المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف الياء 676 - يحيى بن آدم بن سليمان (1). مولى خالد - طبقات المفسرين للداوودي - جـ ٢

[الداوودي، شمس الدين]

الفصل: ‌ ‌حرف الياء 676 - يحيى بن آدم بن سليمان (1). مولى خالد

‌حرف الياء

676 -

يحيى بن آدم بن سليمان (1).

مولى خالد بن عقبة بن أبي معيط، القرشي المخزومي الكوفي، ثقة حافظ، يكنى أبا زكريا.

سمع زهير بن معاوية، وجرير بن حازم، وإسرائيل بن يونس، وعبد الرحمن بن حميد، ومفضل بن مهلهل، وفضيل بن مرزوق، وعمار بن رزيق، وسفيان الثوري، وحسن بن عياش، ووهيب، وإبراهيم بن سعد، والحسن بن صالح، ويزيد بن عبد العزيز، ومسعر، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وقطبة بن عبد العزيز.

روى عنه إسحاق الحنظلي، وعبد الله المسندي، وإسحاق بن نصر، وعباس بن الحسين، وأحمد بن أبي رجاء، وابن أبي شيبة، ومحمد بن رافع، وأبو كريب، وعبد بن حميد، والحسن الحلواني، وعبيد بن يعيش.

مات سنة [ثلاث ومائتين](2).

له كتاب «أحكام القرآن» .

677 -

يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي (3).

(1) له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 359، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 361، الفهرست لابن النديم 227، مرآة الجنان لليافعي 2/ 10.

(2)

بياض في الأصل، أكملته عن تذكرة الحفاظ للذهبي.

(3)

له ترجمة في: الديباج المذهب لابن فرحون 353.

ص: 362

ابن عم أحمد بن يحيى، قرطبي يعرف بابن الرقيعة، يكنى أبا إسماعيل.

سمع من أبيه، ورحل فسمع بإفريقية من يحيى بن عمرو بن طالب، وبمصر من محمد بن أصبغ بن الفرج، وبالعراق من إسماعيل القاضي، وأحمد ابن زهير وغيرهما.

وشوور في الأحكام، وكان متصرفا في العربية، واللغة، والتفسير، نبيها، وألف الكتب المبسوطة في اختلاف أصحاب مالك وأقواله، وهي التي اختصرها محمد وعبد الله ابنا أبان بن عيسى، ثم اختصر ذلك الاختصار أبو الوليد بن رشد.

ذكره القاضي عياض في «المدارك» .

678 -

يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي المروزي (1) أبو محمد القاضي المشهور.

فقيه صدوق، إلا أنه رمي بسرقة الحديث. ولم يقع ذلك له، وإنما كان يرى الرواية بالإجازة والوجادة، وكان من بحور العلم لولا دعابة فيه.

روى عن عبد العزيز [بن] أبي حازم وابن المبارك.

وعنه الترمذي، والسراج: مات في آخر سنة اثنتين- أو ثلاث- وأربعين ومائتين، وله ثلاث وثمانون سنة.

له كتاب «إيجاد التمسّك بأحكام القرآن» .

679 -

يحيى بن خلف بن نفيس أبو بكر المعروف بابن الخلوف

(1) له ترجمة في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 14/ 191، الجواهر المضيئة لعبد القادر القرشي 2/ 210، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 361، طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 410، ميزان الاعتدال 4/ 361، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 316، وفيات الأعيان لابن خلكان 5/ 197.

ص: 363

الغرناطي المقرئ (1).

أحد الحذاق.

ولد في أول سنة ست وستين وأربعمائة.

وعني بالقراءات حتى برع فيها، لقي من القراء أبا الحسن العبسي، وإبراهيم بن علي نزيل الإسكندرية صاحب الداني، وخازم (2) بن محمد صاحب مكي، وأبا بكر محمد بن المفرج البطليوسي، وأبا القاسم بن النحاس، وعياش بن خلف.

ولقي ببغداد أبا طاهر بن سوار، وسمع من الفقيه نصر المقدسي، ومحمد ابن الطلاع، وأبي علي الغساني، وأبي مروان بن سراج.

وسمع «صحيح مسلم» بمكة من أبي عبد الله الطبري، وقد ذكر ابن عيسى في إجازة الزواوي أن يحيى بن الخلوف قرأ بكتاب «سوق العروس» على مؤلفه أبي معشر، وهذا لا يصح، ولا لقي أبا معشر.

وتصدر للاقراء بجامع غرناطة، وطال عمره وشاع ذكره، وكان رأسا في القراءات، عارفا بالتفسير، كثير التفنن، ذا جلالة ووقار.

وذكره الأبار في «تاريخه» وبالغ في وصفه.

روى عنه أبو عبد الله النميري، وابنه عبد المنعم بن يحيى شيخ ابن عيسى، وأبو بكر بن رزق، وأبو الحسن بن الضحاك، وعبد المنعم بن محمد ابن عبد الرحيم بن الفرس، ووالده أبو عبد الله، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وعبد الصمد بن يعيش الغساني، وأبو عبد الله بن عروس. توفي في عام أحد وأربعين وخمسمائة.

(1) له ترجمة في طبقات القراء لابن الجزري 2/ 369، طبقات القراء للذهبي 2/ 407.

(2)

في الأصل: «حازم» تحريف صوابه في تبصير المنتبه لابن حجر، وطبقات القراء لابن الجزري.

ص: 364

ذكره الذهبي في «طبقات القراء» .

680 -

يحيى بن الربيع بن سليمان بن حراز بن سليمان أبو علي بن أبي الفضل الفقيه الشافعي (1).

من أهل واسط، وأحد العدول بها، هو وأبوه من أبناء الشيوخ الصالحين، يقال: إنهم عدويون من ولد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ويحيى هذا أحد الفقهاء العلماء بمذهب الشافعي رضي الله عنه، وبالخلاف، والأصول، والتفسير، جماعة لفنون من العلم لم تكن عند غيره.

