المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الإفتاء   ‌ ‌المفتي جاد الحق على جاد الحق   ‌ ‌الجواب المعنى اللغوى: فى لسان - فتاوى دار الإفتاء المصرية - جـ ١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الإفتاء

- ‌قراءة سورة الكهف والترقية وما يذكر بعد الأذان

- ‌حجم المصحف وتصغيره

- ‌ترجمة القرآن الكريم والزكاة لطلبة العلم الأغنياء

- ‌عدم جواز اتخاذ آية من القرآن الكريم أساسا للمسابقات

- ‌كتابة شىء من القرآن على العملة

- ‌جواز التيمم مع وجود الماء اذا خيف الضرر

- ‌التبليغ فى الصلاة للحاجة

- ‌صلاة أسير الحرب

- ‌أمامة الالثغ

- ‌تأخير الجمعة عن أول وقتها

- ‌تعدد صلاة الجمعة

- ‌السعى لصلاة الجمعة

- ‌جواز التنفل ممن عليه فوائت

- ‌جواز الصلاة بالنعلين اذا كانا طاهرين

- ‌تحرير قبلة الصلاة

- ‌حكم الصوم والصلاة لمدينة تطلع فيها الشمس عقب الشفق

- ‌صلاة العيد والجمعة

- ‌صلاة النساء فى المسجد

- ‌صلاة المرأة وطهارتها

- ‌جواز صلاة الجمعة فى المسجد المقام فى أرض المعارض

- ‌صحة امامة البالغ

- ‌الاذن العام بالصلاة فى المسجد

- ‌صلاة الجمعة خلف المذياع غير جائزة

- ‌المريض الذى يخشى من استعمال الماء فى إزالة الجنابة

- ‌غسل الشعر عند التطهر من الجنابة

- ‌وضوء مقطوع الساق وأمامته فى الصلاة

- ‌طلاء الأظافر وكشف الرأس

- ‌حكم الوضوء لذكر الله

- ‌سلس البول عذر يبيح الترخص بقدره

- ‌الوضوء قبل الغسل من الجنابة سنة

- ‌مشروعية التيمم، وموضع القنوت

- ‌انفلات ريح مستمر

- ‌نقض الوضوء باللمس

- ‌الطهارة والغسل من الجنابة

- ‌المسح على الجوربين عند الوضوء

- ‌لا أثر لاستعمال الكولونيا على الوضوء

- ‌تصفيف شعر المرأة عند المصفف

- ‌عبادة الحائض والنفساء

- ‌عبادة المستحاضة

- ‌حكم سلس البول

- ‌جواز التيمم مع وجود الماء اذا خيف الضرر

- ‌صلاة المأموم بطابق يخالف طابق الامام جائزة

- ‌صلاة العيد فى غير المسجد

- ‌قراءة المأموم خلف الامام وحكم الفوائت

- ‌صلاة عارى الرأس وأدب سماع القرآن الكريم

- ‌صلاة التراويح

- ‌الصلاة فى المسجد وغيره صحيحة فيما عدا الجمعة

- ‌الشك فى الوضوء والصلاة بعد تمامهما

- ‌عورة المرأة وما يراه الخاطب من مخطوبته

- ‌جاحد الصلاة وتاركها

- ‌صلاة الظهر بعد الجمعة

- ‌صلاة النفل بين أذان المغرب وصلاتها

- ‌صلاة الجنازة على المرتد غير جائزة

- ‌غطاء الرأس أثناء الصلاة

- ‌صلاة الجمعة والجماعة

- ‌صلاة المسافر

- ‌الصلاة مع الأعذار

- ‌صلاة المريض

- ‌حكم الأذان

- ‌قضاء الفوائت

- ‌خطبة الجمعة بغير العربية ومعاملات البنوك والمضاربة

- ‌صلاة الجمعة فى مكان ليست به أقامة مستقرة

- ‌الصلاة فى المقابر

- ‌صلاة الجنازة على أموات غير المسلمين

- ‌حكم امامة الأشل

- ‌صلاة الجمعة وراء المذياع

- ‌حكم صلاة المرأة جماعة فى المسجد

- ‌قصر الصلاة للجند

- ‌مواقيت الصلاة

- ‌صلاة العيد فى الشارع أمام المسجد

- ‌قراءة القرآن يوم الجمعة والصلاة على النبى عقب الأذان

- ‌فوائت الصلاة

- ‌صلاة العيد فى قاعات اللهو

- ‌حكم القعود الأول فى الصلاة ورضاع محرم

- ‌صلاة الجنازة وستر الجثة عند نقلها

- ‌صلاة المريض ومن به سلس بول

- ‌سن الأضحية وأوقات الصلاة

- ‌قضاء الفوائت وبيع المؤمم وتحديد الأرباح التجارية

- ‌الجمع بين الصلاتين تقديما وتأخيرا

- ‌ختام الصلاة جهرا وأذان يوم الجمعة

- ‌صلاة المسافر

- ‌متابعة صلاة الجماعة عن طريق المذياع

- ‌تحية المسجد

- ‌المسح على الجورب والجمع بين الصلاتين

- ‌الأذان الثانى يوم الجمعة ومن أحق بالامامة فى صلاتها

- ‌الترتيب فى الصلاة بين الفرض الحاضر والفرض الفائت

- ‌مواضع السكتات فى الصلاة وقراءة المأموم

- ‌مواطن الدعاء فى الصلاة

- ‌التبليغ فى الصلاة للحاجة

- ‌صلاة أسير الحرب

- ‌الحقنة فى الصيام

- ‌فدية الصوم

- ‌أثر التطعيم ضد الجدرى وغيره فى الصيام

- ‌جواز فطر المجاهدين فى شهر رمضان

- ‌استحمام الصائم فى البحر لا يفطره

- ‌صيام الست من شوال بعد الأول منه مستحب

- ‌العلاج بالمس فى الفرج مفطر فى رمضان

- ‌الفطر عمدا فى رمضان

- ‌الافطار غير العمد مفسد للصوم وموجب للقضاء فقط

- ‌جواز الفطر للأعذار

- ‌المرض المبيح للفطر فى نهار رمضان

- ‌صيام رمضان فى بلاد يطول فيها النهار عن حد الاعتدال

- ‌جواز الفطر للضعيف المريض

- ‌الشيخ الفانى وصيام رمضان

- ‌اختلاف المطالع فى رؤية الهلال

- ‌الصوم فى بلاد يطول فيها النهار عن حد الاعتدال

- ‌صيام المسافر

- ‌الصوم بلا صلاة

- ‌مرض الربو مبيح للفطر شرعا

- ‌ادخال الماء فى الفرج عند الوضوء مفسد للصوم

- ‌نفاس المرأة وعادتها فى الحيض

- ‌استعمال معجون الأسنان فى نهار رمضان

- ‌الصوم بدءا ونهاية

- ‌الصيام وما يؤثر فيه من عدمه

- ‌اختلاف المطالع فى اثبات رؤية هلال رمضان

- ‌الزام قوات الجيش بالفطر فى رمضان أثناء المعركة

- ‌اباحة الفطر للعاجز عن الصوم

- ‌الحمل من الأعذار المبيحة للفطر فى رمضان

- ‌أخذ الدواء بواسطة البخاخة

- ‌السحور بعد الفجر مع الظن أنه قبله

- ‌الاستمناء بالكف فى نهار رمضان

- ‌أثر النزيف من الفم فى الوضوء والصوم

- ‌صوم أصحاب الحرف

- ‌صوم مريض القلب

- ‌الفطر فى السفر

- ‌العمل فى نهار رمضان غير مانع من الصيام

- ‌صيام المجهد جسميا أو ذهنيا

- ‌الافطار بدون عذر فى نهار رمضان

- ‌بعض الأعذار المبيحة للفطر فى رمضان

- ‌افطار المرأة عمدا وكفارته والحج وهى حائض

- ‌بدء الصيام وانتهاؤه فى النرويج

- ‌زكاة ورق البنكنوت

- ‌زكاة الأرض العشرية

- ‌دفع الزكاة إلى القريب

- ‌زكاة الفطر ومصارفها

- ‌جواز اعطاء الزكاة للجمعيات الخيرية

- ‌جواز صرف الزكاة فى بناء المساجد

- ‌جواز نقل الزكاة من بلد إلى أخرى بها ذوى قرباه

- ‌زكاة التأمين

- ‌زكاة مال المدين

- ‌زكاة الأرض الزراعية المؤجرة للغير

- ‌زكاة المال الممسوك للانفاق منه

- ‌زكاة السيارات والدور المعدة للاستغلال

- ‌زكاة أوراق البنكنوت وأسهم الشركات

- ‌زكاة حلى المرأة

- ‌زكاة الأموال وعروض التجارة عن السنوات الماضية

- ‌التبرع للحرب من مال الزكاة جائز

- ‌زكاة الأرض العشرية والخراجية

- ‌صندوق التوفير والزكاة

- ‌الاستعانة بالزكاة فى الزواج

- ‌زكاة مال القاصر

- ‌مصارف الزكاة الشرعية

- ‌زكاة الوقف

- ‌دفع الزكاة إلى القريب

- ‌زكاة الأرض المعدة للبناء

- ‌زكاة الشقة المؤجرة

- ‌عدم احتساب ما سدده الضامن من الزكاة

- ‌صدقة الفطر وعلى من تجب

- ‌أداء الزكاة لصندوق الخدمات الاجتماعية

- ‌صرف الزكاة إلى المهاجرين

- ‌اخراج زكاة المال قبل موعدها

- ‌الزكاة للأقارب والماء البارد فى الوضوء

- ‌زكاة المال

- ‌الزكاة والضرائب

- ‌زكاة عروض التجارة

- ‌زكاة المال

- ‌دفع الزكاة

- ‌دفع الزكاة لمشروع انشاء معهد أمراض الكبد

- ‌زكاة الفطر لا تسقط إلا بالأداء

- ‌زكاة المال المدخر لجهاز البنت

- ‌دفع زكاة الأموال لبناء وعمارة المساجد

