الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشتراط الزوجة حق الدراسة والعمل
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
15 محرم 1402 هجرية - 12 نوفمبر 1981 م
المبادئ
1 - اشتراط الزوجة لنفسها فى عقد الزواج إتمام دراستها الجامعية والعمل بعد التخرج.
من الشروط الصحيحة الجائزة، لكن لا يلزم الوفاء به فى قول جمهور الفقهاء، ويلزم الوفاء به فى قول الإمام أحمد بن حنبل ومن وافقه.
2 -
هذا الشرط أقره القانون 44 لسنة 1979 أخذا بمذهب الإمام أحمد بن حنبل واعتد به شرطا مانعا للحكم بنشوز الزوجة إذا خرجت بدون إذنه.
ولم يضع جزاء ملزما للزوج بتنفيذه. كما لم يعط للزوجة حق طلب الطلاق.
3 -
لائحة المأذونين لا تبيح للمأذون تدوين أى شروط للزوجين أو لأحدهما مقترنة بعقد الزواج فى الوثيقة ما عدا الكفالة وما يختص بالمهر وغيره من البيانات الواردة فيها
السؤال
بالطلب المقيد برقم 369 لسنة 1981 وقد جاء به إنه قد تم عقد قران الآنسة / ص ى ع - الطالبة ببكالوريوس العلوم جامعة القاهرة، وأنه حرصا على مستقبلها، اشترطت لنفسها فى عقد الزواج الشرط الآتى نصه (تشترط الزوجة إتمام دراستها الجامعية، والعمل بعد التخرج، وأداء الخدمة العامة) .
وأن الزوج وافق على هذا الشرط، ودونه المأذون بخطة على القسيمة الأولى من قسائم العقد، وحين تسلم الوثائق من المأذون، لم يوجد هذا الشرط مدونا عليها، واعتذر المأذون بأن المحكمة ألغت القسيمة الأولى، لأن هذا الشرط يمنع توثيق عقد الزواج.
والسؤال (أ) هل من حق الزوجة أو وكيلها أن يشترط هذا الشرط فى عقد الزواج حرصا على مستقبلها.
(ب) هل فى هذا الشرط مخالفة للدين والشرع.
(ج) هل يمنع هذا الشرط أو أى شرط آخر غير مخالف للدين والشرع توثيق القسائم فى المحكمة والسجل المدنى.
(د) هل يمنع قانون الأحوال الشخصية مثل هذا الشرط
الجواب
إن عقد الزواج متى تم بإيجاب وقبول منجزا مستوفيا باقى شروطه الشرعية كان عقدا صحيحا مستتبعا آثاره من حقوق وواجبات لكل واحد من الزوجين.
والعقد المنجز هو الذى لم يضف إلى المستقبل، ولم يعلق على شرط، لكنه قد يقترن بالشرط الذى لا يخرجه عن أنه حاصل فى الحال بمجرد توافر أركانه وشروطه الموضوعية.
والشرط المقترن بعقد الزواج لتحقيق مصلحة لأحد الزوجين ثلاثة أقسام أحدها - الشرط الذى ينافى مقتضى العقد شرعا كاشتراط أحد الزوجين تأقيت الزواج، أى تحديده بمدة، أو أن يطلقها فى وقت محدد، فمثل هذا الشرط باطل، ويبطل به العقد باتفاق الفقهاء.
الثانى - الشرط الفاسد فى ذاته، مثل أن يتزوجها على ألا مهر لها أو ألا ينفق عليها، أو أن ترد إليه الصداق، أو أن تنفق عليه من مالها، فهذا وأمثاله من الشروط الباطلة فى نفسها، لأنها تتضمن إسقاط أو التزام حقوق تجب بعد تمام العقد لا قبل انعقاده،فصح العقد وبطل الشرط فى قول جميع الفقهاء.
الثالث - الشرط الصحيح عند أكثر الفقهاء وهو ما كان يقتضيه العقد، كاشتراطه أن ينفق عليها، أو أن يحسن عشرتها، أو كان مؤكدا لآثار العقد ومقتضاه كاشتراط كفيل فى نفقتها وصداقها، أو ورد به الشرع كاشتراط الزوج أن يطلقها فى أى وقت شاء، أو اشتراطها لنفسها أن تطلق نفسها متى شاءت، أو جرى به عرف كأن تشترط الزوجة قبض صداقها جميعه أو نصفه، أو يشترط هو تأخير جزء منه لأجل معين حسب العرف المتبع فى البلد الذى جرى فيه العقد.
