المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب القسم . والنشوز يجب قسم لزوجات بات عند بعضهن فيلزمه لمن - فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب الفرائض

- ‌كتاب الوصية

- ‌كتاب الوديعة

- ‌كتاب قسم الفيء والغنيمة

- ‌كتاب قسم الزكاة

- ‌كتاب النكاح

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخِطْبَةِ

- ‌فصل: أركانه النكاح

- ‌فَصْلٌ: فِي عَاقِدِ النِّكَاحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌فَصْلٌ: فِي مَوَانِعِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ

- ‌باب ما يحرم من النكاح

- ‌باب نكاح المشرك

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح الرقيق

- ‌كتاب الصداق

- ‌كتاب القسم

- ‌كتاب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌كتاب الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌كتاب الظهار

- ‌كتاب الكفارة

- ‌كتاب اللعان والقذف

- ‌كتاب‌‌ العدد

- ‌ العدد

- ‌باب الاستبراء

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌كتاب الجناية

- ‌الجناية على البدن

- ‌باب كيفية القود والإختلاف فيه ومستوفيه

- ‌كتاب الديات

- ‌في مقدار الديات

- ‌باب موجبات الدية والعاقلة وجناية الرقيق والغرة والكفارة

- ‌باب دعوى الدم والقسامة

- ‌كتاب البغاة

- ‌كتاب الردة

- ‌كتاب الزنا

- ‌كتاب حد القذف

- ‌كتاب‌‌ السرقة

- ‌ السرقة

- ‌باب قاطع الطريق

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب الصيال وضمان الولاة وغيرهم والختن

- ‌كتاب الجهاد

- ‌كتاب الجزية

- ‌كتاب الهدنة

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌كتاب الأضحية

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌كتاب المسابقة

- ‌كتاب الأيمان

- ‌كتاب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌تولية القضاء وآدابه

- ‌باب القضاء على الغائب

- ‌باب القسمة

- ‌كتاب الشهادات

- ‌كتاب الدعوى والبينات

- ‌كتاب الإعتاق

- ‌كتاب التدبير

- ‌كتاب الكتابة

- ‌كتاب أمهات الأولاد

الفصل: ‌ ‌كتاب القسم . والنشوز يجب قسم لزوجات بات عند بعضهن فيلزمه لمن

‌كتاب القسم

.

والنشوز يجب قسم لزوجات بات عند بعضهن فيلزمه لمن بقي ولو قام بهن عذر كمرض وحيض لا نشوز وله إعراض عنهن وسن أن لا يعطلهن كواحدة والأولى أن يدور عليهن وليس له أن يدعوهن لمسكن إحداهن ولا يجمعهن بمسكن إلا برضاهن ولا يدعو بعضا لمسكنه ويمضي لبعض إلا به أو بقرعة أو غرض والأصل الليل والنهار تبع.

ــ

كتاب القسم.

بِفَتْحِ الْقَافِ " وَالنُّشُوزِ " وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ " يَجِبُ قَسْمٌ لِزَوْجَاتٍ " وَلَوْ كُنَّ إمَاءً فَلَا دَخْلَ لِإِمَاءٍ غَيْرِ زَوْجَاتٍ فِيهِ وَإِنْ كُنَّ مُسْتَوْلَدَاتٍ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} 1 أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَدْلُ الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْقَسْمِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ لَكِنَّهُ يُسَنُّ كَيْ لَا يَحْقِدَ بَعْضُ الْإِمَاءِ عَلَى بَعْضٍ هَذَا إنْ " بَاتَ عِنْدَ بَعْضِهِنَّ " بِقُرْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَسَيَأْتِي وُجُوبُهَا لِذَلِكَ " فَيَلْزَمُهُ " قَسْمٌ " لِمَنْ بَقِيَ " مِنْهُنَّ "وَلَوْ قَامَ بِهِنَّ عُذْرٌ كَمَرَضٍ وَحَيْضٍ " وَرَتْقٍ وَقَرْنٍ وَإِحْرَامٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأُنْسُ لَا الْوَطْءُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ تَسْوِيَةً بَيْنَهُنَّ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي التمتع بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ لَكِنَّهَا تُسَنُّ وَاسْتَثْنَى مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَرِيضَةِ الْقَسْمَ مَا لَوْ سَافَرَ بِنِسَائِهِ فَتَخَلَّفَتْ وَاحِدَةٌ لِمَرَضٍ فَلَا قَسْمَ لَهَا وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ " لَا " إنْ قَامَ بِهِنَّ " نُشُوزٌ " وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إثْمٌ كَمَجْنُونَةٍ فَمَنْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا كَأَنْ خرجت من مسكنه بغير إذن أَوْ لَمْ تَفْتَحْ لَهُ الْبَابَ لِيَدْخُلَ أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا لَا تَسْتَحِقُّ قَسْمًا كَمَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَإِذَا عَادَتْ لِلطَّاعَةِ لَا تَسْتَحِقُّ قَضَاءً وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْقَسْمُ كُلُّ زَوْجٍ عَاقِلٍ أَوْ سَكْرَانَ وَلَوْ مُرَاهِقًا أَوْ سفيها فإن جار الْمُرَاهِقُ فَالْإِثْمُ عَلَى وَلِيِّهِ وَفِي مَعْنَى النَّاشِزَةِ الْمُعْتَدَّةُ وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ " وَلَهُ إعْرَاضٌ عَنْهُنَّ " بِأَنْ لَا يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ لِأَنَّ الْمَبِيتَ حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ.