ولد بواسط في شهر رمضان من سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، ونشأ بها، وقرأ القرآن الكريم على جده سليمان، ثم على الرئيس أبي يعلى محمد بن سعد ابن تركان بالقراءات العشر، وتفقه على أبيه، وكان من أصحاب القاضي أبي علي بن برهون الفارقي، ثم على أبي جعفر هبة الله بن يحيى بن البوقي، وعلق الخلاف عن القاضي أبي

يعلى بن الفراء بواسط لما كان قاضيها، وتكلم في مسائل الخلاف.

ثم قدم بغداد، وأول قدومه إليها في سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وأقام بالمدرسة النظامية، والمدرس بها يومئذ أبو النجيب السّهرورديّ، واشتغل بدرسه.

ثم خرج إلى خراسان قاصدا محمد بن يحيى صاحب الغزّاليّ، فلقيه بنيسابور، وكان مدرسها وشيخ أصحاب الشافعي بها، فأقام عنده يسمع دروسه وينتفع عليه سنتين ونصف، حتى حصل ما رامه، وورد الغزالي

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 53، ذيل الروضتين لأبي شامة 69، طبقات الشافعية للسبكي، 8/ 393، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 44 ب، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 370، طبقات المفسرين للسيوطي 43، العبر للذهبي 5/ 20، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 6/ 199.

ص: 365

بنيسابور، وتفرق الفقهاء، فتوجه عائدا إلى العراق، ولما وصل إلى بغداد أعاد للشيخ أبي القاسم بن فضلان درسه بمسجد كان يدرس به، ثم بمدرسة فخر الدولة بن المطلب التي أنشأها بالجانب الشرقي عند عقد المصطنع.

ولم يزل على اشتغاله بالعلم وإعادته للدرس منظورا إليه بعين العلم والدين، حتى ولي قضاء القضاة أبو الحسن محمد بن جعفر العباسي في شهر رمضان سنة أربع وثمانين وخمسمائة، فاستنابه في الحكم والقضاء بمدينة السلام، وقبل شهادته، وأذن له في الإسجال عنه، فكان على ذلك إلى أن عزل العباسي، فتوفر على الاشتغال بالفقه، وتولى قاضي القضاة أبو طالب علي بن علي بن البخاري، فاستنابه في الحكم والقضاء على عادته المتقدمة، فكان على ذلك إلى أن درس بالمدرسة النظامية نيابة في محرم سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، فاشتغل بالتدريس وترك القضاء.

وفي هذه السنة نفذ رسولا من الديوان العزيز إلى ملكي هراة وغزنة غياث الدين وشهاب الدين محمد ومحمد ابني سام، فوصل إليهما، وقضى ما ندب إليه من الاشتغال معهما، وعاد إلى مدينة السلام.

وفي يوم الخميس ثالث محرم سنة ثمان وتسعين وخمسمائة رتب مدرسا بالمدرسة النظامية، وخلع عليه، وحضر عنده الولاة والمدرسون والفقهاء، وولي أيضا النظر بأوقافها.

وفي محرم سنة إحدى وستمائة نفذ ثانيا من الديوان العزيز إلى شهاب الدين محمد بن سام المذكور ملك غزنة رسولا، فوصل إليه وأدى رسالته، وعاد إلى مدينة السلام، فكان بها إلى أن توفي يوم الأحد السابع والعشرين من ذي القعدة من سنة ست وستمائة.

وقد سمع الحديث الكثير من جماعة بواسط، منهم: أبو الكرم نصر الله بن محمد مخلد الأزدي، وأبو الجوائز سعد بن عبد الكريم الغندجاني، وأبو عبد الله

ص: 366

محمد بن علي بن المغازلي، وأبو محمد بن أحمد بن عبيد الله بن الآمدي، والقاضي أبو العباس أحمد بن بختيار بن المندائي، وغيرهم.

وببغداد من أبي الفرج عبد الخالق بن يوسف، وأبي الفضل محمد بن ناصر، وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأبي شجاع محمد بن علي الخيمي، وجماعة.

وبنيسابور من الشيخ محمد بن يحيى، وعمر بن أحمد الصفار، وأبي البركات الفراوي، وعبد الخالق بن زاهر الشحامي، وجماعة.

وحدّث بواسط وبغداد ونيسابور وهراة وغيرها.

سمع منه ابن الدبيثي، وابن خليل، والضياء، وأجاز للفخر بن البخاري، وذكره في «تاريخه» ، وكان ثقة صدوقا، رحمه الله وإيانا.

681 -

يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان الديلميّ (1).

إمام العربية أبو زكريا المعروف بالفرّاء.

كان أعلم الكوفيّين بالنحو بعد الكسائي، أخذ عنه، وعليه اعتمد، وأخذ عن يونس، وأهل الكوفة يدّعون أنه استكثر عنه، وأهل البصرة يدفعون ذلك.

وكان يجب الكلام ويميل إلى الاعتزال، وكان دينا متورعا على تيه وعجب وتعظّم، وكان زائد العصبية على سيبويه، وكتابه تحت رأسه، وكان يتفلسف في تصانيفه، ويسلك ألفاظ الفلاسفة.

(1) له ترجمة في الأنساب للسمعاني الورقة 420، البداية والنهاية لابن كثير 10/ 261، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 41/ 149، تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 372، تهذيب التهذيب 11/ 212، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 371، العبر 1/ 354، الفهرست لابن النديم 66، اللباب 2/ 198، مرآة الجنان لليافعي 2/ 38، مراتب النحويين 86، المعارف 545، معجم الأدباء لياقوت 7/ 276، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 178، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 185، نزهة الألباء 98، وفيات الأعيان لابن خلكان 5/ 225.

