الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزواج من الكتابيات
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 9/5/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين، ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.......سلام الله عليكم، أما بعد: عندي موضوع أحتاج لفتوى فيه راجياً منكم الوصول لحل يرضي الله ورسوله عليه السلام عندي صديق مسلم سوف يتزوج من امرأة أمريكية مسيحية الديانة، ونحن نعلم أن مسيحيي اليوم ليسوا من أهل الكتاب، لأنهم يقولون إن عيسى ابن الله - تعالى الله عما يصفون - وبالتالي فهذا كفر، وهي لا تحل له شرعاً.....هل هذا صحيح؟؟ لكنها من المجتمع الأمريكي المحافظ نوعاً ما، وعندي أنا وصديقي أمل أن ندخلها في دين الله الحنيف (الإسلام) ، فبماذا تنصحوننا؟ وما هي الطريقة أو الأسلوب الأمثل الذي سوف نتبعه لهدايتها؟ وهل هناك أي كتاب باللغة الإنجليزية يمكن أن يؤثر فيها؟ وإذا كان هناك أحد من الدعاة سوف يذهب إلى أمريكا في المدة القادمة فأرجو إخبارنا عن موعده ومكان إلقاء محاضرته في أمريكا. وفي الختام أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم، ولكم مني جزيل الشكر وخالص الدعاء بالتوفيق لما تقدمونه من علم من أجل المسلمين.
الجواب
أهل الكتاب، هم اليهود والنصارى، وقد بُعث النبي صلى الله عليه وسلم فيهم وهم يعتقدون عقائد كفرية؛ كالقول بألوهية المسيح، وبنوته لله، ومقالة التثليث عند النصارى، والقول ببنوة عزير لله عند اليهود وغيرها من كفرياتهم، ومع ذلك سماهم الله "أهل الكتاب"، فقال:"لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ"[البينة:1] ، وكان من آخر ما نزل من القرآن سورة المائدة، وفيها كفر الله النصارى في ثلاث آيات صريحة، وهي قوله:"لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ"[المائدة: من الآية72] ، في موضعين، وقوله:"لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ"[المائدة: من الآية73] ومع ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى أحل ذبائحهم ونساءهم في نفس السورة، فقال:"الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"[المائدة:5] ، وبهذا يتبين أن نصارى اليوم هم نصارى الأمس، من حيث الجملة، ما داموا ينتسبون لدينهم، ولم يعتنقوا المذاهب الإلحادية، ويتبين أن أحكام أهل الكتاب التي خصهم بها الكتاب والسنة دون سائر ملل الكفار تشملهم، ومن ذلك حل نكاح الكتابية من يهودية أو نصرانية، لكن بالشرط الذي نصت عليه الآية الكريمة، وهي أن تكون (محصنة) أي حرة عفيفة، فأما الحرية فتكاد أن تكون وصفاً متحققاً اليوم، وأما العفة في نساء النصارى كالأمريكان فتكاد أن تكون منعدمة، إلا ما شاء الله.
وعلى فرض وجودها على المسلم المقيم في البلاد الغربية أن يحسب حساب القوانين المدنية التي تحكم الحياة الاجتماعية هناك، حيث لا يتمكن الزوج من القوامة الشرعية على زوجته، فلها أن تخلو بمن شاءت، وتصحب من شاءت، وتتحدث إلى من شاءت، دون تدخل من زوجها، وأشد من ذلك أثراً، لو وقع بينهما طلاق لذهبت بولده منها، ونصف ثروته
…
إلخ.
ومع وجود هذه المحاذير يتوجه القول بمنع نكاح الكتابيات في ظل هذه الظروف، مع بقاء أصل الحكم على الإباحة، ولعل الله أن يغني صاحبك بمسلمة حنيفة عفيفة عن الكافرات الفاجرات، فإن اضطر صاحبك إلى نكاحها فليحرص ألا تنجب منه إلا أن يهديها الله للإسلام، فقد وقفنا على عدد من القضايا المؤلمة التي خسر فيها مسلمون موحدون أبناءهم وبناتهم، وساقتهم أمهاتهم النصرانيات إلى الكنائس.
وأما باب الدعوة إلى الله فواسع، فاجتهدوا في دعوتها ودعوة غيرها من الكفار إلى الإسلام، ويمكن أن تسترشدوا بتجارب المراكز والمساجد الإسلامية الموثوقة في أمريكا لتوفير الكتب المناسبة، والأشرطة المناسبة للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وفقكم الله.