المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة - عيون الأثر - جـ ١

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌ترجمة المؤلف 671 هـ- 734 ه

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌ولادته:

- ‌علومه وسيرته:

- ‌حياته:

- ‌مصنفاته:

- ‌تقديم

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ذكر الكلام في محمد بن إسحاق والطعن عليه

- ‌ذكر الأجوبة عما رمي به

- ‌ذكر نسب سيدنا ونبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تزويج عبد الله بن عبد المطلب

- ‌ذكر حمل آمنة بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر وَفَاةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌ذكر مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تسميته محمدا وأحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر الخبر عن رضاعة صلى الله عليه وسلم وما يتصل بذلك من شق الصدر

- ‌ذكر الخبر عن وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له وكفالة عبد المطلب إياه

- ‌ذكر وفاة عبد المطلب وكفالة أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكره سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب إلى الشام وخبره مع بحيرى الراهب وذكر نبذة من حفظ الله تعالى لرسوله عليه السلام قبل النبوة

- ‌ذكر رعيته صلى الله عليه وسلم الْغَنَمَ

- ‌شهوده صلى الله عليه وسلم يوم الفجار ثم حلف الْفُضُولِ

- ‌ذكر سفره عليه السلام إلى الشام مرة ثانية وتزويجه خديجة عليها السلام بعد ذلك

- ‌ذكر بنيان قريش الكعبة شرفها الله تعالى

- ‌ذِكْرُ مَا حُفِظَ مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ وَالْكُهَّانِ وعبدة الأصنام من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى ما تقدم

- ‌خبر سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌خَبَرُ قِسِّ بْنِ سَاعِدَةَ الإِيَادِيِّ

- ‌خبر سواد بن قارب وكان يتكهن في الجاهلية وكان شاعرا ثم أسلم

- ‌خَبَرُ مَازِنِ بْنِ الْغضُوبَةِ

- ‌ذكر المبعث

- ‌متى وجبت له صلى الله عليه وسلم النبوة

- ‌كم كانت سِنُّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ بُعِثَ

- ‌خبر بَعْثُهُ عليه السلام إِلَى الأَسْوَدِ وَالأَحْمَرِ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأخبار

- ‌ذكر صلاته عليه السلام أول البعثة

- ‌ذكر أَوَّلُ النَّاسِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قومه وغيرهم إلى الإسلام

- ‌ذكر مَا لَقَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من أذى قومه وصبره وما منّ الله به من حمايته له

- ‌ذكر انْشِقَاقُ الْقَمَرِ

- ‌ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة

- ‌ذكر إِسْلامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌ذكر الخبر عن دخول بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف في الشعب وما لقوا من سائر قريش في ذلك

- ‌ذكر خبر أهل نجران

- ‌ذكر وَفَاةُ خَدِيجَةَ وَأَبِي طَالِبٍ

- ‌ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطَّائِفِ

- ‌ذكر إِسْلامُ الْجِنِّ

- ‌خبر الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ

- ‌ذكر الحديث عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه وَفَرْضُ الصَّلاةِ

- ‌حديث الْمِعْرَاجُ

- ‌ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ

- ‌بَدْءُ إِسْلامِ الأَنْصَارِ وَذِكْرُ الْعَقَبَةِ الأُولَى

- ‌ذكر الْعَقَبَةُ الثَّانِيَةُ

- ‌ذكر إِسْلَامُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حَضِيرٍ على يدي مصعب بن عمير

- ‌ذكر البراء بن معرور وصلاته إلى القبلة وذكر العقبة الثالثة

- ‌وهذه تسمية من شهد العقبة

- ‌(ذكر فوائد تتعلق بخبر هَذِهِ الْعَقَبَةِ)

- ‌ذكر الهجرة إلى المدينة

- ‌ذكر يوم الزحمة

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأَخْبَارِ

- ‌أَحَادِيثُ الْهِجْرَةِ وَتَوْدِيعُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ

- ‌حَدِيثُ الْغَارِ

- ‌حَدِيثُ الْهِجْرَةِ وَخَبَرُ سراقة بن مالك بن جعشم

- ‌حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأَخْبَارِ

- ‌ذكر دخوله عليه السلام الْمَدِينَةَ

- ‌بِنَاءِ الْمَسْجِدِ

- ‌ذكر الموادعة بين المسلمين واليهود

- ‌شرح ما فيه مِنَ الْغَرِيبِ

- ‌ذكر المواخاة

- ‌بَدْءُ الأَذَانِ

- ‌إِسْلامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌خبر مخيريق

- ‌خبر عبد الله بن أبي بن سَلُول وَأَبِي عَامِرٍ الْفَاسِقِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الراهب

- ‌جماع أبواب مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعوثه وسراياه

- ‌ذكر الخبر عن عَدَدُ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وبعوثه

- ‌غَزْوَةُ وَدَّانَ

- ‌بَعْثُ حَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الحرث

- ‌سرية سعد بن أبي وقاص إِلَى الْخَرَّازِ

- ‌غزوة بواط [1]

- ‌غزوة العشيرة

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الأولى

- ‌سرية عبد الله بن جحش

- ‌تحويل القبلة

- ‌ذكر فرض صيام شهر رمضان وزكاة الْفِطْرِ وَسُنَّةُ الأُضْحِيَةِ

- ‌ذكر المنبر وحنين الجذع

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى

- ‌ذكر الخبر عن مهلك أبي لهب

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذه الأخبار

- ‌تسمية من شهد بدرا من المسلمين

- ‌شُهَدَاءُ بَدْرٍ

- ‌عدد قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ

- ‌مشاهير قتلى بدر

- ‌أَسْرَى بَدْرٍ

- ‌ذِكْرُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَسْرَى بدر بعد ذلك

- ‌فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا

- ‌ما قيل من الشعر في بدر

- ‌فَصْلٌ

- ‌سَرِيَّةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ

- ‌سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ

- ‌غزوة بني سليم

- ‌غَزْوَةُ بَنِي قَيْنُقَاعٍ

- ‌غزوة السويق

- ‌غَزْوَةُ قَرْقَرَة الْكدر

- ‌سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ

- ‌خَبَرُ محيصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ مَعَ ابْنِ سُنَيْنَةَ

- ‌ذكر فوائد تتعلق بهذا الخبر

- ‌غزوة غطفان بناحية نجد

- ‌غَزْوَةُ بُحْرَانَ

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى القردة اسم ماء

الفصل: ‌ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة

‌ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة

وَكَانَتِ الْهِجْرَةُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَرَّتَيْنِ، فَكَانَ عَدَدُ الْمُهَاجِرِينَ فِي الْمَرَّةِ الأُولَى اثْنَيْ عَشَرَ رجلا وأربع نسوة، ثم رجعوا عند ما بَلَغَهُمْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ سُجُودُهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قِرَاءَةِ سُورَةِ وَالنَّجْمِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ، فَلَقُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَشَدَّ مِمَّا عَهِدُوا، فَهَاجَرُوا ثَانِيَةً، وَكَانُوا ثَلاثَةً وَثَمَانِينَ رَجُلا، إِنْ كَانَ فِيهِمْ عَمَّارٌ فَفِيهِ خِلافٌ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ، وَثَمَانِي عَشْرَةَ امْرَأَةً، إحدى عشرة قرشيات، وسبعا غرباء، وبعثت قريشا فِي شَأْنِهِمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ مَرَّتَيْنِ: الأُولَى عِنْدَ هِجْرَتِهِمْ، وَالثَّانِيَةُ: عَقِيبَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَسُولا فِي الْمَرَّتَيْنِ، وَمَعَهُ فِي إِحْدَاهُمَا عُمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَفِي الأُخْرَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّانِ.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: فَلَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَظَهَرَ الإِيمَانُ، أَقْبَلَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ عَلَى مَنْ آمَنَ مِنْ قَبَائِلِهِمْ يُعَذِّبُونَهُمْ وَيُؤْذُونَهُمْ لِيَرُدُّوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، قَالَ: فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَنْ آمَنَ بِهِ: «تَفَرَّقُوا فِي الأَرْضِ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى سيجمعهم» قَالُوا: إِلَى أَيْنَ نَذْهَبُ؟ قَالَ: «إِلَى هَاهُنَا» ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ،

