المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر بقية حرف الميم على الترتيب - طبقات المفسرين للداوودي - جـ ٢

[الداوودي، شمس الدين]

الفصل: ‌ذكر بقية حرف الميم على الترتيب

‌ذكر بقية حرف الميم على الترتيب

613 -

مالك بن أنس (1).

ابن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان- بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية- بن خثيل- بضم الخاء المعجمة وفتح المثلثة وسكون التحتية ولام، وقيل بالجيم- بن عمرو بن الحارث، وهو ذو أصبح- الذي ينسب إليه السياط الأصبحية- بن سويد بن عمرو بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمر بن قيس بن معاوية بن جشم (2) بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن غريب بن زهير بن أيمن (3) بن هميسع بن حمير الأكبر بن سبأ الأكبر، واسمه عبد شمس، وإنما سمي سبأ لأنه أول من سبي وغزا القبائل،- بن يعرب- وإنما سمي يعربا لأنه أوّل من أقام اللسان العربي- بن يشجب بن قحطان.

قال الزبير بن بكار: وزعم نسابو أهل اليمن أن قحطان: هو يقطن بن عابر وهو هود عليه السلام.

(1) له ترجمة في: الأنساب للسمعاني ورقة 41 أ، البداية والنهاية لابن كثير 10/ 174 تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 207 تهذيب التهذيب لابن حجر 10/ 5، جمهرة الانساب لابن حزم 435، حلية الأولياء للأصبهاني 6/ 316، الديباج المذهب لابن فرحون 17، الرسالة المستطرفة 13، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 35، الفهرست لابن النديم 198، اللباب 1/ 55، 3/ 86، مرآة الجنان 1/ 373، مروج الذهب للمسعودي 3/ 350، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 96، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 284.

(2)

في الأصل: «جثيم» . وأثبتنا ما في جمهرة الأنساب لابن حزم ووفيات الأعيان لابن خلكان.

(3)

كذا في جمهرة الأنساب لابن حزم، ووفيات الأعيان. وفي الأصل:«أنس» .

ص: 294

ويزعم نسابو أهل الحجاز، أن قحطان بن تيمن بن قيس بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام، أبو عبد الله المدني الأصبحي الفقيه إمام دار الهجرة شيخ الإسلام، رأس المتقنين، وكبير المفتين.

حدث عن نافع، والمقبري، ونعيم المجمر، والزهري، وعامر بن عبد الله بن الزبير، وابن المكندر، وعبد الله بن دينار، وخلق كثير.

حدث عنه أمم لا يكادون يحصون، منهم: ابن المبارك، والقطان، وابن مهدي، وابن وهب، وابن القاسم، والقعنبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وسعيد (1) بن منصور؛ ويحيى بن يحيى النيسابوري، ويحيى بن يحيى الأندلسي، ويحيى بن بكير، وقتيبة بن سعيد، وأبو مصعب الزهري.

ومن أئمة المذاهب المتبوعين، أبو حنيفة، والشافعي، والأوزاعي، وسفيان الثوري.

ومن الخلفاء أمراء المؤمنين المنصور، والمهدي، والهادي، والرشيد، والأمين، والمأمون.

ومن أقرانه جماعة، ومن شيوخه جماعة، منهم: الزهري، ويزيد بن عبد الله بن الهادي، وربيعة، ويحيى بن سعيد، وخاتمة أصحابه أبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي.

وقد رأى مالك عطاء بن أبي رباح لما قدم المدينة. وقال عبد الله بن الإمام أحمد: قلت لأبي من أثبت أصحاب الزهري؟ قال: مالك أثبت في كل شيء.

(1) في الأصل: «سعد بن منصور» والمثبت في تذكرة الحفاظ للذهبي. وهو سعيد بن منصور الحافظ أبو عثمان المروزي، صاحب السنن، سمع مالكا وغيره، مات سنة 227 (تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 416).

ص: 295

وقد روى الترمذي وحسّنه من حديث أبي هريرة مرفوعا: (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة)، وقد روى ابن عيينة، أنه مالك بن أنس، وكذا قال ابن جريج وعبد الرازق، وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يقدم على مالك أحدا.

وقال الشافعي: لولا مالك والليث لضللنا.

وقال شعبة: قدمت المدينة بعد موت نافع بسنة، فإذا لمالك حلقة.

قال أبو مصعب: سمعت مالكا يقول: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك.

وقال الشافعي: ما في الأرض كتاب في العلم أكثر صوابا من «موطأ» مالك.

وقال أشهب: كان مالك إذا اعتمّ [جعل (1)] منها تحت ذقنه وسدل طرفيها بين كتفيه.

وقال مصعب: كان مالك يلبس الثياب العدنية الجياد، ويتطيب.

وقال القعنبي: كنت عند ابن عيينة، فبلغه نعي مالك فحزن، وقال: ما ترك على ظهر الأرض مثله.

وقال ابن معين: مالك أحب إليّ في نافع من أيوب وعبيد الله.

وقال وهيب: إمام أهل الحديث مالك.

وقال أحمد بن الخليل: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا اجتمع الثوري ومالك والأوزاعي على أمر فهو سنّة، وإن لم يكن فيه نص.

(1) من تذكرة الحفاظ للذهبي.

ص: 296

وروى سعيد بن أبي مريم عن أشهب بن عبد العزيز قال: رأيت أبا حنيفة بين يدي مالك كالصبي بين يدي أمّه (1)، فهذا يدل على حسن أدب أبي حنيفة وتواضعه مع كونه أسنّ من مالك بثلاث عشرة سنة.

إسماعيل القاضي، حدثنا أبو منصور، سمعت مالكا يقول: دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين وهو على فراشه، وإذا صبي يخرج ثم يرجع، فقال لي:

أتدري من هذا؟ فقلت: لا، قال: ابني وإنما يفزع من هيبنا، قال: ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ومنها حرام، ثم قال لي: والله أنت أعقل الناس وأعلم الناس، قلت لا والله يا

أمير المؤمنين. قال: بلى ولكنك تكتم، لئن بقيت لأكتبنّ قولك كما تكتب المصاحف، ولأبعثنّ به إلى الآفاق فأحملهم عليه.

ابن وهب. قال مالك: سمعت من ابن شهاب أحاديث كثيرة، ما حدثت بها قط، ولا أحدّث بها.

نصر بن علي الجهضمي. حدثني حسين بن عروة قال: قدم المهدي فبعث إلى مالك بألفي دينار أو قال بثلاثة آلاف دينار، ثم أتاه الربيع فقال: إن أمير المؤمنين يحبّ أن تعاد له إلى مدينة السلام: فقال مالك: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) والمال عندي على حاله.

قال ابن سعد: حدثني محمد بن عمر قال: كان مالك يأتي المسجد يشهد الصلوات والجنائز، ويعود المرضى، ويقضي الحقوق؛ ويجلس في المسجد. ثم ترك الجلوس فيه فكان يصلي وينصرف، وترك شهود الجنائز

(1) هذه الحكاية خطأ، فان أبا حنيفة توفي وأشهب صبي له نحو خمس سنين، فان صح السند فلعل الصواب «رأيت محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة» . (هامش تذكرة الحفاظ 1/ 209).

ص: 297

فكان يأتي أصحابها فيعزيهم، ثم ترك ذلك كله والصلوات في المسجد والجمعة، واحتمل الناس ذلك كله، فكانوا أرغب ما كانوا فيه وأشد تعظيما، وكان ربما كلّم في ذلك فيقول: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره.

وكان مجلسه [مجلس (1)] وقار وحلم وعلم، وكان رجلا مهيبا نبيلا، ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ولا رفع صوت، وكان الغرباء يسألونه عن الحديث، فلا يجيب إلّا في الحديث بعد الحديث، وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه.

وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب، يقرأ للجماعة، فليس أحد ممن يحضره يدنو ولا ينظر في كتابه ولا يستفهم، هيبة لمالك وإجلالا، وكان إذا أخطأ حبيب فتح عليه مالك.

مطرف بن عبد الله. سمعت مالكا يقول: الدنوّ من الباطل هلكة، والقول بالباطل بعد عن الحق، ولا خير في شيء وإن كثر من الدنيا بفساد دين المرء ومروءته.

قال حرملة، حدثنا ابن وهب قال: قال لي مالك: العلم ينقص ولا يزيد، ولم يزل ينقص بعد الأنبياء والكتب.

عبد الله بن يوسف. سمعت مالكا يقول: ما أدركت فقهاء بلدنا إلا وهم يلبسون الثياب الحسان.

مصعب الزبيري. قال: سأل هارون مالكا وهو في منزله ومعه بنوه أن يقرأ عليهم. فقال: ما قرأت على أحد منذ زمان. وإنما يقرأ عليّ، قال

(1) من تذكرة الحفاظ للذهبي.

ص: 298

هارون: أخرج الناس عني حتى أقرأ أنا عليك، فقال: إذا منع العام لبعض الخاص لم ينتفع الخاص وأمر معن بن عيسى فقرأ.

قال إسماعيل بن أبي أويس: كان خالي مالك لا يفتي حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

إسماعيل القاضي. سمعت أبا مصعب يقول: لم يشهد مالك الجماعة خمسا وعشرين سنة، فقيل له: ما يمنعك؟ قال: مخافة أن أرى منكرا فأحتاج أن أغيّره.

قال مطرف: قال لي مالك: ما يقول الناس فيّ؟ قلت: أما الصديق فيثني، وأما العدو فيقع، قال: ما زال الناس كذلك، ولكن نعوذ بالله من تتابع الألسنة كلها.

ابن وهب. حججت سنة ثمان وأربعين وصائح يصيح: لا يفتي الناس إلا مالك وعبد العزيز بن الماجشون.

إسحاق بن موسى. حدثنا معن قال: كان مالك يتحفظ من الياء والتاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الذهبي: وقد اتفق لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت لغيره، أحدها طول العمر، وعلوّ الرّواية، وثانيها الذهن الثاقب والفهم وسعة العلم، وثالثها اتفاق الأمّة على أنه حجة صحيح الرواية، ورابعها تجمعهم على دينه وعدالته واتباعه للسنن وخامسها تقدّمه في الفقه والفتوى وصحة قواعده.

عاش ستا وثمانين سنة، وقيل ولد سنة ست وتسعين.

وقال أبو داود: ولد سنة اثنتين وتسعين، وأما يحيى بن بكير فقال:

سمعته يقول: ولدت سنة ثلاث وتسعين، فهذا أصح الأقوال.

ص: 299

وأما وفاته، فقال أبو مصعب: لعشر مضت من ربيع الأول، وكذلك قال ابن وهب.

وقال سحنون: في حادي عشر ربيع الأول.

وقال ابن أبي أويس: في بكرة أربع عشرة منه.

وقال مصعب الزبيري: في صفر، وكلهم قالوا في سنة تسع وسبعين ومائة.

وهو أول من صنّف «تفسير القرآن» بالإسناد على طريقة «الموطأ» ، تبعه الأئمة، فقل حافظ إلا وله تفسير مسند، وله غير الموطأ كتاب «المناسك» و «التفسير المسند» لطيف، فيحتمل أن يكون من تأليفه، وأن يكون علق عنه.

و «رسالته إلى ابن وهب في القدر والرد على القدرية» قال القاضي عياض: وهي من خيار الكتب في هذا الباب الدال على سعة علمه بهذا الشأن.