- ‌الزكاة وعقود التأمين على الحياة

- ‌الضريبة والزكاة

- ‌زكاة المال

- ‌زكاة مال المجنون

- ‌اعطاء الأرض الزراعية للأخ للانتفاع بها

- ‌بيان بنك ناصر فى الزكاة ورأى دار الافتاء فيه

- ‌ضمان الحج عن الغير

- ‌هل يؤجل الحج لخوف الطريق

- ‌الحج عن الغير بأمره

- ‌حج المرأة

- ‌الحج بطريق القرعة

- ‌الحج أفضل من التبرع للمجاهدين بنفقته

- ‌حكم اقامة الأنثى بدون محرم

- ‌عدم جواز منع الصغار من السفر مع أمهاتهم للحج

- ‌حاجات الأولاد مقدمة على حج التطوع

- ‌الحج بمال مسروق أو موهوب أو مقترض

- ‌انابة القادر على الحج بنفسه غيره فى الحج عنه

- ‌حج بمال مقترض بفائدة

- ‌الحج عن الغير

- ‌تعجيل الحج الفرض

- ‌الاحرام بالحج مع لبس المخيط

- ‌التبرع بنفقات الحج لتجهيز المحاربين

- ‌جواز الحج بالأعضاء التعويضية

- ‌الحج بمال فيه شبهة

- ‌أعمال الحج والعمرة

- ‌فائدة أموال جماعة الحج فى البنك

- ‌تأجيل الهدى غير جائز

- ‌مكانة الحج فى الإسلام

- ‌حج وزكاة دين

- ‌الاستطاعة الصحية والحج عن الغير

- ‌حج المرأة وهى فى عدة الوفاة

- ‌مفاجأة الحيض للمرأة أثناء الحج

- ‌التصرف فى الأضحية

- ‌مكان وزمان ذبح الهدى فى الحج

- ‌الحج فى الملابس العادية لعذر

- ‌مجاوزة الميقات دون احرام ورمى الجمرات

- ‌طواف الافاضة والمبيت بمنى

- ‌لبس المخيط فى الحج لعذر

- ‌حج ووصية اختيارية

- ‌مخالفة التوقيت الشرعى المحدد لرمى الجمار

- ‌ترك طواف الوداع فى الحج

- ‌التوكيل فى شراء الهدى وذبحه

- ‌العمرة أفضل أم التصدق على الفقراء

- ‌تغطية الرأس للمحرم بالحج أو بالعمرة

- ‌حج من لم يؤد طواف الوداع وطواف الافاضة

- ‌نزول الدم على المرأة أثناء طواف الافاضة

- ‌حكم الأضحية

- ‌ذبح الماشية فى البيوت والمقابر

- ‌حكم التصدق بثمن الأضحية

- ‌حكم أكل اللحوم والطيور والدواجن المستوردة

- ‌ما ذبح على الشريعة اليهودية

- ‌ذبائح اليهود والنصارى

- ‌اللحوم المستوردة من الخارج

- ‌الذبح بالكهرباء

- ‌ذبيحة أهل الكتاب

- ‌عدول عن الخطبة

- ‌فساد عقد زواج

- ‌عدم تعرض بزوجية

- ‌فساد عقد زواج

- ‌نكاح الفضولى موقوف

- ‌زواج ذمية بمسلم

- ‌نكاح بشرط التفويض فى الطلاق

- ‌نكاح فاسد

- ‌تزويج الأب الماجن بنته الصغيرة

- ‌زواج المرأة نفسها من غير كفء

- ‌ليس للموصى الاعتراض على التزويج بالوكالة بمهر المثل

- ‌يثبت الخيار عند البلوغ لمن زوجها العاصب وهى قاصر

- ‌زواج

- ‌زواج المراهق وطلاقه

- ‌زواج العنين

- ‌عدم نفاذ عقد الزواج

- ‌زواج المسلمة بغير المسلم

- ‌نكاح بوكيل

- ‌معنى الجهاز

- ‌ادعاء زوجية بمتوفاة

- ‌زواج البكر البالغ نفسها من كفء

- ‌مجرد العقد الفاسد لا يثبت حرمة

- ‌زواج الذميين

- ‌زواج المسلم من كتابية

- ‌زواج المحجور عليه للغفلة بنفسه صحيح

- ‌زواج المسيحية بعد أسلامها بمسلم

- ‌زواج المسلم من مسيحية وطلاقه لها

- ‌زواج غير صحيح شرعا

- ‌زواج الرجل من بنت بنته رضاعا غير جائز

- ‌زواج المسيحى بمسلمة وآثاره

- ‌نكاح الحامل من الزنا

- ‌زواج من ادعى بلوغه بالعلامات بنفسه

- ‌زواج الرجل من أخت زوجته المتوفاة

- ‌زواج باطل

- ‌الزواج العرفى الصحيح تترتب عليه جميع الآثار

- ‌نكاح الدرزى من مسلمة باطل شرعا

- ‌الزواج الصحيح يحرم الزوجة على فروع زوجها مطلقا

- ‌الزواج يثبت بالاقرار

- ‌زواج المعتوه بولى جائز

- ‌الدخول بالأمهات يحرم البنات

- ‌زواج المسلم من مسيحية بالكنيسة ارتداد عن الإسلام

- ‌انكار الزواج لا يكون فسخا بل جحودا

- ‌الزواج باسم الغائبة لا ينعقد

- ‌من باشرت عقدها وتسمت فيه باسم آخر

- ‌حكم الزواج ببنت المزنى بها

- ‌زواج الرجل من أخت زوجته

- ‌تحريم الجمع

- ‌نكاح غير جائز

- ‌زواج فاسد من تاريخ صدوره

- ‌زواج الرجل من أم زوجة أبيه جائز

- ‌زواج الرجل بأخت زوجته المتوفاة

- ‌يحل الجمع بين الزوجة وامرأة أبيها

- ‌زواج المحجور عليه للعته بغبن فاحش غير صحيح

- ‌سن الزواج بالهجرى

- ‌اسلام الزوج بعد اسلام زوجته

- ‌زواج المحلل غير صحيح

- ‌زواج السفيه صحيح بشرط

- ‌نكاح الشغار

- ‌زواج من اعتنق الإسلام بالمسلمة ابتداء

- ‌نكاح الكتابية على المسلمة

- ‌حكم تعدد الزوجات والبغاء

- ‌زواج الرجل بزوجة الغير مع علمه به

- ‌زواج من اعتنقت الإسلام بمسيحى

- ‌الزواج بلفظ الهبة جائز

- ‌جهاز الزوجة

- ‌أعيان جهاز بعضها بالدين أعقبه وفاة الزوجة

- ‌المخاصمة فى الجهاز

- ‌الاختلاف على الأثاث الذى اشتراه الزوج لمنزل الزوجية

- ‌دوطة

- ‌حلول المهر بموت الكفيل

- ‌مؤخر صداق

- ‌تقادم المهر

- ‌حكم الدوطة

- ‌زواج الكاثوليكى باطل إذا لم يتم على يد رجل الدين

- ‌السن القانونى ليس شرطا فى صحة عقد الزواج

- ‌زواج عرفى مع اختلاف الدين والجنسية

- ‌القواعد المعمول بها فى مصر بشأن أبرام عقود الزواج

- ‌زواج الرجل بمن زنى بها ابنه

- ‌تحديد الصداق وقبض جزء منه قبل عقد الزواج ليس شرطا

- ‌انعقاد الزواج بعبارة المرأة أصيلة أو وكيلة

- ‌عقد الزواج الثانى على الزوجة قبل طلاقها باطل

- ‌غياب الزوج عن زوجته وأثره

- ‌المهر والشبكة

- ‌الخلوة الصحيحة ترتب آثارها الشرعية

- ‌نكاح المحارم باطل ولا يثبت نسبا للأب

- ‌عجز الزوج عن المعاشرة الجنسية

- ‌هل من حق الزوج اجبار زوجته على الحجاب

- ‌وفاة الخاطب قبل العقد وبعد تقديم الشبكة

- ‌زواج المسلم بغير المسلمة وببنت المزنى بها

- ‌زوجة الأب محرمة على ابنه تأبيدا

- ‌درجة القرابة بين ابن الزوج وزوجة أبيه

- ‌استقلال الزوجة بذمتها المالية عن زوجها شرعا

- ‌صرع الزوجة وأثره

- ‌وفاة الخاطب بعد دفع المهر واعداد الجهاز

- ‌زواج فاسد بعد حكم باطل بالطلاق

- ‌زواج البهائى من المسلمة باطل

- ‌زواج المعتوهة

- ‌زواج المجنون بنفسه باطل

- ‌أثر العنة فى عقد الزواج

- ‌اشتراط الزوجة حق الدراسة والعمل

- ‌صداق المرأة والجهاز

- ‌ادعاء الرضاع

- ‌زواج غير صحيح شرعا

- ‌اثبات الرضاع

- ‌مصاريف علاج الزوجة والأولاد

- ‌زواج غير صحيح

- ‌زواج البالغة دون أذن وليها

- ‌زواج صحيح

- ‌السن المقررة فى الزواج

- ‌اسلام زوجة المسيحى

- ‌عقد زواج عرفى فاسد

- ‌قيمة دين مؤخر الصداق عند وفاة الزوج

- ‌إسلام زوجة اليهودى

- ‌عدة المطلقة النفساء

- ‌زواج بنية التحليل

- ‌مسيحى يدعى الإسلام ثم يتزوج بمسلمة

- ‌عزل الرجل عن زوجته خشية الانجاب

- ‌زواج موقوف

- ‌زوجة المفقود

- ‌زواج المسلمة من مسيحى

- ‌زواج المعتوه

- ‌اكتشاف الزوج عيبا فى زوجته بعد الدخول بها

- ‌ازالة البكارة بالأصبع خطأ

- ‌تصرف الزوجة فى مال زوجها

- ‌ازالة البكارة بالأصبع خطأ

- ‌تصرف الزوجة فى مال زوجها

- ‌ذمة الزوجة المالية

- ‌حكم الزواج بالهبة

- ‌زواج محرم

- ‌العقد على الحامل من زواج صحيح أو من زنا

- ‌تعجيل المهر وتأجيله

- ‌الجمع بين المرأة وعمة والدها

- ‌زواج الرجل ممن زنت بأخيه

- ‌زواج غير صحيح

- ‌زواج صحيح

- ‌زواج أخت الأخ نسبا

