الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم لمّا انتهى الناظم من الكلام على وزن مضارع الثلاثي، انتقل إلى الكلام على
وزن مضارع الرباعي
فقال:
مُضَارِعُ الرُّباعِ مكسورٌ كما
…
زادَ على ثلاثةٍ وعَمِّما
الشرح
(مُضَارِعُ الرُّباعِ مكسورٌ) أي: أنّ كل فِعْلٍ رباعي مجرّد كـ"دَحْرَج" فإن المضارع منه يأتي بكسر ما قبل آخره، نحو:"يُدَحرِجُ، يُزلزِلُ، يحشرِجُ، يُبرطِمُ، يُعربِدُ".
وقوله: (مكسورٌ) أي: ما قبل آخره.
وقوله: (كما زادَ على ثلاثةٍ) أي: كما يكسر ما قبل الآخِر من مضارع الثلاثي المزيد، نحو: ينطلِقُ - مضارع الفعل الخماسي انطلق-، يستخرِجُ - مضارع السداسي استخرج-.
وقوله: (وعَمِّما) أي: وعمِّم هذا الحكم، وهو كسر ما قبل الآخر من مضارع المزيد، لكنَّ هذا التعميم فيه نظر؛ لأن الفعل الثلاثي المبدوء بتاء زائدة يفتح ما قبل آخره من المضارع كما سيأتي، نحو:"يتغافَلُ، يتقاتَلُ، يتكلَّمُ، يتعلَّمُ، يتقدَّمُ، يتكلَّفُ".
والألف في قوله (وعمِّما) منقلبة عن نون التوكيد المخففة الموقوف عليها؛ لأن الأصل أن يقول: (وعمِّمن) ولكنه عدل عن ذلك مراعاة للوزن.
تنبيهٌ
تمْييزُكَ الياءَ مِنَ الوَاوِ بعَينْ
…
........................................
الشرح
تنبيهٌ
التنبيه في اللغة: الإيقاظ.
وفي الاصطلاح هو: تعقيب الكلام السابق بذكر جزئية تندرج فيه اندراجاً خفياً.
وإن شئنا قلنا في تعريفه: هو كلام مفصِّلٌ لِما أُجْمِل قبله
(1)
.
وكان الأولى أن يعبِّر الناظم بقوله: "مسألة" بدل قوله: "تنبيه"؛ لأن هذه المسألة التي تكلم عنها الناظم في هذا التنبيه لم يتقدم لها ذِكْرٌ أصلاً.
والناظم في هذه الأبيات أراد أن يُبيِن الطريقة التي بها تُعرف الألف هل هي منقلبة عن واو، أو عن ياء، فقال:(تمْييزُكَ الياءَ مِنَ الوَاوِ بعَينْ) أي: إذا أردتَ تمييز عين الفعل
(1)
انظر: التعريفات للجرجاني (ص: 91).
............................
…
بوَصْلِ ذِي الرفعِ المُحرَّكِ يَبينْ
الشرح
هل هي منقلبة عن واو، أو عن ياء كـ"قال، باع، طال، خاف، هاب" فأتِ بضمير الرفع المتحرِّك كتاء المتكلِّم، وصِلْهُ بالفعل الذي تريد تمييز عينه
(1)
، ولذا قال الناظم:
(بوَصْلِ ذِي الرفعِ المُحرَّكِ يَبينْ) أي: أنك إذا وصلْتَ بآخر الفعل أحد ضمائر الرفع المتحركة
(2)
فسيظهر عين الفعل، ويتبين هل هو واو أو ياء.
وقوله: (بعين) أي: الواقعة في عين الكلمة. وقوله: (يبين) أي: يظهر.
(1)
فائدة: قال ابن هشام: "إذا أشكل أمرُ الفعل وصلْتَه بتاء المتكلم أو المخاطب، فمهما ظهر فهو أصله، ألا ترى أنك تقول في رمى وهدى: رميت وهديت، وفي دعا وعفا: دعوت وعفوت.