وكتاب «النجوم وحساب ديوان الزمان ومنازل القمر» وهو كتاب جيد مفيد جدا، قد اعتمد الناس عليه في هذا الباب، وجعلوه أصلا.

و «رسالته في الأقضية» كتب بها لبعض القضاة، عشرة أجزاء.

و «رسالته إلى أبي غسان محمد بن مطرف» وهو ثقة من كبراء أهل المدينة قريبا لمالك، وهو في الفتوى مشهور.

و «رسالته المشهورة إلى هارون الرشيد في الآداب والمواعظ» حدّث بها بالأندلس أولا ابن حبيب عن رجاله عن مالك، وحدّث بها آخرا أبو جعفر ابن عون الله والقاضي أبو عبد الله بن مفرج عن أحمد بن زيدويه الدمشقي، وقد أنكرها غير واحد، منهم أصبغ بن المفرج، وحلف ما هي من وضع مالك، وقالوا: فيها أحاديث منكرة، لو سمع مالك من يحدّث بها أدّبه.

ص: 300

وكتابه في «التفسير لغريب القرآن» الذي يرويه عنه خالد بن عبد الرحمن المخزومي، و «وصيته لطلبة العلم» .

وذكر الخطيب أبو بكر في «تاريخه» الكبير عن أبي العباس السراج النيسابوري أنه قال: هذه سبعون ألف مسألة لمالك، وأشار إلى كتب منضدة عنده كتبها.

قال القاضي عياض: هي جواباته في أسمعة أصحابه التي عند العراقيين.

ومنها «رسالته إلى الليث في إجماع أهل المدينة» رضي الله عنه وعن أهل العلم.

614 -

المبارك (1) بن المبارك بن سعيد بن أبي السعادات الوجيه أبو بكر بن الدهان النحوي الضرير (2).

قال ياقوت: من أهل واسط، قدم بغداد، فأقام بها، وقرأ على ابن الخشّاب ولازم الكمال بن الأنباريّ. وسمع منه تصانيفه.

وسمع الحديث من طاهر المقدسي، وتولى تدريس النحو بالنظامية سنين فتخرج عليه جماعة، منهم سالم بن أبي الصّقر، وعبد اللطيف بن يوسف البغدادي.

وكان قليل الحظ من التلامذة، يتخرجون به ولا ينسبون إليه.

(1) كذا في نسخة الجامعة العربية وسائر مصادر الترجمة. وفي نسخة دار الكتب: «محمد بن سعيد بن أبي السعادات» .

(2)

له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 254، البداية والنهاية لابن كثير 13/ 69، تاريخ الاسلام للذهبي (وفيات 612)، ذيل الروضتين 90، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 354، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 41، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 326، العبر للذهبي 5/ 43، الكامل لابن الأثير 12/ 312، المختصر لأبي الفداء 3/ 116، مرآة الجنان لليافعي 4/ 64، مرآة الزمان 8/ 573، معجم الأدباء لياقوت 6/ 231، النجوم الزاهرة 6/ 241، نكت الهميان للصفدي 233، وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 299.

ص: 301

وكان جيد القريحة، حادّ الذهن، متضلّعا من علوم كثيرة: إماما في النحو، واللغة، والتصريف، والعروض، ومعاني الأشعار، والتفسير، والإعراب، وتعليل القراءات، عارفا بالفقه، والطبّ، والنجوم، وعلوم الأوائل.

وكان يتكلم بعدة ألسن بأفصح عبارة، واستوطن بغداد، وله النظم والنثر الحسن، حسن التعليم، طويل الروح، كثير الاحتمال للتلامذة، واسع الصدر، لم يغضب قط من شيء، وشاع ذلك حتى بلغ [بعض] الخلفاء فجهد على أن يغضبوه فلم يقدروا.

وكان حنبليا. ثم تحول حنفيا [ثم] لما درس النحو بالنظامية صار شافعيا، لأنه شرط الواقف. فقال فيه تلميذه أبو البركات محمد بن أبي الفرج التّكريتيّ:

ألا مبلغ عني الوجيه رسالة

وإن كان لا تجدي إليه الرسائل (1)

تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل

وذلك لما أعوزتك المآكل

وما اخترت رأي الشافعيّ ديانة

ولكن لأن تهوى الذي منه حاصل

وعما قليل أنت لا شك صائر

إلى مالك فافطن لما أنت قائل

قال شيخنا الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى بعد إيراده لهذه الأبيات من «طبقات النحاة» قلت: هكذا تكون التلامذة، يتخرجون بأشياخهم ثم يهجونهم! لا قوة إلا بالله.

ولد ابن الدهان سنة اثنتين- وقيل أربع وثلاثين وخمسمائة- ومات في شعبان سنة ثنتي عشرة وستمائة.

(1) الأبيات في: انباه الرواة للقفطي 3/ 255، ومعجم الأدباء لياقوت 6/ 236، ووفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 299.

ص: 302

615 -

مبارك بن محمد بن عمرو البكريّ (1).

إشبيلي، يكنى: أبا الحسن.

كان خيّرا، فاضلا، مجتهدا في العمل الصالح، كثير التلاوة للقرآن، حافظا لتفسيره، ذا حظ صالح من علم الحديث والرأي، صحيح العقل.

روى بالأندلس عن جماعة من الشيوخ، وحجّ سنة ثمان وأربعمائة، ولقي بالمشرق جماعة من الشيوخ وروى عنهم. وتوفي في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة.

ذكره ابن بشكوال في «الصلة» .

616 -

المبارك (2) بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيبانيّ (3).

العلامة مجد الدين، أبو السّعادات الجزريّ الإربليّ، المشهور بابن الأثير.

من مشاهير العلماء، وأكابر النبلاء، وأوحد الفضلاء.

ولد في سنة أربع وأربعين وخمسمائة بالجزيرة.

(1) له ترجمة في: الصلة لابن بشكوال 2/ 600.

(2)

كذا في نسخة الجامعة العربية وسائر مصادر الترجمة. وفي نسخة دار الكتب: «محمد بن أبي الكرم» .

(3)

له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 257 - 260، البداية والنهاية لابن كثير 13/ 54، ذيل الروضتين لأبي شامة 68، روضات الجنات 585 - 587، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 366، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 43 ب، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 238 - 240، العبر 5/ 19، كشف الظنون لحاجي خليفة 182، 219، 236، 535 - 536، 1265، المختصر لأبي الفداء 3/ 112، 113، مرآة الجنان 4/ 11 - 14، معجم الأدباء 6/ 238، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 128، 129، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 6/ 198، 199، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 2/ 2، وفيات الاعيان لابن خلكان 3/ 289 - 291.

ص: 303

وانتقل إلى الموصل، وأخذ النحو عن أبي محمد سعيد بن المبارك الدهان، ويحيى بن سعدون القرطبيّ.

وسمع الحديث متأخرا من عبد الوهاب بن سكينة وغيره، وتنقّل في الولايات، وكتب في الإنشاء، ثم عرض له مرض كفّ يديه ورجليه، ومنعه الكتابة، فانقطع في بيته، يغشاه الأكابر والعلماء، فجاءه مغربيّ، فالتزم أن يداويه ولا يأخذ أجره إلا بعد برئه، وأخذ في معالجته بدهن صنعه، ولانت رجلاه، وأشرف على البرء فأرضي المغربيّ بشيء وصرفه، فلامه أخوه عز الدين، فقال: أنا [كنت] في راحة مما كنت فيه من صحبة هؤلاء القوم والتزام أخطارهم، وقد سكنت روحي إلى الانقطاع والدّعة، فإذا طرأت لهم أمور ضرورية جاءوني بأنفسهم، ليأخذوا رأيي.

وله من التصانيف «النهاية في غريب الحديث» و «جامع الأصول في أحاديث الرسول» جمع فيه بين الصحاح الستة، وهو على وضع كتاب رزين إلا أن فيه زيادات كثيرة عليه، و «البديع في شرح الفصول» لابن الدهان، و «الباهر في الفروق في النحو» ، و «تهذيب فصول ابن الدهان» ، و «الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف» في تفسير القرآن الكريم، أخذه من تفسير الثعلبي والزمخشري، و «شرح مسند الإمام الشافعي» ، و «البنين والبنات والآباء والأمهات والأذواء والذوات» ، و «المصطفى والمختار في الأدعية والأذكار» ، وله «كتاب لطيف في صنعة الكتابة» ، وغير ذلك.

ولما انتقل إلى الموصل اتصل بخدمة الأمير مجاهد الدين قايماز بن عبد الله الزيني، وكان نائب المملكة، فكتب بين يديه منشئا إلى أن قبض عليه، فاتصل بخدمة عز الدين مسعود بن مودود صاحب الموصل، وتولى ديوان رسائله، وكتب له إلى أن توفي.

ص: 304

ثم اتصل بولده أرسلان شاه، فحظي عنده، وتوفرت حرمته لديه، وكتب مدة، ثم عرض له ما تقدم ذكره.

وأنشأ رباطا بقرية من قرى الموصل تسمى قصر حرب، ووقف أملاكه عليها وعلى داره التي يسكنها بالموصل.

وصنف هذه الكتب كلها في مدة العطلة، فإنه تفرغ لها، وكان عنده جماعة يعينونه عليها في الاختيار والكتابة.

وله شعر يسير: من ذلك ما أنشده للأتابك صاحب الموصل وقد زلّت به بغلته:

إن زلّت البغلة من تحته

فإن في زلتها عذرا (1)

حملها من علمه شاهقا

ومن ندى راحته بحرا

وكانت وفاته بالموصل، يوم الخميس سلخ ذي الحجة سنة ست وستمائة؛ رحمه الله تعالى (2).

617 -

مجاهد بن جبر- بفتح الجيم وسكون الموحدة- أبو الحجاج المكيّ (3).

المقرئ، المفسّر، الإمام، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، وقد اختلف في ولائه، فقيل: مولى قيس بن السائب بن عويمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة، وهو قول عبد الرحمن بن مهدي، ومصعب، وعلي

(1) البيتان في وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 290.

(2)

بين نهاية هذه الترجمة وبداية والترجمة التالية بياض في الأصل، ولعل مكانه ترجمة ساقطة.

(3)

له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 92، تهذيب التهذيب لابن حجر 10/ 42، حلية الأولياء للأصفهاني 3/ 279، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 315، صفوة الصفوة لابن الجوزي 2/ 117، طبقات الشيرازي 45، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 41، العبر 1/ 125، معجم الأدباء لياقوت 6/ 242، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 439.

ص: 305

ابن المديني، ومحمد بن عبد الرحيم، ومحمد بن سعد. وإليه ذهب أبو عمرو الداني، وأبو جعفر بن الباذش.

وهو مرويّ عن مجاهد أيضا، روي عنه أنه قال: هذه الآية نزلت في مولاي قيس بن السائب وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ (1) فأفطر، وأطعم كل يوم مسكينا.

وقيل: إنه مولى عبد الله بن السائب بن أبي السائب. وهو قول أحمد بن حنبل والبخاري، ومسلم؛ وروى أيضا عن مجاهد.

روى عنه الأعمش أنه قال: حدثني مولاي عبد الله بن السائب.

وقيل: إنه مولى السائب بن أبي السائب والد عبد الله بن السائب، حكاه عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، وهو اختيار الذهبي.

