الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَعْقُوبَ بْنِ الْمُجَاوِرِ قِرَاءَةً عَلَى الأَوَّلِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِالْقَاهِرَةِ، وَبِقِرَاءَتِي عَلَى الثَّانِي بِسَفْحِ قَاسِيُونَ قَالا: ثَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرِيرِيُّ قَالَ: أَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعُشَارِيُّ قَالَ: أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ سَمْعُونٍ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجُرَيْرِيُّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا سَيْفٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَمَا نَفَعَنِي مَالٌ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا» .
وَجَهِلَ أَهْلُ مَكَّةَ الخبر عندهم إِلَى أَنْ سَمِعُوا الْهَاتِفَ يَهْتِفُ بِالشِّعْرِ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ أُمِّ مَعْبَدٍ، فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ تَوَجَّهُوا نَحْوَ يَثْرِبَ، وَأَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا مِنْهُمْ.
حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ
أَخْبَرَنَا الشَّيْخَانِ أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يُوسُفَ الْمَزِّيُّ بِقِرَاءَةِ وَالِدِي عَلَيْهِ، وَأَبُو الْهَيْجَاءِ غَازِي بْنُ أَبِي الْفَضْلِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالا: أَنَا ابْنُ طَبَرْزَذٍ قَالَ: أَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ: أَنَا ابْنُ غَيْلانَ قَالَ: أَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْقُرَشِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى (مَوْلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْطِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي سُلَيْطٍ (وَكَانَ بَدْرِيًّا) قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْهِجْرَةِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَابْنُ أُرَيْقِطٍ يَدُلُّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، مَرُّوا بِأُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ وَهِيَ لا تَعْرِفُهُمْ، فَقَالَ لَهَا:
يَا أُمَّ مَعْبَدٍ هَلْ عِنْدَكِ مِنْ لَبَنٍ» ؟ قَالَتْ: لا وَاللَّهِ، وَإِنَّ الْغَنَمَ لَعَازِبَةٌ، قَالَ:«فَمَا هَذِهِ الشَّاةُ الَّتِي أَرَى» ، لِشَاةٍ [1] رَآهَا فِي كِفَاءِ الْبَيْتِ، قَالَتْ: شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجُهْدُ عَنِ الْغَنَمِ، قَالَ:«أَتَأْذَنِينَ فِي حِلابِهَا» ؟ قَالَتْ: لا وَاللَّهِ مَا ضَرَبَهَا مِنْ فَحْلٍ قَطُّ، فَشَأْنُكَ بِهَا، فَدَعَا بِهَا فَمَسَحَ ظَهْرَهَا وَضَرْعَهَا، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ يربض [2] الرَّهْط فَحَلَبَ فِيهِ فَمَلأَهُ،
فَسَقَى أَصْحَابَهُ عَلَلا بَعْدَ نَهْلٍ، ثُمَّ حَلَبَ فِيهِ آخَرَ فَغَادَرَهُ عِنْدَهَا وَارْتَحَلَ، فَلَمَّا جَاءَ زَوْجُهَا عِنْدَ الْمَسَاءِ قَالَ: يَا أُمَّ مَعْبَدٍ: مَا هَذَا اللَّبَنُ وَلا حلوبة في البيت والغنم عازبة [3] ! قالت:
[ (1) ] قيل أن هذه الشاة بقيت إلى خلافة عمر تحلب صباحا ومساء. (انظر الأنوار المحمدية للنبهاني 1/ 58) .
[ (2) ] أي يرويهم.
[ (3) ] أي بعيدة عن المرعى.
لا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ ظاهر الوضاءة متبلج الوجه من أَشْفَارِهِ وَطَفٌ [1] ، وَفِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ [2] ، وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ [3] ، غُصْنٌ بَيْنَ الْغُصْنَيْنِ، لا تَشْنَأُهُ مِنْ طُولٍ، وَلا تْقَتَحِمُهُ مِنْ قِصَرٍ، لَمْ تَعِبْهُ ثُجْلَةٌ [4] ، وَلَمْ تُزْرِهِ صَعْلَةٌ [5] كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ، إِذَا صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْبَهَاءُ، وَإِذَا نَطَقَ فَعَلَيْهِ وَقَارٌ، لَهُ كَلامٌ كَخَرَّزَاتِ النَّظْمِ، أَزْيَنُ أَصْحَابِهِ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُهُمْ وَجْهًا، أَصْحَابُهُ يَحُفُّونَ بِهِ، إذا أمر ابتدروا أمره، وإذا نهى ايتفقوا [6] عِنْدَ نِهَايَتِهِ، قَالَ: هَذِهِ وَاللَّهِ صِفَةُ صَاحِبِ قُرَيْشٍ، وَلَوْ رَأَيْتُهُ لاتَّبَعْتُهُ وَلأَجْتَهِدَنَّ أَنْ أَفْعَلَ. قال فلم يعلموا بمكة أن توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى سَمِعُوا هَاتِفًا عَلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ وَهُوَ يَقُولُ:
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا وَالْجَزَاءُ بِكَفِّهِ
…
رَفِيقَيْنِ قَالا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ [7]
هُمَا رَحَلا بِالْحَقِّ وَانْتَزَلا بِهِ
…
فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ [8]
فَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ رَحْلِهَا
…
أَبَرَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ محمد
وأكسى لبرد الحال قبل ابتداله
…
وأعطى برأس السابح المنجرد [9]
ليهن بني كعب مكان فتاتهم
…
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
[ (1) ] أي كثير شعر الحاجبين والأهداب مع استرخاء وطول.
