفا بالتفسير.
روى عن ابن فاذشاه، وابن زيد.
وعنه الحافظ أبو سعد. مات في صفر سنة ثمانين وأربعمائة.
433 -
محمد بن أحمد بن حسنويه أبو أحمد الزاهد الحسنوييّ (1).
كان فاضلا عالما زاهدا.
سمع أبا بكر بن خزيمة، وأبا العباس السراج، وأقرانهما.
قال الحاكم: كان من كبار مشايخ التصوف، ذا لسان وبيان، وكان مقدّما في معاني القرآن. مات في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين وثلاثمائة.
محمد (2) بن أحمد بن عثمان بن عمر التونسي العلامة أبو عبد الله الوانوغي (3).
نزيل الحرمين. كان عالما بالتفسير والأصلين العربية والفرائض والحساب والجبر والمقابلة والمنطق، ومعرفته بالفقه دون غيره.
ولد سنة تسع وخمسين وسبعمائة بتونس، ونشأ بها، وسمع من مسندها أبي الحسن بن أبي العباس البطرني خاتمة أصحاب ابن الزبير بالإجازة، وسمع أيضا من ابن عرفة، وأخذ عنه الفقه والتفسير والأصلين والمنطق، وعن
(1) له ترجمة في: اللباب لابن الأثير 1/ 300.
(2)
سبقت ترجمته برقم 428.
(3)
له ترجمة في: ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 277، الضوء اللامع للسحاوي 7/ 3، كشف الظنون لحاجي خليفة 92، نيل الابتهاج للسبتي 268.
الولي بن خلدون الحساب والهندسة. والأصلين والمنطق والنحو عن أبي العباس البصار.
وكان شديد الذكاء، سريع الفهم، حسن الإيراد للتدريس والفتوى، وإذا رأى شيئا وعاه وقرّره وإن لم يعتن به.
وله «تأليف على قواعد ابن عبد السلام» ، و «عشرون سؤالا في العلم» تشهد بفضله، بعث بها إلى القاضي جلال الدين البلقيني فأجاب عنها، فرد ما قاله البلقيني.
وكان يعاب عليه إطلاق لسانه في العلماء ومراعاة السائلين في الإفتاء.
مات رحمه الله بمكة المشرفة في سحر يوم الجمعة تاسع عشري من شهر ربيع الآخر، سنة تسع عشرة وثمانمائة.
ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .
434 -
محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح- بسكون الراء والحاء المهملة- الأنصاري الخزرجي المالكي أبو عبد الله القرطبي (1).
مصنف «التفسير» المشهور، الذي سارت به الركبان.
كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة، أوقاته معمورة ما بين توجّه وعبادة وتصنيف، جمع في تفسير القرآن كتابا كبيرا في خمسة عشر مجلدا، سماه كتاب «جامع أحكام القرآن والمبيّن لما تضمنه من السنة وآي القرآن (2)، وهو من أجلّ التفسير وأعظمها نفعا، أسقط منه القصص
(1) له ترجمة في: الديباج المذهب لابن فرحون 317، طبقات المفسرين للسيوطي 28، نفح الطيب للمقري 2/ 110، هدية العارفين للبغدادي 2/ 129، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 122.
(2)
كذا في الأصل، والديباج المذهب لابن فرحون، واسمه في كشف الظنون:«جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وآي الفرقان» ، وهو أولى.
والتواريخ، وأبت عوضها أحكام القرآن، واستنباط الأدلة، وذكر القراءات، والإعراب، والناسخ والمنسوخ، وله «شرح الأسماء الحسنى» وكتاب في مجلدين سمّاه «الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى» وكتاب «التذكار في أفضل الأذكار» وضعه على طريقة «التبيان» للنووي لكن هذا أتم منه وأكثر علما، وكتاب «التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة» وكتاب «شرح التقصّي» وكتاب «قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكتب والشفاعة». قال ابن فرحون: لم أقف على تأليف أحسن منه في بابه، وله «أرجوزة» جمع فيها أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وله تآليف وتعاليق مفيدة غير هذه.
وكان طارح التكلف، يمشي بثوب واحد وعلى رأسه طاقية.
سمع من ابن رواج، ومن ابن الجميزي، والشيخ أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي شارح «مسلم» بعضه، وأبي علي الحسن بن محمد بن محمد البكري الحافظ، وغيرهم.
وروى عنه ولده شهاب الدين أحمد.
قال الذهبي: إمام متقن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة، تدل على إمامته وكثرة اطلاعه ووفور فضله، كان مستقرا بمنية بني خصيب من الصعيد الأدنى، وبها توفى في ليلة الاثنين التاسع من شوال سنة إحدى وسبعين وستمائة.
435 -
محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي بكر ابن علي القرشي المقري ويكنى أبا عبد الله (1).
قاضي الجماعة بفاس، تلمساني، هذا الرجل مشار إليه بالعدوة الغربية اجتهادا ودءوبا وحفظا وعناية واطلاعا ونبلا ونزاهة.
(1) له ترجمة في: الديباج المذهب لابن فرحون 288.
سليم الصدر، محافظ على العمل، حريص على العبادة، قائم على علم العربية والتفسير أتم القيام.
ويحفظ الحديث، ويتفجر بحفظ الأخبار والتاريخ والآداب، ويشارك مشاركة فاضلة في الأصلين والجدل والمنطق.
وله شعر جيد، ويتكلم في طريق الصوفية كلام أرباب المعالي، ويعتني بالتدوين فيها؛ حجّ ولقي جلة، ثم عاد إلى بلده، فأقرأ به وانقطع إلى خدمة العلم، فلما ولي السلطان أبو عنان المغرب، ولاه قضاء الجماعة بفاس، فاستقل بذلك أعظم الاستقلال، وأنفذ الحق وألان الكلمة، وآثر التشديد.
قرأ العلم واستفاد على الإمامين العالمين الراسخين، أبي زيد عبد الرحمن، وأبي موسى عيسى، ابني (1) الإمام الحافظ ناصر الدين موسى عمران بن موسى بن يوسف المشدالي، وكان رحمه الله نسيج وحده في المتأخرين، وعلى قاضي الجماعة بتلمسان أبي عبد الله محمد بن منصور بن هدية القرشي، من ولد عقبة بن عامر الفهري، وغيرهم من المشايخ الجلة.
وألف «كتابا يشتمل على أزيد من مائة مسألة فقهية» ضمنها كل أصل من الرأي والمباحثة، ودون في التصوف «إقامة المريد ورحلة المتبتل» وكتاب «الحقائق والرقائق» .
قال ابن الخطيب: اتّصل بنا نعيه في شهر محرم عام تسعة وخمسين وسبعمائة، وأراه توفي في ذي الحجة من العام قبله.
أورده ابن فرحون.
(1) في الأصل: «وأبي موسى عيسى بن الإمام وعلي الامام العالم الحافظ ناصر الدين» والمثبت في الديباج لابن فرحون، ولعله الصواب.
436 -
محمد بن أحمد بن عبد الله أبو بكر بن خوازمنداد (1).
ويقال خويزمنداد.
قال ابن فرحون: ورأيت على كتبه بخطه: محمد بن أحمد بن إسحاق أبو عبد الله، تفقه على الأبهري، وله «كتاب كبير في الخلاف» و «كتاب في أصول الفقه» و «كتاب في أحكام القرآن» .
وعنده شواذ عن مالك، وله اختيارات كقوله في أصول الفقه: العبيد لا يدخلون في خطاب الأحرار، وأن خبر الواحد يوجب العلم، وفي بعض مسائل الفقه حكاية عن مالك في التيمم أنه يرفع الحدث، ولم يكن بالجيد النظر، ولا قوي الفقه.
وقد قال فيه أبو الوليد الباجي: لم أسمع له في العراق ذكرا، وكان يجانب الكلام وينافر أهله، حتى يؤدّي ذلك إلى منافرة المتكلمين من أهل السنة، ويحكم على الكل منهم بأنهم من أهل الأهواء، الذين قال مالك في منكحتهم وشهادتهم وإمامتهم، ما قال.
437 -
محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر بن بحير بن صالح بن عبد الله ابن أسامة أبو طاهر الذهلي القاضي السدوسي البصري البغدادي المالكي (2).
ولي قضاء البصرة، وواسط، ودمشق، ومصر، وكان أبوه ولي قضاء البصرة، وواسط، وكان يستخلف ولده هذا.
دخل أبو طاهر مصر سنة أربعين وثلاثمائة، وحج منها وعاد إليها، وتولى القضاء بها، ولم يتول قضاء مصر أحد من القضاة الذين تولوا قضاء بغداد غيره، وغير يحيى بن أكثم.
(1) له ترجمة في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 1/ 323، الديباج المذهب لابن فرحون 268، لسان الميزان 5/ 291، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 52.
(2)
له ترجمة في: الديباج المذهب لابن فرحون 314، العبر 2/ 344، قضاة دمشق لابن قطلوبغا 34، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 130، الولاة والقضاة للكندي 160.
روى أبو طاهر عن أبي غالب علي بن أحمد بن النضر، وإسحاق بن خالويه، والحسين بن الكميت، وأبي مسلم الكجي، وأبي خليفة الفضل بن الحباب، وجعفر بن محمد الفريابي، ويوسف بن يعقوب القاضي، وجماعة كثيرة من الأعيان.
قال ابن زولاق: وكان أبو طاهر كثير الحديث والأخبار، واسع المذاكرة، قد عنى به أبوه فسمعه في سنة سبع وثمانين ومائتين، فأدرك جماعة منهم علي بن محمد السمسار، وعبد الله بن الإمام أحمد، وغيرهما.
وحدّث ببغداد يسيرا، ونزل مصر فحدّث بها وأكثر، وكتب عنه عامة أهلها.
وسمع منه الحافظ أبو الحسن الدارقطني، وأبو أسامة الهروي، والحافظ عبد الغني بن سعيد، وأبو العباس الصيرفي، وخلائق لا يحصون كثرة.
وذكره ابن ماكولا فقال: كان ثقة ثبتا كثير السماع فاضلا، وكان من بيت جليل في الحديث والقضاء، وكان يذهب إلى قول مالك بن أنس، وربما اختاره، وكان من أهل القرآن والعلم والأدب مفننا في علوم.
وله «كتاب في الفقه» أجاب فيه عن مسائل «مختصر المزني» على قول مالك بن أنس، واختصر «تفسير الجياني» و «تفسير البلخي» وكان يخالف قول مالك في الحكم باليمين مع الشاهد، ويحكى أن أباه وإسماعيل القاضي كانا لا يحكمان به، وكانا مالكيين، وكان إذا شهد عنده الشاهد الواحد ليس معه سواه رد الحكم، ومما استحسن من كلامه أنه تلقى الخليفة المعز لدين الله بالإسكندرية وهو أحد الخلفاء العبيديين، وكان مع الخليفة قاضيه النعمان بن محمد، فلما جلس أبو طاهر عنده سأله الخليقة عن أشياء، منها:
أنه قال له: كم رأيت من خليفة؟ فقال: واحدا، فقال: ومن هو؟ فقال:
أنت، والباقي ملوك.
ثم قال: أحججت؟ قال: نعم، فقال: وزرت؟ قال: نعم قال:
سلمت على الشيخين؟ قال: شغلني عنهما النبيّ صلى الله عليه وسلم، كما شغلني أمير المؤمنين عن وليّ عهده، فأرضى الخليفة وتخلص من وليّ عهده، وكان لم يسلم عليه بحضرة الخليفة، فازداد به الخليفة عجبا، وخلع عليه، وأبقاه على ولايته، وأجازه بعشرة آلاف درهم.
وأقام النعمان بن محمد بمصر لا ينظر في شيء اختيارا، ولما أسن وضعف عزله العزيز بالله، وولي ابن النعمان، فكانت ولاية أبي الطاهر ست عشرة سنة، وقيل ثمان عشرة سنة، بل استعفى قبل موته بيسير.
ومولده سنة تسع وسبعين ومائتين، وهي سنة النجباء، ولد فيها هو وجعفر بن الفرات، والحسين بن القاسم بن عبيد الله، وغيرهم.
وقال رحمه الله: كتبت العلم بيدي ولي تسع سنين. وتوفي بمصر سنة سبع وستين وثلاثمائة، وله ثمان وثمانون سنة، وقيل غير ذلك.
ذكره القاضي عياض رحمه الله.
438 -
محمد بن أحمد بن عبد الله هلال بن عبد العزيز بن عبد الكريم ابن عبد الله بن حبيب أبو بكر السلمي الجبنيّ الأطروش (1).
شيخ القراء بدمشق.
ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
أخذ القراءة عرضا عن أبيه، وابن الأخرم، وجعفر بن أبي داود، وأحمد ابن عثمان السباك، والحسين بن محمد بن علي بن عتاب، ومحمد بن أحمد ابن عتاب.
(1) له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 84، طبقات القراء للذهبي 1/ 299.
أخذ القراءة عنه عرضا علي بن الحسن الربعي، ومحمد بن الحسن الشيرازي، وأحمد بن محمد بن يزده الأصبهاني، ورشاء بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وقال عنه في «الإيضاح»: وما خلت دمشق قط من إمام كبير في قراءة الشاميين يسافر إليه فيها، وما رأيت بها مثل أبي بكر السلمي، من ولد أبي عبد الرحمن السلمي، إماما في القراءة ضابطا للرواية، قيّما بوجوه القراءات، يعرف صدرا من التفسير، ومعاني القراءات.
قرأ على سبعة من أصحاب الأخفش، له منزلة في الفضل والعلم والأمانة والورع والدين والتقشف والصيانة.
قال ابن الجزري في «القراء» : وكان أبوه يؤم بمسجد تل الجبن بدمشق، ولهذا قيل له الجبنى. مات في سابع ربيع الآخر سنة ثمان. وقال الأهوازي، وهو الأصح: سنة سبع وأربعمائة، ودفن خارج الباب الصغير من دمشق، وقد جاوز الثمانين.
439 -
محمد بن أحمد بن عبد الله النحوي من أهل المرية يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن اللجالش (1)111.
رحل إلى المشرق، واستوطن مكة، وأخذ عن أبي المعالي الجويني، وكريمة المروزيّة، وغيرهما.
أخذ الناس عنه هنالك، وكان عالما بالأصول والنحو، مقدما في معرفتهما، وله اختصار في كتاب أبي جعفر الطبري في «تفسير القرآن» . توفي في نحو التسعين وأربعمائة.
ذكره ابن تشكوال في «الصلة» .
(1) له ترجمة في: الصلة لابن بشكوال 2/ 533.
440 -
محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر أبو بكر الكناني الفقيه الشافعي عرف بابن الحداد (1).
قاضي مصر. وقيل له أيضا ابن الحداد؛ لأن أحد أجداده كان يعمل الحديد ويصنعه، فنسب إليه.
كان من أعيان الفقهاء المشهورين، وهو صاحب «الفروع» المشهورة على مذهب الشافعي.
حدّث عن أبي عبد الرحمن النسائي، ومحمد بن عقيل، وأبي الزّنباع روح بن الفرج، والحسن بن علي بن زولاق، وعبد الله بن أحمد الخفاف، ومحمد بن جعفر بن لإمام، ومحمد بن جعفر بن أعين، وكتب علم أبي عبد الرحمن النسائي وعول عليه، وأخذ عنه علم الحديث، وأخذ علم القضاء عن عبيد علي بن الحسين بن حربويه وسار عنه رسولا إلى بغداد في سنة عشر وثلاثمائة، ولقي بها محمد بن حرير الطبري، وأبا سعيد الإصطخري، وابن الصيرفي، ونفطويه.
