المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خبر مازن بن الغضوبة - عيون الأثر - جـ ١

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌ترجمة المؤلف 671 هـ- 734 ه

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌ولادته:

- ‌علومه وسيرته:

- ‌حياته:

- ‌مصنفاته:

- ‌تقديم

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ذكر الكلام في محمد بن إسحاق والطعن عليه

- ‌ذكر الأجوبة عما رمي به

- ‌ذكر نسب سيدنا ونبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تزويج عبد الله بن عبد المطلب

- ‌ذكر حمل آمنة بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر وَفَاةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌ذكر مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تسميته محمدا وأحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر الخبر عن رضاعة صلى الله عليه وسلم وما يتصل بذلك من شق الصدر

- ‌ذكر الخبر عن وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له وكفالة عبد المطلب إياه

- ‌ذكر وفاة عبد المطلب وكفالة أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكره سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب إلى الشام وخبره مع بحيرى الراهب وذكر نبذة من حفظ الله تعالى لرسوله عليه السلام قبل النبوة

- ‌ذكر رعيته صلى الله عليه وسلم الْغَنَمَ

- ‌شهوده صلى الله عليه وسلم يوم الفجار ثم حلف الْفُضُولِ

- ‌ذكر سفره عليه السلام إلى الشام مرة ثانية وتزويجه خديجة عليها السلام بعد ذلك

- ‌ذكر بنيان قريش الكعبة شرفها الله تعالى

- ‌ذِكْرُ مَا حُفِظَ مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ وَالْكُهَّانِ وعبدة الأصنام من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى ما تقدم

- ‌خبر سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌خَبَرُ قِسِّ بْنِ سَاعِدَةَ الإِيَادِيِّ

- ‌خبر سواد بن قارب وكان يتكهن في الجاهلية وكان شاعرا ثم أسلم

- ‌خَبَرُ مَازِنِ بْنِ الْغضُوبَةِ

- ‌ذكر المبعث

- ‌متى وجبت له صلى الله عليه وسلم النبوة

- ‌كم كانت سِنُّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ بُعِثَ

- ‌خبر بَعْثُهُ عليه السلام إِلَى الأَسْوَدِ وَالأَحْمَرِ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأخبار

- ‌ذكر صلاته عليه السلام أول البعثة

- ‌ذكر أَوَّلُ النَّاسِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قومه وغيرهم إلى الإسلام

- ‌ذكر مَا لَقَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من أذى قومه وصبره وما منّ الله به من حمايته له

- ‌ذكر انْشِقَاقُ الْقَمَرِ

- ‌ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة

- ‌ذكر إِسْلامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌ذكر الخبر عن دخول بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف في الشعب وما لقوا من سائر قريش في ذلك

- ‌ذكر خبر أهل نجران

- ‌ذكر وَفَاةُ خَدِيجَةَ وَأَبِي طَالِبٍ

- ‌ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطَّائِفِ

- ‌ذكر إِسْلامُ الْجِنِّ

- ‌خبر الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ

- ‌ذكر الحديث عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه وَفَرْضُ الصَّلاةِ

- ‌حديث الْمِعْرَاجُ

- ‌ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ

- ‌بَدْءُ إِسْلامِ الأَنْصَارِ وَذِكْرُ الْعَقَبَةِ الأُولَى

- ‌ذكر الْعَقَبَةُ الثَّانِيَةُ

- ‌ذكر إِسْلَامُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حَضِيرٍ على يدي مصعب بن عمير

- ‌ذكر البراء بن معرور وصلاته إلى القبلة وذكر العقبة الثالثة

- ‌وهذه تسمية من شهد العقبة

- ‌(ذكر فوائد تتعلق بخبر هَذِهِ الْعَقَبَةِ)

- ‌ذكر الهجرة إلى المدينة

- ‌ذكر يوم الزحمة

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأَخْبَارِ

- ‌أَحَادِيثُ الْهِجْرَةِ وَتَوْدِيعُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ

- ‌حَدِيثُ الْغَارِ

- ‌حَدِيثُ الْهِجْرَةِ وَخَبَرُ سراقة بن مالك بن جعشم

- ‌حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأَخْبَارِ

- ‌ذكر دخوله عليه السلام الْمَدِينَةَ

- ‌بِنَاءِ الْمَسْجِدِ

- ‌ذكر الموادعة بين المسلمين واليهود

- ‌شرح ما فيه مِنَ الْغَرِيبِ

- ‌ذكر المواخاة

- ‌بَدْءُ الأَذَانِ

- ‌إِسْلامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌خبر مخيريق

- ‌خبر عبد الله بن أبي بن سَلُول وَأَبِي عَامِرٍ الْفَاسِقِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الراهب

- ‌جماع أبواب مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعوثه وسراياه

- ‌ذكر الخبر عن عَدَدُ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وبعوثه

- ‌غَزْوَةُ وَدَّانَ

- ‌بَعْثُ حَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الحرث

- ‌سرية سعد بن أبي وقاص إِلَى الْخَرَّازِ

- ‌غزوة بواط [1]

- ‌غزوة العشيرة

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الأولى

- ‌سرية عبد الله بن جحش

- ‌تحويل القبلة

- ‌ذكر فرض صيام شهر رمضان وزكاة الْفِطْرِ وَسُنَّةُ الأُضْحِيَةِ

- ‌ذكر المنبر وحنين الجذع

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى

- ‌ذكر الخبر عن مهلك أبي لهب

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأخبار

- ‌تسمية من شهد بدرا من المسلمين

- ‌شُهَدَاءُ بَدْرٍ

- ‌عدد قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ

- ‌مشاهير قتلى بدر

- ‌أَسْرَى بَدْرٍ

- ‌ذِكْرُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَسْرَى بدر بعد ذلك

- ‌فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا

- ‌ما قيل من الشعر في بدر

- ‌فَصْلٌ

- ‌سَرِيَّةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ

- ‌سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ

- ‌غزوة بني سليم

- ‌غَزْوَةُ بَنِي قَيْنُقَاعٍ

- ‌غزوة السويق

- ‌غَزْوَةُ قَرْقَرَة الْكدر

- ‌سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ

- ‌خَبَرُ محيصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ مَعَ ابْنِ سُنَيْنَةَ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذا الخبر

- ‌غزوة غطفان بناحية نجد

- ‌غَزْوَةُ بُحْرَانَ

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى القردة اسم ماء

الفصل: ‌خبر مازن بن الغضوبة

‌خَبَرُ مَازِنِ بْنِ الْغضُوبَةِ

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّغْلِبِيُّ قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَسَّانَ بْنِ غَافِلٍ وَغَيْرُهُ قَالا: أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أَنَا الشَّيْخَانِ أَبُو الْقَاسِمِ زَاهِرٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَجِيهُ ابْنَا طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِيَّانِ بِنَيْسَابُورَ قَالا: أَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَزْهَرِيُّ قَالَ: أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَخْلَدِيُّ قَالَ: أَنَا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ الْعَبَّاسِ الْجُوَيْنِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا الْمُنْذِرُ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعَمَّانِيِّ، عَنْ مَازِنِ بْنِ الْغضُوبَةِ قَالَ: كُنْتُ أَسْدُنُ صَنَمًا بِشمَالِ قَرْيَةٍ بِعَمَّانَ، فَعَتَرْنَا ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَهُ عَتِيرَةً (وَهِيَ الذَّبِيحَةُ) فَسَمِعْنَا صَوْتًا مِنَ الصَّنَمِ يَقُولُ:

يَا مَازِنُ اسْمَعْ تُسَرْ

ظَهَرَ خَيْرٌ وَبَطُنَ شَرْ

بُعِثَ نَبِيٌّ مِنْ مُضَرْ

بِدِينِ اللَّهِ الْكبَرْ

فَدَعْ نَحِيتًا من حجر

تسلم من حسر سَقَرْ

قَالَ: فَفَزِعْتُ لِذَلِكَ، فَقُلْتُ: إِنَّ فِي هَذَا لَعَجَبًا. قَالَ: ثُمَّ عَتَرْتُ بَعْدَ أَيَّامٍ عَتِيرَةً، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ الصَّنَمِ يَقُولُ:

