الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلٌ في تصريفِ المضارعِ
فَعُلَ بالضَمِّ اللُّزُومَ تَلْزَمُ
…
......................................
الشرح
فصلٌ في تصريفِ المضارعِ
لمّا انتهى الناظم من الكلام على أوزان الفعل المجرد شرع في الكلام على مضارِع كل وزن من الأوزان الأربعة المتقدِّمة فقال:
(فَعُلَ بالضَمِّ اللُّزُومَ تَلْزَمُ) أي: أن "فَعُلَ" بضم العين تُلازِم اللزوم، فلا يأتي فعلُها إلا لازماً.
والفعل اللَاّزم هو: الذي يلزم فاعله، أي: يكتفي به فليس له مفعول نحو: قام زيد، قعد عمرو، خرج بكرٌ، أو له مفعول ولكن لا يتعدَّى إليه إلا بواسطة حرف الجر نحو: مررت بزيدٍ.
والفعل المتعدِّي هو: الذي يصل إلى المفعول به بغير حرف جر نحو: ضربتُ زيداً، أكرمتُ عمراً.
.....................
…
وَضَمُّ ما ضَارعَ مِنها يُعْلَمُ
وافْتَحْ لَهُ مِنْ ذاتِ كَسْرِ الماضِيْ
…
......................................
الشرح
وعلامته: أن تتصل به هاء ضمير لا ترجع إلى المصدر، نحو:"البابُ أغلقتُهُ". فالضمير - الهاء - مفعول به يرجع إلى الباب وهو غير مصدر.
فـ"فَعُلَ" بضم العين لا يكون إلا لازماً، نحو:" كَرُمَ، شَجُعَ، حَسُنَ، قَبُحَ، قَصُرَ، فَظُعَ".
قال: (وَضَمُّ ما ضَارعَ مِنها يُعْلَمُ) أي: أن كل فِعْلٍ على وزن "فَعُل" يأتي المضارع منه دائماً على وزن"يَفْعُل" بضم العين، نحو:" كَرُمَ يكْرُم، حَسُنَ يحْسُن، قَبُحَ يقْبُح، قَصُرَ يقْصُر، عَظُمَ يعْظُم، شرُفَ يشرُفُ" وهكذا.
قال: (وافْتَحْ لَهُ) أي: للمضارع (مِنْ ذاتِ كَسْرِ الماضِيْ) أي: من "فَعِلَ" بكسر العين، فكلُّ فِعْلٍ على وزن "فَعِلَ" بكسر العين فإن المضارع منه يأتي على وزن "يَفْعَل" بفتح العين، نحو:"فرِحَ يفْرَح، حزِن يَحْزَن، عطِش يعطَش، شَرِب يشرَب، شبِع يشبَع، علِم يعلَم، رضِي يرضَى، سكِر يسكَر، غضِب يغضَب" وهكذا.
.........................
…
تَغْلِبُ في الألوانِ والأعراضِ
واكْسِرْهُ فِي "وَرِثْ""وَرِمْ""وَلِي""وَثِقْ"
…
"وَرِيَ مُخٌّ" و"وَرِعْ""وَفِقْ""وَمِقْ"
الشرح
وقوله: (تَغْلِبُ في الألوانِ والأعراضِ) أي: أن صيغة "فَعِل" بكسر العين الغالب عليها أنها تأتي دالّةً على الألوان والأعراض.
والأعراض: هي الصفات التي لا تلازم الذات، بل تأتي وتزول كالمرض، والفرح.
مثال ما دلّ على الألوان: حَمِرَ، سَوِدَ، خَضِرَ، صَفِرَ.
ومثال ما دل على الأعراض: فَرِحَ، حَزِنَ، مَرِضَ، بَرِصَ، جَرِبَ، نَشِطَ، شَبِعَ، عَطِشَ، تَعِبَ.
قال: (واكْسِرْهُ فِي "وَرِثْ""وَرِمْ"
…
إلخ البيت) تقدم في البيت السابق أن المضارع من "فَعِلَ" بكسر العين الأصل فيه أن يأتي مفتوحاً كـ"يَفْرَح"، وهناك أفعال على وزن "فعِلَ" بكسر العين لم يُسمع في مضارعها إلا الكسر الشاذ، وعددها ثلاثة عشر، ذكر الناظم منها ثمانية أفعال، وهي: "وَرِثَ يَرِثُ، وَرِمَ الجرحُ يَرِمُ، وَلِيَ يلِي، وَثِقَ يثِقُ، وَرِيَ.