" وَسُنَّ أَنْ لَا يُعَطِّلَهُنَّ " بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ وَيُحْصِنَهُنَّ " كَوَاحِدَةٍ " لَيْسَ تَحْتَهُ غَيْرُهَا فَلَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُعَطِّلَهَا وَأَدْنَى دَرَجَاتِهَا أَنْ لَا يُخْلِيَهَا كُلَّ أَرْبَعِ لَيَالٍ عَنْ لَيْلَةٍ اعْتِبَارًا بِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالسَّنِّ فِي الْوَاحِدَةِ مِنْ زِيَادَتِي " وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ " اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم وَصَوْنًا لَهُنَّ عَنْ الْخُرُوجِ فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَدْعُوَهُنَّ لِمَسْكَنِهِ إنْ انْفَرَدَ بِمَسْكَنٍ "وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَهُنَّ لِمَسْكَنِ إحْدَاهُنَّ " إلَّا بِرِضَاهُنَّ كَمَا زِدْته بَعْدُ فِي هَذِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِنَّ وَتَفْضِيلِهَا عَلَيْهِنَّ وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ ضَرَّاتٍ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ " وَلَا " أَنْ " يَجْمَعَهُنَّ " وَلَا زَوْجَةً وَسُرِّيَّةً كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ " بِمَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَاهُنَّ " لِأَنَّ جَمْعَهُنَّ فِيهِ مَعَ تَبَاغُضِهِنَّ يُوَلِّدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ وَتَشْوِيشَ الْعِشْرَةِ فَإِنْ رَضِينَ بِهِ جَازَ لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إحداهن بحضرة البقية لأنه بعيد عن المروءة وَلَا يَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِي دَارِ حَجَرٍ أَوْ سُفْلٍ وَعُلْوٍ جَازَ إسْكَانُهُنَّ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُنَّ إنْ تَمَيَّزَتْ الْمَرَافِقُ وَلَاقَتْ الْمَسَاكِنُ بِهِنَّ " وَلَا " أَنْ " يَدْعُوَ بَعْضًا لِمَسْكَنِهِ وَيَمْضِيَ لِبَعْضٍ " آخَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْصِيصِ الْمُوحِشِ " إلَّا بِهِ " أَيْ بِرِضَاهُنَّ " أَوْ بِقُرْعَةٍ " وَهُمَا مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ غَرَضٍ " كَقُرْبِ مَسْكَنِ مَنْ مَضَى إلَيْهَا دُونَ الْأُخْرَى أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهَا دُونَ الْأُخْرَى كَأَنْ تَكُونَ شَابَّةً وَالْأُخْرَى عَجُوزًا فَلَهُ ذَلِكَ لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ فِي مُضِيِّهِ لِلْبَعِيدَةِ وَلِخَوْفِهِ عَلَى الشَّابَّةِ وَيَلْزَمُ مَنْ دَعَاهَا الْإِجَابَةُ فَإِنْ أَبَتْ بَطَلَ حَقُّهَا.

" وَالْأَصْلُ " فِي الْقَسْمِ لِمَنْ عَمَلُهُ نَهَارًا " اللَّيْلُ " لِأَنَّهُ وَقْتُ السكون " والنهار " قبله أو بعده وهو أولا " تَبَعٌ " لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمَعَاشِ قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً} 2 وقال: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً، وَجَعَلْنَا.

