الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بطلان رواية هم النبي صلى الله عليه وسلم بالانتحار ومهاجمة علي لابن عباس
[السُّؤَالُ]
ـ[كتب أحد الصحفيين مقالاً ادعى فيه أن الإمام الطبري أورد فى كتاب له أن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه هاجم سيدنا ابن عباس رضي الله عنه عندما أخذ أموال بيت المال وذهب إلى مكة بالمال رغم تحذيرات سيدنا علي الذي قال له: (اتق الله فيما ائتمنتك عليه واسترعيتك حفظه) فكان الرد من سيدنا ابن عباس أنه إذا كان قد اغتصب المال فعلي بن أبي طالب سفك دماء الأمة. فكان الرد من أمير المؤمنين: (أما تعلم أنك تأكل حراما وتشرب حراما؟ أو ما يعظم عليك وعندك أنك تستثمن الإماء وتنكح النساء بأموال اليتامى والأرامل والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم بالبلاد) وكان الرد من ابن عباس: (لعمرى إن حقي فى بيت المال لأعظم مما أخذت منه والسلام) كما ادعى ذلك الصحفى أن النبي صلى الله عليه وسلم حاول الانتحار وأنه حين كان يفتر الوحي ويغيب كان النبي صلى الله عليه وسلم يحاول التردي من شواهق الجبال، فهل هاتان الروايتان صحيحتان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلا الروايتين من القول الباطل الذي لا يصح، أما الأولى فليس لها وجود، وإنما هو تحريف لرواية واهية رواها الطبري في تاريخه من طريق أبي مخنف، وهو راوٍ تالف. فراجعها في تاريخ الطبري، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على هذا الرابط:
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=18813
وأما الرواية الثانية فقد وردت في صحيح البخاري من بلاغات الزهري، قال ابن حجر في ال فتح: القائل: فيما بلغنا هو الزهري، ومعنى الكلام أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا. وقال الكرماني: هذا هو الظاهر. انتهى.
وقال الدكتور عماد الشربيني في رسالته للدكتوراه والتي بعنوان -رد شبهات حول عصمة النبى صلى الله عليه وسلم قال: لعل الإمام البخاري وغيره ممن أخرج هذه الزيادة أرادوا بذلك التنبيه إلى مخالفتها لما صح من حديث بدء الوحي الذي لم تذكر فيه هذه الزيادة، وخصوصاً أن البخاري لم يذكر هذه الزيادة في بدء الوحي ولا التفسير، وإنما ذكرها فى التعبير. انتهى.
وقال أيضا عن هذه الزيادة: غير ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل شيئاً منها، ولا فعلها، فهي لا تصح سنداً ولا متناً لما يلي
…
اهـ، ثم فصل ذلك تفصيلا حسنا، وحكم الألباني على هذه الزيادة بالشذوذ والإرسال والإعضال، وقال: واعلم أن هذه الزيادة لم تأت من طريق موصولة يحتج بها كما بينته في (سلسلة الأحاديث الضعيفة) برقم (4858) اهـ. وقد حكم عليه الشيخ في هذا الموضع من الضعيفة بالبطلان.
وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط عن هذه الزيادة في تحقيق مسند أحمد: هو مِن بلاغات الزهري وهي واهية.. ومعلوم عند أهل العلم أن بلاغات الزهري واهية ليست بشيء. انتهى.
وممن رد هذه الزيادة بضعفها الدكتور الشريف حاتم العوني، والشيخ عبد الرحمن دمشقية في كتابه -أحاديث يحتج بها الشيعة- وقال: هذا هو الصواب، وحاشى أن يقدم رسول الله وهو إمام المؤمنين على الانتحار أو حتى على مجرد التفكير فيه. اهـ.
ونقل الدكتور الصلابي في (السيرة النبوية) عن صفي الرحمن المباركفوري قوله عنها: مرسل ضعيف، كما أنه يتنافى مع عصمة النبي صلى الله عليه وسلم اهـ. وردها أيضا القاضي عياض في (الشفا) ثم وجهها على افتراض صحتها فقال عن قول الزهري "فيما بلغنا" قال: لم يسنده ولا ذكر رواته ولا من حدث به، ولا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، ولا يعرف مثل هذا إلا من جهة النبي صلى الله عليه وسلم، مع أنه قد يحمل على أنه كان أول الأمر كما ذكرناه، أو أنه فعل ذلك لما أحرجه من تكذيب من بلغه كما قال تعالى: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا
…
أو خاف أن الفترة لأمر أو سبب منه فخشي أن تكون عقوبة من ربه ففعل ذلك بنفسه ولم يرد بعد شرع بالنهي عن ذلك فيعترض به. انتهى.
وقد نبه الشيخ رفاعي سرور في كتابه -المسيح بن مريم- على انقطاع إسناد هذه القصة، ثم ناقشها باستفاضة على افتراض صحتها، وممن وجهها أيضا على افتراض صحتها الحافظ الإسماعيلي كما نقله عنه الحافظ ابن حجر في الفتح فليراجعهما السائل إن شاء، وهما متوفران على موقع المكتبة الشاملة، ولكن الذي نقطع به هو بطلان هذه الرواية كما حكم بذلك العلامة الألباني، وعلى ذلك فلا نحتاج لتوجيهها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1430