وإذا أشكل أمر الاسم نظرت إلى تثنيته، فمهما ظهر فيها فهو أصله، ألا ترى أنك تقول في الفتى والهدي: الفتيان والهديان، وفي العصا العصوان، وما أحسن قول الشاطبي [أي: في حرز الأماني] رحمه الله تعالى:
وتثنية الأسماء تكشفها وإن
…
رددت إليك الفعل صادفت منهلاً
قال الحريري رحمه الله تعالى:
إذا الفعل يوما غمّ عنك هجاؤه
…
فألحق به تاء الخطاب ولا تقفْ
فإن تره بالياء يوماً كتبته
…
بياء وإلا فهو يكتب بالألف.
…
انظر: شرح قطر الندى (ص: 331 - 332).
(2)
ضمائر الرفع المتحركة هي: تاء الفاعل كـ"ضربتُ"، ونون النسوة كـ"خِفنَ"، ونا الفاعلين كـ"قلنا".
وَنَقْلِ شَكْلِ عينهِ للفاءِ
…
إنْ ضُمَّ أوْ كُسِرَ ماضي ذاء
الشرح
ثم قال: (وَنَقْلِ شَكْلِ عينهِ للفاءِ إنْ ضُمَّ أوْ كُسِرَ ماضي ذاءِ)
الشكلُ: الحركة. والمراد أنَّ الفعل الماضي الذي عينه مضمومة أو مكسورة إذا وصلته بضمير رفع متحرك فإنك تنقل حركة عين الفعل إلى الفاء.
مثال ما عينه مكسورة: "خافَ"، فإن أصلها "خَوِف"، تحرَّك حرف العلة وانفتح ما قبله فوجب قلبه ألفاً، فيقال:"خافَ"، فإذا وصلتها بضمير رفع متحرك كالتاء فإنك تقول:"خِفْتُ"، والأصل "خَوِفْتُ"، نُقِلَت حركة الواو إلى الخاء بعد نزع حركتها، ثم حُذفت الواو لالتقاء الساكنين - الواو والفاء - فصارت "خِفْتُ" على وزن "فِلْتُ" فبقاء الكسرة على فاء الكلمة دليل على أن عينها ياء.
وقوله: (ذاءِ) اسم من أسماء الإشارة للمفرد المذكر.
أمَّا لدَى المفتوحِ فَالمُجَانِسُ
…
يُنْقَلُ لا الشَّكْلُ على ما أسَّسوا
الشرح
ثم قال الناظم: (أمَّا لدَى المفتوحِ فَالمُجَانِسُ يُنْقَلُ لا الشَّكْلُ على ما أسَّسوا)
أي: أنَّ عين الفعل الماضي إذا كانت مفتوحة ووصلناه بضمير رفع متحرك، فإن الذي يُنقَلُ الحركةُ المجانسةُ للعين لا حركتها؛ لأن حركتها هي الفتحة، ولا فائدة من نقل فتحة إلى فتحة، لكن نعطي للفاء حركة مجانسة لحرف العين، فإن كان حرف العين واواً أعطينا للفاء الضمة؛ لأنها تجانس الواو، وإن كان حرف العين ياءً أعطينا للفاء الكسرة؛ لأنها تجانس الياء.
مثال ما عينه واو: "قال" فإن أصلها "قوَلَ" تحرَّك حرف العلة وانفتح ما قبله فوجب قلبه ألفاً فيقال: "قال"، فإذا وصلنا بها ضمير رفع متحرك صارت "قُلْتُ"، ووجود الضمة على الفاء دليل على أن الألف منقلبة عن واو.
ومثال ما عينه ياء: "باع" فإن أصلها "بَيَعَ" تحرَّك حرف العلة وانفتح ما قبله فوجب قلبه ألفاً فيقال: "باع"، فإذا وصلنا بها ضمير رفع متحرك صارت "بِعت" ووجود الكسرة على الفاء دليل على أن الألف منقلبة عن ياء.
وقول الناظم: (فالمجانسُ يُنقلُ) فيه تسامح؛ لأنه لا نقل هنا حقيقة، بخلاف ما تقدم في المضموم والمكسور.
وقوله: (على ما أسَّسوا) أي: على ما أصَّلوا وقعَّدوا.