وجْهانِ منْهُ في "حَسِبْ""نَعِمْ""بَئِسْ"
…
"وَغِرْ""وَحِرْ""وَلِهْ""وَهِلْ""يَبِسْ""يَئِسْ"
الشرح
المخُّ يَرِي، وَرِعَ الرجلُ يرِعُ، وَفِقَ الفرسُ يفِقُ، وَمِقَ يمِقُ"، فهذه الأفعال الثمانية لم ترد في اللغة العربية إلا بكسر المضارع، مع أن القياس في مضارعها الفتح.
ومعنى وَرِمَ أي: انتفخ، ووَرِيَ المخّ أي: كَثُر، ووَرِعَ أي: ترك الشبهات خشية الوقوع في الحرام، ووَفِقَ الفرس أي: حَسُنَ، ووفِقتَ أمرك أي: وجدتَه موافقاً، ووَمِقَ أي: أَحَبَّ.
قال: (وجْهانِ منْهُ في "حَسِبْ""نَعِمْ"
…
إلخ البيت) بعد أن ذكر الناظم ما سُمِع فيه الكسر فقط من مضارع "فَعِلَ"، شرع في الكلام على الأفعال التي سُمِعَ فيها الوجهان الفتح المقيس، والكسر الشاذ وهي اثنا عشر فعلاً ذكر منها الناظم في هذا البيت تسعة وهي: حسِب يحسَب ويحسِب، نَعِمَ ينعَم وينعِم، بَئِس يبأَس ويبئِس، وَغِرَ يَوغَرُ ويغِرُ، وَحِرَ يَوحَرُ ويحِرُ، وَلِهَ يولَه ويلِه، وَهِلَ يوهَل ويهِلُ، يبِسَ ييبَس وييبِس، يَئِس ييأَس وييئِس".
ومعنى حسِبَ أي: ظَنَّ، ونَعِمَ الرجلُ أي: حسنت حاله، وبئِس إذا ساءت حاله، ووَغِرَ صدرهُ أي: توقَّد غيظاً، ووحِرَ أي: امتلأ حقداً، وَوَلِهَ فهو وَالِهٌ ووَلْهَانُ إذا كاد أن يذهب عقله لفقد محبوب من أهل ومال، وَوَهِلَ عن الشيء نَسِيَهُ، ويَبِسَ الشجر ذهبت نداوته - رطوبته-، ويَئِسَ إذا انقطع رجاؤه.
ولما انتهى من الكلام على مضارع "فَعُلَ"بضم العين، و"فَعِلَ" بكسر العين، انتقل إلى الكلام على مضارع "فَعَلَ" بفتح العين
يُكْسَرُ آتِي فَعَلَ المفتوحِ في
…
وَاوِيِّ فا أو لازِمٍ مُضَعَّفِ
أوْ يائِياً
(1)
في عينِهِ أو لامِهْ
…
........................................
الشرح
فقال: (يُكْسَرُ آتِي فَعَلَ) أي: مضارعها؛ لأن المضارع يطلق عليه "الآتِي"(المفتوحِ) أي: مفتوح العين (في وَاوِيِّ فا أو لازِمٍ مُضَعَّفِ أوْ يائِياً في عينِهِ أوْ لامِهْ) أي: أن "فَعَلَ" بفتح العين يُكسر عين مضارعها فيقال: "يَفْعِل" إذا وُجِد جالب
(2)
من جوالب الكسر الأربعة المذكورة في النظم وهي:
1 -
أن تكون فاءُ "فَعَلَ" واواً
(3)
، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:(في وَاوِيِّ فا)، ومن أمثلته:"وعَدَ يعِدُ، وَجَدَ يجِدُ، وصَفَ يصِفُ، وصَلَ يصِلُ، وعَظَ يعِظُ"
(4)
، ويشترطون أن لا تكون لامُه ُحرفاً من حروف الحلق
(5)
، فإن كانت كذلك فُتِحَت عينُ مضارعه نحو:"وقَع يقَعُ، وَدَعَ يَدَعُ، وَضَعَ يَضَعُ".
(1)
هكذا ورد في النظم "أو يائِياً" والصواب أن يقول "أو يائيٍ" لأنه معطوف على مجرور، ولكن لما ذكره الناظم وجه وهو أن يكون قوله:"يائياً" خبراً لـ"كان" المحذوفها واسمها فيكون التقدير: "أو كان الفعل يائياً"، ولكن كان الأولى ما ذكرنا لأن ما ليس فيه تقدير أولى مما فيه تقدير.