1 سورة النساء الآية: 3.

2 سورة يونس الآية: 67.

ص: 75

ولمن عمله ليلا النهار ولمسافر وقت نزوله وله دخول في أصل على أخرى لضرورة كمرضها المخوف وفي غيره لحاجة كوضع متاع وله تمتع بغير وطء فيه ولا يطيل مكثه فإن أطاله قضى كدخوله بلا سبب وَلَا تَجِبُ تَسْوِيَةٌ فِي إقَامَةٍ فِي غَيْرِ أصل وأقل قسم وأفضله ليلة ولا يجاوز ثلاثا وليقرع للابتداء وليسو لكن لحرة مثلا غيرها ولجديدة بكر سبع وثيب ثلاث ولاء بلا قضاء وَسُنَّ تَخْيِيرُ الثَّيِّبِ بَيْنَ ثَلَاثٍ بِلَا قَضَاءٍ وسبع به وَلَا قَسْمَ لِمَنْ سَافَرَتْ لَا مَعَهُ بِلَا إذن أو به لا لغرضه ومن سافر لنقلة لا يصحب بعضهن ولا يخلفهن أو لغيرها مباحا حل ذلك بقرعة في الأولى.

ــ

النَّهَارَ مَعَاشاً} 1 " وَ " الْأَصْلُ فِي الْقَسْمِ " لِمَنْ عَمَلُهُ لَيْلًا " كَحَارِسٍ " النَّهَارُ " لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِ وَاللَّيْلُ تَبَعٌ لِأَنَّهُ وَقْتُ مَعَاشِهِ " وَلِمُسَافِرٍ وَقْتُ نُزُولِهِ " لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا لِأَنَّهُ وَقْتُ خَلْوَتِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " وَلَهُ " أَيْ لِلزَّوْجِ " دُخُولٌ فِي أَصْلٍ " لِوَاحِدَةٍ " عَلَى " زَوْجَةٍ " أُخْرَى لِضَرُورَةٍ " لَا لِغَيْرِهَا " كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ " وَلَوْ ظَنًّا قَالَ الْغَزَالِيُّ أو احتمالا فيجوز دخوله ليتبين الحال لعذر " و " له دخوله " فِي غَيْرِهِ " أَيْ غَيْرِ الْأَصْلِ وَهُوَ التَّبَعُ " لِحَاجَةٍ " وَلَوْ غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ " كَوَضْعٍ " أَوْ أَخْذِ " مَتَاعٍ " وَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ " وَلَهُ تَمَتُّعٌ بِغَيْرِ وَطْءٍ فيه " أَيْ فِي دُخُولِهِ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ أَمَّا بِوَطْءٍ فَيَحْرُمُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو من كل امرأة من غير مسيس أي وَطْءٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ.

" وَلَا يُطِيلُ " حَيْثُ دَخَلَ " مُكْثُهُ فَإِنْ أَطَالَهُ قَضَى " كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا خِلَافُهُ فِيمَا إذَا دَخَلَ في الْأَصْلِ وَقَدْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا أَطَالَ فَوْقَ الْحَاجَةِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ يُطِلْ مُكْثَهُ فَلَا قَضَاءَ وَإِنْ وَقَعَ وَطْءٌ لَمْ يَقْضِهِ وَإِنْ طَالَ الْمُكْثُ لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّشَاطِ " كَدُخُولِهِ بِلَا سَبَبٍ " أَيْ تَعَدِّيًا فَإِنَّهُ يَقْضِي إنْ طَالَ مُكْثُهُ وَيَعْصِي بِذَلِكَ وَهَذَا الشَّرْطُ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا تَجِبُ تَسْوِيَةٌ في إقامة في غير أصل " لتبعيته لِلْأَصْلِ وَتَعْبِيرِي بِالْأَصْلِ وَغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ " وَأَقَلُّ " نُوَبِ " قَسْمٍ " وَأَفْضَلُهُ لِمَنْ عَمَلُهُ نَهَارًا " لَيْلَةٌ " فَلَا يَجُوزُ بِبَعْضِهَا وَلَا بِهَا وَبِبَعْضِ أُخْرَى لِمَا فِي التَّبْعِيضِ مِنْ تَشْوِيشِ الْعَيْشِ وَأَمَّا أَنَّ أَفْضَلَهُ لَيْلَةٌ فَلِقُرْبِ الْعَهْدِ بِهِ مِنْ كُلِّهِنَّ " وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثًا " بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ لِمَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا مِنْ طُولِ الْعَهْدِ بِهِنَّ " وَلْيُقْرِعْ " وُجُوبًا عِنْدَ عَدَمِ إذْنِهِنَّ " لِلِابْتِدَاءِ " بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَإِذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لواحدة بدأبها وَبَعْدَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا يُقْرِعُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ ثُمَّ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ فَإِذَا تَمَّتْ النُّوَبُ رَاعَى التَّرْتِيبَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ وَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ فَقَدْ ظَلَمَ وَيُقْرِعُ بَيْنَ الثَّلَاثِ فَإِذَا تَمَّتْ أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ.