أَقْبِلْ إِلَيَّ أَقْبِلْ تَسْمَعْ مَا لَا يُجْهَلْ

هَذَا نَبِيٌّ مُرْسَلْ جَاءَ بِحَقٍّ مُنْزَلْ

فَآمِنْ بِهِ كَيْ تَعْدِلْ

عَنْ حَرِّ نَارٍ تُشْعَلْ

وَقُودُهَا بِالْجَنْدَلْ

فَقُلْتُ: إِنَّ فِي هَذَا لَعَجَبًا وَإِنَّهُ لَخَيْرٌ يُرَادُ بِي، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ قُلْنَا: مَا الْخَبَرُ وَرَاءَكَ؟ قَالَ: ظَهَرَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ، يَقُولُ لِمَنْ أَتَاهُ:

أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: هَذَا نَبَأٌ مَا سَمِعْتُهُ، فَثُرْتُ إِلَى الصَّنَمِ فَكَسَرْتُهُ جُذَاذًا، وَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَشَرَحَ لِي الإِسْلامَ فَأَسْلَمْتُ وَقُلْتُ:

كَسَرْتُ بَادرَ أَجْذَاذًا وَكَانَ لَنَا

رَبًّا نُطِيفُ بِهِ ضُلًّا بِتِضْلالِ

ص: 91

بِالْهَاشِمِيِّ هَدَانَا مِنْ ضَلالَتِنَا

وَلَمْ يَكُنْ دِينُهُ مِنِّي عَلَى بَالِ

يَا رَاكِبًا بَلِّغَنْ عَمْرًا وإخوتها

إني لمن قال ربي بادر قالي

يَعْنِي بِعَمْرٍو بَنِي الصَّامِتِ وَإِخْوَتَهَا بَنِي الْخَطامَةِ،

قَالَ مَازِنٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مولع بالطرب وبشرب الخمر. بالهلوك مِنَ النِّسَاءِ، وَأَلَحَّتْ عَلَيْنَا السِّنُونَ فَذَهَبْنَ بِالأَمْوَالِ، وَهَزَلْنَ الذَّرَارِيُّ وَالْعِيَالُ، وَلَيْسَ لِي وَلَدٌ، فَادْعُ اللَهَ أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي مَا أَجِدُ وَيَأْتِينِي بِالْحَيَا، وَيَهِبُ لِي وَلَدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ أَبْدِلْهُ بِالطَّرَبِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَبِالْحَرَامِ الْحَلالَ، وَبِالْخَمْرِ رَيًّا لا إِثْمَ فِيهِ، وَبِالْعَهْرِ عِفَّةَ الْفَرْجِ، وَائْتِهِ بِالْحَيَا وَهَبْ لَهُ وَلَدًا» قَالَ مَازِنٌ: فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ،

وَتَعَلَّمْتُ شَطْرَ الْقُرْآنِ، وَحَجَجْتُ حِجَجًا وَأَخْصَبْتُ عَمَّانَ، وَوَهَبَ اللَهُ لِي حَيَّانَ بْنَ مَازِنٍ، وَأَنْشَدْتُ أَقُولُ:

إِلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ خَبَّتْ مَطِيَّتِي

تَجُوبُ الْفَيَافِي مِنْ عُمَانَ إِلَى الْعَرْجِ

لِتَشْفَعَ لِي يَا خَيْرَ مِنْ وَطِئَ الْحَصَى

فَيَغْفِرَ لِي رَبِّي وَأَرْجِعَ بِالفَلْجِ

إِلَى مَعْشَرٍ خَالَفْتَ فِي اللَّهِ دِينَهُمْ

فَلا رَأْيُهُمْ رَأْيِي وَلا شَرْجُهُمْ شَرْجِي

وَكُنْتُ امْرَأً بِالرُّعْبِ والخمر مولعا

شبابي حنى آذَنَ الْجِسْمُ بِالنَّهْجِ

فَبَدَّلَنِي بِالْخَمْرِ خَوْفًا وَخَشْيَةً

وَبِالْعُهْرِ إِحْصَانًا فَحَصَّنَ لِي فَرْجِي

فَأَصْبَحْتُ هَمِّي فِي الْجِهَادِ وَنِيَّتِي

فَلِلَّهِ مَا صَوْمِي وَلِلَّهِ ما حجي

وَرُوِّينَا عَنْ زَمْلِ بْنِ عَمْرٍو الْعُذْرِيِّ قَالَ: كَانَ لِبَنِي عُذْرَةَ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ (خُمَامٌ) فكانوا يعظمون، وَكَانَ فِي بَنِي هِنْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ ضَبَّةَ بْنِ عَبْدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُذْرَةَ، وَكَانَ سَادِنُهُ رَجُلا يُقَالُ لَهُ: طَارِقٌ، وَكَانُوا يَعْتَرُونَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا ظَهَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَمِعْنَا صَوْتًا يَقُولُ: يَا بَنِي هِنْدِ بْنِ حَرَامٍ ظَهَرَ، الْحَقُّ وَأَوْدَى خُمَام وَدَفَعَ الشِّرْكَ الإِسْلامُ، قَالَ:

فَفَزِعْنَا لِذَلِكَ وَهَالَنَا، فَمَكَثْنَا أَيَّامًا، ثُمَّ سَمِعْنَا صَوْتًا وَهُوَ يَقُولُ: يَا طَارِقُ يَا طَارِقُ، بُعِثَ النَّبِيُّ الصَّادِقُ، بِوَحْيٍ نَاطِقٍ، صَدَعَ صَادِعَةً بِأَرْضِ تِهَامَةَ [1] ، لِنَاصِرِيهِ السَّلامَةُ، وَلِخَاذِلِيهِ النَّدَامَةُ، هَذَا الْوَدَاعُ مِنِّي إِلَى يوم القيامة. قال زمل: فوقع الصَّنَمُ لِوَجْهِهِ.

قَالَ زَمْلٌ: فَابْتَعْتُ رَاحِلَةً وَرَحَلْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَعَ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي وَأَنْشَدْتُهُ شِعْرًا قُلْتُهُ:

[ (1) ] وهي بكسر التاء، وهي اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز ومكة. (انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي 3/ 44) .

ص: 92

إليك رسول الله أعلمت نَصَّهَا

أُكَلِّفُهَا حُزْنًا وَقوزا مِنَ الرَّمَلِ

لأَنْصُرَ خَيْرَ النَّاسِ نَصْرًا مُؤَزَّرًا

وَأَعْقِدُ حَبْلا مِنْ حِبَالِكَ فِي حَبْلِي

وَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لا شَيْءَ غَيْرَهُ

أَدِينُ لَهُ مَا أَثْقَلَتْ قَدَمِي نعلي

في خبر ذكره وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ لِمِرْدَاسٍ أَبِي عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ وَثَنٌ يَعْبُدُهُ وَهُوَ حَجَرٌ يُقَالُ لَهُ: ضِمَارُ، فَلَمَّا حَضَرَ مِرْدَاسٌ قَالَ لِعَبَّاسٍ: أَيْ بُنَيَّ: اعْبُدْ ضِمَارَ فَإِنَّهُ يَنْفَعُكَ وَيَضُرُّكَ، فَبَيْنَمَا عَبَّاسٌ يَوْمًا عِنْدَ ضِمَارَ إِذْ سَمِعَ مِنْ جَوْفِ ضِمَارَ مُنَادِيًا يَقُولُ:

قَلْ لِلْقَبَائِلِ مِنْ سُلَيْمٍ كُلِّهَا

أَوْدَى ضِمَار وَعَاشَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ

أَنَّ الَّذِي وَرَثَ النُّبُوَّةَ وَالْهُدَى

بَعْدَ ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ قُرَيْشٍ مُهْتَدِ

أَوْدَى ضِمَار وَكَانَ يُعْبَدُ مَرَّةً

قَبْلَ الْكِتَابِ إِلَى النبي محمد

فَحَرَقَ الْعَبَّاسُ ضِمَار وَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَرَوَى أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي لَهَبٍ يُقَالُ لَهُ: لُهَيْبٌ، أَوْ: لُهَيْبُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: حَضَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ عِنْدَهُ الْكَهَانَةَ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، نَحْنُ أَوَّلُ مَنْ عَرَفَ حراسة السماء، وزجر الشياطين، ومعهم مِنَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ عِنْدَ قَذْفِ النُّجُومِ، وَذَلِكَ أَنَا اجْتَمَعْنَا إِلَى كَاهِنٍ لَنَا يُقَالُ لَهُ: خطرُ بْنُ مَالِكٍ: وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَتَا سَنَةٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ كُهَّانِنَا، فَقُلْنَا لَهُ: يَا خطرُ هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ الَّتِي يُرْمَى بِهَا، فَإِنَّا قَدْ فَزِعْنَا لِذَلِكَ وَخِفْنَا سُوءَ عَاقِبَتِهَا فَقَالَ:

ائْتُونِي بِسَحَرٍ

أُخْبِرُكُمُ الْخَبَرَ

ألخير أم ضرر

أولا لأَمْنٍ أَوْ حَذَرٍ.

قَالَ: فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ يَوْمَنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ فِي وَجْهِ السَّحَرِ أَتَيْنَاهُ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى قَدَمَيْهِ شَاخِصٌ فِي السَّمَاءِ بِعَيْنَيْهِ، فَنَادَيْنَاهُ: يَا خَطَرُ يَا خطرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْنَا أَمْسِكُوا فَأَمْسَكْنَا فَانْقَضَّ نَجْمٌ عَظِيمٌ مِنَ السَّمَاءِ وَصَرَخَ الْكَاهِنُ رَافِعًا صَوْتَهُ: أصابه أصابه- خامرة عقابه- عالة عَذَابُهُ- أَحْرَقَهُ شِهَابُهُ- زَايَلَهُ جَوَابُهُ- يَا وَيْلَهُ مَا حَالُهُ- بَلْبَلَهُ بَلْبَالُهُ- عَاوَدَهُ خبَالُهُ- تَقَطَّعَتْ حِبَالُهُ- وَغُيِّرَتْ أَحْوَالُهُ.

ثُمَّ أَمْسَكَ طَوِيلا يَقُولُ:

يَا مَعْشَرَ بَنِي قَحْطَانَ:

أُخْبِرُكُمْ بِالْحَقِّ وَالْبَيَانِ.

ص: 93

أَقْسَمْتُ بِالْكَعْبَةِ وَالأَرْكَانِ

وَالْبَلَدِ الْمُؤْتَمِنِ السّدَانِ.

قَدْ مُنِعَ السَّمْعَ عُتَاةُ الْجَانِ

بِثَاقِبٍ بِكَفِّ ذِي سُلْطَانِ.

مِنْ أَجْلِ مَبْعُوثٍ عَظِيمٍ الشَّانِ

يُبْعَثُ بِالتَّنْزِيلِ وَالْفُرْقَانِ.

وَبِالْهُدَى وَفَاضِلِ الْقُرْآنِ

تَبْطُلُ بِهِ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ.

قَالَ: فَقُلْتُ: وَيْحَكَ يَا خطرُ، إِنَّكَ لَتَذْكُرُ أَمْرًا عَظِيمًا، فَمَاذَا تَرَى لِقَوْمِكَ؟

فَقَالَ:

أَرَى لِقَوْمِي مَا أَرَى لِنَفْسِي

أَنْ يتبعوا خير بني الإِنْسِ

بُرْهَانُهُ مِثْلُ شُعَاعِ الشَّمْسِ

يُبْعَثُ فِي مَكَّةَ دَارِ الْحمْسِ

بِمُحَكَمِ التَّنْزِيلِ غَيْرِ اللَّبْسِ

فقلنا لنا: يَا خطرُ وَمِمَّنْ هُوَ؟ فَقَالَ:

وَالْحَيَاةُ وَالْعَيْشُ

... إِنَّهُ لِمَنْ قُرَيْشٍ.