(2)
الجوالب: جمع جالب، والجالب عند الصرفيين هو الداعي، فيقال: جالِبُ الكسر أي: الداعي إلى الكسر.
(3)
اختار علماء الصرف معياراً وميزاناً صرفياً يقابلون به أصول الكلمات التي تعرض لهم، فألَّفوا الميزان من ثلاثة أحرف؛ لأن أكثر كلمات اللغة العربية ثلاثي، وجعلوا هذه الحروف الثلاثة هي:"فعل" وهي الفاء والعين واللام، وسموا الحرف الأول المقابل للفاء: فاء الكلمة، والحرف الثاني المقابل للعين: عين الكلمة، والحرف الثالث: لام الكلمة، فكاف "كَتَبَ" - مثلاً - هو فاء الكلمة، والتاء عين الكلمة، والباء لام الكلمة، وهكذا، ويلتزمون شكل الميزان بنفس حركات الموزون وسكناته فيقولون:"كَتَبَ" على وزن "فَعَلَ"، و"فَهِمَ" على وزن "فعِلَ"، و"كَرُمَ" على وزن "فَعُلَ" وهلمّ جراً.
(4)
إنما حُذفت الواو في جميع هذه الأفعال لوقوعها بين الياء المفتوحة والكسرة، والأصل "يَوعِد
…
إلخ"، والقاعدة أن الواو إذا وقعت بينهما فإنها تحذف، قال ابن مالك: فا أمرٍ أو مضارعٍ من كـ"وعد" احذف وفي كعدة ٍ ذاك اطّرد.
(5)
حروف الحلق ستة وهي: الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشرح
2 -
أن تكون "فَعَلَ" مضعّفة
(1)
لازمة، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:(أو لازِمٍ مُضَعَّفِ) ومن أمثلته: "دبَّ يدِبُّ، فرّ يفِرُّ، خفَّ يخِفُّ، ضلَّ يضِلّ، حَنَّ يحِنُّ، قَلَّ الشيءُ يقِلُّ، طنَّ يطِنُّ، أَنَّ يئِنُّ، رَنَّ يرِنُّ".
3 -
أن تكون "فَعَلَ" يائية العين، نحو:"جاء يجِيءُ، قاءَ يقِيءُ، غاب يغِيب، قال يقِيلُ قيلولةً، خاب يخِيب، زاد يزِيدُ، عاشَ يعِيشُ، مالَ يمِيلُ".
4 -
أن تكون "فَعَلَ" يائية اللام، نحو:" أتى يأتِي، بكى يبكِي، بنى يبنِي، رمى يرمِي، زنى يزنِي، هذى يهذِي، عصى يعصِي، جرى يجرِي"، إلا أنه يُشترط أن لا تكون عينه حرفاً من حروف الحلق، فإن كانت من حروف الحلق فُتِحت عين المضارع، نحو:"رأى يرَى، رعى يرعَى، سعى يسعَى، نهى ينهَى".
وإلى الجالب الثالث والرابع من جوالب الكسر أشار الناظم بقوله: (أوْ يائِياً في عينِهِ أوْ لامِهْ).
(1)
المراد بالمضعَّف هنا مضعَّف الثلاثي: وهو ما كانت عينه ولامه من جنس واحد مثل: "شدَّ، مدَّ، حنَّ"، فأصلها:"شدَدَ، مدَدَ، حنَنَ".
.......................
…
وَاوِيْهِما لا ريب في انْضِمامِهْ
كذاكَ ما جاءَ لِبَذِّ الفَخْرِ، أو
…
مُضَعَّفٌ إنْ يَتَعَدَّى .................
الشرح
ثم لما انتهى من جوالب كسر مضارع "فَعَلَ" بفتح العين، شرع في الكلام على جوالب ضمّ المضارع وهي أربعة أيضاً فقال:
(وَاوِيْهِما لا ريب في انْضِمامِهْ، كذاكَ ما جاءَ لِبَذِّ الفَخْرِ، أوْ مُضَعَّفٌ إنْ يَتَعَدَّى) أي: أنَّ فَعَلَ بفتح العين يُضَمّ عين مضارعها فيقال: "يفْعُل" إذا وُجد فيها جالبٌ - داعٍ- من جوالب الضم الأربعة المذكورة في النظم، وهي:
1 -
أن تكون عينُ "فَعَلَ" واواً، نحو:" قال يقولُ، ذاب يذُوبُ، فات يفُوتُ، ناءَ ينُوء، جاد يجُودُ، فاز يفُوزُ، خاضَ يخُوضُ، جاعَ يجُوعُ، طافَ يطوفُ"
(1)
.
