المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكره من اسم والده الحسين - طبقات المفسرين للداوودي - جـ ٢

[الداوودي، شمس الدين]

الفصل: ‌ذكره من اسم والده الحسين

‌ذكره من اسم والده الحسين

482 -

محمد بن الحسين بن رزين بن موسى بن عيسى بن نصر الله بن هبة الله تقي الدين أبو عبد الله بن أبي علي بن أبي البركات العامري الحنفي (1) الشافعي.

قاضي القضاة، ولد بحماة في يوم الثلاثاء سادس شعبان سنة ثلاث وستمائة.

وتفقه على الشيخ الإمام الحافظ تقي الدين أبي عمر، وعثمان بن علي بن عبد الرحمن بن الصلاح، وبه تخرّج وتميّز في حياته وسمع عليه الحديث، وعلي أبي الحسن علي محمد بن عبد الصمد السخاوي، وقرأ عليه القراءات، وسمع أيضا على أبي القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة، وكريمة بنت عبد الوهّاب القرشية، وجماعة.

وحدث عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي، وبدر الدين محمد بن جماعة في عدة من أهل مصر، وحفظ في صباه «التنبيه» ، و «الوسيط» ، و «المفصل» .

ورحل من حماة إلى حلب، فقرأ على الموفق، ورجع فتصدر للإقراء والتدريس، وعمره ثماني عشرة سنة.

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 298، تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1465، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 417، 2/ 167، ذيل مرآة الزمان لليونيني 4/ 124، طبقات الشافعية للاسنوي 115، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 46، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 57 أ، العبر 5/ 331، 332، المقفى 1/ 221 والترجمة فيه بالنص، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 7/ 353.

ص: 138

وحفظ «المستصفى» ، وكتابي ابن الحاجب في الفقه والأصول، وبرع في علم التفسير، وشارك في الخلاف والمنطق والحديث والبيان، وصار من الفقهاء المقصودين للإفتاء.

وتخرّج عليه جماعة، منهم البدر محمد بن جماعة.

وقدم إلى دمشق فولي بها وكالة بيت المال في أيام الناصر صلاح الدين الأيوبي صاحب حلب ودمشق، وتدريس الشاميّة البرانية وغيرها.

ثم رحل إلى القاهرة في جفل التتار، سنة ثمان وخمسين وستمائة، فأقام بها، وولي تدريس المدرسة الظاهرية عند فراغها في صفر سنة اثنتين وستين وستمائة، وفوض إليه قضاء القاهرة والوجه البحري، بعد وفاة قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن بنت الأعز في شعبان سنة خمس وستين.

واستقر محيي الدين عبد الله بن عين الدولة في قضاء مصر والوجه القبلي، ثم صرف ابن عين الدولة عن قضاء مصر، وأضيف إلى ابن رزين في ثامن شهر ذي القعدة سنة ست وسبعين، فكمل له قضاء القضاة بديار مصر كلها، إلى أن عزل بصدر الدين عمر بن عبد الوهاب بن بنت الأعز في نصف جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين.

ثم أعيد إلى قضاء القضاة بعد عزل صدر الدين عمر بن بنت الأعز، في يوم السبت سادس عشري شهر رمضان سنة تسع وسبعين، فاستمر إلى أن مات وهو قاض في ليلة الأحد ثالث شهر رجب سنة ثمانين وستمائة بالقاهرة، ودفن من الغد بالقرافة.

وكان فقيها عارفا بالأحكام، مدرسا بالمدرسة جوار قبر الشافعي من القرافة، وبالمدرسة الصالحية، والظاهرية، وكان يسكنها، وامتنع من أخذ الجامكيّة على القضاء تورعا وتدينا، وكانت الفتاوى ترد إليه من الأقطار

ص: 139

فيجيد الكتابة عليها، مع اليد الطولى في علم التفسير، وحسن السيرة في القضاء، وكانت علامته الحمد لله الكافي وحده.

وكان يذهب إلى الوجه الذي حكاه صاحب «التتمة» أن الرّشد صلاح المال فقط، ويرفع الحجر عمن بلغ رشيدا في ماله، وإن بلغ سفيها في دينه.

قال ابن الرفعة: سمعته في مجلس حكمه بمصر يصرّح باختياره، ويحكم بموجبه، ويستدل بإجماع المسلمين على جواز معاملة من يلقاه الغريب من أهل البلاد، مع أن العلم محيط بأن الغالب على الناس عدم الرشد في الدين، والرشد في المال، ولو كان ذلك مانعا من نفوذ التصرفات لم تجر الأقلام عليه.

وكانت العادة إذا جمع للواحد [بين](1) قضاء مصر والقاهرة أن يتوجه يوم الاثنين ويوم الخميس إلى مصر، فيجلس بجامع عمرو بن العاص، لفصل القضاء بين الناس، ويحضر عنده فقهاء مصر، فكان ابن الرفعة يحضر عند ابن رزين إذا حضر إلى مصر من القاهرة.

ومن اختياراته أن من عزم على معصية قد فعلها ولم يتب منها، فإنه يؤاخذ بهذا العزم؛ لأنه إصرار.

ومنها [لو](2) وقفت مدرسة لم يجر أن يشترك اثنان في تدريسها، بل لا يكون إلا مدرس واحد، وله شعر.

ذكره الشيخ تقي الدين المقريزي في «المقفى» .

(1) من المقفى للمقريزي، طبقات الشافعية للسبكي.

(2)

تكملة عن المقفى للمقريزي.

ص: 140

483 -

محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن يعقوب المروزيّ أبو عبد الله البنجديهيّ الزّاغوليّ الشافعيّ الحافظ (1).

ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، وتفقه على أبي بكر السّمعانيّ، والد أبي سعد، وعلى الموفّق [بن](2) عبد الكريم الهرويّ.

وسمع محيي السنّة البغويّ، وعيسى بن شعيب السجزيّ، وأبي الفتح نصر ابن إبراهيم الحنفيّ.

وحدّث عنه أبو سعد السّمعانيّ، وولده أبو المظفر.

قال أبو سعد: وكان عارفا بالحديث وطرقه، صالحا، حسن السيرة، خشن العيش، عارفا باللغة والحديث.

وله «قيد الأوابد» أربعمائة مجلد يشتمل على التفسير، والحديث، والفقه، واللغة. ومات في ثاني عشر جمادى الآخرة، سنة تسع وخمسين وخمسمائة.

وبنج ديه: بباء موحدة ونون وجيم ثم دال ثم ياء مثناة من تحت ثم هاء.

وزاغول: بفتح الزاي وضم الغين المعجمة ولام، قرية من أعمال بنج ديه من أعمال مرو الروذ.

ذكره ابن قاضي شهبة، ثم شيخنا في «طبقات الحفاظ» .

(1) له ترجمة في: الأنساب للسمعاني ورقة 267 أ، تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1337، طبقات الشافعية للسبكي 6/ 99، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 35 أ، اللباب 1/ 489، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 373.

(2)

تكملة عن: طبقات الشافعية للسبكي، واللباب لابن الأثير.

ص: 141

484 -

محمد بن الحسين بن محمد بن موسى الأزديّ أبا أبو عبد الرحمن (1).

السّلميّ جدا، لأنه سبط أبي عمرو إسماعيل بن نجيد السّلميّ، النّيسابوريّ بلدا.

كان شيخ مشايخ الصّوفية، وعالمهم بخراسان.

له اليد الطّولى في العلم الغزير، والتصوف، والسير على سنن السّلف.

سمع من أبي العباس الأصمّ، وأحمد بن علي بن حسنويه المقري، وأحمد ابن محمد بن عبدوس، ومحمد بن أحمد بن سعيد الرازيّ، صاحب ابن وارة، وأبي ظهير عبد الله بن فارس العمريّ البلخيّ، ومحمد بن المؤمّل الماسرجسيّ، والحافظ أبي عليّ الحسين بن محمد النّيسابوريّ، وسعيد بن القاسم البرذعيّ، وأحمد بن محمد بن رميح النسويّ، وجده أبي عمر.

وروى [عنه](2) الحاكم أبو عبد الله، وأبو القاسم القشيريّ، وأبو بكر البيهقيّ، وأبو سعيد بن رامش، وأبو بكر محمد بن يحيى المزكيّ، وأبو صالح المؤذّن، وأبو بكر بن خلف، وعلي بن أحمد المديني المؤذّن، والقاسم بن الفضل الثّقفيّ وخلق سواهم.

واختلف في مولده، فالمشهور أنه في رمضان سنة ثلاثين.

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية 12/ 12، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 248، تذكرة الحفاظ 3/ 1046، طبقات الشافعية للسبكي 4/ 143، طبقات المفسرين للسيوطي 31، العبر 3/ 109، الكامل لابن الأثير 9/ 326، اللباب 1/ 554، لسان الميزان 5/ 140، مرآة الجنان 3/ 26، المنتظم لابن الجوزي 8/ 6، ميزان الاعتدال 3/ 523، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 256، الوافي بالوفيات للصفدي 2/ 380.

(2)

تكملة عن: طبقات الشافعية للسبكي.

ص: 142

ذكره عبد الغافر الفارسي في «السّياق» فقال: شيخ الطريقة في وقته، الموفق في جميع علوم الحقائق، ومعرفة طريق التّصوّف، وصاحب التصانيف المشهورة العجيبة في علم القوم، وقد ورث التصوف عن أبيه وجدّه، وجمع من الكتب ما لم يسبق إلى ترتيبه، حتى بلغ فهرست تصانيفه المائة وأكثر.

وحدّث أكثر من أربعين سنة إملاء وقراءة.

وكتب الحديث بنيسابور، ومرو، والعراق، والحجاز.

وانتخب عليه الحفّاظ الكبار. توفي في شعبان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.

قال الخطيب الحافظ: قال لي محمد بن يوسف النّيسابوريّ القطّان: كان السلمي غير ثقة، وكان يضع للصوفية.

قال الخطيب: قدر أبي عبد الرحمن عند أهل بلده جليل، وكان مع ذلك مجودا صاحب حديث.

قال الشيخ تاج الدين بن السبكي في «الطبقات الكبرى» : قول الخطيب هو الصحيح، وأبو عبد الرحمن ثقة، ولا عبرة بهذا الكلام فيه.

قال: وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: كان، يعني السّلميّ، وافر الجلالة، له أملاك ورثها عن أمّه، وورثتها هي من أبيها.

وتصانيفه يقال: إنها ألف جزء، وله كتاب سماه «حقائق التفسير» ليته لم يصنّفه، فإنه تخريف وقرمطة، فدونك الكتاب فسترى العجب.

انتهى.

قال ابن السبكي مخاطبا لشيخه الذهبيّ: لا ينبغي أن تصف بالجلالة من تدّعى فيه التحريف والقرمطة، وكتاب «حقائق التفسير» المشار إليه قد كثر الكلام فيه، من قبل أنه اقتصر فيه على ذكر تأويلات، ومحامل للصوفية، ينبو عنها ظاهر اللفظ.

ص: 143

485 -

محمد بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله الإمام فخر الدين أبو عبد الله الحرّانيّ (1).

الفقيه، الحنبليّ، الواعظ المفسر. شيخ حرّان وعالمها وخطيبها.

ولد بها في أواخر شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، ورحل إلى بغداد، فسمع بها الحديث من أبي طالب المبارك بن خضير، وأبي الفتح بن البطّيّ، وأبي بكر بن النقور، وسعد الله بن نصر الدّجاجيّ، ويحيى بن ثابت ابن بندار، وأبي الفضل بن شافع، وعلي بن عساكر البطائحيّ، وأبي الحسين اليوسفيّ، وأخيه أبي نصر، وأبي الفتح بن شاتيل، وشهدة، وغيرهم.

وسمع بحران من أبي النجيب السّهرورديّ، وأبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء، وأبي الفضل حامد بن أبي الحجر، وبالثلاثة.

تفقه ببغداد على أبي الفتح نصر بن المنّي، وأبي العباس بن بكروس.

وأخذ التفسير عن ابن أبي الحجر، ولازم أبا الفرج بن الجوزي ببغداد، وسمع منه كثيرا من مصنفاته، وقرأ عليه كتابه «زاد المسير في التفسير» قراءة بحث وفهم.

وقرأ الأدب على أبي محمد بن الخشاب، وبرع في الفقه والتفسير، وغيرهما.

ورجع إلى بلده، وجدّ في الاشتغال، ثم أخذ في التدريس، والوعظ، والتصنيف، وشرع في إلقاء التفسير بكرة كل يوم بجامع حران في سنة ثمان وثمانين، وواظب على ذلك حتى فسر القرآن خمس مرات، انتهى آخرها إلى

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 109، ذيل الحنابلة لابن رجب 2/ 151، طبقات المفسرين للسيوطي 32، العبر للذهبي 5/ 92، النجوم الزاهرة 6/ 262، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 37، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 20.

ص: 144

سنة عشر وستمائة وكان مجموع ذلك في ثلاث وعشرين سنة، ذكر ذلك في أول «تفسيره» الذي صنفه.

وكان رحمه الله رجلا صالحا، تذكر له كرامات وخوارق، وولي الخطابة والإمامة بجامع حران، والتدريس بالمدرسة النورية بها، وبنى هو مدرسة بحران أيضا.

قال ابن حمدان الفقيه: كان شيخ حران، ومدرسها، وخطيبها، ومفسّرها، وكان مغري بالوعظ والتفسير، مواظبا عليهما.

وقال المنذريّ: كان عارفا بالتفسير، وله خطب مشهورة، وشعر، و «مختصر في الفقه» ، وكان مقدما في بلده، وولي الخطابة بها، ووعظ ودرس بها، وحدّث ببغداد، وحران، قال: ولنا منه إجازة.

وله تصانيف كثيرة، منها:«التفسير الكبير» في مجلدات كثيرة، وهو تفسير حسن جدا، ومنها ثلاث مصنفات في المذهب، على طريقة البسيط، والوسيط، والوجيز [للغزالي (1)] أكبرها «تخليص المطلب في تلخيص المذهب» ، وأوسطها «ترغيب القاصد في تقريب المقاصد» وأصغرها «بلغة الساغب وبغية الراغب» وله شرح «الهداية» لأبي الخطاب، ولم يتمه، وله «ديوان الخطب الجمعية» وهو مشهور، ومصنفات في الوعظ، و «الموضح في الفرائض» .

قال الذهبي: كان إماما في التفسير، إماما في الفقه، إماما في اللغة.

أخذ العلم عنه جماعة، منهم: ولده أبو محمد عبد الغني خطيب حران، وابن أخيه المجد عبد السلام.

(1) من ذيل الحنابلة لابن رجب.

ص: 145

وسمع منه خلق كثير من الأئمة والحفاظ، منهم: ابن نقطة، وابن النجار، والشهاب الأبرقوهي، والجمال يحيى بن الصيرفي، والرشيد عمر بن إسماعيل الفارقي، وسبط ابن الجوزي، وغيرهم.

وروى عنه ابن عبد الدائم، وعبد الرحمن بن محفوظ الرسعني، وغيرهما.

توفي رحمه الله يوم الخميس حادي عشر صفر، سنة اثنتين وعشرين وستمائة بحرّان.

486 -

محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام أبو بكر الآجري المحوّليّ (1).

والمحوّل قرية غربي بغداد، أخباري صاحب تصانيف.

روى عن الزبير، والرمادي.

وعنه أبو عمر بن حيويه، وجماعة. مات سنة تسع وثلاثمائة.

قال الدارقطني: أخباري لين، انتهى. وقال الخطيب: كان أخباريا مصنفا حسن التأليف.

له من الكتب كتاب «الحاوي في علوم القرآن» سبعة وعشرون جزءا، كتاب «الحماسة» ، كتاب «أخبار عبد الله بن جعفر بن أبي طالب» ، كتاب، «الشعراء» ، كتاب «تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب» ، كتاب «تفضيل السودان على البيضان» ، «ذم الثقلاء» ، «أخبار العرجي» ، «أخبار عبد الله بن قيس الرقيات» ، كتاب

(1) له ترجمة في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 5/ 237، تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 757، الفهرست لابن النديم 86، 149، 150، اللباب 3/ 108، لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 5/ 157، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 203، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 44.

ص: 146

«الشراب» ، «كتاب المتيّمين المعصومين المتباعدين» ، كتاب «الروضة» ، كتاب «الجلساء والندماء» ، كتاب «الهدايا» ، كتاب «من غدر وخان» انتهى.

487 -

محمد بن خلف بن موسى الأوسي (1).

من أهل إلبيرة، يكنى أبا عبد الله.

كان متكلما متحققا برأي الأشعري، ذاكرا لكتب الأصول والاعتقادات، مشاركا في الأدب، مقدما في الطّب.

روى عن ابن فرج مولى ابن الطلاع؛ وأبي علي الغساني. وأخذ علم الكلام عن أبي بكر بن الحسن المرادي.

روى عنه أبو إسحاق بن قرقول، وأبو الوليد بن خيرة، وجماعة كثيرة.

وله «النكت والأمالي في الرد على الغزالي» ، و «الإفصاح والبيان في الكلام على القرآن» ، و «الوصول إلى معرفة الله تعالى ونبوة الرسول» صلى الله عليه وسلم، و «رسالة البيان في حقيقة الإيمان» ، و «الرد على أبي الوليد بن رشد في مسألة الاستواء» الواقعة في الجزء الأول من مقدماته و «شرح مشكلة ما وقع في الموطأ وصحيح البخاري» و «كتاب في مداواة العين» وهو كتاب جم الفائدة.

توفي سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.

ذكره ابن فرحون في «طبقات المالكيّة» .

488 -

محمد بن دليف أبو عبد الله.

مولى ابن عبدوس، صاحب وثّقه.

(1) له ترجمة في: الديباج المذهب لابن فرحون 313، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 46.

ص: 147

كان من أهل العلم، والفصاحة، والحفظ لمعاني القرآن وتفسيره، عابدا مجتهدا، حج وانصرف، فلزم السياحة والتبتل نحو عشرين عاما، ثم نكح أخيرا وجلس للناس يعلمهم ويحدثهم.

مات سنة خمس وثلاثين ثلاثمائة.

ذكره عياض في «المدارك» .

489 -

محمد بن دينار الأحول ............. (1).

له كتاب «غريب القرآن» .............. (2).

490 -

محمد بن زيد الواسطي (3).

أحد المتكلمين على مذهب المعتزلة.

أخذ عن أبي علي الجبائي.

وصنف «إعجاز القرآن في نظمه وتأليفه» وكتاب «الإمامة» جود فيه، ومات بعد أبي علي بأربع سنين، ذكره ابن النجار في «تاريخه» .

وقال مسلمة بن قاسم: كان حنفي الفقه بغداديا. وعنه أخذ ابن بنت حامد الاعتزال.

وقال النديم: كان عالي الصوت، كثير الأصحاب، وكان خفيف الروح، وهجا نفطويه، فكان يقول: من أراد أن يتناهى في الجهل، فليقرأ الكلام على طريقة الناشي، والفقه على طريقة داود، والنحو على طريقة نفطويه، قال: وكان نفطويه يتكلم على طريقة الناشي، ويتفقه بمذهب داود، فأراد الواسطي بما قال، أنه تناهى في الجهل.

(1) بياض في الأصل، وذكره ابن النديم تحت عنوان الكتب المؤلفة في غريب القرآن ولم يزد على ذلك، وانظر الفهرست ص 35.

(2)

بياض في الأصل، وذكره ابن النديم تحت عنوان الكتب المؤلفة في غريب القرآن ولم يزد على ذلك، وانظر الفهرست ص 35.

(3)

له ترجمة في: الفهرست لابن النديم 172، لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 5/ 172، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 82.

ص: 148

491 -

محمد بن السائب بن بشر الكلبيّ أبو النّضر الكوفي (1).

النسابة المفسر.

روى عن الشعبي، وجماعة.

وعنه ابنه، وأبو معاوية، ويزيد، ويعلى بن عبيد، وخلق، متهم بالكذب، ورمي بالرفض.

قال البخاري: تركه القطان. وابن مهدي. قال مطين: مات سنة ست وأربعين ومائة.

أخرج له أبو داود في المراسيل والترمذي وابن ماجة في التفسير.

وله «تفسير» مشهور، و «تفسير الآي الذي نزل في أقوام بأعيانهم» و «ناسخ القرآن ومنسوخه» .

492 -

محمد بن سليمان بن الحسن بن الحسين العلامة جمال الدين أبو عبد الله بن أبي الربيع البلخي الأصل المقدسي الحنفي المعروف بابن النقيب (2).

ولد بالقدس في نصف شعبان، سنة إحدى عشرة وستمائة.

كان أحد الأئمة العلماء الزهاد، عابدا متواضعا، عديم التكلف، صرف همته أكثر دهره إلى التفسير، و «تفسيره» مشهور في نحو مائة مجلد.

(1) أنظر ترجمته في: خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 288، الفهرست لابن النديم 95، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 556، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 83، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 436.

(2)

له ترجمة في: الأنس الجليل لمجير الدين الحنبلي 2/ 217، الجواهر المضيئة 2/ 57، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 467، طبقات المفسرين للسيوطي 32، العبر للذهبي 5/ 398، الفوائد البهية 168، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 8/ 188.

ص: 149

سمع الحديث من أبي الفضل يوسف بن المخيلي، وغيره.

وحدّث، وقال الشعر على طريق التصوف، وله قصيدة في هذا المعنى سمّاها «منهاج العارف المتقي ومعراج السالك المرتقي» طويلة جدا، تدخل في أربعين ورقة.

وكان بعينيه ضعف، وقدم القاهرة، ودرّس بالعاشورية ثم تركها، وأقام بسطح الجامع الأزهر.

وكان أمّارا بالمعروف، نهّاء عن المنكر، لا يخاف من ذي سطوة، أنكر على الأمير علم الدين سنجر الشجاعي، وقال له: أنت ظالم، لا تخف الله، فاحتمله وهابه وطلب رضاه.

ذكره الحافظ قطب الدين في «تاريخه» ، والإربلي في «معجم شيوخه» .

ثم إنه خرج من القاهرة قاصدا إلى القدس، فتوفي به في محرم سنة ثمان وتسعين وستمائة، عن سبع وثمانين سنة.

سمع منه البرزالي، وابن سامة، والذهبي.

493 -

محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الملك بن علي بن يوسف بن إبراهيم بن خلف بن عبد الكريم أبو عبد الله بن أبي الربيع بن أبي عبد الله الحميري المعافري الشاطبي (1).

نزيل الاسكندرية. أحد أولياء الله تعالى، شيخ الصالحين صاحب الكرامات المشهورة، جمع بين العلم والعمل، والورع والزهد، والانقطاع إلى الله تعالى، والتخلي عن الناس، والتمسك بطريقة السلف.

(1) له ترجمة في: حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 521، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 149، المقفى للمقريزي 1/ 270، نفح الطيب للمقري 2/ 140، هدية العارفين للبغدادي 2/ 129.

ص: 150

قرأ القرآن ببلده بالقراءات السبع، على أبي عبد الله محمد بن سعادة الشاطبي، وأبي عبد الله الجنجاني.

وقرأ بدمشق على أبي الحسن بن باسويه الواسطي، وسمع عليه الحديث، ورحل فسمع من الزاهد أبي يوسف يعقوب بن علي بن يوسف، خادم أضياف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قبره ومنبره، سنة سبع عشرة وستمائة.

وسمع بدمشق على أبي القاسم [الحسين بن (1)] هبة الله بن صصري، وأبي المعالي أحمد بن الخضر بن هبة الله بن طاوس، وأبي الوفاء عبد الملك ابن عبد الوهّاب وغيره، وانقطع لعبادة الله تعالى في تربة الشيخ أبي العباس المرسي (2) المعروف برباط سوار من الإسكندرية، وتلمذ للشاطبي تلميذ الراس.

صنف كتبا حسنة منها كتاب «المسلك القريب في ترتيب الغريب» ، وكتاب «اللمعة الجامعة في العلوم النافعة» في تفسير القرآن العزيز، وكتاب «شرف المراتب والمنازل في معرفة العالي في القراءات والنازل» ، وكتاب «المباحث السنية في شرح الحصرية» ، وكتاب «الحرقة في إلباس الخرقة» ، وكتاب «المنهج المفيد فيما يلزم الشيخ

والمريد»، وكتاب «النبذ الجلية في ألفاظ اصطلح عليها الصّوفية» وكتاب «زهر العريش في تحريم الحشيش» ، وكتاب «الزهر المضي في ترجمة الشاطبي» ، وكتاب «الأربعين المضيّة في الأحاديث النبويّة» .

ومولده بشاطبة سنة خمس وثمانين وخمسمائة، ووفاته بالإسكندرية في يوم

(1) من المقفى للمقريزي.

(2)

كذا في الأصل. وفي المقفى، ونفح الطيب للمقري «الراس» .

ص: 151

السبت الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين وستمائة، ودفن بتربة شيخه المجاورة لزاويته، رحمهما الله تعالى.

ذكره المقريزي في «المقفى» .

494 -

محمد بن سليمان بن داود بن عقبة بن رؤبة القزويني أبو جعفر المقرئ (1).

كبير في علوم القرآن، حدث عن يحيى بن عبدك، وروى عنه أبو يعقوب ابن مندة الكرجي.

صنف في القراءات كتابا مفيدا سمّاه «بالوافر» ، روى فيه عن الفضل ابن شاذان المقرئ، وإبراهيم بن الحسين المعروف بابن ديزيل، وعلي بن محمد الطنافسي، وأبي حاتم الرازي، وغيرهم.

سمع منه هذا الكتاب سنة خمس وتسعين ومائتين.

ذكره الرافعي في «تاريخ قزوين» .

495 -

محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون بن موسى بن عيسى بن إبراهيم بن بشر، الحنفي نسبا، من بني حنيفة، العجليّ، الأستاذ الكبير أبو سهل الصّعلوكيّ الشافيّ (2).

شيخ عصره، وقدوة أهل زمانه، وإمام وقته في الفقه، والتفسير، واللغة، والنحو، والشعر، والعروض، والكلام، والتصوف، وغير ذلك من أصناف العلم.

(1) له ترجمة في: تاريخ قزوين للرافعي 171.

(2)

له ترجمة في: طبقات الشافعية للسبكي 3/ 167، طبقات الشيرازي 95، طبقات العبادي 99، طبقات ابن هداية الله 29، العبر للذهبي 2/ 352، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 136، الوافي 3/ 124، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 342.

ص: 152

أجمع أهل عصره على أنه بحر العلم الذي لا ينزف.

ولد سنة ست وتسعين ومائتين.

وأول سماعه سنة خمس وثلاثمائة.

سمع ابن خزيمة، وعنه حمل الحديث، وأبا العباس السّرّاج، وأبا العباس أحمد بن محمد الماسرجسيّ، وأبا قريش محمد بن جمعة، وأحمد بن عمر المحمّدآباذيّ، وأبا محمد بن أبي حاتم، وإبراهيم بن عبد الصمد، وأبا بكر بن الأنباريّ، والمحامليّ، وغيرهم.

وتفقه على أبي إسحاق المروزيّ، وطلب العلم، وتبحّر فيه قبل خروجه إلى العراق بسنين.

قال الحاكم: لأنه ناظر في مجلس أبي الفضل البلعميّ، الوزير، سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وتقدّم في المجلس إذ ذاك، ثم خرج إلى العراق، سنة اثنتين وعشرين، وهو إذ ذاك أوحد بين أصحابه، ثم دخل البصرة ودرّس بها سنين، فلما نعي إليه عمه أبو الطيّب، وعلم أن أهل أصبهان لا يخلون عنه في انصرافه [خرج](1) مختفيا منهم، فورد نيسابور في رجب سنة سبع وثلاثين، وهو على الرجوع إلى الأهل والولد والمستقرّ من أصبهان، فلما ورد جلس لمأتم عمّه ثلاثة أيام، فكان الشيخ أبو بكر بن إسحاق يحضر كل يوم، فيقعد معه، هذا مع قلة حركته، وكذلك كل رئيس ومرءوس، وقاض ومفت من الفريقين، فلما انقضت الأيام عقدوا له المجلس غداة كل يوم للتدريس والإلقاء، ومجلس النّظر عشيّة الأربعاء، واستقرّت به الدار، ولم يبق في البلد موافق ولا مخالف إلا وهو مقر له بالفضل والتّقدم، وحضره المشايخ مرة بعد أخرى يسألونه أن ينقل من خلّفهم وراءه بأصبهان، [فأجاب (2)] إلى ذلك، ودرّس، وأفتى، ورأس أصحابه بنيسابور اثنتين

(1) من طبقات الشافعية للسبكي.

(2)

من طبقات الشافعية للسبكي.

ص: 153

وثلاثين سنة، وكان يسأل عن التحدّث فيمتنع أشدّ الامتناع إلى غرة رجب سنة خمس وستين وثلاثمائة، [سئل](1) فأجاب للإملاء، وقعد للتحدّث عشيّة الجمعة.

قال الحاكم: سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق الإمام غير مرّة، وهو يعوذ أبا سهل، وينفث على دعائه، ويقول: بارك الله فيك، لا أصابتك العين.

هذا في مجلس النظر عشيّة السبت للكلام، وعشية الثلاثاء للفقه.

قال: وسمعت أبا علي الأسفراينيّ يقول: [سمعت](2) أبا إسحاق المروزي يقول: ذهبت الفائدة من مجلسنا بعد خروج أبي سهل النيسابوري.

قال: وسمعت أبا بكر محمد بن علي القفال، الفقيه ببخارى يقول:

قلت للفقيه أبي سهل بنيسابور حين أراد مناظرتي: هذا ستر قد أسبله الله عليّ، فلا تسبق إلى كشفه.

قال: وسمعت أبا منصور الفقيه يقول: سئل أبو الوليد عن أبي بكر القفّال وأبي سهل، أيهما أرجح؟ فقال: ومن يقدر أن [يكون](3) مثل أبي سهل؟

وقال الأستاذ أبو القاسم القشيريّ: سمعت أبا بكر بن إشكاب يقول:

رأيت الأستاذ أبا سهل في المنام على هيئة حسنة لا توصف، فقلت: يا أستاذ، بم نلت هذا؟ فقال: بحسن ظنّي بربّي.

وحكي أن أبا نصر الواعظ، وكان حنفيا في زمان الأستاذ أبي سهل انتقل إلى مذهب الشافعيّ، فسئل عن ذلك فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام مع أصحابه قاصدا لعيادة الأستاذ أبي سهل. وكان مريضا،

(1) من طبقات الشافعية للسبكي.

(2)

من طبقات الشافعية للسبكي.

(3)

من طبقات الشافعية للسبكي.

ص: 154

قال: فتبعته، ودخلت عليه معه، وقعدت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم متفكرا، فقلت إن هذا إمام أصحاب الحديث، وإن مات أخشى أن يقع الخلل فيهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي: لا تفكر في ذاك إن الله لا يضيّع عصابة أنا سيّدها.

صحب الأستاذ أبو سهل من أئمة التصوف المرتعش، والشّبليّ، وأبا علي الثقفيّ، وغيرهم.

وقال السّلميّ: سمعت أبا سهل يقول: ما عقدت لي على شيء قطّ، وما كان لي قفل ولا مفتاح، ولا صررت على فضّة ولا ذهب قط. توفي يوم الثلاثاء خامس عشر ذي القعدة. سنة تسع وستين (1) وثلاثمائة، وصلى عليه ابنه أبو الطّيّب، ودفن في المجلس الذي كان يدرّس فيه.

قال الشيخ أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبيّ الفراتيّ: سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السّلميّ، يقول: قلت يوما للأستاذ أبي سهل، في كلام يجري بيننا: لم؟ فقال لي أما علمت أن من قال لأستاذه: لم، لا يفلح أبدا.

قال: وسمعت الشيخ أبا عبد الرحمن، يقول: قال الأستاذ أبو سهل لي يوما:

عقوق الوالدين يمحوها الاستغفار، وعقوق الأستاذين لا يمحوها شيء.

قال عمر بن أحمد بن منصور: أنشدنا أبو سهل محمد بن سليمان الحنفيّ إملاء، أنشدنا أبو بكر بن الأنباريّ، أنشدنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى:

لقد هتفت في جنح ليل حمامة

إلى إلفها شوقا وإنّي لنائم

كذبت وبيت الله لو كنت عاشقا

لما سبقتني بالبكاء الحمائم

(1) في الأصل: «تسع وثلاثين» ، صوابه في طبقات الشافعية للسبكي.

ص: 155

قال: وأنشدنا الإمام أبو سهل لنفسه (1):

أنام على سهو وتبكي الحمائم

وليس لها جرم ومنّي الجرائم

كذبت وبيت الله لو كنت عاقلا

لما سبقتني بالبكاء الحمائم

قال الحاكم: سمعت الأستاذ أبا سهل، ودفع إليه مسألة، فقرأها علينا، وهي:

تمنّيت شهر الصوم لا لعبادة

ولكن رجاء أن أرى ليلة القدر

فأدعو اله النّاس دعوة عاشق

عسى أن يريح العاشقين من الهجر

فكتب أبو سهل في الحال:

تمنيت ما لو نلته فسد الهوى

وحل به للحين قاصمة الظهر

فما في الهوى طيب ولا لذة سوى

معاناة ما فيه يقاسى من الهجر

496 -

محمد بن سلّام- بالتشديد- بن عبد الله بن سالم الجمحيّ (2).

مولى محمد بن زياد، مولى قدامة بن مظعون.

ذكره الزبيدي في الطبقة الخامسة من اللغويين البصريين، وقال: توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين بالبصرة.

(1) البيتان في الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 124.

(2)

له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 143، الأنساب للسمعاني 134 ب، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 5/ 327، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 57، العبر 1/ 409، الفهرست لابن النديم 113، اللباب 1/ 236، لسان الميزان 5/ 182، مراتب النحويين 67، معجم الأدباء 7/ 13، ميزان الاعتدال 3/ 567، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 260، نزهة الألباء للأنباري 157.

ص: 156

له «غريب القرآن» ................. (1)

497 -

محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون (2) بن إبراهيم بن محمد بن مسلم أبو عبد الله القضاعي المصري.

الفقيه الشافعي، القاضي. (3)

روى عن أبي مسلم محمد بن أحمد بن علي الكاتب، وأبي الحسن أحمد ابن عبد العزيز بن ثرثال، وأبي عبد الله محمد بن محمد بن الحسين بن عمر ابن حفص التنوخي اليمني، وأبي الحسن علي بن عبد الله بن جهضم، وأبي القاسم بن الطبيز الحلبي، وأبي الحسن علي بن موسى بن السمسار الدمشقي.

وأبي العباس أحمد بن محمد الجيزي، وأبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ، وأبي العباس أحمد بن محمد يحيى بن عبد الله بن أبي العوام السعدي، وغيرهم من شيوخ مكة والشام ومصر والواردين عليها.

قال في حقه السلفي: قاضي مصر، وقد خرج معظم شيوخه الذين رآهم سفرا وحضرا.

وله تآليف مفيدة، منها:«تفسير القرآن العظيم» في نحو أربعين مجلدة، و «الشهاب» و «مسنده» ، و «دستور الحكم» ، و «منثور الكلم» من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

(1) بياض في الأصل، وقد وقفت الترجمة عند هذا الحد أيضا في بغية الوعاة. وذكر له ابن النديم من الكتب أيضا: كتاب «الفاصل في منح الأخبار والاشعار» . كتاب «بيوتات العرب» ، كتاب «طبقات الشعراء الجاهليين» ، كتاب «طبقات الشعراء الاسلاميين» ، كتاب «الحلاب وأجر الخيل» .

(2)

في الأصل: حمكون. وما أثبتنا عن شذرات الذهب، والوافي بالوفيات، ووفيات الأعيان.