[ (2) ] يقال: دعجت العين دعجا ودعجة أي اشتد سوادها، وبياضها واتسعت.
[ (3) ] أي بحة.
[ (4) ] يقال: ثجل ثجلا أي عظم بطنه واسترخى.
[ (5) ] يقال: صعل صعلا أي كان دقيق الرأس والعنق، فهو أصعل وهي صعلاء، وجمعها: صعل.
[ (6) ] كذا الأصل.
[ (7) ] وعند الحاكم:
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ
…
رَفِيقَيْنِ حلا خيمتي أم معبد
[ (8) ] وعند الحاكم:
هما نزلا بالهدى واهتدت به
…
فقد أمسى من كان رفيق محمد
[ (9) ] وعند الحاكم:
فيا لقصي مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمْ
…
بِهِ مِنْ فِعَالٍ لا تجازي وسؤدد
وليهن بني كعب مقام فتاتهم
…
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإناثها
…
فَإِنَّكُمُ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ
…
عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ
فغادرها رهنا لديها لحالب
…
يرددها في مصدر بعد مورد
وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عن محمد بن إسحق قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَانَا نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا: أَيْنَ أَبُوكِ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَدْرِي أَيْنَ أَبِي، قَالَتْ: فَرَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ وَكَانَ فَاحِشًا خَبِيثًا، فَلَطَمَ خَدِّي لَطْمَةً خَرَمَ مِنْهَا قُرْطِي، قَالَتْ: ثُمَّ انْصَرَفُوا: فَمَضَى ثَلاثُ لَيَالٍ مَا نَدْرِي أَيْنَ تَوَجَّهَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ يُغَنِّي بِأَبْيَاتٍ غَنَّى بِهَا الْعَرَبُ، وَإِنَّ النَّاسَ لَيَتَّبِعُونَهُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَمَا يَرَوْنَهُ، حَتَّى خَرَجَ بِأَعْلَى مَكَّةَ:
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ
…
رَفِيقَيْنِ قَالا خَيْمَتي أُمِّ مَعْبَدِ
هُمَا نَزَلا بِالْهُدَى وَاغْتَدَوْا بِهِ
…
فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ
لِيُهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ
…
وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ
قَالَتْ: فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَهُ عَرَفْنَا حَيْثُ تَوَجَّهَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَدِيثَ. وَقَدْ رُوِّينَا حَدِيثُ أَسْمَاءَ هَذَا مُتَّصِلا مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ: أَخْبَرَنَاه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِالْقَاهِرَةِ وَأَبُو الْفَتْحِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ قَالا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكِنْدِيُّ قَالَ:
أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَرِيرِيُّ قَالَ: أَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ قَالَ: أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَالِكٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: أَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا سَيْفٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتِ: ارْتَحَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ فَلَبِثْنَا أَيَّامًا ثَلاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً أَوْ خَمْسَ لَيَالٍ لا ندري أين توجه، ولا يأتنا عَنْهُ خَبَرٌ، حَتَّى أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ بِالسَّنَدِ الْمُتَقَدِّمِ: ثَنَا بِشْرُ بْنُ أنس أبو الخبر، ثَنَا أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بن ثابت بن بسار الْكَعْبِيُّ الرَّبَعِيُّ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ تَمِيمٍ الْبَصْرِيُّ، ثَنَا أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِقَدِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ
عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ هِشَامٍ عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرج من مَكَّةَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ خَبَرِ أَبِي سُلَيْطٍ وَذَكَرَ الأَبْيَاتَ وزاد فيها:
فيا لقصي مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمْ
…
بِهِ مِنْ فِعَالٍ لا تُجَازَى وَسُؤْدُدِ
سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا
…
فَإِنَّكُمُ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ
…
عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ
فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا بِحَالِبٍ
…
تُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ
فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ يُجَاوِبُ الْهَاتِفَ:
لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ
…
وَقَدَّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَغْتَدِي
تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ
…
وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ
هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلالَةِ رَبُّهُمْ
…
وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يُرْشَدِ [1]
وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرَبِ
…
رِكَابُ هُدَى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعَدِ
نَبِيٌّ يَرَى ما لا يرى الناس حوله
…
ويتلوا كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ
وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبِ
…
فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ
لِيُهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ
…
بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ [2]
وَاجْتَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِهِ ذَلِكَ بِعَبْدٍ يَرْعَى غَنَمًا فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِ مَا
رَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبَيْهَقِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: لَمَّا انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر مستخفيين، مَرَّا بِعَبْدٍ يَرْعَى غَنَمًا فَاسْتَسْقَيَاهُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَاةٌ تُحْلَبُ غَيْرَ أَنَّ هَاهُنَا عَنَاقًا [3] حَمَلَتْ أَوَّلَ وَقَدْ أُخْدِجَتْ [4] ، وَمَا بَقِيَ لَهَا لَبَنٌ، فَقَالَ:«ادْعُ بِهَا» فَدَعَا بِهَا، فَاعْتَقَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَسَحَ ضَرْعَهَا وَدَعَا حَتَّى أَنْزَلَتْ، وَقَالَ: جَاءَ أَبُو بكر بمجن
[ (1) ] وبعده عند الحاكم:
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا
…
عمي وهداة يهتدون بمهتد
[ (2) ] وفي مجمع الزوائد خلافه.
[ (3) ] العناق أنثى أولاد الماعز الذي لم يتم له سنة.
[ (4) ] أي ولدت قبل أوانها.