2 -
أن تكون لامُ "فَعَلَ" واواً، نحو:"دعا يدعو، بدا يبدُو، زكا يزكو، رشاه يرشُوه، صبا يصبو، عفا يعفو، عدا يعدو، غزا يغزو، فشا يفشو، هجا يهجو، هفا يهفو"
(2)
. وإلى هذا الجالب والذي قبله أشار الناظم بقوله: (وَاوِيْهِما لا ريب في انْضِمامِهْ) أي: أن "فَعَلَ" بفتح العين إذا كانت واويّة العين أو اللام لا ريب - أي: لا شك - في ضم عين مضارعها.
(1)
جميع الأمثلة التي ذُكِرت كـ"قال، ذاب، جاد" الألف فيها منقلبة عن واو.
(2)
جميع الأمثلة التي ذُكِرت كـ"دعا، بدا، زكا، صبا، فشا، هجا" الألف فيها منقلبة عن واو.
..................
الشرح
3 -
أن تكون "فَعَلَ" دالة على الغلبة في الفخر، نحو: صارعني فصرعتُهُ فأنا أصرُعُهُ، تضاربنا فضربتُهُ فأنا أضرُبُهُ، تناصرنا فنصرتُهُ فأنا أنصُرُهُ"، فكلّ فِعْلٍ قُصِد به الدلالة على أن اثنين تفاخرا في أمر فغلب أحدهما الآخر فيه فإن المضارع منه مضموم العين، وهذا هو المراد بقول الناظم: (كذاكَ ما جاءَ لِبَذِّ الفَخْرِ). وقوله: (لِبَذِّ الفَخْرِ) أي: للغلبة في المفاخرة، وليس (البذُّ) لغةً في "البَذل" كما يُتوهم.
4 -
أن تكون "فَعَلَ" بفتح العين مضعَّفة متعدية، نحو: "سبَّ يسُبُّ، مدَّ يمُدُّ، صبَّ يصُبُّ، فتّ يفُتُّ، حجَّ البيت يحُجُّه، ردَّ يرُدُّ، حثَّ يحُثُّ، بثَّ الخبر يبُثُّه، ضرَّهُ يضُرُّه،
رشَّ يرُشُّ، دكّ يدّكُّ، زفّ العروس يزُفُّها"، وإلى هذا الجالب أشار الناظم بقوله: (أوْ مُضَعَّفٌ إنْ يَتَعَدَّى) أي: أنَّ من جوالب ضم مضارع "فَعَلَ" بفتح العين أن يأتي مضعَّفاً متعدياً.
5 -
..........................
…
............................. وَرَوَوْا
سماعاً الكسرَ، وفي حَبَّ انفَرَدْ
…
.......................................
الشرح
قال: (وَرَوَوا سماعاً الكسرَ، وفي حَبَّ انفَرَدْ) تقدم أنَّ القياس في "فَعَلَ" بفتح العين المضعفة المتعدية أن يأتي مضارعها مضموم العين، إلا أنه شذّ من ذلك أفعال، والشاذ على قسمين:
1 -
ما سُمِعَ فيه الضم المقيس، والكسر الشاذ، وهي تسعة أفعال، منها:"شدَّهُ يشُدّه ويشِدّه، نمَّ الحديث ينُمُّهُ وينِمُّه، شجَّهُ يشُجُّه ويشِجّه، بتَّهُ يبُتُّهُ ويبِتُّه"، وهذا هو المراد بقول الناظم:(وَرَوَوا) أي: في مضارع فَعَلَ المضعفة المتعدية (سماعاً الكسرَ) أي: مع الضم، وذلك في الأفعال التسعة.
2 -
ما لم يُسمع فيه إلا الكسر الشاذ لا غير، وذلك في فعْلٍ واحد، وهو:" حَبَّ" فمضارعه يحِبُّ بكسر الحاء
(1)
، وهذا هو المراد بقول الناظم:(وفي حَبَّ انفَرَدْ) أي: انفرد الكسر، ولم يُسمَع فيه الضمُّ على القياس.
(1)
أما "يُحِبُّ" بضم حرف المضارعة - الياء - فهو مضارِعُ "أحَبَّ" الرباعي، وليس مضارع "حَبَّ" الثلاثي.