ص: 367

وكان أكثر مقامه ببغداد، فإذا كان آخر السنة أتى الكوفة فأقام بها أربعين يوما يفرّق في أهله ما جمعه، وكان شديد المعاش لا يأكل حتى يمسه الجوع، وجمع مالا خلّفه لابن له شاطر، صاحب سكاكين.

وأبوه زياد هو الأقطع، قطعت يده في الحرب مع الحسين بن علي رضي الله عنهما. وكان مولى لأبي ثروان، وأبو ثروان مولى [بني] عبس.

صنف الفراء: «معاني القرآن» ، «البهي فيما تلحن فيه العامة» ، «اللغات» ، «المصادر في القرآن» ، «غريب الحديث» ، «الجمع والتثنية في القرآن» ، «آلة الكتاب» ، «النوادر» ،

«المقصور والممدود» ، «فعل وأفعل» ، «المذكر والمؤنث» ، «الحدود» يشتمل على ستة وأربعين حدّا في الإعراب، «الكافي في النحو» وله غير ذلك. مات بطريق مكة سنة سبع ومائتين، عن سبع وستين سنة.

قال سلمة بن عاصم: دخلت عليه في مرضه، وقد زال عقله، وهو يقول: إن نصبا فنصبا، وإن رفعا فرفعا.

روى له هذا الشعر- قيل ولم يقل غيره:

لن تراني لك العيون بباب

ليس مثلي يطيق ذلّ الحجاب

يا أميرا على جريب من الأر

ض له تسعة من الحجاب

جالسا في الخراب يحجب فيه

ما رأينا إمارة في خراب

682 -

يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن مزين (1).

مولى رملة بنت عثمان بن عفان.

أصله من طليطلة، وانتقل إلى قرطبة، فأقطعه الأمير عبد الرحمن قطائع شريفة، وابتنى له دارا، ووصله بصلة جزيلة.

روى ابن مزين عن عيسى بن دينار، ومحمد بن عيسى الأعشى، يحيى ابن يحيى، وغازي بن قيس، ونظرائهم.

(1) له ترجمة في: الديباج المذهب لابن فرحون 354.

ص: 368

ورحل إلى المشرق فلقي مطرف بن عبد الله، وروى عنه «الموطأ» ورواه أيضا عن حبيب كاتب مالك، ودخل العراق وسمع من القعنبي، وسمع بمصر من أصبغ بن الفرج.

وكان حافظا «للموطأ» ، فقيها فيه، وله حظ من العربية، وكان مشاورا مع العتبي، وابن خالد، وطبقتهم، شيخا وسيما، ذا وقار وسمت حسن، موصوفا بالفضل والنزاهة والدين والحفظ، ومعرفة مذاهب أهل المدينة.

وقال ابن لبابة: ابن مزين أفقه من رأيت في علم مالك وأصحابه، وولي قضاء طليطلة.

وله تواليف حسان، منها «تفسير الموطأ» ، وكتاب «تسمية رجال الموطأ» ، وكتاب «علل حديث الموطأ» وهي كتاب المستقصية، وكتاب «فضائل العلم» ، وكتاب «فضائل القرآن» .

ولم يكن له على ذلك علم بالحديث، توفي في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين ومائتين، وقيل سنة ستين.

ذكره ابن فرحون.

683 -

يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد الأزديّ القرطبيّ الملقب سابق الدين (1).

أحد الأئمة المتأخرين في القراءات، وعلوم القرآن الكريم، والحديث والنحو واللغة، وغير ذلك.

خرج من الأندلس [في](2) عنفوان شبابه، وقدم ديار مصر، فسمع

(1) له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 372، طبقات القراء للذهبي 2/ 429، العبر 4/ 200، مرآة الجنان لليافعي 3/ 380، معجم الأدباء 7/ 278، النجوم الزاهرة 6/ 66، نفح الطيب 2/ 116، وفيات الأعيان لابن خلكان 5/ 219.

(2)

من وفيات الأعيان لابن خلكان.

ص: 369

بالإسكندرية أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي، وبمصر أبا صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المدنيّ المصريّ، وأبا طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بالسّلفي وغيرهم، ودخل بغداد سنة سبع عشرة وخمسمائة، وقرأ بها القرآن الكريم على الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي المقرئ المعروف بابن بنت الشيخ أبي منصور الخياط، وسمع عليه كتبا كثيرة منها «كتاب سيبويه» ، وقرأ الحديث على أبي بكر محمد بن عبد الباقي البزّاز المعروف بقاضي المارستان، وأبي القاسم بن الحصين، وأبي العزّ ابن كادش، وغيرهم.

وكان ديّنا ورعا، عليه وقار وهيبة وسكينة، وكان صدوقا ثبتا نبيلا قليل الكلام كثير الخير مفيدا، أقام بدمشق مدّة واستوطن الموصل، ورحل منها إلى أصبهان، ثم عاد إلى الموصل، وأخذ عنه شيوخ ذلك العصر.

وذكره الحافظ ابن السمعاني في كتاب «الذيل» وقال: إنه اجتمع به في دمشق وسمع منه مشيخة أبي عبد الله الرازي، وانتخب عليه أجزاء، وسأله عن مولده، فقال: ولدت في سنة ست وثمانين وأربعمائة بمدينة قرطبة.

وكان شيخنا القاضي بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم المعروف بابن شدّاد قاضي حلب يفتخر برؤيته وقراءته عليه، وقال: كنا نقرأ عليه بالموصل وكنا نرى رجلا يأتي إليه فيسلم عليه وهو قائم، ثم يمد يده إلى الشيخ بشيء ملفوف فيأخذه الشيخ من يده، ولا نعلم ما هو، ويتركه ذلك الرجل ويذهب، ثم تقفينا ذلك، فعلمنا

أنها دجاجة مسموطة، كانت برسم الشيخ، كل يوم يبتاعها له ذلك الرجل ويسمطها ويحضرها، وإذا دخل الشيخ إلى منزله تولى طبخها بيده.