قال ابن يونس: وكان فيه بأو وفصاحة لسان، وكان يحسن النحو والفرائض، وكتب الحديث، وكان حافظا للفقه على مذهب الشافعي.
وقال أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق: كان فقيها عالما متعبدا، يحسن علوما كثيرة، منها علم القرآن، وعلم الحديث، والأسماء والكنى
(1) أنظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 899، طبقات الشافعية للاسنوي 64، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 79، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 10 أ، طبقات الشيرازي 93، طبقات العبادي 65، العبر
2/ 264، مرآة الجنان لليافعي 2/ 336، المقفى لليافعي 1/ 100، والترجمة فيه بالنص، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 313، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 69، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 336.
للرواة، والنحو واللغة، واختلاف العلماء وأيام الناس، وسير الجاهلية والعرب، والأنساب، ويحفظ شعرا كثيرا، ويختم كل يوم وليلة ختمة قائما.
ويصوم يوما ويفطر يوما، ويختم يوم الجمعة ختمة أخرى قبل الصلاة في ركعتين.
وكان حسن الثياب رفيعها، حسن المركوب، طويل اللسان، غير مطعون عليه في لفظ ولا فعل، مجمع على صيانته وطهارته.
عمل «كتاب أدب القضاء» في أربعين جزءا وكتاب «الرائض في الفقه» في نحو مائة جزء وله كتاب «جامع الفقه» و «كتاب المسائل المنثورة» و «كتاب فضائل القرآن» و «كتاب الرد على محمد بن علي النسائي» و «كتاب استئذان البكر في تزويجها» .
وقال فيه أحمد بن علي الكحال من أبيات:
كالشافعي تفقها والأصمعي
…
تفهما والتابعين تزهدا
وكان مولده لتسع بقين من شهر رمضان سنة أربع وستين ومائتين.
وتوفى في منصرفه من الحج في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة بمنية جريج على باب مدينة مصر.
أورده المقريزي في «المقفى» .
441 -
محمد بن أحمد محمد بن عبد الله بن سحمان جمال الدين أبو بكر الوائلي البكري الأندلسي المعروف بالشريشي المالكي النحوي (1).
(1) له ترجمة في: تاريخ علماء بغداد للسلامي 177، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 19، نفح الطيب 2/ 131، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 131.
ولد بشريش في العشرين من صفر سنة إحدى وستمائة.
وتفقّه وبرع في المذهب، وأتقن العربية والأصول والتفسير، وتفنن في العلوم.
وطاف البلاد، فسمع بالإسكندرية من أبي عبد الله محمد بن عماد الحراني وبدمشق من مكرّم بن أبي الصقر، وابن الشيرازي.
وبحلب من أبي البقاء يعيش بن علي النحوي، وبإربل من الفخر الإربليّ، وببغداد من القطيعيّ، وابن روزبه، وابن اللّتي، وياسمين بنت البيطار، وخلق.
وجمع ودرس وأفتى، وعني بالحديث، وقال الشعر، ودرس بالرباط الناصريّ والنّورية وغيرهما، ودخل مصر ودرس بالفاضليّة، ثم القدس، ثم عاد إلى دمشق، وطلب لقضائها فامتنع.
وتخرّج به ولده كمال الدين، وروى عنه، وابن العطار، وابن تيمية، والمزّيّ، والبرزاليّ، والذهبيّ. والقطب الحلبيّ، وابن الخبّاز.
ومدحه العلم السخاوي بقصيدة، وكان من العلماء المتبحرين في الفقه على مذهب مالك ورعا زاهدا.
وصنف «كتابا في الاشتقاق» و «شرحا جليلا على ألفية ابن معط» .
ومات يوم الاثنين الرابع والعشرين من شهر رجب سنة خمس وثمانين وستمائة بدمشق.
ومن شعره:
الجدّ يدرك ما لا يدرك الطلب
…
والجد من دون جد كله تعب (1)
وكل شيء فبالأقدار موقعه
…
ما للامور سوى أقدارها سبب
إن الأمور إذا ما الله يسرها
…
أتتك من حيث لا ترجو وتحتسب
وكل ما لم يقدره الإله فما
…
يفيد حرص الفتى فيه ولا النصب
ثق بالإله ولا تركن إلى أحد
…
فالله أكرم من يرجى ويرتقب
وسحمان بسين مهملة مضمومة وجاء مهملة ساكنة بعدها ميم ثم نون.
أورده شيخنا في «طبقات النحاة» .
442 -
محمد بن أحمد بن الضياء محمد بن العز محمد بن عمر بن سعيد ابن محمد بن محمد بن عمر بن يوسف بن علي بن إسماعيل الإمام العالم القاضي بهاء الدين أبو البقاء الحنفي العمري المكي (2).
ولد سنة تسع وثمانين وسبعمائة.
وتفقه بوالده، وقارئ الهداية، وأخذ عن العز بن جماعة، والشمس المعيد، وجماعة، إلى أن ضرب في العلوم بنصيب وافر، وانفرد بالشيخوخة في مذهبه في بلاد الحجاز؛ وولي قضاء مكة.
وصنف كتبا منها «تفسير القرآن» و «شرح البزدوي» و «شرح مقدمة الغزنوي» ، و «الشافي في اختيار الكافي» ، ومناسك [الحج](3) في ثلاث مجلدات، و «تنزيه المسجد الحرام عن بدع جهلة العوام» . مات في ذي القعدة سنة أربع وخمسين وثمانمائة.
(1) له ترجمة في: نظم العقيان للعقبان 137.
(2)
من نظم العقيان للسيوطي.
(3)
من نظم العقيان للسيوطي.
ذكره شيخنا في كتابه «العقيان في أعيان الأعيان» .
443 -
محمد بن أحمد بن المجيد القرنبيّ الزاهدي الحنفي سراج الدين (1).
أحد الأئمة، تخرج به علماء، كان هذا الرجل حافظا واعظا مفتيا مفسرا مدققا محققا.
تفقه ببخارى على العلامة أبي الوجد محمد بن عبد الستار الكروري (2).
وتوفي ببخارى في رمضان سنة ست وخمسين وستمائة، ودفن بمقبرة أهل الجنة ظاهر كلاباذ.
والقرنبيّ بقاف ونون وموحدة كذا ذكره الذهبي في «المؤتلف (3)» .
قال القرشي في «طبقات الجنة» : ورأيت هذه النسبة بخط بعضهم مضبوطة بفتح القاف.
444 -
محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الإسعردي ثم الدمشقيّ (4).
نزيل القاهرة الإمام العلامة شمس الدين بن اللبان الشافعيّ المصريّ.
سمع الحديث بدمشق من أبي حفص عمر بن غدير بن القوّاس، والشرفين الحافظين أبي الحسين اليونيني، والدّمياطيّ، والفزاري.
(1) له ترجمة في: الجواهر المضيئة للقرشي 2/ 22، المشتبه للذهبي 2/ 506.
(2)
في الأصل: «الكردي» تحريف، صوابه في الجواهر المضيئة، وتاج التراجم، وانظر ترجمته في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 64.
(3)
وهو كتابه «المشتبه» في الرجال.
(4)
له ترجمة في: حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 428، الدرر الكامنة لابن حجر 3/ 420، ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 121، ذيل العبر 271، طبقات الشافعية للسبكي 5/ 213 (ط.
الحسينية)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 85 أ، مرآة الجنان لليافعي 4/ 333، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 168.
وبثغر الإسكندرية من الشريف تاج الدين الغرّافي، وغيره.
وخرّج له المحدّث شهاب الدين بن أيبك جزءا وحدّث به، وسأله مولده فقال: في العشر الأخير من شوال، سنة تسع وسبعين وستمائة بدمشق.
وتفقه بابن الرفعة، وجمال الدين أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن سحمان الشّريشي، وأبي المعالي محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري، وصدر الدين محمد بن عمر بن مكي بن الوكيل.
وأخذ العربية عن شيخ النحاة، والحنابلة، والقراء، شمس الدين محمد ابن أبي الفتح البعلي.
وقرأ القراءات، «الشاطبية» على والده شيخ القراء، والصلحاء.
وصحب في التصوف الشيخ ياقوت المقيم باسكندرية، صاحب الشيخ أبي العباس المرسي، صاحب الشيخ أبي الحسن الشاذلي.
ودرس بقبة الإمام الشافعي، وبالخشابية.
وله تصانيف مفيدة، منها:«ترتيب الأم» للامام الشافعي على مسائل الروضة، واختصر الأم في أربعة مجلدات ولم يبيضه، و «اختصر الروضة» ، ولم يشتهر لغلاقة لفظه، وجمع «كتابا في علوم الحديث» و «كتابا في النحو» و «ألفية» ضمّنها أكثر فوائد «التسهيل» و «المقرب» لم يصنف مثلها في العربية، و «شرحها» و «ديوان خطب» وله «تفسير» لم يكمله، جاءت البقرة في مجلدين، وله كتاب «متشابه القرآن والحديث» تكلم فيه على بعض الآيات والأحاديث المتشابهة بكلام حسن على طريقة الصوفية، سماه «إزالة الشبهات عن الآيات والأحاديث المتشابهات» .
قال الإسنويّ: كان عارفا بالفقه، والأصلين، والعربية، أديبا، شاعرا، ذكيا، فصيحا، ذا همة وصرامة وانقباض عن الناس.
وقال الحافظ زين الدين العراقي: أحد العلماء الجامعين بين العلم والعمل، وكان يتكلم على الناس بجامع عمرو بن العاص وغيره، على طريقة الشاذلية، ثم امتحن بأن شهد عليه بأمور وقعت في كلامه، وأحضر إلى مجلس الجلال القزويني، وادعى عليه بذلك، وانتصر له ابن فضل الله إلى أن استنقذ، ومنع من الكلام على الناس، وتعصب عليه بعض الحنابلة.
وتخرّج به جماعة من الفضلاء.
وله أشعار رائقة منها:
أحبة قلبي أنتم وحياتكم
…
حياتي فمالي عيشة بسواكم
أموت إذا غبتم وأنشر عند ما
…
يبشرني ريح الصبا بلقاكم
إذا كنتم روح الوجوه بأسره
…
فكيف يعيش الصبّ عند جفاكم
فان كان ذنبي حال بيني وبين ما
…
يؤمله منكم نزيل قراكم
مال سوى أني بكم قد أتيتكم
…
وعادتكم أن تجبروا من أتاكم
ومن شعره ما أورده في كتابه «المتشابه في الرّبانيات» :
تشاغل عنّا بوسواسه
…
وكان قديما لنا يطاب
محبّ تناسى عهود الهوى
…
وأصبح في غيرنا يرغب
ونحن نراه ونملي له
…
ويحسبنا أننا غيّب
ونحن إلى العبد من نفسه
…
ووسواس شيطانه أقرب
قال العثمان قاضي صفد: رأيته بمكة وقت صلاة الجمعة، وأمير الحاج يضرب الطائفين ويقول: اجلسوا للصلاة، فقام إليه، وأمسك بكتفه، وقال:
نبيك قال: لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت أيّ ساعة، بليل أو نهار، فسقطت العصا من يد الأمير، وقبّل يد الشيخ، قال: فاتفق أنه لما خرج الخطيب، جلس الناس دفعة واحدة. توفي شهيدا بالطاعون في يوم الجمعة خامس عشر شوال، سنة تسع وأربعين وسبعمائة.
445 -
محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة (1).
الإمام الأوحد المحدّث الحافظ الحاذق الفقيه البارع المقرئ النحوي اللغوي ذو الفنون، شمس الدين المقدسي الحنبلي أحد الأذكياء.
ولد في رجب سنة خمس وسبعمائة.
وسمع من ابن عبد الدائم، والطبقة.
وتفقه بابن مسلّم، وتردد إلى ابن تيمية؛ ومهر في الفقه والأصول والعربية.
قال الصفديّ: لو عاش لكان آية، كنت إذا لقيته سألته عن مسائل أدبية وقواعد عربية فينحدر كالسيل، وكنت أراه يرافق المزي في أسماء الرجال ويرد عليه فيقبل منه.
وقال ابن كثير: كان حافظا علامة ناقدا حصل من العلوم ما لا يبلغه الشيوخ ولا الكبار، وبرع في العلوم وكان جبلا في العلل والطرق والرجال، حسن الفهم جدا صحيح الذهن.
قال المزي: ما لقيته إلا واستفدت منه، وكذا قال الذهبي أيضا.
درس بالصدرية والضيائية.
(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 14/ 210، البدر الطالع للشوكاني 2/ 108، تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1508، الدرر الكامنة 3/ 421، ذيل تذكرة الحفاظ 351، ذيل الحنابلة 2/ 436، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 161.
وصنّف شرحا على «التسهيل» ، والأحكام في الفقه، والرد على السبكي في مسألة الزيادة، سماه «الصارم المنكي» و «المحرر في اختصار الإلمام» والكلام على أحاديث «مختصر ابن الحاجب» و «العلل» على ترتيب كتب الفقه، و «التفسير المسند» لم يتمه، واختصر «التعليق» لابن الجوزي، وزاد عليه. ومات في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبعمائة.
ذكره شيخنا في «طبقات الحفاظ» .
446 -
محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الامام العلامة أوحد الأئمة جلال الدين المحلي (1) الشافعي (2).
ولد بمصر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، واشتغل وبرع في الفنون فقها وأصولا وكلاما ونحوا ومنطقا وغيرها، وأخذ عن البدر محمود الأقصرائي، والبرهان البيجوري، والعلاء البخاري، والعلامة شمس الدين بن البساطي، وغيرهم وكان علامة آية في الذكاء والفهم، وكان غرة هذا العصر في سلوك طريق السلف، على قدم من الصلاح والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وظهرت له كرامات كثيرة، وأحوال خارقة، وعرض عليه القضاء الأكبر فامتنع، وولي تدريس الفقه بالمؤيدية، وكان متقشفا في ملبوسه ومركوبه، ويتكسب بالتجارة، وألف كتبا تشد إليها الرّحال، في غاية الاختصار والتحرر والتنقيح، وسلاسة العبارة وحسن المزج، والحل بدفع الإيراد.
منها: شرح «جمع الجوامع في الأصول» و «شرح المنهاج» في الفقه، و «شرح الورقات» في الأصول، و «شرح بردة المديح» و «مناسك»
(1) المحلى: نسبة الى المحلة الكبرى من الغربية (الضوء اللامع للسحاوي 7/ 39).
(2)
له ترجمة في: البدر الطالع للشوكاني 2/ 115، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 443، الضوء اللامع 7/ 39.
و «كتاب في الجهاد» ومنها أشياء لم تكمل «كشرح القواعد» لابن هشام و «شرح التسهيل» كتب منه قليلا جدا، و «حاشية على جامع المختصرات» و «حاشية على جواهر الإسنوي» وأجلّ كتبه التي لم تكمل «تفسير القرآن العظيم» كتب منه من أول الكهف إلى آخر القرآن. مات أول يوم من سنة أربع [وستين (1)] وثمانمائة.
447 -
محمد بن أحمد بن محمد بن جزيّ الكلبي المالكي (2).
يكنى أبا القاسم، من أهل غرناطة وزوي الأصالة والنباهة فيها.