" وَلْيُسَوِّ " بَيْنَهُنَّ وُجُوبًا فِي قَدْرِ نُوَبِهِنَّ حَتَّى بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ " لَكِنْ لِحُرَّةٍ مِثْلَا غَيْرِهَا " مِمَّنْ فِيهَا رِقٌّ كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْأَمَةِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ وَيُقَاسُ بِهَا الْمُبَعَّضَةُ فَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَانِ وَلِغَيْرِهَا لَيْلَةٌ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَرْبَعٌ أَوْ ثَلَاثٌ وَلِغَيْرِهَا لَيْلَتَانِ أَوْ لَيْلَةٌ وَنِصْفٌ وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ غَيْرُ الْحُرَّةِ الْقَسْمَ إذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ بِأَنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً لِلزَّوْجِ لَيْلًا وَنَهَارًا كَالْحُرَّةِ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَمَةِ " وَلِجَدِيدَةٍ بِكْرٍ " بِمَعْنَاهَا الْمُتَقَدِّمِ فِي اسْتِئْذَانِهَا " سَبْعٌ وَ " لِجَدِيدَةٍ " ثَيِّبٍ ثَلَاثٌ وَلَاءً بِلَا قَضَاءٍ " لِلْأُخْرَيَاتِ فِيهِمَا لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ " سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ" وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمَّ قَسَمَ وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ وَالْعَدَدُ الْمَذْكُورُ وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ لِتَزُولَ الْحِشْمَةَ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا سَوَّى بَيْنَ الْحُرَّةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَمُدَّةِ الْعُنَّةِ وَالْإِيلَاءِ وَزِيدَ لِلْبِكْرِ لِأَنَّ حَيَاءَهَا أَكْثَرُ وَقَوْلِي وَلَاءً مِنْ زِيَادَتِي وَاعْتُبِرَ لِأَنَّ الْحِشْمَةَ لَا تَزُولُ بِالْمُفَرَّقِ.

" وَسُنَّ تَخْيِيرُ الثَّيِّبِ بَيْنَ ثَلَاثٍ بِلَا قضاء " للأخريات " وَسَبْعٍ بِهِ " أَيْ بِقَضَاءٍ لَهُنَّ كَمَا فَعَلَ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها حيث قال لها "إنْ شِئْت سَبَّعْت عِنْدَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت" أَيْ بِالْقَسْمِ الْأَوَّلِ بِلَا قَضَاءٍ وَإِلَّا لَقَالَ وَثَلَّثْت عِنْدَهُنَّ كَمَا قَالَ وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ رَوَاهُ مَالِكٌ وَكَذَا مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ " وَلَا قَسْمَ لِمَنْ سَافَرَتْ لَا مَعَهُ بِلَا إذْنٍ " مِنْهُ وَلَوْ لِغَرَضِهِ " أَوْ بِهِ " أي بإذنه " لا لغرضه " هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَتِجَارَةٍ بِخِلَافِ سَفَرِهَا مَعَهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ إنْ لَمْ يَنْهَهَا أَوْ لَا مَعَهُ لَكِنْ بِإِذْنِهِ لغرضه فَيَقْضِي لَهَا مَا فَاتَهَا " وَمَنْ سَافَرَ لِنُقْلَةٍ لَا يَصْحَبُ بَعْضَهُنَّ " وَلَوْ بِقُرْعَةٍ " وَلَا يُخَلِّفُهُنَّ " حَذَرًا مِنْ الْأَضْرَارِ بَلْ يَنْقُلُهُنَّ أَوْ يُطَلِّقُهُنَّ أَوْ يَنْقُلُ بَعْضًا وَيُطَلِّقُ الْبَاقِيَ فَإِنْ سَافَرَ ببعضهن ولو بقرعة قضى.