(3)

له ترجمة في: حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 403، طبقات الشافعية للسبكي 4/ 150، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 23 ب، العبر 3/ 233، اللباب 2/ 269، مرآة الجنان لليافعي 3/ 75، المقفى للمقريزي 1/ 277، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 116، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 349.

ص: 157

وكان من الثقات الأثبات، كثير السماعات، شافعي المذهب والاعتقاد، مرضي الجملة عند الانتقاد.

وروى عنه أبو بكر الخطيب، وأبو نصر بن ماكولا، وأبو عبد الله الحميدي وأبو الفرج سهل بن بشر الأسفراينيّ، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم الرازي، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس النسيب وغيرهم.

وقال ابن عساكر: ثقة أمين، قدم إلى دمشق مجتازا لبلاد الروم، رسولا من صاحب مصر.

وقال ابن ميسر: كان يحلف القضاة بمصر وأوّل من استحلفه من قضاة مصر، أبو محمد قاسم بن عبد العزيز النعمان، في ولايته الثانية من قبل المستنصر، سنة سبع وعشرين وأربعمائة، إلى أن صرف بأبي محمد الحسن بن علي بن عبد الرحمن اليازوري، فأقره، واستمر يحلف من يلي القضاء حتى مات.

وقال ابن ماكولا: كان فقيها على مذهب الشافعي رحمه الله، متفننا في عدة علوم، وصنف وحدّث، ولم أر بمصر من يجري مجراه.

وسمع عليه أبو عبد الله الرازي، كتاب «المختلف والمؤتلف» أخبره به عن مصنفه عبد الغني بن سعيد، وكتاب «فضائل أبي حنيفة» النعمان بن ثابت، وروى تأليف أبي القاسم عبيد الله بن محمد بن أحمد بن يحيى السعدي عرف بابن العوام، أخبره به عن أبي العباس أحمد بن محمد بن يحيى بن عبيد الله بن محمد بن أحمد بن يحيى بن أبي العوام عن أبيه عن جده.

وقال ابن عساكر: سمعت أبا الفتح [نصر الله بن محمد الفقيه يقول:

ص: 158

سمعت أبا الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد (1)] يقول: قدم علينا القاضي أبو عبد الله القضاعي رسولا من المصريين إلى الروم، فذهبت ولم أسمع منه، ثم إني رويت عنه بالإجازة يعني أنه لم يرضه في أول أمره، لدخوله في الولاية من قبل المصريين.

وقال أبو بكر محمد بن شافع الصنوبري: سمعت القاضي أبا عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي يقول: لما دخلت على ملك الروم أليون رسولا من قبل المستنصر بالله وأحضرت المائدة، فلما رفعت جعلت ألتقط الفتات، فأمر الفراش أن يحضر أخرى ففعل، فقال لي الملك: أصب منه فإنك لم تشبع، فقلت: بلغني مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

(من التقط ما يسقط من المائدة برىء من الحمق والفقر) فأمر الخازن في الحال بإحضار ألف دينار، فقلت: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغنيت وبرئت من الحمق.

وذكر ابن عساكر أن القضاعي توفي سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وهو وهم، إنما كانت وفاته ليلة الجمعة سابع عشر من ذي القعدة سنة أربع وخمسين وأربعمائة بمصر. ودفن على شفير الخندق، وقبره يزار ويتبرك به.

ذكره المقريزي في «المقفى» .

498 -

محمد بن سيف (2) الأزديّ الحدّاني، بضم المهملة وتشديد الدال أبو رجاء البصريّ (3).

ثقة من الطبقة السادسة، روى عن أبي بريدة، وطائفة.

(1) من المقفى للمقريزي.

(2)

في الأصل: «ابن يوسف» والمثبت في: خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي، والفهرست لابن النديم.

(3)

له ترجمة في: خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 290، الفهرست لابن النديم 34.

ص: 159

وعنه شعبة، وابن عليّة، ويزيد بن زريع.

أخرج له النسائي، وأبو داود في «المراسيل» .

له «تفسير» .

499 -

محمد بن طاهر بن محمد الحسن بن الوزير (1).

الأديب المذكّر المفسر.

كان كثير العلوم فصيحا.

سمع عبد الله بن محمد بن الشّرقيّ، وأبا حامد بن بلال. وأبا علي الثقفيّ، وأقرانهم. توفي في شهر رمضان، سنة خمس وستين وثلاثمائة.

وكان أولا حنفيا، ثم تحول شافعيا.

500 -

محمد بن طيفور الغزنويّ أبو عبد الله السجاونديّ (2).

المفسر، المقرئ، النحويّ، له «تفسير» حسن، وكتاب «علل القراءات» في عدة مجلدات، وكان من كبار المحققين.

وذكره القفطيّ مختصرا وقال: كان في وسط المائة السادسة.

وذكره ياقوت فقال: أبو المحامد الملقب شمس العارفين، ترجمه أبو الحسن البيهقي في «الوشاح» ، وأورد له:

أزال الله عنكم كل آفه

وسد عليكم سبل المخافة (3)

ولا زالت نوائبكم لديكم

كنون الجمع في حال الإضافة

(1) له ترجمة في: الأنساب للسمعاني لوحة 584 أ، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 175، لسان الميزان 5/ 207، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 586.

(2)

له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 153، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 157، طبقات المفسرين للسيوطي، 32، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 59، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 178.

(3)

انباه الرواة للقفطي 3/ 153.

ص: 160

501 -

محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عمروس أبو الفضل البزّار البغدادي (1).

إمام فاضل، درس على القاضي أبي الحسن بن القصّار، والقاضي ابن نصر.

وكان من حفاظ القرآن ومدرسيه، وإليه انتهت الفتيا في الفقه على مذهب مالك في زمانه ببغداد، وكان القاضي الدامغاني يجيز شهادته.

وكان فقيها أصوليّا، وله تعليق حسن مشهور في الخلاف، درس عليه القاضي أبو الوليد الباجي ببغداد، وحدّث عنه هو وأبو بكر الخطيب. توفي سنة سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.

ذكره ابن فرحون.

502 -

محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن أبي الثلج (2) - بمثلثة وجيم- البغدادي أصله من الري. صاحب أحمد، يروي عن يزيد بن هارون، وعدة.

وعنه البخاري، والترمذي، وابن خزيمة، وابن أبي حاتم، وآخرون.

من الطبقة الحادية عشرة، مات سنة سبع وخمسين ومائتين، له «تفسير» .

503 -

محمد بن عبد الله بن أشتة اللوذريّ أبو بكر الأصبهانيّ (3).

أستاذ كبير، وإمام شهير، ونحوي محقق ثقة، سكن مصر.

قال الدّاني: ضابط مشهور مأمون ثقة، عالم بالعربية، بصير بالمعاني،

(1) له ترجمة في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 339، الديباج المذهب لابن فرحون 2/ 273، العبر 3/ 228.

(2)

له ترجمة في: خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 293.

(3)

له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 184.

ص: 161

حسن التصنيف. قرأ على أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي الأخير، ومحمد بن يعقوب المعدل، وأبي بكر النقاش، وغيرهم.

قرأ عليه خلف بن إبراهيم، وعبد الله بن محمد الأندلسي، وعبد المنعم بن غلبون، ومحمد بن عبد الله المؤدب، وخلف بن قاسم وغيرهم.

له كتاب «رياضة الألسنة» في إعراب القرآن ومعانيه، و «كتاب المصاحف» ، وكتاب «المحبّر». قال ابن الجزري في «طبقات القراء»:

كتاب جليل يدلّ على عظم مقداره، وكتاب «المفيد في الشاذ» . مات بمصر ليلة الأربعاء لثلاث بقيت من شعبان سنة ستين وثلاثمائة.

ذكره ابن الجزري ثم شيخنا «في طبقات النحاة» .

504 -

محمد بن عبد الله بن بهادر (1).

الإمام العالم العلامة المصنف المحرر بدر الدين أبو عبد الله المصري الزركشيّ الشافعي.

مولده سنة خمس وأربعين وسبعمائة، أخذ عن الإسنويّ، ومغلطاي، وابن كثير والأذرعيّ، والسراج البلقينيّ.

ورحل إلى حلب، فأخذ عن الشهاب الأذرعي، وسمع الحديث بدمشق سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة من الصلاح بن أبي عمر، وابن أميلة، ومن غيرهما.

وكان فقيها أصوليا مفسّرا أديبا فاضلا في جميع ذلك، ودرّس وأفتى، وولي مشيخة خانقاه كريم الدين بالقرافة الصّغرى، وكان منقطعا إلى الاشتغال بالعلم، لا يشتغل عنه بشيء، وله أقارب يكفونه أمر دنياه.

(1) له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 1/ 446، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 437، الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 17، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 104 أ، طبقات ابن هداية الله 93، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 12/ 134.

ص: 162

وله تصانيف كثيرة في عدّة فنون، منها «الخادم على الرافعي والرّوضة» وشرح «المنهاج» ، و «الديباج» ، وشرح «جمع الجوامع» وشرح «البخاري» «والتنقيح» عليه، وشرح «العمدة» ، وشرح «التنبيه» ، و «البحر في الأصول» ، في ثلاثة أجزاء، جمع فيه جمعا كثيرا لم يسبق إليه، و «سلاسل الذهب» في الأصول، و «البرهان في علوم القرآن» ، و «القواعد في الفقه» ، و «أحكام المساجد» و «تخريج أحاديث الرافعيّ» ، و «تفسير القرآن العظيم» وصل فيه إلى سورة مريم، و «النّكت على ابن الصّلاح» .

وخطه ضعيف جدا، قلّ من يحسن استخراجه. توفي يوم الأحد ثالث شهر رجب سنة أربع وتسعين وسبعمائة، ودفن بالقرافة الصغرى بالقرب من تربة الأمير بكتمر الساقي، رحمهما الله تعالى.

505 -

محمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن الحسين بن الفهم المعروف بابن صبر أبو بكر الحنفي الفقيه (1).

ولي القضاء بعسكر المهدي، وكان معتزليّا مشهورا به، رأسا في علم الكلام، خبيرا بالتفسير.

وله كتاب «عمدة الأدلة» وله كتاب «التفسير» ما تمه. مات ببغداد لعشر بقين من ذي الحجة سنة ثمانين وثلاثمائة.

ولبشر بن هارون فيه:

قل للدعيّ إلى صبر

وهب ادعيت فمن صبر (2)

وإذا تطيلس للقضا

فمرحبا بأبي العرر

فقضاؤه شر القضا

إذا قضى عمى البصر

(1) له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 4/ 6، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 321، طبقات المفسرين للأدنةوي 26 ب، طبقات المفسرين للسيوطي 33، لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 5/ 255.

(2)

طبقات المفسرين للسيوطي 33.

ص: 163

506 -

محمد بن عبد الله بن خلف أبو بكر الأنصاري البلنسي (1) مقرئ حاذق نحويّ.

قال الذهبي في «طبقات القراء» : أخذ القراءات عن أبي العطاء بن نذير، وأبي عبد الله بن نوح الغافقي. وأتقن العربية، ثم تزهد وأقبل على العلم، وتحقق بالتفسير وأقرأ القراءات.

وله كتاب «نسيم الصبا في الوعظ» على طريقة الشيخ أبي الفرج بن الجوزي، و «كتاب في الخطب» .

توفي في رجب سنة أربعين وستمائة، وله ست وستون سنة، وازدحم الخلق على نعشه حتى كسروه.

507 -

محمد بن عبد الله بن سليمان أبو سليمان السعديّ (2).

قال ياقوت: ذكر في كتاب الشام وقال: هو المفسّر.

صنّف كتبا في التفسير، منها:«مجتبى التفسير» جمع فيه الصّغير والكبير، والقليل والكثير مما أمكنه، وكتاب «الجامع الصّغير في مختصر التفسير» .

وكتاب «المهذب في التفسير» .

سمع ببغداد أبا علي الصواف، وأبا بكر الشافعي، وأبا عبد الله المحامليّ، ودعلجا، ونظراءهم.

وكان شافعيّا أشعريا، كثير الاتباع للسنّة، حسن التكلم في التفسير.

508 -

محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرميّ (3).

(1) له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 178، طبقات القراء للذهبي 2/ 514.

(2)

له ترجمة في: طبقات المفسرين للسيوطي 32.

(3)

له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 662، الرسالة المستطرفة للكتاني 63، الفهرست لابن النديم 232، لسان الميزان للعسقلاني 5/ 233، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 607، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 345.

ص: 164

مطيّن. الحافظ، محدث الكوفة.

حطّ عليه محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وحط هو على ابن أبي شيبة، وآل أمرهما إلى القطيعة، ولا يعتد بحمد الله بكثير من كلام الأقران بعضهم في بعض.

قال الحافظ ابن حجر في «اللسان» : مطيّن، وثقه الناس وما أصغوا إلى ابن أبي شيبة. توفي سنة سبع وتسعين ومائتين، وقد أنكر موسى بن هارون الحافظ أيضا على مطين أحاديث، لكن ظهر الصّواب مع مطيّن.

له من التصانيف «المسند» ، «التفسير» ، «السنن» ، «الأدب» .

509 -

محمد بن عبد الله بن عمرو أبو جعفر الهروي (1).

الفقيه صاحب «التفسير» .......... (2).

مات سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

510 -

محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المرّي الإمام أبو عبد الله الألبيري المعروف بابن أبي زمنين (3).

من المفاخر الغرناطية، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وكان من كبار المحدّثين والعلماء الراسخين، عارفا بمذهب مالك، بصيرا به، وأجلّ أهل وقته قدرا في العلم والرواية، والحفظ للرأي والتمييز للحديث، والمعرفة باختلاف العلماء، متفننا في العلم والآداب، مضطلعا بالإعراب، قارضا

(1) له ترجمة في طبقات المفسرين للسيوطي 37.

(2)

بياض في الأصل، والترجمة منقولة بالنص عن طبقات المفسرين للسيوطي، والبياض هنا موجود في نفس المكان في الترجمة عند السيوطي.

(3)

له ترجمة في: بغية الملتمس للضبي 77، تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 1029، جذوة المقتبس للحميدي 53، الديباج المذهب لابن فرحون 269، طبقات المفسرين للسيوطي 34، العبر 3/ 71، الوافي بالوفيات 3/ 321.

ص: 165

للشعر، متصرّفا في حفظ المعاني والأخبار، مع التنسك والزاهد والاستنان بسنن الصالحين، أمة في الخير، عالما عاملا، متبتلا متقشفا، دائم الصلاة والبكاء، واعظا مذكرا بالله، فاشي الصدقة معينا على النائبة مواسيا بجاهه وماله، مجانبا للسلطان، ذا لسان وبيان تصغى إليه الأفئدة، ما رئي بعده مثله.

تفقه بقرطبة عند أبي إبراهيم، وسمع منه ومن وهب بن مسرة، وأحمد ابن مطرف، وابن الشاط، وأبان بن عيسى، وغيرهم.

وكان من كبار الفقهاء والمحدّثين والراسخين في العلم، وكان متفننا في الأدب وله قرض في الشعر، إلى زهد وورع واقتفاء لآثار السلف.

وكان حسن التأليف، مليح التصنيف: مفيد الكتب، ككتابه في «تفسير القرآن» و «المعرب» في المدوّنة وشرح مشكلها والتفقه في نكت منها مع تحرير للفظها، وضبط لروايتها ليس في مختصراتها مثله باتفاق، وكتاب «المنتخب في الأحكام» الذي ظهرت بركته، وطار شرقا وغربا ذكره، وكتاب «المهذب في اختصار شرح ابن مزين للموطأ» و «كتابه المشتمل على أصول الوثائق» وكتاب «مختصر تفسير ابن سلام للقرآن» وكتاب «حياة القلوب في الرقائق والزهد» وكتاب «النصائح المنظومة» من شعره، وكتاب «أنس المريدين في الزهد» وكتاب «المواعظ المنظومة في الزهد» وكتاب «آداب الإسلام» وكتاب «أصول السنّة» وكتاب «قدوة القارئ» وكتاب «منتخب الدعاء» وغير ذلك.

روى عنه أبو عمرو الداني، وأبو عمر بن الحذاء. وطائفة. توفي بإلبيرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.

وزمنين بفتح الزاي المعجمة وكسر النون ثم ياء ساكنة بعدها نون، وسئل لم قيل لهم بني زمنين: فلم يعرف ذلك.

ص: 166

511 -

محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد الإمام أبو بكر بن العربيّ المعافريّ الأندلسيّ الإشبيلي (1).

الحافظ. ختام علماء الأندلس، وآخر أئمتها وحفاظها، أحد الأعلام، ولد ليلة الخميس لثمان بقين من شعبان سنة ثمان وستين وأربعمائة، وأبوه أبو محمد من فقهاء بلدة إشبيلية ورؤسائها.

سمع ببلده من أبي عبد الله بن منظور، وأبي محمد بن خزرج، وبقرطبة من أبي عبد الله محمد بن عتاب، وأبي مروان بن سراج، وحصلت له عند العبادية أصحاب إشبيلية رئاسة ومكانة، فلما انقضت دولتهم خرج إلى الحج مع ابنه القاضي أبي بكر يوم الأحد مستهل ربيع الأول سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وسن القاضي أبي بكر إذ ذاك نحو سبعة عشر عاما. وكان القاضي قد تأدب ببلده، وقرأ القراءات فلقي بمصر أبا الحسن الخلعيّ، وأبا الحسن بن مشرف، ومهديا الوراق، وأبا الحسن بن داود الفارسيّ.

ولقي بالشام أبا نصر المقدسيّ، وأبا سعيد الزنجانيّ، وأبا حامد الغزاليّ، وأبا سعيد الرهاويّ، وأبا القاسم بن أبي الحسن المقدسيّ، والإمام أبا بكر الطرطوشيّ، وبه تفقه، وأبا محمد هبة الله بن أحمد الأكفانيّ، وأبا الفضل ابن الفرات الدمشقيّ.

ودخل بغداد فسمع بها أبي الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفيّ المعروف بابن الطيوريّ، ومن أبي الحسن علي بن أيوب البزاز- بزاءين معجمتين- ومن أبي بكر بن طرخان، ومن النقيب الشريف أبي الفوارس

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 12/ 228، بغية الملتمس 82، تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1294، الديباج المذهب لابن فرحون 281، الصلة لابن بشكوال 2/ 558، طبقات المفسرين للأدنةوي ورقة 43 ب، طبقات المفسرين للسيوطي 34، مرآة الجنان 3/ 279، نفح الطيب 2/ 25، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 423.

ص: 167

طراد بن محمد الزينبيّ، وجعفر بن أحمد السراج، وأبي الحسن بن عبد القادر، وأبي زكريا التبريزيّ، وأبي المعالي ثابت بن بندار الحماميّ بتخفيف الميم، ونصر بن البطر، في آخرين.

وحج في موسم سنة تسع وثمانين، وسمع بمكة من أبي عبد الله الحسين ابن علي الطبريّ (1)، وغيره.

ثم عاد إلى بغداد ثانية، وصحب أبا بكر الشاشيّ، وأبا حامد الطوسيّ، وأبا بكر الطرطوشيّ، وغيرهم من العلماء والأدباء، فأخذ عنهم الفقه والأصول، وقيّد الشعر، واتسع في الرواية، وأتقن مسائل الخلاف والأصول والكلام على أئمة هذا الشأن من هؤلاء وغيرهم.

ثم صدر عن بغداد إلى الأندلس، فأقام بالإسكندرية عند أبي بكر الطرطوشي، فمات أبوه بها في سنة ثلاث وتسعين.

ثم انصرف هو إلى الأندلس سنة خمس وتسعين، فقدم بلده إشبيلية بعلم كثير لم يأت به أحد قبله ممن كانت له رحلة إلى المشرق، وكان من أهل التفنن في العلوم والاستبحار فيها، والجمع لها، متقدما في المعارف كلها، متكلما في أنواعها، نافذا (2) في جميعها حريصا على أدائها ونشرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب منها، وأحد من بلغ مرتبة الاجتهاد، وأحد من انفراد بالأندلس بعلو الإسناد، صارما في أحكامه، ويجمع إلى ذلك كله آداب

(1) في الأصل: «أبي الحسين بن علي الطيوري» تحريف، صوابه في: تذكرة الحفاظ للذهبي، وبغية الملتمس للضبي، والصلة لابن بشكوال، ونفح الطيب للمقري، والعبر وطبقات الشافعية للسبكي.

وهو أبو عبد الله الطبري، الحسين بن علي الفقيه الشافعي، محدث مكّة، كان فقيها مفتيا، مات سنة 498 هـ (العبر 3/ 351).

(2)

كذا في الأصل، وهو يوافق ما في: الصلة، والوافي بالوفيات، ووفيات الأعيان لابن خلكان. وفي شذرات الذهب «ناقدا» .

ص: 168

الأخلاق مع حسن المعاشرة، وكثرة الاحتمال، وكرم النفس، وحسن العهد، وثبات الود.

ورحل إليه، للسّماع والأخذ عنه.

وتصانيفه كثيرة حسنة مفيدة منها: «أحكام القرآن» وكتاب «المسالك في شرح موطّإ مالك» وكتاب «القبس» على موطأ مالك بن أنس و «عارضة الأحوذيّ على كتاب الترمذيّ» و «القواصم والعواصم» و «المحصول» في أصول الفقه و «سراج المريدين» ، وكتاب «المتوسط» (1) وكتاب «المشكلين» (2)، و «شرح حديث أم زرع» وكتاب «الناسخ والمنسوخ» وكتاب «القانون في تفسير الكتاب العزيز» وكتاب «معاني الأسماء الحسنى» وكتاب «الإنصاف في مسائل الخلاف» عشرين مجلدا، وكتاب «شرح حديث الإفك» وكتاب «شرح حديث جابر في الشفاعة» وكتاب «ستر العورة» وكتاب «أعيان الأعيان» وله غير ذلك من التواليف.

وقال في كتابه القبس إنه ألف كتابه المسمى «أنوار الفجر في تفسير القرآن» في عشرين سنة، ثمانين ألف ورقة، وتفرقت بأيدي الناس.

قال الشيخ برهان الدين فرحون: وأخبرني الشيخ الصالح أبو الربيع سليمان بن عبد الرحمن البرغواطيّ في سنة إحدى وستين وسبعمائة بالمدينة النبوية؛ قال أخبرني الشيخ الصالح يوسف الحزّام المغربي بثغر الإسكندرية في سنة ستين وسبعمائة، قال: رأيت تأليف القاضي أبي بكر بن العربي في تفسير القرآن؛ المسمى «أنوار الفجر» كاملا في خزانة الملك العادل أمير

ص: 169

المسلمين أبي عنان فارس بن السلطان أمير المسلمين أبي سعيد عثمان بن يوسف بن عبد الحق، وكان السلطان أبو عنان إذ ذاك بمدينة مراكش؛ وكانت له خزانة كتب يحملها معه في الأسفار، وكنت أخدمه مع جماعة في حزم الكتب ورفعها، فعددت أسفار هذا الكتاب فبلغت عدته ثمانين مجلدا، ولم ينقص من الكتاب المذكور شيء. قال أبو الربيع: وهذا المخبر يعني يوسف، ثقة صدوق، رجل صالح، كان يأكل من كده.

قال ابن خلكان في كتاب «الوفيات» في معنى عارضة الأحوذيّ:

العارضة، القدرة على الكلام. والأحوذيّ: الخفيف في الشيء لحذقه.

وقال الأصمعيّ: الأحوذي، المشمر في الأمور القاهر لها لا يشذ عليه منها شيء.

قال القاضي عياض: واستقضى أبو بكر ببلده فنفع الله به أهلها لصرامته وشدته ونفوذ أحكامه، وكانت له في الظالمين سورة مرهوبة، يؤثر عنه في قضائه أحكام غريبة، ثم صرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثه، وكان فصيحا أديبا، شاعرا، كثير الخبر (1)، مليح المجلس.

وممن أخذ عنه القاضي عياض، وأبو زيد السهيلي، وأحمد بن خلف الطلاعي، وعبد الرحمن بن ربيع الأشعري، والقاضي أبو الحسن الخلعي، وخلائق.

وروى عنه بالإجازة في سنة ست عشرة وستمائة أبو الحسن علي بن أحمد الشقوري، وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر، وتوفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة منصرفة من مراكش، وحمل ميتا إلى مدينة فاس، ودفن بها خارج باب المحروق.

(1) في الأصل «الخير» والمثبت في: الديباج المذهب لابن فرحون، ونفح الطيب للمقري.

ص: 170

وأما معنى «عارضة الأحوذي» فالعارضة: القدرة على الكلام، يقال:

فلان شديد العارضة، إذا كان ذا قدرة على الكلام. والأحوذيّ: المشمر في الأمور القاهر لها الذي لا يشذ عليه منها شيء، وهو بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وفتح الواو وكسر الذال المعجمة وفي آخره ياء مشدودة.

512 -

محمد بن عبد الله بن محمد ظفر المكي الصّقلي (1).

حجة الدين أبو جعفر النحوي اللغوي المالكي.

ولد بمكة، ثم قدم مصر في صباه، ولقي أبا بكر الطرطوشي بالإسكندرية، ولقي بالأندلس أبا بكر بن العربي، وأبا مروان الباجي، وأبا الوليد الدباغ، وابن مسرة.

وقصد بلاد إفريقية، وأقام بالمهدية مدة، وشاهد بها حروبا من الفرنج وأخذت من المسلمين وهو هناك، ثم انتقل إلى صقليّة، ثم إلى مصر، ثم قدم حلب، وأقام بمدرسة ابن أبي عصرون، وصنف بها تفسيرا كبيرا، ثم جرت فتنة بين الشّيعة وأهل السنة، فنهبت كتبه فيما نهب، فقدم حماة، فصادف قبولا، وأجري له راتب، وصنف هناك تصانيفه.

وكان رجلا صالحا ورعا زاهدا، مشتغلا بما يعينه. وله شعر حسن.

وكان أعلم باللغة من النحو، وأقام بحماة إلى أن مات بها سنة خمس وستين وخمسمائة.

وله من الكتب «ينبوع الحياة في التفسير» «التفسير الكبير» الاشتراك اللغوي «الاستنباط المعنوي» «سلوان المطاع» «القواعد والبيان في النحو»

(1) له ترجمة في: لسان الميزان للعسقلاني 5/ 371، المختصر في أخبار البشر 3/ 52، معجم الأدباء لياقوت 7/ 102، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 233، المقفى للمقريزي ج 3 ورقة 82، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 2/ 96، الوافي بالوفيات لابن الصفدي 1/ 141، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 29. وهو مكرر 576.

ص: 171

«الرد على الحريري في درة الغواص» «أساليب الغاية في أحكام آية» «المطول في شرح المقامات» «التنقيب على ما في المقامات من الغريب» «ملح اللغة فيما اتفق لفظه واختلف معناه على حروف المعجم» «خير البشر بخير البشر» «نجباء الأنباء» «معاتبة الجريء على معاقبة البريء» «إكسير كيمياء التفسير» «أرجوزة في الفرائض والولاء» وغير ذلك.

ومن شعره:

ببسم الله يفتتح العليم

وبالرّحمن يعتصم الحليم (1)

وكيف يلومني في حسن ظنّي

بربي لائم وهو الرحيم!

وأنشد له ابن خلكان:

جعلتك في قلبي فهل أنت عالم

بأنك محمول وأنت مقيم (2)

ألا إن شخصا في فؤادي محله

واشتقاقه، شخص على كريم

وأورد له في «الخريدة» :

على قدر فضل المرء تأتي خطوبه

ويعرف عند الصبر منه نصيبه (3)

ومن قل فيما يتقيه اصطباره

فقد قل فيما يرتجيه نصيبه

513 -

محمد عبد الله بن محمد بن أبي الفضل المرسي أبو عبد الله (4).

العلامة شرف الدين النحوي الأديب الزاهد المفسر المحدّث الفقيه الأصولي.

(1) وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 30.

(2)

نفس المصدر.

(3)

نفس المصدر.

(4)

له ترجمة في: ذيل مرآة الزمان لليونيني 1/ 76، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 69، طبقات المفسرين للسيوطي 35، العبر 5/ 224، العقد الثمين 2/ 81، مرآة الجنان لليافعي 4/ 137، معجم الأدباء 7/ 16، النجوم الزاهرة 7/ 59، نفح الطيب 2/ 241، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 2/ 125، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 354.

ص: 172

قال ياقوت: أحد أدباء عصرنا، ومن أخذ من النحو والشعر بأوفر نصيب، وضرب فيه بالسهم المصيب، وخرج التخاريج، وتكلم على «المفصّل» للزمخشري، وأخذ عليه عدة مواضع، بلغني أنها سبعون موضعا، أقام على خطئها البرهان واستدل على سقمها بالبيان.

وله عدة تصانيف.

رحل إلى خراسان، ووصل إلى مرو الشاهجان، ولقى المشايخ، وقدم بغداد، وأقام بحلب ودمشق، ورأيته بالموصل ثم حج ورجع إلى دمشق، فأقام على الإقراء ثم أنتقل إلى مصر- وأنا بها- سنة أربع وعشرين وستمائة، ولزم النسك والعبادة والانقطاع.

أخبرني أن مولده سنة سبعين وخمسمائة، وأنه قرأ القرآن على ابن غلبون وغيره، والنحوي على أبي الحسن علي بن يوسف بن شريك الداني، والطيب ابن محمد بن الطيب النحوي، والشلوبيني، والتاج الكندي، والأصول على إبراهيم بن دقماق، والعميدي، والخلاف على معين الدين الجاجرمي.

وسمع الحديث الكثير بواسط من ابن عبد السميع، ومن ابن الماندائي مشيخته، وبهمذان من جماعة، وبنيسابور «صحيح مسلم» من المؤيد الطوسي، وجزءا [من](1) ابن نجيد، ومن منصور بن عبد المنعم الفراوي، وزينب الشعرية، وبهراة من أبي روح الهروي، وبمكة من الشريف يونس بن محمد الهاشمي.

وكان نبيلا ضريرا، يحل بعض [مشكلات](2) إقليدس، ويحفظ «صحيح مسلم» مجردا عن السند.

صنّف «الضوابط النحوية في علم العربية» و «الإملاء على

(1) تكملة عن: معجم الأدباء لياقوت.

(2)

تكملة عن: معجم الأدباء لياقوت.

ص: 173

المفصل»، و «تفسير القرآن» قصد فيه ارتباط الآي بعضها ببعض، وكتابا «في أصول الفقه والدين» و «كتابا في البديع والبلاغة» انتهى كلام ياقوت ملخصا.

وقال ابن النجّار في «تاريخ بغداد» : هو من الأئمة الفضلاء في فنون العلم والحديث والقراءات والفقه والخلاف والأصلين والنحو واللغة، وله قريحة حسنة، وذهن ثاقب، وتدقيق في المعاني، ومصنفات في جميع ما ذكرنا، وله النظم والنثر الحسن.

وقال الفاسي (1) في «تاريخ مكة» : له تصانيف، منها «التفسير الكبير» يزيد على عشرين جزءا، و «الأوسط» عشرة، و «الصغير» ثلاثة، و «مختصر مسلم» و «الكافي في النحو» في غاية الحسن، وله التعاليق الرائعة في كل فنّ.

قال: وهو الشيخ الإمام العالم الزاهد، فخر الزمان، علم العلماء، زين الرؤساء، إمام النظّار، رئيس المتكلّمين، أحد علماء الزّمان المتصرف أحسن التصرف في كل فنّ، أصله من مرسية، لم يزل مشتغلا من صغره إلى كبره.

وله المباحث العجيبة، والتصانيف الغربية، وجمع الأقطار في رحلته، ارتحل إلى غرب بلاده ثم الأندلس، والديار المصرية، والشام والعراقين والعجم، وناظر وقرأ وأقرأ، واستفاد وأفاد، ولم يزل يقرئ ويدرّس حيث حل، ويقرّ له بعلمه وفضله في كل محلّ، وجاور بمكة كثيرا. سمع منه الحفاظ والأعيان من العلماء، وبالغوا في الثّناء

عليه، وآخر من روى عنه أيوب الكحّال بالسماع، وأحمد بن علي الجزريّ بالإجازة، وذكره القطب اليونينيّ في «ذيل المرآة» وأثنى عليه؛ وقال كان مالكيّا.

لكن ذكره التاج السّبكي في «طبقات الشافعية» ، وذكره الحافظ شرف

(1) في الأصل «الفارسي» تحريف، والمثبت في بغية الوعاة.

ص: 174

الدين الدّمياطيّ (1) في «معجمه» ، وترجمه بالنحو والأدب والفقه والحديث والتفسير والزهد. وذكر أن مولده في ذي الحجة سنة تسع وستين وخمسمائة، ومات متوجها إلى دمشق (2) بين العريش والزعقا، يوم الاثنين خامس عشر ربيع الأول سنة خمس وخمسين وستمائة.

وقال الذهبيّ: سمع «الموطأ» بالمغرب بعلوّ من الحافظ أبي محمد عبد الله بن عبيد الله الحجريّ، وسمع من عبد المنعم بن الفرس.

روى عنه المحبّ الطبريّ، والشرف الفزاريّ، ومحمد بن يوسف بن المهتار.

ومن شعره:

قالوا محمد قد كبرت وقد أتى

داعي المنون وما اهتممت بزاد (3)

قلت: الكريم من القبيح لضيفه

عند القدوم مجيئه بالزّاد

قال ياقوت: وأنشدني لنفسه وقد تماروا عنده في الصفات فقال:

من كان يرغب في النجاة فما له

غير اتباع المصطفى فيما أتى

ذاك السّبيل المستقيم وغيره

سبل الغواية والضلالة والردى

فاتبع كتاب الله والسّنن التي

صحت فذاك إذا اتبعت فهو الهدى

ودع السؤال بكم وكيف فإنه

باب بحر ذوي البصيرة للعمى

الدين ما قال الرسول وصحبه

والتابعون ومن مناهجهم قفا

(1) هو شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي. ولد في دمياط وتنقل في البلاد. قال عنه الذهبي: أحد الأئمة الاعلام وبقية نقاد الحديث، رحل وسمع الكثير، ومعجمه نحو ألف ومائتين وخمسين شيخا، توفي سنة 705 هـ.

(2)

في الأصل «متوجها الى مصر» والمثبت في: الوافي بالوفيات.

وعبارة نفح الطيب «وخرج من مصر يريد الشام فمات بين الزعقة والعريش» .

(3)

معجم الأدباء لياقوت 7/ 18.

ص: 175

وله

قالوا فلان قد أزال بهاءه

ذاك العذار وكان بدر تمام (1)

فأجبتهم بل زاد نور بهائه

وكذا تزايد فيه فرط غرامي

واستقصرت ألحاظه فتكا بها

فأتى العذار يمدها بسهام

وله. والبيت الثاني تضمين لغيره:

دخلت هراة أستفيد علومها

فألقيت من فيها حمير الورى فهما

يمرّون بي لا يعرفون مكانتي

كأنّي دينار يمرّ به أعمى

514 -

محمد بن عبد الله بن ميمون بن إدريس بن محمد العبدري (2) يكنى أبا بكر كان عالما بالقراءات، ذاكرا للتفسير، حافظا للفقه واللغات والآداب، شاعرا محسنا، كاتبا بليغا، مبرّزا في النحو، جميل العشرة، حسن الخلق، متواضعا، فكه المحاضرة، ظريف الدّعابة.

روى عن أبي بكر بن العربي، وأبي الحسن شريح، وعبد الرحمن بن بقي، وأبي الحسن بن الباذش، وأبي الوليد بن رشد، ولازمه عشر سنين، ويونس ابن مغيث، وأبي عبد الله بن الحاج، وأبي محمد بن عتاب، وسمع أبا بحر الأسدي وغيرهم.

روى عنه أبو البقاء يعيش بن القديم، وأبو زكريّا المرجيقيّ وغيرهما.