كان رحمه الله على طريقة مثلى من العكوف على العلم، والاشتغال بالنظر والتقييد والتدوين، فقيها حافظا قائما على التدريس، مشاركا في فنون، من عربية، وأصول وقراءات وحديث وأدب، حفظة للتفسير، مستوعبا للأقوال، جمّاعة للكتب، ملوكي الخزانة، حسن المجلس، ممتع المحاضرة، صحيح الباطن، تقدم خطيبا بالمسجد الأعظم من بلده على حداثة سنه، فاتفق على فضله، وجرى على سنن اصالته.
قرأ على الأستاذ أبي جعفر بن الزبير، وأخذ عنه العربية والفقه والحديث والقراءات، ولازم الخطيب الفاضل أبا عبد الله بن برطال، والأستاذ النظار المتفنن أبا القاسم قاسم بن عبد الله بن الشاط (3).
(1) من مصادر الترجمة.
(2)
له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 3/ 446، الديباج المذهب لابن فرحون 295، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 83، نفح الطيب للمقري 5/ 114.
(3)
في الأصل: «ابن المشاط» والمثبت في: الديباج المذهب، ونفح الطيب للمقري.
وابن الشاط هو: قاسم بن عبد الله بن محمد بن الشاط الأنصاري نزيل سبته، يكنى أبا القاسم، قال: والشاط، اسم لجدي، وكان طوالا فجرى عليه هذا الاسم، مولده في عام 643، ومات سنة 723 هـ (الديباج المذهب لابن فرحون 225).
وألف الكثير في فنون شتى منها كتاب «وسيلة المسلم في تهذيب صحيح [مسلم (1)]» وكتاب «الأنوار السنية في الكلمات السنّية» وكتاب «الدعوات والأذكار المخرجة من صحيح الأخبار» وكتاب «القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية» و «التنبيه على مذهب الشافعية والحنفية» وكتاب «تقريب الوصول إلى علم الأصول» وكتاب «النور المبين في قواعد عقائد الدين» وكتاب «المختصر البارع في قراءة نافع» وكتاب «أصول القراء الستة غير نافع» وكتاب «الفوائد العامة في لحن العامة» إلى غير ذلك مما قيده من التفسير والقراءات وغير ذلك.
وله فهرسة كبيرة اشتملت على جملة كثيرة من أهل المشرق والمغرب.
ومن شعره:
لكلّ بني الدّنيا مراد ومقصد
…
وإن مرادي صحّة وفراغ (2)
لأبلغ في علم الشريعة مبلغا
…
يكون إلى بر الجنان بلاغ
ففي مثل هذا فلينافس أو لو النهى
…
وحسبي من الدنيا الغرور بلاع
فما الفوز إلا في نعيم مؤبّد
…
به العيش رغد والشراب يساغ
وله في الجناب النبوي صلى الله عليه وسلم:
أروم امتداح المصطفى
…
قصوري عن إدراك تلك المناقب (3)
ولو أنّ كلّ العالمين تألفوا
…
على مدحه لم يبلغوا بعض واجب
فأمسكت عنه هيبة وتأدبا
…
وخوفا وإعظاما لأرفع جانب
وربّ سكوت كان فيه بلاغة
…
وربّ كلام فيه عتب لعاتب
(1) من الديباج المذهب، ونفح الطيب للمقري.
(2)
الأبيات في الديباج المذهب لابن فرحون، ونفح الطيب للمقري.
(3)
المصدران السابقان.
وله:
يا ربّ إن ذنوبي اليوم قد كثرت
…
فما أطيق لها حصرا ولا عددا (1)
وليس لي النّار من قبل
…
ولا أطيق لها صبرا ولا جلدا
فانظر إلهي إلى ضعفي ومسكنتي
…
ولا تذيقنّني حرّ الجحيم غدا
توفي شهيدا يوم الكائنة في عام إحدى وأربعين وسبعمائة.
أورده ابن فرحون في «الطبقات» .
448 -
محمد بن أحمد بن محمود العلامة أبو الثناء الريحاني الحنفي.
صاحب التفسير.
كان بحرا من بحور العلم وهو والد قاضي القضاة عز الدين.
سمع الحديث من جماعة، وقتلته التتار ببغداد في سنة ست وخمسين وستمائة، عن تسع وسبعين سنة.
هذه الترجمة ليست من «طبقات القرشي» وإنما نقلتها من حاشية على الهامش بخط العلامة قاضي الحنفية محب الدين بن الشحنة، وعزاها «لطبقات الحنفية» لابن دقماق، وكتب بجانبها ما نصه: أخشى أن تكون هذه ترجمة محمود بن أحمد بن محمود فاشتبهت عليه.
449 -
محمد بن أحمد بن منصور أبو بكر الخياط النحويّ (2).
قال [ياقوت (3)] أصله من سمرقند، وقدم بغداد، وكان يخلط نحو البصريّين بالكوفيين، وناظر الزّجاج. أخذ عنه الزّجاج والفارسيّ.
(1) نفس المصدرين.
(2)
أنظر ترجمته في: انباه الرواة للقفطي، 3/ 54، الفهرست لابن النديم 81، معجم الأدباء لياقوت 6/ 283، نزهة الألباء للأنباري 247، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 88.
(3)
أنظر ترجمته في: انباه الرواة للقفطي، 3/ 54، الفهرست لابن النديم 81، معجم الأدباء لياقوت 6/ 283، نزهة الألباء للأنباري 247، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 88.
وكان حميد الأخلاق، طيب العشرة. صنّف «معاني القرآن» و «النحو الكبير» و «المقنع في النحو» و «الموجز فيه» ومات سنة عشرين وثلاثمائة.
أورده شيخنا في «طبقات النحاة» .
450 -
محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري (1).
من علماء الشيعة والروايات والفقه.
من كتبه «النوادر» ، «وما نزل من القرآن» ........ (2) 222
451 -
محمد بن أحمد أبو سعيد العميدي الأديب النحوي اللغوي (3).
قال أبو الحسن علي بن يوسف القفطي في كتاب «تاريخ النحاة» كان فاضلا [مصنّفا (4)؛ سكن مصر، وولي بها ديوان الترتيب، سنة ثلاث عشرة وأربعمائة في أيام الظاهر لإعزاز دين الله أبي هاشم علي بن الحاكم بأمر الله، ثم ولي بها ديوان الإنشاء في أيام المستنصر عوضا من ابن خيران في صفر سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وولي بعده أبو الفرج الذهلي].
وله في الأدب مصنفات منها كتاب «تنقيح البلاغة» عشر مجلدات، وكتاب «الإرشاد إلى حل المنظوم» وكتاب «الهداية إلى نظم المنثور»
(1) له ترجمة في: الفهرست للطوسي 273، ترجمة مطولة، هدية العارفين للبغدادي 2/ 20.
(2)
بياض في الأصل قدر سطر، وقد جاءت ترجمة الأشعري في هدية العارفين 2/ 20 على هذا النحو:«محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري أبو جعفر، فاضل، توفي في حدود سنة 280 هـ. من تصانيفه: كتاب «ما نزل من القرآن» ، وكتاب «النوادر» .
(3)
له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 46، معجم الأدباء لياقوت 6/ 328، المقفى للمقريزي ج 1 ورقة 115، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 75.
(4)
ما بين المعقوفتين بياض في الأصل، وقد جاء على هذا النحو المذكور في المقفى للمقريزي ج 1 ورقة 115، والداودي هنا ينقل بالنص عنه.
وكتاب «انتزاعات القرآن» وكتاب «العروض» وكتاب «القوافي» وكتاب «سرقات المتنبي» ، وهو كتاب حسن يدل على اطلاع كثير.
روى عنه محمد بن محمود بن الدليل الصواف، والحسين بن أحمد النيسابوري.
ومن شعره:
منزلي منزل الكرام ونفسي
…
نفس حر ترى المذلة كفرا (1)
فاذا ما رضيت بالقرب دهري
…
فلماذا أزور زيدا وعمرا
توفى يوم الخميس لخمس خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين [وأربعمائة (2)].
ذكره المقريزي في «المقفى» .
452 -
محمد بن أسعد بن أحمد الزاكاني القزويني، خال الإمام الرافعي أبو عبد الله (3).
فقيه مدرس مناظر مفسّر شروطي، حسن المنظر والمخبر والحظ، تلمذ له جماعة من خواص الفقهاء، وكان له جاه وقبول عند العوام والخواص.
تفقه بقزوين مدة على والده وعلى [والد (4)] الإمام أبي القاسم الرافعي،
(1) البيتان في المقفى للمقريزي، وليسا في انباه الرواة للقفطي، مع أن المقريزي في المقفى ينقل بدوره عن القفطي، وهذا مما جعلني أعتمد في ملء البياض هنا على المقريزي نفسه، ليس على القفطي.
(2)
عن المقفى للمقريزي.
(3)
له ترجمة في: تاريخ قزوين للرافعي 1/ 72.
(4)
عن تاريخ قزوين.
ثم بأصبهان، وسمع بهما الحديث، وسافر آخرا إلى همذان وناب بها في قضائها، وقابله أكابرها وحمدوه. وتوفي بها سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
453 -
محمد بن أسعد بن محمد بن نصر الحكيمي (1).
عرف بابن حكيم. أبو المظفر العراقي الواعظ [فقيه (2)] أصحاب أبي حنيفة، نزيل دمشق.
قال السمعاني: رأيته بها واجتمعت به، وبيننا مفاوضات.
تفقه ببغداد على الحسين بن محمد بن علي الرئيس، وذكر أنه سمع ومن نور الهدى الزينبي، وأبي علي بن نبهان، وأخذ «المقامات» عن مصنفها الحريري.
روى عنه أبو المواهب بن صصري، وأبو نصر الشيرازي، قال ابن ناصر:
كذاب، ما سمع شيئا ببغداد ولا رأيناه مع أصحاب الحديث، وهو قاصّ يتسوّق عند العوام.
قال السمعاني: ورأيت سماعه بخط من أثق به على أبي علي بن نبهان ولعله سمعه اتفاقا لا قصدا. توفي في المحرم سنة سبع وستين وخمسمائة.
قال ابن النجار [أخبرنا 122] إسماعيل بن سليمان السكري بدمشق، أنبانا أبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي، قال: سألت أبا المظفر
(1) أنظر ترجمته في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 53، الجواهر المضيئة للقرشي 2/ 32، الطبقات السنية ورقة 403 أ، طبقات المفسرين للسيوطي 29، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 28، مرآة الجنان لليافعي 3/ 382، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 203.
(2)
عن الجواهر المضيئة.
محمد بن أسعد عن مولده فقال: في يوم الخميس السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة.
قال ابن النجار: درس بدمشق بمدرسة طرخان ثم بنى له الأمير الواثق المعروف بمعين الدولة مدرسة، ودرس بالمدرسة الصادرية أياما، وظهر له قبول في الوعظ وصنّف «تفسيرا» وشرح «المقامات» ، سمعت منه شيئا من شعره، وكان فسلا (1) في دينه، خليعا، قليل المروءة، ساقطا كذابا.
قال ابن النجار: قرأت في كتاب الحسن بن محمد بن خسرو أبي عبد الله البلخي بخطه، أنشدني القاضي أبو المظفر محمد بن أسعد بن نصر العراقي لنفسه:
الدهر يوضح عامدا
…
فيلا ويرفع قدر نمله (2)
فاذا تنبه للئا
…
م وقام للنوام نم له
وشرح «الشهاب» للقضاعي، ونظم «مختصر القدوري» قال الصلاح الكتبي: وذكر أنه سمع «المقامات» من مصنفها، وهو من شعراء «الخريدة» وأرخ وفاته بسنة ست وستين وخمسمائة، عن نيف وثمانين سنة.
ومن نظمه:
لما عصاني القلب عاتبته
…
وقلت تبا لك من قلب
أصبت جسمي بهوى معرض
…
يجر ذيل التيه والعجب
فقال لي طرفك فهو الذي
…
قادك بحر العشق والحب
فقال طرفي أنت أرسلتني
…
وما على المرسل من عتب
(1) الفسل: الرذل الذي لا مروءة له (القاموس: فسل).
(2)
البيتان في شذرات الذهب، والوافي بالوفيات للصفدي، وفي الطبقات السنية:«يخفض بدل «يوضع» .
وله:
يا مليحا كمل اللّ
…
هـ له الحسن وأبدع
هل لصب مستهام
…
بك في وصلك مطمع
إن يكن ذاك فاني
…
في رياض الحسن أرتع
أو أبيت الوصل والوع
…
د فقل لي كيف أصنع
................ ................ (1)
وأورد له الصّلاح الكتبي: (2)
ألا هل لصّب بالشام متيم
…
بحبّكم بين الأنام بلاغ
له شغل بالحبّ عن كل شاغل
…
وليس له عما عداه فراغ
تجرع يوم البين كأس فراقكم
…
فليس لكأس الصبر فيه مساغ
454 -
محمد بن أبي بكر بن أحمد بن عمر الذّواليّ اليمنيّ الزّبيديّ (3).
أبو عبد الله المعروف بالزّكيّ، بضم الزاي.
قال الفاسي في «تاريخ مكة» : كان إماما عالما فاضلا متفننا. انتهت إليه الرئاسة باليمن في علم الأدب. وكان حسن الخلق، سليم الصدر،
(1) بياض في الأصل قدر سطر، والمقطوعة في الطبقات السنية، وقد ورد البيت الرابع والخامس فيها بتقديم وتأخير هكذا:
أو فاني أن تمنع
…
ت بوعد منك أقنع
أو أبيت الوصل والوع
…
د فقل لي كيف أصنع
(2)
كذا ورد في الأصل، وهو يعني الصلاح الصفدي والأبيات في الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 203.
(3)
له ترجمة في: تاريخ قزوين للرافعي 1/ 75.
مشهورا بالخير والصلاح، ذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له ما معناه: إنه من قرأ عليه دخل الجنة. وقد أخذ عنه لذلك غير واحد من أهل العلم.
وقال الخزرجي في «طبقات أهل اليمين» : كان فقيها عارفا بالفقه والحديث والتفسير والنحو واللغة والعروض، قرأ النحو على ابن بصيص، وانتهت إليه رئاسة الأدب بعده. مات بمكة في آخر ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة.
أورده شيخنا في «طبقات النحاة» .
455 -
محمد بن أبي بكر أحمد الإسفرايني أبو الحسن الأندقاني الصّوفي (1).
توطن قزوين، وأعقب بها، وكان له قبول عند الأكابر والعوام، وحظ من التفسير والحديث والفقه والخلاف، وكتب بخطه على رداءته الكثير من كل فن [لحرصه (2) على الجمع، وروى «صحيح البخاري» كما روى «غريب الحديث» لأبي عبيد الكاتب، وروى «تنبيه الغافلين»، «ومسند الشهاب» للقضاعي، وسمع بقزوين «صحيح مسلم» من الأستاذ إبراهيم الشحاذي سنة ست وعشرين وخمسمائة].
456 -
محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعيد بن حريز الزّرعيّ ثم الدمشقي الفقيه الحنبلي (3) الأصولي المفسّر النحوي العارف شمس الدين أبو
(1) له ترجمة في: تاريخ قزوين للرافعي 1/ 75.
(2)
ما بين المعقوفتين بياض في الأصل، أكملته عن تاريخ قزوين، والداودي هنا ينقل بالنص عن تاريخ قزوين.
(3)
كذا في ذيل العبر، والدرر الكامنة، والوافي بالوفيات للصفدي، والنجوم الزاهرة. وفي الأصل:«الحنفي» .