مَا فِي حُكْمِهِ طَيْشٌ

... وَلا فِي خَلْقِهِ هيشٍ [1] .

يَكُونُ فِي جَيْشٍ وَأَيِّ جَيْشٍ

... مِنْ آلِ قَحْطَانَ وَآلِ أَيْش.

فَقُلْنَا: بَيِّنْ لَنَا مِنْ أَيِّ قُرَيْشٍ هُوَ؟ فَقَالَ:

وَالْبَيْتِ ذِي الدَّعَائِمِ

... أَنَّهُ لِمَنْ نَجْلِ هَاشِمٍ.

مِنْ مَعْشَرِ أَكَارِمَ

... يُبْعَثُ بِالْمَلاحِمِ.

وَقَتَلَ كُلَّ ذِي ظَالِمٍ.

ثُمَّ قَالَ:

هَذَا هُوَ الْبَيَانُ

... أَخْبَرَنِي بِهِ رَئِيسُ الْجَانِّ.

ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ وَانْقَطَعَ عَنِ الْجِنِّ الْخَبَرُ. ثُمَّ سَكَتَ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَمَا أَفَاقَ إِلَّا بَعْدَ ثَلاثَةٍ، فَقَالَ: لا إِلَهَ إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ نَطَقَ عَنْ مِثْلِ نُبُوَّةٍ، وَإِنَّهُ لَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ» .

قَالَ السُّهَيْلِيُّ: الْمَعْنَى وَصَابَهُ مِثْلَ وَشَاحَ وَأَشَاحَ وَتَكُونُ الْهَمْزَةُ بَدَلا مِنْ وَاوٍ مَكْسُورَةٍ.

[ (1) ] أي ليس في خلقه حدة أو سرعة غضب.

ص: 94

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَاجَهْ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا إِسْرَائِيلَ، ثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قُرَيْشًا أَتَوُا امْرَأَةً كَاهِنَةً فَقَالُوا لَهَا: أَخْبِرِينَا: أشبهنا أثرا بصاحب المقام؟ فقالت: إن أنتم حررتم كِسَاءً عَلَى هَذِهِ السَّهْلَةِ ثُمَّ مَشَيْتُمْ عَلَيْهَا أَنْبَأْتُكُمْ، فَجَرُّوا كِسَاءً ثُمَّ مَشَى النَّاسُ عَلَيْهَا، فَأَبْصَرَتَ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقالت: هذا أقربكم إليها شَبَهًا، ثُمَّ مَكَثُوا بَعْدَ ذَلِكَ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدا صلى الله عليه وسلم.

وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثَنَا مُوسَى، ثَنَا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ مَرُّوا بِجَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، فَإِذَا هُمْ بِشَيْخٍ مِنْ جَرْهَمٍ فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ قُلْنَا:

نَحْنُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ الشَّيْخُ ذَاتَ يَوْمٍ: لَقَدْ طَلَعَ اللَّيْلَةَ نَجْمٌ، لَقَدْ بُعِثَ فِيكُمْ نَبِيٌّ، قَالَ: فَنَظَرُوا فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ بُعِثَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.

قُرِئَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَقْدِسِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ بِغُوطَةِ دِمَشْقَ: أَخْبَرَتْكُمْ أُمُّ النُّورِ عَيْنُ الشَّمْسِ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَرَجِ الثَّقَفِيِّ [1] إِجَازَةً، قَالَتْ: أَنَا أَبُو الْفَتْحِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الأَخْشِيدِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، ثَنَا الشَّيْخُ الزَّكِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ الْفَضْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمُودٍ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أله الْمُعَدَّلُ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا رَاعٍ يَرْعَى بِالْجَزِيرَةِ، إِذْ عَرَضَ الذِّئْبُ لِشَاةٍ مِنْ شَائِهِ، فَحَالَ الرَّاعِي بَيْنَ الذِّئْبِ وَبَيْنَ الشَّاةِ، فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ فَقَالَ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ: تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ رِزْقٍ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ! فَقَالَ الرَّاعِي: هَلْ أَعْجَبُ مِنْ ذِئْبٍ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ يُكَلِّمُنِي بِكَلامِ الإِنْسِ، فَقَالَ الذِّئْبُ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنِّي، رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ [2] ، يُحَدِّثُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ،