ودخل غرناطة. وصنّف شرحين على «الجمل» : كبيرا، وصغيرا، وشرح أبيات «الإيضاح» للفارسي، وشرح «مقامات الحريري» ، وصنف «مشاحذ الأفكار فيما أخذ على النظّار» ، وشرح «معشراته الغزلية» و «مكفراته الزهدية» ، وغير ذلك.

(1) معجم الأدباء لياقوت 7/ 18.

(2)

الديباج المذهب لابن فرحون 302.

ص: 176

وكان يحضر مجلس عبد المؤمن مع جملة العلماء، ويبدي ما عنده من المعارف؛ إلى أن أنشد في المجلس أبياتا كان نظمها في أبي القاسم عبد المنعم بن محمد بن تيسيت، وهي:

أبا قاسم والهوى جنّة

وها أنا من مسّها لم أقق

تقحّمت جاحم نار الضّلوع

كما خضت بحر دموع الحدق

أكنت الخليل، أكنت الكليم! * أمنت الحريق، أمنت الغرق! فهجره عبد المؤمن، ومنعه من الحضور في مجلسه، وصرف بنيه عن القراءة عليه، وسرى ذلك في أكثر من كان يتردد عليه؛ على أنه كان في المرتبة العليا من الطّهارة والعفاف. مات بمراكش يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة سبع وستين وخمسمائة وقد قارب السبعين.

ومن شعره:

توسّلت يا ربي بأني مؤمن

وما قلت إني سامع ومطيع (1)

أيصلى بحر النار عاص موحد

وأنت كريم والرسول شفيع

وله أيضا

لا تكترث بفراق أوطان الصبا

فعسى تنال بغيرهن سعودا (2)

فالدر ينظم عند فقد بحاره

بجميل أجياد الحسان عقودا

أورده ابن فرحون، ثم شيخنا في «طبقات النحاة» .

515 -

محمد بن عبد الله أبو بكر البردعي (3) قال النديم في «الفهرست» : رأيته في سنة أربعين وثلاثمائة، وكان بي

(1) الديباج المذهب لابن فرحون 302.

(2)

الديباج المذهب لابن فرحون 302.

(3)

له ترجمة فى: الفهرست لابن النديم 237.

ص: 177

آنسا، يظهر مذهب الاعتزال، وكان خارجيا وأحد فقهاء الشراة.

وقال لي: إنه له في الفقه عدة كتب، وذكر بعضها، وهو كتاب «المرشد» في الفقه، كتاب «الرد على المخالفين» في الفقه، كتا «تذكرة الغريب» في الفقه، كتاب «التبصر للمتعلمين» ، كتاب «الاحتجاج على المخالفين» ، كتاب «الجامع» في أصول الفقه، كتاب «الدعاء» كتاب «الناسخ والمنسوخ» في القرآن، كتاب «الأذكار والتحكيم» ، كتاب «السنة والجماعات» ، كتاب «الإمامة» ، كتاب «نقض كتاب ابن الراوندي في الإمامة» ، كتاب «تحريم المسكر» ، كتاب «الرد على من قال بالمتعة» ، كتاب «الناكثين، كتاب «الأيمان والنذور» .

516 -

محمد بن عبد الله بن عبد الحكم الإمام الحافظ فقيه عصره أبو عبد الله المصري (1).

ولد منتصف ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين ومائة.

وروى عن ابن وهب، وأبي ضمرة، وابن أبي فديك، والشافعي، وأشهب، وأبي القاسم، وإسحاق بن الفرات، وشعيب بن الليث، وحرملة بن عبد العزيز، وعدّة.

وتفقه بأبيه، وبالشافعي.

روى عنه النسائي وابن خزيمة، وابن صاعد، وأبو بكر بن زياد، والأصم وأبو حاتم الرازي، وابنه عبد الرحمن، وأبو جعفر الطبري، وخلق. وثقه النّسائي. وقال مرة: لا بأس به.

(1) له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 546، تهذيب التهذيب لابن حجر 9/ 260، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 309، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 294، الديباج المذهب لابن فرحون 231، طبقات الشافعية للسبكي 2/ 67، طبقات الشيرازي 81، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 179، العبر 2/ 38، الفهرست لابن النديم 211، مرآة الجنان لليافعي 2/ 181، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 295، ميزان الاعتدال 3/ 611، النجوم الزاهرة 3/ 44، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 338، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 333.

ص: 178

وقال ابن أبي حاتم: ثقة صدوق، أحد فقهاء مصر من أصحاب مالك.

وقال أبو إسحاق الشيرازي: حمل في المحنة إلى ابن أبي داود فلم يجبه، فرده. وانتهت إليه الرئاسة بمصر في العلم.

وقال ابن خزيمة: أما الإسناد فلم يكن يحفظه. قال ابن حارث: كان من العلماء الفقهاء، مبرزا من أهل النظر والمناظرة والحجة فيما يتكلم فيه ويتقلده من مذهبه، وإليه كانت الرحلة من المغرب والأندلس في العلم والفقه.

قال أبو عمر بن عبد البر: كان فقيها نبيلا جميلا وجيها في زمنه.

وقال فيه ابن القاسم: إن قبل محمد لعلما، وإليه انتهت الرئاسة بمصر.

وقال ابن أبي دليم: كان فقيه مصر في عصره على مذهب مالك، وصحب الشافعي ورسخ في مذهبه، وربما تخير قوله عند ظهور الحجة، وكان أفقه أهل زمانه. وناظره ابن ملول صاحب سحنون، فقال لمن معه:

صاحبكم أعلم من سحنون، ثقة فاضل، عالم متواضع صدوق.

قال محمد بن فطيس: لقيت في رحلتي نحو مائتي شيخ، ما رأيت فيهم مثل محمد بن عبد الحكم.

وله تواليف كثيرة في فنون العلم، والرد على المخالفين، كلها حسان، ككتاب «أحكام القرآن» كبير، وكتاب «الوثائق والشروط» وكتاب «مجالسة» أربعة أجزاء، وكتاب «الرد على الشافعي» ، وكتاب «الرد على أهل العراق» ، وكتابه الذي زاد فيه على مختصر أبيه، وكتاب «أدب القضاة» ، وكتاب «الدعوى والبينات» وكتاب «السبق والرمي» وكتاب «اختصار كتب أشهب» ، وكتاب «الرد على بشر المريسي» ، وكتاب «النجوم» ، وكتاب «الكفالة» ، وكتاب «الرجوع عن الشهادة» ، وكتاب «المولدات» .

ص: 179

قال ابن حارث: وأراها مؤلفة عليه، لأنها مسائل منثورة لم تضم لثقات كالأسمعة، وكان محمد يقول: التوقر في النزهة مثل التبذل في الحفلة.

وذكر أنه ضرب في المحنة بالقرآن، وكان يفتى فيمن حلف بالمشي إلى مكة بكفارة يمين، وحكى ذلك عن ابن القاسم أنه أفتى به ابنه.

وذكر عنه أن قوما استشاروه في الحج أو الجلوس إلى السماع، فأشار على بعضهم بالحج، وعلى بعضهم بالجلوس، فسئل عن ذلك. فقال: رأيت عند الذين أمرتهم بالجلوس فهما، ورأيت الآخرين بخلافهم، ولهذا الأمر فرسان.

وسئل كيف يعزى الرجل في أمّة النصرانية فقال: يقال له: الحمد لله على ما قضى، قد كنا نحب أن تموت على الإسلام، ويسرك الله بذلك.

وسئل أيضا عن القريب النصراني يموت للمسلم، كيف يعزى عنه فقال: يقول: إن الله قد كتب الموت على خلقه، والموت حتم على الخلق كلهم. توفي في ذي القعدة سنة ثمان وستين ومائتين، وقيل سنة تسع.

517 -

محمد بن عبد الحميد بن الحسين بن الحسن بن حمزة أبو الفتح الأسمندي السمرقندي المعروف بالعلاء العالم (1).

قال ابن النجار وابن السمعاني: كان فقيها مناظرا بارعا، له الباع الطويل في علم الجدل، من فحول الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة.

ورد بغداد حاجّا سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، وحدث بها عن عمر بن عبد العزيز بن مازة البخاري، وعلي بن عمر الخراط، وتفقه على السيد الإمام الأشرف.

(1) له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 56، الجواهر المضيئة لعبد القادر القرشي 2/ 74، طبقات المفسرين للسيوطي 35، لسان الميزان 5/ 243، المنتظم لابن الجوزي 10/ 226، النجوم الزاهرة 5/ 379، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 218.

ص: 180

له «تعليقة» مشهورة في مجلدات، وصنف في الخلاف، وأملى «التفسير» ، وشرح «عيون المسائل» لأبي الليث في مجلد.

وروى عنه أبو المظفر السمعاني.

ولد بسمرقند سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.

وتنسك، وترك المناظرة، واشتغل بأنواع الخير، إلى أن توفي سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.

518 -

محمد بن عبد الرحمن بن أحمد العلامة أبو عبد الله البخاري (1).

المفسر، العلاء، الملقب بالزاهد الحنفيّ.

قال السمعاني: كان إماما مفننا مذكرا أصوليا متكلما، قيل إنه صنف في «التفسير» كتابا أكثر من ألف جزء أملاه في آخر عمره ولكنه كان مجازفا متساهلا.

تفقه بأبي نصر أحمد بن عبد الرحمن الريغذموني (2)، وحدث عنه.

كتب إلي بالإجازة، ولم ألحقه ببخاري، لأنه توفي ليلة الاثنين الثاني عشر من جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وخمسمائة.

أخذ عنه صاحب «الهداية» وغيره.

519 -

محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي أبو عمر النسوي الشافعي (3) الملقب أقضى القضاة.

(1) له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 56، الجواهر المضيئة 2/ 76، طبقات المفسرين للسيوطي 36، الفوائد البهية للكنوي 175، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 232.

(2)

بكسر الراء وسكون الياء والغين المعجمة وفتح الذال المعجمة وضم الميم وسكون الواو وفي آخرها نون، نسبة الى ريغذمون، وهي من قرى بخارى (اللباب لابن الأثير 1/ 485).

(3)

له ترجمة في: طبقات الشافعية للسبكي 4/ 175، طبقات المفسرين للسيوطي 36.

ص: 181

ولد سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. وكان يعرف بالقاضي الرئيس.

ذكره كل واحد من عبد الله بن محمد الجرجاني في «طبقات الشافعية» وأبي سعيد السمعاني في «الذيل» ، ومحمود الخوارزمي في «تاريخ خوارزم» .

قال الجرجانيّ: هو قاضي القضاة بخوارزم، وفراوة، ونسا.

أخذ الفقه ببلده عن القاضي الحسن الدّامانيّ (1) النسويّ.

ثم رحل إلى العراق، وحصّل العلم.

وولاه أمير المؤمنين، القائم بأمر الله القضاء بالنواحي المذكورة، ولقبه بأقضى القضاة.

صنّف كتبا في الفقه، والتفسير، حسن السّيرة في القضاء، مرضي الطريقة.

وقال ابن السمعانيّ: هو المعروف بالقاضي الرئيس، كان من أكابر أهل عصره فضلا وحشمة وقبولا عند الملوك.

بعث رسولا إلى دار الخلافة ببغداد، من جهة الأمير طغرلبك.

وله آثار وجدت بخراسان وخوارزم، وولي قضاءها مدّة، وبنى مدرسة.

سافر الكثير، وسمع بنيسابور الإمام أبا إسحاق الأسفراينيّ، وبجرجان أبا معمر الإسماعيليّ.

وبمصر أبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء.

وبدمشق أبا الحسن علي بن موسى السّمسار.

(1) بفتح الدال وسكون الألفين بينهما ميم مفتوحة وفي آخرها نون، نسبة الى دامان، وهي قرية بالجزيرة (اللباب لابن الأثير 1/ 406).

ص: 182

وبمكة أبا ذر الهرويّ.

وأملى المجالس، وتكلم على الأحاديث.

روى عنه أبو عبد الله الفراوي، وعبد المنعم القشيري، وغيرهم.

وقال الخوارزمي: فاق أهل عصره فضلا، وإفضالا، وتقدم على أبناء دهره رتبة، وجلالة، وحشمة، ونعمة، وقبولا، وإقبالا، له الفضل الوافر في العلوم الدينية، وأنواعها الشّرعية، وكان لغويا، نحويا، مفسرا، مدرسا، فقيها، مفتيا، مناظرا، شاعرا، محدثا.

إلى أن قال: وكان سلاطين السّلجوقية يعتمدونه فيما يعنّ لهم من المهمات.

وذكر أن السلطان ملك شاه بن ألب رسلان استحضره بإشارة نظام الملك من خوارزم إلى أصبهان وجهزه إلى الخليفة ليخطب له ابنته، فلما مثل بين يدي الخليفة، وضعوا له كرسيا جلس عليه، والخليفة على السّرير، فلما فرغ من إبلاغ الرسالة نزل عن الكرسي، وقال: هذه الرسالة، وبقيت النصيحة لا تخلط بيتك الطاهر النبويّ بالتّركمانية.

فقال الخليفة: سمعنا رسالتك، وقبلنا نصيحتك.

فرجع عن حضرة الخلافة، وقد بلغ الوزير نظام الملك الخبر قبل وصوله إليه، فلما وصل إلى أصبهان، قال له: دعوناك من خوارزم لإصلاح أمر أفسدته.

فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدّين النّصيحة) وأنا لا أبيع الدّين بالدنيا. ولم تنتقص حشمته بذلك.

ومن شعره.

من رام عند الإله منزلة

فليطع الله حق طاعته

وحق طاعاته القيام بها

مبالغا فيه وسع طاقته

ص: 183

وله أيضا:

اتّخذ طاعة الإله سبيلا

تجد الفوز بالجنان وتنجو

واترك الإثم والفواحش طرّا

يؤتك الله ما تروم وترجو

وكان أبو القاسم محمود الزمخشريّ، يحكى: أنه كان لا يذكر أحدا إلا بخير، وأنه ذكر له فقيه كثير المساوي، فقال:«لا تقولوا ذلك فإنه يتعمم حسنا» يعني به لم يجد وصفا جميلا إلا حسن عمته، فذكره.

توفي في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

ذكره ابن السبكي في «الكبرى» .

محمد (1) بن عبد الرحمن بن نصير أبو بكر الحنفي الفقيه (2).

صاحب تصانيف، لكنه معتزلي جلد، انتهى.

وناب هذا الرجل في القضاء عن ابن معروف، فقيل: اسم أبيه عبد الله ابن جعفر بن محمد بن الحسين بن الفهم.

صنف «التفسير» وغيره.

وكان بصيرا بالكلام على طريقة أبي هاشم الجبائي. مات في أواخر سنة ثمانين وثلاثمائة.

ذكره في «لسان الميزان» .

520 -

محمد بن عبد الرحمن بن عسكر البغدادي (3).

(1) سبقت ترجمته برقم 505.

(2)

له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 64، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 321، طبقات المفسرين للأدنةوي 26 ب، طبقات المفسرين للسيوطي 33، لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 5/ 255.

(3)

له ترجمة في: الديباج المذهب لابن فرحون 333.

ص: 184

الإمام العالم العلامة المتفنن، الجامع بين المعقول والمنقول، القائم بلواء مذهب مالك ببغداد.

ولد سنة إحدى وسبعمائة، وكان فاضلا في الفقه، متقنا للأصول والجدل والمنطق والعربية، إماما في علومه لا يجارى.

رحلة للطلاب، ولي قضاء بغداد والحسبة بها، وكانت له هيبة عظيمة، وهمة سرية، ومكارم أخلاق، وكان مدرس المدرسة المستنصريّة.

وله تواليف، منها:«شرح الإرشاد» لوالده في مذهب مالك، وشرح «مختصر ابن الحاجب» الفقهي، و «الأصلي» ، و «تفسير» كبير.

قال الشيخ برهان الدين بن [فرحون (1)] بلغني قديما قبل وفاته بنحو خمس عشرة سنة، أنه وصل فيه إلى سورة تبارك.

وله «تعليقة» في علم الخلاف، وله «أجوبة اعتراضات لابن الحاجب» . توفي سنة ست وسبعين وسبعمائة.

521 -

محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي الحسن الزمرديّ (2) الشيخ شمس الدين بن الصائغ (3) الحنفيّ (4) النحويّ.

قال الحافظ ابن حجر: ولد قبل سنة عشر وسبعمائة واشتغل بالعلم، وبرع في اللغة والنحو والفقه، وأخذ عن الشهاب بن المرحّل، وأبي حيان، والقونويّ، والفخر الزيلعيّ.

(1) زيادة يقتضيها السياق، لأن هذا القول إنما هو من كلام ابن فرحون في الديباج المذهب.

(2)

كذا في الأصل، وهو يوافق ما في حسن المحاضرة والدرر الكامنة، وانباه الرواة للقفطي، «الزمردي» .

(3)

كذا في سائر مراجع الترجمة، وفي الأصل:«الصانع» .

(4)

له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 1/ 95، تاج التراجم لابن قطلوبغا 64، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 471، الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 119. طبقات القراء لابن الجزري 2/ 163، الفوائد البهية 175.

ص: 185

وسمع الحديث من الدبوسيّ، والحجّار، وأبي الفتح اليعمريّ.

وكان ملازما للاشتغال، كثير المعاشرة للرؤساء، كثير الاستحضار، فاضلا بارعا، حسن النظم والنثر [قوي] البادرة، دمث الأخلاق.

ولي قضاء العسكر وإفتاء دار العدل، ودرس بالجامع الطولونيّ وغيره.

وله من التصانيف: «شرح المشارق» في الحديث، «شرح ألفية ابن مالك» ، في غاية الحسن والجمع والاختصار، «الغمز على الكنز» ، «التذكرة» عدة مجلدات في النحو، «المباني في المعاني» ، الثمر الجني في الأدب السنيّ»، «المنهج القويم» في القرآن العظيم، «نتائج الأفكار» ، «الرقم على البردة» ، «الوضع الباهر في رفع أفعل الظاهر» ، «اختراع الفهوم لاجتماع العلوم» ، «روض الأفهام في أقسام الاستفهام» ، وغير ذلك.

وله «حاشية على المغني» لابن هشام، وصل فيها إلى أثناء الباء الموحدة، وافتتحها بقوله: الحمد لله الذي لا مغني سواه.

أخذ عنه العلامة عز الدين محمد بن أبي بكر بن جماعة. ومات في حادي عشر شعبان سنة ست وسبعين وسبعمائة، وخلف ثروة واسعة.

قال الشيخ علاء الدين علي بن عبد القادر المقريزي: رأيته في النوم بعد موته، فسألته ما فعل الله بك؟ فأنشدني:

الله يعفو عن المسيء إذا

مات على توبة ويرحمه (1)

ومن نظمه:

(1) الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 119.

ص: 186

لا تفخرنّ بما أوتيت من نعم

على سواك وخف من كسر جبّار (1)

فأنت في الأصل بالفخار مشتبه

ما أسرع الكسر في الدنيا لفخار

522 -

محمد بن عبد الرحمن بن الفضل بن الحسين أبو بكر التميمي الجوهري (2).

الخطيب. صاحب التفاسير، والقراءات، كذا قاله فيه أبو نعيم.

سمع أبا الخليفة، وعبدان الأهوازي، وجماعة. وعنه أبو نعيم، وغيره.

قال ابن الجزري في «طبقات القراء» : وروى القراء عرضا عن محمد ابن أحمد بن الحسن الأشناني الكسائي، ويعقوب بن إبراهيم.

روى القراءة عنه عرضا أبو الحسين علي بن محمد الخبازي، وعبد الله بن محمد الذارع. مات بعد الستين وثلاثمائة.

523 -

محمد بن عبد الرحمن بن موسى بن عياض أبو عبد الله المخزومي الشاطبي المنتشي (3).

كان إماما في التفسير والقراءات، مقدّما في البلاغة، مشاركا في أشياء.

أخذ القراءات عن ابن أبي داود، وابن شفيع، وجماعة. وسمع ابن سكرة، وغيره.

وتصدر للإقراء بشاطبة، فأخذ عنه الناس. مات سنة تسع عشرة وخمسمائة.

524 -

محمد بن عبد الرحيم بن الطيب أبو العباس القيسي (4) الضرير.

مقرئ المغرب.

(1) في بغية الوعاة: «من مكر» .

(2)

له ترجمة في: طبقات القراء للجزري 2/ 165.

(3)

له ترجمة في: بغية الملتمس للضبي 90.

(4)

له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 128، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 171.

ص: 187

قال الذهبي في «طبقات القراء» : ولد في حدود الثلاثين وستمائة بالجزيرة الخضراء.

وقرأ القرآن على خطيبها أبي عبد الله الركيني، وعلي أبي عبد الله الشريشي السماتي، عن أبي عمرو بن عظيمة صاحب شريح.

ثم تحول إلى سبتة، فأكرمه أميرها أبو القاسم محمد بن أبي العباس العزفي (1)، فلمّا جاء رمضان سأله أن يقرأ السيرة على الناس، فصار يدرس كل يوم ميعادا منها ويورده.

وكان من أسرع الناس حفظا، وأحسنهم صوتا، وكان إليه المنتهى في العصر في معرفة القراءات وضبطها وأدائها، كان يحفظ «التيسير» و «الكافي» لابن شريح، وكان عارفا بالتفسير والعربية والحديث، حمل عنه أهل سبتة. وتوفي في رمضان سنة إحدى وسبعمائة.

525 -

محمد بن عبد الكريم بن الفضل القزوينيّ (2) والد الإمام الرّافعيّ. روى عن أبي البركات الفراويّ، وعبد الخالق الشحّاميّ، وسعد الخير محمد بن طراد الزينبيّ، وغيرهم.

وتفقه ببلده على ملكداد بن علي وغيره.

وببغداد على أبي منصور الرّزّاز.

وبنيسابور على محمد بن يحيى.

وقد ترجمه ولده في كتابه «الأمالي» وقال: خص بالصلابة في الدين، والبراعة في العلم، حفظا، وضبطا، وإتقانا، وبيانا، وفهما، ودراية.

(1) في الأصل: «الغزفي» تحريف، صوابه في تبصير المنتبه 3/ 1005.

(2)

له ترجمة في: طبقات الشافعية للسبكي 6/ 131، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 37 ب، طبقات ابن هداية الله 80، مختصر ذيل تاريخ بغداد للذهبي 1/ 74، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 280.

ص: 188

قال: وأقبلت عليه المتفقّهة بقزوين، فدرّس، وأفاد، وصنف في الحديث، والتفسير، والفقه.

وكان جيد الحفظ.

سمعته يقول: سهرت البارحة، مفكرا فيما أحفظ من الأبيات المفردة، والمقطوعات خاصة، فذكر آلافا.

قال: وحكى لي الحسين بن عبد الرحيم المؤذن، وهو رجل صالح، أن والدي خرج ليلة لصلاة العشاء، وكانت ليلة مظلمة، فرأيت نورا، فحسبت أن معه سراجا، فلما وصل إلي لم أجد معه شيئا، فذكرت له ذلك، فلم يعجبه وقوفي على حاله، وقال لي: أقبل على شأنك.

وفي ترجمة ولده الإمام عبد الكريم ما يشبه هذه الحكاية.

قال ابن السبكي: فلعل نوع هذه الكرامة في الوالد والولد. توفي في شهر رمضان، سنة ثمانين وخمسمائة، وهو في عشر السبعين.

ذكره ابن قاضي شهبة.

526 -

محمد بن عبد الملك بن سليمان بن أبي الجعد التستري الحنبلي يكنى أبا بكر (1).

قدم الأندلس تاجرا سنة ثلاثين وأربعمائة (2).

ذكره الخزرجي وقال: كان خيرا، متدينا، قوي النفس، متسننا، مؤتما بأحمد بن حنبل، ودائنا بمذهبه.

وروايته واسعة عن شيوخ جلة بالعراق وخراسان.

(1) له ترجمة في: الصلة لابن بشكوال 2/ 568.

(2)

في الأصل: «وثلاثمائة» والمثبت في الصلة.

ص: 189

وكان عالما بفنون علم القرآن، من قراءات، وإعراب، وتفسير.

ولد بتستر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. وكان ممتعا قوي الأعضاء مصححا.

هذه الترجمة من كتاب «الصلة» لابن بشكوال.

527 -

محمد بن عبد الملك بن محمد بن عمر بن محمد الكرجي، بالجيم الشافعي أبو الحسن بن أبي طالب (1).

ولد سنة ثمان وخمسين واربعمائة.

وسمع الحديث من مكّي بن علان الكرجي، وأبي القاسم علي بن أحمد ابن الرزاز، وأبي علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب، وأبي الحسن بن العلاف وغيرهم.

روى عنه ابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وجماعة.

وصنف تصانيف في المذهب، والتفسير.

وله كتاب «الذرائع في علم الشرائع» .

قال ابن السمعاني فيه: أبو الحسن من أهل الكرج، رأيته بها، إمام ورع، عالم، عاقل، فقيه، مفت، محدّث، شاعر، أديب، [له (2)] مجموع حسن.

أفنى عمره في جمع العلم ونشره.

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 12/ 213، طبقات الشافعية للسبكي 6/ 137، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 33 ب، العبر 4/ 89، الكامل لابن الأثير 11/ 66، مرآة الزمان 8/ 167، المنتظم لابن الجوزي 10/ 75، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 5/ 262.

(2)

من طبقات الشافعية للسبكي.

ص: 190

وكان شافعي المذهب إلا أنه كان لا يقنت في صلاة الفجر.

وقد ذكر في كتاب «الذرائع» أنه أخذ الفقه عن أبي منصور محمد بن أحمد بن محمد الأصبهاني، عن الإمام أبي بكر عبيد الله بن أحمد الزّاذقانيّ، عن الشيخ أبي حامد الإسفرايني.

قال السمعاني: وله قصيدة بائية في السنة، شرح فيها اعتقاده واعتقاد السلف، تزيد على مائتي بيت، قرأتها عليه في داره في الكرج.

قال ابن السبكي: ثبت لنا بهذا الكلام، إن [ثبت أن (1)] ابن السمعاني قاله، أن لهذا الرجل قصيدة في الاعتقاد على مذهب السلف، موافقة للسنة، وابن السمعاني كان أشعريّ العقيدة، فلا يعترف بأن القصيدة على السنة واعتقاد السلف إلا إذا وافقت ما يعتقد أنه كذلك، وهو رأي الأشعري. توفى الكرجيّ سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.

528 -

محمد بن عبد الواحد بن محمد الطبري أبو طاهر المفسّر (2).

روى عن الخليلي الحافظ، وعبد الجبار (3) بن محمد بن ماك.

له كتاب «التفريد في فضائل التوحيد» .

ذكره الرافعي في «تاريخ قزوين» ولم يؤرخ مولده ولا وفاته.

529 -

محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن يزيد بن أبي السكن الجبّائيّ البصري أبو علي (4).

(1) عن المصدر السابق.

(2)

له ترجمة في: تاريخ قزوين للرافعي 130.

(3)

في الأصل: «عبد الجبار ومحمد بن مالك» تحريف، صوابه في تاريخ قزوين. وهو عبد الجبار بن محمد بن عبد العزيز بن ملك القاضي أبو الحسن، فقيه متقن، تفقه ببغداد، وروى عنه محمد بن عبد الواحد الطبري (تاريخ قزوين للرافعي 341).

(4)

له ترجمة في الأنساب للسمعاني ورقة 121 أ، البداية والنهاية لابن كثير 11/ 125، روضات الجنات للخوانساري 161، طبقات المفسرين للسيوطي 33، اللباب لابن الأثير 1/ 208، لسان الميزان 5/ 271، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 189، الوافي بالوفيات للصفدي 4/ 74، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 398.

ص: 191

رأس المعتزلة وشيخهم وكبيرهم، ومن انتهت إليه رياستهم، كان رأسا في الفلسفة والكلام.

أخذ عن أبي [يوسف (1)] يعقوب الشحام البصري، وغيره.

وله مقالات وتصانيف، منها:«التفسير» ، و «متشابه القرآن» .

وكان من رأيه: تقديم أبي بكر على عمر، وعثمان، والوقوف عن أبي بكر، وعلي وتوفي في شوال سنة ثلاث وثلاثمائة، وله ثمان وستون سنة.

أخذ عنه ابنه أبو هاشم، والشيخ أبو الحسن الأشعري، ثم أعرض الأشعري عن طريق الاعتزال وتاب منه.

وذكر النديم له سبعين تصنيفا، منها «الرد على الأشعري في الرواية» وهو من العجائب؛ لأن الأشعري كان من تلامذته ثم خالفه، وصنف في الرد عليه فنقض هو بعض تصانيفه.

وله «الردّ على أبي الحسن الخياط» ، والصالحي، والجاحظ، والنظام، والبرذعي، وغيرهم من المعتزلة مما خالفهم فيه.

530 -

محمد بن عبد الوهاب بن عبد الكافي بن عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمد بن علي بن أحمد سعد الدين أبو بكر (2).

وأبو اليمن، وأبو المعالي، وأبو سعيد.

ويقال في اسمه: سعيد الأنصاري، الدمشقي، الشيرازي الأصل، ابن الحنبلي، الواعظ، الأطروش.

أخذ عن أبيه، وأبي محمد عبد الغني المقدسي، وأبي اليمن زيد الكندي،

(1) من النجوم الزاهرة.

(2)

له ترجمة في: المقفى للمقريزي 2/ 74.

ص: 192

وقرأ عليه القراءات السّبع، وقرأ [على (1)] أبي البقاء العكبري شرحه «لمقامات الحريري» .

وأخذ عن أبي الفرج بن الجوزي، وحفظ الكثير، وعرف التفسير.

وقدم مصر، ودخل الأندلس سنة إحدى وخمسين وستمائة.

وعبر سبتة، وتكلم في الوعظ بجامعها أشهرا، وجال في الأندلس، ورجع إلى سبتة، وتوجه إلى أزمور، وقدم مراكش.

وهو يعظ في كل ذلك. فيفتتح مجلسه بالتفسير بعد الخطبة والدعاء وشيء من أخبار الصالحين، ومن كلام ابن الجوزي، ويختم بفصل من السّير.

ومجالسه على التوالي، يبدأ اليوم من حيث انتهى بالأمس، وكلامه في ذلك متقن، يشهد بحسن تقدّمه، ولم يكن عنده كتاب يسعده، ليذكر ما كان بسبيله سوى خطب من كلام ابن الجوزي في سفر بخطه، مع تأليف له سماه «مصباح الواعظ» يتضمن ذكر من وعظ من الصدر الأول وما ينبغي للواعظ ويلزمه.

وكان يشارك في الطب وغيره، وكان شديد الصمم، لا يكاد يسمع شيئا البتة، إنما يخاطب بالكتابة، فيجيب بالعين والإشارة.

وكان شافعي المذهب، مستحسن المنزع، لولا حرص كان فيه من باب التكسب، ومع ذلك فقد كان من حسنات وقته. مات بالقرب من مراكش في رجب سنة اثنتين وخمسين وستمائة، وترك ثلاثمائة وستين دينارا.

ذكره المقريزي في «المقفى» .

531 -

محمد بن عبدوس بن أحمد بن الجنيد أبو بكر المقرئ، المفسّر، الواعظ، النيسابوري.

(1) من المقفى للمقريزي.

ص: 193

إمام فاضل في القراءات، عالم بمعاني القرآن.

سمع السري بن خزيمة، وأبا عبد الله البوشنجي، وتلا على حمدون المقرئ، وأبي الحسن بن شنبوذ.

سمع منه الحاكم، وأثنى عليه. ومات في ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.

532 -

محمد بن عثمان بن أبي شيبة أبو جعفر العبسيّ الكوفي الحافظ (1).

سمع أباه، وابن المديني، وأحمد بن يونس، وخلقا.

وعنه النجاد، والشافعي (2) البزار، والطبراني.

وكان عالما بصيرا بالحديث والرجال.

له تواليف مفيدة، منها: كتاب «فضائل القرآن» وثقه صالح جزرة.

وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا، وهو على ما وصف لي عبدون لا بأس به.

وأما عبد الله بن أحمد بن حنبل، فقال: كذاب.

وقال ابن خراش: كان يضع الحديث.

وقال مطيّن: هو عصا موسى تلقف ما يأفكون.

وقال البرقاني: لم أزل أسمعهم يذكرون أنه مقدوح فيه. مات سنة سبع (3).

(1) له ترجمة في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 42، تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 661. العبر 2/ 108، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 642، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 171.

(2)

في الأصل: «والشافعي والبزار» ، تحريف صوابه في العبر، وميزان الاعتدال.

(3)

أي سنة سبع وتسعين ومائتين كما في العبر وتذكرة الحفاظ.

ص: 194

له «تاريخ كبير» وله معرفة وفهم، وقال أبو نعيم بن عدي: رأيت كلا منه ومن مطيّن يحط أحدهما على الآخر.

قال لي مطين: من أين لقى محمد بن عثمان (1) ابن أبي ليلى؟ فعلمت أنه يحمل عليه، فقلت له: ومتى مات محمد؟ قال: سنة أربع وعشرين، فقلت لابني: أكتب هذا، فرأيته قد ندم. فقال: مات بعد هذا بسنتين، ورأيته قد غلط في موت ابن أبي ليلى.

وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كتب عنه أصحابنا.

533 -

محمد بن عثمان بن مسبح أبو بكر الملقب بالجعد الشيبانيّ النحويّ (2).

أحد أصحاب ابن كيسان. كان من العلماء الفضلاء.

له من التصانيف: «معاني القرآن» ، «غريب القرآن» ، «الناسخ والمنسوخ» ، «القراءات» ، «المختصر في النحو» ، «المقصور والممدود» ، «المذكر والمؤنث» ، «العروض» ، «الفرق» ، «الألفات» ، «خلق الإنسان» ، «الهجاء» (3).

534 -

محمد بن عزيز أبو بكر السجستانيّ العزيزيّ (4).

(1) في الأصل: «محمد بن عمران» تحريف، صوابه في ميزان الاعتدال.

(2)

له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 184، الأنساب للسمعاني ورقة 55، تاريخ بغداد 3/ 47، الفهرست لابن النديم 82، معجم الأدباء 7/ 39، نزهة الالباء 309، الوافي بالوفيات للصفدي 4/ 82.

(3)

بياض في الأصل قدر كلمة، والترجمة بالنص في بغية الوعاة، وقد وقفت الترجمة عند هذا الحد، ويبدو أن البياض هنا لعبارة:«ذكره شيخنا في طبقات النحاة» التي تعود الداودي أن يذكرها عقب نقله عن شيخه السيوطي.

(4)

له ترجمة في: تبصير المنتبه لابن حجر 3/ 948، اللباب 2/ 135، الوافي بالوفيات 4/ 95.

ص: 195

بزائين (1) معجمتين، كما ذكره الدّارقطنيّ، وابن ماكولا، وقيل: الثانية مهملة؛ نسبة لبني عزرة؛ وردّ بأنّ القياس فيه العزريّ.

كان أديبا فاضلا متواضعا.

أخذ عن أبي بكر بن الأنباريّ، وصنّف «غريب القرآن» المشهور فجوّده.

ويقال: إنه صنّفه في خمس عشرة سنة، وكان يقرأه على شيخه ابن الأنباري ويصلح فيه مواضع، ورواه عنه ابن حسنون، وغيره. مات سنة ثلاثين وثلاثمائة.

وقال ابن النجار في ترجمته: كان عبدا صالحا، روى عنه «غريب القرآن» أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان المعروف بابن بطة العكبري، وأبو عمرو عثمان بن أحمد بن سمعان الوزّان، وأبو أحمد عبد الله ابن حسنون المقرئ وغيرهم.

قال: والصحيح في اسم أبيه عزير، آخره راء، هكذا رأيته بخط ابن ناصر الحافظ، وبخط غير واحد من الذين كتبوا كتابه [عنه] وكانوا متقنين.

قال: وذكر لي شيخنا أبو محمد بن الأخضر أنه رأى نسخة لغريب القرآن، بخط مصنفه، وفي آخرها، «وكتب محمد بن عزير» بالراء المهملة.