ولد سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر بن الخطاب.

وروى عن عبد الله بن عباس، وقرأ عليه القرآن ثلاث عرضات، قال مجاهد كنت أقف عند كل آية أسأله فيم نزلت؟ وكيف كانت؟ وقال: لو كنت قرأت على قراءة ابن مسعود لم أحتج أن أسأل ابن عباس عن كثير من القرآن.

وروى عن عائشة، وحديثه عنها في الصحيحين.

وقال ابن معين: لم يسمع من عائشة.

وروى عن أم سلمة، وأبي هريرة، وأم هانئ. وجويرية بنت الحارث، وجابر بن عبد الله، ورافع بن خديج، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن

(1) سورة البقرة 184.

ص: 306

عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وروى عن طاوس، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن جبير.

وقدم مصر فروى عن مسلمة بن مخلد، وروى عن خلق كثير.

وحدّث عنه عكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، والحكم بن عتيبة، وأيوب السختياني، وحميد بن قيس الأعرج، وابن عون، وسليمان بن مهران الأعمش، وعمر بن ذر، وعبد الله بن أبي نجيح، وخلق، وكتب عنه بمصر وغيرها من البلاد.

وروى عنه أنه قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة.

قرأ عليه ابن كثير، وأبو عمرو، وابن محيصن، وغيرهم، والذي صح عنه قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كل آية أسأله فيم نزلت؟ وكيف كانت؟

وقال خصيف: كان أعلمهم بالتفسير مجاهد.

وقال يحيى بن سعيد القطان: مرسلات مجاهد أحب إليّ من مرسلات عطاء بكثير.

وقال يحيى بن معين وأبو زرعة: ثقة.

وقال سلمة بن كهيل: ما رأيت أحدا أراد بهذا العلم وجه الله إلا عطاء، وطاوسا، ومجاهدا.

وعن مجاهد [قال](1) قال لي عبد الله بن عمر: وددت أن نافعا حفظ حفظك وأن علي درهما زائفا، قلت: هلا كان جيّدا؟ قال: هكذا كان في نفسي.

(1) من ميزان الاعتدال للذهبي.

ص: 307

وقال مجاهد: ربّما أخذ لي ابن عمر بالركاب.

وعن الأعمش: كنت إذا رأيت مجاهدا مبتذلا ازدريته، فإذا تكلم خرج من فيه اللؤلؤ.

وعلى مجاهد، قرأ القرآن عبد الله بن كثير، وأبو عمرو بن العلاء.

وعن قتادة: أعلم من بقي بالتفسير مجاهد.

وعن أبي بكر بن عياش قلت للأعمش: ما لهم يتقون تفسير مجاهد؟

قال: كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب.

وعن مجاهد أنه يكبر من سورة والضحى، وأعطى رجلا خمسمائة درهم على مصحف يكتبه فكتبه له.

وعن الأعمش قال: كان مجاهد لا يسمع بأعجوبة إلا ذهبت فنظر إليها، ذهب إلى حضرموت ليرى بئر هوت، [وذهب](1) إلى بابل وعليها وال صديق له، فقال: تعرض عليّ هاروت وماروت، فدعا رجلا من السحرة فقال: اذهب بهذا، فقال اليهودي: بشرط أن لا تدعو الله عندهما، قال مجاهد، فذهب بي إلى قلعة فقلع حجرا، وقال: خذ برجلي، فهوى به حتى انتهى إلى جوبة، فإذا هما معلقان منكسين كالجبلين العظيمين، فلمّا رأيتهما قلت: سبحان الله خالقكما، فاضطربا فكأن جبال الدنيا قد تدكدكت، فغشي عليّ وعلى اليهودي، ثم أفاق قبلي، فقال: أهلكت نفسك وأهلكتني. توفي مجاهد بمكة سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة وهو ساجد، وله ثلاث وثمانون سنة.

روى عنه «تفسيره» شب بن عبّاد المكي.

(1) من تذكرة الحفاظ للذهبي.

ص: 308

618 -

محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن محمود [بن (1)] ماشاذة أبو منصور الأصبهاني (2).

الواعظ الفقيه.

قال السمعاني: إمام مفسّر واعظ، كان له التقدم والجاه العريض، وكان أوحد وقته، والمرجوع إليه في بلده.

تفقه على أبي بكر الخجنديّ. وروى عن أبي المظفّر السمعاني، وعائشة الوركانية.

وعنه أبو موسى المديني، وابن السمعاني، وطائفة.

ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، ومات بأصبهان في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وخمسمائة.

619 -

محمود بن أحمد بن الفرج بن عبد العزيز الإمام أبو المحامد (3) السمرقندي السّغديّ (4) الساغرجي (5).

أحد الأعلام.

(1) من اللباب لابن الأثير، وطبقات الشافعية للسبكي.

(2)

له ترجمة في: الأنساب للسمعاني ورقة 140 أ، طبقات الشافعية للسبكي 7/ 285، طبقات المفسرين للسيوطي 40، اللباب لابن الأثير 1/ 245، معجم البلدان لياقوت الحموي 2/ 138.

(3)

في الأصل: «أبو المحاسن» . وأثبتنا ما في الانساب واللباب وتاج التراجم والجواهر المضيئة وطبقات المفسرين للسيوطي.

(4)

له ترجمة في: الأنساب للسمعاني 286 أ، تاج التراجم لابن قطلوبغا 69، الجواهر المضيئة 2/ 156، طبقات المفسرين للسيوطي 41، اللباب لابن الأثير 3/ 242.

(5)

في الأصل: «الشاغرجي» . والمثبت في اللباب وتاج التراجم والأنساب، وقد ضبطه السمعاني بالعبارة فقال: بفتح السين المهملة والغين المعجمة وسكون الراء وفي آخرها الجيم.

ص: 309

قال ابن السّمعاني: إمام بارع، مبرّز في أنواع الفضل، والتفسير، والحديث والأصول، والمتفق، والمفترق، والوعظ، حسن السيرة، كثير الخير والعبادة.

قرأت عليه «تنبيه الغافلين» بروايته عن أبي إبراهيم إسحاق بن محمد النّوحيّ عن سبط الترمذي، عن مؤلفه.

ولد سنة ثمانين وأربعمائة ومات في حدود سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

620 -

محمد بن أحمد بن محمود بن بختيار الفقيه الشافعي الإمام أبو الثناء الزّنجانيّ (1).

ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.

واشتغل في العلوم، وأفتى، ودرّس بالنّظاميّة والمستنصريّة. وولي قضاء القضاة ببغداد مدّة ثم عزل.

صنّف «تفسير القرآن» قال ابن النجار: برع في المذهب والخلاف والأصول.

وقال الذهبي: كان من بحور العلم، له تصانيف، استشهد بسيف التتار في المحرم سنة ست وخمسين وستمائة (2).

ذكره ابن قاضي شهبة.

621 -

محمود بن أحمد بن مسعود (3).

(1) له ترجمه في: طبقات الشافعية للسبكي 8/ 368، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 53 ب، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 7/ 68.

(2)

في الأصل: «وخمسمائة» تحريف، والصواب في مصادر الترجمة.

(3)

له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 70، الجواهر المضيئة للقرشي 2/ 156، الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 90، الفوائد البهية للكنوي 207، قضاة دمشق لابن طولون 200، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 2/ 409.

ص: 310

العلّامة قاضي القضاة بدمشق، جمال الدين القونوي الدمشقي الحنفي، عرف بابن السراج، بكسر المهملة وتخفيف الراء ثم جيم.

درس بأماكن و «اختصر شرح الهداية للسغناقي» في مجلد سماه «القلائد» ، و «الزبدة في شرح العمدة» في أصول الدين مجلد، «وتهذيب أحكام القرآن» مجلد، و «المعتمد

مختصر مسند أبي حنيفة»، وله «المسند [شرح (1)] المعتمد» مجلد، و «البغية في الفتاوى» مجلدان، و «منتخب وقفي هلال والخصاف» مجلد، و «الإعجاز في الاعتراض على الأدلة الشرعية» ، و «مشرق الأنوار في مشكل الآثار» ، و «مقدمة في رفع اليدين في الصلاة» رد فيها على العلامة قوام الدين الاتقاني في «مقدمته» التي ألفها في فساد الصلاة برفع اليدين عند الركوع والرفع، لأنه عمل كثير، ومشى فيها على عدم صحة اقتداء الحنفي بالشافعي، لفساد صلاته بالرفع المذكور.

والحقّ ما ذهب إليه القونوي في مقدمته من صحة اقتداء الحنفي بالشافعي.

وله «التفريد مختصر تجريد القدوري» أربع مجلدات، وله «التكملة في فوائد الهداية» مجلد.

وله معرفة بالنحو والأصول، وأبوه أحمد بن مسعود، وكان [قد (2)] شرح «الجامع الكبير» ومات ولم يكمله، فكمله ولده محمود بن أحمد هذا. مات بدمشق سنة إحدى وسبعين وسبعمائة.

622 -

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النّيسابوريّ الغزنويّ (3).

(1) من تاج التراجم والجواهر المضيئة وقضاة دمشق وهدية العارفين.

(2)

من الجواهر المضيئة للقرشي.

(3)

له ترجمة في: معجم الأدباء لياقوت 7/ 145.

ص: 311

يلقب ببيان الحق.

قال ياقوت: كان عالما بارعا مفسّرا لغويا، فقيها، متقنا فصيحا.

له تصانيف ادّعى فيها الإعجاز، منها «خلق الإنسان» ، و «جمل الغرائب في تفسير الحديث» ، و «إيجاز البيان في معاني القرآن» ، وغير ذلك.

ومن شعره:

فلا تحقرن خلقا من الناس علّه

وليّ إله العالمين وما تدري (1)

فذو القدر عند الله خاف عن الورى

كما خفيت عن علمهم ليلة القدر (2)

623 -

محمود بن حمزة بن نصر أبو القاسم الكرماني (3).

النحوي المعروف بتاج القراء.

قال ياقوت: هو تاج القراء، وأحد العلماء الفهماء النبلاء، صاحب التصانيف والفضل.

كان عجبا في دقة الفهم وحسن الاستنباط؛ لم يفارق وطنه ولا رحل، وكان في [حدود (4)] الخمسمائة.

صنّف «لباب التفسير» ، وكتاب «البرهان في متشابه القرآن» ، وكتاب «خط المصاحف» . وكتاب «الهداية في شرح غاية ابن مهران» ،

(1) معجم الأدباء لياقوت.

(2)

بعد هذين البيتين بياض في الأصل قدر كلمة، ولعل البياض لعبارة ذكره شيخنا في طبقات النحاة، التي يذكرها المصنف عقب كل ترجمة ينقلها بالنص عن شيخه، وقد وقفت الترجمة عند هذا الحد في بغية الوعاة كما وقفت عند ذلك أيضا في معجم الأدباء.

(3)

له ترجمة في طبقات القراء لابن الجزري 2/ 291، معجم الأدباء لياقوت 7/ 146.

(4)

من معجم الأدباء.

ص: 312

و «الإيجاز في النحو» اختصره من الإيضاح، «النظاميّ في النحو» اختصره من الملمع، «الإفادة في النحو» ، و «العنوان» وغير ذلك.

كان في حدود المائة الخامسة ومات بعدها.