عبد الله بن قيّم الجوزيّة (1).
ولد في سابع صفر سنة إحدى وتسعين وستمائة.
سمع من شهاب الدين النابلسي العابر، والقاضي تقي الدين سليمان، وأبي بكر بن عبد الدائم، وأبي نصر بن الشيرازي، وعيسى المطعم، وفاطمة بنت جوهر، وجماعة.
وتفقه في المذهب، وبرع وأفتى، ولازم الشيخ الإمام تقي الدين بن تيمية، وأخذ عنه الفقه والفرائض والأصلين.
وقرأ العربية على المجد التونسي. وابن أبي الفتح البعلي، وكذا الأصلين على الصفي الهندي.
وتفنن في علوم الإسلام، وكان عارفا بالتفسير لا يجارى فيه، وبأصول الدين، وإليه فيهما المنتهى، وبالحديث ومعانيه وفقهه، ودقائق الاستنباط منه، لا يلحق في ذلك، وبالفقه وأصوله، وبالعربية، وله فيها اليد الطولى، وبعلم الكلام وغير ذلك و [كان](2) عالما بعلم السلوك، وكلام أهل التصوف، وإشاراتهم ودقائقهم، له في كل فن من هذه الفنون اليد الطولى.
وكان ذا عبادة وتهجد، وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر، وشغف بالمحبة، والإنابة والافتقار إلى الله، والانكسار له، والاطراح بين يديه على عتبة عبوديته.
قال ابن رجب: لم أشاهد مثله في ذلك، ولا رأيت أوسع منه علما، ولا
(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 14/ 234، البدر الطالع للسحاوي 2/ 143، الدرر الكامنة 4/ 21، ذيل الحنابلة 2/ 447، ذيل العبر 282، روضات الجنات للخوانساري 205، السلوك ج 2 ق 3 ص 834، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 10/ 249، الوافي بالوفيات 2/ 270.
(2)
من ذيل الحنابلة.
أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس هو بالمعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله.
وقد امتحن وأوذي مرات، وحبس مع الشيخ تقي الدين في المرة الأخيرة بالقلعة، منفردا عنه ولم يفرج عنه إلا بعد موت الشيخ.
وكان في مدة حبسه مستقلا بتلاوة القرآن العظيم بالتدبر والتفكر، ففتح عليه من ذلك خير كثير، وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف، والدخول في غوامضهم، وتصانيفه ممتلئة بذلك.
وجاور بمكة، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة وكثرة الطواف أمرا يتعجب منه، وأخذ عنه العلم خلق كثير من حياة شيخه وإلى أن مات، وانتفعوا به، وكان الفضلاء يعظمونه، ويسلّمون (1) له، كابن عبد الهادي وغيره.
وقال القاضي برهان الدين الزرعي: ما تحت أديم السماء أوسع [علما](2) منه.
ودرس بالصدرية، وأم بالجوزية مدة طويلة. وكتب بخطه ما لا يوصف كثرة.
وصنف تصانيف كثيرة في أنواع العلم. وكان شديد المحبة للعلم وكتابته ومطالعته وتصنيفه، واقتناء كتبه، واقتنى من الكتب ما لم يحصل لغيره.
فمن تصانيفه «تهذيب سنن أبي داود» وإيضاح مشكلاته. والكلام على ما فيه من الأحاديث المعلولة، مجلد، «سفر الهجرتين وباب السعادتين»
(1) في ذيل الحنابلة: «ويتتلمذون له» .
(2)
من ذيل الحنابلة.
مجلد ضخم، «مراحل السائرين بين منازل إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» مجلدان، وهو شرح «منازل السائرين» لشيخ الإسلام الأنصاري، كتاب جليل القدر، «عقد محكم الإخاء بين الكلم الطيب والعمل الصالح المرفوع إلى رب السماء» مجلد، «شرح أسماء الكتاب العزيز» مجلد، «زاد المسافرين إلى منازل السعداء في هدى خاتم الأنبياء» ، «زاد المعاد في هدى خير العباد» أربع مجلدات، وهو كتاب عظيم جدا، «جلاء الأفهام في ذكر الصلاة والسلام على خير الأنام» وبيان أحاديثها وعللها مجلد، «بيان الدليل على استغناء المسابقة عن التحليل» مجلد، «نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول» مجلد، «إعلام الموقعين عن رب العالمين» ثلاث مجلدات، «بدائع الفوائد» مجلدان، وهو كثير الفوائد، أكثره مسائل نحوية، «الشافية الكافية في الانتصار للفرقة الناجية» وهي، «القصيدة النونية في السنة» مجلد، «الصواعق المنزلة على الجهمية والمعطلة» في مجلد، «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» وهو كتاب «صفة الجنة» مجلد، «نزهة المشتاقين وروضة المحبين» مجلد، «الداء والدواء» مجلد، «المودود في أحكام المولود» مجلد، لطيف، «مفتاح دار السعادة» مجلد، «اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو الجهمية» مجلد، «الطرق الحكمية» مجلد، «رفيع اليدين في الصلاة» مجلد، «نكاح المحرم» مجلد، «تفضيل مكة على المدينة» مجلد، «فضل العلم» مجلد، «عدة الصابرين» مجلد، «الكبائر» مجلد، «حكم تارك الصلاة» مجلد، «حكم إغمام هلال رمضان» ، «التحرير فيما يحل ويحرم من لباس الحرير» ، «جوابات عابدي الصلبان، وأن ما هم عليه دين الشيطان» «بطلان الكيمياء من أربعين وجها» مجلد، «الكلم الطيب والعمل الصالح» مجلد لطيف، «الفتح القدسي» ، «التحفة المكية» ، «أمثال القرآن» ، «أيمان القرآن» ، «شرح الأسماء الحسنى» ، «تفسير الفاتحة» ، «المسائل الطرابلسية» ثلاث مجلدات، «الصراط المستقيم في أحكام أهل الجحيم» مجلدان، كتاب «الطاعون» مجلد لطيف،
«[نظم] (1) الرسالة الحلبية في الطريقة المحمدية» ، «معاني الأدوات والحروف» وغير ذلك.
توفي وقت عشاء الآخرة ليلة الخميس ثالث عشري شهري رجب سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، ودفن بمقبرة الباب الصغير.
ذكره ابن رجب، ثم شيخنا في «طبقات النحاة» .
457 -
محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله ابن جماعة (2).
الأستاذ العلامة المتفنّن عزّ الدين بن المسند، شرف الدين بن قاضي القضاة، عزّ الدين أبي عمرو بن القاضي بدر الدين ابن الشيخ المسلك برهان الدين الحمويّ الأصل، الشافعيّ الأصولي، المتكلّم الجدليّ النّظّار، النحويّ اللغويّ البيانيّ الخلافيّ. أستاذ الزمان، وفخر الأوان، الجامع لأشتات جميع العلوم.
قال الحافظ ابن حجر: وقفت له على كرّاسة سمّاها: «ضوء الشمس في أحوال النفس» ترجم فيها نفسه، فذكر فيها أن مولده بينبع سنة تسع وخمسين وسبعمائة. وحفظ القرآن في شهر واحد، كل يوم حزبين، واشتغل بالعلوم على كبر، وأخذ عن السرّاج الهنديّ، والضياء القرميّ، والمحبّ ناظر الجيش، والرّكن القرميّ، والعلاء السّيراميّ، وجار الله الخطابي، وابن خلدون، والحلّاوي، ويوسف الندروميّ، والتاج السبكيّ، وأخيه البهاء، السراج البلقينيّ، والعلاء بن صغير الطبيب، وغيرهم.
وأتقن العلوم، وبرع في الفنون، حتى صار المشار إليه بالدّيار المصرية في فنون المعقول، والمفاخر به علماء العجم في كلّ فنّ، والعيال عليه.
(1) كشف الظنون لحاجي خليفة.
(2)
له ترجمة في: البدر الطالع للشوكاني 2/ 147، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 584، الضوء اللامع للسحاوي 7/ 171، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 113 ب.
وأقرأ وتخرج به طبقات من الخلق، وكان أعجوبة زمانه في التقرير؛ وليس له في التأليف حظّ؛ مع كثرة مؤلّفاته التي جاوزت الألف، فإن له على كل كتاب أقرأه التأليف والتأليفين والثلاثة، وأكثره ما بين شرح مطوّل ومتوسط ومختصر، وحواش ونكت، إلى غير ذلك.
وكان قد سمع الحديث على جدّه، والبيانيّ، والقلانسيّ، والعرضيّ.
وأجاز له أهل عصره، مصرا وشاما، وكان ينظم شعرا عجيبا، غالبه بلا وزن، وكان منجمعا عن بني الدنيا، تاركا للتعرض للمناصب، بارّا بأصحابه مبالغا في إكرامهم، يأتي مواضع النزه، ويمشي بين العوام ويقف على حلق المشاقفين ونحوهم، ولم يحجّ ولم يتزوّج، وكان لا يحدث إلا توضّأ، ولا يترك أحدا يستغيب عنده، مع محبة المزاح والفكاهة. واستحسان النادرة.
وحضر عند الملك المؤيد شيخ في المجلس الذي عقد للشمس بن عطاء الله الهرويّ، فلم يتكلم؛ مع سؤالهم له، وسأله السلطان عن شيء من مؤلفاته في فنون الرمح والفروسيّة، فأنكر أن يكون له شيء من ذلك.
وحصل له في دولته سوق. وكان يعرف علوما عديدة؛ منها الفقه، والتفسير، والحديث، والأصلان والجدل والخلاف، والنّحو والصرف، والمعاني والبيان والبديع، والمنطق والهيئة والحكمة، والزّيج، والطب، والفروسية، والرّمح والنشّاب والدّبوس، والثّقاف والرّمل، وصناعة النّفط، والكيمياء، وفنون أخر.
وعنه أنه قال: أعرف ثلاثين علما لا يعرف أهل عصري أسماءها. وقال في «رسالته ضوء الشمس» : سبب ما فتح به عليّ من العلوم منام رأيته.
ومن عيون مصنفاته في الأصول: «شرح جمع الجوامع» ، «نكت عليه» ، «ثلاث نكت على مختصر ابن الحاجب» ، «حاشية على رفع
الحاجب»، «حاشية على شرح البيضاوي للإسنويّ» ، «حاشية على شرحه للعبريّ» ، «حاشية على شرحه للجار برديّ» ، «حاشية على متن المنهاج» مختصرة، «حاشية على العضد» .
وفي النحو: «حاشية على شرح الألفية» لابن الناظم، «حاشية على التوضيح لابن هشام» ، «حاشية على المغني له» ، «ثلاثة شروح على القواعد الكبرى له» ، «ثلاث نكت عليها» ، «ثلاثة شروح على القواعد الصغرى له» ، «ثلاث نكت عليها» ، «إعانة الإنسان على أحكام اللسان» ، «حاشية على الألفية» ، «حاشية على شرح الشافية للجار برديّ» ، «مختصر التسهيل المسمّى بالقوانين» .
وفي المعاني والبيان: «مختصر التلخيص» ، «حاشية على شرحه للسبكيّ» ، «ثلاث حواش على المطوّل» ، «حاشية على المختصر» .
وفي الفقه: «نكت على المهمّات» ، «نكت على الرّوضة» ، «شرح التّبريزيّ» .
وفي الحديث: «شرح علوم الحديث لابن الصّلاح» ، و «تخريج أحاديث الرافعيّ» ، و «ثلاثة شروح على منظومة ابن فرج في الحديث» ، و «شرح المنهل الرويّ في علوم الحديث لجدّ والده» ، و «القصد التمّام في أحكام الحمّام» .
و «مثلّث في اللغة» ، و «مختصر الروض الأنف سماه نور الروض» .
و «الأنوار في الطبّ» ، و «شرحان عليه» ، و «نكت على فصول أبقراط» ، و «الجامع في الطبّ» .
وله «فلق الصبح في أحكام الرمح» ، «وأوثق الأسباب في الرمي بالنّشاب» ، و «الأمنيّة في علم الفروسية» ، و «الأسوس في صناعة الدّبوس» .
أخذ عنه جمع جمّ، منهم الشيخ ركن الدين عمر بن قديد، والكمال بن الهمام، والشمس القاياتي، والمحب الأقصرائيّ، وحافظ العصر: ابن حجر، وقاضي القضاة علم الدين
البلقينيّ، وخلائق.
وكان ينهى أصحابه في الطاعون عن دخول الحمّام، فلمّا ارتفع الطاعون أو كاد، دخل الحمّام وتصرّف في أشياء كان امتنع منها فطعن. ومات في جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وثمانمائة، واشتد أسف الناس عليه، ولم يخلف مثله.
ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .
458 -
محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدّم أبو عبد الله الثقفي (1).
مولاهم البصري المعروف بالمقدّمي- بضم الميم وفتح القاف والدال المشددة- وهو أخو عمر بن علي.
سمع المعتمر بن سليمان، وفضيل بن سليمان، وغيرهما.
روى عنه البخاري، ومسلم، وأبو يعلى، والحسن بن سفيان، وخلق.
مات في أول سنة أربع وثلاثين ومائتين.
له «تفسير» .
459 -
محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران بن رحمة (2).
(1) له ترجمة في: خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 380، اللباب لابن الأثير 3/ 169، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 259.
(2)
له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 14/ 160، الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 27، ذيل العبر 175، طبقات الشافعية للسبكي 6/ 45 (طبع الحسينية)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 75 أ، قضاة دمشق لابن قطلوبغا 92، الوافي بالوفيات 2/ 269.
الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة علم الدين بن القاضي شمس الدين السّعديّ الإخنائي المقرئ الشافعيّ قاضي دمشق.
مولده في رجب سنة أربع وستين وستمائة بالقاهرة.
وسمع الكثير، وأخذ عن الدّمياطيّ وغيره، وولي قضاء الإسكندرية ثم الشام بعد وفاة القونوي.
قال الذهبي في «معجمه» : من نبلاء العلماء، وقضاة السداد، وقد شرع في تفسير القرآن، وجملة من «صحيح البخاري» ، وكان أحد الأذكياء، وكان يبالغ في الاحتجابات (1) عن الحاجات فيتعطل عن أمور كثيرة، ودائرة علمه ضيقة، لكنه وقور قليل الشر.
وقال في [ذيل (2)] العبر: كان دينا عادلا وحدث بالكثير.
وقال ابن كثير: كان عفيفا نزها، ذكيا، شاذ العبارة، محبا للفضائل معظما لأهلها، كثير الإسماع للحديث في العادلية الكبرى، خيّرا ديّنا.
توفي بدمشق في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، ودفن بسفح قاسيون بتربة العادل كتبغا. ذكره ابن قاضي شهبة.
460 -
محمد بن أبي بكر بن مجير.
ذكره ابن أبي الرجّال اليونيني في سنة تسع وسبعمائة. فقال: في أواخر السنة توفي الشيخ الإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر بن مجير الحنفي، خطيب بلد حصن الأكراد، وكان يبحث ويتكلم، وصنّف «تفسيرا» حسنا، وفيه زهد وورع.
ذكر القرشيّ.
(1) في طبقات ابن قاضي شهبة: «الاحتجاب» .
(2)
زيادة لازمة، لأن العبر انتهت التراجم فيه عند سنة 700 هـ، وجاء هذا القول في ذيل العبر ص 175.
461 -
محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب ابن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي المطلبي الشافعيّ المكيّ (1).
نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وناصر سنته، الإمام العلم، حبر الأمة.