- ‌عقد الزواج وحل المرأة به

- ‌زواج البكر

- ‌الكفاءة فى الزواج

- ‌عقد زواج فاسد

- ‌زواج غير صحيح

- ‌مجرد الهبة لا ينعقد بها زواج

- ‌يحرم الجمع بين المرأة وأخت جدتها

- ‌الكفالة فى أمور الزوجية يندرج تحتها المهر

- ‌زواج المسلمة بذمى باطل

- ‌زواج المرتدة مع العلم بردتها أو بدونه

- ‌زواج أخت الابن رضاعا

- ‌الزواج فى أى شهر من شهور السنة صحيح

- ‌زواج صحيح غير لازم

- ‌زواج غير جائز شرعا

- ‌مصادقة على زوجية غير معتبرة شرعا

- ‌اسم الشهره وعقد الزواج

- ‌شبكة

- ‌الزواج بأخت المطلقة فى عدتها غير صحيح

- ‌الجمع بين الأختين غير صحيح

- ‌الحمل مع بقاء غشاء البكارة جائز

- ‌صحة العقد لا تتوقف على صلاحية المرأة للوطء

- ‌الزواج بمن تؤمن بالله وتنكر الأديان وتأقيت الزواج

- ‌زواج زوجة الجد لأم

- ‌الزواج العرفى شرعا وقانونا

- ‌الشبكة من المهر عرفا

- ‌زواج الرجل ببنت زوجته المدخول بها غير صحيح

- ‌زواج غير صحيح

- ‌الزواج العرفى بغير شهود

- ‌فسخ الخطبة

- ‌زواج غير صحيح

- ‌أسباب منع زواج المحرمات لا استثناء فيه

- ‌زواج غير صحيح

- ‌زواج باطل

- ‌الجمع بين المرأة وزوجة ابنها

- ‌عقد الزواج فى الشريعة الإسلامية

- ‌الجمع بين الزوجة وزوجة جدها

- ‌زواج فاسد

- ‌زواج غير صحيح

- ‌تزويج الوصى الصغيرة

- ‌زواج صحيح

- ‌زواج الأخت فى عدة أختها

- ‌خطبة وشبكة

- ‌زواج باطل

- ‌حكم الشبكة

- ‌حكم زواج الرجل بزوجة ابنه

- ‌زواج بقصد التحليل

- ‌حكم المهر والشبكة فى الطلاق قبل الدخول والخلوة

- ‌وصف المخطوبة بأنها زوجة غير معتبر شرعا

- ‌نقل الخمر وأكل الطعام المصنوع بالنبيذ والزواج بالكنيسة

- ‌زواج غير صحيح

- ‌دعوى عدم وقوع طلاق

- ‌طلاق

- ‌طلاق

- ‌إثبات طلاق

- ‌طلاق الناسى والساهى

- ‌تفويض الزوجة فى الطلاق

- ‌طلاق على الإبراء

- ‌طلاق معلق

- ‌طلاق معلق

- ‌طلاق معلق

- ‌طلاق معلق

- ‌طلاق المحجور عليه للجنون

- ‌طلاق على الابراء

- ‌طلاق معلق على شرط

- ‌طلاق الصبى المراهق

- ‌الحكم بمنع المعاشرة مؤقتا

- ‌الجنون ليس سببا من أسباب التطليق

- ‌وقوع الطلاق على الإبراء من الإنكار

- ‌طلاق غير المسلم بغير العربية واقع

- ‌طلاق الذميين

- ‌طلاق على مال

- ‌طلاق معلق على شرط هو يمين بالطلاق

- ‌الاتفاق على استدامة الطلاق رغم الرجعة منه غير صحيح شرعا

- ‌طلاق

- ‌طلاق غير واقع

- ‌يمين بالطلاق

- ‌طلاق المدهوش

- ‌طلاق غير واقع

- ‌طلاق واقع

- ‌نطق المغنى بالطلاق

- ‌تفويض الطلاق إلى الزوجة

- ‌الطلاق بإذا يكون للفورية

- ‌طلاق معلق

- ‌اقرار بالطلاق فى حجة وقف

- ‌طلاق معلق

- ‌طلاق زوجة المجنون وميراثها

- ‌تفويض الطلاق بلفظ العموم

- ‌اقرار بالطلاق فى ورقة عرفية

- ‌الطلاق المتعدد لفظا

- ‌بعد الطلاق لا ينظر فى صحة عقد الزواج أو فساده

- ‌طلاق من سكر بمحرم شرعا

- ‌طلاق الغضبان

- ‌الرجوع فى الاقرار بالطلاق غير معتبر قضاء

- ‌طلاق الذمى

- ‌ادعاء الكذب فى الاقرار بالطلاق

- ‌هبة النفس لمن طلقها ثلاثا

- ‌الاقرار بالطلاق فى ورقة عرفية

- ‌طلاق معلق بلفظ كلما تزوجتك طلقت منى

- ‌اثبات المأذون أن الطلاق ثالث وأنكار المطلق ذلك

- ‌تفويض الزوجة فى الطلاق

- ‌طلاق متعدد لفظا

- ‌طلاق معلق واقع

- ‌الطلاق البائن وآثاره

- ‌طلاق بالكتابة

- ‌صك بطلاق

- ‌صيرورة الطلاق الرجعى بائنا

- ‌تحول الطلاق الرجعى إلى بائن

- ‌الحكم بالطلاق بعد الوفاة

- ‌المعاشرة فى الطلاق الرجعى وبعد انتهاء العدة

- ‌فتوى القاضى ليست حكما

- ‌طلاق غير واقع

- ‌التقليد بعد العمل غير جائز شرعا

- ‌طلاق المحجور عليه للجنون

- ‌طلاق الحامل يوم وضع حملها

- ‌طلاق واقع

- ‌طلاق واقع

- ‌وقوع الطلاق فور التزوج

- ‌طلاق زوجة المعتوه

- ‌طلاق مانع من الارث

- ‌عبارة لا يقع بها الطلاق

- ‌طلاق من بيدها العصمة

- ‌الاقرار بالطلاق مسندا إلى زمن ماض

- ‌طلاق غير واقع لعدم المحل

- ‌عدم وجود خصيتين للرجل لا يجيز طلب الطلاق

- ‌طلاق مقترن بعدد لفظا

- ‌اقرار بطلاق مسند إلى زمن ماضى ودعوى النسب

- ‌الطلاق على مال بورقة عرفية

- ‌الطلاق قبل العقد

- ‌الطلاق فى الشريعة الإسلامية

- ‌الطلاق وما ينتج عنه وحالات المطلق أثناء وقوعه

- ‌طلاق مؤقت

- ‌تطليق المفوضة نفسها على الابراء

- ‌طلاق بالكناية

- ‌صيغة لاغية

- ‌حكم الإسلام فى طلاق المسيحيات وحضانتهن

- ‌طلاق مقترن بعدد

الفصل: ‌ ‌الإفتاء   ‌ ‌المفتي جاد الحق على جاد الحق   ‌ ‌الجواب المعنى اللغوى: فى لسان

‌الإفتاء

‌المفتي

جاد الحق على جاد الحق

‌الجواب

المعنى اللغوى: فى لسان العرب أفتاه فى الأمر أبانه له وأفتى الرجل فى المسألة واستفتيته فيها فأفتانى افتاء وأفتى المفتى إذا أحدث حكما وقوله تعالى {يستفتونك قل الله يفتيكم} النساء 176، أى يسألونك سؤال تعلم.

والفتيا بالياء وضم الفاء والفتوى بالواو وضم الفاء والفتوى بالواو وفتح الفاء ما أفتى به الفقيه.

وفى المصباح المنير والفتوى بالواو، بفتح الفاء، وبالياء فتضم، اسم من أفتى العالم إذا بين الحكم، واستفتيه سألته أن يفتى، ويقال أصله من الفتى وهو الشاب القوى، والجمع الفتاوى بكسر الواو على الأصل، وقيل يجوز الفتح للتخفيف.

ومن قبيل هذا قول الله تعالى {ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن} النساء 127، وقوله {أفتونى فى رؤياى} يوسف 43، وقوله سبحانه {فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا} الصافات 11، وفى الحديث الشريف (إن أربعة تفاتوا إليه عليه السلام أى طلبوا منه الفتوى.

ومن هذا جاء الحديث الشريف أيضا (الإثم ما حاك فى صدرك وإن أفتاك الناس وأفتوك) أى وإن جعلوا لك فيه رخصة وأجازوه، وقد جاء هذا فى صحيح مسلم بلفظ (والإثم ما حاك فى نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس) .

وفى مسند أحمد بلفظ (والإثم ما حاك فى القلب وتردد فى الصدر وإن أفتاك الناس أفتوك) .

معنى الإفتاء شرعا يؤخذ مما قال به علماء الفقه وأصوله أن الإفتاء بيان حكم الله تعالى بمقتضى الأدلة الشرعية على جهة العموم والشمول.

وفى كتاب الموافقات للشاطبى (ج 4 ص 244 وما بعدها فى فتوى المجتهد بتصرف) المفتى قائم فى الأمة مقام النبى صلى الله عليه وسلم لأن العلماء ورثة الأنبياء كما يدل عليه الحديث الشريف (إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم)(فى الترغيب والترهيب للمنذرى بروايته وزيادات أخرى) .

ولأن المفتى نائب فى تبليغ الأحكام ففى الأحاديث الشريفة (ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب)(البخارى فى خطبته صلى الله عليه وسلم بمنى) و (بلغوا عنى ولو آية)(المرجع السابق فيما يذكر عن بنى اسرائيل ورواه أيضا أحمد والترمذى) و (تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم) (رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن ابن عباس وهو حديث صحيح (وإذا كان كذلك فهو معنى كونه قائما مقام النبى.