ومن شعره:

فمعرفة وتأنيث ونعت

ونون قبلها ألف وجمع

وعجمة ثم تركيب وعدل

ووزن الفعل فالأسباب تسع (1)

624 -

محمود عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن علي العلامة شمس الدين أبو الثناء الأصبهاني الشافعيّ (2) ولد بها في شعبان سنة أربع وتسعين وستمائة.

واشتغل بتبريز، وقرأ على والده، وعلي جلال الدين بن أبي المرجيّ، والقطب الشيرازي.

وتصدر للإقراء ومهر وتميّز، وتقدم في الفنون، وقدم دمشق في سنة خمس وعشرين فبهرت فضائله، وسمع كلامه الإمام تقي الدين بن تيمية، فبالغ في تعظيمه ولازم

الجامع الأموي ليلا ونهارا، مكبّا على التلاوة، وشغل الطلبة ودرس بعد ابن الزملكاني بالرواحية (3) ويوم الاجلاس.

(1) بعد هذين البيتين بياض في الأصل، وقد وقفت الترجمة عند هذين البيتين في بغية الوعاة ومعجم الأدباء، لعل مكان البياض عبارة ذكره شيخنا في طبقات النحاة، التي يذكرها المصنف عقب كل ترجمة ينقلها بالنص عن شيخه.

(2)

له ترجمة في: ايضاح المكنون لاسماعيل باشا البغدادي 1/ 143، والبدر الطالع للشوكاني 2/ 298، تاريخ علماء بغداد للخطيب البغدادي 218، الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 95، طبقات الشافعية للسبكي 6/ 247 (ط. الحسينية)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 87 ب، كشف الظنون لحاجي خليفة 235، 346، 442، 443، 1116، 1136، 1148، 1371، 1717، 1855، 1879، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 178، هدية العارفين للبغدادي 2/ 409.

(3)

في الأصل: «الرواجية» ، والصواب في مصادر الترجمة.

ص: 313

بالغ الفضلاء في الثناء عليه، ثم قدم مصر سنة اثنتين وثلاثين، وتولى تدريس المعزية بها، وبنى له قوصون الخانقاه بالقرافة، ورتبه شيخا بها أول ما فتحت في صفر سنة ست وثلاثين.

قال الإسنوي: كان بارعا في العقليات، عارفا بالأصلين. فقيها صحيح الاعتقاد محبا لأهل الخير والصلاح، منقادا لهم، مطرحا للتكلف، مجموعا على العلم ونشره.

وكان يمتنع كثيرا من الأكل لئلا يحتاج إلى الشرب، فيحتاج إلى دخول الخلاء فيضيع عليه الزمان.

صنّف «تفسيرا» كبيرا، لم يتم، و «شرح مختصر ابن الحاجب» ، و «منهاج البيضاوي» ، و «الطوالع» له، و «المطالع» ، و «ناظر العين» ، و «شرح البديع» لابن الساعاتي، و «فصول النسفي» ، و «الحاجبية» ، و «تجريد» النصير الطوسي، و «كافية ابن الحاجب» ، و «الساوية في العروض» ، وغير ذلك.

قال الصفدي: رأيته يكتب في تفسيره من خاطره من غير مراجعة قد جمع فيه بين «الكشاف» و «مفاتيح الغيب» للإمام [الرازي] جمعا حسنا بعبارة وجيزة مع زيادات واعتراضات في مواضع كثيرة.

توفي شهيدا بالطاعون في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وسبعمائة، ودفن بحوش قوصون بالقرافة.

ذكره ابن قاضي شهبة، ثم شيخنا في «طبقات النحاة» .

625 -

محمد بن عمر بن محمد بن أحمد العلامة أبو القاسم الزمخشري

ص: 314

الخوارزمي (1).

النحوي اللغوي المعتزلي، المفسّر، يلقب جار الله، لأنه جاور بمكة زمانا.

ولد في رجب سنة سبع وستين وأربعمائة بزمخشر قرية من قرى خوارزم.

وقدم بغداد فسمع من أبي الخطاب بن البطر، وأبي سعد الشقاني، وشيخ الإسلام أبي منصور الحارثي وجماعة.

وحدّث، وأجاز للسلفي، وزينب الشعرية، وأخذ الأدب عن أبي الحسن علي بن المظفر النيسابوري، وأبي منصور الأصبهاني.

كان واسع العلم، كثير الفضل، غاية [في] الذكاء وجودة القريحة، متفنّنا في كل علم، معتزليا قويا في مذهبه، مجاهرا به، داعية إليه، حنفيا، علامة في الأدب والنحو.

لقي الكبار. وصنّف التصانيف المفيدة ودخل خراسان عدة نوب، ما دخل بلدا إلا واجتمعوا عليه وتلمذوا له، وكان إمام الأدب، ونسّابة العرب، تضرب إليه أكباد الإبل.

له التصانيف البديعة، منها:«الكشاف» في التفسير، «الفائق» في غريب الحديث، «أساس البلاغة» ، «المفصّل» في النحو، «المقامات» ،

(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 265، الأنساب للسمعاني 277 أ، البداية والنهاية لابن كثير 12/ 219، تاج التراجم لابن قطلوبغا 71، تاريخ الاسلام للذهبي (وفيات 538)، تذكرة الحفاظ 4/ 1238، الجواهر المضيئة 2/ 160، طبقات المفسرين للسيوطي 41، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 141، العبر للذهبي 4/ 106، الكامل لابن الأثير 11/ 97، اللباب 1/ 506، لسان الميزان لابن حجر العسقلاني 6/ 4، مرآة الجنان لليافعي 2/ 269، معجم الأدباء لياقوت 7/ 147، معجم البلدان 2/ 940، مفتاح السعادة 2/ 97، المنتظم لابن الجوزي 10/ 112، ميزان الاعتدال للذهبي 4/ 78، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 5/ 274، نزهة الألباء للأنباري 391، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 254.

ص: 315

«المستقصى في الأمثال» ، «ربيع الأبرار» ، «فصوص الأخبار» في الحكايات، و «متشابه أسماء الرواة» ، و «أطواق الذهب» ، «صميم العربية» ، «شرح أبيات الكتاب» ، «الأنموذج في النحو» ، «شرح بعض مشكلات المفصّل» ، «الأحاجي النحوية» «الرائض في الفرائض» ، «المنهاج في الأصول» ، «القسطاس في العروض» و «النصائح الكبار» ، و «النصائح الصغار» ، و «ضالة الناشد» ، و «المفرد في النحو» ، و «رءوس المسائل في الفقه» ، و «معجم الحدود» ، «مقدمة الآداب» ، و «سوائر الأمثال» ، و «ديوان التمثل» ، و «شقائق النعمان» ، و «شافي العي من كلام الشافعي» (1)، و «ديوان الرسائل» ، و «ديوان الشعر» ، «الرسالة الناصحة» ، و «الأمالي في كل فن» وغير ذلك. مات ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.

وله شعر:

إن التفاسير في الدنيا بلا عدد

وليس فيها لعمري مثل كشّافي (2)

إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته

فالجهل كالداء والكشّاف كالشافي

وله وأوصى أن يكتب على لوح قبره:

إلهي قد أصبحت ضيفك في الثرى

وللضيف حق عند كل كريم (3)

فهب لي ذنوبي في قراي فإنها

عظيم ولا يقرى بغير عظيم

................ ............ (4).

(1) بعد هذا في الأصل: «معجم الحدود» . وقد سبق.

(2)

البيتان في معجم الأدباء لياقوت 7/ 148.

(3)

البيتان في وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 259.

(4)

بياض في الأصل، وقد ذكر ابن خلكان للزمخشري أبياتا أخرى غير هذه.

ص: 316

626 -

محمود بن محمد بن داود (1).

الإمام أبو المحامد الأفشنجي الفقيه البخاري الحنفي.

قال أبو العلاء: ولد ببخارى سنة سبع وعشرين وستمائة.

وسمع من محمد بن أبي جعفر الترمذي، وتفقه علي الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد المجيد القرشي.

وكان إماما مفننا، مدرسا، واعظا، مفسّرا. مات شهيدا في واقعة بخارى من التتار سنة إحدى وسبعين وستمائة.

627 -

محمود الحافظ الطوسي.

كذا بخطه من غير زيادة، له تفسير سماه «بحر الحقائق وكنز الدقائق» قال في آخره إنه فرغ منه في يوم الاثنين من سلخ الشهر المبارك رمضان، سنة اثنتين وستين وسبعمائة، ببلدة هراة.

628 -

مرة بن شراحيل الهمداني (2).

بسكون الميم، ويقال له الطيب، ويقال له: مرة الخير، الكوفي المفسّر العابد.

روى عن أبي بكر، وعمر، وأبي ذر، وابن مسعود، وأبي موسى.

وعنه أسلم الكوفي، وإسماعيل السدي، وزبيد اليامي، وعطاء بن السائب، وإسماعيل بن أبي خالد، وحصين بن عبد الرحمن، وآخرون.

وثقة يحيى بن معين.

(1) له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 72، الجواهر المضيئة لعبد القادر محمد القرشي 2/ 161، طبقات المفسرين للسيوطي 41، الفوائد البهية للكنوي 210.

(2)

له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 67، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 318.

ص: 317

يقال: إنه سجد حتى أكل التراب جبهته، وكان بصيرا بالتفسير. مات سنة ست وسبعين، وقيل بعد ذلك، وهو مخضرم، روى له الجماعة.

629 -

مسعود بن علي بن أحمد بن العباس الصوانيّ البيهقيّ أبو المحاسن (1).

يلقب بفخر الزمان.

قال ياقوت، نقلا عن «الوشاح»: فخر الزمان، وأوحد الأقران، ومن لا ينظر الأدب إلا بعينه، ولا يسمع الشعر إلا بإذنه.

صنّف «التفسير» ، «شرح الحماسة» ، «صيقل الألباب في الأصول» ، «التوابع واللوامع في الأصول» ، «التذكرة» أربع مجلدات، «إعلاق الملوين وأخلاق الأخوين» مجلدان، «التنقيح» في أصول الفقه؛ «نفثة المصدور» (2)«أشعاره» مجلد. مات في الثالث والعشرين من المحرم سنة أربع وأربعين وخمسمائة.

وله:

تكلّف المجد أقوام وقد سئموا

منه وإنك مشغول به كلف (3)

كأنك الدرة البيضاء في صدف

والناس حولك طرّا ذلك الصّدف

أورده شيخنا في «طبقات النحاة» .

(1) له ترجمة في: معجم الأدباء لياقوت 7/ 159، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 2/ 428.

(2)

كذا في معجم الأدباء، وفي الأصل:«بغية المصدر» .

(3)

البيتان في: معجم الأدباء.

ص: 318

630 -

مسعود بن عمر بن عبد الله الشيخ سعد الدين التفتازاني (1).

الإمام العلامة، عالم بالنحو والتصريف والمعاني والبيان والأصلين والمنطق وغيرها، شافعي.

قال الحافظ ابن حجر: ولد ثنتي عشرة وسبعمائة، وأخذ عن القطب، والعضد، وتقدّم في الفنون، واشتهر ذكره، وطار صيته، وانتفع الناس بتصانيفه.