وكان صاحب الترجمة كثيرا ما ينشد مسندا إلى أبي الخير الكاتب الواسطي، رواهما بالإسناد المتصل إليه أنهما له:

ص: 370

جرى قلم القضاء بما يكون

فسيّان التحرك والسكون (1)

جنون منك أن تسعى لرزق

ويرزق في غشاوته الجنين

وقال: أنشدنا أبو الوفا عبد الباقي بن وهب بن حسان، قال: أنشدنا أبو عبد الله بن منيع بمصر لنفسه:

لي حيلة فيمن ينم

وليس في الكذاب حيلة (2)

من كان يخلق ما يقو

ل فحيلتي فيه قليله

توفي بالموصل في يوم عيد الفطر من سنة سبع وستين وخمسمائة رحمه الله تعالى. ذكر هذه الترجمة ابن خلكان.

684 -

يحيى بن سلطان اليغرفيّ أبو زكريا.

الاستاذ المقرئ النحويّ الإمام في النّحو، الفقيه المتقن، كذا ذكره ابن رشيد في رحلته، وقال: أحد المحققين للعربية، مع مشاركة في تفسير، وأدب، ومنطق، وأصول.

تخرج به نجباء تونس، وكان في إقرائه للعربية ذلق اللسان، حسن البيان، فإذا أقرأ غيرها من العلوم قصّر عن تلك الرتبة. وكان له بتونس جاه وصيت.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

685 -

يحيى بن سلام بن ثعلب أبو زكريا البصري (3).

صاحب «التفسير» .

روى الحروف عن أصحاب الحسن البصري عن الحسن بن دينار وغيره.

وله اختيار في القراءة من طريق الآثار.

روى عن حماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وسعيد بن أبي عروبة.

(1) البيتان في: نفح الطيب للمقري 2/ 118، ووفيات الأعيان لابن خلكان 5/ 221.

(2)

وفيات الأعيان.

(3)

له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 373، لسان الميزان 6/ 259.

ص: 371

قال الداني: ويقال إنه أدرك نحوا من عشرين رجلا وسمع منهم، وروى عنهم.

نزل المغرب، وسكن إفريقية دهرا وسمع الناس [بها](1) كتابه في «تفسير القرآن» ، وليس لأحد من المتقدمين مثله، وكتابه «الجامع» .

وكان ثقة ثبتا، ذا علم بالكتاب والسنة، ومعرفة اللغة والعربية، صاحب سنة. وسمع منه بمصر عبد الله بن وهب، ومثله من الأئمة. توفي في صفر سنة مائتين.

ذكره ابن الجزري في «طبقات القراء» .

686 -

يحيى بن علي بن محمد بن موسى بن بسطام الشيبانيّ أبو زكريا، ابن الخطيب التّبريزي (2).

قال ياقوت: وربما يقال له: الخطيب، وهو وهم.

وكان أحد الأئمة في النحو، واللغة، والأدب، حجة صدوقا ثبتا.

هاجر إلى أبي العلاء المعرّيّ، وأخذ عنه وعن عبيد الله الرّقيّ، والحسن ابن رجاء بن الدهّان، وابن برهان، والمفضّل القصباني، وعبد القاهر الجرجانيّ وغيرهم من الأئمة.

وسمع الحديث وكتب الأدب على خلق. منهم القاضي أبو الطيب الطبريّ. وأبو القاسم التّنوخي، والخطيب البغدادي.

(1) من طبقات القراء لابن الجزري.

(2)

له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 12/ 172، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة الورقة 271، العبر 4/ 5، مرآة الجنان لليافعي 3/ 172، معجم الأدباء لياقوت 7/ 286، المنتظم لابن الجوزي 9/ 161، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 5/ 197، نزهة الألباء للأنباري 372.

ص: 372

وأخذ عنه العلم موهوب الجواليقيّ وغيره، وروى عنه السّلفيّ، وأبو الفضل بن ناصر.

وولي تدريس الأدب بالنظاميّة وخزانة الكتب بها، وانتهت إليه الرئاسة في فنّه، وشاع ذكره في الأقطار، وكان يدمن شرب الخمر ويلبس الحرير والعمائم المذهّبة، وكان الناس يقرءون عليه تصانيفه وهو سكران، وكان أكولا نهما.

صنّف «تفسير القرآن» و «الإعراب» و «شرح القصائد العشر» و «شرح اللّمع» و «الكافي في العروض والقوافي» و «ثلاثة شروح على الحماسة» و «شرح شعر المتنبي» و «شرح شعر أبي تمام» و «شرح الدّريدية» و «شرح سقط الزّند» و «شرح المفضّليات» و «تهذيب الإصلاح» لابن السكيت. وغير ذلك. ولد سنة إحدى وعشرين وأربعمائة ومات فجأة ليلة الثلاثاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسمائة، ودفن في مقبرة باب أبرز.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

687 -

يحيى بن عمار أبو بكر السجزي الحنبلي المفسر.

من شيوخ شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن علي الهروي الأنصاري.

تراجع ترجمته من «طبقات الحنابلة» .

688 -

يحيى بن القاسم بن مفرج بن درع بن الخضر بن الحسن بن حامد الثعلبي أبو زكريا التكريتي الشافعي (1).

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 86، ذيل الروضتين لأبي شامة 120، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 356، مرآة الزمان 8/ 608، معجم الأدباء لياقوت 7/ 288.

ص: 373

قال ياقوت: إمام من أئمة المسلمين وحبر من أحبارهم، فاضل كامل، فقيه قارئ مفسر، نحوي لغوي عروضي شاعر.

تفقه على والده، وصحب ببغداد أبا النجيب السهروردي وغيره، وقرأ الأدب على ابن الخشّاب، وبرع في الفقه والأدب.