وقد يكون الشرط غير مناف لعقد الزواج، كما لا يقتضيه العقد، وإنما يكون بأمر خارج عن معنى العقد كالشروط التى يعود نفعها إلى الزوجة، مثل أن تشترط ألا يخرجها من دارها أو بلدها أو ألا يسافر بها أو لا يتزوج عليها، فهذا أيضا من باب الشروط الصحيحة لكن الفقهاء اختلفوا فى وجوب الوفاء بها على طائفتين إحداها - أن هذه الشروط وأمثالها وإن كانت صحيحة فى ذاتها لكن لا يجب الوفاء بها، وهو قول الأئمة أبى حنيفة وأصحابه ومالك والشافعى والليث والثورى.
الطائفة الأخرى - إن الشرط الصحيح الذى فيه نفع وفائدة للزوجة يجب الوفاء به، فإذا لم يف به الزوج، كان للزوجة طلب الطلاق قضاء، روى هذا عن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه وسعد بن أبى وقاص، وبه قال شريح وعمر بن عبد العزيز والأوزاعى وأحمد بن حنبل، وأدلة كل من الطائفتين على ما قالا مبسوطة فى محلها من كتب الفقه.
لما كان ذلك وكانت الزوجة فى العقد المسئول عنه قد اشترطت لنفسها (إتمام دراستها الجامعية والعمل بعد التخرج وأداء الخدمة العامة) وكان هذا الشرط داخلا فى نطاق القسم الثالث للشروط بمعنى أنه من الشروط الصحيحة ذات النفع والفائدة للزوجة كان جائزا، لكن لا يجب الوفاء به فى قول جمهور الفقهاء، ويلزم الوفاء به فى قول الإمام أحمد بن حنبل ومن وافقه.
ولما كان هذا الشرط باعتباره اشتراط العمل للزوجة بعد الانتهاء من دراستها، قد أقره القانون رقم 44 لسنة 1979 ببعض أحكام الأحوال الشخصية أخذا بمذهب الإمام أحمد بن حنبل، لكن هذا القانون قد اعتد به شرطا مانعا للحكم بنشوز الزوجة إذا خرجت بدون إذن الزوج لإتمام دراستها أو للعمل ولم يضع جزاء ملزما للزوج بتنفيذه، كما لم يعط للزوجة حق طلب الطلاق، كما يقول مذهب الإمام أحمد عند عدم الوفاء بالشرط الصحيح الذى يعود نفعه وفائدته على الزوجة.
ولما كان القضاء يجرى فى خصوص انعقاد الزواج وشروطه وفى كثير من أحكام الأحوال الشخصية على أرجح الأقوال فى فقه الإمام أبى حنيفة الذى لا يلزم الزوج بالوفاء بمثل هذا الشرط، توقف العمل به قضاء إلا فى حال النشوز فقط كما تقدم.
وما كانت لائحة المأذونين لم تبح للمأذون تدوين أى شروط للزوجين أو لأحدهما مقترنة بعقد الزواج، يكون موقف المأذون صحيحا فى حدود اللائحة التى تنظم عمله، لاسيما ووثيقة الزواج قد أعدت أصلا لإثبات العقد فقط، حماية لعقود الزواج من الجحود، وذلك لخطورة آثارها فى ذاتها على المجتمع، على أنه يمكن كتابة هذا الشرط أو غيره مما يتفق عليه الزوجان، ويدخل فى نطاق الشروط الصحيحة شرعا فى أية ورقة أخرى غير وثيقة الزواج، التى لا يتسع نطاقها القانونى لغير بيانات عقد الزواج ذاته.
ومما تقدم يتضح أن الشرط الوارد فى السؤال من الشروط الخارجة عن ماهية عقد الزواج المقترنة به، وفيه نفع وفائدة للزوجة.
ويدخل بهذا ضمن الشروط الصحيحة التى يجوز اشتراطها، لكن لا يلزم الوفاء به فى رأى جمهور الفقهاء، ويجب الوفاء به فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ومن وافقه.
والشرط فى ذاته لا مخالفة فيه للدين، لكن المأذون ممنوع وفقا للائحة المأذونين من تدوين أية بيانات لا تحوى الوثيقة موضعا لها، ومنها الشروط فيما عدا الكفالة وما يختص بالمهر وغيره من البيانات الواردة فيها، وقانون الأحوال الشخصية رقم 44 سنة 1979 وإن أجاز للزوجة اشتراط العمل لمصلحتها ودرءا للنشوز، لم يرتب على هذا الشرط جزاء على الزوج، سوى إجازته لها الخروج للعمل المشروط دون إذنه، ولا تعد ناشزا بهذا الخروج، وبالقيود التى وردت فيه.
والله سبحانه وتعالى أعلم