فَسَاقَ الرَّاعِي شَاءَهُ فَأَتَى الْمَدِينَةَ، فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُهُ بِمَا قَالَ الذِّئْبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«صَدَقَ الرَّاعِي، إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَلامَ السِّبَاعِ الإِنْسَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تقوم

[ (1) ] هي عَيْنُ الشَّمْسِ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَرَجِ الفقيهة الأصبهانية، سمعت حضورا في سنة أربع وعشرين من إسماعيل بن الأخشيد، وسمعت من أبي ذر، وكانت آخر من حدث عنهما، توفيت في ربيع الآخر سنة عشر وستمائة (انظر شذرات الذهب 5/ 42) .

[ (2) ] أي المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلوات وأتم التسليم.

ص: 95

السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ الرَّجُلَ شِرَاكُ نَعْلِهِ، وَعَذَبَةُ صوته، وَيُخْبِرُهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُهُ» .

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ قَوْمًا مِنْ خَثْعَمَ كَانُوا عِنْدَ صَنَمٍ لَهُمْ جُلُوسًا، وَكَانُوا يَتَحَاكَمُونَ إِلَى أَصْنَامِهِمْ، وَفِيهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

فَبَيْنَا الْخَثْعَمِيُّونَ عند صنمهم إذ سمعوا هاتفا يهتف:

يا أيها النَّاسُ ذَوُو الأَجْسَامِ

وَمُسْنِدُو الْحُكْمِ إِلَى الأَصْنَامِ

أكلكم أوره كالكهام

أم تَرَوْنَ مَا أَرَى أَمَامِي

مِنْ سَاطِعٍ يَجْلُو دُجَى الظَّلامِ

ذَاكَ نَبِيٌّ سَيِّدُ الأَنَامِ

مِنْ هَاشِمٍ فِي ذُرْوَةِ السَّنَامِ

مُسْتَعْلِنٌ بِالْبَلَدِ الْحَرَامِ

جَاءَ بِهَدِّ الْكُفْرِ بِالإِسْلامِ

أَكْرَمَهُ الرَّحْمَنُ مِنْ إِمَامِ

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَمْسَكُوا عَنْهُ سَاعَةً حَتَّى حَفِظُوا ذَلِكَ ثُمَّ تَفَرَّقُوا، فَلَمْ تَمْضِ بِهِمْ ثَالِثَةٌ حَتَّى فَجِئَهُمْ خَبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ بِمَكَّةَ، فَمَا أَسْلَمَ الْخَثْعَمِيُّونَ حَتَّى اسْتَأْخَرَ إِسْلامُهُمْ ورأوا عبرا عند صنمهم.

قال ابن إسحق: وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ نَافِعٍ الْجَرْشِيُّ أَنَّ جَنْبَا (بَطْنًا مِنَ الْيَمَنِ) كَانَ لَهُمْ كَاهِنٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا ذُكِرَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَانْتَشَرَ فِي الْعَرَبِ قَالَتْ لَهُ جَنْبٌ: انْظُرْ لَنَا فِي أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ، وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فِي أَسْفَلِ جَبَلٍ، فَنَزَلَ عَلَيْهِمْ حِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَوَقَفَ لَهُمْ قَائِمًا مُتَّكِئًا عَلَى قَوْسٍ لَهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، طَوِيلا ثُمَّ جَعَلَ يَنْزُو ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ مُحَمَّدًا وَاصْطَفَاهُ، وظهر قَلْبَهُ وَحَشَاهُ، وَمُكْثُهُ فِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ قَلِيلٌ، ثُمَّ اشْتَدَّ فِي جَبَلِهِ رَاجِعًا مِنْ حَيْثُ جاء. والأخبار في هذا كثيرة.

ص: 96