وقال ابن النجار: كان آخر من بقي من المشايخ المشار إليهم في مذهب الشافعي، وله الكلام الحسن في المناظرة، والعبارة الفصيحة، والمعرفة بالأصلين، واليد الطولى في الأدب، والباع الممتد في حفظ لغات العرب، وكان أحفظ أهل زمانه لتفسير القرآن ومعرفة علومه. وكان من المجودين لتلاوته، ومعرفة القراءات ووجهها.

سمع من أبي زرعة المقدسي، وأبي الفتح بن البطي.

وصنف في المذهب والخلاف والأدب، وولي تدريس النظامية ونظرها وقضاء بلده مدة.

مولده في المحرم سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، ومات في رمضان سنة ست عشرة وستمائة ببغداد.

ومن نظمه:

لألف الأمر ضروب تنحصر

في الفتح والضم وأخرى تنكسر (1)

فالفتح فيما كان من رباعي

نحو أجب يا زيد صوت الدّاعي

والضّم فيما ضمّ بعد الثاني

من فعله المستقبل الزمان

والكسر فيما منهما تخلّى

إن زاد عن أربعة أو قلا

وله:

(1) الأبيات في معجم الأدباء لياقوت.

ص: 374

لا بدّ المرء من ضيق ومن سعة

ومن سرور يوافيه ومن حزن (1)

والله يطلب من شكر نعمته

ما دام فيها ويبغي الصّبر في المحن

فكن مع الله في الحالين معتنقا

فرضيك هذين في سر وفي علن

فما على شدة يبقى الزمان فكن

جلدا ولا نعمة تبقى على الزمن

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

689 -

يحيى بن مجاهد بن عوانة أبو بكر الفزاريّ الأندلسي الإلبيري (2).

قال ابن الفرضي: عني بعلم القراءات والتفسير، وأخذ نصيبا من الفقه، وحج فسمع بمصر من الأسيوطي، وأبي محمد بن الورد، ولا أعلمه حدث.

وكان منقطع القرين في العبادة والزهد. مات في جمادى الأولى سنة ست وستين وثلاثمائة.

690 -

يحيى بن محمد بن عبد الله بن العنبر بن عطاء بن صالح بن محمد ابن عبد الله بن شعبان العنبري أبو زكريا (3).

مولى بني حرب (4) السلمي النيسابوري الشافعي المفسّر.

قال ابن السمعاني: كان أديبا فاضلا عارفا بالتفسير واللغة. وكان أبو علي الحافظ يقول: الناس يتعجبون من حفظنا لعدة الأسانيد، وأبو زكريا يحفظ من العلوم ما لو كلفنا حفظ شيء منه لعجزنا عنه، وما أعلم أني رأيت مثله.

(1) الأبيات في البداية والنهاية لابن كثير، وطبقات الشافعية للسبكي.

(2)

أنظر ترجمته في: تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 2/ 190.

(3)

له ترجمة في: طبقات الشافعية للسبكي 3/ 485، طبقات المفسرين للسيوطي 42، العبر 2/ 265، اللباب 2/ 155، معجم الأدباء لياقوت 7/ 291، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 314.

(4)

في الأصل: «مولى أبي خرق» . والمثبت في طبقات الشافعية للسبكي، ومعجم الأدباء.

ص: 375

قال ياقوت: وقال القاضي عبد الحميد بن عبد الرحمن: ذهبت الفوائد من مجلسنا بعد أبي زكريا، وذلك أن أبا زكريا اعتزل الناس، وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة.

سمع أبا علي الحرشي، وأحمد بن سلمة وغيرهما.

روى عنه أبو بكر بن عبدوس المفسر، وأبو علي الحسين بن علي الحافظ، والمشايخ.

وقد أطال الحاكم في ترجمته، قال: سمعته يقول: الشفق: الحمرة، لأن اشتقاقه من الخجل والخوف، قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (1) أي خائفون. مات في الثاني والعشرين من شهر شوال، سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وهو ابن ست وسبعين سنة، رحمه الله تعالى.

691 -

يحيى بن محمد بن موسى أبو زكريا التّجيبي التلمساني (2).

قال الذهبي: حج وجاور، وسمع بمكة من أبي الحسن بن البناء، وسكن الإسكندرية، ووعظ، وصنف في «التفسير» والرقائق. مات في تاسع شوال سنة اثنتين وخمسين وستمائة.

692 -

يحيى بن المهلب أبو كدينة- بنون مصغر- البجلي الكوفي (3) سمع حصين بن عبد الرحمن، روى عنه أبو أسامة حديثا موقوفا في ذكر أيام الجاهلية.

صدوق من الطبقة السابعة، روى له البخاري، والترمذي، والنسائي، له «تفسير» .

(1) سورة المؤمنون 57.

(2)

له ترجمة في: طبقات المفسرين للسيوطي 42.

(3)

له ترجمة في: خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 368.

ص: 376

693 -

يزيد بن أيوب (1).

كان إماما عالما بالتفسير، والنحو، أستاذ كمال الدين بن أحمد بن الحسين قاضي القضاة، وبه انتفع وعليه تخرج.

694 -

يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح أبو يوسف الدورقي البغدادي الحافظ (2).

أخو أحمد القيسي، مولى لعبد القيس، وإنما سموا دوارقة لأنهم كانوا يلبسون القلانس الطوال، وليسوا من بلد دورق.

سكن بغداد، وسمع هيثما (3)، وابن علية، ويزيد بن هارون، وروح ابن عبادة، وعبد العزيز بن أبي حازم، ويحيى بن بكير، ومروان بن معاوية، ويحيى القطان، وأبا عاصم.

وعنه الجماعة، والمحاملي.

قال أبو عباس السراج: ولد يعقوب سنة ست وستين ومائة، ومات سنة اثنتين وخمسين ومائتين، له «تفسير» .

695 -

يعقوب خطيب حماة ينعت بالشرف الشافعي (4).

مقرئ مفسر.