ولد سنة خمسين ومائة بغزة، فحمل إلى مكة لما فطم، فنشأ بها، وأقبل على العلوم فتفقه بمسلم بن خالد الزنجي، وغيره.
وحدث عن عمه بن علي، وعبد العزيز بن الماجشون، ومالك الإمام، وإسماعيل بن جعفر، وإبراهيم بن أبي يحيى، وخلق.
وعنه أحمد، والحميدي، وأبو عبيد والبويطي، وأبو ثور، والربيع المرادي، والزعفراني، وأمم سواهم.
وكان من أحذق قريش بالرمي. كان يصيب من العشرة عشرة، وكان أولا قد برع في ذلك، وفي الشعر، واللغة، وأيام العرب، ثم أقبل على الفقه، والحديث، وجوّد القرآن على إسماعيل بن قسطنطين مقرئ مكة، وكان يختم في رمضان ستين مرة ثم حفظ «الموطأ» ، وعرضه على مالك، وأذن له مسلم ابن خالد بالفتوى وهو ابن عشرين سنة أو دونها، وكتب عن محمد بن الحسين الفقيه، روى ذلك ابن أبي حاتم عن الربيع عنه.
(1) له ترجمة في: الأنس الجليل لمجير الدين الحنبلي 1/ 294، البداية والنهاية لابن كثير 10/ 251، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 56، تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 361، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/ 44، تهذيب التهذيب 9/ 25، حسن المحاضرة 1/ 303، حلية الأولياء للأصبهاني 9/ 63، الديباج المذهب 227، طبقات الشيرازي 48، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 21، طبقات ابن هداية الله 2، الفهرست لابن النديم 209، اللباب 2/ 5، مرآة الجنان لليافعي 2/ 13، معجم الأدباء 6/ 367، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 176، الوافي بالوفيات 2/ 171، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 305.
وكان مع فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، يستعمل اللبان ليقوى حفظه، فأعقبه رمي الدم سنة.
قال إسحاق بن راهويه: قال لي أحمد بن حنبل بمكة: تعال حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله فأقامني على الشافعي.
وقال أبو ثور: ما رأيت مثل الشافعي، ولا رأى هو مثل نفسه.
وقال حرملة: سمعت الشافعي يقول: سمّيت ببغداد ناصر الحديث.
وقال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما أحد مسّ محبرة ولا قلما إلا وللشافعي في عنقه منّة.
وقال ابن راهويه: الشافعي إمام ما أحد تكلم بالرأي إلا والشافعي أكثرهم اتباعا وأقلهم خطأ.
وقال أبو داود: ما أعلم للشافعي حديثا خطأ، وصح عن الشافعيّ، أنه قال: إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط.
وقال الربيع: سمعته يقول: إذا رويت حديثا صحيحا فلم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب.
وكان رضي الله عنه حافظا للحديث، بصيرا بعلله، لا يقبل منه إلا ما يثبت عنده.
وهو أول من صنف أحكام القرآن، وهو رأس الطبقة التاسعة، وهو المجرد أمر الدين على رأس المائتين. توفي بمصر في أول شعبان سنة أربع ومائتين، وله أربع وخمسون سنة رضي الله عنه.
462 -
محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف أبو المعالي الشيخ صدر
الدين القونويّ (1).
له «تفسير سورة الفاتحة» في مجلد .... (2) وله .... (3)
463 -
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الإمام أبو عبد الله البخاري الجعفي مولاهم (4).
الحافظ العلم، صاحب «الصحيح» وإمام هذا الشأن، والمعول على صحيحه في أقطار البلدان.
ولد يوم الجمعة بعد الصلاة لثالث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائتين ببخارى، وبردزبة: بفتح الباء الموحدة وسكن الزاي المعجمة وفتح الباء الموحدة بعدها هاء، هذا هو المشهور في ضبطه، وبه جزم ابن ماكولا، ومعناها بالفارسية الزارع. وكان فارسيا على دين قومه، ثم أسلم والد جده المغيرة على يد اليمان الجعفي والي بخارى، فنسب إليه نسبة ولاء، وقيل له الجعفي لذلك.
وأما والد البخاري، فقال ابن حبان في الطبقة الرابعة من كتاب الثقات: إسماعيل بن إبراهيم البخاري، يروى عن حماد بن زيد، ومالك، روى عنه العراقيون.
(1) له ترجمة في: الأعلام للزركلي 6/ 254، تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1491، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 45، كشف الظنون لحاجي خليفة 120، 455، 537، 889، 900، 1034، 1038، 1288، 1490، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 124، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 100.
(2)
بياض في الأصل.
(3)
بياض في الأصل.
(4)
له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 11/ 24، تاريخ بغداد لطاش كبرى زاده 2/ 4، تذكرة الحفاظ 2/ 555، تهذيب التهذيب 9/ 47، طبقات الحنابلة 1/ 271، طبقات الشافعية للسبكي 2/ 212، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 4 ب، العبر 2/ 12، الفهرست لابن النديم 230، اللباب 1/ 231، مرآة الجنان لليافعي 2/ 167، معجم البلدان 1/ 521، مفتاح السعادة 2/ 130، النجوم الزاهرة 3/ 25، هدية العارفين 2/ 16، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 206، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 329.
وقال البخاري في كتاب «التاريخ الكبير» : إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، سمع من مالك، وحماد بن زيد، وصحب ابن المبارك، ومات إسماعيل ومحمد صغير، فنشأ في حجر أمه، ثم حج مع أمه وأخيه أحمد، وكان أسن منه، فأقام هو بمكة مجاورا يطلب العلم، ورجع أخوه إلى بخارى فمات بها.
روى البخاري عن: الإمام أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، ومكيّ بن إبراهيم، وأبي عاصم النّبيل، وعبيد الله بن موسى، وأبي نعيم، وخلّاد بن يحيى، وعلي بن عباس، وعصام بن خالد، وآدم بن أبي إياس، وقتيبة، وخلق.
وروى عنه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو بكر البزار (1) وعبيد الله بن واصل، والفربري (2)، وخلق سواهم.
قال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم: قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال: ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتّاب ولي
عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكتّاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الدّاخليّ وغيره.
فلما طعنت في ست عشرة سنة، حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء.
فلما طعنت في ثمان عشرة، جعلت أصنّف قضايا الصحابة والتابعين
(1) البزار: بالباء الموحدة والزاي والراء: نسبة لمن يخرج الدهن من البزور ويبيعه (اللباب لابن الأثير 1/ 118).
(2)
الفربري: بفتح الفاء والراء وسكون الباء الموحدة وفي آخرها راء ثانية، نسبة الى فربر، وهي بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى (اللباب لابن الأثير 2/ 202).
وأقاويلهم، وصنفت «كتاب التاريخ» إذ ذاك عند [قبر](1) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب.
وروي عن البخاري أنه قال: أخرجت هذا الكتاب يعني الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديث.
وقال الفربريّ: قال لي البخاري: ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك، وصليت ركعتين.
وقال بندار: حفاظ الدنيا أربعة، أبو زرعة بالري، ومسلم بنيسابور، والدارمي بسمرقند، والبخاري ببخارى.
قال ابن عدي: كان ابن صاعد إذا ذكر البخاري، قال: الكبش النطاح.
وللبخاري من المؤلفات «الجامع الصحيح» قال الفربري: سمعه منه تسعون ألفا وأنه لم يبق من يرويه غيري، وهذا الإطلاق منه بحسب ما علم، وإلا فقد تأخر بعده بتسع سنين أبو طلحة منصور بن محمد بن علي البزدويّ (2)، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، قاله: ابن ماكولا.
وروى «الجامع» أيضا، إبراهيم بن معقل النفسي، إلا قطعة من آخره رواها بالإجازة، وكذلك حماد بن شاكر النّسويّ.
(1) من تذكرة الحفاظ للذهبي، وطبقات الشافعية للسبكي.
(2)
بفتح الباء الموحدة وسكون الزاي وفتح الدال المهملة وفي آخرها الواو، نسبة الى بزدة، وهي قلعة حصينة على ستة فراسخ من نسف (اللباب لابن الأثير 1/ 118).
ورواية محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفربريّ لكتاب «الجامع الصحيح» عن الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، هي التي اتصلت في هذه الأعصار وما قبلها.
وللبخاري غير ذلك من المصنفات «كتاب الأدب» يرويه عنه أحمد بن محمد بن الجليل بالجيم البزار.
وكتاب «رفع اليدين في الصلاة» وكتاب «القراءة خلف الإمام» يرويهما عنه محمود بن إسحاق الخزاعي، وهو آخر من حدث عنه ببخارى.
وكتاب «بر الوالدين» يرويه عنه محمد بن دلويه الوراق.
وكتاب «التاريخ الكبير» يرويه أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس، وأبو الحسن محمد بن سهل الفسوي، وغيرهما.
وكتاب «التاريخ الأوسط» يرويه عنه عبد الله بن أحمد بن عبد السلام ابن زنجويه بن محمد اللباد.
وكتاب «خلق أفعال العباد» يرويه عنه يوسف بن ريحان بن عبد الصمد، والفربريّ أيضا.
وكتاب «الضعفاء» يرويه عنه أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي، وأبو جعفر مسبّح بن سعيد، وآدم بن موسى الخواري، وهذه التصانيف موجودة مروية.
ومن تصانيفه أيضا كتاب «الجامع الكبير» ذكره ابن طاهر، وكتاب «المسند الكبير» ، وكتاب «التفسير الكبير» ، ذكره الفربريّ، وكتاب «الأشربة» ذكره الدارقطني في «المؤتلف والمختلف» في ترجمة كبشة، وكتاب «الهبة» ذكره ورّاقة، وكتاب «أسامي الصحابة» ذكره أبو
القاسم بن منده، وأنه يرويه من طريق ابن فارس عنه، وكتاب «العلل» ذكره ابن منده، وكتاب «الكنى» ذكره الحاكم أبو أحمد، وكتاب «الفوائد» ذكره الترمذي.
وقال الخطيب عن عبد الواحد بن آدم الطّواويسيّ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع، فسلّمت عليه، فردّ عليّ السلام، فقلت: ما وقوفك هنا يا رسول الله؟ قال:
أنتظر محمد بن إسماعيل، قال فلما كان بعد أيام بلغني موته، فنظرت، فإذا هو قد مات في الساعة التي رأيت فيها النبي صلى الله عليه وسلم. قال مهيب بن سليم: كان ذلك ليلة السبت، ليلة عيد الفطر المبارك، سنة ست وخمسين ومائتين، وكانت مدة عمره اثنتين وستين سنة، إلا ثلاثة عشر يوما، رحمة الله عليه.
وقال ابن عديّ: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار، يقول: خرج البخاري إلى خرتنك، قرية من قرى سمرقند، وكان له بها أقرباء فنزل عندهم، قال: فسمعته ليلة من الليالي، وقد فرغ من صلاة الليل، يقول في دعائه: اللهم قد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك. فما تمّ الشهر حتى قبضه الله.
464 -
محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي أبو إسماعيل الترمذي (1).
نزيل بغداد. ثقة، حافظ، لم يتضح كلام أبي حاتم فيه.
(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن الأثير 11/ 69، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 42، تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 604، تهذيب التهذيب لابن حجر 9/ 62، الكامل لابن الأثير 7/ 456، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 212.
روى عن الأنصاري، وخلق.
وعنه الترمذي والنسائي، وأبو بكر الشافعيّ، وخلق. مات في رمضان سنة ثمانين ومائتين.
له كتاب «ناسخ القرآن ومنسوخه» .
465 -
محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس البجليّ الرّازي الحافظ (1).
مصنف كتاب «فضائل القرآن» .
ولد على رأس المائتين، وسمع القعنبيّ، ومسلم بن إبراهيم، وأبا الوليد الطيالسي، ومحمد بن كثير العبدي، وطبقتهم.
وعنه أحمد بن إسحاق بن نيخاب، وإسماعيل بن نجيد، وعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وآخرون.
قال بعض العلماء: سمعت محمد بن أيوب يقول: آخر قدمة قدمتها البصرة أديت أجرة الوراقين عشرة آلاف درهم.
وثقه عبد الرحمن بن أبي حاتم، والخليلي وقال: هو محدّث بن محدّث، وجده يحيى من أصحاب الثوري. مات بالري في يوم عاشوراء سنة أربع وتسعين ومائتين.
466 -
محمد بن بحر الأصبهاني (2).
[أبو سلمة (3)، صاحب التفسير، وذكره أبو الحسين بن بابويه في
(1) له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 643، الرسالة المستطرفة للكتاني 58، العبر 2/ 98، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 162.
(2)
له ترجمة في: لسان الميزان 5/ 89.
(3)
عن لسان الميزان.
تاريخ] الري وقال: كان على مذهب المعتزلة ووجها عندهم، وصنف لهم «التفسير» على مذهبهم. ومات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وهو ابن سبعين سنة.
ذكره في «لسان الميزان» .
467 -
محمد بن ثور (1).
عن معمر عن قتادة .............. (2) له «تفسير» .
468 -
محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الآمليّ الطبريّ أبو جعفر (3).
الإمام، صاحب التصانيف المشهورة.
استوطن بغداد، وأقام بها إلى حين وفاته.
وكان قد رحل في طلب الحديث، وسمع بالعراق والشام ومصر من خلق كثير وحدث بأكثر مصنفاته.
وقرأ القرآن ببيروت على العباس بن الوليد بن يزيد، وسمع بمصر من يونس بن عبد الأعلى، وغيره. وحدث عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشّوارب الأموي، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وإسماعيل بن موسى الفزاريّ،
(1) له ترجمة في: الفهرست لابن النديم 34.
(2)
بياض في الأصل، وذكره ابن النديم تحت عنوان الكتب المؤلفة في تفسير القرآن ولم يزد على ذلك فقال:«كتاب تفسير محمد بن ثور عن معمر» .
(3)
له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 11/ 145، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 162، تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 710، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/ 78، روضات الجنات 163، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 120، طبقات الشيرازي 76، طبقات العبادي 52، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 106، طبقات القراء للذهبي 1/ 213، طبقات المفسرين للسيوطي 30، الفهرست لابن النديم 234، اللباب 2/ 81، لسان الميزان 5/ 100، مرآة الجنان 2/ 261، معجم الأدباء 6/ 423، المقفى 1/ 182 والترجمة فيه بالنص، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 498، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 284، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 332.
وهناد بن السّريّ التميمي، وأبي همام الوليد بن شجاع السّكوني، وأبي كريب محمد بن العلاء الهمذاني، وأبي سعيد عبد الله بن سعيد الأشج، وأحمد بن منيع البغويّ، ويعقوب بن إبراهيم الدّورقيّ (1)، وعمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن بشار بندار وأبي موسى محمد بن المثنى الزمن. وعبد الأعلى بن واصل، وسليمان بن عبد الجبار، والحسن بن قزعة، والزبير بن بكار، وغيرهم من العراقيين والشاميين والمصريين.
روى عنه أبو شعيب عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحرّاني، وهو أقدم منه سماعا ووفاة، وأبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان النيسابوري، وأبو الحسن علي بن علان الحافظ الحراني، وأبو الطيب عبد الغفار بن عبيد الله بن السري الحصيبيّ (2) المقرئ الواسطي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني في آخرين.