مكانة الإفتاء جاء فى المجموع للإمام النووى شرح المهذب للشيرازى اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر كبير الموقع كثير الفضل، لأن المفتى وارث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وقائم بفرض الكفاية لكنه معرض للخطأ (ص 40 طبع ادارة الطباعة المنيرية 1344 هجرية) ولهذا قالوا المفتى موقع عن الله تعالى.

وفى الدر المختار للحصكفى وحاشيته رد المختار لابن عابدين الفاسق (ج 4 ص 418 فى كتاب القضاء) لا يصلح مفتيا لأن الفتوى من أمور الدين والفاسق لا يقبل قوله فى الديانات، ابن ملك، زاد العينى واختاره كثير من المتأخرين وجزم به صاحب المجمع فى متنه وهو قول الأئمة الثلاثة أيضا وظاهر ما فى التحرر أنه لا يحل استفتاؤه إتفاقا.

وفى كتاب الفروق للقرافى قال مالك لا ينبغى للعالم أن يفتى حتى يراه الناس أهلا للفتوى ويرى هو نفسه أهلا لذلك (ج 2 ص 110 مع هامشه تهذيب الفروق بتصرف) ، يريد ظهور أهليته عند العلماء وثبوتها.

وهذه المعانى مرددة فى عامة كتب فقهاء المذاهب تحرجا من التسرع فى الفتوى وفى هذا قال ابن القيم فى أعلام الموقعين كان السلف من الصحابة والتابعين يكر هو التسرع فى الفتوى ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره، فإذا رأى أنها قد تعينت عليه بذل اجتهاده فى معرفة حكمها من الكتاب والسنة أو قول الخلفاء الراشدين ثم أفتى (ج 1 ص 27 طبع إدارة الطباعة المنيرية وانظر كشاف القناع على فن الاقناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 240 وما بعدها فى أحكام تتعلق بالفتيا) .

حكم الإفتاء تكاد نصوص (المجموع للنووى ج 1 ص 27، ص 45 والبحر الرائق لابن نجيم الحنفى ج 6 ص 290 والفروق للقرانى ج 4 ص 89، ومنتهى الارادات للبهوتى الحنبلى ج 4 ص 257 بهامش كشاف القناع) الفقهاء تتفق على أن تعليم الطالبين وإفتاء المستفتين فرض كفاية، فإن لم يكن وقت حدوث الواقعة المسئول عنها إلا واحد، تعين عليه، فإذا استفتى وليس فى الناحية غيره تعين عليه الجواب، فإن كان فيها غيره وحضر فالجواب فى حقهما فرض كفاية، وإن لم يحضر غيره وجهان أصحهما لا يتعين والثانى يتعين.

أول من قام بالإفتاء كان هذا مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يفتى بوحى من الله سبحانه، كما تشير إليه آيات القرآن الكريم، وقد كانت الفتوى ينزل بها القرآن أو يخبر بها صلوات الله عليه وسلامه بجوامع كلمه مشتملة على فصل الخطاب، وهذه الأخيرة من السنة الشريفة فى المرتبة الثانية من كتاب الله تعالى، ما لم تنقل متواترة ليس لأحد من المسلمين العدول عن العمل بها أو القعود عن اتباعها، بل على كل مسلم الأخذ بها متى صحت امتثالا لقوله تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الحشر 7، وقوله {فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} النساء 59، ومن بعده صلى الله عليه وسلم قام بالفتوى الفقهاء من الصحابة والتابعين، وقد أورد ابن حزم (الأحكام فى أصول الأحكام ج 5 ص 89 وما بعدها فى الباب الثامن والعشرين) رحمه الله تعالى، أسماء عدد كثير من الصحابة والتابعين الذين تصدوا للإفتاء، منسوبين إلى البلاد التى أفتوا فيها.

وأفاض فى تعداد المفتين من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين العلامة ابن القيم فى كتابه أعلام (ج 1 ص 8 إلى 31 الطبعة السابقة) الموقعين مبينا أصول فتاوى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى مقارنة بما لدى الأئمة الآخرين من أصول فى هذا الموضع.

من يتصدى للإفتاء فى الإسلام إن أمر الدين خطير وعظيم، من أجل هذا حرمي الله القول فيه بغير علم، بل وجعله فى المرتبة العليا من التحريم، ذلك - والله أعلم - قوله سبحانه {قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} الأعراف 33، وذلك أيضا - والله أعلم - قوله تعالى {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} النحل 116، ففى الآية الأولى رتب الله الحكيم فى تشريعه المحرمات بادئا بأخفها الفواحش ثم مبينا ما هو أشد الإثم والظلم - ثم بكبيرها {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} وهذا عام فى القول فى ذات الله وصفاته ودينه وتشريعه.

وفى الآية الأخرى أبان الله سبحانه أنه لا يجوز للمسلم أن يقول أن هذا حرام وهذا حلال، إلا إذا علم أن الله سبحانه وتعالى حرمه أو أحله.

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح أميره (بريدة) أن ينزل عدوه إذا حاصرهم على حكم الله وقال (فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك) وفى سنن أبى داود من حديث مسلم بن يسار قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال على ما لم أقل فليتبوأ بيتا فى جهنم ومن أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه ومن أشار على أخيه بأمر يعلم الرشد فى غيره فقد خانه) ومن هذا نعلم خطر الفتوى بدون علم، لأن الفتوى تعتبر شريعة عامة تشيع بين الناس فتعم المستفتى وغيره، فوجب الإلتزام بالإفتاء بنصوص الشريعة والتوقف إذا عز البيان.

ولقد كان من ورع الأئمة المجتهدين إطلاق لفظ الكراهة على ما يرونه محرما تحرزا من القول بالتحريم الظاهر فى أمر لم يقطع به نص شرعى وخروجا من مظنة الدخول فى نطاق قول الله سبحانه {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون} يونس 59، الحلال ما أحله الله ورسله، والحرام ما حرمه الله ورسوله (من اعلام الموقعين لابن القيم ج 1 ص 31 36 بتصرف (ومن ثم كان حتما أن تتوافر فيمن يتصدى للافتاء الأهلية التامة، وقد اختلفت كلمة فقهاء المذاهب فى مدى الأهلية للافتاء ففى الفقه الحنفى أنه لا يفتى إلا المجتهد (البحر الرائق لابن نجيم المصرى شرح كنز الدقائق ج 6 ص 289 وما بعدها) ، فقد استقر رأى الأصوليين على أن المفتى هو المجتهد فأما غير المجتهد ممن حفظ أو يحفظ أقوال المجتهدين فالواجب عليه إذا سئل أن ينسب القول الذى يفتى به لقائله على جهة الحكاية عنه، وطريق نقل أقوال المجتهدين أحد أمرين.

الأول أن ينقله من أحد الكتب المعروفة المتداولة نحو كتب محمد بن الحسن وأمثالها من التصانيف المشهورة، لأنه وقتئذ بمنزلة الخبر المتواتر والمشهور.

الثانى أن يكون له سند فيه بأن تلقاه رواية عن شيوخه.

وفى الفقه المالكى: قال ابن رشد فى صفة المفتى إن الجماعة التى تنسب إلى العلوم وتتميز عن جملة العوام بالحفظ والفهم ثلاث طوائف (مواهب الجليل مع التاج والاكليل كلاهما شرح مختصر سيدى خليل ج 6 ص 94، 95) .

الأولى طائفة تبعت مذهب مالك تقليدا بغير دليل، فحفظت مجرد أقواله وأقوال أصحابه فى مسائل الفقه دون التفقه فيها للتعرف على صحيحها والبعد عن سقيمها.

الثانية طائفة تبعت المذهب لما بان لها من صحة الأصول التى انبنى عليها وحفظ أقوال إمامه وأقوال أصحابه فى مسائل الفقه وفقهت معانيها وعلمت صحيحها وسقيمها ولكنها لم تبلغ درجة معرفة قياس الفروع على الأصول.

الثالثة طائفة تبعت المذهب لما انكشف لها صحة اصوله لكونها عالمة بأحكام القرآن والسنة عارفة بالناسخ والمنسوخ والمفصل والمجمل والعام والخاص والمطلق والمقيد، جامعة لأقوال العلماء من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، حافظة لما كان موضع وفاق وما جرى فيه الخلاف.

ولا تجوز الفتوى للطائفة الأولى وإن كان لها العمل بما علمت، وللطائفة الثانية أن تفتى بما علمته صحيحا من قول إمام المذهب وغيره من فقهائه، أما الطائفة الثالثة فهى الأهل للفتوى عموما.

وفى الفقه الشافعى أن المفتين قسمان مستقل وغير مستقل (المجموع للنووى شرح المذهب للشيرازى ج 1 ص 42 وما بعدها) .

القسم الأول المفتى المستقل، وشرطه معرفة أدلة الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وما يشترط فى هذه الأدلة ووجوه دلالتها واستنباط الأحكام منها على ما هو مفصل فى علم أصول الفقه، واشتراط حفظ مسائل الفقه إنما هو فى المفتى الذى يتأدى به فرض الكفاية ولا يشترط هذا فى المستقل المجتهد.

القسم الثانى المفتى غير المستقل، وهو المنتسب لأحد المذاهب تكون فتواه نقلا لقول إمام المذهب أو أحد أصحابه المجتهدين، ويتأدى به فرض الكفاية، وله أن يفتى بما لا نص فيه لإمامه تخريجا على أصوله إذا توافرت فيه شروط التخريج، وجملتها علمه بفقه المذهب واصوله وأدلته تفصيلا ووجوه القياس، أما من يحفظ مسائل فقه المذهب دون بصر بالأدلة والأقيسة، فهذا لا تجوز له الفتوى إلا بما يجده منقولا عن إمام وتفريعات المجتهدين فى المذهب، وما لا يوجد منقولا ويتدرج تحت قاعدة عامة من قواعد المذهب، أو يلتحق بفرع من فروعه ظاهر المأخذ جازت له الفتوى وإلا أمسك عنها.