تلا بالسبع على إسماعيل بن محمد الفقاعي، وتصدر للإفادة والتذكير وانتفع به جماعة.

(1) له ترجمة في: الجواهر المضيئة لعبد القادر محمد القرشي 2/ 219.

(2)

له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 505، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 375.

(3)

من خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي.

(4)

له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 209، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 391.

ص: 377

قرأ عليه الشهاب أحمد بن أبي الرضا الحموي (1) قاضي حلب. مات بعيد سنة سبعين وسبعمائة.

هكذا ذكره ابن الجزري في «طبقات القراء» .

696 -

يوسف بن إبراهيم بن عثمان الإمام أبو الحجاج العبدري الغرناطي (2).

المقرئ، الحافظ، المعروف بالثغريّ.

قال الذهبي في «طبقات القراء» ذكره الأبار فقال: أخذ القراءات عن عبد الرحيم بن الفرس الغرناطي، وأبي الحسن شريح، ويحيى بن الخلوف، وأبي الحسن بن الباذش، وسمع منهم ومن أبي الحسن بن مغيث، وأبي بكر بن العربي، وأبي مروان الباجي وخلق. وأجاز له أبو علي الصدفي، وأبو بكر الطرطوشي، وأحكم العربية على أبي بكر بن مسعود.

قال: وكان حافظا محدثا، فقيها، مقرئا، راوية، ضابطا، مفسرا، أديبا، نزل في الفتنة «قليوشة» وولي خطابتها وأقرأ بها، أكثر عنه أبو عبد الله التجيبي، وقال: لم أر أفضل ولا أزهد منه، ولا أحفظ لحديث وتفسير منه.

روى عنه أبو عمر بن عياد، وأبو سليمان بن حوط الله، وأبو العباس ابن عميرة. مات في شوال سنة تسع وسبعين وخمسمائة.

697 -

يوسف بن الحسن بن محمود السّرائي التبريزي العلامة عز الدين الحلوائي (3).

(1) في الأصل: «المحمودي» تحريف، صوابه في طبقات القراء لابن الجزري، وهو: شهاب الدين أبو الخير أحمد بن محمد بن أبي الرضا، قاضي القضاة الحموي الشافعي، نزيل حلب اشتغل في الفقه وغيره، وأخذ عن العلامة شرف الدين يعقوب، خطيب قلعة حماة. مات سنة 791 هـ.

(2)

له ترجمة في: بغية الملتمس للضبي 473، صلة الصلة لابن الزبير 213 هـ، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 392.

(3)

له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 2/ 130، الضوء اللامع للسحاوي 10/ 309.

ص: 378

قال الحافظ ابن حجر: ولد سنة ثلاثين وسبعمائة، وأخذ عن العضد وغيره، ورحل إلى بغداد فقرأ على الكرماني ثم أقام بتبريز ينشر العلم، ثم تحول إلى ماردين، فأكرمه صاحبها، وعقد له مجلسا حضر فيه علماؤها، فأقروا له بالفضل، ثم قطن الجزيرة إلى أن مات. وكان لا يرى إلا مشغولا بالعلم والتصنيف، ومن سيرته أنه لم تقع منه كبيرة، ولا لمس دينارا ولا درهما.

صنف «شرحا على الكشاف» و «شرح منهاج البيضاوي» و «شرح الأسماء الحسنى» . مات سنة ثنتين- وقبل أربع- وثمانمائة.

698 -

يوسف بن خالد بن أيوب جمال الدين بن زين الدين بن الحسناوي الحلبي (1).

قاضي حلب، وطرابلس.

أخذ عن شهاب الدين بن أبي الرضا، وله معرفة بالفقه، والتفسير، والنحو، والشعر، وولي قضاء حلب مرتين أو ثلاثا، وقضاء طرابلس مرتين فلنا، وكان على قضاء حلب أيام سلطنة جكم، ونقم عليه دخوله في أمر سلطنته، ولذلك طلب إلى مصر، فلما وصل إليها أطلق، ثم ولي كتابه سرصفد في سنة خمس وعشرين، ثم ولي القضاء بها في سنة ثمان وعشرين، وفي آخرها نقل إلى قضاء طرابلس، فوصل إليها؛ وأقام بها نحو خمسة عشر يوما. توفي في المحرم سنة تسع وعشرين وثمانمائة، ولم تحمد سيرته وهو في عشر الستين.

وحسنايا: قرية من قرى حلب.

ذكره التقي الفاسي في كتاب «تعريف ذوي العلا بمن لم يذكره الذهبي في سير النبلا» .

(1) له ترجمة في: الضوء اللامع للسحاوي 10/ 312، نيل الابتهاج للسبتي 353.

ص: 379

699 -

يوسف بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن الجوزي (1).

القرشي التيمي، البكري، البغدادي، الحنبلي، الفقيه الأصولي، الواعظ الصاحب الشهيد، محيي الدين، أبو محمد؛ وأبو المحاسن بن الإمام الحافظ جمال الدين أبي الفرج الماضي ذكره أستاذ دار الخلافة المستعصمية.

ولد في ليلة سابع عشر ذي القعدة سنة ثمانين وخمسمائة ببغداد.

وسمع بها من أبيه، ويحيى بن بوش، وذاكر بن كامل، وابن كليب، وأبي منصور عبد الله بن محمد بن عبد السلام، وابن المعطوش، وأبي الحسن علي بن محمد بن يعيش.

وقرأ القرآن بالروايات العشر على الباقلاني بواسط، وقد جاوز العشر سنين من عمره، ولبس الخرقة من الشيخ ضياء الدين عبد الوهاب بن سكينة.

واشتغل بالفقه والخلاف والأصول، وبرع في ذلك. وكان أمهر في ذلك من أبيه، ووعظ في صغره على قاعدة أبيه، وعلا أمره وعظم شأنه، وولي الولايات الجليلة.