واتفق أنه جمعت الرحلة إلى مصر بين محمد بن جرير الطبري، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزيّ، ومحمد بن هارون الرّوياني (3) فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم، وأضرّ بهم الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأتون إليه، فاتفق رأيهم على أن يستهموا (4) ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه سأل لأصحابه الطعام، فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق- ابن خزيمة، فقال لأصحابه: أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي صلاة الخيرة،
(1) في الأضل: «الدوني» ، تحريف، صوابه في المقفى للمقريزي 1/ 182، واللباب لابن الأثير 1/ 428.
(2)
الحصيبي: بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين وسكون الياء المثناة وفي آخرها باء موحدة، نسبة الى الحصيب، والد بريدة بن الحصيب الأسلمي (اللباب لابن الأثير 1/ 303).
(3)
الروياني: بضم الراء وسكون الواو وفتح الياء آخر الحروف وبعد الألف نون، نسبة الى رويان، وهي مدينة بنواحي طبرستان (اللباب لابن الأثير 1/ 482).
(4)
أي على أن يقترعوا.
واندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع وخصيّ من قبل والي مصر يدق الباب، ففتحوا فنزل عن دابته وقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل: هو، ذا، فأخرج صرّة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، وقال: أيكم محمد بن هارون؟ فقالوا:
هو ذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، وقال: أيكم محمد بن جرير؟ فقيل: هو، ذا. فأخرج صرّة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه ثم قال:
أيكم محمد بن إسحاق ابن خزيمة؟ فقالوا: هو، ذا يصلي، فلما فرغ دفع إليه صرة فيها خمسون دينارا، ثم قال: إن الأمير كان قائلا (1) فرأى في المنام خيالا. قال: إن المحامد طووا كشحهم جياعا، فأنفذ إليكم هذه الصرر، وأقسم عليكم إذا نفدت فابعثوا إليّ أمدّكم.
قال أبو سعيد بن يونس: كان فقيها، قدم إلى مصر قديما سنة ثلاث وستين ومائتين. وكتب بها، ورجع إلى بغداد، وصنف تصانيف حسنة تدل على سعة علمه.
وقال الخطيب أبو بكر: أحد أئمة العلماء، يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن عالما بالسنن وطرقها، وصحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من المخالفين (2) في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفا بأيام الناس وأخبارهم، وله الكتاب المشهور في «تاريخ الأمم والملوك» وكتاب «التفسير» الذي لم يصنّف أحد مثله، وكتاب «تهذيب الآثار» لم أر سواه في معناه، إلا أنه لم يتمّه، وكتاب حسن في القراءات سماه «الجامع» وله في أصول الفقه
(1) أي نائما في القيلولة، وهي نصف النهار.
(2)
في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 163: «من الخالفين» .
وفروعه كتب كثيرة، واختيار من أقاويل الفقهاء وتفرّد بمسائل حفظت عنه.
وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الأسفراينيّ قال: لو سافر رجل إلى الصّين، حتى يحصل له كتاب تفسير محمد بن جرير، لم يكن ذلك كثيرا.
وسمعت علي بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي (1)، يحكي أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة، يكتب في كل منها أربعين ورقة.
وذكر بسنده عن أبي علي الطوماريّ (2). قال كنت أصلح (3) القنديل في شهر رمضان، بين يدي أبي بكر بن مجاهد في المسجد، لصلاة التّراويح، فخرج ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره، واجتاز على مسجده فلم يدخله وأنا معه وسار حتى انتهى إلى آخر سوق العطش، فوقف بباب مسجد محمد ابن جرير، ومحمد يقرأ سورة الرحمن، فاستمع قراءته طويلا، ثم انصرف، فقلت له: يا أستاذ، تركت الناس ينتظرونك، وجئت لتسمع قراءة هذا! فقال: يا أبا علي دع [هذا (4)] عنك. ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرا يحسن يقرأ هذه القراءة.
وقال أبو عمرو الداني في «طبقات القراء» أخذ القراءة عرضا عن سليمان بن عبد الرحمن بن حماد الطلحي، عن خلاد بن خالد الشيباني الصيرفي الكوفي، عن سليم بن عيسى الكوفي، عن حمزة.
(1) في الأصل: «العلوي» ، والمثبت في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 164، وانباه الرواة للقفطي 2/ 288، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 122، ومعجم الأدباء لياقوت 5/ 271.
(2)
بضم الطاء وسكون الواو وفتح الميم وبعد الألف راء، نسبة الى الطومار، وهو لقب رجل (اللباب لابن الأثير 2/ 93).
(3)
في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 164: «أحمل» .
(4)
زيادة يقتضيها السياق، وهي موجودة في طبقات الشافعية للسبكي 3/ 124.
وروى الحروف سماعا عن العباس بن الوليد، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي وأبي كريب محمد بن العلاء، وأحمد بن يوسف التغلبي، وصنف كتابا حسنا في القراءات.
روى عنه الحروف محمد بن أحمد الداجوني، وعبد الواحد بن عمر، وعبد الله بن أحمد الفراغانيّ، وقد روى عنه ابن مجاهد غير أنه داس اسمه فقال: حدثني محمد بن عبد الله.
وقال أبو عبد الله الحاكم في «تاريخ» نيسابور: سمعت أبا أحمد الحسين ابن علي التميمي يقول: أول ما سألني محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال:
كتبت عن محمد بن جرير الطبري؟ قلت: لا. قال: لم؟ قلت: كان لا يظهر، وكانت الحنابلة تمنع الدخول عليه. فقال: بئس ما فعلت، ليتك لم تكتب عن كل من كتبت عنهم وسمعت من أبي جعفر.
وقال ابن خزيمة وقد نظر تفسير محمد بن جرير: قد نظرت فيه من أوله إلى آخره، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير.
وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد الفرغانيّ في «تاريخه» (1) فتمّ من كتب يعني محمد بن جرير كتاب «تفسير القرآن» وجوّده، وبين فيه أحكامه، وناسخه ومنسوخه، ومشكله وغريبه، ومعانيه، واختلاف أهل التأويل والعلماء في أحكامه وتأويله، والصحيح لديه من ذلك، وإعراب حروفه، والكلام على الملحدين فيه، والقصص وأخبار الأمة، والقيامة، وغير ذلك مما حواه من الحكم والعجائب، كلمة كلمة، وآية آية، من الاستعاذة وإلى أبي جاد، فلو ادعى عالم أن يصنف منه عشرة كتب كل كتاب منها يحتوي على علم مفرد عجيب مستقصى لفعل.
(1) وهو المعروف بكتاب الصلة، وهو كتاب وصل به تاريخ ابن جرير.
وتم من كتبه أيضا كتاب «الغرائب» و «التنزيل» و «العدد» .
وتم أيضا كتاب «اختلاف علماء الأمصار» ، وتم أيضا «التاريخ» إلى عصره، وتم أيضا «تاريخ الرجال» في الصحابة والتابعين والخالفين إلى رجاله الذين كتب عنهم، وتم أيضا «لطيف القول» في أحكام شرائع الإسلام، وهو مذهبه الذي اختاره وجرده واحتج له وهو ثلاثة وثلاثون كتابا [منها كتاب](1)«البيان عن أصول الأحكام» وهو «رسالة اللطيف» .
وتم أيضا كتاب «الخفيف» في أحكام شرائع الإسلام، وهو مختصر لطيف.
وتم أيضا كتابه المسمى «بالتبصير» وهي رسالته إلى أهل آمل طبرستان، يشرح فيها ما يتقلده من أصول الدين.
وابتدأ بتصنيف «تهذيب الآثار» وهو من عجائب كتبه، فابتدأ بما رواه أبو بكر الصديق رضي الله عنه مما صح عنده بسنده، وتكلم على كل حديث منه، فابتدأ بعلله، وطرقه، وما فيه من الفقه والسنن، واختلاف العلماء، وحججهم، وما فيه من المعاني، وما يطعن فيه الملحدون، والرد عليهم، وبيان فساد ما يطعنون به، فخرج منه مسند العشرة، وأهل البيت، والموالي، ومن مسند ابن عباس قطعة، وكان قصده فيه أن يأتي بكل ما يصح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آخره ويتكلم على جميعه حسب ما ابتدأ به، فلا يكون لطاعن في شيء من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم مطعن، ويأتي بجميع ما يحتاج إليه أهل العلم كما فعل في التفسير، فيكون قد أتى على علم الشريعة من القرآن والسنن، فمات قبل تمامه.
(1) من المقفى للمقريزي.
وابتدأ «بكتاب البسيط» فخرج منه «كتاب الطهارة» في ألف وخمسمائة ورقة، لأنه ذكر في كل باب منه اختلاف الصحابة والتابعين وغيرهم من طرقها وحجة كلّ من اختار منهم لمذهبه واختياره رحمه الله في آخر كل باب منه واحتجاجه لذلك.
وخرج من البسيط أكثر «كتاب الصلاة» وخرج منه «آداب الحكام» تاما وكتاب «المحاضر والسجلات» و «كتاب ترتيب العلماء» وابتدأ «بآداب النفوس» ، وهو أيضا من كتبه النفيسة لأنه عمله على ما ينوب الإنسان من الفرائض في جميع أعضاء جسده، فبدأ بما ينوب القلب، واللسان، والسمع، والبصر، على أن يأتي بجميع الأعضاء، وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وعن الصحابة والتابعين، وما حكي من أفعالهم، وإيضاح الصواب في جميع ذلك، فلم يتم الكتاب.
وكتاب «آداب المناسك» وهو ما يحتاج إليه الحاج من يوم خروجه، وما يختاره له من الأيام لابتداء سفره، وما يقوله ويدعو به عند ركوبه ونزوله، ومعاينة المنازل والمساجد وإلى انقضاء حجه.
و «كتاب شرح السنة» لطيف، بين فيه مذهبه وما يدين الله به على ما مضى عليه الصحابة والتابعون وفقهاء الأمصار.
وكتابه «المسند المخرج» يأتي على جميع ما رواه الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من صحيح وسقيم، ولم يتمه.
ولما بلغه أن أبا بكر بن أبي داود السجستاني [تكلم](1) في حديث غدير خم عمل «كتاب الفضائل» . فبدأ بفضل أبي بكر وعمر وعثمان
(1) من المقفى للمقريزي.
وعلي رضوان الله عليهم، وتكلم على تصحيح غدير خم، واحتج لتصحيحه، وأتى من فضائل علي بن أبي طالب بما انتهى إليه، ولم يتم الكتاب.
وكان ممّن لا تأخذه في دين الله لومة لائم، وحكي أنه استخار الله وسأله الإعانة على تصنيف التفسير ثلاث سنين فأعانه، وروى القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي قال: أنبأنا علي بن نصر بن الصباح التغلبي، أنبأنا القاضي أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار، وأبو القاسم بن عقيل الورّاق، أن أبا جعفر قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا مما يفني الأعمار قبل تمامه. فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة.
ثم قال: هل تنشطون لتاريخ العالم، إلى وقتنا هذا؟ قالوا كم قدره؟
فذكر نحوا ممّا ذكره في التفسير [فأجابوا (1) بمثل ذلك، فقال: إنا لله، ماتت الهمم. فاختصره في نحو ما اختصر التفسير] وقال أبو بكر الخطيب: عن القاضي ابن كامل: أربعة كنت أحبّ بقاءهم، أبو جعفر الطبري، والبربري، وأبو عبد الله بن أبي خيثمة، والمعمري، فما رأيت أفهم منهم ولا أحفظ.
ومولد أبي جعفر بآمل في سنة أربع وعشرين ومائتين، ووفاته ببغداد في يوم السبت، ودفن يوم الأحد بالغداة في داره لأربع بقين من شوال سنة عشر وثلاثمائة، وقيل توفي في عشية يوم الأحد ليومين بقيا من شوال ودفن يوم الاثنين، واجتمع في جنازته خلق لا يحصون، وصلّي على قبره عدة شهور ليلا ونهارا، وكان السواد في رأسه ولحيته كثيرا، وكان أسمر إلى الأدمة، أعين، نحيف الجسم، مديد القامة، فصيح اللسان، ورثاه خلق كثير من أهل الدّين والأدب. وقيل إنه دفن في سفح المقطم من القرافة، وليس بصحيح.
(1) ما بين المعقوفتين من المقفى، وطبقات الشافعية للسبكي.
قال الفرغاني: وكان عالما زاهدا ورعا فاضلا متقنا لقراءة حمزة الزيات، ومن فتاويه أن رجلا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا بتاتا لا خاطبتني بشيء إلا خاطبتك مثله، فقالت له في الحال: أنت طالق ثلاثا بتاتا، فأفتاه فقهاء بغداد بأنها لا بد أن تطلق وأنه عليه أن يجيبها بمثل ما قالت فتصير بذلك طالقا، فدله شخص على أبي جعفر فجاءه وأخبره بما جرى عليه، فقال له:
امض ولا تعاود الأيمان، وأقم على زوجك بعد أن تقول لها: أنت طالق ثلاثا بتاتا إن طلقتك؛ فتكون قد خاطبتها بمثل ما خاطبتك به، فوفيت يمينك ولم تطلقها.
وعمل ابن دريد قصيدة طنانة يرثي بها ابن جرير يقول فيها (1):
إنّ المنيّة لم تتلف به رجلا
…
بل أتلفت علما للدين منصوبا
كان الزمان به تصفو مشاربه
…
والآن أصبح بالتكدير مقطوبا
كلا وأيامه الغرّ التي جعلت
…
للعلم نورا وللتقوى محاريبا
أودى أبو جعفر والعلم فاصطحبا
…
أعظم بذا صاحبا أو ذاك مصحوبا
ودّت بقاع بلاد الله لو جعلت
…
قبرا له فحباها جسمه طيبا
469 -
محمد بن جنكلى بن محمد بن البابا بن جنكلى بن خليل ناصر الدين (2).
الفقيه الأديب الحنبلي، أحد أمراء مصر.
ولد في سنة سبع وتسعين وستمائة.
(1) الأبيات في ديوان ابن دريد 39 وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 167.
(2)
أنظر ترجمته في: الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 36، المقفى للمقريزي 1/ 193، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 10/ 50، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 310.
وسمع الحديث، واشتغل بالفقه على مذهب أبي حنيفة، ثم على مذهب أحمد بن حنبل.
وقرأ الأصول والمنطق على التاج التبريزي، وشارك في علم التفسير والبيان والموسيقى وكتب الخط الحسن، وحدث، وخرج له الشهاب أحمد بن أيبك الدمياطي أربعين حديثا حدث بها قبل موته، وأجيز بالإفتاء.
واختص بصحبة الشيخ فتح الدين بن سيد الناس، فأخذ عنه معرفة الناس وأيامهم وطبقاتهم وأسماء الرجال.
وكان آية في معرفة فقه السلف ونقل مذاهبهم وأقوال الصحابة والتابعين، وهذا هو علمه، مع مشاركة جيدة في العربية وغيرها.
وكان له نظم جيد، وكان جهوريّ الصوت، له تقدّم في نقد الشعر وذوق معانيه اللطيفة، ويستحضر من مجون ابن الحجاج جملة، ومال في آخر أمره إلى مذهب أهل الظاهر، لملازمته النظر في كتب أبي محمد بن حزم.
وكان يؤثر مجالسة أهل العلم على مجالسة الأمراء، وكان لا يزال متيما هائما، يتعشق بعض الصّور، يذوب صبابة ووجدا، ويستحضر في هذه الحالة ما يناسبها من شعر الشريف الرّضي، ومهيار، ومتيّمي العرب كثيرا، ويراسل به ويعاتب.