وفى فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل (روضة الناظر وأصول الفقه لابن قدامة المقدى ج 2 ص 441) أن المجتهد الظان بالحكم لا يقلد غيره، وأن العامى المحض يقلد غيره وأن من توافرت لديه أهلية الاجتهاد ولكنه لم يجتهد مختلف فيه، والأظهر أنه لا يقلد، ويلحق به من اجتهد بالفعل ولم يظن الحكم، لتعارض الأدلة أو غيره، أما المتمكن فى بعض الأحكام دون البعض فالأشبه أنه يقلد لأنه عامى من وجه ويحتمل أن لا يقلد لأنه مجتهد من وجه.

وفى أعلام الموقعين لابن القيم (ج 1 ص 8 وما بعدها) ولما كان التبليغ عن الله سبحانه يعتمد العلم بما يبلغ والصدق فيه لم تصلح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدق، فيكون عالما بما يبلغ صادقا فيه ويكون مع ذلك حسن الطريقة مرضى السيرة عدلا فى أقواله وأعماله متشابه السر والعلانية فى مدخله ومخرجه وأحواله وأن يعلم قدر المقام الذى أقيم فيه، ولا يكون فى صدره حرج من قول الحق والصدع به فإن الله ناصره وهاديه.

آداب المفتى فى الفقه الحنفى (الفتاوى الهندية ج 3 ص 309، 310 والبحر الرائق لابن نجيم ج 6 ص 291، 292) أن الإفتاء فيما لم يقع غير واجب وأنه يحرم التساهل فى الفتوى واتباع الميل ولا ينبغى الإفتاء إلا لمن عرف أقاويل العلماء وعرف من أين قالوا فإن كان فى المسألة خلاف لا يختار قولا يجيب به حتى يعرف حجته، والفتوى جائزة من كل مسلم بالغ عاقل حافظ للروايات واقف على الدرايات محافظ على الطاعات مجانب للشهوات والشبهات سواء كان من توافر فيه كل هذا رجلا أو امرأة، شيخا أو شابا.

وقد أفصح فقهاء المالكية (التاج والاكليل للحطاب مع مواهب الجليل ج 6 ص 91 وما بعدها) والشافعية (المجموع للنووى شرح المهذب ج 1 ص 45 وما بعدها) والحنابلة (كشاف القناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 242 وما بعدها) عن آداب المفتى بما يقرب من هذه المعانى.

ولقد أفاض ابن القيم (أعلام الموقعين ج 4 ص 136 وما بعدها) فى بيان آداب الفتوى فأورد فوائد جمة للمفتى والمستفتى يحسن بكل من يتصدى للإفتاء فى دين الله وشرعه أن يحصلها.

وقد روى عن الإمام أحمد بن حنبل (كشاف القناع سالف الذكر ص 240) قوله لا ينبغى أن يجيب المفتى فى كل ما يستفتى فيه، ولا ينبغى للرجل أن يعرض نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال.

احداها أن يكون له نية أى أن يخلص فى ذلك لله تعالى ولا يقصد رياسة أو نحوها.

والثانية أن يكون على علم وحلم ووقار وسكينة وإلا لم يتمكن من بيان الأحكام الشرعية.

الثالثة أن يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته.

الرابعة الكفاية وإلا أبغضه الناس، فإنه إذا لم يكن له كفاية احتاج إلى الناس وإلى الأخذ مما فى أيديهم فيتضررون منه.

الخامسة معرفة الناس، أى أنه يجب عليه أن يعرف نفسية المستفتى وأن يكون ذا بصيرة نافذة يدرك بها أثر فتواه وانتشارها بين الناس.

ولقد أبرز الإمام الشاطبى (الموافقات ج 4 ص 258 وما بعدها طبع المكتبة التجارية تحقيق المرحوم الشيخ عبد الله دراز) ما ينبغى أن يكون عليه المفتى باعتباره هاديا ومرشدا وأن فتواه مدار لإصلاح الناس فقال المفتى البالغ ذروة الدرجة هو الذى يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور، فلا يذهب بهم مذهب الشدة ولا يميل بهم إلى طرق الانحلال.

والدليل على صحة هذا أنه الصراط المستقيم الذى جاءت به الشريعة لأن مقصد الشارع من المكلف الحمل على التوسط من غير إفراط ولا تفريط ثم أورد الأدلة على هذا المذهب من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأضاف أن الميل إلى الرخص فى الفتوى بإطلاق يكون مضادا للمشى على التوسط كما أن الميل إلى التشديد مضاد له أيضا.

ومن ثم كان على المفتى أن يعالج حال الناس بالرخص التى سهل الله بها لعباده كإباحة المحظورات عند الضرورات، فإذا أدت العزيمة إلى الضيق كانت الرخصة أحب إلى الله من العزيمة {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} البقرة 185، {وما جعل عليكم فى الدين من حرج} الحج 78، والذى يحذره المفتى أن يتحرى الفتوى بالقول الذى يوافق هوى المستفتى، لأن اتباع الهوى ليس من المشقات التى يترخص بسببها، والخلاف بين المجتهدين رحمة، والشريعة حمل على الوسط لا على مطلق التخفيف ولا على مطلق التشديد، ثم قال الشاطبى إذا ثبت أن الحمل على التوسط هو الموافق لقصد الشارع وهو الذى كان عليه السلف الصالح، فلينظر المقلد أى مذهب كان أجرى على هذا الطريق، فهو أخلق بالاتباع وأولى بالاعتبار، وإن كانت المذاهب كلها طرقا إلى الله ولكن الترجيح فيها لابد منه لأنه أبعد من اتباع الهوى.

هذا فإذا كان المفتى لم تتوافر لديه أدوات الاجتهاد وشروطه فهل له أن يتخير من أقوال فقهاء المذاهب ما يكون أيسر للناس لا نزاع فى أن المفتى إذا استطاع أن يميز بين الأدلة ويختار من فقه المذاهب المنقولة نقلا صحيحا على أساس الاستدلال كان له أن يتخير فى فتواه ما يراه مناسبا، ولكن عليه أن يلتزم فى هذا بأربعة قيود (الموافقات للشاطبى ج 4 ص 139 وما بعدها) .

الأول ألا يختار قولا ضعف سنده.

الثانى أن يختار ما فيه صلاح أمور الناس والسير بهم فى الطريق الوسط دون إفراط أو تفريط.

الثالث أن يكون حسن القصد فيما يختار مبتغيا به رضا الله سبحانه متقيا غضبه، وغير مبتغ إرضاء حاكم أو هوى مستفت.

الرابع ألا يفتى بقولين معا على التخيير مخافة أن يحدث قولا ثالثا لم يقل به أحد.

ولا تجوز (كشاف القناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 242) الفتوى فى علم الكلام، بل ينهى عنها ولا يجوز للمفتى أن يفتى فيما يتعلق باللفظ كالطلاق والأيمان والأقارير بما اعتاده هو من فهم تلك الألفاظ أو بمعناها لغة وإنما عليه أن يتعرف عرف أهلها والمتكلمين بها ويحملها على ما اعتادوه وعرفوه، وإن كان الذى اعتادوه مخالفا لحقائق هذه الألفاظ اللغوية، لأن الأيمان وأمثالها مبناها العرف، بمعنى أن ما تعارف عليه الناس من معنى اللفظ مقدم على حقيقته المهجورة.

وحقيق بالمفتى أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون.

اهدنى لما اختلفت فيه من الحق بإذنك إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم) ويقول إذا أشكل عليه شىء يا معلم إبراهيم علمنى.

للخبر الوارد فى ذلك.

آداب المستفتى قال الإمام الشاطبى فى الموافقات (ج 4 ص 262 وراجع فى هذا المعنى أيضا - البحر الرائق لابن نجيم المصرى الحنفى ج 6 ص 290، 291 والحطاب وبهامشة التاج والأكليل فى فقه مالك ج 1 ص 32 وج 6 ص 92 وما بعدها.

والمجموع للنوى شرح المهذب للشيرازى الشافعى ج 1 من ص 54 إلى ص 58 وكشاف القناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 246) إن السائل لا يصح له أن يسأل من لا يعتبر فى الشريعة جوابه لأنه إسناد أمر إلى غير أهله والإجماع على عدم صحة مثل هذا لأن السائل إذا سأل من ليس أهلا لما سئل عنه فكأنما يقول له أخبرنى عما لا تدرى وأنا أسند أمرى لك فيما نحن بالجهل فيه سواء.

ويؤخذ من هذا أن المسلم إذا جهل أمرا من أمور دينه وجب عليه أن يسأل من هو أهل لإفادته وأن يتحرى ذلك كالمريض الذى يبحث عن الطبيب المتخصص فيما ألم به، ونحن نرى فى واقعنا كيف يجهد الإنسان نفسه وغيره من المحيطين به فى السؤال والتقصى عن طبيب اشتهر فى علاج داء من الأدواء الجسدية أو النفسية فأولى تصحيحا لالتزاماتنا الدينية ألا نلجأ فى الاستفتاء فى أمور الدين إلا لأهل الذكر فيها إمتثالا لقول الله تعالى تعليما وتوجيها {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} الأنبياء 7، ويجب على السائل أن يتجه بسؤاله عن المفيد فى أمر التكليف فى دينه يرشدنا إلى هذا قول الله تعالى {يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج} البقرة 189، فالسؤال فى هذه الآية كان مقصودا به بيان حالات الهلال كيف يولد ولم يبد فى أول الشهر دقيقا كالخيط ثم يتسع ويكبر بمضى الأيام حتى يصير بدرا ثم يعود إلى حالته الأولى ولكن الجواب فى الآية كان صارفا للسائلين عن هذا القصد موجها لهم إلى ما ينبغى السؤال عنه وهو ما يتعلق بالهلال من أحكام شرعية ومواقيت وهذا من الأسلوب الحكيم الذى أريد به توجيه السائل إلى ما هو الأليق بحاله فى السؤال بتوجيه الفكر إلى ثمرة من ثمرات طريق سير الهلال فى مجراه بدلا من الدخول فى مناقشات قد لا يفهمها السائل بل ويعسر فهمها على الكثيرين.