انتهى.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

(1) قال ابن الأثير في اللباب: وأما محمد بن عزيز العزيري السجستاني فهو منسوب الى ابيه وهو مصنف غريب القرآن، ومن قال بزائين فقد أخطأ (اللباب لابن الأثير 2/ 135).

وقد بسط ابن حجر القول في هذه المسألة وشرحها باسهاب، وانظر تبصير المنتبه 3/ 948.

ص: 196

535 -

محمد بن علي بن أحمد بن محمد الإمام أبو بكر الأذفوي (1).

بضم الهمزة وسكون الذال (2) المعجمة وفاء، مدينة حسنة بالقرب من أسوان، المصري المقرئ النحوي المفسر.

أخذ القراءات عن أبي غانم المظفر بن أحمد بن حمدان، وسمع الحروف من أحمد بن إبراهيم بن جامع، ومن سعيد بن السّكن، والعباس بن أحمد، وكان من أهل العلم والصلاح والدين والأدب، وكان يبيع الخشب، وكان سيد أهل عصره بمصر، أخذ عنه جماعة.

وله كتاب «تفسير القرآن» سماه «الاستغناء» في مائة وعشرين مجلدا، صنفه في اثنتي عشرة سنة.

قال الذهبي: منه نسخة بمصر بوقف القاضي الفاضل عبد الرحيم.

وقال الدّاني: انفرد بالإمامة في دهره في قراءة نافع، رواية ورش، مع سعة علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وتمكّنه من علم العربية، وبصره بالمعاني.

روى عنه القراءة جماعة من الأكابر، منهم: محمد بن الحسين [بن (3)] النعمان، والحسن بن سليمان، وعبد الجبار بن أحمد الطّرسوسيّ، وابنه أبو

(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 186، تاج العروس للعمروسي 10/ 128، حسن المحاضرة 1/ 490، الطالع السعيد 552، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 198، طبقات المفسرين للسيوطي 38، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 97، معجم البلدان لياقوت الحموي 1/ 169، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 2/ 56، الوافي بالوفيات للصفدي 4/ 117.

(2)

وأثبتها الأدفوي في الطالع السعيد للادفوي ص 555 بالدال المهملة، فقال: «ورأيته كذا في مكاتيبهم الحديثة والقديمة جدا والمتوسطة، لا يختلفون في ذلك

وبعضهم قال بالذال المعجمة، وكل ذلك عندي لا يعتد به لما وصفت لك، وأهل البلاد أعرف ببلادهم من البعيد الدار، والموجود في الكتب في النسبة اليها: أدفوي».

(3)

من الطالع السعيد للادفوي، وطبقات القراء لابن الجزري.

ص: 197

القاسم أحمد بن أبي بكر الأذفوي، وعتبة بن عبد الملك، وأبو الفضل الخزاعي.

ولد سنة خمس وثلاثمائة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: سنة أربع في صفر، وهو أصح.

ومات يوم الخميس سابع ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، وعمر خمسا وثمانين سنة، وقبره ظاهر بالقرافة يزار، رحمه الله وإيانا.

536 -

محمد بن علي بن إسماعيل الإمام أبو بكر الشّاشي الفقيه الشافعي المعروف بالقفّال (1) الكبير.

أحد أعلام المذهب، وأئمة المسلمين.

ولد سنة إحدى وتسعين ومائتين، ومات بالشاش سنة خمس وستين، وقيل سنة ست وستين وثلاثمائة.

وسمع من أبي بكر بن خزيمة، ومحمد بن جرير، وأبي القاسم البغوي، وأبي عروبة الحرّانيّ، وعبد الله المدائنيّ، ومحمد بن محمد الباغنديّ، وطبقتهم.

قال الشيخ أبو إسحاق: درس على ابن سريج، وجرى عليه الرافعي في «التذنيب» قال ابن الصلاح: الأظهر عندنا أنه لم يدرك ابن سريج، وهو الذي ذكره المطوعي في كتابه، يعني أن ابن سريج مات قبل دخوله بغداد.

(1) ورده له ترجمة في: الأنساب للسمعاني 460 أ، تبيين كذب المفتري 182، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/ 282، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 200، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 12 ب، طبقات الشيرازي 91، طبقات العبادي 92، طبقات المفسرين للسيوطي 36، طبقات ابن هداية الله 27، العبر 2/ 338، اللباب 2/ 275، مرآة الجنان 2/ 381، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 111، الوافي بالوفيات للصفدي 4/ 112، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 338.

ص: 198

وإنما أخذ عن أبي الليث الشالوسي، عن ابن سريج.

كان إمام عصره بما وراء النهر، فقيها، محدثا، مفسرا، أصوليا، لغويا، شاعرا، لم يكن للشافعية بما وراء النهر مثله في وقته.

رحل إلى خراسان والعراق والشام، وسار ذكره، واشتهر اسمه.

صنف في القرآن «التفسير الكبير» ، و «دلائل النبوة» ، و «محاسن الشريعة» ، و «أدب القضاء» جزء كبير، وله «كتاب حسن في أصول الفقه» ، وله «شرح الرسالة» .

قال الحاكم: كان أعلم أهل ماوراء النهر بالأصول، وأكثرهم رحلة في طلب الحديث.

وقال الشيخ أبو إسحاق: له مصنفات كثيرة ليس لأحد مثلها، وهو أول من صنف الجدل من الفقهاء، وعنه انتشر فقه الشافعي بما وراء النهر.

وقال النووي: القفال هذا هو الكبير، يتكرر ذكره في التفسير، والحديث، والأصول، والكلام، بخلاف القفال الصغير المروزي، فإنه يتكرر في الفقه خاصة.

وقال الذهبي: سئل أبو سهل الصعلوكيّ عن تفسير أبي بكر القفال، فقال: قدّسه من وجه ودنّسه من وجه، أي دنسه من جهة نصرة مذهب الاعتزال.

روى عنه الحاكم، وابن منده، والحليميّ، وأبو عبد الرحمن السلمي وجماعة.

ونقل عنه الإمام الرازي في «تفسيره» كثيرا مما يوافق مذهب المعتزلة.

وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: بلغني أنه كان مائلا عن الاعتدال قائلا بالاعتزال في أول مرة، ثم رجع إلى مذهب الأشعريّ.

ص: 199

قال الشيخ تاج الدين السبكي في «الطبقات الكبرى» : وهذه فائدة جليلة، انفرجت بها كربة عظيمة، وحسيكة في الصدر جسيمة؛ وذلك أن مذاهب تحكى عنه في الأصول، لا تصح إلا على قواعد المعتزلة، وطالما وقع البحث في ذلك حتى توهم أنه معتزليّ، واستند المتوهم إلى ما نقل أنّ أبا الحسن الصّفار، قال: سمعت أبا سهل الصعلوكيّ، سئل عن تفسير القفّال، فقال ما حكاه ابن عساكر، وتبين لنا بها أن ما كان من هذا القبيل، كقوله: يجب العمل بالقياس عقلا، وبخبر الواحد عقلا، وأنحاء ذلك، فالذي نراه أنه لما ذهب إليه كان على ذلك المذهب، فلما رجع لا بد أن يكون قد رجع عنه، فاضبط ذلك.

قال: وقد ذكر الشيخ أبو محمد في «شرح الرسالة» أن القفال أخذ علم الكلام عن الأشعري، وأن الأشعري كان يقرأ عليه الفقه، كما كان هو يقرأ عليه الكلام، وذلك لا شك فيه، كذلك ويدل على أنه أشعري، وكأنه لما رجع عن الاعتزال، أخذ في تلقي علم الكلام عن الأشعري، فقرأ عليه على كبر السن، لعليّ رتبة الأشعري، ورسوخ قدمه في الكلام.

ومن نظم القفّال فيما رواه البيهقي عن عمر بن قتادة، قال: أنشدنا أبو بكر القفّال لنفسه:

أوسع رحلي على منزلي

وزادي مباح على من أكل (1)

نقدّم حاضر ما عندنا

وإن لم يكن غير بقل وخل

فأمّا الكريم فيرضى به

وأما البخيل فمن لم أبل

537 -

محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني أبو جعفر الباقر (2).

(1) طبقات الشافعية للسبكي 3/ 204. وروايته هناك: «أوسع رحلي على من نزل».

(2)

له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 124، تهذيب التهذيب لابن حجر 9/ 350، حلية الأولياء للأصبهاني 3/ 180، الذريعة لمحسن الطهراني 1/ 315، صفوة الصفوة لابن الجوزي 2/ 60، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 314.

ص: 200

سمع جابر بن عبد الله، وأبا مرّة مولى عقيل بن أبي طالب، وعبيد الله بن أبي رافع، وسعيد بن المسيب، ويزيد بن هرمز.

روى عنه أبو إسحاق الهمذاني، ومكحول بن راشد، ومعمر بن يحيى، وابنه جعفر، والأوزاعي، وعمرو بن دينار. ولد سنة ست وخمسين، ومات سنة سبع عشرة ومائة.

له «تفسير» رواه عنه زياد بن المنذر أبو الجارود الكوفي الأعمى، رئيس الجارودية الزيدية من الرافضة.

538 -

محمد بن علي بن شهراسوب (1) بن أبي نصر [أبو (2)] جعفر السروريّ المازندرانيّ رشيد (3) الدين.

أحد شيوخ الشيعة.

اشتغل بالحديث، ولقي الرجال، ثم تفقه وبلغ النهاية في فقه أهل مذهبه، ونبغ في الأصول حتى صار رحلة، ثم تقدم في علم القراءات، والغريب، والتفسير، والنحو.

كان إمام عصره، وواحد دهره، والغالب عليه، علم القرآن والحديث.

وهو عند الشيعة كالخطيب البغدادي لأهل السنة في تصانيفه، في تعليقات الحديث ورجاله ومراسيله، ومتفقه ومفترقه، إلى غير ذلك من أنواعه، واسع العلم، كثير الفنون.

(1) كذا بالسين المهملة في: طبقات المفسرين للسيوطي، ولسان الميزان، وضبطه الصفدي في الوافي بالوفيات بالعبارة فقال: شهراسوب (الثانية سين مهملة). وفي الأصل:

«شهراسوب» .

(2)

من لسان الميزان، وطبقات المفسرين للسيوطي.

(3)

له ترجمة في: روضات الجنات للخوانساري 602، طبقات المفسرين للسيوطي 37، لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 5/ 310، الوافي بالوفيات 4/ 164.

ص: 201

مات في شعبان سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.

قال ابن أبي طيّ: ما زال الناس بحلب لا يعرفون الفرق بين ابن بطّة الشيعي، وبين ابن بطّة الحنبلي، حتى قدم الرشيد فقال: ابن بطّة الحنبلي، بالفتح، والشيعي بالضم.

539 -

محمد بن علي عبد القوي بن عبد الباقي بن أبي اليقظان بن أبي الحصيب (1) - بالحاء المهملة- محيي الدين أبو عبد الله التنوخي المعري الدمشقي الحنفي (2).

ولد بدمشق سنة سبع وأربعين وستمائة.

سمع من عثمان بن [علي](3) خطيب القرافة، والعماد بن الحرستاني، وإبراهيم بن خليل الأدمي، وخرج له الحافظ أبو محمد الدمياطي مشيخة.

وكان كثير المطالعة والإشغال والاشتغال، فاضلا في النحو والفقه، مشهورا بالعلم، عارفا بالتفسير وغيره من العلوم، زاهدا.

وكان معيدا بعدة مدارس من القاهرة، ومات بها ليلة الأحد ثامن عشر رمضان سنة أربع وعشرين وسبعمائة، ودفن بالقرافة.

ذكره المقريزي في «المقفى» .

540 -

محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى بن عبد الرحيم الدكاليّ المغربي الأصل الإمام شمس الدين أبو امامة المعروف بابن النقاش (4).

(1) كذا في الأصل، وفي المقفى، والجواهر المضيئة:«ابن أبي الحصينا» .

(2)

ورد له ترجمة في: الجواهر المضيئة لعبد القادر القرشي 2/ 94، الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 187، الطبقات السنية 459 أ، المقفى للمقريزي 2 ورقة 145، والترجمة فيه بالنص.

(3)

من الدرر الكامنة.

(4)

له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 14/ 292، البدر الطالع للشوكاني 2/ 211، الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 190، ذيل العبر 349، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 97 أ، النجوم الزاهرة 11/ 13.

ص: 202

قال في «الدرر» : ولد في نصف رجب سنة عشرين- وقال العراقيّ:

سنة ثلاث، وابن رافع خمس وعشرين- وسبعمائة.

حفظ «الحاوي» الصغير، وكان يقول: إنّه أوّل من حفظه بالديار المصرية.

واشتغل على الشيخ شهاب الدين الأنصاري، والشيخ تقي الدين السبكيّ.

وأخذ القراءات عن الشيخ برهان الدين الرّشيديّ، والعربية عن أبي حيّان، وغيره.

وتقدم في الفنون، وحصل، ودرس، وأفتى، وتكلم على الناس، وكان من الفقهاء المبرزين، والفصحاء المشهورين، وله نظم ونثر حسن.

وحصل له بمصر رئاسة عظيمة، وشاع ذكره في الناس، ودرس بعدة مدارس، وبعد صيته.

وورد الشام في أيام السبكي، وجلس بالجامع ووعظ بجنان ثابت، ولسان فصيح من غير تكلف، فعكف الناس عليه.

وله مصنفات منها شرح «التسهيل» وشرح «العمدة» في ثمان مجلدات، شرح «ألفية ابن مالك» وكتاب «النظائر والفروق» ، و «خرج أحاديث الرافعي» ، وله «تفسير» مطول جدا، التزم أن لا ينقل فيه حرفا عن أحد.

قال ابن كثير: كان فقيها، نحويا، شاعرا، واعظا، له يد طولى في فنون، وقدرة على السجع. وكان يقول: الناس اليوم رافعية لا شافعية، ونووية لا نبوية، انتهى.

قال ابن قاضي شهبة في «الطبقات» : وآخر هذا الكلام منكر، ومما نقل من الزركشي (1)، أنه صنف كتابا سماه «اللاحق السابق» .

(1) في طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: «ومما نقل من خط الزركشي» .

ص: 203

وقال الصفدي: قدم دمشق فأكرمه السبكي وعظمه، وصحب الأمراء، ثم صحب الناصر حسنا إلى أن أبعده عنه الهرماس بسبب أنه أفتى فتيا تخالف مذهب الشافعي، فشنع عليه، وعقد له مجلس بالصالحيّة بحضرة القاضي عز الدين بن جماعة، ومنع من الفتيا قال: ومات في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وسبعمائة عن تسع وثلاثين.

وقال ابن حبيب: عن ثلاث وأربعين.

وهو والد [الشيخ زين الدين (1)] أبي هريرة الخطيب.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

541 -

محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن العربي الحاتمي (2).

الصوفي الفقيه الظاهري، المحدّث، من ولد عبد الله بن حاتم أخي عديّ ابن حاتم.

ولد بمرسية في شهر رمضان سنة ستين وخمسمائة.

وسمع بقرطبة من الحافظ أبي القاسم خلف بن بشكوال، وغيره.

وبإشبيلية من أبي بكر محمد بن خلف بن صاف اللخمي، وقرأ عليه القرآن الكريم بالقراءات السبع، وبكتاب «الكافي» لأبي عبد الله محمد بن شريح الرعيني المقرئ في مذاهب القراء السبعة المشهورين، وحدثه به عن ابن المؤلف أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح الرعيني عن أبيه.

(1) من الدرر الكامنة لابن حجر.

(2)

له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 156، روضات الجنات للخوانساري 192، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 208، طبقات المفسرين للسيوطي 38، العبر 5/ 158، فوات الوفيات 2/ 478، لسان الميزان 5/ 311، مرآة الجنان 4/ 100، المقفى للمقريزي ج 2 ورقة 158 والترجمة فيه بالنص، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 659، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 6/ 339، نفح الطيب 2/ 161، الوافي

بالوفيات للصفدي 4/ 173.

ص: 204

وقرأ أيضا بالكتاب المذكور على أبي القاسم عبد الرحمن بن غالب الشراط القرطبي، وحدثه به عن ابن المؤلف.

وسمع على قاضي مدينة فاس أبي محمد عبد الله التادلي كتاب «التبصرة» في مذاهب القراء السبعة، لأبي محمد مكي بن أبي طالب المقرئ عن أبي بحر سفيان عن المؤلف.

وسمع على القاضي أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي جمرة كتاب «التيسير» في مذاهب القراء السبعة لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني عن أبيه عن المؤلف، وسمع على القاضي أبي عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون الأنصاري، وعلى أبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الإشبيلي، وعلى عبد الصّمد بن محمد بن أبي الفضل بن الحرستاني. وعلى يونس بن أبي الحسن العباسي نزيل مكة، وعلى المكين بن شجاع زاهر بن رستم الأصبهاني إمام المقام، وعلي بن البرهان نصر بن أبي الفتوح بن علي وسالم ابن رزق الله الأفريقي، ومحمد بن أبي الوليد بن أحمد بن شبل، وأبي عبد الله ابن عيشون.

وأجازه جماعة كثيرة منهم الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر، وأبو الطاهر السلفي، وأبو الفرج بن الجوزي.

وقدم إلى مصر. وأقام بالحجاز مدة. ودخل بغداد والموصل وبلاد الروم، ومات بدمشق في ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة، ودفن بسفح قاسيون.

قال ابن الأبار: من أهل إشبيلية، وأصله من سبتة.

وقال أبو جعفر بن الزبير: أظنه من أهل المريّة.

وقال ابن النجار: أقام بإشبيلية إلى سنة ثمان وتسعين، ثم دخل بلاد المشرق.

ص: 205

وقال ابن الأبار: أخذ عن مشيخة بلده، ومال إلى الآداب، وكتب لبعض الولاة، ثم رحل إلى المشرق حاجا، فأدى الفريضة ولم يعد بعدها إلى الأندلس.

وقال أبو محمد المنذري: ذكر أنه سمع بقرطبة من أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال وجماعة سواه، وسمع بإشبيلية من أبي بكر محمد بن خلف بن صاف، وأنه سمع بمكة وبغداد والموصل وغيرها من جماعة، وطاف البلاد، وسكن بلاد الروم مدة، وجمع مجاميع في الطريقة.

وقال ابن الأبار: وسمع الحديث من أبي القاسم الحرستاني، وسمع «صحيح مسلم» مع شيخنا أبي الحسن بن أبي نصر في شوال سنة ست وستمائة، وكان يحدث بالإجازة العامة عن السلفي ويقول بها، وبرع في علم التصوف، وله في ذلك مصنفات جليلة طويلة كثيرة، لقيه جماعة من العلماء والمتعبدين وأخذوا عنه.

وقال أبو جعفر بن الزبير: وجال في بلاد المشرق، وأخذ في رحلته، وألف في التصوف وما يرجع إليه، وفي التفسير وفي غير ذلك، تواليف لا يأخذها الحصر منها «الجمع والتفصيل في أسرار معاني التنزيل» ، وكتاب «كشف المعنى في تفسير الأسماء الحسنى» وكتاب «الإعلام بإشارات أهل الإلهام» إلى ذلك، وله شعر وتصرف في فنون من العلم، وتقدم في علم الكلام والتصوف.

وقال ابن الدّبيثي: قدم بغداد في سنة ثمان وستمائة، وكان يومأ إليه بالفضل والمعرفة، والغالب عليه طريق أهل الحقيقة، وله قدم في الرياضة والمجاهدة، وكلام على لسان أهل التصوف، ورأيت جماعة يصفونه بالتقدم والمكانة عند جماعة من أهل هذا الشأن بدمشق، وبلاد الشام والحجاز، وله أصحاب وأتباع، ووقفت له على مجموع من تأليفه وقد ضمّنه منامات رأى

ص: 206

فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما سمعه منه، ومنامات قد حدث بها عمن رآه صلى الله عليه وسلم، فكتب عني شيئا من ذلك، وعلقت عنه منامين فحسب.

وقال ابن النجار: وكان قد صحب الصوفية، وأرباب القلوب، وسلك طريق الفقر، وحج وجاور، وصنف كتبا في علوم القوم، وفي أخبار مشايخ المغرب وزهادها، وله أشعار حسنة، وكلام مليح، اجتمعت به بدمشق في رحلتي إليها. وكتبت عنه شيئا من شعره، ونعم الشيخ هو: ذكر لي أنه دخل بغداد في سنة إحدى وستمائة، فأقام بها اثني عشر يوما، ثم دخلها ثانيا حاجا مع الركب في سنة ثمان وستمائة.

وأنشدني لنفسه:

أيا حائرا ما بين علم وشهوة

ليتصلا ما بين ضدين من وصل (1)

ومن لم يكن يستنشق الريح لم يكن

يرى الفضل للمسك الفتيق على الزبل

وسألته عن مولده فقال: في ليلة الاثنين سابع عشر رمضان سنة ستين وخمسمائة بمرسية من بلاد الأندلس.

وقال ابن مسدي: وكان يلقب بالقشيري، لقب غلب عليه لما كان يشير من التصوف إليه، وكان جميل الجملة والتفصيل، محصلا لفنون العلم أخصّ تحصيل، وله في الأدب الشأو الذي لا يلحق، والتقدم الذي لم يسبق.

سمع ببلده من أبي عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون القاضي، ومن الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله بن الجد، وأبي الوليد جابر بن أبي أيوب الحضرمي.

(1) البيتان في المقفى للمقريزي، ونفح الطيب للمقري 2/ 163، والوافي بالوفيات للصفدي 4/ 178، وعبارة الوافي:«أنا حائر» .

ص: 207

وبسبتة من أبي محمد بن عبيد الله، وقدم عليه إشبيلية أبو محمد عبد المنعم بن محمد الخزرجي فسمع منه، وأبو جعفر بن مضاء واختصّ بنجبة بن يحيى، فقرأ عليه القرآن بالروايات.

وسمع بمرسية من القاضي أبي بكر بن أبي جمرة (1)، وغيره، وذكر أنه لقي عبد الحق بن عبد الرحمن ببجانة وفي ذلك نظر.

وذكر الشيخ محيي الدين في إجازته للملك المظفر غازي بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب [ما معناه أو نصه (2)]، ومن شيوخنا المحدّث أبو محمد عبد الحق بن عبد الله الأزدي الإشبيلي رحمه الله حدثني بجميع مصنفاته في الحديث، وعين لي من أسمائها «تلقين المبتدي» و «الأحكام الصغرى» و «الوسطى» و «الكبرى» وكتاب «التهجد» وكتاب «العاقبة» ونظمه ونثره، وحدثني بكتب الإمام أبي محمد علي بن أحمد بن حزم، عن أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح عنه.

وذكر الشيخ محيي الدين: أن الحافظ السلفي أجاز له، وأحسبها الإجازة العامة.

وله تواليف، وكان مقتدرا على الكلام ولعله ما سلم من الكلام.

وكان رحمه الله ظاهري المذهب في العبادات، باطني النظر في الاعتقادات.

قال ابن النجار: توفي ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة بدمشق، ودفن يوم الجمعة بجبل قاسيون، واتفق أنه لما أقام ببلاد الروم ركبه ذات يوم الملك وقال: هذا بدعوة الأسود،

(1) في الأصل: «ابن أبي حمزة» تحريف، صوابه في تبصير المنتبه لابن حجر 1/ 454.

(2)

من نفح الطيب للمقري.

ص: 208

فسئل عن ذلك، فقال: خدمت بمكة بعض الصّلحاء، فقال لي يوما: الله يذل لك أعزّ خلقه، وأمر له ملك الروم مرة بدار تساوي مائة ألف درهم، فلما نزل بها وأقام بها مرّ به في بعض الأيام سائل، فقال له: شيء لله، فقال:

ما لي غير هذه الدار، خذها لك، فتسلمها السائل وصارت له.

وقد نقل عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام، أنه قال عن ابن العربي:

هذا شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم، ولا يرى تحريم فرج، وأنه سئل عن كذبه، فقال: كان ينكر تزويج الإنس بالجن، ويقول: الجن روح لطيف، والإنس جسم كثيف لا يجتمعان، ثم زعم أنه تزوج امرأة من الجن وأقامت معه مدة ثم ضربته بعظم جمل فشجته، وأرانا شجّة بوجهه وقد برئت.

ويقال أيضا إنه خرج هو وابن سراقة العامري من باب القراديس بدمشق، فقال: بعد كذا وكذا ألف سنة، يخرج ابن العربي وابن سراقة من هذا الباب على هذه الهيئة.

وقال في حقه شمس الدين محمد بن عثمان الذهبي: له توسع وذكاء، وقوة خاطر، وحافظة، وتدقيق في التصوف، وتواليف جمة في العرفان، لولا شطحه في كلامه وشعره، ولعل ذلك وقع منه حال سكره وغيبته، فيرجى له الخير.

وقال القطب اليونيني في ذيل «مرآة الزمان» عن ابن عربي، وكان يقول: أعرف الاسم الأعظم، وأعرف الكيمياء.

وحكى ابن سودكين عنه: أنه كان يقول: ينبغي للعبد أن يستعمل همّته في الحضور في مناماته، بحيث يكون حاكما على خياله يصرفه بعقله نوما، كما كان يحكم عليه يقظة، فإذا حصل للعبد هذا الحضور وصار خلقا

ص: 209

له، وجد ثمرة ذلك في البرزخ، وانتفع به جدا، فليهتم العبد بتحصيل هذا القدر، فإنه عظيم الفائدة بإذن الله.

وقال: إن الشيطان ليقنع من الإنسان بأن ينقله من طاعة إلى طاعة ليفسخ عزمه بذلك.

وقال: ينبغي للسالك متى خطر له أن يعقد على أمر، أو يعاهد الله تعالى عليه، أن يترك ذلك الأمر إلى أن يجيء وقته، فإن يسّر الله فعله فعله، وإن لم ييسّر الله فعله، يكون مخلصا من نكث العهد، ولا يتصف بنقض الميثاق.

وقال: بلغني في مكة عن امرأة من أهل بغداد، أنها تكلمت فيّ بأمور عظيمة، فقلت: هذه جعلها الله سببا لخير وصل إليّ فلأكافئنها، وعقدت في نفسي أن أجعل جميع ما أعتمر في رجب يكون لها وعنها، ففعلت ذلك، فلما كان الموسم استدل عليّ رجل غريب. فسأله الجماعة عن قصده. فقال:

رأيت بالينبع في الليلة التي بت فيها، كأنّ آلافا من الإبل، أوقارها المسك والعنبر والجوهر، فعجبت من كثرته ثم سألت لمن هو؟ فقيل: هو لمحمد بن عربي، يهديه إلى فلانة، وسمّى تلك المرأة ثم قال: وهذا بعض ما تستحق.

قال ابن عربي: فلما سمعت الرّؤيا واسم المرأة، ولم يكن أحد من خلق الله علم مني ذلك، علمت أنه تعريف من جانب الحق، وفهمت من قوله:

إن هذا بعض ما تستحق، أنها مكذوب عليها، فقصدت المرأة وقلت:

أصدقيني، وذكرت لها ما كان من ذلك، فقالت: كنت قاعدة قبالة باب البيت وأنت تطوف، فشكرك الجماعة التي كنت فيهم، فقلت في نفسي:

اللهمّ إني أشهدك قد وهبت له ثواب ما أعمله في يوم الاثنين وفي يوم الخميس، وكنت أصومهما، وأتصدق فيهما، قال: فعلمت أن الذي وصل منها إلى بعض ما تستحقه، فإنها سبقت بالجميل والفضل المتقدم.

ص: 210

542 -

محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن الفخار الجذاميّ (1).

الأركشي المولد والمنشأ، المالقيّ الاستيطان، الشّريشيّ التدرب والقراءة، الإمام أبو بكر.

قال في «تاريخ غرناطة» كان متفنّنا عالما بالفقه والعربيّة والقراءات والأدب الحديث، خيّرا صالحا، شديد الانقباض، ورعا، سليم الباطن، كثير العكوف على العلم، قليل الرياء والتصنّع، عظيم الصبر.

خرج من بلده أركش حين استولى عليها العدوّ، فاستوطن شريش وقرأ بها العربية والأدب على الأستاذ أبي الحسن بن إبراهيم السّكوني، وأبي بكر محمد بن محمد الديباج وغيرهما، ولحق بالجزيرة الخضراء لما استولى العدو على شريش، فأخذ بها عن أبي عبد الله بن خميس وغيره.

ثم أخذ عن أبي الحسين بن أبي الرّبيع وغيره بسبتة، والأبذيّ، وابن الصائغ بغرناطة، ثم استوطن مالقة وسمع بها على أبي عمر بن حوط الله، وتصدر للإقراء، فكان يدرّس من صلاة الصبح إلى الزوال، ويقرأ القرآن، ويفتي النّساء بالمسجد إلى بعيد العصر، ويأتي الجامع الأعظم بعد المغرب فيفتي إلى العشاء الآخرة، ولا يقبل من أحد شيئا، ووقعت له مشاحنات [مع] فقهاء بلده في فتاوى، وعقدت له مجالس، وشهر فيها، وبالغ الناس في تعظيمه.

وقد أخذ عن أبي يعقوب المحاسني، وأبي الحسن علي بن عيسى المعروف بابن ميتوان، والمحدث الحافظ أبي محمد الكماد، وغيرهم من الأئمة الجلة ممن يطول تعدادهم.

(1) له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 199، الديباج المذهب لابن فرحون 303، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 2/ 159.

ص: 211

وكان مغري بالتأليف، ألف نحو الثلاثين تأليفا في فنون مختلفة، منها:

كتاب «تحبير الجمان في تفسير أم القرآن» ، و «انتفاع الطلبة النبهاء في اجتماع السبعة القراء» و «الأحاديث الأربعون فيما ينتفع به القارءون والسامعون» ، وكتاب «منظوم الدرر في شرح كتاب المختصر» ، وكتاب «نصح المقالة في شرح الرسالة» وكتاب «الجواب المختصر المروم في تحريم سكنى المسلمين ببلاد الروم» ، وكتاب «استواء النهج في تحريم اللعب بالشطرنج» ، وكتاب «النصل المنتضى المهزوز في الرد على من أنكر صيام يوم النيروز» وكتاب «تفضيل صلاة الصبح للجماعة في آخر وقتها المختار على صلاة الصبح للمنفرد في أول وقتها بالابتدار» ، وكتاب «إرشاد السالك في بيان إسناد زياد عن مالك» وكتاب «الجوابات المجمعة على السؤالات المنوعة» وكتاب «إملاء الدول في ابتداء مقاصد الجمل» و «شرح مشكلات سيبويه» سماه «أجوبة الإقناع والاحتساب في مشكلات مسائل الكتاب» وشرح قوانين الجزولية سماه «منهج الضوابط المقسمة في شرح قوانين المقدمة» وكتاب «التوجيه الأوضح الأسمى في حذف التنوين من حديث أسما» وكتاب «التكملة والتبرية في إعراب البسملة والتصلية» وكتاب «سح مزنة الانتخاب في شرح خطبة الكتاب» و «اللائح المعتمد عليه في الرد على من رفع الخبر بلا إلى سيبويه» وغير ذلك.

ومن نظمه:

أنظر إلى ورد الرياض كأنه

ديباج خدّ في بنان زبرجد

قد فتّحته نضارة فبدا له

في القلب رونق صفرة كالعسجد

حكت الجوانب خدّ حب ناعم

والقلب يحكي قلب صبّ مكمد

مات رحمه الله تعالى بمالقة سنة ثلاث وسبعمائة.

ذكره ابن فرحون، ثم شيخنا في «طبقات النحاة» .

ص: 212

543 -

محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن مهرايزد النحوي (1) المعلم الأصبهاني الأديب، أبو مسلم.

صنف «تفسيرا» كبيرا في عشرين مجلدا، وكان عارفا بالنحو غاليا في الاعتزال.

روى عن ابن المقرئ «مسند» ابن وهب رواية حرملة عنه، وهو آخر من حدث عنه. مولده سنة ست وستين وثلاثمائة ومات سنة تسع وخمسين وأربعمائة.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

544 -

محمد بن عليّ بن محمد البلنسي الغرناطي (2).

قال في «تاريخ غرناطة» ؛ قائم على العربيّة والبيان، ذاكر لكثير من المسائل، حافظ متقن، حسن الإلقاء، عفيف النشأة، مكب على العلم، مع زمانة أصابت يمناه، لازم ابن الفخّار، ومهر في العربيّة.

وصنّف «الاستدراك على التعريف والإعلام للسهيلي» ، و «تفسيرا كبيرا» .

وجرت له منحة مع السلطان، ثم صفح عنه لحسن تلاوته.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» . ولم يؤرخ وفاته.

545 -

محمد بن علي بن ممويه أبو بكر الأصبهاني (3).

الواعظ، المفسر، المعروف بالحمّال، كان ملك العلماء في وقته بأصبهان.

مات سنة أربع عشرة وأربعمائة.

(1) له ترجمة في طبقات المفسرين للسيوطي 32، لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 5/ 298، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 655، الوافي بالوفيات للصفدي 4/ 130.

(2)

له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 207.

(3)

له ترجمة في: طبقات المفسرين للسيوطي 39.

ص: 213

546 -

محمد بن علي بن يحيى بن يوسف بن الحسين بن محمد بن عبيد الله بن هبيرة أبو الرضا النسفي ثم البغدادي (1).

قال ابن النجار: كان صالحا فاضلا خبيرا بالتفسير والنحو والأدب.

حدث عن طراد، وابن البطر.

روى عنه أبو محمد بن الخشاب النحوي، وغيره. مات في محرم سنة سبع عشرة وخمسمائة.

547 -

محمد بن عليّ المصريّ أبو عبد الله.

قال الخزرجيّ في «طبقات أهل اليمن» : كان فقيها فاضلا، عارفا بالنحو، والفقه، واللغة، والحديث، والتفسير والقراءات.

أعاد بالمؤيديّة بتعز، ودرّس بالمجاهدية بها. ومات سنة خمس وأربعين وسبعمائة.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

548 -

محمد بن أبي عليّ بن أبي نصر فخر الدين أبو عبد الله النوقاني (2).

الفقيه الشافعي الأصولي، كان له يد طولى في التفسير، والفقه، والجدل، كثير العبادة والصلاح.

تفقه على الإمام محمد بن يحيى، وقدم بغداد ودرّس وناظر، وتولى تدريس مدرسة أم الخليفة النّاصر. مات بالكوفة في صفر سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.

(1) له ترجمة في طبقات المفسرين للسيوطي 38.

(2)

له ترجمة في: طبقات الشافعيّة للسبكي 7/ 29.

ص: 214

549 -

محمد بن علي- ويقال يعلى- بن محمد بن وليد بن عبيد المعافري (1).

ويعرف بالجوزي (2): من أهل إشبيلية، وأصله من قرطبة، خرج جده محمد منها في فتنة البربر، يكنى بأبي بكر، وبأبي عبد الله. وهو خال القاضي أبي الفضل عياض.

سمع بسبتة من أبي علي بن خالد، ومروان بن سمحون، وغيرهما.

ودخل إلى بلاد إفريقية فدرس على عبد العزيز الديباجي، وروى عنه كتبه وغيرها.

وصنف في «التفسير» كتابا حسنا، مات قبل إكماله، وصنف في علم التوحيد، وكان متفننا في العلوم، ومن أهل البلاغة والشعر.

وله:

يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف

ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف

أبشر بقول الله في آياته

إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف

مولده بسبتة في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وتوفي يوم الجمعة لتسع بقين من صفر سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.

ذكره ابن بشكوال في «الصلة» .

550 -

محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي (3).

(1) له ترجمة في الصلة لابن بشكوال 2/ 573.

(2)

كذا في الأصل، وفي الصلة:«ابن الجوزي» .