فَهَاجَرَ إِلَيْهَا نَاسٌ ذَوُو عَدَدٍ، مِنْهُمْ مَنْ هَاجَرَ بِأَهْلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ، حَتَّى قَدِمُوا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مَعَهُ امْرَأَتُهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَاطِبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شمس بن عبد ود أخو سهيل عن عَمْرٍو، وَقِيلَ: هُوَ سُلَيْطُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ هَارِبًا عَنْ أَبِيهِ بِدِينِهِ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ مُسْلِمَةٌ مُرَاغِمَةٌ لأَبِيهَا، فَارَّةٌ عَنْهُ بِدِينِهَا، فَوَلَدَتْ لَهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أم

ص: 135

سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ آلِ الْخَطَّابِ، وَمَعُهُ امْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي خَيْثَمَةَ بْنِ غَانِمٍ الْعَدَوِيَّةُ، وَأَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ الْعَامِرِيُّ، وَامْرَأَتُهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو- ولم يذكرها ابن إسحق فهي خامسة لهن- وسهيل بن بَيْضَاءَ، وَهُوَ سُهَيْلُ بْنُ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ الْفِهْرِيُّ، وَعَبْد اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ، فَخَرَجُوا مُتَسَلِّلِينَ سِرًّا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الشُّعَيْبَةِ، مِنْهُمُ الرَّاكِبُ وَمِنْهُمُ الْمَاشِي، فَوَفَّقَ اللَّهُ لَهُمْ سَفِينَتَيْنِ لِلتُّجَّارِ حَمَلُوهُمْ فِيهِمَا بِنِصْفِ دِينَارٍ، وَكَانَ مَخْرَجُهُمْ فِي رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ الْخَامِسَةِ مِنَ النُّبُوَّةِ، فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى جَاءُوا الْبَحْرَ مِنْ حَيْثُ رَكِبُوا، فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا مِنْهُمْ، ثُمَّ خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ بَنِيهِ مُحَمَّدًا وَعَبْدَ اللَّهِ وَعَوْنًا، وَعَمْرَو بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ مُِحَرَّثٍ الْكِنَانِيِّ، وَأَخُوهُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ مَعَهُ امْرَأَتُهُ أَمِينَةُ بِنْتُ خَلَفِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ عَامِرِ بْنِ بَيَاضَةَ الْخُزَاعِيَّةُ، فَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ ابْنَهُ سَعِيدًا، وَابْنَتَهُ أُمَّ خَالِدٍ، واسمها أمة، وعيد اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، فَتَنَصَّرَ هُنَاكَ ثُمَّ تُوُفِّيَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ، وَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ حَبِيبَةَ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جحش، وقيس بن عبد الله بن حليف لبني أمية بن أمية بن عبد شمس، معه امرأته ركة بِنْتُ يَسَارٍ مَوْلاةُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَمُعَيْقِيبُ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ الدَّوْسِيُّ، حَلِيفٌ لِبَنِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّة، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بْنِ جَابِرٍ الْمَازِنِيُّ، حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ، وَعَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ الحرث بْنِ أَسَدٍ، وَالأَسْوَدُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، وَكُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ قُصَيٍّ، وَسُوَيْبِطُ بْنُ سَعْدِ بْنِ حَرْمَلَةَ، وَيُقَالُ: حُرَيْمِلَةُ بْنُ مَالِكٍ الْعَبْدَرِيُّ، وَجَهْمُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شُرَحْبِيلَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عبد الدار العبدري، معه امْرَأَتُهُ أُمُّ حَرْمَلَةَ بِنْتُ عَبْدِ الأَسْوَدِ بْنِ جُزَيْمَةَ مِنْ خُزَاعَةَ، وَابْنَاهُ عَمْرُو بْنُ جَهْمٍ، وَخُزَيْمَةُ بِنْتُ جَهْمٍ، وَأَبُو الرُّومِ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَفِرَاسُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كِلْدَةَ، وَعَامِرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، أَخُو سَعْدٍ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَزْهَرَ بْنِ عبد عوف، معه امْرَأَتُهُ رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي عَوْفِ بْنِ صُبَيْرَةَ السَّهْمِيَّةُ، وَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُطَّلِبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ، وَأَخُوهُ عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ، تَبَنَّاهُ الأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ حَلِيفٌ لَهُ، فَنُسِبَ إِلَيْهِ، وَهُوَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرِو بن ثعلبة