قال ابن الساعي: شهد عند ابن الدامغاني سنة أربع وستمائة. ثم ولي الحسبة بجانبي بغداد، والنظر في الوقوف العامة، ووقوف جامع السلطان، ثم عزل عن الحسبة، ثم عن

الوقوف سنة تسع، فانقطع في داره يعظ، ويفتي ويدرس، ثم أعيد إلى الحسبة سنة خمس عشرة، واستمر مدة ولاية الناصر، ثم أقره ابنه الظاهر.

قال: وهو من العلماء الأفاضل والكبراء الأماثل، أحد أعلام العلم،

(1) له ترجمة في: ذيل الحنابلة لابن رجب 2/ 258.

ص: 380

ومشاهير الفضل. ظهرت عليه آثار العناية الإلهية مذ كان طفلا. فعنى به والده، وأسمعه الحديث ودر به من صغره في الوعظ، وبورك له في ذلك، وصار له قبول تام وبانت عليه آثار السعادة.

وتوفي [والده وعمره إذ ذاك سبع عشرة سنة، فكفلته الجهة (1)] والدة الإمام الناصر، وتقدمت له بالجلوس للوعظ على عادة والده عند تربتها، بعد أن خلعت عليه. فكلم بما بهر به الحاضرين، ولم يزل في ترقّ [من حاله، وعلو من شأنه، يذكر الدرس فقها (2)] ويواصل الجلوس وعظا عند التربة المذكورة وبباب بدر.

وكان يورد من نظمه كل أسبوع قصيدة في مدح الخليفة [فحظي عنده (3)] وولاه ما تقدم، وأذن له في الدخول إلى وليّ عهده. ثم أوصى الناصر عند موته أن يغسله.

وقال أيضا: كان كامل الفضائل، معدوم الرذائل، أمر الناصر بقبول شهادته وقلده الحسبة بجانبي بغداد، وله ثلاث وعشرون سنة، وكتب له الناصر على رأس توقيعه بالحسبة: حسن السمت، ولزوم الصمت؛ أكسباك يا يوسف- مع حداثة سنك- ما لم يترق إليه همم أمثالك. فدم على ما أنت عليه بصدده. ومن بورك له في شيء فليلزمه والسلام.

ثم روسل به إلى ملوك الأطراف فاكتسب مالا كثيرا، وأنشأ مدرسة بدمشق ووقف عليها وقوفا متوفرة الحاصل، وأنشأ ببغداد بمحلة الحلبة مدرسة لم تتم، وبمحلة الحربية دار قرآن ومدفنا. ثم ولي التدريس بالمستنصرية.

(1) من ذيل الحنابلة لابن رجب.

(2)

نفس المرجع السابق.

(3)

نفس المرجع السابق أيضا.

ص: 381

ثم ولي أستاذ دارية الدار، فلم يزل كذلك إلى أن قتل صبرا شهيدا بسيف الكفار عند دخول هولاكو ملك التتار إلى بغداد. فقتل الخليفة المعتصم وأكثر أولاده، وقتل معه أعيان الدولة والأمراء وأكابر العلماء، وقتل أستاذ الدار محيي الدين رحمه الله وأولاده الثلاثة. وذلك في صفر سنة ست وخمسين وستمائة بظاهر سوركلوذا، رحمة الله عليهم.

كان المستنصر له شباك [على](1) ايوان الحنابلة يسمع الدرس منهم دون غيرهم وأثره باق.

وقال الحافظ الذهبي: كان إماما كبيرا وصدرا عظيما، عارفا بالمذهب، كثير المحفوظ، ذا سمت ووقار، درس، وأفتى وصنّف، وأما رئاسته وعقله:

فينقل بالتواتر، حتى إن الملك الكامل- مع عظم سلطانه- قال: كل أحد يعوزه زيادة عقل إلا محيي الدين بن الجوزي. فإنه يعوزه نقص عقل.

وله تصانيف منها: «معادن الإبريز في تفسير الكتاب العزيز» و «المذهب الأحمد في مذهب أحمد» و «الإيضاح في الجدل» .

وسمع منه خلق ببغداد، ودمشق، ومصر.

وروى عنه عبد الصمد بن أبي الجيش، وأبو عبد الله بن الكسار، والدمياطي، وابن الظاهري، الحفاظ، وأبو الفضل عبد الرازق بن الفوطي، وبالإجازة خلق، آخرهم زينب بنت الكمال المقدسي.

ومن نظمه ما أنشده عنه ابن الساعي:

صبّ له من حيا آماقه غرق

وفي حشاشته من وجده حرق (2)

(1) من ذيل الحنابلة لابن رجب.

(2)

الأبيات في ذيل الحنابلة.

ص: 382

فاعجب لضدين في حال قد اجتمعا

غريق دمع بنار الوجد يحترق

لم أنس عيشا على سلع ولعلها

والبان مفترق وجدا ومعتنق

ونفحة الشيخ تأتينا معنبرة

وعرفها بمعاني المنحني عبق

والقلب طير، له الأشواق أجنحة

إلى الحبيب، رياح الحبّ تخترق

قل للحمى بالرّبى واعن الحلول بها

ما ضرّهم بجريح القلب لو رفقوا

وقد بقي رمق منه، فإن هجروا

مضى كما مرّ أمس ذلك الرمق

700 -

يوسف بن قزغلي الواعظ المؤرخ شمس الدين أبو المظفر سبط الحافظ أبي الفرج بن الجوزي (1).

روى عن جده وطائفة.

وألف كتاب «مرآة الزمان» وله «تفسير على القرآن العظيم» في سبعة وعشرين مجلدا، و «شرح الجامع الكبير» .

وكان في شبيبته حنبليا، ثم صار حنفيا، وكان بارعا في الوعظ، وله القبول التام عند الخاص والعام من أبناء الدنيا وأبناء الآخرة. مات بدمشق سنة أربع وخمسين وستمائة.