............................
…
وَضَمُّ لازمٍ سماعاً قدْ وَرَدْ
الشرح
قال: (وَضَمُّ لازمٍ سماعاً قدْ وَرَدْ) تقدَّم أن القياس كسر العين من مضارع فَعَلَ - بفتح العين- إذا كانت لازمة كـ"فَرَّ يَفِرُّ"، إلا أنه شذَّ من ذلك أفعال سُمِع فيها ضم مضارعها، وهذا الشاذ على قسمين:
1 -
ما سُمِعَ فيه الكسر المقيس، والضمّ الشاذ، وهي أفعال كثيرة، منها: "صدَّ يصِدُّ ويصُدُّ
(1)
، خرَّ الحجرُ يخِرُّ ويخُرُّ، حَدَّتِ المرأة تحِدُّ وتحُدُّ، شذّ يشِذُّ ويشُذُّ، شحَّ يشِحُّ ويشُحُّ".
2 -
ما سُمِعَ فيه الضم الشاذ فقط، وهي أفعال كثيرة أيضاً منها:"هبّتِ الريحُ تهُبُّ، همَّ بالأمر يَهُمُّ، مرَّ يمُرُّ، شكَّ -أي: ظنّ - يشُكُّ، جنَّ الظلام يجُنُّ، رشَّ يرُشُّ، طشَّ يطُشُّ، ثجَّ يثُجُّ".
(1)
وبالوجهين قرئ قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} الزخرف: 57.
والفتحُ في حَلْقِيِّ عَينٍ واجبُ
…
أو لامٍ ............................
الشرح
ولمّا انتهى الناظم من الكلام على جوالب الكسر والضم، شرع في الكلام على جوالب الفتح فقال:
(والفتحُ في حَلْقِيِّ عَينٍ واجبُ أوْ لامٍ) فذكر أنه يجب فتح عين مضارع "فَعَلَ" إذا وُجِد فيها جالب من جوالب الفتح، وهي اثنان:
1 -
أن تكون عينُ "فَعَلَ" حرفاً من حروف الحلق، ولذا قال الناظم:(والفتحُ في حَلْقِيِّ عَينٍ واجبُ) أي: ويجب فتح عين مضارع "فَعَلَ" إذا كانت العين حلقية، فقوله:(الفتحُ) مبتدأ، و (واجبٌ) خبره، ومن أمثلة ذلك:"سأل يسأَلُ، بحَثَ يبحَثُ، بعثَ يبعَثُ، بَهَتَ يبهَتُ، لهثَ يلهَثُ، نحرَ ينحَرُ، شغرَ المكان يشغَرُ، نهشَ ينهَشُ".
2 -
أن تكون لامُ " فَعَلَ" حرفاً من حروف الحلق، ولذا قال الناظم:(أوْ لامٍ) أي: ويجب فتح عين مضارع "فَعَلَ" إذا كانت حلقية اللام كما يجب إذا كانت حلقية العين، نحو:"خشعَ يخشَعُ، خضعَ يخضَعُ، بدأَ يبدَأُ، هدأَ يهدَأُ، شرحَ يشرحُ، ركعَ يركَعُ، خلعَ يخلَعُ، رفعَ يرفَعُ، زرعَ يزرَعُ، رقعَ يرقَعُ، نصحَ ينصَحُ، شرَعَ في الأمرِ يشرَعُ، لَعَنَ يلعَنُ، فتحَ يفتحُ".
.......................
…
......... إِنْ عُدِمَ فيهِ الجالِبُ
الشرح
إلا أنه يشترط في فتح مضارع فَعَلَ أن لا يوجد جالب من جوالب الكسر أو الضمّ، ولذا قال الناظم:(إِنْ عُدِمَ فيهِ الجالِبُ) أي: جالب الكسر والضم، أما إذا وُجِد جالب من جوالب الكسر أو الضم فإنه يُغلَّبُ ويُقدَّمُ على جالب الفتح إلا فيما استثني سابقاً؛ لأن جالب الفتح أضعف الجوالب، نحو: دَعّ، يقال: دعَّهُ - أي: رماه بعنف - يدُعُّهُ -.
بضم العين
(1)
، مع أن عينها ولامها حلقية، فعينها حرف العين، ولامها عينٌ أيضاً؛ لأن أصلها"دَععَ"، ومع ذلك قُدِّم جالب الضم، وهو كون "فَعَلَ" مضعَّفة متعدية.