وله «شرح العضد» ، و «شرح التلخيص» مطول، وآخر مختصر، و «شرح القسم الثالث من المفتاح» ، و «التلويح على التنقيح» في أصول الفقه، و «شرح العقائد» و «المقاصد في الكلام» وشرحه، و «شرح الشمسية» في المنطق، و «شرح تصريف العزّي» ، و «الإرشاد» في النحو، و «حاشية على الكشاف» ولم تتم، وغير ذلك.

وكان في لسانه لكنة، وانتهت إليه معرفة العلوم بالمشرق. ومات رحمه الله تعالى بسمرقند سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

631 -

مسعود بن محمد بن مسعود الطريثيثيّ (2).

الشيخ الإمام، أبو المعالي قطب الدين النّيسابوريّ.

(1) أنظر ترجمته في: ابناء الغمر لابن حجر 1/ 389، البدر الطالع للشوكاني 2/ 303، الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 119، روضات الجنات للخوانساري 309، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 205.

(2)

له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 12/ 312، تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1341، طبقات الشافعية للسبكي 7/ 297، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 38 أ، العبر 4/ 235، مرآة الجنان لليافعي 3/ 413، النجوم الزاهرة 6/ 94، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 283.

ص: 319

صاحب كتاب «الهادي» المختصر المشهور في الفقه.

كان إماما في المذهب والخلاف والأصول والتفسير والوعظ، أديبا مناظرا.

مولده في رجب سنة خمس وخمسمائة.

وتفقه على والده، وعلى محمد بن يحيى، وعمر السلطان، وإبراهيم المروروذيّ ورأى الأستاذ أبا نصر بن الأستاذ أبي القاسم القشيريّ، وسمع الحديث من هبة الله السّيديّ، وعبد الجبار البيهقي، وغيرهما.

حدث عنه أبو المواهب بن صصرى، وأبو القاسم بن صصرى، وتاج الدين عبد الله بن حمويه، وآخرون، وتخرجت به الأصحاب وعظم شأنه.

وقال ابن النجار: وكان يقال: إنه بلغ حدّ الإمامة على صغر سنه، ودرّس بنظامية نيسابور، ثم ورد بغداد وحصل له بها القبول التام، ثم جاء إلى دمشق وسكنها مدة، ودرّس بالمدرسة المجاهدية مدة، ثم بالزاوية الغزّاليّة بعد موت أبي الفتح نصر الله المصّيصيّ، ثم خرج إلى حلب، وولي بها تدريس المدرستين اللتين بناهما نور الدين الشهيد وأسد الدين. ثم سافر إلى بغداد، ومنها إلى همذان، وولي التدريس بهمذان، وأقام بها مدة. ثم عاد إلى دمشق واستوطنها، ودرّس بالغزّالية والجاروخيّة (1)، وتفرد برياسة الشافعية، وسافر إلى بغداد رسولا إلى ديوان الخلافة، ثم عاد.

وكان معروفا بالفصاحة والبلاغة وتعليم المناظرة. توفي بدمشق في رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، ودفن بتربة أنشأها غربي مقابر الصوفية، وبني مسجدا على الصّخرات التي بمقبرة طاحون الميدان، ووقف كتبها، ومقرها بخزانة كتب المدرسة العادلية الكبرى بدمشق.

(1) في الأصل: «الخاروجية» ، تحريف، صوابه في العبر 5/ 80، وطبقات الشافعية للسبكي 7/ 298 وانظر الدارس في أخبار المدارس.

ص: 320

أورده ابن السبكي في «الطبقات الكبرى» .

632 -

مسعود بن محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشاذة الإمام أبو عبد الله الأصبهاني (1).

المفسر الفقيه.

قال ابن النجار: كان إماما حافظا قيّما بالفقه، والخلاف والتفسير والوعظ.

سمع من غانم بن محمد البرجي، وأبي علي الحداد، ومحمد الصيرفي.

وكان واعظا، حسن الكلام، حدّث ببغداد، ووعظ، ولقي القبول التام.

توفي بأصبهان بعد عودته من الحج بقليل في سنة ست وسبعين وخمسمائة.

ذكره ابن الدبيثي في «الذيل» .

633 -

مسعود بن محمود صفيّ الدين الفالي المفسّر (2).

من مدينة فال، ويقال بال- بين الفاء والباء- لها قلعة. وهي كثيرة الفواكه الطيبة بين شيراز وهرمز. مات في شعبان سنة ثمان وسبعين وستمائة.

634 -

مسلم بن سفيان البصري (3).

المفسّر الضرير.

روى القراءة عن يعقوب نفسه، هذا هو الصواب كما قطع به الحافظ الهمذاني وغيره، وذكر أبو علي الأهوازي أنه قرأ على أحمد بن عبد الخالق،

(1) له ترجمة في: طبقات المفسرين للسيوطي 42. المدارس 1/ 225.

(2)

له ترجمة في: تبصير المنتبه لابن حجر 3/ 1149.

(3)

له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 298.

ص: 321

وروح بن عبد المؤمن، وكعب بن إبراهيم، وحميد بن وزير، وعمر بن سراج، أصحاب يعقوب عن يعقوب والله أعلم.

روى القراءة عنه ابنه الحسن.

ذكره ابن الجزري في «طبقات القراء» ولم يؤرخ وفاته.

ذكره ابن الجزري في «طبقات القراء» ولم يؤرخ وفاته.

635 -

مسلّم بالتشديد على وزن- محمد- بن سلامة بن شبيب النفيعيّ السنجاريّ الحنفي (1).

قال ابن العديم: قدم هو وأخوه مسلم- بالتخفيف- إلى حلب، وكان صاحب الترجمة فاضلا فقيها، له معرفة تامة بالتفسير، ولم يؤرخ وفاته.

والنفيعيّ: بضم النون وفتح الفاء وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها عين مهملة، نسبة إلى قرية على باب سنجار، يقال لها النفيعيّة.

636 -

المعافى- بميم مضمومة ثم عين مهملة وفاء- بن إسماعيل بن الحسين بن أبي سنان أبو محمد الموصلي (2).

ولد بها في سنة إحدى [وخمسين (3)] وخمسمائة.

وتفقه على ابن مهاجر، والعماد بن يونس، وغيرهما. وسمع وحدّث وأفتى، وصنّف وناظر.

قال الذهبي: وكان إماما فاضلا ديّنا عارفا بالمذهب، وكان مليح الشكل والبزة.

(1) له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 77، الجواهر المضيئة للقرشي 2/ 173، معجم البلدان لياقوت 4/ 801.

(2)

له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1456، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 374، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 48 ب، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 2/ 465.

(3)

من طبقات الشافعية للسبكي.

ص: 322

ومن تصانيفه كتاب «الكامل» في الفقه، كتاب مطول جمع فيه بين كتب الطريقين، قال السبكي: رأيته بخطه في الشامية البرانية في مجلدات عديدة، أظنها عشرة.

وقال في «المهمات» : إنه قريب من حجم «الروضة» ، وكتاب «أنس المنقطعين» وهو مشهور، وكتاب «الموجز» في الذّكر، و «تفسير» كبير، يسمى «البيان» . وتوفي بالموصل في شعبان أو رمضان سنة ثلاثين وستمائة.

وقد ذكره قاضي الحنفية المحب بن الشّحنة، بهامش نسخته، التي كتبها بخطه من «طبقات الحنفية» للقرشي، متعقبا عليه- أي القرشي- قال:

وقرئ عليه تفسيره بالصّالحية، سنة ثلاث وستمائة. قال: وترجم بأنه كان يدرس للحنفية والشافعية.

637 -

المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن حماد بن داود المعروف بابن طرارا (1).

بفتح الطاء المهملة والراء وبعد الألف راء ثانية مفتوحة ثم ألف مقصورة، وبعضهم يكتبها بالهاء بدلا من الألف فيقول: طرارة.

الحافظ العلامة القاضي ذو الفنون أبو الفرج النهروانيّ الجريري- بجيم مفتوحة- لأنه كان على مذهب الإمام أبي جعفر بن جرير.

(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 296، الأنساب للسمعاني 129 أ، البداية والنهاية لابن كثير 11/ 328، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 13/ 230، تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 1010، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 302، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 249، العبر للذهبي 3/ 47، الفهرست لابن النديم 236، الكامل لابن الأثير 9/ 163، اللباب 3/ 249، مرآة الجنان 2/ 443، معجم الأدباء 7/ 162، المنتظم 7/ 213، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 201، نزهة الألباء للأنباري 329، هدية العارفين للبغدادي 2/ 464، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 309.

ص: 323

مولده يوم الخميس لسبع خلون من رجب سنة ثلاث وقيل خمس وثلاثمائة.

سمع البغوي، وابن أبي داود، وابن صاعد.

وتلا على ابن شنبوذ، وأبي مزاحم الخاقاني، وأبي عيسى بكار، وغيرهم.

قرأ عليه عبد الوهاب بن علي الملحمي، وأحمد بن مسرور (1)، ومحمد ابن عمر النهاوندي، وغيرهم.

وحدّث عنه أبو القاسم الأزهري، والقاضي أبو الطيب، وكان [أبو محمد البافي يقول: إذا حضر القاضي أبو الفرج فقد حضرت العلوم كلها، وقال: لو أوصى رجل بثلث ماله أن يدفع إلى أعلم الناس لوجب أن يدفع إلى المعافى بن زكريا] (2). قال الخطيب: سألت البرقاني عنه فقال: كان أعلم الناس، وكان ثقة.

صنّف «التفسير الكبير» في ست مجلدات، «النحرير والمنقر (3)» في أصول الفقه، «الحدود والعقود» في أصول الفقه، «المرشد» في الفقه، «شرح كتاب المرشد» ، «المحاضر والسجلات» ، «شرح كتاب الخفيف» للطبري، «الشافي في مسح الرجلين» ، «أجوبة الجامع الكبير» لمحمد بن

(1) في الأصل: «ابن مسروق» . وما أثبتنا عن تذكرة الحفاظ وطبقات القراء لابن الجزري.

وهو: أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب أبو نصر الخباز البغدادي، شيخ جليل مشهور، قرأ على المعافى بن زكريا، له كتاب المفيد في القراءات. توفي سنة 442 هـ (طبقات القراء لابن الجزري 1/ 137).

(2)

ما بين المعقوفتين من تاريخ بغداد، وقد وردت العبارة هكذا أيضا في وفيات الأعيان والمنتظم وتذكرة الحفاظ والبداية والنهاية. ولكنها جاءت مضطربة في الأصل هكذا «وكان من أعلم الناس لوجب أن يدفع اليه» .

(3)

في الأصل: «التحرير والمقر» . وأثبتنا ما في الفهرست لابن النديم وهدية العارفين للبغدادي.

ص: 324

الحسن، «أجوبة المزني» على مذهب الطبري، «الشروط» ، «الرد على الكرخي في مسائل» ، «الرد على البلخي في اقتراض الإماء» ، «الرد على داود بن علي» ، «رسالته إلى العنبري القاضي في مسألة في الوصايا» ، كتاب في تأويل القرآن»، «كتاب المحاورة في العربية» ، الرسالة في واو عمرو»، «شرح كتاب الجرمي (1)» و «كتاب الجليس والأنيس» وغير ذلك، ونقل النديم في الفهرست» عنه أنه قال:[لي] نيف وخمسون رسالة في الفقه والكلام والنحو وغير ذلك، ونصر مذهب ابن جرير وحامى عليه.