ص: 136

البهراني، والحرث بْنُ خَالِدِ بْنِ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، وَمَعُهُ امْرَأَتُهُ رَيْطَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ التَّيْمِيَّةُ، فَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ مُوسَى وَزَيْنَبُ وَعَائِشَةُ وَفَاطِمَةُ، وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو التَّيْمِيُّ عَمُّ طَلْحَةَ، وَشَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الشَّرِيدِ الْمَخْزُومِيُّ، وَاسْمُهُ: عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَهَبَّارُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالٍ الْمَخْزُومِيُّ، وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ، وَهِشَامُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، وَمُعَتِّبُ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَامِرٍ الْخُزَاعِيُّ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: مُعَتِّبٌ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ، وَالسَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَعَمَّاهُ قُدَامَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا مَظْعُونٍ، وَحَاطِبٌ وَحَطَّابٌ ابنا الحرث بْنِ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، وَمَعَ حَاطِبٍ زَوْجُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُجَلّلِ الْعَامِرِيِّ، وَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ مُحَمَّدًا، والحرث ابني حاطب، ومع حطاب زوجه فكيهة بنت يسار، وسفيان بن مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبٍ الْجُمَحِيُّ، وَمَعَهُ ابْنَاهُ جَابِرٌ وَجُنَادَةُ، وَأُمُّهُمَا حَسَنَةُ، وَأَخُوهُمَا لأُمِّهِمَا شُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ، وَهُوَ شُرَحْبِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَاعِ الْكِنْدِيُّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مِنْ بَنِي الْغَوْثِ بْنِ مُرٍّ أَخِي تَمِيمِ بْنِ مُرٍّ وَعُثْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ أُهْبَانَ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ، وَخُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ السَّهْمِيُّ، وَسَهْمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصٍ، وَأَخَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقَيْسٌ ابْنَا حُذَافَةَ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ اسْمُهُ:

سَعِيدُ بن عمر، وكان أخا بشر بن الحرث بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ لأُمِّهِ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ أَخُو عَمْرٍو وَعُمَيْرُ بْنُ رِئَابِ بْنِ حذيفة السهمي، وأبو قيس بن الحرث بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ السَّهْمِيُّ، وَإِخْوَتُهُ: الْحَارِثُ وَمَعْمَرٌ وَسَعِيدٌ وَالسَّائِبُ وَبِشْرٌ وَأَخٌ لَهُمْ مِنْ أُمِّهِمْ مِنْ تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ: سَعِيدُ بْنُ عمرو، ومحمئة بْنُ جَزْءٍ الزُّبْيَدِيُّ حَلِيفُ بَنِي سَهْمٍ، وَمَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ، وَيُقَالُ: ابْنُ عَبْد اللَّهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ نَضْلَةَ الْعَدَوِيُّ، وعروة بن عبد العزيز بْنِ حُرْثَانَ الْعَدَوِيُّ، وَعَنْ مُصْعَبٍ الزُّبْيَرِيِّ: عُرْوَةُ بْنُ أَبِي أُثَاثَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، أَوْ عَمْرُو بْنُ أُثَاثَةَ، وَعَدِيُّ بْنُ نَضْلَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَدَوِيُّ، وَابْنُهُ النُّعْمَانُ وَمَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ قَيْسٍ الْعَامِرِيُّ، وَامْرَأَتُهُ عَمْرَةُ بِنْتُ أَسْعَدَ [ (1) ] بْنِ وَقْدَانَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْعَامِرِيَّةُ، وَسَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَخْرَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَمَّاهُ سُلَيْطٌ وَالسَّكْرَانُ ابْنَا

[ (1) ] وعند ابن الجوزي والذهبي: بنت السعدي.