ومن أمثلة ذلك أيضاً: "بغى" فيقال في مضارعها: " يبغِي" بالكسر، مع أنّه وُجِد فيها جالب من جوالب الفتح، وهو كون عين الكلمة حرفاً من حروف الحلق، إلا أنه عارضه جالب من جوالب الكسر وهو كون اللام يائياً، فقُدِّم جالب الكسر على جالب الفتح.
(1)
ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً} الطور: 13.
معْ شهرةٍ ........................
…
.......................................
الشرح
ثم قال: (معْ شُهْرَةٍ) أي: ويشترطُ أيضاً في فتح مضارع فَعَلَ أن لا تُوجد شُهرة، فإذا اشتهر الفعلُ عند العرب بالكسر أو الضم فالشهرة مقدَّمة ومغلَّبة على جالب الفتح؛ لأن الشهرة تقوى على الجالب، ومن أمثلة ذلك:"قعَدَ، زعمَ، أخذ، دخَلَ، سعَلَ، نَخَلَ" فإن هذه الأمثلة القياس فيها فتح عين مضارعها؛ لكون عينها حرفاً من حروف الحلق، إلا أنه اشتُهِر في مضارعها الضم فيقال:"يقعُدُ، يزعُمُ، يأخُذُ، يدخُلُ، يسعُلُ، ينخُلُ". ومن أمثلة ذلك أيضاً: "نَفخَ، صَرخَ، بلغَ الصبي، طلعتِ الشمس" فإن هذه الأمثلة القياس فيها فتح عين مضارعها؛ لكون لامها حرفاً من حروف الحلق، إلا أنه اشتُهِر في مضارعها الضم فيقال:"ينفُخُ، يصرُخُ، يبلُغُ، تطلُعُ".
ومن أمثلة ذلك أيضاً: "شَخَرَ - أي: صوَّت من حلقه وأنفه -" فإن القياس فيها فتح عين مضارعها؛ لكون عينها حرفاً من حروف الحلق، إلا أنه اشتُهِر في مضارعها الكسر فيقال:"يشْخِرُ".
ومن أمثلة ذلك أيضاً: "رجَعَ، نَزَعَ" فإن القياس فيها فتح عين مضارعها؛ لكون لامها حرفاً من حروف الحلق، إلا أنه اشتُهِر في مضارعها الكسر فيقال:" يرجِعُ، ينزِعُ".
وما عنِ الكُلِّ عَدَلْ
…
فَاكْسِرْ أوِ اضْمُمْ منهُ آتٍ كَعَتَلْ
الشرح
قال: (وما عنِ الكُلِّ عَدَلْ فَاكْسِرْ أوِ اضْمُمْ منهُ آتٍ كَعَتَلْ) أي: وما خلا عن جميع الجوالب السابقة، فلم يوجد فيه جالب من جوالب الكسر ولا الضم ولا الفتح، وخلا عن الشهرة فلم يشتهر فيه عن العرب بشيء؛ فإنه يجوز في عين مضارعه الكسر والضم، نحو: عَتَلَ، ولذا قال الناظم:(كعَتَل) - والعَتْل: الدفعُ بعنف وقوة - فتقول في مضارعها: يعْتِلُ ويعتُلُ"
(1)
.
وقوله: (آتٍ) أي: مضارع؛ لأن المضارع يطلق عليه "الآتِي" كما قدمنا.
(1)
وبالوجهين - الكسر والضم -قرئ قوله تعالى: {فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ} الدخان: 47.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشرح
الخلاصة:
للفعل الثلاثي المجرَّد باعتبار مضارعه ستة أبواب:
الباب الأول: فَعُلَ يَفْعُلُ - بضم العين من الماضي والمضارع -، نحو: كرُمَ يكرُم.
الباب الثاني: فَعِلَ يفعَلُ - بكسر عين الماضي، وفتحها من المضارع -، نحو: فرِحَ يفرَحُ.
الباب الثالث: فَعِلَ يفْعِلُ - بكسر عين الماضي والمضارع -، نحو: ورِثَ يرِثُ.
الباب الرابع: فَعَلَ يَفْعِلُ - بفتح عين الماضي وكسرها من المضارع -، نحو: ضرَبَ يضْرِبُ.
الباب الخامس: فَعَلَ يفْعُلُ - بفتح عين الماضي وضمها من المضارع -، نحو: نصَرَ ينصُرُ.
الباب السادس: فَعَلَ يفْعَلُ - بفتح عين الماضي والمضارع -، نحو: فتَحَ يفتَحُ.