الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تريد الزواج ووليها منقطع عنها
!
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 24/11/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ المحترم: أنا امرأة أعيش بعد وفاة والدي في بلدي - لدة غربية - بعد أن حصلت على الجنسية، وقد طلب أحد المسلمين الزواج مني فرفض الموثق بمسجد العاصمة أن يعقد قراننا؛ بحجة أن أخي الذي يعيش في بلد آخر ولا يدري عني منذ خمس سنوات هو وليي ويجب موافقته، وقد راسلت أخي أكثر من مرة ولم يرد علي، وإمام الجامع يرفض عقد قراني، وأنا امرأة متواضعة الجمال، وليس لي أحد في هذه البلاد، وسوداء البشرة، ولم أصدق عندما تقدم لي رجل مسلم مصلٍّ ويحترمني، فماذا أفعل؟ وهل أستطيع أن أعقد قراني عن طريق شيخ آخر؟ وهل يجوز ذلك؟ وما هو الدليل الشرعي؟ لأني أريد الحلال حتى وإن مت عازبة وحيدة. حفظكم الله وأعلى قدركم، وسدَّدكم لما فيه خير الإسلام والمسلمين. إن أمكن توجيه السؤال لشيخ مالكي المذهب أو الشيخ أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وجود الولي في النكاح أحد شروطه، لحديث عائشة، رضي الله عنها:"لا نِكاحَ إلَاّ بِوَلِيٍّ وشَاهِدَيْ عَدْلٍ". أخرجه ابن حبان (4075) والطبراني في الأوسط (9291) . وحديثها الآخر: "أيُّما امرأةٍ نكَحتْ بغيرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فنكاحُها باطلٌ فنكاحُها باطلٌ فنكاحُها باطلٌ". أخرجه أبو داود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه (1879) . وبما أنه لا يوجد من أوليائك غير أخيك وهو في بلد بعيد طالت غيبته خمس سنوات، وقد كاتبتِه أكثر من مرة ولم يأتك منه جواب، وقد رفض الموثق في مكتب العاصمة إبرام العقد (وهو في بلاد الغربة بمثابة السلطان الشرعي في توثيق العقود) ؛ إذا كان الأمر كذلك جاز لك أيتها الأخت السائلة أن تعقدي قرانك عند رجل مسلم آخر، والدليل على جواز هذا عموم أدلة الكتاب والسنة، كقوله تعالى:(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا)[التغابن: من الآية16] . وقوله: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)[البقرة: من الآية286] . وقول النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرهط الثلاثة الذين جاؤوا إلى بيته يسألون عن سنته: "
…
وأَتَزَوَّجُ النِّساءَ فمَن رغِب عَن سُنَّتي فَلَيْسَ مِنِّي". أخرجه البخاري (5063) ومسلم (1401) . وقد أجاز عامة الفقهاء أن يعقد- لمثل حالك- رجل من عامة المسلمين أنت ترتضينه، ففي مذهب الإمام أحمد، كما يقول الإمام ابن قدامة: فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان، فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. وفي مشهور المذهب: إذا عضل الولي موليته- أي منعها من الزواج من كفء- أو غاب غيبة منقطعة لا يصل إليه الكتاب، أو يصل فلا يجيب- زوَّج عنه السلطان إن وجد، وإن لم يوجد فيقوم بتزويجها رجل عدل تختاره هي. وفي مذهب الإمام مالك والشافعي: إذا كانت امرأة في موضع ليس فيه ولي ولا حاكم ففيه ثلاث روايات:
(1)
لا يجوز التزويج.
(2)
تزوج نفسها للضرورة.
(3)
تُوَلِّي أمرها رجلاً يزوجها.
قال صاحب الحاوي: والذي نختاره صحة النكاح إذ ولّت أمرها عدلاً وإن لم يكن مجتهدًا.
أما الإمام أبو حنيفة فهو يرى أبعد من ذلك، حيث يرى عدم اشتراط الولي في النكاح أصلاً، فللمرأة عنده أن تزوج نفسها مباشرة، والصحيح ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، من اشتراط الولي في النكاح، وإذا تعذر الولي أو الحاكم والسلطان، جاز أن يزوجها رجل عدل بإذنها وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فتوكلي على الله واختاري من ترينه وتختارينه عدلاً من الرجال المسلمين ليقوم مقام الولي في عقد النكاح. وفَّقك الله وجمع بينكما في خير. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.