(3)

له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 55، تاريخ الحكماء للقفطي 292، تاريخ ابن الوردي 2/ 127، ذيل الروضتين لأبي شامة 68، روضات الجنات 190، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 81، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 44 أ، طبقات المفسرين للسيوطي 39، طبقات ابن هداية الله 82، العبر 5/ 18، عيون الأنباء 2/ 23، لسان الميزان 4/ 426،

ص: 215

الإمام العلامة سلطان المتكلمين في زمانه، فخر الدين، أبو عبد الله القرشي البكري التيميّ، من ذرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه، الطبرستاني الأصل، ثم الرازي، ابن

خطيبها.

المفسّر، المتكلم. إمام وقته في العلوم العقلية، وأحد الأئمة في العلوم الشرعية، صاحب المصنفات المشهورة، والفضائل الغزيرة المذكورة، وأحد المبعوثين على رأس المائة السادسة لتجديد الدين.

ولد في رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وقيل سنة ثلاث، اشتغل أولا على والده ضياء الدين عمر، وهو من تلامذة البغوي، ثم على الكمال السمناني، وعلى المجد الجيلي، صاحب محمد بن يحيى، وأتقن علوما كثيرة، وبرز فيها، وتقدّم وساد، وقصده الطلبة من سائر البلاد، وصنف في فنون كثيرة؛ وكان له مجلس كبير للوعظ يحضره الخاص والعام، ويلحقه فيه حال ووجد.

وجدت بينه وبين جماعة من الكرامية مخاصمات وفتن، وأوذي بسببهم، وآذاهم وكان ينال منهم في مجلسه، وينالون منه.

وكان إذا ركب يمشي حوله نحو ثلاثمائة تلميذ فقهاء وغيرهم، وقيل:

إنه كان يحفظ «الشامل» لإمام الحرمين في الكلام، وقيل إنه ندم على دخوله في علم الكلام.

قال ابن الصلاح: أخبرني القطب الطوغاني (1) مرتين: أنه سمع الإمام

المختصر لابن الفداء 3/ 118، مرآة الجنان لليافعي 4/ 7، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 116، ميزان الاعتدال 3/ 340، النجوم الزاهرة 6/ 197، هدية العارفين لاسماعيل باسا البغدادي 2/ 107، الوافي بالوفيات للصفدي 4/ 248، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 381.

(1)

في الأصل: «الغواني» وأثبتنا ما في طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة.

ص: 216

فخر الدين يقول: يا ليتني لم أشتغل بعلم الكلام، وبكى.

وروى عنه أنه قال: لقد اختبرت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فلم أجدها تروي غليلا، ولا تشفي عليلا، ورأيت أصحّ الطرق طريقة القرآن، اقرأ في التنزيه وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ (1) وقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (2) وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (3).

واقرأ في الإثبات الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (4)، يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ (5) إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ (6) واقرأ في أن الكل من الله، قوله: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (7).

ثم قال: وأقول من صميم القلب من داخل الرّوح، إني مقرّ بأنّ ما هو الأكمل الأفضل الأجل فهو لك، وكل ما هو عيب ونقص فأنت منزه عنه.

وكانت وفاته بهراة في يوم الاثنين يوم عيد الفطر سنة ست وستمائة.

قال أبو شامة: وبلغني أنه خلف من الذهب ثمانين ألف دينار سوى الدواب والعقار وغير ذلك.

نقل عنه النووي في «الروضة» في موضع واحد في القضاء، وفي الكلام على ما إذا تغير اجتهاد المفتي.

ومن تصانيفه «التفسير الكبير» لكنه لم يكمل، كذا في مختصر «تاريخ

(1) سورة محمد 38.

(2)

سورة الشورى 11.

(3)

سورة الاخلاص 1.

(4)

سورة طه 5.

(5)

سورة النحل 50.

(6)

سورة فاطر 10.

(7)

سورة النساء 78.

ص: 217

الذهبي» سماه «مفاتيح الغيب» ، وكتاب «المحصول» ، وكتاب «المنتخب» ، وكتاب «نهاية العقول» ، وكتاب «البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان» ، وكتاب «المباحث العمادية في المطالب المعادية» ، وكتاب «تأسيس التقديس» في تأويل الصفات، وكتاب «إرشاد النظار إلى لطائف الأسرار» ، وكتاب «الزّبدة» وكتاب «المعالم في أصول الدين» ، و «المعالم في أصول الفقه» ، و «شرح أسماء الله الحسنى» ، وكتاب «شرح الإشارات» ، وكتاب «الملخص» في الفلسفة، وشرح «المفصّل للزمخشري» ، وشرح نصف «الوجيز للغزالي» ، و «شرح سقط الزّند» لأبي العلاء، وكتاب «إعجاز القرآن» وصنّف في الطب «شرح كليات القانون» ، وله مصنف في «مناقب الإمام الشافعي» ، وكتاب «المطالب العالية» في ثلاثة مجلدات، ولم يتمه، وهو من آخر تصانيفه، وكتاب «الملل والنحل» وغير ذلك.

ورزق سعادة في مصنفاته، وانتشرت في الآفاق، وأقبل الناس على الاشتغال بها.

وقال ابن السبكي في «الطبقات الكبرى» : وكان يفتي مع ابن عبد السلام، واختصر المذهب في كتاب سماه «الهادي» .

ومن شعره:

نهاية إقدام العقول عقال

وأكثر سعي العالمين ضلال (1)

وأرواحنا في غفلة من جسومنا

وحاصل دنيانا أذى ووبال

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا

سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

وكم من جبال قد علت شرفاتها

رجال فزالوا والجبال جبال

وكم قد رأينا من جبال ودولة

فبادوا جميعا مسرعين وزالوا

(1) الأبيات في طبقات الشافعية للسبكي 8/ 96.

ص: 218

551 -

محمد بن عمر بن سعيد الباهلي البصري.

من كبار المعتزلة، كان له مجلس يقصّ فيه، وكان رقيق العبارة. مات سنة ثلاثمائة، مولده بالبصرة ومنشؤه بها.

كان حسن الاضطلاع بصناعة الكلام على مذهب البصريين، وحكي أن أبا علي كان يحضر مجلسه.

له من الكتب «الأصول في التوحيد» ، «إعجاز القرآن» . وغير ذلك (1).

552 -

محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن إدريس بن سعيد ابن مسعود بن حسن بن محمد بن عمر بن رشيد الفهريّ السبتيّ المالكي أبو عبد الله محبّ الدين يعرف بابن رشيد (2).

قال في «تاريخ غرناطة» : كان مضطلعا بالعربيّة واللغة والعروض، فريد دهره عدالة وجلالة، وحفظا وأدبا، وسمتا وهديا، كثير السّماع، عالي الإسناد، صحيح النّقل، تامّ العناية بصناعة الحديث، قيّما عليها، بصيرا، محققا فيها، ذاكرا للرجال، فقيها، أصيل النّظر، ذاكرا للتّفسير، ريّان من الأدب، حافظا للأخبار والتواريخ، مشاركا في الأصلين، عارفا بالقراءات، عظيم الوقار والسكينة، بارع الخط، حسن الخلق، كثير التّواضع، رقيق الوجه، مبذول الجاه، كهفا لأصناف الطلبة.

(1) بياض في الأصل.

(2)

له ترجمة في البدر الطالع للشوكاني 2/ 234، الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 229، الديباج المذهب 310، ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 97، 355، ذيل العبر 121، الوافي بالوفيات للصفدي 4/ 284.

ص: 219

قرأ [على](1) ابن أبي الربيع (2) وحازم القرطاجني، ورحل فأخذ بمصر، والشّام، والحرمين؛ عن جماعة منهم الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدّمياطي، وأبي اليمن بن عساكر، والقطب القسطلّانيّ (3)، وغيرهم مما ضمّن رحلته التي سماها «ملء العيبة، فيما جمع بطول الغيبة، في الرّحلة إلى مكة وطيبة» ، وهي ستّ مجلدات مشتملة على فنون.

وأقرأ بغرناطة فنونا من العلم، وولي الإمامة والخطابة بجامعها الأعظم.

مولده سنة سبع وخمسين وستمائة بسبتة، ومات بفاس في المحرم سنة إحدى وعشرين وسبعمائة.

وقال الصلاح الصفدي: له مصنّفات، منها:«تلخيص القوانين في النحو» وشرح «التّجنيس لحازم» و «حكم الاستعارة» و «إفادة النّصيح في رواية الصحيح» و «إيضاح المذاهب فيمن يطلق عليه اسم الصاحب» و «جزء في مسألة العنعنة» و «المحاكمة بين الإمامين» وغير ذلك.

وله:

هنيئا لعيني أن رأت عين أحمد

فيا سعد جدي قد ظفرت بمقصدي

وقبّلتها أشفي الغليل فزاد بي

فيا عجبا زاد الظما عند موردي (4)

وله في مزدلفة:

(1) تكملة عن: الديباج المذهب لابن فرحون.

(2)

هو عبد الله أحمد بن عبيد الله، أبو الحسين بن أبي الربيع الاشبيلي إمام أهل النحو في زمانه، أخذ القراءات عن محمد بن أبي هارون التيمي، وجاء الى سبتة وأقرأ بها النحو دهره.

مات سنة 688 هـ.

(3)

محمد بن أحمد القسطلاني، شيخ دار الحديث الكاملية. مات سنة 686 هـ.

(4)

البيتان في بغية الوعاة للسيوطي 1/ 200، والوافي بالوفيات للصفدي 4/ 286.

ص: 220

ما اسم لأرض فريد

وإن تشأ فهو جمع

وفيه للفعل وقف

وفيه للحرف رفع

وفيه للجمع صرف

وفيه للصّرف منع

ذكره ابن فرحون، ثم شيخنا في «طبقات النحاة» .

553 -

محمد بن عمر بن يوسف الإمام أبو عبد الله القرطبي (1) الأنصاريّ، المقرئ، المالكي، الزاهد. ويعرف في الأندلس بابن مغايظ بالغين والظاء المعجمتين.

قال الذهبي: كان إماما صالحا، زاهدا مجوّدا للقراءات، عارفا بوجوهها، بصيرا بمذهب مالك، حاذقا بفنون العربيّة، وله يد طولى في التفسير.

ولد بالأندلس، ونشأ بفاس، وحجّ وسمع بمكة من عبد المنعم الفراويّ، وبالإسكندرية من ابن موقا، وبمصر من البوصيريّ، والأرتاحيّ، وأبي القاسم ابن فيّره الشاطبي، ولازمه مدّة، وقرأ عليه القراءات، وجلس بعد موته مكانه، ولم يسمع أحد من الشاطبي الرائية كاملة فيما نعلم سواه وسوى التجيبي، وله فيها أبيات انفرد بروايتها عنه، وكذلك في الشاطبية بيتان:

أحدهما في البقرة، والآخرة في الرعد.

وأقرأ القرآن والحديث، وجاور بالمدينة الشريفة وشهر بالفضل والصلاح والورع، ونوظر عليه في كتاب سيبويه.

روى عنه الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصي، وجماعة آخرهم الحسن سبط زيادة.

(1) له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 219، طبقات القراء للذهبي 2/ 510، العبر للذهبي 5/ 125، النجوم الزاهرة لابن تغري بردى 6/ 287، الوافي بالوفيات للصفدي 4/ 261.

ص: 221

ولد سنة سبع أو ثمان وخمسين وخمسمائة، ومات بمصر في مستهل صفر سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ودفن بالقرافة.

554 -

محمد بن عمران بن موسى الجوريّ الأديب النحوي (1).

كان أديبا فاضلا.

سمع أبا بكر بن دريد، وأبا الفضل حماد بن مدرك، [وعبد الله بن] جعفر بن درستويه، وغيرهم.

وعنه الحاكم، وقال: كان من الأدباء المتقنين، علامة في معرفة الأنساب، وعلوم القرآن. مات في شهر رجب سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.

555 -

محمد بن عمر الإمام أبو بكر السّيغيّ (2).

ويقال: بالصاد، المفسر، مصنف كتاب «التلخيص» في اللغة، ذكره صاحب القاموس.

والسّيغي بكسر أوّليه، وآخره غين معجمة نسبة إلى سيغ، ناحية بخراسان.

556 -

محمد بن عوض بن خضر جلال الدين الكرماني (3).

كان ذا معرفة بالتفسير، والعربية؛ والمنطق، وغير ذلك.

تصدى للإفادة، وجاور بمكة سنين، ثم انتقل إلى اليمن، ونال قربا ونفعا من صاحبها الملك الناصر، فاشتهر ذكره، وأخذ عنه الطلبة، وأدركه الأجل بعدن، في ذي القعدة سنة سبع وعشرين وثمانمائة.

(1) له ترجمة في: الأنساب للسمعاني 141 ب، اللباب لابن الأثير 1/ 250.

(2)

له ترجمة في: تبصير المنتبه لابن حجر 2/ 725، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 114، القاموس، مادة (ساغ).

(3)

له ترجمة في الضوء اللامع للسخاوي 8/ 272.

ص: 222

وكان كثير الميل لتصوف الشيخ محيي الدين بن عربي، ويدعي القدرة للانتصار له.

ذكره الحافظ تقي الدين الفاسي في كتابه «تعريف ذوي العلا بمن م يذكره الذهبي في سير النبلا» .

557 -

محمد بن عون بن داود السّيرافي (1).

لقبه مشليق. عن عبد الواحد بن غياث، وعبد الرحمن بن المتوكل وغيرهما.

وعنه الإسماعيلي في معجمه، قال: وكان ينسب إلى التفسير، ولم يكن في الحديث بذاك.

ذكره في «لسان الميزان» .

558 -

محمد بن عيسى الإمام العالم المفتي شمس الدين السلسلي (2) المصري.

سمع من عبد الرحيم بن أبي اليسر، كما حكاه ابن رافع عن بعض الطلبة، وحفظ «التنبيه» و «الألفية» واشتغل بالعربية وغيرها كثيرا، وتصدر بجامع دمشق، وشغل به، وتولي مشيخة الخانقاه الشهابية بدمشق.

قال ابن رافع: علق في «التفسير» شيئا.

وذكره ابن حجيّ فقال: صاحبنا وشيخنا، كان رجلا فاضلا في العربية يشغل بالجامع تحت [قبة (3)] النسر، وله عمل جيد في الفقه وغيره.

(1) له ترجمة في: لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 5/ 332.

(2)

له ترجمة في: الدرر الكامنة 4/ 246، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 2/ 163.

(3)

عن طبقات الشافعية للسبكي 6/ 158.

ص: 223

وكان الفقهاء من أصحابه ورفقاؤه والطلبة يترددون إليه، ويحبونه وينشرحون لحديثه وكان عزبا، وهو رجل جيد، له عبادة من صيام وصدقة، ويزور مقابر الباب الصغير في كل سبت، لا يترك [ذلك] صيفا ولا شتاء.

وكان كثير المطالعة والمذاكرة والاشتغال بمنزله والجامع، وله «سؤالات في العربية» ، سأل عنها الشيخ الإمام تقي الدين السبكيّ فأجابه، وله «أرجوزة في التصريف» وكتب على «المنهاج» في الفقه. توفي ليلة ثالث عشر ربيع الأول سنة سبعين وسبعمائة بالخانقاه الشهابية من مرض طال به، ودفن بالباب الصغير، وقد جاوز الخمسين.

ذكره ابن المعتمد في «الذيل على طبقات السبكي» .

559 -

محمد بن الفضل البلخي الإمام أبو بكر المفسّر (1).

توفي سلخ سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. كذا ذكره الذهبي. ثم قال بعد ذلك: محمد بن الفضل بن محمد بن جعفر بن صالح أبو بكر، يعرف بميرك البلخي المفسر المعروف بالرّوّاس.

صنف «التفسير الكبير» وروى عن أحمد بن محمد بن نافع، ومحمد بن علي بن عنبسة. روى عنه: علي بن محمد بن حيدر وغيره. ومات سنة خمس عشرة- أو ست عشرة- وأربعمائة.

وقال القرشي في «طبقات الحنفية» : له كتاب «الاعتقاد» في اعتقاد أهل السنة. صنفه لمحمود بن سبكتكين «ذكر فيه أن العلم أفضل من العقل، ومن قال: إن العقل أفضل من العلم فهو معتزلي. قال: لأن العلم حاجة والعقل كالآلة.

(1) ورد له ترجمة في: الجواهر المضيئة للقرشي 2/ 111، حلية الأولياء للأصبهاني 10/ 232، طبقات المفسرين للسيوطي 38، اللباب لابن الأثير 1/ 478.

ص: 224

قال: وقال الذهبي في «العبر» (1): وفيها يعني سنة تسع عشرة وثلاثمائة، مات محمد بن الفضل البلخي الزاهد أبو عبد الله. نزيل سمرقند، وكان إليه المنتهى في الوعظ والتذكير. يقال: إنه مات في مجلسه أربعة أنفس، صحب أحمد خضرويه البلخي، وهو آخر من روى عن قتيبة، وقد أجاز لأبي بكر بن المقرئ، انتهى.

وقال في «الرسالة» في آخر باب حفظ قلوب المشايخ: سمعت الأستاذ أبا علي يقول: لما نفى أهل بلخ محمد بن الفضل من البلد، دعا عليهم فقال:

اللهم امنع عنهم الصدق، فلم يخرج من بلخ بعده صديق.

560 -

محمد بن فضيل بن غزوان- بفتح المعجمة وسكون الزاي- أبو عبد الرحمن الضبي الحافظ مولاهم الكوفي (2).

سمع أباه، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وغير واحد.

روى عنه محمد بن نمير، وإسحاق الحنظلي، وابن أبي شيبة، ومحمد بن سلام وقتيبة، وعمران بن ميسرة، وعمرو بن علي، وعبد الله بن عامر، وأبو كريب، ومحمد بن طريف، وواصل بن عبد الأعلى. وزهير، وأبو سعيد الأشج، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي، وأحمد الوكيعي، وعبد العزيز بن عمر بن أبان.

صدوق عارف، رمي بالتشيع، من الطبقة التاسعة، مات سنة أربع وتسعين ومائة، خرج له الجماعة.

(1) أنظر العبر للذهبي 2/ 176.

(2)

له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 315، تهذيب التهذيب لابن حجر 9/ 405، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 229، العبر 1/ 319، الفهرست لابن النديم 226، ميزان الاعتدال للذهبي 4/ 9، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 148.

ص: 225

وله من الكتب «التفسير» «الطهارة» «الصلاة» «الصيام» «الزكاة» «السنن» على ترتيب أبواب الفقه «الدعاء» «المناسك» «الزهد» .

561 -

محمد بن القاسم بن شعبان (1) بن محمد بن ربيعة بن داود بن سليمان بن الصيقل بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، أبو إسحاق (2).

كذا حكى عنه أبو القاسم بن سهل الحافظ. وذكر أنه نسب له نفسه كذا، يقال: إن عمارا من عنس بنون، وعنس من مذحج، ويعرف بابن القرطي.

كان رأس فقهاء المالكية بمصر في وقته، وأحفظهم لمذهب مالك، مع التفنن في سائر العلوم من الخبر، والتاريخ، والأدب، إلى التدين والورع.

وكان رحمه الله يلحن، ولم يكن له بصر بالعربية مع غزارة علمه، وكان واسع الرواية، كثير الحديث، مليح التأليف، شيخ الفتوى حافظ البلد، وإليه انتهت رئاسة المالكيين

بمصر.

ووافق موته دخول بني عبيد الروافض، وكان شديد الذم لهم، وكان يدعو على نفسه بالموت قبل دولتهم ويقول: اللهم أمتني قبل دخولهم مصر، فكان ذلك.

وكان أبو الحسن القابسي يقول فيه: إنه لين الفقه، وأما كتبه ففيها غرائب من قول مالك، وأقوال شاذة عن قوم لم يشتهروا بصحبته، ليست

(1) كذا في الأصل، وهو يوافق ما في: تبصير المنتبه، وحسن المحاضرة، والديباج المذهب لابن فرحون. وفي اللباب:«ابن سفيان» .

(2)

له ترجمة في: تبصير المنتبه لابن حجر 3/ 1166، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 313، الديباج المذهب لابن فرحون 248، اللباب لابن الأثير 2/ 254.

ص: 226

مما رواه ثقات أصحابه واستقر من مذهبه.

وألف كتاب «الزاهي الشعباني» المشهور في الفقه، وكتابا في «أحكام القرآن» وكتاب «مختصر ما ليس في المختصر» وكتاب «جماع النسوان» وكتاب «مواعظ ذي النون (1) الإخميمي» وكتاب «النوادر» وكتاب «الأشراط» وكتاب «المناسك» وكتاب «السنن قبل الوضوء» .

وتوفي يوم السبت لأربع عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، ودفن يوم الأحد وقد جاوز ثمانين سنة، وصلى عليه الفقيه أبو علي الصيرفي وخلق عظيم.

ذكره ابن فرحون.

والقرطي بضم القاف وسكون الراء وطاء مهملة، قال السمعاني: نسبة إلى القرط.

وقال الرشاطيّ (2): هذه النسبة في القبائل في كلب من قضاعة، وفي مهرة، وفي كلاب بن قيس عيلان.

562 -

محمد بن القاسم بن محمد بن بشّار بن الحسن بن بيان بن

(1) هو: ذو النون المصري، ثوبان بن إبراهيم أبو الفيض، أحد مشايخ الطريق، ولد باخميم.

حدث عن مالك والليث، روى عنه الجنيد وآخرون، وكان أوحد وقته علما وورعا وحالا وأدبا. مات سنة 245 هـ (حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 511).

(2)

هو: أبو محمد عبد الله بن علي بن عبد الله اللخمي، المعروف بالرشاطي، كانت له عناية كثيرة بالحديث والرجال والرواة والتواريخ، وله كتاب حسن سماه كتاب «اقتباس الأنوار، والتماس الأزهار، في أنساب الصحابة ورواه الآثار» وهو على أسلوب كتاب أبي سعيد السمعاني الذي سماه بالأنساب. توفي سنة 542 هـ (وفيات الأعيان لابن خلكان 2/ 291).

ص: 227

سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة، الإمام أبو بكر بن الأنباري (1).

المقرئ، النحوي «النحوي، الحنبلي، البغدادي. صاحب التصانيف.

ولد يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين.

وروى القراءة عن أبيه، وإسماعيل القاضي، وسليمان بن يحيى الضبي، وأحمد بن سهل الأشناني، وإدريس بن عبد الكريم، ومحمد بن هارون التمّار، وطائفة وقرأ على بعضهم. وسمع من الكديمي (2)، والبزاز.

روى عنه عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو الفتح بن بدهن، وأحمد بن نصر الشّذائي، وأبو علي القاليّ، وصالح بن إدريس، والحسين بن خالويه، وأبو عمر بن حيويه، والدارقطني، وابن أخي ميمي، وخلق كثير، ومن آخرهم محمد بن أحمد أبو مسلم الكاتب.

روى عنه الداني كتاب «الوقف والابتداء» ، وكان صدوقا فاضلا ديّنا خيّرا من أهل السنة.

(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 201، الأنساب للسمعاني 49 أ، البداية والنهاية لابن كثير 11/ 196، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 3/ 181، تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 842، روضات الجنات 608، طبقات الحنابلة 2/ 69، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 230، طبقات القراء للذهبي 1/ 225، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 120، العبر 2/ 214، الفهرست لابن النديم 75، الكامل لابن الأثير 8/ 356، اللباب 1/ 69، مرآة الجنان لليافعي 2/ 294، معجم الأدباء 7/ 73، المنتظم 6/ 311، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 269، نزهة الألباء 264، الوافي بالوفيات للصفدي 4/ 344، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 463.

(2)

في الأصل: «سمع من الكديمي البزاز» تحريف، صوابه في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 3/ 182.

والكديمي هو: أبو العباس محمد بن يونس الكديمي البصري الحافظ توفي سنة 286 هـ (العبر للذهبي 2/ 78).

ص: 228

وكان يملي في ناحية وأبوه مقابلة، وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن، وكان يملي من حفظه، لا من كتاب.

ومرض يوما فعاده أصحابه، فرأوا من انزعاج والده عليه أمرا عظيما فطيبوا نفسه، فقال: كيف لا أنزعج وهو يحفظ جميع ما ترون؟ وأشار إلى خزانة مملوءة كتبا.

وكان مع حفظه زاهدا متواضعا، حكى الدّارقطنيّ أنه حضره في إملاء فصحف اسما في إسناد. قال الدارقطني: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته [وهم (1)] فلمّا

انقضى المجلس تقدمت إليه، وذكرت له ذلك، وانصرفت. ثم حضرت المجلس الآتي فقال للمستملي: عرّف الجماعة أنّا صحّفنا الاسم الفلانيّ لما أملينا كذا في المجلس الماضي، ونبّهنا ذلك الشاب على الصواب، وهو كذا، وعرّف ذلك الشاب أنا رجعنا إلى الأصل، فوجدناه كما قال.

وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها.

وقال أبو الحسن العروضي: اجتمعت أنا وأبو بكر بن الأنباري عند الرّاضي بالله على الطعام- وكان الطبّاخ قد عرف ما يأكل- فكان يطبخ له قليّة، يابسة، قال: فأكلنا نحن من ألوان الطعام وأطايبه، وهو يعالج تلك القليّة، ثم فرغنا وأتينا بحلواء، فلم يأكل منها، وقمنا إلى الخيش، فنام بين الخيشين، ونمنا نحن في خيشين ولم يشرب ماء إلى العصر، فلما كان العصر قال لغلام: الوظيفة فجاءه بماء من الحب (2) وترك المزمّل بالثلج، فغاظني ذلك، فصحت، فأمر الراضي بإحضاري، وقال: ما قصّتك؟ فأخبرته، وقلت: هذا

(1) من تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.

(2)

الحب، بضم الماء: إناء معروف للماء.

ص: 229

يا أمير المؤمنين يحتاج أن يحال بينه وبين تدبير نفسه، لأنه يقتلها، ولا يحسن عشرتها، فضحك. وقال: يا أبا بكر لم تفعل هذا؟ فقال: أبقي على حفظي، قلت له: قد أكثر الناس في حفظك، فكم تحفظ؟ قال ثلاثة عشر صندوقا.

قال: وسألته يوما جارية المراضي عن [شيء](1) في تعبير الرؤيا، فقال:

أنا حاقن، ثم مضى من يومه، فحفظ كتاب الكرمانيّ، وجاء من الغد وقد صار معبّرا للرؤيا وكان يأخذ الرطب فيشمّه، ويقول: إنّك لطيّب، ولكن أطيب منك ما وهب الله لي من العلم.

ولما مرض مرض الموت، أكل كلّ شيء كما يشتهي، وقال: هي علّة الموت.

وقال الخطيب: ورأى يوما بالسوق جارية حسناء، فوقعت في قلبه، فذكرها للراضي، فاشتراها وحملها إليه، فقال لها: اعتزلي إلى الاستبراء، قال: وكنت أطلب مسألة، فاشتغل قلبي، فقلت للخادم: خذها وامض بها، فليس قدرها أن تشغل قلبي عن علمي، فأخذها الغلام، فقالت له: دعني أكلّمه بحرفين، فقالت له: أنت رجل لك محلّ وعقل، وإذا أخرجتني ولم تبيّن ذنبي ظنّ الناس فيّ ظنا قبيحا، فقال لها: مالك عندي ذنب غير أنّك شغلتني عن علمي، فقالت: هذا سهل، فبلغ الرّاضي، فقال: لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في صدر هذا الرّجل (2).

قال الزبيديّ: وكان شحيحا، وما أكل له أحد شيئا قط، وكان ذا يسار وحال واسعة ولم يكن له عيال.

(1) من تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.

(2)

تاريخ بغداد 3/ 182.

ص: 230

ووقف عليه رجل يوما، فقال له: أجمع أهل سبع فراسخ على شيء، فأعطني درهما حتى أفارق الإجماع، فقال له: ما هذا الإجماع؟ فقال [على] أنّك بخيل، فضحك ولم يعطه شيئا.

وأملى كتبا كثيرة، منها «غريب الحديث» ، «الهاءات» في كتاب الله عز وجل، «الأضداد» في النحو، «المشكل» في معاني القرآن لم يتمه، «المذكر والمؤنث» ، «الزاهر» ، «أدب الكاتب» . «المقصور والممدود» ، «الواضح في النحو» ، «الموضح فيه» ، «الهجاء» ، «اللامات» ، «شرح شعر الأعشى» «شرح شعر النابغة» ، «شرح شعر زهير» ، كتاب «الألفات» ، «نقض مسائل ابن شنبوذ» ، «المفضليات» ، «إيضاح الوقف والابتداء» ، «الكافي في النحو» ، «السبع الطوال» صنعته، «الرد على من خالف مصحف عثمان» ، «شعر الراعي» صنعته، وله مجالسات لغة ونحو وأخبار. ومات ليلة الأضحى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد.

ومن شعره:

إذا زيد شرا زاد صبرا كأنّما

هو المسك ما بين الصّلاية والفهر (1)

لأنّ فتيت المسك يزداد طيبه

على السّحق والحر اصطبارا على الضر

ذكره أبو يعلى في «طبقات الحنابلة» ، ثم الذهبي في «طبقات القراء» ، ثم شيخنا في «طبقات النحاة» .

563 -

محمد بن أبي القاسم بن بابجوك (2) زين المشايخ أبو الفضل

(1) معجم الأدباء لياقوت 7/ 67.

(2)

كذا في الأصل، وهو يوافق ما في الوافي بالوفيات. وفي بغية الوعاة ومعجم الأدباء:

«بايجوك» . وقد ضبطه الصفدي بالعبارة فقال: ابن بابجوك، بباءين موحدتين بينهما ألف وبعدهما جيم وبعد الواو كاف.

ص: 231

الخوارزمي البقّالي (1).

النحوي الملقب بالآدمي، لحفظه «كتاب الآدمي» في النحو.

قال ياقوت: كان إماما في الأدب وحجة في لسان العرب، أخذ اللغة والإعراب عن الزّمخشريّ وخلفه في حلقته، وسمع الحديث منه ومن غيره.

وكان جمّ الفوائد حسن الاعتقاد، كريم النفس نزيه العرض غير خائض فيما لا يعنيه، له يد في الترسل ونقد الشعر.

له من التصانيف: «تفسير القرآن» سماه مفتاح التنزيل، وكتاب «إعجاز القرآن» ، و «شرح الأسماء الحسنى» و «تقويم اللسان في النحو» وكتاب «الإعجاب في الإعراب» ، وكتاب «الهداية (2) في المعاني والبيان» وكتاب «منازل العرب ومياهها» وغير ذلك. مات في سلخ جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين وخمسمائة عن نيف وسبعين سنة.

564 -

محمد بن أبي القاسم بن عبد السلام بن جميل أبو عبد الله الربعي التونسي المالكي (3).

العلامة القاضي الأوحد المتفنن المفتي، الملقب شمس الدين.

مولده سنة تسع وثلاثين وستمائة بمدينة تونس، سمع الحديث من جماعة

(1) له ترجمة في: الجواهر المضيئة لعبد القادر القرشي 2/ 372، طبقات المفسرين للسيوطي 40، الفوائد البهية 161، معجم الأدباء لياقوت 7/ 77، الوافي بالوفيات للصفدي 4/ 340.

والبقالي: هو البقال الذي يبيع الأشياء اليابسة، والعجم يزيدون الياء، وهي زيادة العجم لا نسبة.

(2)

كذا في الأصل، والوافي بالوفيات. واسمه في بغية الوعاة، ومعجم الأدباء:«البداية في المعاني والبيان» .

(3)

أنظر ترجمته في: الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 266، الديباج المذهب لابن فرحون 323.

ص: 232

بها وبالقاهرة، كأبي المحاسن يوسف بن يوسف بن أحمد بن محمود الدمشقي اليغموري المعروف بالحافظ، وقاضي القضاة شمس الدين محمد بن إبراهيم ابن عبد الواحد المقدسي الحنبلي.

وتولى نيابة الحكم بالحسينية بالقاهرة مدة، وتولى قضاء الإسكندرية سنة سبع وسبعمائة، ثم عزل ورجع إلى القاهرة فأقام يشغل بها في العلوم.

وكان إماما مفنّنا، فقيها، مفسرا، بارعا في فنونه، أصوليا، عالما، ذا سكون وعفة وديانة، سريع الدمعة، وله كتاب «مختصر التفريع» .

قال ابن فرحون: قال شيخنا عفيف الدين المطري: أنشدنا القاضي شمس الدين بن جميل، قال: أنشدني ظهير الدين قاضي إخميم:

ولو أني جعلت أمير جيش

لما قاتلت إلا بالسّؤال

لأن الناس ينهزمون منه

وقد صبروا لأطراف العوالي

توفي في شهر صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة ودفن بالقرافة.

565 -

محمد بن قرقماس الحنفي الشيخ ناصر الدين الأديب الشاعر.

ولد سنة اثنتين وثمانمائة. (1)

وتلا بالسبع على الشيخ محمود الفوال.

واشتغل بالنحو والمعاني والبيان وعلم الحرف على علامة الزمان عز الدين محمد بن جماعة.

واشتغل في المنطق والجدل والأصلين والفقه على الشيخ عز الدين عبد السلام البغدادي وغيره، ومال إلى الأدب وعلم الحرف وصار له فيهما ذكر.

وكان منجمعا عن الناس، ملازما للكتابة، بحيث أن أكثر رزقه منها،

(1) له ترجمة في: الضوء اللامع للسخاوي 8/ 292، نظم العقيان للسيوطي 158.

ص: 233

وكان له تهجد في الليل، وتلاوة كثيرة، ومحاضرة حسنة، وله خط فائق، وشكله في غاية النضرة والبهجة، وله سمت حسن.

وله مصنفات كثيرة منها: «تفسير القرآن الكريم» سماه «فتح الرحمن» وهو ممزوج، و «زهرة الربيع في البديع» وشرحه، سماه «الغيث المريع» ، ومجاميع وغير ذلك. مات في شوال سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة.

ومن شعره:

ما أكرم الله مولانا وأحلمه

على العصاة تعالى الله عن مثل (1)

اقطع يصل وادع يسمع استزده يزد

وتب يتب واعصه يستر وسل ينل

وله أيضا:

للحظ من قد رمى قلبي وقامته

وخدّه وثنايا ثغره العطر

رشق بلا أسهم طعن بلا أسل

نار بلا شعل زهر بلا شجر

وله:

يا حبّذا زمن الربيع وروضه

ونسيمه الخفاق بالأغصان

زمن يريك النجم فيه يانعا

والشمس كالدينار في الميزان

566 -

محمد بن محمد بن أحمد بن هميماة- بضم الهاء وفتح الميم- أبو نصر الرّامشيّ (2).

ابن بنت أبي نصر منصور بن رامش من أهل نيسابور.

(1) نظم العقيان للسيوطي.

(2)

له ترجمة في: الأنساب للسمعاني 254 ب، اللباب 1/ 453، معجم الأدباء لياقوت 7/ 100.

ص: 234

ولد سنة أربع وأربعمائة.

وسمع الحديث من أصحاب العباس الأصم، ورحل في طلب القراءات والحديث، فسمع بنيسابور أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد بن السراج، وأبا الحسن علي بن محمد الطّرازي، وأبا عبد الله الحسين بن محمد بن فنجويه الدّينوري، وبالحجاز أبا الحسن بن صخر، وبالرملة وتنيس ومعرة النعمان ودمشق من جماعة.

وكان مبرزا في القراءات وعلوم القرآن، وكان له حظ صالح من النحو والعربية عقد له مجلس الإملاء بنيسابور، وأملى في المدرسة النظامية، وحمل عنه الكثير.

قال السمعاني: سافر إلى العراق، والحجاز، والشام، وديار مصر، وقرأ بمعرة النعمان على أبي العلاء.

روى عنه أبو القاسم زاهر بن طاهر، وجماعة.