ومن هذا القبيل جواب الرسول صلى الله عليه وسلم لسائله عن الساعة أى القيامة بقوله - ماذا أعددت لها إذا صرفه هذا جواب إلى ما ينبغى عمله والاستعداد به.

آداب الفتوى تحدث الفقهاء عن هذه الآداب فى نواحى شتى بدور أكثرها على طريقة تفهم السؤال والإجابة عليه، وحفظ الترتيب والعدل بين المستفتين فلا يميل إلى الأغنياء وذوى النفوذ ويقدم أجوبتهم على الفقراء ولا يجوز الإفتاء بقول مهجور جدا لمنفعة يرجوها، ويلزم المفتى أن يبين الجواب بيانا يزيل الإلتباس، وليكتب بخط واضح بعبارة واضحة صحيحة تفهمها العامة ولا يزدريها الخاصة، وعليه أن يعيد النظر فيما كتب للاستيثاق من صحته وسلامته وعدم إخلاله ببعض المسئول عنه، واستحسن الفقهاء كذلك للمفتى أن يبدأ فتاويه بالدعاء ببعض الأدعية المأثورة طلبا للتوفيق من الله سبحانه وأن يختصر جوابه ويكون بحيث تفهمه العامة، ولا يميل مع المستفتى أو مع خصمه، ولا يفتى فيما تدفع به الدعاوى، وينبغى للمفتى إذا رأى للسائل طريقا يرشده إليه أن ينبهه عليه ما لم يضر غيره ضررا دون حق كمن حلف لا ينفق على زوجته يفتى بأن يعطيها قرضا أو بيعا ثم يبريها وكما حكى أن رجلا قال لأبى حنيفة رحمه الله حلفت أن أطأ امرأتى فى نهار رمضان ولا أكفر ولا أقضى فقال سافر بها.

ولا يسوغ لمفت إذا استفتى أن يتعرض لجواب غيره برد ولا تخطئة ويجيب بما عنده من موافقة أو مخالفة، وليس بمنكر أن يذكر المفتى فى فتواه الحجة إذا كانت نصا واضحا مختصرا لاسيما إذا أفتى فقيها أما إذا أفتى عاميا فلا يذكر الحجة، والأولى أن يبين فى المسائل الخلافية سند ومصدر القول الذى أفتى به (البحر الرائق لابن نجيم المصرى الحنفى ج 6 ص 292 والحطاب والتاج والأكليل فقه مالكى ج 6 ص 295، 296 والمجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى ج 1 ص ق47 - 54 والفقيه والمتفقه للخطيب ج 2 ص 182 إلى 194 وكشاف القناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 34 إلى 246) .

الإفتاء والقضاء المفتى مخبر عن الحكم للمستفتى والقاضى ملزم بالحكم وله حق الحبس والتعزيز عند عدم الامتثال كما أن له إقامة الحدود والقصاص (تاريخ القضاء فى الإسلام للقاضى محمود عرنوس ص 160) وفى الفقه المالكى (تهذيب الفروق بهامش الفروق للقرافى ج 4 ص 89 92) قاعدة الفتوى وقاعدة الحكم وإن كان كل منهما خبرا عن الله تعالى ويجب على السامع اعتقاد ذلك ويلزم المكلف.

إلا أن بينهما فرقا من وجهين.

الأول أن الفتوى محض إخبار عن الله تعالى فى إلزام أو إباحة، أما الحكم فاخبار مآله الإنشاء والألزام، فالمفتى - مع الله تعالى - كالمترجم مع القاضى ينقل عنه ما وجده عنده وما استفاده من النصوص الشرعية بعبارة أو إشارة أو فعل أو تقرير أو ترك، والحاكم (القاضى) - مع الله تعالى - كنائب ينفذ ويمضى ما قضى به - موافقا للقواعد - بين الخصوم.

والوجه الثانى أن كل ما يأتى فيه الحكم تتأتى فيه الفتوى ولا عكس.

ذلك أن العبارات كلها لا يدخلها الحكم (القضاء) ، وإنما تدخلها الفتيا فقط فلا يدخل تحت القضاء الحكم بصحة الصلاة أو بطلانها وكذلك أسباب العبادات كمواقيت الصلاة ودخول شهر رمضان وغير هذا من أسباب الأضاحى والكفارات والنذور والعقيقة لأن القول فى كل ذلك من باب الفتوى وإن حكم فيها القاضى ومن ثم كانت الأحكام الشرعية قسمين.

الأول ما يقبل حكم الحاكم مع الفتوى فيجتمع الحكمان كمسائل المعاملات من البيوع والرهون والإيجارات والوصايا والأوقاف والزواج والطلاق.

الثانى ما لا يقبل إلا الفتوى كالعبادات وأسبابها وشروطها وموانعها.

وتفارق الفتوى القضاء فى أن هذا الأخير إنما يقع فى خصومة يستمع فيها القاضى إلى أقوال المدعى والمدعى عليه ويفحص الأدلة التى تقام من بينة وإقرار وقرائن ويمين، أما الفتوى فليس فيها كل ذلك وإنما هى واقعة يبتغى صاحبها الوقوف على حكمها من واقع مصادر الأحكام الشرعية.

ويختلف المفتى والقاضى عن الفقيه المطلق بأن القضاء والفتوى أخص من العلم بالفقه لأن هذا أمر كلى يصدق على جزئيات أو قواعد متنوعة وبعبارة أخرى فإن عمل المفتى والقاضى تطبيقى وعمل الفقيه تأصيل لقاعدة أو تفريع على أصل مقرر.

هذا ولا تختلف كلمة المذاهب الأخرى عما تقدم فى هذا الموضع (المجموع للنوى شرح المهذب ج 1 ص 41، 42 وكشاف القناع للبهوتى الحنبلى ج 6 ص 240) .

متى تكون الفتوى ملزمة تقدم القول إن الفتوى مجرد بيان حكم الشرع فى الواقعة المسئول عنها وبهذا ليس فيها أولها قوة الإلزام ومع هذا تكون ملزمة للمستفتى فى الوجوه التالية.

الأول التزام المستفتى العمل بالتقوى.

الثانى شروعه فى تنفيذ الحكم الذى كشفته الفتوى.

الثالث إذا اطمأن قلبه إلى صحة الفتوى والوثوق بها لزمته.

الرابع إذا قصر جهده على الوقوف على حكم الواقعة ولم يجد سوى مفت واحد لزمه الأخذ بفتياه، أما إذا وجد مفتيا آخر فإن توافقت فتواهما لزم العمل بها وإن اختلفتا فإن استبان له الحق فى إحداهما لزمه العمل بها وإن لم يستبن له الصواب لوم يتيسر له الاستيثاق بمفت آخر كان عليه أن يعمل بقول المفتى الذى تطمئن إليه نفسه فى دينه وعلمه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك)(تاريخ القضاء فى الإسلام للقاضى محمود عرنوس ص 174 المطبعة المصرية الأهلية الحديثة بالقاهرة سنة 1934 والدر المختار للحصكفى ورد المختار لابن عابدين ج 4 ص 315 فى كتاب القضاء) .

هل للقاضى أن يفتى اختلفت نقول الفقهاء فى هذا الموطن ففى الفقه الحنفى يفتى القاضى ولو فى مجلس القضاء من لم يخاصم إليه هذا هو الصحيح.

قال ابن عابدين وفى الظهيرية ولا بأس للقاضى أن يفتى من لم يخاصم إليه ولا يفتى أحد الخصوم فيما خوصم إليه فيه وفى الخلاصة.

القاضى هل يفتى فيه أقاويل والصحيح لا بأس به فى مجلس القضاء وغيره من الديانات والمعاملات وفى كافى الحاكم أكره للقاضى أن يفتى فى القضاء للخصوم كراهة أن يعلم خصمه قوله فيحترز منه بالباطل وفى معين الحكام لا يفتى القاضى فى مسائل الخصومات لأهل بلده لئلا يحترز الخصم بالباطل وأما إلى غيره فلا بأس.

وفى الفقه الشافعى (المجموع للنووى ج 1 ص 41، 42) نقل الخطيب أن القاضى كغيره فى الفتيا بلا كراهة هذا هو الصحيح المشهور من مذهبنا، وفى تعاليق الشيخ أبى حامد أن له الفتوى فى العبادات ومالا يتعلق بالقضاء أما ما يتعلق بالقضاء فوجهان لأصحابنا.

أحدهما ليس له أن يفتى فى مسائل الأحكام، لأن لكلام الناس عليه مجالا ولأحد الخصمين عليه مقالا.

والثانى للأصحاب أيضا للقاضى أن يفتى فى مسائل الأحكام كغيرها لأنه أهل لها.

وقال ابن المنذر - تكره الفتوى فى مسائل الأحكام الشرعية وقال شريح أنا أقضى ولا أفتى (أعلام الموقعين لابن القيم ج 4 ص 192) .

وفى الفقه الأباضى (كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد يوسف أطفيش ج 6 ص 558) ويكره للقاضى أن يفتى فى الأحكام إذا سئل عنها وإن أفتى فى أمور الدين جازو عن عمر أنه كتب إلى شريح لا تسارر إلا أحد فى مجلسك ولا تبع ولا تتبع ولا تفت فى مسألة من الأحكام ولا تضر ولا تضار وقال العاصمى ومنع الإفتاء للحكام فى كل ما يرجع للخصام.

وأجيز الإفتاء فى مسألة عامة لا فى خصومة معينة.

ولعله وضح من هذا أمر من كرهوا للقاضى الإفتاء فيما تثور فيه الخصومات أمامه أقوى حجة وأولى بالاتباع لأنه يبتعد بالقاضى عن مظان التهم ويضمن حياده بين الخصوم.