ص: 137

عَمْرٍو الْعَامِرِيُّونَ، وَامْرَأَتُهُ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي سَرْحِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعِيَاضُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي شَدَّادٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ غَنْمِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي شَدَّادٍ، وَسَعْدُ بْنُ عَبْدِ قَيْسِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ الْفِهْرِيُّونَ، وَعَمَّارُ بْنُ ياسر، وفيه خلاف بين أهل السير. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ: إِنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ كَانَ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وليس كذلك، ولكنه خرج من طَائِفَةٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ أَرْضِهِمْ بِالْيَمَنِ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَرَكِبُوا الْبَحْرَ، فَرَمَتْهُمُ الرِّيحُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَأَقَامَ هُنَاكَ حَتَّى قَدِمَ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلَمَّا نَزَلَ هَؤُلاءِ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ أَمِنُوا عَلَى دِينِهِمْ، وَأَقَامُوا بِخَيْرِ دَارٍ عِنْدَ خَيْرِ جَارٍ، وَطَلَبَتْهُمْ قُرَيْشٌ عِنْدَهُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ إِسْلامِهِ.

قَرَأْتُ عَلَى الإِمَامِ الزَّاهِدِ أبي إسحق إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنْبَلِيِّ بِالصَّالِحِيَّةِ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ النَّفِيسِ بْنِ بورنداز قَالَ: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ قال: قال أَبُو بَكْرِ بْنُ مَاجَهْ قَالَ: أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ الْحَزَوَّرِيِّ عن محمد بن سلمان لُوَيْنٍ، ثَنَا حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إسحق، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّجَاشِيِّ ثَمَانِينَ رَجُلا، مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَجَعْفَرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْفُطَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ رضي الله عنهم، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَدِيَّةٍ فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ فَدَخَلا عَلَيْهِ وَسَجَدَا لَهُ وَابْتَدَرَاهُ، فَقَعَدَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَقَالا: إِنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي عَمِّنَا نَزَلُوا أَرْضَكَ، فَرَغِبُوا عَنَّا وَعَنْ مِلَّتِنَا، قال: وأين هم؟

قالوا: بأرضك، فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِمْ، فَقَالَ جَعْفَرٌ رضي الله عنه: أَنَا خَطِيبُكُمُ الْيَوْمَ، فَاتَّبَعُوهُ، فَدَخَلَ فَسَلَّمَ فقالوا: مالك لا تسجد للملك؟ قال: إنا لا تسجد إِلَّا لِلَّهِ عز وجل، قَالُوا: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ فِينَا رَسُولا، وَأَمَرَنَا أَنْ لا نَسْجُدَ إِلَّا لِلَّهِ عز وجل، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ، قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ؟ قَالَ: كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ وَلَمْ يفرضْهَا [1] وَلَدٌ قَالَ:

فَرَفَعَ النَّجَاشِيُّ عُودًا مِنَ الأَرْضِ فَقَالَ: يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان، ما

[ (1) ] أي: لم يؤثر فيها.

