المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر الخبر عن وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له وكفالة عبد المطلب إياه - عيون الأثر - جـ ١

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌ترجمة المؤلف 671 هـ- 734 ه

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌ولادته:

- ‌علومه وسيرته:

- ‌حياته:

- ‌مصنفاته:

- ‌تقديم

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ذكر الكلام في محمد بن إسحاق والطعن عليه

- ‌ذكر الأجوبة عما رمي به

- ‌ذكر نسب سيدنا ونبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تزويج عبد الله بن عبد المطلب

- ‌ذكر حمل آمنة بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر وَفَاةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌ذكر مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تسميته محمدا وأحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر الخبر عن رضاعة صلى الله عليه وسلم وما يتصل بذلك من شق الصدر

- ‌ذكر الخبر عن وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له وكفالة عبد المطلب إياه

- ‌ذكر وفاة عبد المطلب وكفالة أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكره سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب إلى الشام وخبره مع بحيرى الراهب وذكر نبذة من حفظ الله تعالى لرسوله عليه السلام قبل النبوة

- ‌ذكر رعيته صلى الله عليه وسلم الْغَنَمَ

- ‌شهوده صلى الله عليه وسلم يوم الفجار ثم حلف الْفُضُولِ

- ‌ذكر سفره عليه السلام إلى الشام مرة ثانية وتزويجه خديجة عليها السلام بعد ذلك

- ‌ذكر بنيان قريش الكعبة شرفها الله تعالى

- ‌ذِكْرُ مَا حُفِظَ مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ وَالْكُهَّانِ وعبدة الأصنام من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى ما تقدم

- ‌خبر سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌خَبَرُ قِسِّ بْنِ سَاعِدَةَ الإِيَادِيِّ

- ‌خبر سواد بن قارب وكان يتكهن في الجاهلية وكان شاعرا ثم أسلم

- ‌خَبَرُ مَازِنِ بْنِ الْغضُوبَةِ

- ‌ذكر المبعث

- ‌متى وجبت له صلى الله عليه وسلم النبوة

- ‌كم كانت سِنُّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ بُعِثَ

- ‌خبر بَعْثُهُ عليه السلام إِلَى الأَسْوَدِ وَالأَحْمَرِ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأخبار

- ‌ذكر صلاته عليه السلام أول البعثة

- ‌ذكر أَوَّلُ النَّاسِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قومه وغيرهم إلى الإسلام

- ‌ذكر مَا لَقَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من أذى قومه وصبره وما منّ الله به من حمايته له

- ‌ذكر انْشِقَاقُ الْقَمَرِ

- ‌ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة

- ‌ذكر إِسْلامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌ذكر الخبر عن دخول بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف في الشعب وما لقوا من سائر قريش في ذلك

- ‌ذكر خبر أهل نجران

- ‌ذكر وَفَاةُ خَدِيجَةَ وَأَبِي طَالِبٍ

- ‌ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطَّائِفِ

- ‌ذكر إِسْلامُ الْجِنِّ

- ‌خبر الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ

- ‌ذكر الحديث عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه وَفَرْضُ الصَّلاةِ

- ‌حديث الْمِعْرَاجُ

- ‌ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ

- ‌بَدْءُ إِسْلامِ الأَنْصَارِ وَذِكْرُ الْعَقَبَةِ الأُولَى

- ‌ذكر الْعَقَبَةُ الثَّانِيَةُ

- ‌ذكر إِسْلَامُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حَضِيرٍ على يدي مصعب بن عمير

- ‌ذكر البراء بن معرور وصلاته إلى القبلة وذكر العقبة الثالثة

- ‌وهذه تسمية من شهد العقبة

- ‌(ذكر فوائد تتعلق بخبر هَذِهِ الْعَقَبَةِ)

- ‌ذكر الهجرة إلى المدينة

- ‌ذكر يوم الزحمة

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأَخْبَارِ

- ‌أَحَادِيثُ الْهِجْرَةِ وَتَوْدِيعُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ

- ‌حَدِيثُ الْغَارِ

- ‌حَدِيثُ الْهِجْرَةِ وَخَبَرُ سراقة بن مالك بن جعشم

- ‌حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأَخْبَارِ

- ‌ذكر دخوله عليه السلام الْمَدِينَةَ

- ‌بِنَاءِ الْمَسْجِدِ

- ‌ذكر الموادعة بين المسلمين واليهود

- ‌شرح ما فيه مِنَ الْغَرِيبِ

- ‌ذكر المواخاة

- ‌بَدْءُ الأَذَانِ

- ‌إِسْلامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌خبر مخيريق

- ‌خبر عبد الله بن أبي بن سَلُول وَأَبِي عَامِرٍ الْفَاسِقِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الراهب

- ‌جماع أبواب مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعوثه وسراياه

- ‌ذكر الخبر عن عَدَدُ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وبعوثه

- ‌غَزْوَةُ وَدَّانَ

- ‌بَعْثُ حَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الحرث

- ‌سرية سعد بن أبي وقاص إِلَى الْخَرَّازِ

- ‌غزوة بواط [1]

- ‌غزوة العشيرة

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الأولى

- ‌سرية عبد الله بن جحش

- ‌تحويل القبلة

- ‌ذكر فرض صيام شهر رمضان وزكاة الْفِطْرِ وَسُنَّةُ الأُضْحِيَةِ

- ‌ذكر المنبر وحنين الجذع

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى

- ‌ذكر الخبر عن مهلك أبي لهب

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأخبار

- ‌تسمية من شهد بدرا من المسلمين

- ‌شُهَدَاءُ بَدْرٍ

- ‌عدد قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ

- ‌مشاهير قتلى بدر

- ‌أَسْرَى بَدْرٍ

- ‌ذِكْرُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَسْرَى بدر بعد ذلك

- ‌فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا

- ‌ما قيل من الشعر في بدر

- ‌فَصْلٌ

- ‌سَرِيَّةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ

- ‌سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ

- ‌غزوة بني سليم

- ‌غَزْوَةُ بَنِي قَيْنُقَاعٍ

- ‌غزوة السويق

- ‌غَزْوَةُ قَرْقَرَة الْكدر

- ‌سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ

- ‌خَبَرُ محيصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ مَعَ ابْنِ سُنَيْنَةَ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذا الخبر

- ‌غزوة غطفان بناحية نجد

- ‌غَزْوَةُ بُحْرَانَ

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى القردة اسم ماء

الفصل: ‌ذكر الخبر عن وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له وكفالة عبد المطلب إياه

‌ذكر الخبر عن وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له وكفالة عبد المطلب إياه

قال ابن إسحق: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مَعَ أُمِّهِ آمِنَةَ وَجَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي كِلاءَةِ اللَّهِ وَحِفْظِهِ، يُنْبِتُهُ اللَّهُ نَبَاتًا حَسَنًا، لِمَا يُرِيدُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّ سِنِينَ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ بِالأَبْوَاءِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ [1]، قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقِيلَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ فِي الْخَبَرِ: تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَقَالَ: وَتُوُفِّيَ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ عَامِ الْفِيلِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ.

رَجْعٌ إِلَى ابن إسحق، قَالَ: وَكَانَتْ قَدْ قَدِمَتْ بِهِ عَلَى أَخْوَالِهِ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ تُزِيرُهُ إِيَّاهُمْ، فَمَاتَتْ وَهِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ يُوضَعُ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِرَاشٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَكَانَ بَنُوهُ يَجْلِسُونَ حَوْلَ ذَلِكَ الْفِرَاشِ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيْهِ لا يَجْلِسُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ بَنِيهِ إِجْلالا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي وَهُوَ غُلامٌ جَفْرٌ [2] حَتَّى يَجْلِسَ عَلَيْهِ، فَيَأْخُذُهُ أَعْمَامُهُ لِيُؤَخِّرُوهُ عَنْهُ، فَيَقُولُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِذَا رَأَى ذلك منهم: دعوا بنيّ، فو الله إِنَّ لَهُ لَشَأْنًا، ثُمَّ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَيْهِ، وَيَمْسَحُ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ وَيَسُرُّهُ مَا يَرَاهُ يَصْنَعُ. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيِّ الزَّاهِدِ: أخبرك أبو إسحق إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْبَاقِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ أَبُو إسحق: وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالا: أَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ قال: أنا ابن درستويه قال: أنا