قال التوحيديّ: رأيته وقد نام مستدبر الشمس في جامع الرّصافة في يوم شات، وبه من أثر الفقر والبؤس والضّر أمر عظيم، مع غزارة علمه واتساع أدبه وفضله المشهور، ومعرفته بصنوف العلم، خاصة علم الآثار والأخبار وسير العرب وأيامها، فقلت له: مهلا أيها الشيخ وصبرا! فإنك بعين الله ومرأى منه ومسمع، وما جمع الله لأحد شرف العلم وعزّ المال، فقال: ما لا بد منه من الدنيا فليس منه بدّ، ثم أنشد لنفسه:

يا محنة الله كفي

إن لم تكفي فخفي (2)

قد آن أن ترحمينا

من طول هذا التّشفي

طلبت جدّا لنفسي

فقيل لي قد توفي

فلا علومي تجدي

ولا صناعة كفي

ثور ينال الثريّا

وعالم متخفي

(1) في الفهرست لابن النديم: «شرح كتاب الحزمي» تحريف. والجرمي: هو صالح بن اسحاق أبو عمر الجرمي البصري، كان فقيها عالما بالنحو واللغة، أخذ النحو عن الأخفش، واللغة عن الأصمعي، وحدث عنه المبرد، وناظر الفراء. وانتهى اليه علم النحو في زمانه.

وله من التصانيف: كتاب الأبنية، كتاب العروض، ومختصر في النحو، وغريب سيبويه.

ومات سنة 225 هـ.

(2)

الأبيات في معجم الأدباء لياقوت 7/ 163.

ص: 325

مات يوم الاثنين الثامن عشر من ذي الحجة سنة تسعين وثلاثمائة بالنهروان، عن خمس وثمانين سنة.

ذكره شيخنا في «طبقات الحفاظ» وفي «طبقات النحاة» .

638 -

معمر بن المثنّى اللغويّ البصريّ مولاهم أبو عبيدة (1).

مولى بني تيم؛ تيم قريش، رهط أبي [بكر] الصديق رضي الله عنه.

أخذ عن يونس، وأبي عمرو.

هو أول من صنف «غريب الحديث» .

أخذ عنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو حاتم، والمازني، والأثرم، وعمر بن شبّة.

وكان أعلم من الأصمعيّ وأبي زيد بالأنساب والأيام، وكان أبو نواس يتعلم منه ويصفه ويذمّ الأصمعيّ، سئل عن الأصمعي، فقال: بلبل في قفص، وعن أبي عبيدة فقال: أديم طوي على علم.

وقال بعضهم: كان الطلبة إذا أتوا مجلس الأصمعيّ اشتروا البعر في سوق الدّرّ، وإذا أتوا مجلس أبي عبيدة اشتروا الدّرّ في سوق البعر، لأن الأصمعي كان حسن الإنشاد والزخرفة قليل الفائدة، وأبا عبيدة بضدّ ذلك.

(1) له ترجمة في: أنباه الرواة للقفطي 3/ 276، تاريخ الاسلام للذهبي (وفيات 210)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 13/ 252، تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 371، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/ 260، تهذيب التهذيب لابن حجر 10/ 246، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 250، العبر 1/ 359، الفهرست لابن النديم 53، مرآة الجنان 2/ 44، مراتب النحويين 44، المعارف 543، معجم الأدباء 7/ 164، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 105، ميزان الاعتدال 4/ 155، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 184، نزهة الألباء 104، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 323.

ص: 326

وقال يزيد بن مرّة: ما كان أبو عبيدة يفتّش على علم من العلوم إلا كان من يفتّشه عنه يظنّ أنه لا يحسن غيره، ولا يقوم بشيء أجود من قيامه به.

أقدمه الرشيد من البصرة إلى بغداد وقرأ عليه.

وكان شعوبيا، وقيل: كان يرى رأى الخوارج الإباضيّة.

وقال الجاحظ في حقه: لم يكن في الأرض خارجيّ أعلم بجميع العلوم منه.

وقال ابن قتيبة: كان الغريب أغلب عليه وأيام العرب وأخبارها.

وقال له رجل: يا أبا عبيدة، قد ذكرت الناس وطعنت في أنسابهم، فبالله إلا عرفتني من أبوك، وما أصله؟ فقال: حدثني أبي أنّ أباه كان يهوديا بباجروان.

قال أبو حاتم: وكان مع علمه إذا قرأ البيت لم يقم إعرابه، وينشده مختلف العروض.

وتصانيفه تقارب مائتي تصنيف، فمنها:«غريب القرآن» ، «مجاز القرآن» ، «الأمثال في غريب الحديث» ، «المثالب» ، «أيام العرب» ، «معاني القرآن» ، «طبقات الفرسان» ، «نقائض جرير والفرزدق» ، «الخيل» ، «الإبل» ، «السيف» ، «اللغات» ، «المصادر» ، «خلق الإنسان» ، «فعل وأفعل» ، «ما تلحن فيه العامة» ، وغير ذلك.

وكان يقول شعرا ضعيفا، وأصلح ما روي له قوله:

يكلّمني ويخلج حاجبيه

لأحسب عنده علما دفينا (1)

وما يدري قبيلا من دبير

إذا قسم الذي يدري الظّنونا

(1) انباه الرواة للقفطي 3/ 280.

ص: 327

وروى له البخاري تعليقا، وأبو داود: وهو صدوق. ولد سنة اثنتي عشرة ومائة، ومات سنة تسع، وقيل ثمان، وقيل إحدى عشرة ومائتين، وقد قارب المائة.

ذكره شيخنا في «طبقات اللغويين والنحاة» .

639 -

المفضل بن سلمة بن عاصم أبو طالب النحوي اللغوي الفاضل الكوفيّ (1).

أخذ عن أبيه، وعن ابن السكيت (2)، وثعلب، وخالف طريقة أبيه.

قال أبو الطيب: وردّ أشياء من «كتاب العين» أكثرها غير مردود، واختار في اللغة والنحو اختيارات غيرها المختار.

وكان [مليح] الخط، منقطعا إلى الفتح بن خاقان.

وله من الكتب كتاب «ضياء القلوب» في معاني القرآن، نيف وعشرون جزءا، كتاب «الفاخر في لحن للعامة» ، كتاب «البارع» في اللغة، «الاشتقاق» ، «آلة الكتابة» ، «المدخل إلى علم النحو» ، «المقصور والممدود» ، «الاستدراك على العين» ، «العود والملاهي» ، كتاب «الزرع والنبات والنخل وأنواع الشجر» ، «خلق الإنسان» ، «ما يحتاج إليه الكتاب» ، «الأنواء والبوارح» ، «الخط والقلم» ، «جماهير القبائل» لطيف، «الرد على الخليل وإصلاح ما في كتاب العين من الغلط والمحال والتصحيف» وغير ذلك.

(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 305، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 13/ 124، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 254، الفهرست لابن النديم 73، مراتب النحويين 157، معجم الأدباء لياقوت 7/ 170، الألباء لأبي بركات بن الأنباري 202.

(2)

في الأصل: «أبي السكيت» تحريف، صوابه في بغية الوعاة.

ص: 328

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» وغيره لم يؤرخوا وفاته (1).

640 -

المفضل بن محمد الأصبهانيّ أبو القاسم الراغب.

صاحب المصنفات، كان في أوائل المائة الخامسة.

له: «مفردات القرآن» ، و «أفانين البلاغة» ، و «المحاضرات» ، و «الذريعة إلى مكارم الشريعة» وغير ذلك.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» وقال: كان في ظني أنه معتزلي، حتى رأيت بخط الشيخ نور الدين الزركشي على ظهر نسخة من «القواعد الصغرى» لابن عبد السلام ما نصه: ذكر الإمام فخر الدين [الرازي (2)] في «تأسيس التقديس في الأصول» أن أبا القاسم الراغب كان من أئمة السنة، وقرنه بالغزّاليّ، قال: وهي فائدة حسنة، فإن كثيرا من الناس يظنون أنه معتزلي ................ ..... (3).

641 -

مقاتل بن حيّان (4).

بفتح المهملة والتحتانية النّبطي (5) بفتح النون والموحدة مولى لبكر بن وائل بن ربيعة، ويقال مولى بني تيم الله، كان يسكن ببلخ، يكنى أبا

(1) ذكر ابن قاضي شهبة أنه مات سنة 300 هـ، وذكر صاحب كشف الظنون أن وفاته كانت سنة 290 هـ.

(2)

له ترجمة في: مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 226.

(3)

بياض في الأصل، والترجمة بنصها في بغية الوعاة، وقد وقفت الترجمة هناك عند هذا الحد.

(4)

له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 174، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 330، ميزان الاعتدال 4/ 171.

(5)

نسبة الى النبط، وهم قوم من العجم ينسب اليهم مقاتل بن حلين (اللباب لابن الأثير 3/ 212).

ص: 329

بسطام الخزاز بمعجمة وزاءين (1) منقوطتين.

يروى عن مجاهد، وعروة، والضحاك.

وعنه علقمة بن مرثد وهو أكبر منه، وإبراهيم بن أدهم، وابن المبارك.

وهو صدوق فاضل، أخطأ الأزدي في زعمه أن وكيعا كذبه، وإنما كذّب مقاتل بن سليمان. وهو من الطبقة السادسة، مات قبيل الخمسين ومائة بأرض الهند، خرّج له الجماعة إلا البخاري، وله «تفسير» .

642 -

مقاتل بن سليمان بن كثير الأزدي الخراساني أبو الحسن البلخي المفسّر (2).

نزيل مرو.

ويقال له: ابن دوال دوز.

كذبوه وهجروه، ورمي بالتجسيم، من الطبقة السابعة، مات سنة خمسين ومائة.

روى عن مجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وأبي إسحاق السبيعي، والضحاك بن مزاحم، ومحمد بن مسلم الزهري وغيرهم.

وعنه بقية بن الوليد الحمصي، وعبد الرازق بن همام الصنعاني، وحرميّ ابن عمارة وغيرهم، وكان من العلماء الأجلاء.

(1) كذا في الأصل، وفي تبصير المنتبه لابن حجر 1/ 330:«مقاتل بن حيان الخراز، نسبة الى خرز الجلود. وفي خلاصة تذهيب الكمال 320: «مقاتل بن حيان الخراز، أوله معجمة ثم مهملة» .

(2)

له ترجمة في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 13/ 160، تهذيب التهذيب لابن حجر 10/ 279، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 331، الفهرست لابن النديم 179، ميزان الاعتدال 4/ 173، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 341.

ص: 330

حكى عن الشافعي- رضي الله عنه أنه قال: الناس كلهم عيال على ثلاثة: مقاتل بن سليمان في التفسير، وعلى زهير بن أبي سلمى في الشعر، وعلى أبي حنيفة في الكلام.

قال الذهبي في «طبقات الحفاظ» عقب ترجمة مقاتل بن حيّان: فأما مقاتل بن سليمان المفسر فكان في هذا الوقت، وهو متروك الحديث، وقد لطخ بالتجسيم مع أنه كان من أوعية العلم بحرا في التفسير.

