الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تزوج بها وهي حامل منه سفاحًا
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة
التاريخ 13/01/1426هـ
السؤال
رجل شيعي تزوج امرأة سنية زواجًا مؤقتًا (متعة) بسبب مشاكل إدارية في تلك البلد، وحملت المرأة، تحول الزوج إلى المذهب السني بعد ذلك، وتزوج المرأة على السنة، وكان ذلك بحضور قاض وشاهدين، وقد زوَّج القاضي المرأة للزوج، وهو لا يعرف أنها حامل، بعد ذلك تم صدور عقد الزواج الرسمي وعاش الزوجان معًا لعدة سنوات وأنجبا أطفالاً آخرين. هل زواجهما شرعي؟ وإذا لم يكن كذلك ماذا عليهما أن يفعلا؟ وما الوضع الشرعي للطفل من الحمل الأول؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان الزوج يعتقد حِلَّ النكاح المتعة قبل ذلك، فيعتبر ما حصل منه وطأ شبهة، وبناء عليه فيجوز له أن يتزوج من هذه المرأة مباشرة في عدتها؛ لأن الماء ماؤه، كما أن الولد الحاصل بسبب هذه الوطء يعتبر ولدًا له، وينسب إليه بلا إشكال، لكن لا يجوز له أن يتزوج بهذه المرأة إلا بعد أن تتوب إن كانت تعتقد حرمة ما حصل بينهما من نكاح. هذا أولاً.
ثانيًا: أنه إن كان الزوجان يعتقدان حرمة هذا النكاح (نكاح المتعة) فيعتبر ما حصل بينهما سفاحًا كالزنا تمامًا، وبناء عليه فلا يجوز لهما الزواج من بعض إلا بعد أن يتوبا من ذلك، فإذا تابا فهل يجوز أن يتزوجها وهي ما زالت حاملًا (يعني لا زالت في العدة) ؟
الجواب أن هذا يبنى على مسألة أخرى، وهي: هل للزاني أن يستلحق ولده وينسبه إليه؟ فنقول: ذهب جماهير العلماء إلى أنه ليس له ذلك شرعًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، ولِلْعَاهِرِ الحَجَرُ". متفق عليه: أخرجه البخاري (2053) ، ومسلم (1457) . وذهب بعض السلف كالحسن، وابن سيرين، والنخعي، وإسحاق إلى جواز ذلك، وأن للزاني أن يستلحق ولده من الزنى إذا لم يدعيه صاحب فراش؛ لأن الحديث السابق لم يتناول ذلك، لم يتناول إذا لم تكن المرأة فراشًا، ولأن عمر، رضي الله عنه، قد ألحق أولادًا ولدوا في الجاهلية بآبائهم. أخرجه مالك في الموطأ (1451) ، وعبد الرزاق في مصنفه (13274) ، والبيهقي 10/263. وهذا هو القول الصحيح الموافق للعقل والشرع، وقد اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ومال إليه تلميذه ابن القيم، ورجحه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين- رحمة الله على الجميع. وهذا ثالثًا.
رابعًا: إنه بناء على القول الصحيح- من جواز استلحاق الزاني لولده إذا لم يدعه صاحب فراش- فإنه يجوز لهذا الرجل أن يتزوج من هذه المرأة وهي حامل منه بسبب وطئه السابق، وإلى هذا ذهب بعض الفقهاء حيث أجازوا للزاني أن يتزوج بمن زنى بها بعد التوبة في عدتها منه، أما غير الزاني فلا يجوز له أن يتزوج منها حتى تنقضي عدتها، أما جمهور العلماء فذهبوا إلى أنه لا يجوز للزاني ولا لغيره أن يتزوج بالمزني بها إلا بعد التوبة وبعد انقضاء عدتها، لكن الصحيح خلافه- كما سبق- وهو أنه يجوز للزاني دون غيره أن يتزوج بمن زنى بها في عدتها منه إذا تابا؛ لأن الماء ماؤه، ولأنه يمكنه أن يستلحق ولده منها على الصحيح. وعليه فنقول: إنه يجوز لهذا الرجل أن يتزوج بهذه المرأة وهي حامل، وينسب الولد له (الولد الذي حصل بسبب هذا الوطء) بشرط التوبة من ذلك إن اعتقدا تحريمه، وما حصل لهما من أولاد بعد ذلك يعتبرون أولادًا شرعيين بلا إشكال- إن شاء الله تعالى.
خامسًا: أن الموطوءة بشبهة والمزني بها تستبرءان بحيضة واحدة فقط إلا مع وجود الحمل، فبوضعه- على الصحيح من أقوال أهل العلم- واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، والشيخ العلامة عبد الرحمن بن سعدي، وتلميذه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين- رحمة الله على الجميع. والله أعلم.