الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حملت منه سفاحاً ثم أراد نكاحها
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 05/07/1425هـ
السؤال
لقد تعرفت على امرأة نصرانية وجامعتها بالحرام عدة مرات، وفوجئت بأنها حامل، واتفقنا على الزواج في بلدها، فهل يجوز عقد النكاح المتعارف عليه في بلدها؟ (أي طريقتهم في النكاح) ، وما حكم الولد بعد الزواج أثناء الحمل؟ أو ما حكم الزواج بعد وضع الحمل؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أخي السائل: تاب الله -تعالى- عليك، لقد تضمن سؤالك ثلاثة أسئلة، وإليك الجواب عنها:
أولاً: سؤالك هل يجوز عقد النكاح المتعارف عليه في بلدها (أي طريق في النكاح؟) .
الجواب: في الحقيقة أن في هذا السؤال إجمالاً، فما هو المقصود بطريقتهم في النكاح؟ فإن كان المقصود طرق توثيقه رسمياً فالأصل جواز ذلك؛ لأن توثيق عقد النكاح أمر خارج عنه، أما إذا كان مراد السائل الطقوس الدينية التي يمارسونها عند إبرام عقد النكاح، فهذا لا يجوز للمسلم أن يرضى به؛ لأن فيه موافقة لما هم عليه من كفر، وهذا وإن لم يكن فيه أثر على عقد النكاح إذا تحققت أركانه وشروطه، إلا أن فيه خطراً على عقيدة الزوج ودينه، قال الشيخ خالد عبد القادر في كتابه فقه الأقليات المسلمة صحيفة (452) : من المعلوم أن العقد يتم فيما يسمى (بمكتب الزواج المدني) ، المتخصص في شئون توثيق الزواج قبل أن يتم في المعابد، فإن تم قبله وكان مستكملاً للأركان، مستجمعاً للشروط، فالعقد صحيح، وما يتم بعد ذلك من حضور احتفال في المعبد فلا تأثير له في صحة العقد أو فساده، وإنما تأثيره على عقيدة الزوج؛ فقد يسبب له ذلك الكفر إن رضي به؛ لأن الرضا بالكفر كفر بإجماع الأمة، أو قد يطلب منه ترديد عبارات، أو القيام بممارسة أعمال تعتبر ردة في ذاتها، والمسلم ينأى بنفسه عن ذلك، ولو خسر متاع الدنيا بأكمله، قال تعالى:"وما عند الله خير وأبقى"[القصص:60] ، وليكن معلوماً أن من ضحى بمصلحة دنيوية في سبيل حماية دينه وعقيدته فإن الله -سبحانه- سيجعل له فرجاً ومخرجاً من حيث لا يحتسب، وأما من تم عقده في معبد لأهل الكفر
…
، إلى أن قال:(وليبين على من فرط في حق الله وليبين لإخوانه ضرر هذا المسلك ومفاسده حتى لا يسلكه غيره ممن حوله، وإن كان حضوره في المعبد لمجرد إشهاره أمام القسيس الحبر، فقد ارتكب إثماً عظيماً؛ لما في ذلك من مشابهة الكفار في شعائر الزواج وتعظيم مشاعرهم ومعابدهم، ونبينا عليه الصلاة والسلام يقول: "من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ا. هـ، والمقصود أن عقد الزواج سواء كانت الزوجة مسلمة أو كتابية لا بد أن يكون وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ومن ذلك تحقق الشروط، وانتفاء الموانع، ومن الشروط الواجب توفرها:
1-
أن يلي إنكاحها ولي كتابي على الصحيح من كلام أهل العلم؛ لأن غير المسلم له ولاية على مثله ولا يسلبها عنه كفره (راجع فقه الأقليات المسلمة للشيخ خالد عبد القادر صحيفة (441) ، وذكر أنه اختيار ابن قدامة، وقال بجوازه جماهير علماء الأمة) .
2-
أن يُشْهِدَ على العقد شاهدين مسلمين عدلين، أو يعلن العقد للناس، فلا يجوز نكاح السر، وقال بعض أهل العلم إنه لا ينعقد - أي نكاح السر-.
3-
من الشروط المهر وتسميته في العقد سنة إسلامية، ويصح كونه مؤجلاً، ويصح أيضاً تنازل المرأة عنه، والمهر حق خالص للمرأة؛ قال تعالى:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً"[النساء:4] .
ثانياً: حكم الزواج بها بعد وضع الحمل: فالجواب: الأصل جواز نكاح المرأة الكتابية إذا كانت محصنة؛ قال تعالى: "اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان"، الآية [المائدة:5] ولقد اختلف الفقهاء والمفسرون في معنى كلمة (الإحصان) في الآية، فمعظمهم قال إن معنى الإحصان هو الحرية، وممن اختار هذا ابن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآية، ومنهم من فسر معنى الإحصان بالعفة، وقال إن المحصنات في الآية من العفة، وعليه فإنه يحرم على المسلم نكاح البغايا من الكتابيات، وهو قول جمع من أهل العلم، والواقع أن المسألة مختلف فيها، والأدلة فيها بالنسبة لي أمر محير؛ وذلك لأن الفقهاء اختلفوا أيضاً في حكم الزواج بالمسلمة الزانية التي لم تتب، قال ابن قدامة في الشرح الكبير (ج20) صحيفة (237) ، الشرط الثاني أي شروط الزواج بالزانية أن تتوب من الزنا، وبه قال قتادة وإسحاق وأبو عبيد، وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك: لا يشترط ذلك) ا. هـ، ثم ذكر أدلة موجزة، ولكنهم اتفقوا في الجملة على جواز نكاحها إذا تابت، ونصيحتي لكما أن تتوبا من هذه المعصية فإذا حققتما ذلك فيجوز لك أن تتزوجها بشرط أن يثبت أن الحمل منك، فإن كان من غيرك فلا يجوز لك أن تتزوجها وهي حامل.
ثالثا: سؤالك عن حكم الولد.
فالجواب: الراجح من كلام أهل العلم أنه إذا استلحق الرجل ولده من الزنا ولا فراش لغيره، أنه يلحق به والمراد بهذا أنه إذا كان المزني بها غير متزوجة فلم تكن فراشاً لأحد، فإن حملت من شخص من الزنا فإنه يجوز له استلحاقه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(ففي استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشاً قولان لأهل العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، فجعل الولد للفراش دون العاهر، فإذا لم تكن المرأة فراشاً لم يتناول الحجر، مجموع الفتاوى (32/112/113-139) . والله أعلم.