الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محادثة الخطيبة بعد قراءة الفاتحة
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 08/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب، من دولة عربية، مقيم في دولة إسلامية، كنت أتكلم مع فتاة من بلدي، واتفقنا -أنا وهي- على أن أتقدم لخطبتها، علماً أن كل هذا بعلم أختها الكبرى، والتي هي زوجة أخي الأكبر، وكانت بعض المكالمات تكون بدون علم أختها بيني وبين هذه الفتاة التي أحببتها، علماً أن حبنا خالص لوجه الله، وليس عبارة عن مراهقة أو تسلية، وغير هذا من الأمور التافهة، وبحمد الله تمت قراءة الفاتحة بين والدها وعمي لظروف والدي بأنه لا يقدر الدخول إلى بلده لبعض المشاكل، علماً أننا من عائلة ملتزمة كثيراً، وقد قرأت الفاتحة ولكن والدها أصر ألا نتكلم مع بعضنا أبدًا، لحين رجوعي إلى بلدي، علماً أني أكلمها شهرياً، ولا يخلو حديثنا من التفاهم فيما بيننا من أجل مستقبلنا وحياتنا المشتركة، وبصراحة لا يخلو أيضا من الكلام الغزلي، حيث إننا اتفقنا أن نبعد الخجل عن بعضنا.
سؤالي: هل في هذا إثم علي وعليها؟ وهل سيعاقبنا الله على ذلك؟ وأنتم تعرفون ما يمر به الشباب في هذه الأوقات من إغراءات إعلامية. وجزاكم الله خيراً، ونفع بكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فإن من خصال الخير والإيمان فيك خوفك من الإثم ومن عقوبة الله -تعالى- لك على ما حصل منك مع الفتاة التي ذكرت، كما أن من خصال الخير فيك خوفك من التأثر بمغريات هذا العصر، مما جعلك تسأل طالباً للحق، باحثاً عن الصواب، ولذا فإني أجيبك قائلاً:
إن ما قمت به -من التحدث مع هذه الفتاة بدون خجل، والكلام معها حتى في الأمور الخاصة والغزل- عمل محرم لا يجوز في الإسلام، وهو من الوسائل الموصلة للوقوع في فاحشة الزنا، وقد حرم الله الزنا والوسائل المرسلة إليه فقال تعالى:"ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا"[الإسراء:32] فنهى عن الاقتراب من الزنا منعاً من الوقوع فيه، كما أنه أمر الرجال والنساء بغض البصر وحفظ الفرج، فقال:"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن"[النور:31،30] ، وأمر النساء بعدم الخضوع بالقول، فقال:"لا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً"[الأحزاب:32] .
والخضوع بالقول هو تحسين الصوت وترقيقه لاستمالة قلب الرجل، كما أنه أمر النساء بالحجاب الشرعي الذي يشمل عدم اختلاطهن بالرجال، وتسترهن عند الخروج من المنازل، كل ذلك درءاً للفتنة بهن، إذ إن الرجل يميل إليهن ويضعف أمامهن، قال تعالى:"وخلق الإنسان ضعيفاً"[النساء:28] أي في أمر النساء. قال بعض السلف: يذهب عقله عندهن.
والشيطان يأتي الإنسان من نقاط الضعف عنده، ويأخذه خطوةً خطوة، قال تعالى:"ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون"[البقرة:169،168] ، فتبدأ المسألة بنظرة وكلمة، ثم تتطور إلى مشاعر حب وغرام وهيام، وكلام معسول ووعود، وقد ينتهي الأمر بالوقوع في الفاحشة، قال صلى الله عليه وسلم:"كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه" متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه صحيح البخاري (6243) ، وصحيح مسلم (2657) .
ولا يشفع لك - يا أخي- كونك تحبها، فإن ذلك لا يجيز لك المحرم، كما أنه لا يشفع لك كونكم قرأتم الفاتحة التي تعني بها الخطبة -كما في بلدك- أن العادة جرت عندكم بقراءة الفاتحة عند الخطبة والاتفاق على أمور الزواج، وذلك قبل العقد، فهي لا تزال أجنبية عنك حتى يتم العقد عليها بشروطه، وإنما يحل لك منها بعد الخطبة النظر إليها، بل هو مستحب في حق الخاطب، ومن أسباب نجاح الزواج، فلتتق الله -يا أخي- ولتدع عنك المحرمات، ولتستعفف حتى ييسر الله لك الزواج، وبعد ذلك تفعل كلما أباح الله لك مع زوجتك، أما وهي أجنبية عنك، فلا يجوز لك التغزل معها، والكلام في كل شيء من أمور الزواج، وقد بلغت الحجة، فتب إلى الله تعالى مما سلف، وأبشر بالخير، وانشراح الصدر وتيسير الأمور، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويزرقه من حيث لا يحتسب".
أسأل الله -سبحانه- أن يوفقك ويسددك ويصلح قلبك، ويرزقك الزوجة التي تسعدك وتحبها ويحصن فرجك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.