[ (1) ] قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات (3/ 108) : ذكر الأزرقي في موضعه (أي موضع قبر أُمِّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقوال: أحدها: أنه بمكة في دار النابغة، والثاني: أنه بمكة أيضا في شعب أبي ذر، والثالث: أنه بالأبواء» قلت: هذا الثالث أصح. انتهى.

[ (2) ] يقال: جفر الصبي إذا انتفع لحمه وصار له كرش.

ص: 47

يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مَهْدِيُّ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ كِنْدِيرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

حَجَجْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَبَيْنَا أَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذَا رَجُلٌ يَقُولُ:

رُدَّ إِلَيَّ رَاكِبِي مُحَمَّدَا

ارْدُدْهُ رَبِّ وَاصْطَنِعْ عِنْدِي يَدَا

قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ بَعَثَ ابْنَ ابْنِهِ فِي إِبِلٍ لَهُ ضَلَّتْ، وَمَا بَعَثَهُ فِي شَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ، قَالَ: فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى جَاءَ بِالإِبِلِ مَعَهُ، قَالَ:

فَقَالَ: يَا بُنَيَّ حَزَنْتُ عَلَيْكَ حُزْنًا لا يُفَارِقُنِي بَعْدَهُ أَبَدًا، قَالُوا: وَكَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تُحَدِّثُ تَقُولُ: كُنْتُ أَحْضُنُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَغَفَلْتُ عَنْهُ يَوْمًا فَلَمْ أَدْرِ إِلَّا بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَائِمًا عَلَى رَأْسِي يَقُولُ: يَا بَرَكَةُ؟ قُلْتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ وَجَدْتُ ابْنِي؟ قُلْتُ: لا أَدْرِي، قَالَ: وَجَدْتُهُ مَعَ غِلْمَانٍ قَرِيبًا مِنَ السِّدْرَةِ، لا تَغْفَلِي عَنِ ابْنِي، فَإِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَزْعُمُونَ أَنَّ ابْنِي نَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَنَا لا آمَنُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا إِلَّا قال: عليّ بابني، فيؤتي به إليه.

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سَعْدٍ قَالَ أَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ الزُّهْرِيُّ عن ابن لعبد الرحمن بن موهب ابن رَبَاحٍ الأَشْعَرِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قال: حدثني مخرمة بن نوفل قال: [قال الزهري][1] : سمعت أمي رَقِيقَةَ بِنْتُ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ تُحَدِّثُ وَكَانَتْ لِدَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ سِنُونَ ذَهَبْنَ بِالأَمْوَالِ، وَأَشْفَيْنَ عَلَى الأَنْفُسِ، قَالَتْ: فَسَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ فِي الْمَنَامِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ هَذَا النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ مِنْكُمْ وَهَذَا إِبَّانُ خُرُوجِهِ، وَبِهِ يَأْتِيكُمْ بِالْحَيَا وَالْخِصْبِ، فَانْظُرُوا رَجُلا مِنْ أَوْسَطِكُمْ نَسَبًا، طِوَالا عِظَامًا، أَبْيَضَ مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، أَهْدَبَ الأَشْفَارِ جَعْدًا، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ رَقِيقَ الْعِرْنَيْنِ، فَلْيَخْرُجْ هُوَ وَجَمِيعُ وَلَدِهِ، وَلْيَخْرُجْ مِنْكُمْ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ، فَتَطَهَّرُوا وَتَطَيَّبُوا ثُمَّ اسْتَلِمُوا الرُّكْنَ، ثُمَّ ارْقُوا إِلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ [2] ثُمَّ يتقدم هذا الرجل

[ (1) ] وردت في الأصل: الزهري قال، ولعل الصواب ما أثبتناه.