ص: 138

تزيدون على ما يقولون؟ أشهد أن رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى فِي الإِنْجِيلِ، وَاللَّهِ لَوْلا مَا أَنَا فِيهِ من الملك لأتيته فأكون أن الَّذِي أَحْمِلُ نَعْلَيْهِ وَأُوَضِّئُهُ، وَقَالَ: انْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُمْ، وَأَمَرَ بِهَدِيَّةِ الآخَرِينَ فَرُدَّتْ عَلَيْهِمَا، قَالَ: وَتَعَجَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَشَهِدَ بَدْرًا، وَقَالَ: إِنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَوْتُهُ اسْتَغْفَرَ لَهُ وَلِعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي هَذَا الْوَجْهِ خَبَرٌ مَشْهُورٌ ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَصْبَهَانِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ عَمْرٌو يُخَاطِبُ عُمَارَةَ:

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَتْرُكْ طَعَامًا يُحِبُّهُ

وَلَمْ يَنْهَ قَلْبًا غَاوِيًا حَيْثُ يَمَّمَا

قَضَى وَطَرًا مِنْهُ وَغَادَرَ سُبَّةً

إِذَا ذكرت أمثالها تملأ الفما

ولم يذكر ابن إسحق مَعَ عَمْرٍو إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ فِي رِوَايَةِ زِيَادٍ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ بكير لعمارة بن الوليد ذكر: فَأَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ، بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ فِي أَحْسَنِ جِوَارٍ، فَلَمَّا سَمِعُوا بِمُهَاجِرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ رَجَعَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ وَثَلاثُونَ رَجُلا، وَمِنَ النِّسَاءِ ثَمَانِي نِسْوَةٍ، فَمَاتَ مِنْهُمْ رَجُلانِ بِمَكَّةَ، وَحُبِسَ بِمَكَّةَ سَبْعَةُ نَفَرٍ، وَشَهِدَ بَدْرًا مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلا، فَلَمَّا كَانَ شَهْرُ رَبِيعٍ الأَوَّلِ- وَقِيلَ:

الْمُحَرَّمُ- سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النَّجَاشِيِّ كِتَابًا يَدْعُوهُ فِيهِ إِلَى الإِسْلامِ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، فَلَمَّا قريء عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَسْلَمَ وَقَالَ: لَوْ قَدَرْتُ أَنْ آتِيَهُ لأَتَيْتُهُ وَكتب إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ يُزَوِّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بنت أبي سفيان ففعل وأصدق عنه تسعمائة دِينَارٍ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى التَّزْوِيجَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَكتب إِلَيْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَبْعَثَ إِلَيْهِ مَنْ بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ ويحملهم ففعل، فجاءوا حتى قدموا المدينة، فيجدون رسول الله صلى الله عليه وسلم في خَيْبَرَ [1] ، فَشَخَصُوا إِلَيْهِ فَوَجَدُوهُ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يدخلوهم في سهمانهم، ففعلوا، وَكَانَ سَبَبُ رَجُوعِ الأَوَّلِينَ الاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ فِيمَا رُوِيَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ يَوْمًا عَلَى الُمْشِرِكيَن:

وَالنَّجْمِ إِذا هَوى حَتَّى بَلَغَ: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى [2]

[ (1) ] خيبر: بلدة معروفة على نحو أربع مراحل من المدينة إلى جهة الشام، ذات نخيل ومزارع، فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوائل سنة سبع من الهجرة، أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصارهم بضع عشرة ليلة:(انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي 3/ 103) .

[ (2) ] سورة النجم: الآية 1 ثم الآية 20.

ص: 139

أَلْقَى الشَّيْطَانُ كَلِمَتَيْنِ عَلَى لِسَانِهِ: تِلْكَ الْغَرَانِيقُ العلى وإن شفاعتهن لترجى، فتلكم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهِمَا، ثُمَّ مَضَى فَقَرَأَ السُّورَةَ كُلَّهَا، فَسَجَدَ وَسَجَدَ الْقَوْمُ جَمِيعًا، وَرَفَعَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ تُرَابًا إِلَى جَبْهَتِهِ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ، وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا أُحَيْحَةَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَخَذَ تُرَابًا فَسَجَدَ عليه، ويقال:

كلاهما فعل ذلك، فَرَضَوْا بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، وَلَكِنَّ آلِهَتَنَا هذه تشفع لنا عنده، فأما إذا جَعَلْتَ لَهَا نَصِيبًا فَنَحْنُ مَعَكَ،