ماذا لو رجع المفتى عن فتواه، أو تغير اجتهاده قال ابن القيم إذا أفتى المفتى بشىء ثم رجع عنه فإن على المستفتى برجوعه ولم يكن عمل بالأول فقيل يحرم العمل به، وقيل إنه لا يحرم عليه الأول بمجرد رجوع المفتى، بل يتوقف المستفتى حتى يسأل غير المفتى، فإن أفتاه بما يوافق الأول استمر على العمل به وإن أفتاه برأى آخر ولم يفته أحد بما خالف الخير حرم عليه العمل بالأول، وإن لم يكن فى البلد إلا مفت واحد، سأله عن رجوعه عما أفتاه به، فإن كان رجوعه إلى اختيار قول آخر مع تسويغه الأول لم يحرم عليه، وإن كان رجوعه لخطأ بان له وأن ما افتاه به لم يكن صوابا حرم عليه العمل بالأول إذا كان رجوعه لمخالفة دليل شرعى، أما إذا كان رجوعه لمجرد أنه بان له أن ما أفتى به خلاف مذهبه لم يحرم على المستفتى العمل بالفتوى الأولى، إلا أن تكون المسألة إجماعية، فلو تزوج المستفتى بالفتوى ودخل بالزوجة ثم رجع المفتى لم يحرم عليه إمساك امرأته إلا بدليل شرعى يقتضى تحريمها ولا يجب عليه مفارقتها بمجرد رجوعه ولا سيما إذا كان الرجوع لما تبين له من مخالفة مذهبه وإن وافق مذهب غيره.

وإذا تغير اجتهاد المفتى فهل يلزمه إعلام المستفتى اختلف فى ذلك، فقيل لا يلزمه لأنه عمل أولا بما يسوغ له، فإذا لم يعلم ببطلانه لم يكن آثما فهو فى سعة من استمراره، وقيل بل يلزمه إعلامه، لأن ما رجع عنه قد اعتقد بطلانه وبان له أن ما أفتاه به ليس من الدين فيجب عليه إعلامه، والصواب التفصيل فإن كان المفتى ظهر له الخطأ قطعا لكونه خالف نص الكتاب أو السنة التى لا معارض لها أو خالف إجماع الأمة فعليه إعلام المستفتى، وإن كان إنما ظهر له أنه خالف مجرد مذهبه أو نص إمامه لم يجب عليه إعلام المستفتى (اعلام الموقعين ج 4 ص 195، 196 وا8لمجموع للنووى ج 1 ص 45، 46 ومختصر الطحاوى - فقه حنفى ص 327 وقوانين الأحكام الشرعية لابن جزى المالكى ص 322 طبعة دار العلم بيروت 1974 تحقيق الأستاذ عبد العزيز سيد الأهل) .

ماذا لو أخطأ المفتى فى أعلام الموقعين لابن القيم (ج 4 ص 196 197 الطبعة السابقة) خطأ المفتى كخطأ الحاكم (القاضى) والشاهد وقد اختلفت الرواية فى خطأ الحاكم فى النفس أو الطرف.

فعن الإمام أحمد فى ذلك روايتان - احدهما - أنه فى بيت المال لأنه يكثر منه ذلك الحكم فلو حملته العاقلة لكان ذلك إضرارا عظيما بهم والثانية أنه على عاقلته كما لو كان الخطأ بسبب غير الحاكم، أما خطؤه فى المال فإذا حكم بحق ثم بان كفر الشهود أو فسقهم نقض حكمه، ثم رجع المحكوم عليه ببدل المال على المحكوم له.

وكذلك إذا كان الحكم بقود رجع أولياء المقتول ببدله على المحكوم له وإذا كان الحكم بحق لله بإتلاف مباشر أو بالسراية ففيه ثلاثة أوجه أحدها أن الضمان على المزكين لأن الحكم إنما وجب بتزكيتهم.

والثانى يضمنه الحاكم لأنه لم يثبت، بل فرط فى المبادرة إلى الحكم وترك البحث والاستقصاء.

والثالث أن للمستحق تضمين أيهما شاء وعن أحمد رواية أخرى أنه لا ينقض بفسق الشهود، وعلى هذا إذا استفتى الإمام أو الوالى مفتيا فأفتاه ثم بان له خطؤه فحكم المفتى مع الإمام حكم المزكين مع الحاكم (القاضى) وإن عمل المستفتى بفتواه من غير حاكم ولا إمام فأتلف نفسا أو مالا، فإن كان المفتى أهلا فلا ضمان عليه والضمان على المستفتى وإن لم يكن أهلا فعليه الضمان لقول النبى صلى الله عليه وسلم (من تطبب ولم يعرف منه طب فهو ضامن) وهذا يدل على أنه إذا عرف منه طب وأخطأ لم يضمن، والمفتى أولى بعدم الضمان من الحاكم والإمام.

وفى الفقه الحنفى (الدر المختار وحاشية ابن عابدين رد المحتار ج 4 كتاب القضاء ص 335 360 والأشباه والنظائر لابن نجيم مع حاشية الحموى فى ذات الموضع ص 355 ومجمع الضمانات ص 364 آخر الباب الثلاثين) أن خطأ القاضى تارة يكون فى بيت المال، وهو إذا أخطأ فى حد ترتب عليه تلف نفس أو عضو، وتارة يكون فى مال المقضى له وهذا إذا أخطأ فى قضائه فى الأموال، وتارة يكون هدرا وهو إذا أخطأ فى حد ولم يترتب على ذلك تلف نفس أو عضو كحد الشرب مثلا، وتارة يكون فى مال القاضى وهو ما إذا تعمد الجور.

ولقد نص الفقه المالكى (مواهب الجليل للحطاب وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج 6 ص 202 فى الرجوع عن الشهادة) على أن القاضى لو علم بكذب الشهود فحكم بالجور وأرق الدماء كان حكمه حكم الشهود إذا لم يباشر القتل بنفسه، بل أمر به من تلزمه طاعته، وفى المدونة إن أقر القاضى أنه رجم أو قطع الأيدى أو جلد تعمدا للجور أقيد منه وهو ظاهر فى أن القود يلزم القاضى وإن لم يباشر ومن هذا النص وغيره مما ساقه فقهاء المالكية يتضح أن حكم الشاهد فى الرجوع عن الشهادة يسرى على القاضى والمفتى بالبيان السابق نقله عن ابن القيم.

وقد جرى الفقه (حواشى تحفة المحتاج بشرح المنهاج ج 10 ص 280 وما بعدها) الشافعى فى بيان حكم خطأ القاضى والمفتى والشهود على نحو ما ردده فقهاء المذاهب الثلاثة فيما سبق.

ويخلص مما تقدم أن خطأ المفتى والقاضى يكون ضمانه فى بيت المال إذا ثبت أنهما جدا واجتهدا فى الفحص واستقصاء الوقائع والأدلة ولم يقصرا فى البحث بمقارنة الحجج والبيانات والتعرف على عدالة الشهود واستظهار دلالة الشهادة.

ثم الوصول إلى الحكم الشرعى فى الواقعة.

أما إذا ثبت تقصير المفتى أو القاضى وقعوده عن التقصى فيما هو مطروح أمامه كان ضامنا لما أفسده بفتواه أو قضائه لاسيما إذا كان المفتى غير أهل للفتيا، كما تقدم.

المصادر التى يعتمد عليها المفتى والقاضى غير المجتهد قال الشيخ عز الدين (تاريخ القضاء فى الإسلام للقاضى محمود عرنوس 154، 155) بن عبد السلام وأما الاعتماد على كتب الفقه الصحيحة الموثوق بها فقد اتفق العلماء فى هذا العصر على جواز الاعتماد عليها لأن الثقة قد حصلت فيها، كما تحصل بالرواية، ولذلك فقد اعتمد الناس على الكتب المشهورة فى النحو واللغة والطب وسائر العلوم لحصول الثقة وبعد التدليس، ومن اعتقد أن الناس قد اتفقوا على الخطأ فى ذلك لهو أولى بالخطأ منهم، ولولا جواز ذلك لتعطل كثير من المصالح.

ومثل هذا ذكره القرافى (المرجع السابق فى ذات الموضع) فى كتابه الأحكام فى تمييز الفتيا عن الأحكام وتصرفات القاضى والأمام قال كان الأصل يقتضى ألا تجوز الفتيا إلا بما يرويه العدل عن المجتهد الذى يقلده المفتى حتى يصح ذلك عند المفتى كما تصح الأحاديث عند المجتهد، لأنه نقل فى دين الله فى الموضعين، وعلى هذا كان ينبغى أن يحرم غير ذلك غير أن الناس توسعوا فى هذا العصر، فصاروا يفتون من كتب يطالعونها من غير رواية وهو خطر عظيم فى الدين وخروج عن القواعد، غير أن الكتب المشهورة لأجل شهرتها بعدت بعدا شديدا عن التحريف والتزوير فاعتمد الناس عليها اعتمادا على ظاهر الحال.

ونقل المواق فى التاج والإكليل (التاج والاكليل على هامش مواهب الجليل للحطاب ج 6 ص 88) قول ابن عبد السلام مواد الاجتهاد فى زماننا أيسر منها فى زمن المتقدمين لو أراد الله بنا الهداية.

وقال الكمال (فتح القدير على الهداية ج 5 ص 456، 457 طبعة أولى المطبعة الأميرية 1316 هجرية) بن الهمام الحنفى إن طريق النقل عن المجتهد أحد أمرين إما أن يكون له سند فيه أو يأخذه عن كتاب معروف تداولته الأيدى نحو كتب محمد بن الحسن لأنه بمنزلة الخبر المتواتر أو المشهور وبمثل هذا قال ابن نجيم المصرى الحنفى فى كتابه البحر الرائق شرح كنز الدقائق (ج 6 ص 289 إلى 292) وقد تقدم.