وله أيضا كتاب «نظائر القرآن» ، وكتاب «التفسير الكبير» ، وكتاب «الناسخ والمنسوخ» ، وكتاب «تفسير الخمسمائة آية» ، وكتاب «القراءات» ، وكتاب «متشابه القرآن» ، وكتاب «نوادر التفسير» ، وكتاب «الوجوه والنظائر» ، وكتاب «الجوابات في القرآن» ، وكتاب «الرد على القدرية» ، وكتاب «الأقسام واللغات» ، وكتاب «التقديم والتأخير» ، وكتاب «الآيات المتشابهات» .

ذكر هذه الكتب النديم في «الفهرست» .

643 -

مكيّ بن أبي طالب حمّوش- بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم المضمومة وسكون الواو بعدها شين معجمة- بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي (1).

(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 313، بغية الملتمس للضبي 455، جذوة المقتبس للحميدي 329، الديباج المذهب لابن فرحون 346، الصلة لابن بشكوال 2/ 597، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 309، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 256، العبر 3/ 187، مرآة الجنان لليافعي 3/ 57، معجم الأدباء 7/ 173، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 84، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 5/ 41، نزهة الألباء 347، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 361. وهو مكرر 648.

ص: 331

كان فقيها مقرئا أديبا. وله رواية، وغلب عليه علم القرآن، وكان من الراسخين فيه.

أخذ بالقيروان عن أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي.

وحج ولقي بالمشرق جلة من الشيوخ وأخذ عنهم، منهم: أبو القاسم المالكي، وابن فارس، وإبراهيم المروزي، وأبو العباس وجماعة.

وروى عنه جلة كابن عتاب، وحامد بن محمد، وأبو الأصبغ بن سهل.

ودخل قرطبة أيام المظفر بن أبي عامر سنة ثلاث وتسعين ولا يؤبه لمكانه، إلى أن نوه بمكانه ابن ذكوان القاضي، وأجلسه في الجامع، فنشر علمه، وعلا ذكره ورحل الناس إليه من كل قطر، وولي الشورى والخطبة والصلاة، إلى أن أقعد عنها في زمن الفتنة.

وصنّف تصانيف كثيرة في علوم القرآن منها: «إعراب القرآن» ، وسماه «الإيجاز» ، و «اللمع» ، و «الموجز في القراءات» ، و «التبصرة» فيها، و «الهداية في التفسير» ، و «الوقف على كلا» ، وكتاب «المأثور عن مالك في أحكام القرآن وتفسيره» في عشرة أجزاء، وغير ذلك. وتوفي في صدر محرم سنة سبع وأربعمائة.

644 -

منبه بن محمد بن أحمد بن علي بن ينال بن أبي سهل أبو وهب ابن أبي جعفر المخلصيّ.

من الإخلاص بسكون الخاء المعجمة وكسر اللام الفقيه الحنفي، فقيها شاعرا واعظا، مليح الوعظ، حسن المعرفة بالتفسير.

قدم بغداد حاجا سنة ست وتسعين وأربعمائة، وحدّث بها عن أبي حامد أحمد بن محمد الشجاعي، وأبي نصر أحمد بن محمد بن حمدان الحداد.

ص: 332

وروى عنه من أهلها أبو عبد الله البيضاوي.

ولد سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.

وإنما سمي المخلصي، لأن والده كان صادقا مخلصا فيما يقول للملوك والسلاطين وكان ينفق من ماله على من يقرأ عليه.

قاله الصفديّ.

645 -

المنتخب بن أبي العز رشيد منتجب الدين أبو يوسف الهمذاني (1).

إمام كامل علامة.

قال الذهبي: كان رأسا في القراءات، والعربية، صالحا متواضعا، صوفيا.

قرأ على أبي الجود بمصر سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وسمع بدمشق أبا اليمن الكندي، وقرأ عليه، و «شرح الشاطبية» شرحا لا بأس به، و «أعرب القرآن العظيم» إعرابا متوسطا، و «شرح المفصل للزمخشري» وأجاد فيه.

وذكره في «تاريخ الإسلام» [فقال: كان سوقه كاسدا مع وجود السخاوي، وذكره أبو شامة في «الذيل» (2)] فقال: كان مقرئا مجودا، وانتفع بشيخنا السخاوي في معرفة قصيد الشاطبي، ثم تعانى القصيد فخاض بحرا عجز فيه عن سباحته وجحد حق تعظيم شيخنا له وإفادته.

(1) له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 310، طبقات القراء للذهبي 2/ 508، مرآة الجنان لليافعي 4/ 111.

(2)

من طبقات القراء لابن الجزري.

ص: 333

قال الذهبي: سمعت النظام التبريزي يقول: قرأت القرآن بأربع روايات على المنتجب [وكنت (1)] أقرأ خفية من شيخنا السّخاوي، لأن من كان يقرأ على السخاوي لا يجسر أن يقرأ على المنتخب، فتكلم فيّ بعض الطلبة عند السخاوي، فقال الشيخ: هذا ما هو مثل غيره، هذا يقرأ ويروح وما يكثر فضولا، وسامحني الشيخ علم الدين دون غيري (2).

قال ابن الجزري: وفي شرحه القصيد مواضع بعيدة عن التحقيق، وذلك أنه لم يقرأ بها على الناظم ولا على من قرأ عليه.

وكان شيخ الإقراء بالتربة الزنجيلية جوار دار الطعم بدمشق.

قرأ عليه الصائن محمد بن الزين الضرير، والنظام محمد بن عبد الكريم التبريزي، وعبد الولي بن عبد الرحمن بن محمد المقدسي. توفي في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وستمائة بدمشق.

ذكره ابن الجزري في «طبقات القراء» .

646 -

المنجي بن عثمان بن أسعد بن المنجي بن بركات بن المؤمل بن عز الدين بن المؤمل التنوخي (3).

المعري الأصل الدمشقي الفقيه الحنبلي الأصولي المفسّر النحوي زين الدين أبو البركات بن عز الدين أبي عمرو بن القاضي وجيه الدين أبي المعالي.

ولد في عاشر ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وستمائة.

وحضر إلى أبي الحسن بن المقير، وجعفر الهمداني. وسالم بن صصرى، وسمع من السخاوي، وابن المسلمة، وجماعة.

(1) من طبقات القراء لابن الجزري.

(2)

في الأصل: «دون غيره» . والمثبت في طبقات القراء لابن الجزري.

(3)

له ترجمة في: ذيل الحنابلة لابن رجب 2/ 332.

ص: 334

وتفقه على أصحاب جده، وأصحاب الشيخ موفق الدين، وقرأ الأصول على كمال الدين التفليسي، وغيره.

وقرأ النحو على ابن مالك، وبرع في ذلك كله، ودرّس وأفتى وناظر وصنّف وانتهت إليه رئاسة المذهب بالشام في وقته.

ومن تصانيفه «شرح المقنع» في أربع مجلدات، و «تفسير القرآن الكريم» وهو كبير، لم يبيضه، وألقاه جميعه دروسا، وشرع في «شرح المحصول» ولم يكمله واختصر نصفه، وله تعاليق كثيرة، ومسودات في الفقه والأصول وغير ذلك لم تبيض.

وكان له في الجامع حلقة للإشغال والفتوى نحو ثلاثين سنة، متبرعا لا يتناول على ذلك معلوما. وكانت له أوراد صالحة من صلاة وذكر.

وله إيثار كثير وبر، يفطر عنده الفقراء في بعض الليالي وفي شهر رمضان كله.

وكان حسن الأخلاق، معروفا بالذكاء وصحة الذهن، وجودة المناظرة، وطول النفس في البحث، ذكر ذلك الذهبي.

وقال البرزالي: كان عالما بفنون شتى، من الفقه، والأصلين (1)، وله تعاليق في التفسير، واجتمع له العلم والدين، والمال والجاه وحسن الهيئة.

وكان صحيح الذهن، جيد المناظرة، صبورا فيها، وله برّ وصدقة.

وكان ملازما للإقراء بجامع دمشق من غير معلوم.

وسئل الشيخ جمال الدين بن مالك أن يشرح «ألفيته في النحو» فقال:

ابن المنجى يشرحها لكم.

(1) بعد هذا في الأصل: «وشرح المقنع» . وقد سبق ذكره.

ص: 335

أخذ عنه الفقه الشيخ تقي الدين بن تيمية، والشيخ شمس الدين بن الفخر البعلي، والشيخ تقي الدين الزريراني.

وحدّث، فسمع منه ابن العطار، والمزي، والبرزالي، وغيرهم. وتوفي يوم الخميس رابع شعبان سنة خمس وتسعين وستمائة بدمشق، ودفن بسفح قاسيون.

ذكره ابن رجب.

وزريران: قرية تحت بغداد بنحو سبعة فراسخ.

647 -

منذر بن سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن قاسم بن عبد الله ابن نجيح النفزيّ الكزنيّ (1).

من فحص البلوط بالأندلس.

كان متفننا في ضروب العلم، ورحل فروى «كتاب الإشراف» لابن المنذر عنه، وجلبه، وروى «كتاب العين» للخليل عن ابن ولاد.

وتفقه بفقه أبي سليمان داود بن علي الأصبهانيّ القياسيّ الظاهريّ، وكان يحتج لمقالته، وقضى بمذهب مالك رضي الله عنه.

وكان حافظا للقرآن، كثير التلاوة، عالما بتفسيره وأحكامه، ووجوه حلاله وحرامه، حاضرا لشواهده.

وله كتاب «الأحكام» ، وكتاب «الناسخ والمنسوخ» ، و «تفسير القرآن» .

وصنّف في الفقه، والرد على المذاهب، وكان أخطب اهل زمانه

(1) أنظر له ترجمة في: بغية الملتمس للضبي 450، تاريخ علماء الأندلس 2/ 144، جذوة المقتبس 326، مرآة الجنان لليافعي 2/ 358، معجم الأدباء لياقوت 7/ 178.

ص: 336

وأعلمهم بالجدل، وكان على متانة دينه وجزالته في أحكامه، حسن الخلق سهل الجانب كثير الدعابة، ولي قضاء الجماعة بقرطبة سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.

648 -

مكي بن أبي طالب حمّوش بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي (1).

النحويّ المقرئ القيرواني صاحب «الإعراب» ولد في شعبان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.

وأصله من القيروان، وسكن قرطبة، وسمع بمكة ومصر من أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون، وقرأ عليه القرآن، وكان من أهل التبحر الراسخين في علوم القرآن والعربية، حسن الفهم والخلق، جيد الدين والعقل، كثير التآليف، مجودا للقرآن.

أخذ بالقيروان عن أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي، وحج ولقي بالمشرق جلة من الشيوخ، منهم: أبو القاسم المالكي، وابن فارس، وإبراهيم المروزي وأبو العباس، وجماعة.

ودخل قرطبة أيام المظفر بن أبي عامر سنة ثلاث وتسعين ولا يؤبه لمكانه، إلى أن نوه بمكانه ابن ذكوان القاضي، وأجلسه في الجامع، فنشر

(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 313، بغية الملتمس للضبي 455، جذوة المقتبس 329، الديباج المذهب لابن فرحون 346، الصلة لابن بشكوال 2/ 597 طبقات القراء لابن الجزري 2/ 309، طبقات القراء للذهبي 1/ 316، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 256، العبر 3/ 187، مرآة الجنان لليافعي 3/ 57، معجم الأدباء لياقوت 7/ 173، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 84، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 5/ 41، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 361. وهو مكرر 643.