[ (2) ] أبو قبيس: (بضم القاف وفتح الباء) وهو الجبل المعروف بنفس مكة، حكي الجوهري في سبب تسميته بذلك قولين، الصحيح منهما أن أول من نهض يبني فيه رجل من مذحج يقال له: أبو قبيس، فلما صعد في البناء سمي أبا قبيس، والثاني ضعيف أو غلط فتركه. قال أبو الوليد الأزرقي: الأخشبان بمكة هما-

ص: 48

فَيَسْتَسْقِي وَتُؤَمِّنُونَ، فَإِنَّكُمْ سَتُسْقَوْنَ، فَأَصْبَحَتْ فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَيْهِمْ، فَنَظَرُوا فَوَجَدُوا هَذِهِ الصِّفَةَ صِفَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، وَخَرَجَ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمْ رَجُلٌ، فَفَعَلُوا مَا أَمَرَتْهُمْ بِهِ، ثُمَّ عَلَوْا عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَمَعَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ غُلامٌ، فَتَقَدَّمَ عَبْدُ المطلب وقال: لا هم [1] هَؤُلاءِ عَبِيدُكَ وَبَنُو عَبِيدِكَ، وَإِمَاؤُكَ وَبَنَاتُ إِمَائِكَ، وَقَدْ نَزَلَ بِنَا مَا تَرَى، وَتَتَابَعَتْ عَلَيْنَا هَذِهِ السِّنُونَ، فَذَهَبَتْ بِالظِّلْفِ وَالْخُفِّ، وَأَشْفَتْ عَلَى الأَنْفُسِ، فَأَذْهِبْ عَنَّا الْجَدْبَ، وَائْتِنَا بِالْحَيَا وَالخِصْبِ، فَمَا بَرِحُوا حَتَّى سَالَتِ الأَوْدِيَةُ، وَبِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُقُوا، فَقَالَتْ رَقِيقَةَ بِنْتُ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ:

بِشَيْبَةَ الْحَمْدِ أَسْقَى اللَّهُ بَلْدَتَنَا

وَقَدْ فَقَدْنَا الْحَيَا وَاجْلَوَّذَ [2] الْمَطَرُ

فَجَادَ بِالْمَاءِ جَوْنِيٌّ لَهُ سُبُلٌ

دَانٍ فَعَاشَتْ بِهِ الأَنْعَامُ وَالشَّجَرُ

مَنًّا مِنَ اللَّهِ بِالْمَيْمُونِ طَائِرُهُ

وَخَيْرِ مَنْ بُشِّرَتْ يَوْمًا بِهِ مُضَرُ

مُبَارَكُ الأَمْرِ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِهِ

مَا فِي الأَنَامِ لَهُ عَدْلٌ ولا خطر

[ () ] الجبلان أحدهما أبو قبيس وهو الجبل المشرف على الصفا إلى السويد إلى الحندمة، وكان يسمى في الجاهلية: الأمين، لأن الحجر الأسود كان مستودعا فيه عام الطوفان، قال الأزرقي: وبلغني عن بعض أهل العلم عن أهل مكة أنه قال: إنما سمي أبو قبيس لأن رجلا كان يقال له أبو قبيس بنى فيه، فلما صعد فيه بالبناء سمي الجبل: أبا قبيس، ويقال: كان الرجل من إياد، قال: ويقال: اقتبس منه الحجر الأسود فسمي أبا قبيس، والقول الأول أشهرهما عند أهل مكة، قال مجاهد: أول جبل وضعه الله تعالى على الأرض حين مادت أبو قبيس، وأما الأخشب الآخر فهو الجبل الذي يقال له: الأحمر، وكان يسمى في الجاهلية: الأعرف، وهو الجبل المشرف على قعيقعان وعلى دور عبد الله بن الزبير. (انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي 3/ 108) .

[ (1) ] أي: اللهم.

[ (2) ] أي ذهب وامتد وقت تأخره وانقطاعه.

ص: 49