قال عبد الغافر الفارسي: برز في القراءات وعلوم القرآن، وكان له حظ صالح من النحو، وهو إمام في فنه، وله شعر كثير، سمع الحديث سفرا وحضرا.

توفي يوم الخميس سادس عشر جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وأربعمائة بنيسابور.

ذكره المقريزي في «المقفى» .

567 -

محمد بن محمد بن أيوب القطواني الإمام أبو محمد (1).

(1) له ترجمة في: الأنساب للسمعاني 458 ب، الجواهر المضيئة لعبد القادر القرشي 2/ 115، الطبقات السنية 480 أ، اللباب لابن الأثير 2/ 272.

ص: 235

قال ابن السمعاني: كان مفتيا واعظا مفسّرا مات سنة ست وخمسمائة.

وهو أستاذ الولوالجيّ (1) لما ورد سمرقند اختص به، وتفقه عليه، بعد ان تفقه ببلخ على أبي بكر القزاز، وببخارى على البرهان.

ذكره القرشي في «طبقات الحنفية» .

568 -

محمد بن محمد بن زكريا النيسابوري أبو سعيد (2).

كان فقيها، مفسّرا، ثقة في الرواية.

قدم قزوين غازيا، روى عنه الخليليّ في مشيخته.

توفي بعد التسعين وثلاثمائة.

ذكره الرافعي في «تاريخ قزوين» .

569 -

محمد بن محمد بن عرفة بن حماد الورغميّ (3) - بفتح الواو وسكون الراء المهملة وغين معجمة وتشديد الميم- التونسي المالكي أبو عبد الله (4).

الإمام العلامة المقرئ، الفروعي، الأصولي، البياني، المنطقي، شيخ الشيوخ، وبقية أهل الرسوخ.

ولد بتونس سنة ست عشرة وسبعمائة.

(1) نسبة الى ولوالج، بالفتح ثم السكون وكسر اللام والجيم، بلد من أعمال بذخشان خلف بلخ وطخارستان (معجم البلدان لياقوت 4/ 940).

(2)

له ترجمة في: تاريخ قزوين للرافعي 152.

(3)

نسبة الى ورغمة، قرية بإفريقية (الضوء اللامع للسخاوي 9/ 240).

(4)

له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 2/ 192، الديباج المذهب 337، ذيل تذكرة الحفاظ 193، الضوء اللامع للسخاوي 9/ 240، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 243، نيل الابتهاج 274.

ص: 236

وقرأ بالروايات على أبي عبد الله محمد بن محمد بن حسن بن سلمة وغيره، وسمع من الوادي آشي «الصحيحين» ، ومن الإمام أبي عبد الله محمد ابن عبد السلام الهواري «الموطأ» ، وأخذ عنه الفقه والأصول.

وتفقه أيضا بأبي عبد الله محمد بن هارون، ومحمد بن حسن الزبيدي، وأبي عبد الله الأيلي ونظرائهم، وتفرّد بشيخوخة العلم والفتوى في المذهب.

وله التصانيف العزيزة، والفضائل العديدة، وانتشر علمه شرقا وغربا، فإليه الرحلة في الفتوى والاشتغال بالعلم والرواية، حافظا للمذهب ضابطا لقواعده، إماما في علوم القرآن، مجيدا في التفسير، والعربية، والأصلين، والفرائض والحساب، وعلم المنطق، والمعاني والبيان، وغير ذلك.

وله في ذلك تواليف مفيدة، تخرج بين يديه جلّة من العلماء الأعلام وقضاة الإسلام، فعن رأيه تصدر الولايات، وبإشارته تعين الشهود للشهادات، ولم يرض لنفسه الدخول في الولايات، بل اقتصر على الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة، وانقطع للاشتغال بالعلم والتصدّر لتجويد القراءات.

اجتمع على اعتقاده ومحبته الخاصة والعامة، ذا دين متين، وعقل رصين، وحسن إخاء وبشاشة وجه للطلاب، صائم الدهر، لا يفتر عن ذكر الله وتلاوة القرآن إلا في أوقات الاشتغال، منقبضا عن مداخلة السلاطين، لا يرى إلا في الجامع أو في حلقة التدريس، لا يغشى سوقا ولا مجتمعا، ولا مجلس حاكم إلا أن يستدعيه السلطان في الأمور الدينية، كهفا للواردين عليه من أقطار البلاد، يبالغ في برهم والإحسان إليهم وقضاء حوائجهم.

وقد خوله الله من رئاسة الدين والدنيا ما لم يجتمع لغيره في بلده، له أوقاف جزيلة في وجوه البرّ وفكاك الأسرى، رأسا في العبادة والزهد والورع، ومناقبة عديدة وفضائله كثيرة.

ص: 237

وله تواليف منها: «تقييده الكبير في المذهب» في نحو عشرة أسفار جمع فيه ما لم يجتمع في غيره، أقبل الناس على تحصيله شرقا وغربا.

وله في «أصول الدين» تأليف عارض به كتاب «الطوالع» للبيضاوي، واختصر كتاب «الحوفي» اختصارا وجيزا.

وله «تأليف» في المنطق، ونظم «قراءة يعقوب» وغير ذلك.

وأقام والده بالمدينة النبوية على منهاج الصالحين والسلف الماضين.

قال ابن فرحون: توفي فيما أظن سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ودفن بالبقيع. وحج الشيخ أبو عبد الله في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة فتلقاه العلماء وأرباب المناصب بالإكرام التام، واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه، وأوصى أمير الركب بخدمته.

قال ابن فرحون: ولما زار [المدينة النبوية (1)] نزل عندي في البيت، وكان يسرد الصوم في سفره.

قال أبو حامد بن ظهيرة في «معجمه» : ولم يكن بالمغرب من يجري مجراه في التحقيق، ولا من اجتمع له من العلوم ما اجتمع له.

وكانت الفتوى تأتي إليه من مسافة شهر.

وكانت وفاته ليلة الخميس الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة ولم يخلف بعده مثله.

(1) من الديباج المذهب لابن فرحون.

ص: 238

ومن شعره:

بلغت الثمانين بل جزتها (1) * وهان على النفس صعب الحمام

وأمثال عصري مضوا دفعة

وصاروا خيالا كطيف المنام

وكانت حياتي بلطف جميل

لسبق دعاء أبي في المقام

570 -

محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الرحمن الجعفريّ التونسي (2).

أبو عبد الله ركن الدين بن القوبع. بضم (3) القاف فيما اشتهر على الألسنة وقيل هو بفتحها، وهو طائر، المالكيّ النحويّ.

قال الصّفدي: ولد بتونس في رمضان سنة أربع وستين وستمائة، وقرأ النحو على يحيى بن الفرج بن زيتون، والأصول على محمد بن عبد الرحمن قاضي تونس.

وقدم سنة تسعين، فسمع بدمشق من ابن القواس، وأبي الفضائل بن عساكر وجماعة، ودرس بالمنكوتمرية، وأعاد بالناصريّة وغيرها، ودرّس الطب بالمارستان المنصوري، وكان يتوقّد ذكاء، ومهر في الفنون حتى إذا [صار] يتحدّث في شيء من العلوم تكلم في دقائقه وغوامضه، حتى يقول القائل: إنه أفنى عمره في ذلك.

وقال ابن سيد الناس: لما قدم قعد في سوق الكتب- والشيخ بهاء الدين بن النحاس هناك- ومع المنادي ديوان ابن هانئ، فنظر فيه القوبع، فترنم بقوله:

(1) في الأصل والضوء اللامع للسخاوي 9/ 242: «بلغت الثمانين وبضعا لها» . وبه يختل الوزن، والمثبت في نيل الابتهاج 278.

(2)

له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 299، الوافي بالوفيات للصفدي 1/ 238.

(3)

عبارة البغية: «بفتح القاف فيما أشتهر على الألسنة، وقيل هو بضمها» .

ص: 239

فتكات لحظك أم سيوف أبيك

وكئوس خمرك أم مراشف فيك (1)

فقرأه بالنصب في الجميع، فقال له ابن النحاس: يا مولانا هذا نصب كثير فقال له بنترة (2): أنا أعرف الذي تريد من رفعها، على أنها أخبار لمبتدءات مقدّرة، والذي ذهبت أنا إليه أغزل وأمدح؛ وتقديره:«أقاسي فتكات لحظك» فقال له: وأيش هو النّحو في الدنيا حتى يذكر.

وكانت فيه بادرة وحدّة، وكان يتردّد إلى الناس من غير حاجة إلى أحد، ولا سعى في منصب، وناب في الحكم بالقاهرة ثم تركه، وقال: يتعذر فيه براءة الذمة.

وجاء إليه إنسان يصحّح عليه في «أمالي القالي» فكان يسابقه إلى ألفاظ الكتاب، فبهت الرجل، فقال له: لي عشرون سنة ما كرّرت عليه.

وكان كثير التلاوة، حسن الصّحبة، كثير الصدفة سرّا، ولا يخل (3) بالمطالعة في «الشفاء» لابن سينا كل ليلة، مع سآمة (4) وملل، ويلثغ بالراء همزة.

صنّف تفسير سورة «ق» في مجلد، و «شرح ديوان المتنبي» . ومات بالقاهرة في سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة.

وله شعره:

(1) الوافي بالوفيات للصفدي 1/ 339.

(2)

النتر: تغليظ الكلام وتشديده (القاموس: نتر) وفي الدرر الكامنة: «بفترة» ، وفي الوافي:

«بتلك الحدة المعروفة منه والنفرة» .

(3)

كذا في الأصل، والدرر الكامنة لابن حجر.

(4)

في الدرر الكامنة: «وكانت فيه سآمة وملل وضجر» .

ص: 240

تأمّل صحيفات الوجود فإنّها

من الجانب السّامي إليك رسائل (1)

وقد خطّ فيها إن تأمّلت خطّها

ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

571 -

محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان بن عبد العزيز البعليّ المولد، الشافعيّ الشيخ شمس الدين بن الموصليّ (2).

ولد سنة تسع وتسعين وستمائة، وقرأ القرآن العظيم على الشجاع عبد الرحمن بن علي خادم الشرف اليونينيّ، وعلى ابن أخيه محمد الأعرج ببعلبك، وسمع الحديث [من القطب اليونيني، وعلى شمس الدين محمد بن أبي الفتح الحنبلي (3)] والعفيف إسحاق بن يحيى الآمدي، والجمال يوسف المزّي، والذهبي، ويوسف العزازي، والبدر بن مكي، ومحيي الدين بن جهبل في آخرين.

وتفقه على شرف الدين البارزيّ بحماة، وعلى البدر محمد التبريزيّ قاضي بعلبك، وجماعة.

وأخذ العربية عن المجد البعليّ، وابن مكيّ.

وصنف: «غاية الإحسان في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ (4)» وكتاب «بهجة المجالس ورونق المجالس» خمس مجلدات، يتضمن الكلام على آيات وغيرها، وكتاب «المنهاج» في الفقه

(1) البيتان في الدرر الكامنة لابن حجر 4/ 301.

(2)

له ترجمة في انباء الغمر لابن حجر 1/ 52، الدرر الكامنة 4/ 306، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 97 ب، المقفي للمقريزي ورقة 34 والترجمة فيه بالنص، الوافي بالوفيات 1/ 262.

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط في الأصل. والتكملة من المقفى.

(4)

سورة النحل 90.

ص: 241

للنووي، وكتاب «الدر المنتظم في نظم أسرار الكلم» وهو نظم كتاب «فقه اللغة» للثعالبي.

وكان إماما في الفقه واللغة العربية، ماهرا في النظم والنثر إنشاء وخطبا، يكتب الخط المليح.

وأقام بطرابلس الشام زمانا، وسكن دمشق أعواما، وتصدر بالجامع الأموي للإفادة، وقدم القاهرة وتوفي بطرابلس عن خمس وسبعين سنة (1)، سنة أربع وسبعين وسبعمائة.

ذكره المقريزي في «المقفى» .

572 -

محمد بن عبد النور الحميري التونسي المالكي (2).

كان من صدور العلم المبرّزين.

أخذ عن القاضي الإمام العالم أبي القاسم بن زيتون، والقاضي الخطيب أبي محمد بن برطلة الأزدي.

وله تفنن [في سائر العلوم، وله تصانيف في عدة علوم، واختصر (3)] تفسير الإمام فخر الدين بن الخطيب في سبعة أسفار اختصارا حسنا. سماه «نفحات الطيب في اختصار تفسير ابن الخطيب» وله على «الحاصل» تقييد كبير في سفرين، وله في الفقه كتاب جمع فيه فتاوى على طريقة أحكام ابن سهل، سماه:«الحاوي في الفتاوي» ، وله غير ذلك.

(1) في الأصل: «عن خمس وسبعين سنة في يوم سنة أربع وسبعين وسبعمائة» . والمثبت في بغية الوعاة، والداودي والسيوطي كلاهما ينقل عن المقفى في هذه الترجمة.

(2)

راجع ترجمته في: الديباج المذهب لابن تغري بردي 337.

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط في الأصل، والتكملة من الديباج المذهب.

ص: 242

وكان بالحياة عام ستة وعشرين وسبعمائة.

ذكره ابن فرحون رحمه الله تعالى.

573 -

محمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي الشيخ الإمام العلامة صدر الدين [بن (1)] شمس الدين الروّاسي (2).

بفتح المهملة وتشديد الواو وآخره مهملة، العكاشي، الأسدي، القرشي، الشّقّانيّ- بكسر المعجمة وتشديد القاف وآخره نون- الإسفرايني.

من بلاد خراسان.

الشافعي مذهبا، السهروردي، القادري تصوفا.

والروّاسي نسبة إلى شخص من أجداده.

ولد في صفر سنة ثمان وتسعين وسبعمائة بشقان، قصبة من بلاد خراسان، وحفظ القرآن، وتلا بالعشر على المولى يوسف الهروي، تلميذ العلامة شمس الدين بن الجزري.

وأخذ الفقه في مذهب الشافعي عن خاله الشيخ محمد الروّاسي، والمولى سعد الدين الفارسي، تلميذ السيد الشريف.

وفقه الحنفية عن خاله المذكور، وسمع الحديث من والده، ومن الشمس الجزري والزين الخافي (3).

(1) من الضوء اللامع للسخاوي.

(2)

له ترجمة في: الضوء اللامع 9/ 157، عنوان الزمان للبقاعي 4/ 256 والترجمة فيه بالنص، نظم العقيان للسيوطي 165.

(3)

في الأصل: «الخاف» ، وفي عنوان الزمان «الحافي» ، كلاهما تحريف، والصواب في تبصير المنتبه. وهو زين الدين الخافي، صوفي من أتباع الشيخ يوسف العجمي، كان بالقاهرة ثم نزح عنها، ثم قدمها سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ومعه جمع من أتباعه. (تبصير المنتبه لابن حجر 2/ 484).

ص: 243

وأخذ التفسير عن خاله، والسعد المذكورين أولا، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، عنهما.

وأصول الفقه عن خاله، وكذا أصول الدين، والمنطق، والهيئة، عن خاله، والسعد، وانتفع بهما كثيرا في غير ذلك من العلوم.

قال البقاعي: لقيته يوم الأحد رابع عشر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وثمانمائة بالمدرسة الباسطية جوار المسجد الحرام، فإذا هو شيخ حسن الهيئة، منور الشيبة، جميل المرأى، ظاهر البشاشة، عذب الكلام، واضح الفضيلة في عدة فنون فسمعت من لفظه في ذلك المجلس «رسالته في الرد على الملاحدة» المسماة «منهج اقتصاد الاعتقاد» .

وصنّف تصانيف منها: «الفتوحات الرجبية» تشمل على تحقيقات في معاني بعض الآيات والأحاديث وأقوال بعض المشايخ، فاضت على قلبه في خلوة اختلاها ومنها «الواردات الرجبية» تشتمل على مثل ذلك في خلوة أخرى، ومنها «ضوابط العبادات» تشتمل على الحكم في كون الصلوات خمسا، وكون الأوقات كذلك، وكون الصبح ركعتين، والظهر أربعا، ونحو ذلك، وكذا في الطهارة والزكاة والحج وغير ذلك من أبواب الفقه، ومنها «تصحيح القراءة» يشتمل على الرد على من أنكر على بعض تلامذته القراءة بما زاد على «الشاطبية» وبيّن طرقا غيرها بأسانيدها واعترض على بعض حروف في طرق الشاطبية، ومنها «الرسالة العلمية» تشتمل على أقسام تعاريف العلم، بما في ذلك من الاعتراضات والأجوبة وبيان القيود، وترجيح ما هو مرجح منها، أوصلها إلى نيف وثلاثين تعريفا، ومنها «الحاشية على أوائل الحاوي» في الفقه، ومنها «حواش على أوائل البيضاوي» ، ومنها رسالة سماها «منهج اقتصاد الاعتقاد في رد مذهب الإلحاد» في نحو نصف كراس.

ص: 244

قال البقاعي: سمعتها جميعها من لفظه أول يوم اجتمعت [به](1) كما مضى، وهي في غاية الإيجاز والإبداع، كتبها مجيبا لسؤال البدر محمود بن عبيد الله، لما أرسله الظاهر جقمق إلى حلب، لقتل من يعثر عليه من النسيمية الذين ظهروا هناك سنة ثمان وأربعين، ومنها «رسالة في ثماني عشرة مسألة» كل مسألة من علم، ومنها «النكت

القرآنية على سورة ق»، ومنها «الرسالة الفتحية في تفسير أوائل سورة الفتح» .

قال البقاعي: هكذا أملاني. وقال: وغير ذلك بكثرة.

574 -

محمد بن محمد بن علي الكاشغريّ النحوي اللغوي (2).

قال الجنديّ في «تاريخ اليمن» : كان ماهرا في النحو، واللغة، والتفسير، والوعظ، صوفيا.

أقام بمكة أربع عشرة سنة، وصنف فيها كتابا سماه «مجمع الغرائب ومنبع العجائب» في أربعة مجلدات، واختصر «أسد الغابة» ، وقدم اليمن.

وكان حنفيا فتحول شافعيا، وقال: رأيت القيامة قامت والناس يدخلون الجنة فعبرت مع زمرة، فجذبني شخص، وقال: يدخل الشّافعية قبل أصحاب أبي حنيفة، فأردت أن أكون مع المتقدمين. مات سنة خمس وسبعمائة.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

575 -

محمد بن محمد بن محمد تاج الدين (3).

(1) من عنوان الزمان للبقاعي.

(2)

له ترجمة في: روضات الجنات للخوانساري 203، العقود اللؤلؤية للخزرجي 1/ 368.

(3)

له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 254.

ص: 245

أبو المحامد البخاري الزندني- بزاي ونونين- مقرئ المشرق، إمام، واعظ مقرئ، ناقل.

تلا بالصحيح والشاذ على محمد بن محمد بن الجنبذي (1). وأخذ الحديث والتفسير عن حافظ الدين البخاري.

قرأ عليه أبو حنيفة الأنزاري، وكتب عنه أبو العلاء الفرضي. وقال: له معرفة تامة بروايات القراء وطرقهم في السبع والشواذ، عارف بعلل القراءات، وبفنون، قرأ عليه كثير من الناس، ولم يؤرخ وفاته.

قال ابن الجزري في «طبقات القراء» : وأظنه بقي إلى قريب السبعمائة، بل تجاوزها.

576 -

محمد بن محمد بن ظفر المنعوت حجة الإسلام (2).

برهان الدين أبو هاشم، وأبو عبد الله بن أبي محمد المكي الأصل، المغربي المنشأ، نزيل حماة الصقلي.

ولد بصقلية، وقدم إلى مصر، وتنقل في البلاد، وسكن في آخر عمره مدينة حماة وبها مات في سنة خمس وستين وخمسمائة.

وله من المصنفات كتاب «ينبوع الحياة» في تفسير القرآن الحكيم، وكتاب «فوائد الوحي الموجز إلى فرائد الوحي المعجز» وكتاب «المنشي في الفقه» على مذهب مالك بن أنس، وكتاب «أساليب الغاية في أحكام

(1) في الأصل: «الجنيد» تحريف، صوابه في طبقات القراء لابن الجزري.

والجنبذي هو: محمد بن محمد بن عمر الجنبذي، أخذ الروايات عن والده، وسمع الحافظ أبي سعد السمعاني، قرأ عليه أبو المحامد محمد بن محمد البخاري، وقد بقى الى بعد العشرين وستمائة (طبقات القراء لابن الجزري 2/ 246).

(2)

له ترجمة في: لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 5/ 371، معجم الأدباء لياقوت 7/ 102، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 233، المقفى للمقريزي ج 3 ورقة 82 والترجمة فيه بالنص، هدية العارفين 2/ 96، الوافي بالوفيات للصفدي 1/ 141، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 29. وهو مكرر 512.

ص: 246

آية»، وكتاب «التشحين في أصول الدين» ، وكتاب «معاتبة الجريء على معاقبة البريء» في اعتقاد أبي حنيفة والأشعري، وكتاب «العادات» في الاعتقاد أيضا، وكتاب «الجنة» في اعتقاد أهل السنة، وكتاب «خير البشر بخير البشر» ، وكتاب «ملح اللغة فيما اتفق لفظه واختلف معناه على حرف المعجم» ، وكتاب «إبهام الخواص في إبهام الخواص» في بيان غلط أبي محمد الحريري، وكتابان في «مقامات الحريري» أحدهما كبير، والآخر صغير، وكتاب «كشف الكسف في نقض الكتاب المسمى بالكشف» ، وكتاب «غرر أنباء نجباء الأبناء» ، وكتاب «مالك الأذكار في مسالك الأفكار» ، وكتاب «سلوان المطاع في عدوان الاتباع» (1)، وكتاب «الخوذ الواقية والعوذ الراقية» ، وكتاب «نصائح الذكرى» وكتاب «إكسير كيمياء التفسير» ، وكتاب «البرهانية في شرح الأسماء الحسنى» ، وكتاب «الاشتراك اللغوي والاستنباط المعنوي» وكتاب «الإنباء عن الكتاب المسمى بالإحياء» ، وكتاب «الإشارة إلى علم العبارة» ، وكتاب «القواعد والبيان» مختصر في النحو.

وكان قصير القامة، ذميم الخلقة، إلا أنه كان صبيح الوجه.

واجتمع مع الشيخ تاج الدين أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي، وتناظرا في اللغة والنحو، فوقف في مسائل نحوية، وكان حاله في اللغة قريبا، فقال:

الشيخ تاج الدين أعلم مني بالنحو، وأنا أعلم منه باللغة، فقال الكندي:

الأول مسلّم، والثاني ممنوع.

واجتمع بالحافظ أبي طاهر السلفي وروى عنه، وعن القاضي أبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي.

(1) كذا في الأصل، والمقفى الذي ينقل عنه الداودي. وفي كشف الظنون لحاجي خليفة 798 وهدية العارفين 2/ 96:«سلوان المطاع في عدوان الطباع» .

ص: 247

وصنف كتاب «سلوان المطاع» في إبان مقامه بصقلية سنة أربع وخمسين وخمسمائة.

قال الحافظ جمال الدين يوسف بن أحمد اليغموري: وأخبرني الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن عبد الله بن يوسف بن حمزة الأنصاري القرطبي المعروف بالعابد أنه وقف على نسخة من «سلوان المطاع» ، تصنيف ابن ظفر بمكة وعليها خطه، موقوفة في رباط الخليفة في نظر القطب القسطلاني، تكون في مقدار هذه التي بأيدي الناس مرتين، وفي أولها أن ملكا حسن السيرة، مظنون حسن السريرة، أمرني أن أصنّف له كتابا يكون لهمومه شافيا، ولدمنة وكليلة قافيا، فأجبته لذلك مكافيا، وذكر نسبه واسمه.

وله شعر جيد منه:

حملتك في قلبي فهل أنت عالم

بأنك محمول وأنت مقيم (1)

ألا إنّ شخصا في فؤادي محلّه

وأشتاقه شخص عليّ كريم

[ومن شعره (2)]:

يقول المنجم لا تسر فإنّ

ك إن سرت لاقيت شرّا (3)

فإن كان يعلم أني أسير

فقد جاء بالنهي لغوا وهذرا

وإن كان يجهل أني أسير

فجهل العواقب أولى وأحرى

وله:

أيها المستجيش [ألسنة (4)] الوعاظ

قد أسهبوا وما أيقظوكا (5)

(1) الوافي بالوفيات للصفدي، ووفيات الأعيان لابن خلكان.

(2)

من المقفى للمقريزي.

(3)

الأبيات في المقفى.

(4)

عن المقفى، وبها يستقيم الوزن.

(5)

الأبيات في المقفى، والوافي بالوفيات للصفدي 1/ 142.

ص: 248

هاك بيتا يغنيك عن كل سجع

وقريض كانوا به وعظوكا

لا تشاغل بالناس عن ملك النا

س فلولا نعماه ما لحظوكا

[وقال (1)]:

بباء براءة عند الغلو

وسين سروري بالمعرفة (2)

وبالميم من مرحي عند ما

تبشرني آية أو صفه

أقل عبدك المذنب المستجير

بعفوك من سوء ما أسلفه

ولم يزل رحمه الله يكابد الفقر طول عمره، وزوج ابنته من الضرورة بغير كفء فسافر بها وأباعها (3) في البلاد.

ذكره المقريزي في «المقفى» .

577 -

محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن بنان- بضم الباء الموحدة وفتح النون وبعد الألف نون أخرى- القاضي الأجل ذو الرئاستين أثير الدين أبو الطاهر (4).

ابن القاضي الأجل ذي الرئاستين أبي الفضل، المعروف بالأثير بن بنان، الأنباري الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، الكاتب.

ولد بالقاهرة في سنة سبع وخمسمائة، وقرأ القرآن الكريم على أبي العباس أحمد بن عبد الله بن الحطيئة، وسمع من والده القاضي أبي الفضل محمد،

(1) من المقفي للمقريزي.

(2)

المقفي، والوافي بالوفيات.

(3)

أباعها: عرضها للبيع. القاموس: باع.

(4)

له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 209، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 375، العبر 4/ 294، فوات الوفيات 2/ 319، المقفى للمقريزي 3 ورقة 80، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 6/ 159، الوافي بالوفيات 1/ 281.

ص: 249

ومن القاضي أبي الحسن محمد بن هبة الله بن الحسن بن عرس بضم المهملة، وأبي صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني، وأبي البركات محمد ابن حمزة بن أحمد العرقي.

وحدّث فسمع منه جماعة بمصر وبغداد، وكتب الكثير.

ولي النظر في الدولة أيام بني عبيد، ثم تنقلت به الخدم الديوانية بتنيس والإسكندرية وغير ذلك في الأيام الصلاحية.

وكان من رؤساء المصريين وأكابرهم وفضلائهم، وعنده أدب وترسل وخط حسن، وكان القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني يغشى بابه ويمتدحه، ويفتخر بالوصول إليه، والمثول بين يديه، فلما زالت دولة بني عبيد على يد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب؛ ولي الإسكندرية وتنيس وغير ذلك، إلى أن قال القاضي الفاضل لصلاح الدين: هذا رجل كبير يصلح أن يجري عليه ما يكفيه، ويقعد في منزله، ففعل ذلك.

ثم إنه توجه إلى اليمن، ووزر لسيف الإسلام طغتكين بن أيوب، وأرسله إلى الديوان العزيز برسالة، فدخل بغداد في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وعظم وبجل، وكان يروي «صحاح» الجوهري في اللغة عن أبي البركات الرقي، عن ابن القطاع، فسمع عليه أولاد أمير المؤمنين وخلق كثير، وشهر الكتاب ببغداد، ولم يكن شهيرا، وكتب به عدة نسخ، وشاع بالموصل.

وحدث أيضا «السيرة» لابن هشام، ثم إنه عاد إلى القاهرة، وصار في ضنك من العيش وعليه دين كبير، وعجز عن نفقته، وآل به الحال إلى أن حبس بالجامع الأزهر على الدين، وكان ينتقص القاضي الفاضل ويراه بالعين الأولى، ويحدث الناس بأنه كان من أقل أتباعه، والفاضل يقصر عنه، فيقصر الناس في حقه مراعاة للقاضي الفاضل، وكان بعض أصحاب

ص: 250

الدّين رجلا أعجميا أحمق كثير الشر، فصعد إليه سطح الجامع الأزهر، وسفه عليه وقبض على لحيته وضربه، ففر من بين يديه، وألقى نفسه من سطوح الجامع إلى سطوح دكاكين الوراقين، وكانت يومئذ بجانب الجامع، فتهشم وحمل إلى داره، فبقي أياما ومات، فسير له القاضي الفاضل خمسة عشر دينارا ليجهزه بها ولده، ولم يصل عليه، ولا شيع جنازته، فأنكر ذلك عليه.

واتفق أن الفاضل مات بعده فجأة بعد ثلاثة أيام، فعد هذا أعجب من حال جرير والفرزدق، فإنه كان بينهما ستة أشهر، وكان بين هذين الرجلين ثلاثة أيام، فليعتبر العقلاء بذلك.

وكان الأثير فاضلا جليلا نبيلا عالما أديبا بليغا، وله شعر مليح، وترسل فائق، وتقدم في الكتابة، ونال الرئاسة الخطيرة، وتمكن التمكن الكثير.

وصنف كتاب «تفسير القرآن الكريم» ، وكتاب «المنظوم والمنثور» ، قال فيه العماد الكاتب: له شعر كالسحر، ونثر كنظم الدرر.

ومن شعره يصف مغارة في جبل:

وشاهقة خضت حشا الجو مرتقى

تشير إلى زهر الكواكب من عل (1)

محاسنها شتى ولكن أخصها

وآثرها ذكرى حبيب ومنزل

جداول تجري باللجين فتارة

تسح وأجداث تريني موئلي

وقال المنذري عن أبي الحسن علي المقدسي: سماعه صحيح، إلا أنه كان يتشيع.

وكانت وفاته بالقاهرة ليلة السبت الثالث من ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمسمائة، وكان رجلا طوالا دقيقا أسمر.

(1) الأبيات في المقفى، والأول والثاني منها في انباه الرواة.

ص: 251

ذكره المقريزي في «المقفى» .

578 -

محمد بن محمد بن محمد العلامة أبو الفضائل الحنفي عرف البرهان النسفي (1).

صاحب التصانيف الكلامية الخلافية، مولده سنة ستمائة تقريبا، ولخص «تفسير القرآن» للإمام فخر الدين، وله «مقدمة في الخلاف» مشهورة تحفظ.

أجاز للبرزالي الحافظ، وكتب بخطه الملقب بالبرهان النسفي. مات سنة سبع وثمانين وستمائة، ودفن تحت قبة مشهد الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه بالخيزرانية [رحمه

الله تعالى (2)].

579 -

محمد بن محمد بن محمود بن قاسم البرزالي (3) البغدادي (4).

الفقيه الحنبلي، الأصولي، الأديب، شمس الدين أبو عبد الله ابن الإمام أبي الفضل.

قرأ الفقه على الشيخ تقي الدين الزريراني، وكان إماما عالما متقنا بارعا في الفقه والأصلين، والأدب، والتفسير، وغير ذلك.

وله نظم حسن، وخط مليح، ودرس بالمستنصرية بعد شيخه الزريراني، وكان من فضلاء أهل بغداد، وكذلك كان ولده أبو الفضل إماما عالما مفتيا صالحا.

(1) له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 58، الجواهر المضيئة لعبد القادر القرشي 2/ 167، العبر للذهبي 5/ 346، الفوائد البهية للكنوي 194، الوافي بالوفيات للصفدي 1/ 282.

(2)

بياض في الأصل قدر كلمة، والتكملة من الجواهر المضيئة.

(3)

في الأصل: «ابن البرزني» وما أثبتنا عن الدرر الكامنة والشذرات والوافي بالوفيات.

(4)

له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 3، ذيل الحنابلة لابن رجب 2/ 425، الوافي بالوفيات للصفدي 1/ 237.

ص: 252

توفى أبو عبد الله بن البرزالي في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة ببغداد.

ذكره ابن رجب.

580 -

محمد بن محمود بن أحمد البابرتي الشيخ أكمل الدين الحنفي (1).

ولد سنة بضع عشرة وسبعمائة.

وأخذ عن أبي حيّان، والأصفهاني، وسمع الحديث من الدلاصي، وابن عبد الهادي، وقرّره شيخون في مشيخة مدرسته، وعظم عنده جدا وعند من بعده بحيث كان الظاهر برقوق يجيء إلى شبّاك الشيخونية فيكلمه وهو راكب وينتظره حتى يخرج فيركب معه.

وكان علامة، فاضلا، ذا فنون، وافر العقل، قوي النفس، عظيم الهيئة، مهيبا عرض عليه القضاء مرارا فامتنع.

وله من التصانيف «التفسير» ، «شرح المشارق» ، «شرح مختصر ابن الحاجب» ؛ «شرح عقيدة الطوسي» ، «شرح الهداية في الفقه» ، «شرح ألفية ابن معطي في النحو» ، «شرح المنار» ، «شرح البزدوي» ، «شرح التلخيص في المعاني» .

قال الحافظ ابن حجر؛ وما علمته حدث بشيء من مسموعاته. مات ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان سنة ست وثمانين وسبعمائة، وحضر جنازته السلطان فمن دونه، ودفن بالشيخونية.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

(1) له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 1/ 298، الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 18، الفوائد البهية 195، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 11/ 301.

ص: 253

581 -

محمد بن محمود بن عبد الله شمس الدين النيسابوري (1).

قدم إلى القاهرة، وناب عن عمه قاضي القضاة جلال الدين جار الله الحنفي في الحكم، وتقلد مشيخة الشيوخ بخانقاه سعيد السعداء، وولي إفتاء دار العدل، وعدة تداريس، وتصدى للإشغال عدة سنين في فقه الحنفية، وفي النحو، والتفسير، والأصول.

وكان مليح الشكل، جميل الصورة، دمث الأخلاق، بشوشا، هيّئا حسن اللقاء، متوددا إلى أصحابه، منجمعا عن الناس، صدرا من صدور الحنفية، ومفخرا من مفاخر مصر. مات يوم الأحد سابع عشري جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. ذكره المقريزي في بعض تراجمه من شيوخه.

582 -

محمد- وقيل محمود- بن الإمام العلامة قطب الدين أبو عبد الله الرازي. (2)

المعروف بالقطب التحتانيّ. تمييزا له عن قطب آخر كان ساكنا معه بأعلى المدرسة الظاهرية.

أحد أئمة المعقول، اشتغل في بلاده بالعلوم العقلية وأتقنها، وشارك في العلوم الشرعية، وجالس العضد وأخذ عنه؛ ثم قدم دمشق واشتغل بها في العقليات، وأقام بها إلى أن توفي.

ذكره ابن السبكي في «الطبقات الكبرى» وقال: إمام مبرز في

(1) أنظر ترجمته في: انباء الغمر لابن حجر 1/ 389.

(2)

له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 107، طبقات الشافعية للاسنوي 47، طبقات الشافعية للسبكي 6/ 31 (طبع الحسينية)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 98 أ، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 298، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 11/ 87.

ص: 254

المعقولات، اشتهر اسمه، وبعد صيته، ورد إلى دمشق سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وبحثنا معه فوجدناه إماما في المنطق والحكمة، عالما بالتفسير، والمعاني والبيان، مشاركا في النحو، يتوقد ذكاء.

وقال الإسنوي في «طبقاته» : كان ذا علوم متعددة، وتصانيف مشهورة.

وقال ابن كثير: كان أحد المتكلمين العالمين بالمنطق وعلوم الأوائل، قدم دمشق من سنوات، وقد اجتمعت به فوجدته لطيف العبارة عنده ما يقال، وله مال وثروة، انتهى.