ص: 337

علمه، وعلا ذكره وولي الخطابة والصلاة، إلى أن قعد عنها زمن الفتنة، وانتفع به الناس ورحلوا إليه من كل قطر، وعظم اسمه، واشتهر بالصلاح وإجابة الدعوة، وكان رجل يتسلط عليه إذا خطب ويحصي سقطاته- وكان مكي يتوقف كثيرا في الخطبة- فقال: اللهم اكفنيه، اللهم اكفنيه، فأقعد الرجل، وما دخل الجامع بعد.

قال ابن بشكوال: وله ثمانون تأليفا، منها:«إعراب القرآن» و «الموجز في القراءات» ، «والتبصرة» و «التذكرة» و «الهداية» و «الرعاية» فيها و «التفسير الكبير» ، و «الوقف على كلا» ، و «الوقف والابتداء» ، و «مشكل القرآن» ، و «غريب القرآن» وأشياء كثيرة في القراءات.

روى عنه الجلة كابن عتاب، وحاتم بن أحمد، وأبو الأصبغ بن سهل.

توفي صدر محرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.

ذكره القاضي عياض في «المدارك» ، ثم شيخنا في «طبقات النحاة» .

649 -

منصور بن الحسين بن محمد بن أحمد بن القاسم النيسابوري المفسّر.

رجل معروف مشهور، من بيت الفضل والعلم والحديث والورع.

روى عن أبي العباس الأصم، وعنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، وعبد الواحد القشيري. مولده سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، ومات في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وأرخها عبد الغافر في «السياق» سنة أربع وعشرين.

650 -

منصور بن سرّار- بالتشديد- بن عيسى بن سليم- بفتح أوله أبو علي الأنصاري الإسكندرية المالكي المعروف بالمسدي المؤدب (1).

(1) له ترجمة في: حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 401، طبقات القراء لابن الجزري 2/ 312، طبقات المفسرين للسيوطي 42.

ص: 338

كان من حذاق المقرئين، «نظم أرجوزة في القراءات» ، وصنف «تفسيرا» .

سمع من عبد الرحمن بن موقا، ومنصور بن خميس، وغيره.

روى عنه الدمياطي، وغيره. ولد سنة سبعين وخمسمائة، وتوفي في رجب سنة إحدى وخمسين وستمائة، وله ثمانون سنة، وله شهرة بتلك البلاد.

651 -

منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عبد الجبار بن الفضل بن الربيع بن مسلم بن عبد الله أبو المظفّر السّمعانيّ التميميّ المروزيّ (1).

الحنفي، ثم الشافعي، تفقه على والده حتى برع في فقه أبي حنيفة، وصار من فحول النظر، ومكث كذلك ثلاثين سنة، ثم صار إلى مذهب الشافعي، وأظهر ذلك في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، فاضطرب أهل مرو لذلك، وتشوش العوام، فخرج منها وخرج معه طائفة من الفقهاء، وقصد نيسابور، واستقبله الأصحاب استقبالا عظيما، فأكرموا مورده، وعقد له التذكير في مدرسة الشافعية، وظهر له القبول عند الخاص والعام، واستحكم أمره في مذهب الشافعي، ثم عاد إلى مرو ودرس بها في مدرسة أصحاب الشافعي، وعلا أمره وظهر له الأصحاب.

وقد دخل بغداد في سنة إحدى وستين، وسمع الكثير بها، واجتمع بالشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وناظر ابن الصباغ في مسألة.

(1) راجع ترجمته في: الأنساب للسمعاني 307 ب، البداية والنهاية لابن كثير 12/ 153، طبقات الشافعية للسبكي 5/ 335، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 28 ب، العبر 3/ 326، اللباب 1/ 563، مرآة الجنان لليافعي 3/ 151، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 332، المنتظم لابن تغري بردي 9/ 102، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 5/ 160.

ص: 339

قال حفيده أبو سعد السمعاني: صنف في الفقه، والتفسير، والحديث، والأصول:«فالتفسير» في ثلاث مجلدات، وكتاب «البرهان والاصطلام» الذي شاع في الأقطار،

وكتاب «القواطع في أصول الفقه» وكتاب «الانتصار في الرد على المخالفين» ، وكتاب «المنهاج لأهل السنة» ، وكتاب «القدر» وأملى قريبا من تسعين مجلسا، وعنه أنه قال: ما حفظت شيئا قط فنسيته.

ولد في ذي الحجة سنة ست وعشرين وأربعمائة، ومات في ليلة الجمعة ثالث عشري ربيع الاول سنة تسع وثمانين وأربعمائة بمرو.

ذكره ابن قاضي شهبة.

ومن شعره:

خليلي إن وافيتما دارمية

بذات الغضا فالجزع فالجنبات

أنيخا على عهد قلوصيكما بها

ولا تنيا في نهزة الفرصات

وقولا لها إن أنتما تلقيانها

تركنا الذي تدرين في زفرات

من البين في نار من الوجد في جوى

فقيد قرار دائم الحسرات

652 -

مؤرج بن عمرو بن منيع بن حصين السدوسي النحوي أبو فيد البصري (1).

[قال] الزبيدي: كان عالما بالعربية، إماما في النحو.

وقال الحاكم: أحد الأئمة من أهل الأدب، سمع من قرة بن خالد، وأبي عمرو بن العلاء، ومنه النضر بن شميل.

(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 3/ 327، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 13/ 258، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 261، الفهرست لابن النديم 48، مراتب النحويين 67، المعارف 543، معجم الأدباء لياقوت 7/ 193، نزهة الألباء 130، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 389.

ص: 340

وكان يقول: قدمت من البادية ولا معرفة لي بالقياس في العربية، وإنما كانت معرفتي قريحتي، وأول ما تعلمت القياس في حلقة أبي زيد الأنصاري.

وقال ياقوت: هو من أعيان أصحاب الخليل. عالم بالعربية والحديث والأنساب والأخبار.

صنف «معاني القرآن» ، «غريب القرآن» ، «الأنوار» ، «جماهير القبائل» .

مات سنة خمس وتسعين- وقيل أربع وتسعين- ومائة، وقيل: عاش إلى بعد المائتين.

ذكره شيخنا في «طبقات النحاة» .

653 -

موسى بن أزهر بن موسى بن حريث بن قيس بن جبير أبو عمر (1).

مولى معاوية بن هشام.

سمع من أبي زيان، وبقي، والحسني، وابن وضاح، ونظرائهم.

وكان حفظا للتفسير والمشاهد، فصيحا متصرفا في اللغة، والإعراب، والخير، والشعر. مات بعد منصرفه من الغزو بقلعة رباح (2)، سنة ست وثلاثمائة، ودفن ببلده وهو ابن تسع وسبعين سنة.

ذكره القاضي عياض في «المدارك» .

654 -

موسى بن عبد الرحمن بن حبيب أبو الأسود المعروف بالقطّان (3)

(1) له ترجمة في: تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 2/ 148.

(2)

في الأصل: «باج» . والمثبت في تاريخ علماء الأندلس، وانظر الروض المعطار ص 163.

(3)

له ترجمة في: البيان المغرب 1/ 181، الديباج المذهب لابن فرحون 342.

ص: 341

مولى بني أمية.

سمع من محمد بن سحنون، ومحمد بن عامر الأندلسي، وعلي بن عبد العزيز، وغيرهم.

روى عنه تميم بن أبي العرب، وأبو القاسم الريدي (1)، وغيرهما، وما أعجب أهل مصر بمن قدم عليهم من القيروان إعجابهم به وأبي العباس بن طالب.

كان ثقة فقيها حافظا، من الفقهاء المعدودين، والأئمة المشهورين، وله أوضاع كثيرة في العلم. كان يحسن الكلام في الفقه على مذهب مالك وأصحابه.

ولي قضاء طرابلس فنفذ الحقوق وأخذها للضعيف من القوي، فبغي عليه وأوذي، فعزل وحبس في الكنيسة شهورا ثم أطلق، وكان سبب إطلاقه في رجل اشترى حوتا فوجد في بطنه آخر، فاختلفوا، هل هو للبائع أو للمشتري، فأفتى موسى: إن كان الشراء على الوزن فهو للمشتري، وإن كان على الجزاف فهو للبائع، فقال الوالي: مثل هذا لا يحبس، وأطلقه، وألفت الناس في فضائله.

وألف أبو الأسود «أحكام القرآن» اثني عشر جزءا.

وتوفي في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة، وهو ابن إحدى وسبعين سنة، ومولده سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.

وقال ربيع القطان: لما غسلناه وكفناه أغلقنا عليه البيت، وخرجنا إلى

(1) في الأصل: «السدري» . والمثبت في نفح الطيب للمقري. وانظر تبصير المنتبه لابن حجر 2/ 667.

ص: 342

المسجد وبقي عنده النساء في الدار، فلما جئنا أخبرنا النساء أنهن سمعن جلبة عظيمة، فظنن أن الرجال في البيت، فعجبنا من ذلك، وتأولنا أنهم الملائكة تزاحمت عليه.

وقال بعضهم: رأيت صاحبا لنا في النوم فسألته عن أستاذنا موسى، فقال: ذلك رجل يدخل على الله متى شاء.

ذكره القاضي عياض.

655 -

موسى بن يونس بن محمد بن منعة بن مالك (1).

العلامة كمال الدّين أبو الفتح بن الشيخ رضي الدّين الموصلي.

[أحد (2)] المتبحرين في العلوم الشرعية والعقلية، قيل: إنه كان يتقن أربعة عشر علما.

تفقه بالنّظاميّة على معيدها السّديد السّلماسيّ، وأخذ العربية عن يحيى ابن سعدون، وكمال الدين الأنباريّ.

وتميز وبرع في العلوم، ورحل إلى الموصل، وأقبل على الدرس والاشتغال حتى اشتهر اسمه، وبعد صيته، ورحل إليه الطلبة، وتزاحموا عليه.

قال ابن خلكان: كان يقرأ عليه الحنفية كتبهم (3)، وكان يحل «الجامع الكبير» حلا حسنا.

(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 158، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 378، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 49 أ، العبر للذهبي 5/ 162، عيون الأنباء 1/ 306، المختصر لأبي الفداء 3/ 177، مرآة الجنان لليافعي 4/ 101، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 356، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 6/ 342، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 396.

(2)

من طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة.

(3)

في الأصل: «كلهم» . والمثبت في طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة. والنقل فيه عن ابن خلكان بالمعنى.

ص: 343

وكان يقرأ عليه أهل الكتاب التوراة والإنجيل، فيقررون أنهم لم يسمعوا بمثل تفسيره لهما، قال: كان إذا خاض معه ذو فن توهم أنه لا يحسن غير ذلك الفن، وبالغ في ترجمته، والثناء على تحصيله، وجودة فهمه، واتساع ذهنه، وحكى عن بعضهم أنه كان يفضله على الغزالي في نفسه.

وكان الصلاح يبالغ في الثناء عليه ويعظمه، فقيل له يوما: من شيخه؟

فقال: هذا الرجل خلقه الله عاما، لا يقال: على من اشتغل، فإنه أكثر من هذا. توفي بالموصل في شعبان سنة تسع وثلاثين وستمائة، ومولده في صفر سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.

وله كتاب «تفسير القرآن» ، و «مفردات القانون» ، و «كتاب في الأصول» وكتاب «عيون المنطق» وغير ذلك.

ذكره ابن قاضي شهبة.

ص: 344