701 -

يوسف بن موسى بن راشد بن بلال القطان أبو يعقوب الكوفي (2).

نزيل الري ثم بغداد.

سمع وكيعا، وجريرا، وأبا خالد، وأبا أسامة، وعاصم بن يوسف، وأحمد بن يونس، ويزيد بن هارون. صدوق من الطبقة العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 194، تاج التراجم لابن قطلوبغا 83، تاريخ علماء بغداد 236، الجواهر المضيئة 2/ 231، السلوك 1/ 401، العبر 5/ 220، الفوائد البهية 230، لسان الميزان 6/ 338، المختصر لأبي الفداء 3/ 206، مرآة الجنان لليافعي 4/ 136، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 255، ميزان الاعتدال 4/ 471، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 7/ 39.

(2)

له ترجمة في: خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 378.

ص: 383

روى عنه البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة.

له «تفسير» .

702 -

يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد بن غالي بن علي (1).

قاضي قضاة الشام جمال الدين أبو محمد، وأبو الفضائل، وأبو الوليد، وأبو الفرج القرشي الشيبي الحجازي الأصل المصري، المليحي المولد، الدمشقي الوفاة، الشافعي الحاكم.

ولد في سنة خمسين وخمسمائة تخمينا.

وسمع بالإسكندرية من السلفي، وبالقاهرة من أبي يحيى بن هبة الله بن عبد الصمد العاملي، وبالموصل من أبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي.

وحدّث وولي تدريس العادلية الكبيرة، وهو أول من درس بها، وكان يقول أولا درسا في التفسير فلما أكمل تفسير القرآن توفي عقب ذلك في العشر الأواخر من ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وستمائة بدمشق، ودفن بداره، وكان رحمه الله يشارك في علوم كثيرة، واختصر «الأم» للإمام الشافعي، وألف في الفرائض.

قال فيه أبو شامة: كان حسن الطريقة.

ذكره المقريزي في «المقفى» ثم شيخنا في «طبقات الشافعية» وفي «حسن المحاضرة» .

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 114، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 411، ذيل الروضتين 148، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 366، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 49 ب، العبر للذهبي 5/ 97، قضاة دمشق لابن طولون 64، مرآة الزمان 8/ 643، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 6/ 266.

ص: 384

703 -

يونس بن حبيب الضبيّ الولاء البصريّ أبو عبد الرحمن (1).

بارع في النحو، من أصحاب أبي عمرو بن العلاء.

سمع من العرب. وروى عن سيبويه فأكثر، وله قياس في النّحو، ومذاهب يتفرّد بها.

سمع منه الكسائيّ والفرّاء، وكانت له حلقة بالبصرة ينتابها أهل العلم وطلاب الأدب وفصحاء الأعراب والبادية. وعنه أنه قال: قال لي رؤية ابن العجّاج: حتام تسألني عن هذه البواطيل وأزخرفها لك! أما ترى الشيب قد بلغ في لحيتك! وقال غيره: قارب يونس تسعين سنة ولم يتزوّج ولم يتسر.

مولده سنة تسعين، ومات سنة اثنتين وثمانين ومائة (2).

له «معاني القرآن» صغير، وكبير، وكتاب «اللغات» ، وكتاب «النوادر» الكبير، وكتاب «النوادر» الصّغير.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

704 -

يونس بن محمد بن إبراهيم الوفراونديّ (3) قال ياقوت: نحويّ صنف «الشافي في علم القرآن» ، و «الوافي [في] (4) العروض» .

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 10/ 184، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 406، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة الورقة 282، الفهرست لابن النديم 42، مرآة الجنان لليافعي 1/ 388، مراتب

النحويين 21، المعارف لابن قتيبة 541، معجم الأدباء لياقوت 7/ 310، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 113، نزهة الألباء للأنباري 49.

(2)

في الأصل: «مولده سنة تسعين ومائة ومات سنة اثنتين ومائتين» والمثبت في مصادر الترجمة.

(3)

له ترجمة في: الفهرست لابن النديم 86، معجم الأدباء لياقوت 7/ 313.

(4)

من مصادر الترجمة.

ص: 385

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

هذا ما تيسر جمعه من طبقات من فسر القرآن العظيم، ومن وصف بمعرفة تفسيره.

وكان الفراغ من تبييضه في العشر الأول من جمادى الثانية من شهور سنة إحدى وأربعين وتسعمائة جعله الله خالصا لوجهه الكريم.

وكتبه جامعه محمد بن علي بن أحمد الداودي المالكي غفر الله لهم.

وقد طالعت على هذا الكتاب «الطبقات الكبرى» لابن السبكي، و «طبقات» ابن قاضي شهبة، و «طبقات المالكية» لابن فرحون، و «طبقات الحنفية» ، للقرشي، و «طبقات الحنابلة» لأبي يعلى، ولابن رجب، و «السياق» لعبد الغافر الفارسي، و «ترتيب طبقات ابن فرحون وما زاد عليها من طبقات القاضي عياض» للحافظ شمس الدين السخاوي، و «طبقات القراء» للذهبي، ولابن الجزري، وشيوخ القاضي عياض المسمى «بالغنية» ومن، «المقفى للمقريزي» بخطه ثلاثة عشر مجلدا كبارا، ومجلد من «التكملة لوفيات النقلة» للحافظ الكبير زكي الدين المنذري، والمجلد الثالث والرابع وهو آخر الكتاب من «ذيل تاريخ بغداد» لابن الدبيثي، و «الصلة» لابن بشكوال مجلد، و «طبقات الحفاظ» للذهبي في مجلدين و «طبقات الحفاظ» أيضا لشيخنا الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي، و «طبقات اللغويين والنحاة» له، و «حسن المحاضرة في

تاريخ مصر والقاهرة» له، و «معجم الشيخ برهان الدين البقاعي» ثلاث مجلدات بخطه، و «تاريخ ابن خلكان» .

ص: 386