وسأل الشيخ تقيّ الدين السبكي عن حديث: (كل مولود يولد على الفطرة) فأجابه السبكي، فنقض هو ذلك الجواب وبالغ في التحقيق، فأجابه السبكي، وأطلق لسانه فيه، ونسبه إلى عدم فهم مقاصد الشرع والوقوف مع ظواهر قواعد المنطق. توفى في ذي القعدة سنة ست وستين وسبعمائة، ودفن بسفح قاسيون.

ومن تصانيفه «شرح الحاوي» في أربع مجلدات، قال ابن رافع: ولم يكمله، و «حواشي على الكشاف» وصل فيها إلى سورة طه، و «شرح المطالع» و «الشمسية» كلاهما في المنطق، وشرح «الإشارات» لابن سينا وغير ذلك.

ذكره ابن قاضي شهبة، ثم شيخنا في «طبقات النحاة» .

583 -

محمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل السّدي (1).

(1) له ترجمة في: خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 306، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 261، ميزان الاعتدال للذهبي 4/ 32.

ص: 255

بضم المهلة والتشديد. وهو الأصغر، كوفي، متهم بالكذب، من الطبقة الثامنة، وهو صاحب «التفسير» يروى عن يحيى بن عبيد الله والكلبي.

وعنه هشام بن عبيد الله، ومحمد بن عبيد المحاربي.

584 -

محمد بن المستنير أبو علي النحويّ المعروف بقطرب (1).

لازم سيبويه، وكان يدلج إليه، فإذا خرج رآه على بابه، فقال: ما أنت إلا قطرب ليل! فلقّب به.

وأخذ عنه عيسى بن عمر، وكان يرى رأي المتعزلة النظامية، فأخذ عن النّظّام مذهبه، واتصل بأبي دلف العجليّ، وأدّب ولده، ولم يكن ثقة.

قال ابن السّكّيت: كتبت عنه قمطرا، ثم تبينت أنه يكذب في اللغة، فلم أذكر عنه شيئا.

وله من التصانيف: «معاني القرآن» لم يسبق إلى مثله، وعليه احتذى الفراء، «الاشتقاق» ، «القوافي» ، «المثلث» ، «النوادر» ، «الصفات» ، «الأصوات» ، العلل في النحو، «الأضداد» ، «الهمز» ، «خلق الإنسان» ، «خلق الفرس» ، «إعراب القرآن» ، «المصنف الغريب» في اللغة، كتاب «الرد على الملحدين في متشابه القرآن» ، كتاب «غريب الآثار» ، كتاب «فعل وأفعل» ، «الأزمنة» وغير ذلك. مات سنة ست ومائتين.

(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 219، البداية والنهاية لابن كثير 10/ 259، تاريخ الاسلام للذهبي (وفيات 206)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 3/ 298، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 126، العبر 1/ 35، الفهرست لابن النديم 52، الكامل لابن الأثير 6/ 380، لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 5/ 378، مرآة الجنان لليافعي 2/ 31، مراتب النحويين 67، معجم الأدباء 7/ 105، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 160، نزهة الألباء 91، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 439.

ص: 256

ومن شعره:

إن كنت لست معي فالذكر منك معي

يراك قلبي وإن غيّبت عن بصري (1)

فالعين تبصر من تهوى وتفقده

وناظر القلب لا يخلو من النّظر

أورده شيخنا في «طبقات النحاة» .

585 -

محمد بن مسلم- بتشديد اللام- بن سعيد بن عمر بن بدر الدمشقي الشيخ زين الدين القرشي (2).

كان بارعا في التفسير، يحفظ المتون، ويعرف أسماء الرجال، ويشارك في العربية. كثير الإقبال على الاشتغال والطالعة لا يمل، مشهورا بقوة الحفظ وعدم النسيان، والقيام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكانت له سمعة وصيت.

ولد في شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة.

وتعانى عمل المواعيد، وتصدر للتدريس والإفتاء. مات في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة.

ذكره شيخنا في «طبقات الحفاظ» .

586 -

محمد بن منصور بن إبراهيم أبو بكر القصري البغدادي (3).

المقرئ المفسر.

قرأ بالروايات على ابن سوار، وثابت بن بندار.

(1) البيتان في معجم الأدباء لياقوت 7/ 106.

(2)

له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 1/ 405، الدرر الكامنة لابن حجر 3/ 271، ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 368، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 102 أ، وهو فيها جميعها، عمر بن مسلم، وقد سبقت ترجمته رقم 393 باسم عمر بن مسلم.

(3)

له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 262.

ص: 257

وأقرأ طائفة، وكان رأسا في التفسير، والقراءات، له حلقة بجامع المنصور.

قال أبو محمد بن الخشاب: من سمع بالسلف فرأى القصرى فكأنه قد رآهم.

مات في شعبان سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وله سبعون سنة.

ذكره الذهبي في «طبقات القراء» .

587 -

محمد بن منصور بن الحسن أبو سهل البرجي الأصبهاني العروضي (1).

بفتح العين وضم الراء وسكون الواو وضاد معجمة، نسبة إلى علم العروض الذي يعرف [به (2)] موزون الشعر من مكسوره، عن الحافظ أبي نعيم وغيره، صنف كتاب «غريب القرآن» .

588 -

محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عبد الجبار بن الفضل بن الربيع بن مسلم بن عبد الله بن المجيد الإمام الكبير أبو بكر بن الإمام أبي المظفر بن الإمام أبي منصور بن السّمعانيّ (3).

الشافعي، الفقيه، الأديب، المحدّث، الحافظ، الواعظ، الخطيب، المبرّز

(1) له ترجمة في: اللباب لابن الأثير 2/ 133.

(2)

من اللباب.

(3)

له ترجمة في: الأنساب للسمعاني 308 أ، البداية والنهاية لابن كثير 12/ 180، طبقات الشافعية للسبكي 7/ 5، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 31 ب، طبقات ابن هداية الله 72، العبر للذهبي 4/ 22، الكامل 10/ 524، اللباب لابن الأثير 1/ 563، المنتظم لابن الجوزي 9/ 188.

ص: 258

في علم الحديث، رجالا، وأسانيد، ومتونا، وغير ذلك، جامع لأشتات العلوم.

وهو أبو الحافظ الكبير، تاج الإسلام أبي سعيد عبد الكريم بن محمد، وكان هو أيضا يلقّب تاج الإسلام.

مولده في سنة ست وستين وأربعمائة.

سمع والده أبا المظفّر، وعبد الواحد بن أبي القاسم القشيريّ، ونصر الله ابن أحمد الخشناميّ، وأسعد بن مسعود العتبيّ، وأبا الحسن عليّ بن محمد العلّاف، ومحمد بن عبد الكريم بن حشيش الحافظ، وأبا الغنائم النّرسيّ (1) الحافظ، وغيرهم، بمرو، ونيسابور، والرّيّ، وهمذان، وبغداد، والكوفة، وأصبهان، ومكة وغيرها.

روى عنه السلفيّ وأبو الفتوح الطّائي وغيرهما.

ذكره عبد الغافر في «السياق» ، وقال فيه: الإمام، ابن الإمام، شاب نشأ في عبادة الله، وفي التحصيل من صباه، إلى أن أرضى أباه، حظي من الأدب، والعربية، والنحو، وثمرتها، نظما ونثرا، بأعلى المراتب.

ينفث إذا خط بأقلامه عقد السحر، وينظم من معاني كلامه عقود الدر، متصرفا في الفنون [بما](2) يشاء كيف يشاء، مطيعا له على البديهة الإنشاء، ثم برع في الفقه، مستدرا أخلافه من أبيه، بالغا في المذهب من الخلاف أقصى مراميه، وزاد على أقرانه وأهل عصره، بالتبحر في علم الحديث، ومعرفة الرجال والأسانيد، وما يتعلق من الجرح والتعديل،

(1) في الأصل: «الزينبي» تحريف، صوابه في طبقات الشافعية للسبكي، وتذكرة الحفاظ.

(2)

من طبقات الشافعية للسبكي.

ص: 259

والتحريف، والتبديل، وضبط المتون، والمشكلات من المعاني، مع الإحاطة بالتواريخ، والأنساب.

وطرّز أكمام فضله بمجالس تذكيره، الذي تتصدع صم الصخور عند تحذيره، وتتجمع أشتات العظام النخرة عند تبشيره، وصغى آذان الحفظة لمجاري نكته، وتختطف الملائكة لفاظة إشاراته من شفته، ويخترق حجب السبع الشداد صواعد دعواته ويطفئ أطباق الجحيم سوابق عبراته، وهو مع ذلك متخلق بأحسن الأخلاق، متمكن بتواضعه

وتودده من الأحداق، رافل جلابيب أهل الصفا، مراع لعهود الإسلام (1) بحسن الوفا، مجموع له الأخلاق الحميدة، ثابت له الحقوق الأكيدة. خلف أباه ببلدته، في مجالس التدريس، والنظر، والتذكر، وزاد عليه في الخطابة والقبول التام بين الخاص والعام، وصبر على مكابدة الخصوم اللد، ومقاومة المعاندين والمخالفين، ونفق سوق تقواه وورعه عند الملوك والأكابر، حتى عظموا خدمته وتبركوا به، وبنصحه، وكلامه، وصار قطب قطره، حشمة، وحرمة، وجاها، ومنزلة، مستغنيا بكفافه، وما آتاه الله من غير منة مخلوق، عن التعرض لمنال شيء من الحطام قاصرا همه وأيامه على الإفادة، ونشر العلم، مد الله في عزيز أنفاسه، وأبقاه حجة على العلماء. هذا آخر كلام عبد الغافر.

قال الحافظ أبو سعيد: أملى والدي رحمه الله مائة وأربعين مجلسا، في غاية الحسن والفوائد، بجامع مرو، واعترف له بأنه لم يسبق إلى مثلها، وصنف تصانيف في الحديث.

وكان يملي في مجلس وعظه الأحاديث بأسانيدها، فاعترض عليه بعض المنازعين، وقال: محمد السمعانيّ يصعد المنبر، ويعد الأسامي، ونحن لا نعرف، ولعله يضعها في الحال، وكتب هذا الكلام في رقعة، وأعطيت له،

(1) في طبقات الشافعية للسبكي: «لعهود الأسلاف» .

ص: 260

بعد أن صعد المنبر، فنظر فيها، وروى حديث:(من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) بنيف وتسعين طريقا، ثم قال: إن لم يكن في هذا البلد أحد يعرف الحديث، فنعوذ بالله من المقام في بلد ما فيها من يعرف الحديث، وإن كان فليكتب عشرة أحاديث بأسانيدها، ويترك اسما أو اسمين من كل إسناد، ويخلط الأسانيد بعضها ببعض، فإن لم أميز بينها، وأضع كل اسم منها مكانه، فهو كما يدّعيه.

وفعلوا ذلك امتحانا، فرد كل اسم إلى موضعه، وطلب القراء الذين يقرءون في مجلسه، في ذلك اليوم شيئا، فأعطاهم الحاضرون ألف دينار.

وللإمام أبي بكر شعر كثير، ويحكى أنه غسل قبل موته جميع المسودات التي فيها شعره، فلم يوجد له إلا ما كان على ظهور الدفاتر والأجزاء.

ويحكى أن شخصا كتب إليه رقعة، وفيها أبيات شعر، وأراد جوابها، فقال: أما الأبيات فقد أسلم شيطان شعري، فلا جواب لها.

ومن مليح شعره:

أقلي النهار إذا أضاء صباحه

وأظل أنتظر الظلام الدامسا (1)

فالصبح يشمت في فيقبل ضاحك

والليل يرثي لي فيدبر عابسا

ومنه:

وظبي فوق طرف ظل يرمي

بسهم اللحظ قلب الصب طرفه

يؤثر طرفه في القلب ما لا

يؤثر في الحصى والتّرب طرفه

ومنه، ما أورده ولده أبو سعد، في كتاب «التحبير» في ترجمة أبي حامد

(1) طبقات الشافعية للسبكي 7/ 8.

ص: 261

أحمد بن عبد الله الفازيّ، المعروف بالأوحد، وذكر أنه قال في قرية فاز، إحدى قرى طوس:

نزلنا بقعة تدعى بفاز

فكان ألذّ من نيل المفاز

وقست إلى ثراها كلّ أرض

فكانت كالحقيقة في المجاز

قال الحافظ أبو سعد: من عجيب ما اتّفق، أن آخر مجلس أملاه، كان افتتاحه بقوله صلى الله عليه وسلم:(إنّ أمامكم عقبة كئودا، لا يجوزها المثقّلون، فأنا أحبّ أن أتخفف لتلك العقبة).

وكان قد وصل في التفسير، الذي يذكره في مجلس الوعظ إلى قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (1) الآية.

وتوفى عقب ذلك، ابن ثلاث وأربعين سنة، في يوم الجمعة، ثاني صفر سنة عشر وخمسمائة رحمه الله تعالى.

ذكره ابن السبكي في «الكبرى» .

589 -

محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم الإمام الحافظ البارع النسابة أبو بكر الحازميّ الهمذانيّ (2).

صاحب كتاب «الناسخ والمنسوخ» وكتاب «عجالة المبتدى» في

(1) سورة المائدة 3.

(2)

له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 12/ 332، تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1363، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/ 192، الروضتين 2/ 137، طبقات الشافعية للسبكي 7/ 13، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 41 ب، طبقات ابن هداية الله 80، العبر 4/ 254، مرآة الجنان لليافعي 3/ 429، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 6/ 109، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 421.

ص: 262

الأنساب، و «المؤتلف والمختلف» في أسماء البلدان، وإسناد أحاديث «المهذب» للشيخ أبي إسحاق إملاء لم يتم.

ولد الحازمي سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وسمع من أبي الوقت السجزي حضورا، ومن شهردار بن شيرويه الديلمي، وأبي زرعة المقدسي، والحافظ أبي العلاء الهمذاني، ومعمر بن الفاخر.

وقدم بغداد فسمع من أبي الحسين عبد الحق بن يوسف، وعبد الله بن عبد الصمد العطار، وبالموصل من الخطيب أبي الفضل الطوسي، وبواسط من أبي طالب المحتسب، وبالبصرة من محمد بن طلحة المالكي، وبأصبهان من أبي الفتح الخرقي. وكتب الكثير وصنّف وجوّد.

قال الدّبيثي: قدم بغداد وسكنها، وتفقه بها على مذهب الشافعي، وجالس العلماء، وتميز وفهم، وصار من أحفظ الناس للحديث وأسانيده ورجاله، مع زهد وتعبّد ورياضة وذكر، صنّف في الحديث عدة مصنفات، وأملى عدة مجالس، وكان كثير المحفوظ، حلو المذاكرة، يغلب عليه معرفة أحاديث الأحكام.

وذكره ابن النجار فقال: كان من الأئمة الحفاظ، العالمين بفقه الحديث ومعانيه ورجاله.

قال: وكان ثقة نبيلا زاهدا عابدا ورعا ملازما للخلوة والتصنيف وبث العلم، أدركه أجاله شابا.

قال: وسمعت محمد بن محمد بن محمد بن غانم الحافظ يقول: ما رأيت شابا أحفظ منه.

وقال: وسمعت بعض الأئمة يذكر أن الحازمي كان يحفظ كتاب «الإكمال» في المؤتلف والمختلف ومشتبه النسبة.

ص: 263

قال: وسمعت أبا القاسم المقرئ جارنا يقول- وكان صالحا- كان الحازمي في رباط البديع، فكان يدخل بيته في كل ليلة ويطالع ويكتب إلى الفجر، فقال البديع للخادم: لا تدفع إليه الليلة نورا للسراج لعله يستريح الليلة، فقال: فلما جنّ الليل اعتذر إليه الخادم لانقطاع النور، فدخل بيته وصف قدميه، ولم يزل يصلي ويتلو إلى أن طلع الفجر، وكان الشيخ خرج ليعلم خبره فوجده في الصلاة. مات الحازمي رحمه الله في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وخمسمائة.

590 -

محمد بن موسى أبو علي الواسطي (1).

قاضي الرملة.

قال ابن يونس في «تاريخ مصر» . كان عالما بالفقه والتفسير، ويتفقه على مذهب أهل الظاهر، وقد رمي بالقدر. مات في ربيع الأول سنة عشرين وثلاثمائة.

591 -

محمد بن النضر بن مرّ بن الحر (2) الرّبعيّ الإمام أبو الحسن بن الأخرم (3) الدمشقي (4).

صاحب هارون بن موسى بن شريك.

(1) له ترجمة في: طبقات المفسرين للسيوطي 40.

(2)

في الأصل: «ابن الحراء» . وأثبتنا ما في طبقات القراء لابن الجزري، وطبقات القراء للذهبي، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة.

(3)

في الأصل: «ابن الأحزم» . والتصويب من الشذرات، والنجوم الزاهرة، والعبر، وطبقات القراء لابن الجزري، وطبقات القراء للذهبي.

(4)

له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 270، طبقات القراء للذهبي 1/ 234، طبقات المفسرين للسيوطي 40، العبر للذهبي 2/ 257، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 309.

ص: 264

قال الذهبي في «طبقات القراء» : قرأ على هارون، وعلى جعفر بن أحمد ابن كزاز، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالشام، وكان له حلقة عظيمة.

وتلامذة جلة.

قال أبو عمرو الداني: روى القراءة عنه عرضا أحمد بن عبد العزيز بن بدهن، وأحمد بن نصر الشّذائيّ، ومحمد بن أحمد الشّنبوذيّ، ومحمد بن الخليل، وصالح بن إدريس، وعلي بن محمد بن بشر الأنطاكيّ، وعبد الله بن عطية المفسر، والفتح المظفر بن برهام، وعلي بن داود الدّارانيّ (1)، ومحمد بن حجر، وجماعة لا يحصى عددهم، منهم: محمد بن أحمد السلمي الجبنيّ شيخ الأهوازيّ، وسلامة بن الربيع المطرّز، وأبو بكر أحمد بن مهران.

وقد أخطأ عبد الباقي بن الحسن في اسمه واسم أبيه، فقال فيه: علي بن الحسن بن مرّ.

وقال علي بن داود: لما قدم ابن الأخرم: بغداد حضر مجلس ابن مجاهد، فقال لأصحابه: هذا صاحب الأخفش الدمشقي، فاقرءوا عليه، وكان ممن قرأ عليه أبو الفتح بن بدهن.

وقال الشنبوذي: قرأت على أبي الحسن المعروف بابن الأخرم، فما رأيت شيخا أحسن معرفة منه بالقرآن ولا أحفظ، وكان مع ذلك يحفظ تفسيرا كثيرا ومعاني، وقال لي [إن](2) الأخفش لقنني القرآن.

وقال عبد الباقي بن الحسن: قال لي ابن الأخرم: قرأت على الأخفش وكان يأخذ علي في منزلي، قال عبد الباقي: كان أبوه يخلص للأخفش رزقه من السلطان كل سنة.

(1) الداراني: بفتح الدال وسكون الألفين بينهما راء مفتوحة وفي آخرها نون، هذه النسبة إلى داريا، وهي قرية من غوطة دمشق (اللباب لابن الأثير 1/ 403).

(2)

من طبقات القراء لابن الجزري، وطبقات القراء للذهبي.

ص: 265

قال أبو القاسم بن عساكر: طال عمر ابن الأخرم. وارتحل الناس إليه، وكان عارفا بعلل القراءات بصيرا بالتفسير والعربية، متواضعا، حسن الأخلاق كبير الشأن.

وقال محمد بن علي السلمي: قمت ليلة المؤذن الكبير لأخذ النوبة على ابن الأخرم، فوجدت قد سبقني ثلاثون قارئا، ولم تدركني النوبة إلى العصر.

قال أبو علي أحمد بن محمد الأصبهاني: توفي ابن الأخرم الرّبعيّ سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وقال غيره: سنة اثنتين وأربعين.

وقال عبد الباقي بن الحسن: توفي أبو الحسن بن الأخرم بعد سنة أربعين، وصليت عليه في المصلى بعد الظهر، وكان يوما صائفا، وصعدت غمامة على جنازته من المصلى إلى قبره، فكانت شبه الآية له رحمه الله.

مولده سنة ستين ومائتين.

592 -

محمد بن أبي عليّ بن أبي نصر بن أبي سعيد الشيخ فخر الدين النّوقاني (1).

من أهل نوقان طوس.

درس الفقه بنيسابور على محمد بن يحيى، ثم قدم بغداد واستوطنها، ودرّس بالمدرسة القيصرية مدة، إلى أن أنشأت أم الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين مدرسة بالجانب (2) الغربي فجعلته مدرسا بها.

قال ابن النجار: كان من كبار الأئمة. وأعيان فقهاء الأمة، عالما كاملا نبيلا ورعا، له اليد الباسطة في المذهب والخلاف، والباع الممتد في حسن الكلام والمناظرة وإيراد ما يورده من الجدل والمنطق، وله معرفة تامة بالتفسير.

(1) له ترجمة في: طبقات الشافعية للسبكي 7/ 29.

(2)

في الأصل: «بالجامع الغربي» ، والمثبت في طبقات الشافعية للسبكي.

ص: 266

قال: وأكثر الفقهاء والمدرسين ببغداد من الشافعية والحنابلة تلامذته.

قال: وكان مع فضله صالحا متدينا حافظا لأوقاته، لا يذهب ساعة من عمره إلا في أشغال أو اشتغال أو نسخ أو مطالعة.

حدّث ببغداد بكتاب «الأربعين» لشيخه محمد بن يحيى.

قال: وسمعت الفقيه أبا عبد الله محمد بن أبي بكر بن الدّبّاس يقول فيه:

كان وليا لله، ويذكر أشياء من كلامه، كان يعده بها ورآها.

مولد بنوقان، في شوال سنة [ست (1)] عشرة وخمسمائة. وتوفي في صفر سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.

ذكره ابن السبكي في «الكبرى» .

593 -

محمد بن هبة الله بن جعفر، بن هبة الله، سراج الدين أبو بكر الدّندريّ الرّبعيّ الشافعيّ (2).

برع في الفقه والأصلين، والتفسير، وولي الحكم بأدفو، وبدندرا، من بلاد الصعيد، وله مصنّف في «الوراقة» . توفي ببلده سنة أربع وسبعين وستمائة.

ذكره المقريزي في «المقفى» ..

594 -

محمد بن وسيم بن سعدون أبو بكر الطليطلي (3).

سمع أباه، وغيره من شيوخ بلده.

وبقرطبة من ابن أيمن، وقاسم بن أصبغ، وغيرهما.

(1) من طبقات الشافعية للسبكي.

(2)

له ترجمة في: الطالع السعيد للادفوي 636.

(3)

له ترجمة في: تاريخ علماء الأندلس 2/ 66، ترتيب المدارك للقاضي عياض 4/ 460.

ص: 267

وكان أعمى، ذا بصر بالفقه والحديث، وحظ من علم العربية، واللغة، والشعر والتفسير والفرائض، والحساب، شاعرا ذكيا، وكانوا يرون ما فيه من ذكاء ببركة دعاء أبيه وكان صالحا. مات في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة (1).

ومن شعره:

خذ من شبابك قبل الموت والهرم

وبادر التّوب قبل الفوت والندم (2)

واعلم بأنك مجزي ومرتهن

وراقب الله واحذر زلّة القدم

فليس بعد حلول الموت معتبة

إلا الرّجاء وعفو الله ذي الكرم.

ذكره القاضي عياض في «المدرك» .

595 -

محمد بن يحيى بن أحمد بن خليل أبو سعيد الشّلوبين الإشبيلي (3).

روى عن أبيه وعمه أبي علي الشّلوبين.

وألف كتابا في «الأحكام» وكتابا في «غوامض التأويل، واعتنى بعلم التفسير اعتناء كبيرا، وغلب عليه حال العبادة.

ورحل مع أخيه أبي الفضل محمد، وحجا، ومات أبو الفضل بمصر، وعاد أبو سعيد إلى بلده، فمات إثر وصوله في عشر الأربعين وستمائة.

وقد أخذ عن أبي الطاهر بن عوف، وغيره .......... (4)

(1) في الأصل: «وخمسمائة» ، صوابه في مصادر الترجمة.

(2)

الأبيات في بغية الوعاة للسيوطي، وترتيب المدارك للقاضي عياض.

(3)

له ترجمة في: المقفى للمقريزي 3 ورقة 202.

(4)

بفتح المعجمة واللام، وسكون الواو وكسر الواو الموحدة ونون، وربما زيد تعدها ياء النسبة، ومعناه بلغة الأندلس «الابيض الاشقر» .

ص: 268

ذكره المقريزي في «المقفى» .

596 -

محمد بن يحيى بن أبي حزم- بفتح المهملة وسكون الزاي- واسمه مهران القطعي- بضم القاف وفتح المهملة- البصري (1).

عن عمه حزم، وعبد الأعلى بن الأعلى.

وعنه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وابن خزيمة، وابن صاعد.

ثقة صدوق من كبار الطبقة العاشرة. مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين.

له «لغات القرآن» ................ .... (2).

597 -

محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمير بن حسان بن سليم بن سعد بن عبد الله بن زيد (3) بن مالك بن الحارث بن عامر بن عبد الله بن بلال بن عوف بن أسلم- وهو ثمالة- بن أحجن بن كعب بن الحارث ابن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن أزد بن الغوث أبو العباس الأزدي الثمالي المعروف بالمبرد (4).

(1) له ترجمة في تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 548، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 310، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 278.

(2)

بياض في الأصل.

(3)

كذا في جمهرة أنساب العرب ومعظم المصادر. وفي الأصل: «يزيد» .

(4)

له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 241، الأنساب للسمعاني الورقة 116، البداية والنهاية لابن كثير 11/ 79، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 3/ 380، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 280، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 146، العبر 2/ 74، الفهرست لابن النديم 59، اللباب لابن الأثير 1/ 197، لسان الميزان 5/ 430، مراتب النحويين 83، مرآة الجنان لليافعي 2/ 210، معجم الأدباء 7/ 137، مفتاح السعادة 1/ 157، المقفى للمقريزي 3 ورقة 232 ترجمة مطولة، المنتظم 6/ 9، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 117، نزهة الألباء للأنباري 217، هدية العارفين للبغدادي 2/ 20، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 441.

ص: 269

شيخ أهل النحو، وحافظ علم العربية.

ولد يوم الاثنين ليلة الأضحى سنة عشر ومائتين. وقيل: سنة سبع ومائتين.

وهو من أهل البصرة وسكن بغداد.

أخذ عن أبي عثمان المازنيّ، وأبي حاتم السجستانيّ وغيرهما من الأدباء.

روى عنه: إسماعيل بن محمد الصفار، ونفطويه، ومحمد بن أبي الأزهر، وأبو بكر الصولي، وأبو عبد الله الحكيمي، وأبو سهل بن زياد، وجماعة يتسع ذكرهم.

وكان عالما فاضلا، فصيحا بليغا مفوّها، ثقة أخباريا، موثقا به في الرواية، حسن المحاضرة، علامة صاحب نوادر وظرافة، وكان جميلا لا سيما في صباه.

قال السيرافيّ في «طبقات النحاة البصريين» : وهو من ثمالة- يعني بضم التاء المثلثة- قبيلة من الأزد، وفيه يقول عبد الصمد بن المعذّل هاجيا له:

سألت عن ثمالة كل حي

فقال القائلون ومن ثماله

فقلت محمد بن يزيد منهم

فقالوا زدتنا بهم جهاله

قال: وكان الناس بالبصرة، يقولون: ما رأى المبرد مثل نفسه.

ولما صنف المازني كتاب «الألف واللام» ، سأل المبرد عن دقيقه وعويصه فأجابه بأحسن جواب، فقال له: قم فأنت المبرد- بكسر الراء- أي المثبت للحق، فغيره الكوفيون، وفتحوا الراء.

قال نفطويه: ما رأيت أحفظ للأخبار بغير أسانيد منه. مات المبرد

ص: 270

ببغداد يوم الاثنين لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ست وثمانين ومائتين، وصلى عليه القاضي أبو محمد يوسف بن يعقوب.

وله من التصانيف كتاب «معاني القرآن» ويعرف «بالكتاب التام» ، وكتاب «الحروف في معاني القرآن إلى سورة طه» وكتاب «إعراب القرآن» ، وكتاب «احتجاج القراء» وكتاب «معاني صفات الله تعالى» وكتاب «الكامل» وكتاب «الروضة» ، وكتاب «المقتضب» ، وكتاب «الاشتقاق» ، وكتاب «التعازي» ، وكتاب «الأنواء والأزمنة» ، وكتاب «القوافي» ، وكتاب «الخط والهجاء» ، وكتاب «المدخل» إلى كتاب سيبويه، وكتاب «الرد على سيبويه» وكتاب «المقصور والممدود» ، وكتاب «المذكر والمؤنث» ، وكتاب «شرح شواهد كتاب سيبويه» ، وكتاب «ضرورة الشعر» ، وكتاب «نسيب عدنان وقحطان» ، وكتاب «أدب الجليس» ، وكتاب «العروض» ، وكتاب «الممادح والمقابح» ، وكتاب «الرياض المونقة» ، وكتاب «أسماء الدواهي» ، وكتاب «الجامع» لم يتمه، وكتاب «الوشى» ، وكتاب «معنى (1) كتاب سيبويه» ، وكتاب «معنى (2) كتاب الأخفش الأوسط» ، وكتاب «شرح كلام العرب وتخليص (3) ألفاظها ومزاوجة كلامها وتقريب معانيها» ، وكتاب «ما اتفقت ألفاظه واختلفت معانيه في القرآن» ، وكتاب «طبقات النحويين البصريين» وغير ذلك.

قال السيرافيّ: وكان بينه وبين ثعلب في المنافرة ما لا خفاء به، وأكثر أهل التحصيل يفضلونه.

(1) كذا في: الفهرست لابن النديم، ومعجم الأدباء لياقوت، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة. وفي الأصل:«فقر كتاب سيبويه» .

(2)

كذا في الفهرست لابن النديم، وانباه الرواة للقفطي، ومعجم الأدباء لياقوت، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة. وفي الأصل:«فقر كتاب الأخفش الأوسط» .

(3)

كذا في: الفهرست لابن النديم، ومعجم الأدباء لياقوت. وفي الأصل:«تلخيص» .

ص: 271

ولاشتهار عداوتهما نظمهما الشعراء فقال بعضهم:

كفى حزنا أنّا جميعا ببلدة

ويجمعنا في أرض برشهر مشهد (1)

وكل لكلّ مخلص الودّ وامق

ولكننا في جانب عنه نفرد

نروح ونغدو لا تزاور بيننا

وليس بمضروب لنا عنه موعد

فأبداننا في بلدة والتقاؤنا

عسير كأننا ثعلب والمبرد

وقال بعضهم يفضله:

رأيت محمد بن يزيد يسمو

إلى الخيرات في جاه وقدر

جليس خلائف وغذيّ ملك

وأعلم من رأيت بكل أمر

وينثر إن أجال الفكر درا

وينثر لؤلؤا من غير فكر

وكان الشعر قد أودى فأحيا

أبو العباس دائر كل شعر

وقالوا ثعلب رجل عليهم

وأين النجم من شمس وبدر

وقالوا ثعلب يفتى ويملي

وأين الثعلبان من الهزبر

وهذا في مقالك مستحيل

تشبّه جدولا وشلا ببحر

وقال:

أيا طالب العلم لا تجهلن

وعذ بالمبرد أو ثعلب

تجد عند هذين علم الورى

فلا تك كالجمل الأجرب

علوم الخلائق مقرونة

بهذين بالشّرق والمغرب

ومن شعر المبرد:

حبّذا ماء العناقي

د بريق الغانيات

بهما ينبت لحمي

ودمي أيّ نبات

أيها الطالب شيئا

من لذيذ الشّهوات

كل بماء المزن تفّا

ح خدود ناعمات

(1) برشهر: اسم لمدينة نيسابور بخراسان، والأبيات في معجم البلدان لياقوت 1/ 566.

ص: 272

ذكره المقريزي في «المقفى» ولخصت هذه الترجمة منه.

وذكره شيخنا في «طبقات اللغويين والنحاة» .

598 -

محمد بن يزيد بن طيفور الإمام العلامة المفسر ركن الدين السجاوندي البسطامي.

مؤلف «عيون المعاني» ، ومختصره و «نور العيون في التفسير» و «الوقف والابتداء» [مات] تخمينا سنة ست وأربعين.

599 -

محمد بن يزيد بن ماجة مولى ربيعة أبو عبد الله القزوينيّ الحافظ (1).

صاحب «كتاب السنن» .

وماجة (2) لقب يزيد.

ولد سنة تسع ومائتين، وارتحل إلى العراق والبصرة والري والكوفة وبغداد والشام ومصر في طلب الحديث.

فسمع بمصر حرملة بن يحيى، وأبا الطاهر بن السرح، ومحمد بن رمح، ومحمد بن الحارث، ويونس بن عبد الأعلى.

وسمع بدمشق هشام بن عمار، ودحيما، والعباس بن الوليد، والخلال، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، ومحمود بن خالد.

(1) أنظر ترجمته في: البداية والنهاية لابن كثير 11/ 52، تاريخ قزوين للرافعي 165، تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 636، تهذيب التهذيب لابن حجر 9/ 530، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 312، الرسالة المستطرفة للكتاني 12، العبر 2/ 51، مرآة الجنان لليافعي 2/ 188، مفتاح السعادة 2/ 139، المقفى 3 ورقة 229، والترجمة فيه بالنص، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 7، وفيات الأعيان لابن خلكان 2/ 636.

(2)

قال الامام الرافعي: وماجة «لقب يزيد، والد أبي عبد الله. كذلك رأيت بخط أبي الحسن القطان، وهبة الله بن زاذان، وقد يقال: محمد بن يزيد بن ماجة» . والأول أثبت (تاريخ قزوين للرافعي 165).

ص: 273

وبحمص محمد بن مصفى، وهشام بن عبد الملك.

وبالعراق أبا بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن عبدة، وإسماعيل بن موسى الفزاري، وأبا خيثمة زهير بن حرب، وسويد بن سعيد، وخلقا.

روى عنه أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، وأبو عمر وأحمد ابن محمد بن إبراهيم بن حكيم، وأبو الطيب أحمد بن روح البغدادي.

وكان عارفا بهذا الشأن، وله كتاب في «التفسير» ، وكتاب «السنن» ، وكتاب «التاريخ» إلى عصره، مات بقزوين عن أربع وستين سنة يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وتولى غسله محمد بن علي القهرمان، وإبراهيم بن دينار الوراق، وصلى عليه أخوه أبو بكر، وتولى دفنه أخوه الحسن وابنه عبد الله.

قال ابن طاهر: من نظر في سننه، علم منزلة الرجل من حسن الترتيب، وغزارة الأبواب، وقلة الأحاديث، وترك التكرار، ولا يوجد فيه من النوازل والمقاطيع والمراسيل والرواية عن المجروحين إلا قد ما أشار إليه أبو زرعة.

وهذا الكتاب وإن لم يشتهر عند أكثر الفقهاء، فإن له بالري وما والاها من بلاد الجيل وقوهستان ومازندران وطبرستان شأن عظيم، عليه اعتمادهم.

وله عندهم طرق كثيرة.

وقال أبو الحسن علي بن إبراهيم بن [سلمة](1) القطان: جملة كتاب «السنن» ، وهو اثنان وثلاثون كتابا فيها ألف باب وخمسمائة باب، في جملة الأبواب أربعة آلاف حديث.

600 -

محمد بن يزيد الواسطي.

(1) من العبر للذهبي.

ص: 274

معتزلي، له كتاب «إعجاز القرآن في نظمه (1) ..... » .. (2).

601 -

محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن إدريس بن فضل الله بن الشيخ أبي إسحاق صاحب «التنبيه» الشيخ مجد الدين أبو الطاهر الشيرازي الفيروزآبادي (3).

صاحب «القاموس» .

قال الحافظ ابن حجر: وكان الناس يطعنون في ذلك مستندين إلى أن الشيخ أبا إسحاق لم يعقب [ثم ارتقى] فادعى بعد أن ولي قضاء اليمن أنه من ذرية أبي بكر الصديق.