وكان له إفضال كثير وصدقات ومعروف. قرئ عليه مرّة حساب شونته، فإذا فيه إنعام على أرباب الملهى بنحو ثلاثمائة إردب، فقال لأستاداره: ما هو قبيح من الله. تعطي
في رضا الشيطان هذا القدر! ثم أمره أن يخرج من الشونة ستمائة إردب يفرقها في الفقراء والأرامل، ففرقت من يومه.
وكان له جمال الموكب وجها وصباحة وقدا وشكلا، محبّبا، تامّ الخلق، حسن الخلق، لم يكن في زمانه أحسن وجها منه.
ومن شعره:
لما رأيت سلوى عزّ مطلبه
…
عنكم وعقد اصطباري صار محلولا
دخلت بالرغم مني تحت طاعتكم
…
ليقضي الله أمرا كان مفعولا
ومنه:
ومن حيثما غيّبت عنّي ظاهرا
…
وسرت على رغمي وفارقتني قسرا (1)
أقمت ولكني وعيشك آيس
…
من الروح بعد الخلّ أن تسكن الصدرا
فكم عبرة للعين أجريتها دما
…
وكم حرق في الصّدر أذكيتها جمرا
لعل الذي أضحى له الأمر كلّه
…
على طول ما ألقاه يحدث لي أمرا
ومنه (2):
بك استجار الحنبلي
…
محمد بن جنكلي
فاغفر له ذنوبه
…
فأنت ذو التفضل
ذكره المقريزي في «المقفى» .
470 -
محمد بن حاتم بن ميمون السمين الحافظ الإمام أو عبد الله المروزي (3).
سمع عبد الله بن إدريس، وسفيان بن عيينة، ووكيعا، والقطان، وأمثالهم.
وعنه مسلم، وأبو داود، والحسن بن سفيان، وأحمد بن الحسن الصوفي، وآخرون.
(1) الأبيات في الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 313.
(2)
نفس المصدر 2/ 311.
(3)
ورد له ترجمة في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 266، تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 455 والترجمة فيها بالنص، تهذيب التهذيب لابن حجر 9/ 101، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 315.
وثقه ابن عدي، والدارقطني.
قال محمد بن سعد: جمع كتابا في «تفسير القرآن» كتبه عنه الناس ببغداد وكان ينزل قطيعة الربيع.
وقال أبو حفص الفلاس: ليس بشيء.
قال الذهبي: وهذا جرح مردود. مات في آخر سنة خمس وثلاثين، ومائتين؛ رحمه الله.
471 -
محمد بن الحسن بن إبراهيم الأسترآباذيّ، وقيل: الجرجاني، المعروف بالختن، الفقيه الشافعي (1).
كان فقيها فاضلا ورعا مشهورا في عصره، وله وجوه حسنة في المذهب، وكان مقدّما في الأدب ومعاني القرآن والقراءات، ومن العلماء المبرّزين في النظر والجدل، وكان كثير السماع والرحلة، وشرح كتاب «التلخيص» لأبي العباس بن القاص.
وتوفي بجرجان يوم عيد الأضحى سنة ست وثمانين وثلاثمائة، وهو ابن خمس وسبعين سنة.
والختن بفتح الخاء المعجمة والتاء المثناة من فوق، وبعدها نون. وإنما قيل له ذلك لأنه كان ختن الفقيه أبي بكر الإسماعيلي.
(1) له ترجمة في: تاريخ جرجان 408، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 136، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 14 أ، طبقات العبادي 111، طبقات ابن هداية الله 33، العبر 3/ 33، مرآة الجنان لليافعي 2/ 431، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 338، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 341.
قاله ابن خلكان:
472 -
محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمّيّ (1).
الشيعي ................ ........ (2).
له «تفسير القرآن» «الجامع» في الفقه، على مذهبهم
…
(3).
473 -
محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن حماميّ (4) بن واسع بن وهب بن سلمة بن حاضر بن جشم بن ظالم بن حاضر بن أسد بن عدي بن مالك بن فهم (5) بن غنم بن دوس بن عدثان ابن عبد الله بن زهير- ويقال زهران- بن كعب بن الحارث بن عبد الله بن مالك بن نضر بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الإمام أبو بكر الأزديّ اللغويّ الشافعيّ (6).
(1) له ترجمة في: الفهرست للطوسي 284، هدية العارفين للبغدادي 2/ 41.
(2)
بياض في الأصل، وجاءت ترجمته في الفهرست للطوسي على هذا النحو: «محمد بن الحسين ابن أحمد بن الوليد القمي، جليل القدر، عارف بالرجال، موثوق به. له كتب منها:
كتاب «الجامع» ، وكتاب «التفسير» وغير ذلك.
والقمي: بضم القاف وتشديد الميم، نسبة الى قم، بلدة بين أصبهان وساوة كبيرة، وأكثر أهلها شيعة، وبنيت هذه المدينة سنة ثلاث وثمانين زمن الحجاج بن يوسف (اللباب لابن الأثير 3/ 4).
(3)
بياض في الأصل، وجاءت ترجمته في الفهرست للطوسي على هذا النحو: «محمد بن الحسين ابن أحمد بن الوليد القمي، جليل القدر، عارف بالرجال، موثوق به. له كتب منها:
كتاب «الجامع» ، وكتاب «التفسير» وغير ذلك.
والقمي: بضم القاف وتشديد الميم، نسبة الى قم، بلدة بين أصبهان وساوة كبيرة، وأكثر أهلها شيعة، وبنيت هذه المدينة سنة ثلاث وثمانين زمن الحجاج بن يوسف (اللباب لابن الأثير 3/ 4).
(4)
في الأصل: «حماد» وأثبتنا ما في جمهرة أنساب العرب، ووفيات الأعيان لابن خلكان، ومعجم الأدباء، وأنباه الرواة للقفطي.
(5)
في الأصل «ابن فهر» والمثبت في: انباه الرواة للقفطي، وجمهرة أنساب العرب، ووفيات الأعيان لابن خلكان، ومعجم الأدباء لياقوت.
(6)
له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 92، الأنساب للسمعاني 226 أ، البداية والنهاية 11/ 176، تاريخ الاسلام للذهبي (وفيات سنة 321)، تاريخ بغداد 2/ 195، تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 810، جمهرة الأنساب لابن حزم 381، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 138، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 8 أ، طبقات القراء للجزري 2/ 116، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 33، العبر 2/ 187، الفهرست لابن النديم 61،
مولده بالبصرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
وقرأ على علمائها، ثم صار إلى عمان (1) فأقام بها إلى أن مات.
روى عن عبد الرحمن بن أخي الأصمعيّ، وأبي حاتم السّجستانيّ، وأبي الفضل الرّياشيّ. وكان رأس أهل هذا العلم.
روى عنه خلق؛ منهم أبو سعيد السّيرافي، والمرزبانيّ، وأبو الفرج الأصبهاني.
وله شعر كثير، وروى من أخبار العرب وأشعارها ما لم يروه كثير من أهل العلم.
وقال أبو الطّيب اللغوي في «مراتب النحويين» عند ذكره ابن دريد:
هو الذي انتهت إليه لغة البصريين، وكان أحفظ الناس، وأوسعهم علما، وأقدرهم على الشعر، وما ازدحم العلم والشعر في صدر أحد ازدحامهما في صدر خلف الأحمر، وابن دريد، وتصدر ابن دريد في العلم ستين سنة (2).
وكان يقال: ابن دريد أشعر العلماء.
قال الخطيب البغدادي: كان واسع الحفظ جدّا، تقرأ عليه دواوين العرب كلها أو أكثرها، فيسابق إلى إتمامها ويحفظها.
وسئل عنه الدارقطني فقال: تكلموا فيه.
الكامل لابن الأثير 8/ 273، اللباب 1/ 418، لسان الميزان 5/ 132، مرآة الجنان لليافعي 2/ 282، مراتب النحويين 84، المزهر 2/ 465، معجم الأدباء 6/ 483، معجم الشعراء 425، المنتظم 6/ 261، ميزان الاعتدال 3/ 520، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 242، نزهة الألباء 258، الوافي الوفيات للصفدي 2/ 339، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 448.
(1)
عمان، بضم أوله وتخفيف ثانية، كورة عربية على ساحل بحر اليمين والهند.
(2)
مراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي ص 84.
وقال ابن شاهين: كنا ندخل على ابن دريد فنستحي لما نرى من العيدان المعلقة، والشراب المصفّى موضوع.
قال شيخنا الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى: قد تاب بعد ذلك، كما سيأتي.
وقال الخطيب: جاء إليه سائل فلم يكن عنده غير دنّ نبيذ، فأعطاه له، فأنكر عليه غلامه، فقال: لم يكن عندنا غيره، وتلا قوله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (1) فما تم اليوم حتى أهدي له عشرة دنان، فقال: تصدقنا بواحد، وأخذنا عشرة.
وقال الأزهريّ: وممّن ألف الكتب في زماننا فرمي بافتعال العربية وتوليد الألفاظ أبو بكر بن دريد، وقد سألت عنه إبراهيم بن عرفة، فلم يعبأ به، ولم يوثقه في روايته. وألفيته على كبر سنه سكران لا يكاد يفتر عن ذلك.
وقال غيره: أملى ابن دريد «الجمهرة» في فارس، ثم أملاها بالبصرة وببغداد من حفظه، فلذلك تختلف النسخ، والنسخة المعوّل عليها هي الأخيرة، وآخر ما صح نسخة عبيد الله بن أحمد [فهي] حجة، لأنه كتبها من عدّة نسخ، وقرأها عليه.
وله من التصانيف «الجمهرة» في اللغة، «الأمالي» ، «المجتني» ، «اشتقاق أسماء القبائل» ، «الملاحن» ، «المقتبس» ، «المقصور والمدود» ، «الوشاح» ، «الخيل» الكبير، «الخيل» الصغير، «الأنواء» ، «غريب القرآن» لم يتم، «فعلت وأفعلت» ، «أدب الكاتب» ، «المطر» ، «زوار (2) العرب» ، «السرج واللجام» ، «تقويم اللسان» لم يبيض،
(1) سورة آل عمران 92.
(2)
اسمه في كشف الظنون وهدية العارفين: «زوراء العرب» . واسمه في بغية الوعاة «رواد العرب» .
«المقصورة» مدح بها الأمير أبا العباس إسماعيل بن عبد الله بن ميكال رئيس نيسابور.
قال بعضهم: أملى ابن دريد الجمهرة من حفظه سنة سبع وتسعين ومائتين، فما استعان عليها بالنظر في شيء من الكتب، إلا في الهمزة واللفيف.
قال: وكفى عجبا أن يتمكن الرجل من علمه كل التمكن ثم لا يسلم مع ذلك من الألسن، حتى قيل فيه:
ابن دريد بقره
…
وفيه عيّ وشره (1)
ويدعى من حمقه
…
وضع كتاب الجمهرة
وهو كتاب العين إلا
…
أنه قد غيّره
قال بعضهم: حضرنا مجلس ابن دريد، وكان يتضجّر ممن يخطئ في قراءته، فحضر غلام وضيء، فجعل يقرأ ويكثر الخطأ، وابن دريد صابر عليه، فتعجب أهل المجلس، فقال رجل منهم: لا تعجبوا، فإن في وجهه غفران ذنوبه، فسمعها ابن دريد، فلما أراد أن يقرأ، قال له: هات يا من ليس في وجهه غفران ذنوبه، فعجبوا من صحة سمعه، على كبر سنه.
وقال بعضهم فيه:
من يكن للظباء صاحب صيد
…
فعليه بمجلس ابن دريد (2)
إن فيه لأوجها قيّدتني
…
عن طلاب العلا بأوثق قيد
(1) معجم الأدباء لياقوت 6/ 490.
(2)
معجم الأدباء لياقوت 6/ 491.
مات يوم الأربعاء لثنتي عشرة ليلة بقيت من رمضان، سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، يوم مات عبد السلام الجبائي، فقيل: مات علم اللغة والكلام جميعا.
ورثاه جحظة بقوله:
فقدت بابن دريد كلّ منفعة
…
لمّا غدا ثالث الأحجار والترب (1)
وكنت أبكي لفقد الجود مجتهدا
…
فصرت أبكي لفقد الجود والأدب
ومن نظم ابن دريد في النرجس:
عيون ما يلم بها الرّقاد
…
ولا يمحو محاسنها السّهاد (2)
إذا ما الليل صافحها استهلّت
…
وتضحك حين ينحسر السّواد
لها حدق من الذهب المصفّى
…
صياغة من يدين له العباد
وأجفان من الدر استفادت
…
ضياء مثله لا يستفاد
على قضب الزبرجد في ذراها
…
لأعين من يلاحظها مراد
في «ربيع الأبرار» للزمخشري: جمع ابن دريد ثمانية أسماء في بيت واحد:
فنعم أخو الجليّ ومستنبط الندى
…
وملجأ محزون ومفزع لاهث
قال ابن خالويه في شرح «المقصورة» : كان ببغداد الكرماني صاحب لغة، وكان يطعن على ابن دريد، وينقض عليه الجمهرة، فجاء غلام لابن دريد فجلس بحذائه في
الجامع، ونقض على الكرماني جميع ما نقضه على ابن دريد، فقال: اكتبوا: بسم الله الرحمن الرحيم، قال أبو بكر بن دريد أعزه الله تعالى: عننت الفرس إذا حبسته بعنانه، فإن حبسته بمقوده فليس بمعنّ، قال الكرماني الجاهل: أخطأ ابن دريد، لأنه إن كان من عننت فيجب أن
(1) معجم الأدباء 6/ 489.
(2)
معجم الأدباء 6/ 493.
يكون معنونا، وإن كان من أعننت فيجب أن يكون معنا، وأخطأ لكذا، وكذا، فوقف شاعر على الحلقة فقال اكتبوا:
أذللت كرمان وعرّضتها
…
لجحفل مثل عديد الحصى
وابن دريد غرّة فيهم
…
في بحره مثلك قد غوّصا
جثا على الركبة حتى إذا
…
أحسن نزرا قعد القرفصا
والله إن عاد إلى مثلها
…
لأصفعنّ هامته بالعصا
فلم يلتفت إلى الكرماني بعد ذلك.
قال ابن خالويه في «شرح المقصورة» حضرت ابن دريد، وقد ناول أبو الفوارس غلامه طاقة نرجس، فقال: يا بني ما أصنع بهذا اليوم! وأنشد:
صبا ما صبا حتى علا الشّيب رأسه
…
فلما علاه قال للباطل: ابعد
أورده شيخنا في «طبقات النحاة» .
474 -
محمد بن الحسن بن سليمان، أبو جعفر الزوزنيّ البحاث الشافعي (1).
أحد الفقهاء المبرّزين، قضاة المسلمين.
تولى القضاء بنواحي خراسان، وما وراء النهر.
كان من أساطين العلم، وكان من أقران الأودنيّ، وكان يكون بينهما من المنافرة في المناظرة ما يكون بين الأقران.
وذكر أن مصنفاته في التفسير، والحديث، والفقه، وأنواع العلوم، تزيد على المائة.
(1) له ترجمة في: طبقات الشافعية للسبكي 3/ 143، يتيمة الدهر للثعالبي 4/ 343.