فَكَبُرَ ذَلِكَ علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِمْ، حَتَّى جَلَسَ فِي الْبَيْتِ، فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَعَرَضَ عَلَيْهِ السُّورَةَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: مَا جِئْتُكَ بِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قُلْتُ عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يَقُلْ» فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا إِلَى قَوْلِهِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً [1]

قَالُوا: فَفَشَتْ تِلْكَ السَّجْدَةُ فِي النَّاسِ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: عَشَائِرُنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا، فَخَرَجُوا رَاجِعِينَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا دُونَ مَكَةَ بِسَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ لَقَوْا رُكْبَانًا مِنْ كِنَانَةَ، فَسَأَلُوهُمْ عَنْ قُرْيَشٍ، فَقَالَ الرَّكْبُ: ذَكَرَ مُحَمَّدٌ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ، فَتَابَعَهُ الْمَلأُ، ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْهَا فَعَادَ لِشَتْمِ آلِهَتِهِمْ وَعَادُوا لَهُ بِالشَّرِّ، فتركناهم على ذلك، فائتمر الْقَوْمُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، ثُمَّ قَالُوا: قَدْ بَلَغْنَا مَكَّةَ، فَنَدْخُلُ فَنَنْظُرُ مَا فِيهِ قُرَيْشٌ وَيُحْدِثُ عَهْدًا مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ، فَدَخَلُوا مَكَّةَ، وَلَمْ يَدْخُلْ أَحَدٌ منهم إِلَّا بِجِوَارٍ، إِلَّا ابْنُ مَسْعُودٍ، فَإِنَّهُ مَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَانُوا خَرَجُوا فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ، فَأَقَامُوا شَعْبَانَ وَشَهْرَ رَمَضَانَ، وَكَانَتِ السَّجْدَةُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقَدِمُوا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ يَعْنِي خَبَرَ هذه السجدة: موسى بن عقبة، وابن إسحق مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْبَكَّائِيِّ، وَأَهْلُ الأُصُولِ يَدْفَعُونَ هَذَا الْحَدِيثَ بِالْحُجَّةِ، وَمَنْ صَحَّحَهُ قَالَ فِيهِ أَقْوَالا:

مِنْهَا: أَنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ ذَلِكَ وَأَشَاعَهُ، وَالرَّسُولُ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ، وَهَذَا جَيِّدٌ، لَوْلا أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِمُحَمَّدٍ: مَا أَتَيْتُكَ بِهَذَا.

وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وعنى بها الملائكة أن شفاعتهم ترتجى.

[ (1) ] سورة الأسراء: الآية 73 ثم الآية 75.

ص: 140

وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَهَا حَاكِيًا عَنِ الْكَفَرَةِ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ، فَقَالَهَا مُتَعَجِّبًا مِنْ كُفْرِهِمْ، قَالَ: وَالْحَدِيثُ عَلَى مَا خُيِّلْتُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِصِحَّتِهِ.

قُلْتُ: بَلَغَنِي عَنِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْمُنْذِرِيِّ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جِهَةِ الرُّوَاةِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَانَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ الدِّمْيَاطِيُّ يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ. وَالَّذِي عِنْدِي فِي هذا الخبر أن جَارٍ مَجْرَى مَا يُذْكَرُ مِنْ أَخْبَارِ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ. وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ التَّرَخُّص فِي الرَّقَائِقِ وَمَا لا حُكْمَ فِيهِ مِنْ أَخْبَارِ الْمَغَازِي، وَمَا يُجْرَى مَجْرَى ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهَا مَنْ لا يُقْبَلُ فِي الْحَلالِ وَالْحَرَامِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الأَحْكَامِ بِهَا، وَأَمَّا هَذَا الْخَبَرُ فَيَنْبَغِي بِهَذَا الاعْتِبَارِ أَنْ يُرَدَّ إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِسَنَدٍ لا مَطْعَنَ فِيهِ بِوَجْهٍ وَلا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ فَيَرْجِعُ إلى تأويله.

ص: 141