قال الحافظ ابن حجر: ولم يكن مدفوعا عن معرفة، إلا أن النفس تأبى قبول ذلك.

ولد في ربيع الآخر وقيل في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وسبعمائة بكازرون (4) من أعمال شيراز، ونشأ بها فحفظ القرآن، وانتقل إلى شيراز

(1) اسمه في الفهرست لابن النديم ص 38: «كتاب اعجاز القرآن في نظمه وتأليفه» .

(2)

بياض في الأصل. وقد ذكر ابن النديم صاحب الترجمة تحت عنوان الكتب المؤلفة في معاني شتى من القرآن ص 38 ولم يزد على ذلك. ثم ذكره مرة أخرى ص 172 باسم محمد بن زيد الواسطي، مصنف «اعجاز القرآن في نظمه وتأليفه» ، وأطال في ترجمته. ولعل المصنف تبع ابن النديم في ذلك، فقد ذكره المصنف باسم محمد بن زيد الواسطي:

وأطال في ترجمته، وانظر الترجمة 490، ثم ذكره المصنف هنا باسم محمد بن يزيد الواسطي، ووقف عند اسم كتابه كما فعل ابن النديم.

(3)

له ترجمة في: البدر الطالع للشوكاني 2/ 280، ذيل تذكرة الحفاظ 256، روضات الجنات 207، الضوء اللامع للسحاوي 10/ 79، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 116 أ، كشف الظنون لحاجي خليفة 14، 401، 502، 624، 749، 1306، 1351، 1859، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 119، المقفى للمقريزي ج 3 ورقة 231، هدية العارفين 2/ 180، 181.

(4)

كازرون: بتقديم الزاي وآخره نون مدينة بفارس بين البحر وشيراز (معجم البلدان لياقوت 4/ 225).

ص: 275

فأخذ اللغة والأدب عن والده، ثم عن قوام الدين عبد الله بن محمود وغيرهما من علماء شيراز، ثم دخل بغداد فأخذ عن تاج الدين محمد بن السباك، وقرأ عليه «المشارق» للصغاني، ثم ارتحل إلى دمشق، فأخذ بها على أكثر من مائة شيخ منهم التقي السبكي، ودخل القدس فقطن به نحو عشر سنين، وولي به تداريس وتصادير، وظهرت فضائله، وكثر الآخذون عنه، فكان ممن أخذ عنه الصلاح الصفدي، وأوسع في الثناء عليه.

ثم دخل القاهرة، فكان ممن لقيه بها الجمال الإسنوي، والبهاء بن عقيل، وابن هشام، والعز بن جماعة، وابن نباتة، وغيرهم.

وجال في البلاد الشمالية والمشرقية، ودخل الروم والهند، ولقي جمعا من الفضلاء، وحمل عنهم شيئا كثيرا، وسمع الكثير من مشايخ العراق والشام ومصر وغيرها.

ومن مروياته الكتب الستة، و «سنن البيهقي» ، و «مسند الإمام أحمد» ، و «صحيح ابن حيان» .

وقرأ «صحيح مسلم» بدمشق على ناصر الدين محمد بن جهبل في ثلاثة أيام تجاه نعلي النبي صلى الله عليه وسلم، وتكررت مجاورته بمكة، وابتنى بها دارا على الصفا عملها مدرسة للأشرف صاحب اليمن وقرر بها مدرسين وطلبة، وفعل بالمدينة الشريفة كذلك، وله بمنى وغيرها دور.

وجال في البلاد، ولقي بها الملوك والأكابر، ونال وجاهة ورفعة، واجتمع بتمرلنك في شيراز، وعظمه وأكرمه ووصله بنحو مائة ألف درهم، وارتحل إلى مكة ثم اليمن، ودخل زبيد فتلقاه سلطانها الأشرف إسماعيل بالقبول، وبالغ في إكرامه، وصرف له ألف دينار سوى الألف التي أمر بها ناظر عدن بتجهيزه بها، واستمر مقيما في كنفه على نشر العلم، فكثر الانتفاع به، وأضاف إليه قضاء اليمن كله بعد ابن العجيل، واستمر في وظيفته إلى حين وفاته، وهي مدة تزيد على عشرين سنة.

ص: 276

وكان الأشرف قد تزوج ابنته لمزيد جمالها، ونال منه برا ورفعة بحيث أنه صنف له كتابا وأهداه له على أطباق، فملأها له دراهم، وفي أثناء هذه المدة قدم مكة مرارا، فجاور بها وبالمدينة النبوية والطائف، وعمل بها مآثر حسنة لو تمت.

ولم يكن قط دخل بلدا إلا وأكرمه متوليها مع المبالغة، مثل شاه منصور [بن (1)] شجاع صاحب تبريز، والأشرف صاحب مصر، والأشرف صاحب اليمن، وابن عثمان ملك الروم، وأحمد بن أويس صاحب بغداد، وتمرلنك الطاغية، وغيرهم.

واقتنى من ذلك كتبا نفيسة حتى نقل الخياط أنه سمع الناصر أحمد بن اسماعيل يقول: إنه سمعه يقول: اشتريت كتبا بخمسين ألف مثقال ذهب، وكان لا يسافر إلا وصحبته منها عدة أحمال، ومن وسع دنياه كان يدفعها إلى من يمحقها بالإسراف في صرفها.

وصنف الكثير، فمنه في التفسير «بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز» مجلدان، و «تنوير المقباس في تفسير ابن عباس» أربع مجلدات، و «تيسير فاتحة الإياب في تفسير فاتحة الكتاب» مجلد كبير، و «الدر النظيم المرشد إلى مقاصد القرآن العظيم» ، و «حاصل كورة الخلاص (2) في فضائل سورة الإخلاص» و «شرح قطبة الخشاف (3) في شرح خطبة الكشاف» .

وفي الحديث «شوارق الأسرار العلية في شرح مشارق الأنوار النبوية»

(1) من الضوء اللامع للسحاوي.

(2)

في الأصل: «الاخلاص» . وأثبتنا ما في: البدر الطالع، والضوء اللامع، وكشف الظنون، وهدية العارفين، والمقفى.

(3)

في الأصل: «الحشاف» . والمثبت في المقفى للمقريزي، والبدر الطالع، وهدية العارفين للبغدادي، وكشف الظنون لحاجي خليفة.

ص: 277

أربع مجلدات، و «منح (1) الباري بالسيح الفسيح الجاري في شرح صحيح البخاري» كمل منه ربع العبادات، ويخمن تمامه في أربعين مجلدا، و «عمدة الحكام في شرح

عمدة الأحكام» مجلدان و «النفحة العنبرية في مولد خير البرية» و «الصلاة والبشر في الصلاة على خير البشر» و «أحاسن اللطائف في محاسن الطائف (2) و «منية السول في دعوات الرسول» .

وفي التاريخ «نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان» مجلد، و «تعيين الغرفات للمعين على عين عرفات» .

وفي اللغة «اللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب» وزيادات امتلأ بها الوطاب واعتلى منها الخطاب ففاق كل مؤلف في هذا الباب، يقدر تمامه في مائة مجلد، كل مجلد يقرب من صحاح الجوهري» في المقدار، أكمله منه خمس مجلدات، و «القاموس المحيط والقابوس الوسيط الجامع لما ذهب من لغة العرب شماطيط» في جزءين ضخمين، وهو عديم النظير.

قال التقي الكرماني: أمره والدي يعني الشيخ شمس الدين باختصاره فاختصره في مجلد ضخم، وفيه فوائد عظيمة، وفرائد كريمة، واعتراضات على الجوهري، وكان كثير الاعتناء بتصانيف الصغاني، وله في اللغة أيضا «تحبير المؤشّين فيما يقال بالسين والشين» ، أخذه عنه البرهان الحلبي الحافظ، ونقل عنه أنه تتبع أوهام ابن فارس في «المجمل» في ألف موضع، مع تعظيمه لابن فارس وثنائه عليه، و «المثلث الكبير» في خمس مجلدات، و «الصغير» ، و «الروض المسلوف فيما له اسمان الى ألوف» ، و «الدرر المبثثة في الغرر

(1) كذا في الأصل، وهو يوافق ما في: الضوء اللامع للسحاوي، والمقفى للمقريزي، وهدية العارفين، وكشف الظنون. وفي مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده:«فتح الباري» .

(2)

في الأصل: «محاسن اللطاف» . وأثبتنا ما في سائر مصادر الترجمة.

ص: 278

المثلثة» (1)، و «تحفة القماعيل فيمن يسمى من الملائكة والناس إسماعيل» و «ترقيق الأسل في تصفيق العسل» في كراريس و «مزاد المزاد وزاد المعاد» إلى غير ذلك من مؤلفاته التي تبلغ في العدد خمسين تقريبا.

قال الحافظ ابن حجر: ولما صنف «شرح البخاري» ملأه بغرائب النقول، ولما اشتهرت مقالة ابن عربيّ باليمن، صار يدخل منها فيه، فشأنه بذلك، ولم يكن متّهما بالمقالة المذكورة إلا أنه كان يحبّ المداراة، انتهى وفيه نظر.

وسئل بالروم عن قول علي رضى الله عنه لكاتبه: «الصق روانفك بالجبوب، وخذ المزبر بشناترك، واجعل حندورتيك إلى قيهلي، حتى لا أنغى نغية إلا أودعتها حماطة جلجلانك» ، ما معناه؟ فأجاب: الزق عضرطك بالصّلة وخذ المصطر بأباخسك؛ واجعل جحمتيك إلى أثعباني، حتى لا أنبس نبسة إلا وعيتها في لمظة رياطك. فتعجب الحاضرون من سرعة الجواب بما هو أبدع وأغرب من السؤال.

قال شيخنا الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى بعد أن أورد ذلك في ترجمته في «طبقات النحاة» ما نصه، قلت: الروانف:

المقعدة، والجبوب: الأرض، والمزبر: القلم، والشناتر: الأصابع، والحندورتان: الحدقتان. وقيهلي: أي وجهي، وأنغي. أي انطق، والحماطة:

الحبة، والجلجلان: القلب.

ومن شعره:

(1) في الأصل: «الدرر المثلثة في الغر المثلثة» تحريف. وأثبتنا ما في: الضوء اللامع للسحاوي، والمقفى للمقريزي، وكشف الظنون لحاجي خليفة، وهدية العارفين للبغدادي.

ص: 279

أخلانا الأماجد إن رحلنا

ولم ترعوا لنا عهدا وإلّا (1)

نودّعكم ونودعكم قلوبا

لعلّ الله يجمعنا وإلّا

ولم يزل مقيما بزبيد على علو مكانته، وسأل سلطانها العود إلى مكة فما مكنه، معللا باحتياج بلاده إليه، إلى أن مات بها ليلة العشرين من شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة، وقد ناهز التسعين، وهو ممتع بحواسه، وكان يرجو وفاته بمكة، فما قدر الله له ذلك.

602 -

محمد بن يوسف بن أحمد بن عبد الدائم الحلبيّ محبّ الدين ناظر الجيش (2).

قال الحافظ ابن حجر: ولد سنة سبع وتسعين وستمائة، واشتغل ببلاده، ثم القاهرة، ولازم أبا حيّان، والجلال القزوينيّ، والتّاج التّبريزيّ، وغيرهم.

وتلا بالسّبع على التّقيّ الصائغ، ومهر في العربيّة وغيرها، ودرّس فيها وفي «الحاوي» .

وسمع الحديث من الحجّار، ووزيرة، وجماعة، وحدّث وأفاد، وخرّج له الياسوفيّ مشيخة.

ودرّس بالمنصورية في التفسير، وكان له في الحساب يد طولى، ثم ولي نظر الجيش وغيره، ورفع قدره.

وكان عليّ الهمّة، نافذ الكلمة، كثير البذل والجود.

(1) مقدمة القاموس ص 4.

(2)

له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 1/ 147، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 537، الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 61، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 284، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 11/ 143.

ص: 280

ومن العجائب أنّه مع فرط كرمه وبذله الآلاف في غاية البخل على الطعام، حتى كان يقول: إذا رأيت شخصا يأكل طعامي أظنّ أنه يضربني بسكين.

وبالجملة كان من محاسن الدنيا مع الدين والصّيانة واللطف والظرف.

شرح «التلخيص» و «التسهيل» إلا قليلا، واعتنى بالأجوبة الجيّدة عن اعتراضات أبي حيان.

وقال ابن العميد: كان إماما في العربية والتفسير، وله مباحث جيدة دقيقة، واعتراضات وأجوبة، وكان نسيج وحده، ووحيد عصره، وفريد دهره، وكان فيه رئاسة وحشمة ومروءة كاملة، وتعصب مع من يعرف ومن لا يعرف، وفيه ديانة وصيانة، وكان من محاسن الدنيا لكمال أدواته وعلومه، مع الكرم المفرط والمروءة التامة. مات في يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

603 -

محمد بن يوسف بن بندار.

له كتاب «علم نكت القرآن» لخصه من كتاب أبي الحسن علي بن عيسى البغدادي النحوي.

604 -

محمد بن يوسف بن سعادة (1).

من أهل سبتة، وسكن شاطبة، كنيته أبو عبد الله.

سمع أبا علي الصدفي، وأبا محمد بن عتاب، وأبا بحر الأسدي، وأبا الوليد بن رشد، وأبا بكر بن العربي، وأبا عبد الله بن الحاج.

(1) له ترجمة في: بغية الملتمس للضبي 132، الديباج المذهب لابن فرحون 287.

ص: 281

وأخذ الفقه وعلم الكلام عن أبي الحجاج بن زياد الميورقي، وكتب إليه أبو بكر الطرطوشي، ولقي أبا عبد الله المازريّ وسمع منه.

وكان عارفا بالسنن والآثار، والتفسير، والفروع، والأدب، وعلم الكلام، مائلا إلى التصوف، وكان بليغا خطيبا ينشئ الخطب.

وولى خطة الشورى بمرسية مضافة إلى الخطبة بجامعها، وأخذ في إسماع الحديث وتدريس الفقه، وولي القضاء بها، ثم ولي قضاء شاطبة واتخذها وطنا.

وألف كتاب «شجرة الوهم المرقية إلى ذروة الفهم» لم يسبق إلى مثله، وليس له غيره.

وجمع فهرسة حافلة.

وذكره ابن عباد، ووصفه بالتفنن في المعارف، والرسوخ في الفقه وأصوله، والمشاركة في علم الحديث والأدب. وقال: كان صليبا في الأحكام، مقتفيا للعدل، حسن الخلق والخلق، جميل المعاملة، لين الجانب.

قال: ولم يكن عند شيوخنا مثل كتبه في صحتها وإتقانها وجودتها، ولا كان فيهم من رزق عند الخاصة والعامة من الحظوة والذكر وجلالة القدر ما رزقه.

توفي في منسلخ ذي الحجة من سنة خمس وستين وخمسمائة. ومولده بمرسية في شهر رمضان سنة ست وتسعين وأربعمائة.

605 -

محمد بن يوسف بن عبد الله بن محمد بن خلف بن غالي بن محمد بن تيم (1).

(1) له ترجمة في: ايضاح المكنون للبغدادي 1/ 385، الضوء اللامع للسحاوي 6/ 142، عنوان الزمان للبقاعي 3/ 446، نيل الابتهاج للسبتي 196، هدية العارفين للبغدادي 1/ 792، 793، واسمه فيها جميعا:«عمر بن يوسف» .

ص: 282

الشيخ الإمام العالم ذو الفنون العديدة سراج الدين أبو علي بن أبي كامل ابن العلامة جمال الدين العفيفي- نسبة إلى عفيف الدين أحد أجداده- القبائلي اللخمي السكندري المعروف بالبسلقوني المالكي.

شيخ الفقراء الأحمدية.

ولد في شعبان سنة إحدى وستين وسبعمائة بثغر اسكندرية، فخرج به جده إلى إقطاعه، قرية البسلقون تحت اسكندرية بقليل. فأقام بها إلى أن توفي جده، وقرأ بها القرآن، قال: وقد حفظت البقرة في يوم واحد. ثم رحل به والده إلى الثغر وعمره نحو العشرة، ثم رجع والدة إلى البسلقون، وتخلف هو بالثغر لطلب العلم، فحفظ «رسالة» ابن أبي زيد، و «الشاطبية» و «ألفية ابن مالك» وعرضهم.

ثم شمر عن سلق الجد فأخذ الفقه عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن صالح بن حسن اللخمي، والشيخ شمس الدين بن علي الفلاحي، والنحو عنه وعن الشيخ منصور بن عبد الله المغربي، وأصول الفقه عن شمس الدين محمد بن يعقوب الغماري المالكي، وأصول الدين عن الشيخ محيي الدين الهني، وانتفع به كثيرا، والمعاني والبيان عن السراج عمر بن نبوه الطندتاوي، وقرأ القراءات العشر على الشيخ وجيه الدين أبي القاسم عبد الرحمن بن ناصر الدين أبي علي منصور بن محمد بن سعد الدين الفكيري، مكبرا، خطيب الجامع الأعظم الغربي بالثغر، وأجاز له ابن عرفة.

خدم العلم الخدمة الزائدة، ودأب الدأب البليغ، وعلق التعاليق والفوائد، وصنّف في أنواع العلوم، وكتب الخط المنسوب، ثم حصل لعينيه ضرر في حدود سنة خمس وثلاثين، وكان لا يبصر إلا قليلا.

ونظم المنظومات المتباينة، فمن تصانيفه «الجوهرة الثمينة في مذهب عالم المدينة» نظمها من بحر الرجز في نحو الستمائة بيت، و «أرجوزة أخرى محتوية

ص: 283

على العبادات» في نحو خمسين بيتا، ونظم في الفرائض أراجيز أحسنها «تحفة الفرائض» مائة واثنان وسبعون بيتا، وشرحها في مجلد، و «بهجة الفرائض» تسعين بيتا، وشرحها في نحو أربعة كراريس، ونظم في العربية قصيدة على نحو الشاطبية في مائة بيت، غريبة في فنها، سماها بعض أصحابه «العمرية» و «أرجوزة» ضمنها ما في «التلخيص» مع الزيادة عليه، في مائتي بيت ونيف وعشرين بيتا، ونظم في العربية أراجيز كثيرة وأفرد أصول قراءة أبي عمرو في بحر «الشاطبية» ووزنها، وكان كثير النظم، و «فسر الفاتحة» ، ومن أول سورة النبأ إلى آخر القرآن، في مجلد، سماه أصحابه «سراج الأغراب في التفسير ومعاني الإعراب» شحنه فوائد وأجاد فيه.

و «شرح منظومة ابن الشحنة» في المعاني والبيان، في مجلد.

أجاز له السراج البلقيني، والحافظان العراقي والهيثمي، وعبد الرحمن بن أحمد بن مبارك الغزي المعروف بابن الشيخة

(1).

606 -

محمد بن يوسف بن عبد الله بن محمود شمس الدين أبو عبد الله الجزري (2).

الفقيه الشافعي، النحوي، الخطيب.

ولد بجزيرة ابن عمر سنة سبع وثلاثين وستمائة.

وقدم مصر، فسكن قوص، وقرأ على الأصفهاني، وأتقن الفنون، ثم قدم القاهرة ودرّس بمدرسة الشريف بن ثعلب، والصاحبية، والشريفية.

(1) بياض في الأصل. وفي الضوء اللامع للسحاوي: وأجاز له البلقيني، وابن الشيخة، وكان حيا سنة 844 هـ. ورأيت ابن عزم أرخ وفاته سنة 842 هـ، ووصفه بشيخنا.

(2)

له ترجمة في: تاريخ علماء بغداد للخطيب البغدادي 211، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 544، الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 67، ذيل العبر 63، السلوك للمقريزي ج 2 ق 1 ص 114، طبقات الشافعية للسبكي 6/ 31 (ط. الحسينية)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 69 أ، المقفي للمقريزي 3 ورقة 238 والترجمة فيه بالنص، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 9/ 221، هدية العارفين 2/ 142.

ص: 284

وسمع من أبي المعالي الأبرقوهي، وغيره، وانتصب للإقراء، فقرأ عليه المسلمون واليهود والنصارى، وولي خطابه الجامع الطولوني، وخطابة جامع الصالح خارج باب زويلة، وولي تدريس المعزية بمصر، بعد شمس الدين محمد بن يوسف بن أبي بكر بن القوام المحوجب، في سنة إحدى عشرة وسبعمائة فدرس بها، مرة واحدة، ثم مرض حتى مات يوم الخميس سادس ذي القعدة سنة إحدى عشرة وسبعمائة، ودفن بالقرافة.

وقرأ عليه الشيخ تقي الدين السبكي، وروى عنه، وعرض عليه قضاء دمشق، فحلف بالطلاق لا يليه.

وكان إماما في الأصلين، والمنطق، والخلاف، وعامة العلوم العقلية والفقهية، وله يد طولى في تفسير القرآن وعلم البيان، والطب.

وكان حسن الصورة، مليح الشكل، حلو العبارة، كريم الأخلاق، ساعيا في قضاء حوائج الناس.

وله «شرح ألفية ابن مالك» ، و «شرح التحصيل» ، و «شرح منهاج البيضاوي» ، و «ديوان شعر» ومنه وقد دخل يعود المجد ابن دقيق العيد:

حاشاك أن يعتريك سقم

تبيت من مسه نحيلا (1)

أصبحت مثل النسيم لطفا

لذاك قالوا غدا عليلا

ذكره الشيخ تقي الدين المقريزي في «المقفي» ، والحافظ ابن حجر في «الإنباء» وشيخنا في طبقات «اللغويين والنحاة» .

607 -

محمد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني ثم البغدادي الشيخ شمس (2) الدين.

(1) البيتان في المقفى للمقريزي.

(2)

له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 1/ 299، البدر الطالع للشوكاني 2/ 292، الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 77، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 106 أ، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 11/ 303.

ص: 285

صاحب «شرح البخاري» .

الإمام العلامة في الفقه، والحديث، والتفسير، والأصلين، والمعاني، والعربية.

قال ابنه في «ذيل المسالك» : ولد يوم الخميس سادس عشري جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وسبعمائة.

وقرأ على والده بهاء الدين، ثم انتقل إلى كرمان، وأخذ عنه العضد، ولازمه اثنتي عشرة سنة. وقرأ عليه تصانيفه، وأخذ عن غيره أيضا.

ومهر وفاق أقرانه، وفضل غالب أهل زمانه، ثم دخل دمشق، ومصر وقرأ بها «البخاريّ» على ناصر الدين الفارقي، وسمع من جماعة، وحج ورجع إلى بغداد، واستوطنها.

وكان تام الخلق، فيه بشاشة وتواضع للفقراء وأهل العلم، غير مكترث بأهل الدنيا، ولا ملتفت إليهم، يأتي إليه السلاطين في بيته، ويسألونه الدعاء والنصيحة.

وصنف كتبا في علوم شتى، منها في العربية والكلام والمنطق، و «شرح البخاري» شرحا جيدا في أربعة مجلدات، و «شرح المواقف» وشرح «مختصر ابن الحاجب» ، في ثلاثة مجلدات، يذكر فيه عبارات الشراح برمز، وذكر من شروح الكتاب المشهورة سبعة شروح، و «سماها الكواكب السبعة السيارة» و «شرح الفوائد الغيائية في المعاني والبيان» ، «شرح الجواهر» ، و «أنموذج الكشاف» ، و «حاشية على تفسير البيضاوي» ، وصل فيها إلى سورة يوسف، و «رسالة في مسألة الكحل» ، وغير ذلك.

وكان مشارا إليه بالعراق وتلك البلاد في العلم، وتصدّى لنشر العلم ببغداد ثلاثين سنة، قانعا باليسير، شريف النفس، متواضعا، بارّا لأهل العلم، متكبّرا على أهل الدنيا.

ص: 286

توفي راجعا من الحج، بكرة يوم الخميس سادس عشر المحرم سنة ست وثمانين وسبعمائة، فنقل إلى بغداد فدفن بمقبرة باب أبرز عند الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، بوصية منه في موضع أعده لنفسه، ثم بنى عليه ابنه هناك قبة ومدرسة.

ذكره ابن قاضي شهبة، ثم شيخنا في «طبقات النحاة» .

608 -

محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيّان الإمام أثير الدين أبو حيان الأندلسي الغرناطي (1).

النفزيّ، نسبة إلى نفزة قبيلة من البربر.

نحوي عصره، ولغويه، ومفسّره، ومحدثه، ومقرئه، ومؤرخه، وأديبه.

ولد بمطخشارش، مدينة من حضرة غرناطة في آخر شوال سنة أربع وخمسين وستمائة.

وأخذ القراءات عن أبي جعفر بن الطباع، والعربية عن أبي الحسن الأبّذيّ، وأبي جعفر بن الزبير، وابن أبي الأحوص، وابن الصائغ، وأبي جعفر اللبليّ.

وبمصر عن البهاء بن النحاس، وجماعة.

وتقدم في النحو، وأقرأ في حياة شيوخه بالمغرب، وسمع الحديث بالأندلس وإفريقية والإسكندرية ومصر والحجاز. من نحو أربعمائة وخمسين

(1) له ترجمة في: البدر الطالع للشوكاني 2/ 288، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 534، الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 70، ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 23، ذيل العبر 245، الرسالة المستطرفة 101، طبقات الشافعية للسبكي 6/ 31 (ط. الحسينية)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة، 87 أ، المقفى للمقريزي 3 ورقة 241، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 10/ 111.

ص: 287

شيخا؛ منهم أبو الحسين بن ربيع، وابن أبي الأحوص، والرضي الشاطبيّ (1)، والقطب القسطلاني، والعزّ الحرّانيّ.

وأجاز له خلق من المغرب والمشرق؛ منهم الشرف الدمياطي، والتقي ابن دقيق العيد، والتقي ابن رزين، وأبو اليمن بن عساكر.

وأكب على طلب الحديث وأتقنه وبرع فيه، وفي التفسير، والعربية، والقراءات، والأدب، والتاريخ، واشتهر اسمه، وطار صيته، وأخذ عنه أكابر عصره، وتقدموا في حياته، كالشيخ [تقي الدين السبكي، وولديه، والجمال الاسنوي، وابن قاسم، وابن عقيل] والسمين، وناظر الجيش، والسفاقسي وابن مكتوم، وخلائق.

قال الصفدي: لم أره قط إلا يسمع أو يشغل، أو يكتب أو ينظر في كتاب، وكان ثبتا قيما عارفا باللغة؛ وأما النحو والتصريف فهو الإمام المجتهد المطلق فيهما، خدم هذا الفن أكثر عمره، حتى صار لا يدركه أحد في أقطار الأرض فيهما غيره.

وله يد طولى في التفسير والحديث، وتراجم الناس ومعرفة طبقاتهم، خصوصا المغاربة وأقرأ [الناس] قديما وحديثا، وألحق الصغار بالكبار، وصارت تلامذته أئمة وأشياخا في حياته، والتزم ألا يقرئ أحدا إلا في «كتاب سيبويه» ، أو «التسهيل» أو مصنفاته.

وكان سبب رحلته عن غرناطة أنه حملته حدة الشبيبة على التعرض للأستاذ أبي جعفر بن الطباع، وقد وقعت بينه وبين أستاذه أبي جعفر بن

(1) في الأصل: «والرضى والشاطبي» ، والمثبت في بغية الوعاة، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة.

ص: 288

الزبير واقعة، فنال منه وتصدى لتأليف في الرد عليه وتكذيب روايته، فرفع أمره إلى السلطان، فأمر بإحضاره وتنكيله فاختفى، ثم ركب البحر، ولحق بالمشرق.

وذكر هو في كتاب «النضار» الذي ألفه في ذكر مبدئه واشتغاله وشيوخه ورحلته، أن مما قوى عزمه على الرحلة عن غرناطة أن بعض العلماء بالمنطق والفلسفة والرياضي والطبيعي قال للسلطان: إني قد كبرت وأخاف أن أموت، فأرى أن ترتب لي طلبة أعلمهم هذه العلوم، لينفعوا السلطان من بعدي.

قال أبو حيان: فأشير إلى أن أكون من أولئك.

قال الصفدي: وقرأ على العلم العراقي، وحضر مجلس الأصبهاني، وتمذهب للشافعي، وكان أبو البقاء يقول: إنه لم يزل ظاهريا.

قال الحافظ ابن حجر: كان أبو حيان يقول: محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه.

قال الأدفوي: وكان يفخر بالبخل كما يفخر الناس بالكرم، وكان ثبتا صدوقا حجة سالم العقيدة من البدع الفلسفية والاعتزال والتجسيم، ومال إلى مذهب أهل الظاهر وإلى محبة علي بن أبي طالب، كثير الخشوع والبكاء عند قراءة القرآن وكان شيخا طوالا حسن النغمة، مليح الوجه، ظاهر اللون، مشربا بحمرة، منور الشيبة، كبير اللحية، مسترسل الشعر.

وكان يعظم الشيخ تقي الدين بن تيمية، ثم وقع بينه وبينه في مسألة نقل فيها أبو حيان شيئا عن سيبويه، فقال ابن تيمية: وسيبويه كان نبي النحو! لقد أخطأ سيبويه في ثلاثين موضعا من كتابه، فأعرض عنه ورماه في تفسيره «النهر» بكل سوء.

ص: 289

قال الصفدي: وكان له إقبال على الطلبة الأذكياء، وعنده تعظيم لهم، وهو الذي جسر الناس على مصنفات ابن مالك ورغبهم في قراءتها، وشرح لهم غامضها، وخاض بهم لججها.

وكان يقول عن مقدمة ابن الحاجب: هذه نحو الفقهاء.

تولى تدريس التفسير بالمنصورية، والإقراء بجامع الأقمر، وكانت عبارته فصيحة، لكنه في غير القرآن يعقد القاف قريبا من الكاف.

وله من التصانيف: «البحر المحيط في التفسير» ، «النهر» مختصره، «إتحاف الأريب بما في القرآن من الغريب» ، «التذييل والتكميل في شرح التسهيل» ، «مطول الارتشاف ومختصره» مجلدان.

قال شيخنا الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى: ولم يؤلف في العربية أعظم من هذين الكتابين، ولا أجمع ولا أحصى للخلاف والأقوال، «التنحيل الملخص من شرح التسهيل» للمصنف وابنه بدر الدين، «الإسفار الملخص من شرح سيبويه للصفار» ، «التجريد لأحكام كتاب سيبويه» ، «التذكرة في العربية» أربع مجلدات كبار، «التقريب» ، «مختصر المقرب» ، «التدريب في شرحه» ، «المبدع في التصريف» ، «غاية الإحسان» في النحو، «شرح الشذا في مسألة كذا» ، «اللمحة» و «الشذرة» كلاهما في النحو، «الارتضاء في الضاد والظاء» ، «عقد اللآلي في القراءات» على وزن الشاطبية وقافيتها، «الحلل الحالية في أسانيد القرآن العالية» ، «نحاة الأندلس» ، «الأبيات الوافية في علم القافية» ، «منطق الخرس في لسان الفرس» ، «الإدراك للسان الأتراك» .

ومما لم يكمل «شرح الألفية» ، «نهاية الإغراب في التصريف والإعراب» ، أرجوزة، «نور الغبش في لسان الحبش» ، «مجاني الهصر في تواريخ أهل العصر» ، وله «ديوان شعر» .

ص: 290

وحدث، فسمع منه الأئمة العلماء والحفاظ وغيرهم، وأضر قبل موته بقليل.

مات بالقاهرة في صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة، ودفن بمقابر الصوفية.

ومن شعره:

عداي لهم فضل عليّ ومنّة

فلا أذهب الرحمن عنّي الأعاديا (1)

هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها

وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا

ومنه:

سبق الدمع بالمسير المطايا

إذ نوى من أحبّ عني نقله

وأجاد السطور في صفحة الخ

د ولم لا يجيد وهو ابن مقله

ومنه:

راض حبيبي عارض قد بدا

يا حسنه من عارض رائض (2)

وظن قوم أن قلبي سلا

والأصل لا يعتد بالعارض

609 -

محمد بن يوسف بن علي أبو الفضل الغزنوي (3).

الحنفي، المقرئ، ناقل، فقيه، مفسر.

ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.

وسمع في صغره من أبي بكر قاضي المارستان، وأبي منصور بن خيرون، وقرأ الروايات على أبي محمد سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري.

قرأ عليه العلامتان أبو الحسن السخاوي، وأبو عمرو بن الحاجب، والكمال الضرير، والحافظان ابن خليل، والضياء، والرشيد العطار. ومات

(1) الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 72.

(2)

الدرر الكامنة 5/ 71.

(3)

له ترجمة في: الجواهر المضيئة لعبد القادر القرشي 2/ 147، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 286.

ص: 291

بالقاهرة في نصف ربيع الأول سنة تسع وتسعين وخمسمائة.

ذكره ابن الجزري «في طبقات القراء» .

610 -

محمد بن يوسف بن محمد بن علي العلوي الحسيني أبو القاسم الحنفي (1).

من أهل سمرقند.

قال أبو سعد: إمام فاضل، عالم بالتفسير، والحديث، والفقه، والوعظ، قدم علينا مرو، منصرفا من الحج سنة ثلاث وأربعين، وأقام ببغداد مدة.

ومات سنة ست وخمسين وخمسمائة، وقيل: قتل صبرا بسمرقند.

وكان يبسط لسانه في حق الأئمة والعلماء.

ذكره القرشي.

611 -

محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضبي مولاهم التركي الفريابي (2).

بكسر الفاء وسكون الراء بعدها تحتانية وبعد الألف موحدة.

نزيل قيسارية من مدائن الشام.

الثقة الحافظ العابد شيخ الشام أبو عبد الله، حدث عن عمر بن ذر، والأوزاعي، والثوري، وجرير بن حازم، وخلق.

(1) له ترجمة في: الجواهر المضيئة لعبد القادر القرشي 2/ 147.

(2)

له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 376، تهذيب التهذيب لابن حجر 9/ 535، الرسالة المستطرفة للكتاني 67، العبر 1/ 363، الفهرست لابن النديم 38، 229، اللباب لابن الأثير 2/ 211، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 204، هدية العارفين للبغدادي 2/ 10.

ص: 292

وعنه ابن وارة، والبخاري، وعباس الترقفي، وعبد الله بن محمد بن سعيد ابن أبي مريم، وأمم سواهم.

قال البخاري: كان من أفضل أهل زمانه.

وقال ابن زنجويه: ما رأيت أورع منه.

وقال محمد بن سهل بن عسكر: استسقى بنا الفريابي فما أنزل يديه حتى مطرنا. وقال الدارقطني: هو مقدم على قبيصة والثوري، لفضله ونسكه.

مات في سنة اثنتي عشرة ومائتين.

وقد ارتحل إليه أحمد بن حنبل فبلغه موته فرجع من حمص.

وله كتاب «التفسير» ، رواه عنه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، كتاب «الطهارة» ، كتاب «الصلاة» ، كتاب «الصيام» ، كتاب «الزكاة» ، كتاب «المناسك» ، وعلى هذا، إلى أن يستغرق كتب الفقه، كتاب «ترك المراء عن القرآن» .

خرج له الجماعة.

612 -

محمد بن

(1) النسفي.

أمة في الجدليات.

روى «المصابيح» عن الكردري، عن الطرازي، عن مؤلفه أبي الحسين البغوي.

وصنف «تفسيرا» كثيرا الفوائد، و «مقدمة النظر والأصولين» ، و «الإعياء في المنطق» وتهذيب (2).

وكان زاهدا، منقطعا، لم يل منصبا قط.

ذكره الجعبري المقرئ في شيوخه، ولم يؤرخ وفاته ولا مولده.

(1) بياض في الأصل.

(2)

كذا في الأصل، ولم أهتد اليها فيما بين يدي من مراجع.

ص: 293