وقدم على الصاحب بن عباد، فارتضى تصرفه في العلم، وتفنّنه في أنواع الفضل، وعرض عليه القضاء على شرط انتحال مذهبه، يعني الاعتزال، فامتنع وقال: لا أبيع الدّين بالدنيا: فتمثل له الصاحب بقول القائل:
فلا تجعلني للقضاء فريسة
…
فإن قضاة العالمين لصوص (1)
مجالسهم فينا مجالس شرطة
…
وأيديهم دون الشّصوص شصوص
فأجاب البحاث بقوله بديهة:
سوى عصبة منهم تخصّ بعفة
…
ولله في حكم العموم خصوص
خصوصهم زان البلاد وإنما
…
يزين خواتيم الملوك فصوص
والقاضي أبو جعفر هذا هو جد القاضي أبي جعفر محمد بن إسحاق البحاثيّ، الأديب، شيخ الباخرزيّ، صاحب «دمية القصر» وكلاهما أديب.
وكان القاضي أبو جعفر الكبير، صاحب هذه الترجمة، مع علو مرتبته في العلم يحب منصب القضاء.
ومن شعره قصيدة قالها في الشيخ العميد أبي علي محمد بن عيسى، يخطب قضاء مدينة فرغانة ويصف الربيع:
اكتسب الأرض وهي عريانه
…
من نشر نور الربيع ألوانه
واتّزرت بالنبات وانتشرت
…
حين سقاها السحاب ألبانه
فالروض يختال في ملابسه
…
مرتديا ورده وريحانه
تضاحكت بعد طول عبستها
…
ضحك عجوز تعود بهتانه
كم سائل لحّ في مساءلتي
…
عن حالتي قلت وهي وسنانه
قلب كسير فمن يجبّره
…
قال نرى من يحبّ جيرانه
(1) يتيمة الدهر للثعالبي، وطبقات الشافعية للسبكي.
سوى الوزير الذي يلوذ به
…
يخدم برد الغداة إيوانه
قلت متى قال قد أتى فدنا
…
مفتتح العام كان إبانه
فقلت ماذا الذي تؤمله
…
فقال أبشر قضاء فرغانه
ومن شعره، قال الباخرزيّ: وهو أبلغ ما سمعت في فنّه:
إن الخزائن للملوك ذخائر
…
ولك المودّة في القلوب ذخائر
أنت الزمان فإن رضيت فخصبه
…
وإذا غضبت فجدبه المتعاسر
فإذا رضيت فكل شيء نافع
…
وإذا غضبت فكل شيء ضائر
وشعره كثير، وكذلك شعر حفيده أبي جعفر.
قال الحاكم: توفي ببخارى سنة سبعين وثلاثمائة.
475 -
محمد بن الحسن بن عبد الله السيد الشريف شمس الدين أبو عبد الله الحسيني الواسطي الشافعي (1).
نزيل الشامية الجوانية.
مولده سنة سبع عشرة وسبعمائة.
اشتغل وفضل ودرس بالصارمية، وأعاد بالشامية البرانية، وكتب الكثير نسخا وتصنيفا بخطه الحسن.
فمن تصنيفه مختصر «الحلية» لأبي نعيم، في مجلدات، سماه «مجمع الأحباب» ، و «تفسير» كبير، وشرح «مختصر ابن الحاجب» في ثلاثة مجلدات، ينقل فيه كلام الأصفهاني صفحة فأكثر، وينقل من شرح القاضي تاج الدين فوائد، ويصرح بنقلها عنه، و «كتاب في أصول الدين» مجلد، و «كتاب في الرد على الإسنوي في تناقضه» .
(1) له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 41، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 95 أوالترجمة فيه بالنص.
قال الحافظ شهاب الدين بن حجي: سمعته يعرض بعضه [على](1) القاضي بهاء الدين أبي البقاء قبل سيره إلى مصر ويقرأ عليه فيه. قال:
وكان منجمعا عن الناس وعن الفقهاء خصوصا. توفي يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الأول سنة ست وسبعين وسبعمائة، ودفن عند مسجد القدم.
ذكره ابن قاضي شهبة.
476 -
محمد بن الحسن بن علي أبو جعفر الطّوسي (2).
فقيه الشيعة، مصنفهم.
كان ينتمي إلى مذهب الشافعي.
له مصنفات كثيرة في الكلام على مذهب الإمامية، وجمع «تفسير القرآن» وأملى أحاديث وحكايات تشتمل على مجلدين.
قدم بغداد وتفقه على مذهب الشافعي.
وقرأ الأصول والكلام على أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المعروف بالمفيد، فقيه الإماميّة.
وحدث عن هلال الحفار.
روى عنه ابنه أبو [علي (3)] الحسن.
(1) من طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة.
(2)
له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 12/ 97، الذريعة لمحسن الطهراني 2/ 14، روضات الجنات 580، طبقات الشافعية للسبكي 4/ 126، طبقات المفسرين للسيوطي 29، الفهرست للطوسي 285، لسان الميزان 5/ 135، المنتظم لابن الجوزي 8/ 252، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 5/ 82، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 349.
(3)
من طبقات الشافعية للسبكي.
وقد أحرقت كتبه عدة نوب بمحضر من الناس في رحبة جامع القصر، واستتر هو خوفا على نفسه بسبب ما يظهر عنه من انتقاص السلف.
مات بمشهد علي من الكوفة في المحرم، ذكره النجّار في «الذيل» ، وأرخه بعضهم سنة إحدى وستين وأربعمائة.
477 -
محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن الحسين بن محمد بن سليمان بن داود بن عبد الله بن مقسم (1).
ومقسم هذا هو صاحب ابن عباس رضي الله عنه، أبو بكر العطار المقرئ النحوي.
قال ياقوت: ولد سنة خمس وستين ومائتين، وسمع أبا مسلم الكجّي، وثعلبا، ويحيى بن محمد بن صاعد.
وروى عنه ابن شاذان، وابن رزقويه.
وكان ثقة، من أعرف الناس بالقراءات، وأحفظهم لنحو الكوفيين، ولم يكن فيه عيب إلا أنه قرأ بحروف تخالف الإجماع، واستخرج لها وجوها من اللغة، والمعنى، كقوله:
فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا (2)، قال: نجبا، بالباء، وشاع أمره، فأحضر إلى السلطان واستتابه، فأذعن بالتوبة، وكتب محضرا بتوبته. وقيل:
إنه لم ينزع عنها، كان يقرأ بها إلى أن مات.
(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 11/ 259، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 206، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 123، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 41، العبر 2/ 310، الفهرست لابن النديم 33، الكامل لابن الأثير 8/ 566، معجم الأدباء لياقوت 6/ 498، المنتظم 7/ 30، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 343، الوافي بالوفيات 2/ 337.
(2)
سورة يوسف 80.
وروى الخطيب عن بعضهم قال: رأيت في النوم أني أصلي مع الناس وابن مقسم يصلي مستدبرا القبلة، فأولته بمخالفته الأئمة فيما اختاره من القراءات (1).
وله من التصانيف «الأنوار في تفسير القرآن» ، «المدخل إلى علم الشعر» ، «الاحتجاج في القراءات» ، «كتاب في النحو» كبير، «المقصور والممدود» ، «المذكر والمؤنث» ، «الوقف والابتداء» ، «المصاحف» ، و «عدد التمام» ، «أخبار نفسه» ، «مجالسات ثعلب» ، «مفرداته» ، «الموضح» ، «الرد على المعتزلة» ، «الانتصار لقراء الأمصار» ، «اللطائف في جمع هجاء المصاحف» ، وغير ذلك.
قال الداني: عالم بالعربية، حافظ للغة، حسن التصنيف، مشهور بالضبط والإتقان، إلا أنه سلك مسلك ابن شنبوذ، فاختار حروفا خالف فيها أئمة العامة، وكان يذهب إلى أن كل قراءة توافق خط المصحف فالقراءة بها جائزة، وإن لم تكن لها مادة.
مات سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.
ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .
478 -
محمد بن الحسن الأستاذ أبو بكر بن فورك- بضم الفاء وفتح الراء- الأصفهاني (2).
(1) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 208.
(2)
له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 110، تاج التراجم لابن قطلوبغا 184، تبيين كذب المفتري 232، طبقات الشافعية للسبكي 4/ 127، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 17 ب، العبر 3/ 95، مرآة الجنان لليافعي 3/ 17، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 240، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 344، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 402.
قال ابن خلكان: هو المتكلم، الأصولي، الأديب، النحوي، الواعظ.
أقام بالعراق يدرس ثم توجه إلى الري، فسعت به المبتدعة، فراسله أهل نيسابور والتمسوا منه التوجه إليهم ففعل، وورد نيسابور فبنى له بها مدرسة ودارا، فأحيا الله تعالى به أنواعا من العلوم، وظهرت بركته على المتفقهة.
وبلغت مصنفاته في الأصلين، ومعاني القرآن، قريبا من مائة مصنف، ثم دعي إلى مدينة غزنة من الهند، وجرت له بها مناظرات عظيمة، فلما رجع إلى نيسابور، سمّ في الطريق، فمات سنة ست وأربعمائة، فنقل إلى نيسابور، فدفن بها.
479 -
محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن بندار بن طفيل أبو عبد الله المرادي.
يعرف بابن المؤذّن قال في «تاريخ غرناطة» : كان صاحب قدم في العربية، إماما في اللغة والأخبار، شاعرا مجيدا، حافظا للتفسير كاتبا وبقية من بقايا أهل الأدب، ذا نباهة وصدق، ومروءة وكرم وطيب نفس، وحسن عشرة، وسرعة إدراك، مع الدين المتين، والتواضع والوقار.
ولم يزل طول عمره على المطالعة والدرس والقراءة، لم يشغله عنها شيء على كبر سنه، لازم خاله أبا عبد الله بن سودة وتأدب عليه.
وقرأ بغرناطة على الأستاذ أبي محمد القرطبي، وأبي علي الرّنديّ، وغيرهما.
مات ليلة الأحد ثاني ذي الحجة سنة تسع وستين وستمائة عن نيّف وسبعين سنة.
ومن شعره:
عجبت لدوحة التفّاح أبدت
…
جناها فوق أغصان نجوما 111
تخال جنانها والريح تسعى
…
شياطينا فترسلها رجوما
أورده شيخنا في «طبقات اللغويين والنحاة» .
480 -
محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي النّيليّ النحويّ (1).
أبو جعفر ابن أخي معاذ الهرّاء، سمي الرؤاسي لأنه كان كبير الرأس، وهو أول من وضع من الكوفيين كتابا في النحو، وهو أستاذ الكسائي، والفراء، وكان رجلا صالحا.
وقال: بعث الخليل إليّ يطلب كتابي، فبعثت به إليه، فقرأه، فكل ما في كتاب سيبويه:«وقال الكوفي» فإنما عنى الرؤاسي هذا، وكتابه يقال له «الفيصل» .
وقال المبرد: ما عرف الرؤاسي بالبصرة. وقد زعم بعض الناس أنه صنّف كتابا في النحو، فدخل البصرة ليعرضه على أصحابنا، فلم يلتفت إليه، ولم يجسر على إظهاره لما سمع كلامهم.
وقال ابن درستويه: زعم جماعة من البصريين أن الكوفي الذي ذكره الأخفش في آخر المسائل ويردّ عليه، هو الرّؤاسي.
وله من الكتب «معاني القرآن» ، «الفيصل» ، «التصغير» ، «الوقف والابتداء» الكبير، «الوقف والابتداء» الصغير.
(1) له ترجمة في: روضات الجنات للخوانساري 156، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 116، مراتب النحويين 24، معجم الأدباء لياقوت 6/ 480، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 334.
وذكره أبو عمرو الداني في «طبقات القراء» ، وقال: روى الحروف عن أبي عمرو، وهو معدود في المقلين عنه، وسمع الأعمش؛ وهو من جلة الكوفيين.
وله اختيار في القراءة يروى.
سمع الحروف منه خلاد بن خالد المنقريّ، وعلي بن محمد الكنديّ.
وروى عنه الكسائي، والفراء.
وقال الزبيدي: كان أستاذ أهل الكوفة في النحو، أخذ عن عيسى بن عمر، وله «كتاب في الإفراد والجمع» .
قال الصفدي: وله شعر مقبول، فمنه:
ألا يا نفس هل لك في صيام
…
عن الدنيا لعلك تهتدينا
يكون الفطر وقت الموت منها
…
لعلك عنده تستبشرينا
أجيبيني هديت وأسعفيني
…
لعلك في الجنان تخلّدينا
أورده شيخنا في «طبقات النحاة» .
481 -
محمد بن الحسن محمد بن زياد بن هارون بن جعفر بن [سند (1)] المقرئ المفسر الحافظ (2).
(1) من معجم الأدباء لياقوت، والوافي بالوفيات للصفدي، وطبقات الشافعية للسبكي، وطبقات القراء لابن الجزري.
(2)
له ترجمة في: الأنساب للسمعاني ورقة 556 ب، البداية والنهاية لابن كثير 11/ 242، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 201، تذكرة الحفاظ 3/ 908، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 145، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 119، طبقات القراء للذهبي 1/ 236، طبقات المفسرين للسيوطي 29، العبر 2/ 292، الفهرست لابن النديم 33، لسان الميزان 5/ 132، مرآة الجنان لليافعي 2/ 347، معجم الأدباء 6/ 496، المنتظم 7/ 14، ميزان الاعتدال 3/ 520، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 345، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 425.
كان إمام أهل العراق في القراءات والتفسير.
قرأ القرآن على هارون بن موسى الأخفش، وابن أبي مهران، وجماعة.
وقرأ عليه خلائق، منهم أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران، وأبو الحسن الحمامي، وجماعة.
وروى الحديث عن أبي مسلم الكجي، ومطين، والحسن بن سفيان، وآخرين.
وروى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وأبو أحمد الفرضيّ، وأبو علي بن شاذان، وجماعة.
ورحل وطوف من مصر إلى ما وراء النهر في لقي المشايخ.
وصنف التفسير، وسماه «شفاء الصدور» في نحو اثني عشر ألف ورقة، وله «الإشارة في غريب القرآن» ، و «الموضح في معاني القرآن» و «دلائل النبوة» ، و «القراءات» بعللها، وكتاب «العقل» ، وكتاب «ضد العقل» ، وكتاب «المناسك» ، وكتاب «فهم المناسك» ، وكتاب «أخبار القصاص» ، وكتاب «ذم الحسد» ، وكتاب «الأبواب في القرآن» ، وكتاب «إرم ذات العماد» ، وكتاب «المعجم» الأوسط، وكتاب «المعجم الأصغر» ، وكتاب «المعجم الكبير في أسماء القراء وقراءاتهم» ، وكتاب «السبعة بعللها» الكبير، وكتاب «السبعة الأوسط» ، وكتاب «السبعة الأصغر» ، وأشياء أخر.
ضعفه جماعة، قال البرقاني: كل حديث النقاش منكر.
وقال طلحة بن محمد بن جعفر: كان يكذب في الحديث.
وقال الخطيب: في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة.
وقال الذهبي: متروك. ليس بثقة على جلالته ونبله.
وقال هبة الله اللالكائي: تفسير النقاش إشفاء الصدور ليس بشفاء الصدور.
قال الدارقطني في كتاب «التصحيف» : إن النقاش قال مرة: كسرى أبو شروان، جعلها كنية.
قال الحسن بن الفضل القطان: حضرت النقاش وهو يجود بنفسه، فجعل يحرك شفتيه، ثم ينادي بعلو صوته لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (1) يرددها ثلاثا، ثم خرجت نفسه. مولده سنة ست وستين ومائتين، ومات في بغداد يوم الثلاثاء ثالث شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.
(1) سورة الصافات 61.