التحقق من الصلاحية للفتوى روى الخطيب (كتابه الفقيه والمتفقه المجلد الثانى ج 7 ص 125 - 154 الطبعة الأولى طبعة دار الافتاء السعودية سنة 1389 هجرية وأعلام الموقعين لابن القيم ج 4 ص 180، 181) أبو بكر الحافظ البغدادى بسنده عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج فى آخر الزمان رجال - وفى رواية - قوم رءوس جهال يفتون الناس فيضلون ويضلون وروى بسنده أيضا عن مالك قال أخبرنى رجل أنه دخل على ربيعة بن عبد الرحمن فوجده يبكى فقال ما يبكيك وارتاع لبكائه، فقال أدخلت عليك مصيبة فقال لا ولكن استفتى من لا علم له وظهر فى الإسلام أمر عظيم ثم عقب الشيخ أبو بكر الحافظ رحمه الله بقوله ينبغى لإمام المسلمين أن يتصفح أحوال المفتين، فمن كان يصلح للفتوى اقره عليها ومن لم يكن من أهلها منعه منها وتقدم إليه بألا يتعرض لها وأوعده بالعقوبة إن لم ينته عنها وقد كان الخلفاء من بنى أمية ينصبون للفتوى بمكة فى أيام الموسم قوما يفتونهم ويأمرون بألا يستفتى غيرهم.

وروى أيضا بسنده (المرجع السابق ص 168) عن محمد بن سماعة قال سمعت أبا يوسف يقول سمعت أبا حنيفة يقول من تكلم فى شىء من العلم وتقلده وهو يظن أن الله لا يسأله عنه كيف أفتيت فى دين الله فقد سهلت عليه نفسه ودينه.

وفى ذات الموضع أيضا قول الإمام أبى حنيفة لولا الفرق من الله تعالى أن يضيع العلم.

ما افتيت أحدا يكون له المهنأ وعلى الوزر.

وقد نقل ابن نجيم الحنفى فى البحر (ج 6 ص 286) الرائق عن شرح الروض أنه ينبغى للإمام أن يسأل أهل العلم المشهورين فى عصره عمن يصلح للفتوى ليمنع من لا يصلح ويتوعده بالعقوبة إذا عاد.

كما نقل البهوتى الحنبلى فى كتابه (ج 6 ص 241) كشاف القناع قول الخطيب البغدادى ويبنغى للإمام أن يتصفح أحوال المفتين فمن صلح للفتيا أقره ومن لا يصلح نهاه ومنعه وحكى ما نقل عن الإمام مالك من أقوال فى هذا الشأن.

ومن هذا الفقه نستبين أن الفتوى خطيرة الأثر.

وقد قيل إن حكم الله ورسوله يظهر على أربعة ألسنة لسان الراوى ولسان المفتى ولسان الحاكم (القاضى) ولسان الشاهد فالراوى يظهر على لسانه حكم الله ورسوله والمفتى يظهر على لسانه معناه وما استنبطه من لفظه والحاكم يظهر على لسانه الأخبار بحكم الله وتنفيذه والشاهد يظهر على لسانه الإخبار بالسبب الذى يثبت حكم الشارع والواجب على هؤلاء الأربعة أن يخبروا بالصدق المستند إلى العلم فيكونون عالمين بما يخبرون به صادقين فى الإخبار به.. ومن التزم الصدق والبيان والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما (أعلام الموقعين لابن القيم ج 4 ص 152 الطبعة السابقة) .

هذا وقد عرض سلطان العلماء العز بن عبد السلام لعدة أمور فى الاجتهاد والتقليد فى كتابه قواعد (ج 2 ص 151 154) الأحكام فى مصالح الأنام تحت عنوان قاعدة فيمن تجب طاعته ومن تجوز طاعته ومن لا تجوز طاعته.

فقال لا طاعة لأحد المخلوقين إلا لمن أذن الله فى طاعته كالرسل والعلماء والأئمة والقضاة والولاة والآباء والأمهات والسادات والأزواج والمستأجرين فى الإجارات على الأعمال والصناعات ولا طاعة لأحد فى معصية الله عز وجل لما فيه من المفسدة الموبقة فى الدارين أو فى أحدهما، فمن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة له، إلا أن يكره إنسانا على أمر يبيحه الإكراه فلا إثم على مطيعه وقد تجب طاعته ولا لكونه آمرا بل لدفع مفسدة ما يهدده به من قتل أو قطع أو جناية على بضع، ولو أمر الإمام أو الحاكم إنسانا بما يعتقد الآمر حله والمأمور تحريمه فهل له فعله نظرا إلى رأى الآمر أو يمتنع نظرا إلى رأى المأمور فيه خلاف، وهذا مختص فيما لا ينقض حكم الآمر به فإنه كان مما ينقض حكمه به فلا سمع ولا طاعة، وكذلك لا طاعة لجهلة الملوك والأمراء إلا فيما يعلم المأمور أنه مأذون فى الشرع.

وتفرد الإله بالطاعة لاختصاصه بنعم الإنشاء والإبقاء والتغذية والإصلاح الدينى والدنيوى فما من خير إلا هو جالبه، وما من ضير إلا هو سالبه وليس بعض العباد بأن يكون مطاعا بأولى من البعض، إذ ليس لأحد منهم إنعام بشىء مما ذكرته فى حق الإله، وكذلك لا حكم إلا له فأحكامه مستفادة من الكتاب والسنة والإجماع والأقيسة الصحيحة والاستدلالات المعتبرة فليس لأحد أن يستحسن ولا أن يستعمل مصلحة مرسلة، ولا أن يقلد أحدا لم يؤمر بتقليده كالمجتهد فى تقليد المجتهد، أو فى تقليد الصحابة، وفى هذه المسائل اختلاف بين العلماء، ويرد على من مخالف ذلك فى قوله عز وجل {إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه} يوسف 40، ويستثنى من ذلك العامة فإن وظيفتهم التقليد بعجزهم عن التوصل إلى معرفة الأحكام بالاجتهاد بخلاف المجتهد فإنه قادر على النظر المؤدى إلى الحكم ومن قلد إماما من الأئمة ثم أراد تقليد غيره فهل له ذلك فيه خلاف والمختار التفصيل فإن كان المذهب الذى أراد الانتقال إليه مما ينقض فيه الحكم، فليس له الانتقال إلى حكم يجب نقضه، فإنه لم يجب نقضه إلا لبطلانه، فإن كان المأخذان متقاربين جاز التقليد والانتقال، لأن الناس لم يزالوا من زمن الصحابة إلى أن ظهرت المذاهب الأربعة يقلدون من اتفق من العلماء من غير نكير من أحد يعتبر إنكاره، ولو كان ذلك باطلا لأنكروه وكذلك لا يجب تقليد الأفضل وإن كان هو الأولى لأنه لو وجب تقليده لما قلد الناس الفاضل والمفضول فى زمن الصحابة والتابعين من غير نكير بل كانوا مسترسلين فى تقليد الفاضل والأفضل ولم يكن الأفضل يدعو الكل إلى تقليد نفسه، ولا المفضول يمنع من سأله عن وجود الفاضل وهذا مما لا يرتاب فيه عاقل.

ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده، وقد رأيناهم يجتمعون فى المجالس فإذا ذكر لأحدهم فى خلاف ما وطن نفسه عليه تعجب إمامه حتى ظن أن الحق غير استرواح إلى دليل بل لما ألفه من تقليد إمامه حتى ظن أن الحق منحصر فى مذهب إمامه أولى من تعجبه من مذهب غيره، فالبحث مع هؤلاء ضائع مفض إلى التقاطع والتدابر من غير فائدة يجديها، وما رأيت أحدا رجع عن مذهب إمامه إذا ظهر له الحق فى غيره بل يصير عليه مع علمه بضعفه وبعده، فالأولى ترك البحث مع هؤلاء الذين إذا عجز أحدهم عن تمشية مذهب إمامه قال لعل إمامى وقف على دليل لم أقف عليه ولم أهتد إليه، ولم يعلم المسكين أن هذا مقابل بمثله لخصمه ما ذكره من الدليل الواضح والبرهان اللائح، فسبحان الله ما أكثر ما أعمى التقليد بصره حتى حمله على مثل ما ذكر وفقنا الله لاتباع الحق أينما كان وعلى لسان من ظهر، وأين هذا من مناظرة السلف ومشاورتهم فى الحكام ومسارعتهم إلى اتباع الحق إذا ظهر لسان الخصم وقد نقل عن الشافعى رحمه الله أنه قال ما ناظرت أحدا إلا قلت اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه فإن كان الحق معى اتبعني وإن كان الحق معه ابتعته.

(فائدة) اختلف العلماء فى تقليد الحاكم المجتهد لمجتهد آخر فأجازه بعضهم لأن الظاهر من المجتهدين أنهم أصابوا الحق، فلا فرق بين مجتهد ومجتهد فإذا جاز للمجتهد أن يعتمد على ظنه المستفاد من الشرع فلم لا يجوز له الاعتماد على ظن المجتهد الآخر المعتمد على أدلة الشرع، ولا سيما إذا كان المقلد أنبل وأفضل فى معرفة الأدلة الشرعية ومنعه الشافعى وغيره وقالوا ثقته بما يجده من نفسه من الظن المستفاد ومن أدلة الشرع أقوى مما يستفيده من غيره ولا سيما إن كان هو أفضل الجماعة، وخير أبو حنيفة فى تقليد من شاء من المجتهدين لأن كل واحد منهم على حق وصواب، وهذا ظاهر متجه إذا قلنا كل مجتهد مصيب.

وبعد فلعل هذه الكلمة الراشدة من الشيخ العز بن عبد السلام بيان للمنهج الذى يجب أن يسير عليه المفتون فى نطاق ما تواتر واشتهر فى كتب فقه المذاهب من آداب للمفتى والمستفتى وللفتيا إذ تكاد نصوص السلف الصالح من العلماء تتفق على تلك الآداب ولقد نهج المفتون فى مصر هذا السبيل، إذا تكشف تطبيقاتهم واختياراتهم عن التزامهم بما تواتر من فقه المذاهب، مؤثرين ما صح دليله، وصلح عليه حال المستفتى.

وهذا ما ينبغى أن يلتزمه كل مفت مستعينا بالله رب العالمين معلم إبراهيم.

والله يقول الحق وهو يهدى السبيل وهو الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.

وصلى الله على سيدنا محمد عبد الله ورسوله.

وعلى آله وأصحابه وسلم.

القاهرة فى رمضان 1400 هجرية يوليو 1980 م.

جاد الحق على جاد الحق.

مفتى جمهورية مصر العربية

ص: 2