1 سورة النبأ الآيتان:10، 11.

ص: 76

وقضى مدة الإقامة إن ساكن مصحوبته ومن وهبت حقها فللزوج رد فإن رضي به ووهبته لمعينة بات عندها ليلتيهما أو لهن أو أسقطته سوى أوله فله تخصيص.

فصل:

ظهر أمارة نشوزها وعظ أو علم وعظ وهجر في مضجع وضرب بأن أفاد فلو منعها حقا كقسم ألزمه قاض.

ــ

لِلْمُتَخَلِّفَاتِ وَقَوْلِي وَلَا يُخَلِّفُهُنَّ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " سَافَرَ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا " لِغَيْرِهَا " أَيْ لِغَيْرِ نُقْلَةٍ سَفَرًا " مُبَاحًا حُلَّ " لَهُ " ذَلِكَ " أَيْ أَنْ يَصْحَبَ بَعْضَهُنَّ وَأَنْ يُخَلِّفَهُنَّ لَكِنْ " بِقُرْعَةٍ في الأولى " للإتباع رواه الشَّيْخَانِ " وَقَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إنْ سَاكَنَ " فِيهَا " مَصْحُوبَتَهُ " بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُسَاكِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِخِلَافِ مُدَّةِ سَفَرِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى بَعْدَ عَوْدِهِ فَصَارَ سُقُوطُ الْقَضَاءِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ وَلِأَنَّ الْمَصْحُوبَةَ معه وإن فازت بِصُحْبَتِهِ فَقَدْ تَعِبَتْ بِالسَّفَرِ وَمَشَاقِّهِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مُبَاحًا غَيْرُهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِيهِ مُطْلَقًا فَإِنْ سَافَرَ بِهَا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِلْمُتَخَلِّفَاتِ وَالْمُرَادُ بِالْإِقَامَةِ مَا مَرَّ فِي بَابِ الْقَصْرِ فَتَحْصُلُ عِنْدَ وُصُولِهِ مَقْصِدَهُ بِنِيَّتِهَا عِنْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِشَرْطِهِ فَإِنْ أَقَامَ فِي مَقْصِدِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا نِيَّةٍ وَزَادَ عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ قَضَى الزَّائِدَ.

" وَمَنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا " مِنْ الْقَسْمِ لِمَنْ يَأْتِي " فَلِلزَّوْجِ رَدٌّ " بِأَنْ لَا يَرْضَى بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ بِهَا حَقُّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَرْكُهُ " فَإِنْ رَضِيَ بِهِ وَوَهَبَتْهُ لِمُعَيِّنَةٍ " مِنْهُنَّ " بَاتَ عِنْدَهَا " وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ " لَيْلَتَيْهِمَا " كُلُّ لَيْلَةٍ فِي وَقْتِهَا مُتَّصِلَتَيْنِ كَانَتَا أَوْ مُنْفَصِلَتَيْنِ كَمَا فَعَلَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا وَهَبَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فَلَا يُوَالِي الْمُنْفَصِلَتَيْنِ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ حَقُّ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ وَالْوِلَاءُ يُفَوِّتُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا لَكِنْ قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِمَا إذَا تَأَخَّرَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا جَازَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَأَخَّرَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ إلَيْهَا بِرِضَاهَا تَمَسُّكًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ وَهَذِهِ الْهِبَةُ لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَوْهُوبِ لَهَا بَلْ يَكْفِي رِضَا الزَّوْجِ لِأَنَّ الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاهِبَةِ " أَوْ " وَهَبَتْهُ " لَهُنَّ أَوْ أَسْقَطَتْهُ " وَالثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي " سَوَّى " بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ فِيهِ وَلَا يُخَصِّصُ بِهِ بعضهن فَتُجْعَلُ الْوَاهِبَةُ كَالْمَعْدُومَةِ "أَوْ" وَهَبَتْهُ " لَهُ فَلَهُ تخصيص " لواحدة بنوبة الواهبة لا يَجُوزُ لِلْوَاهِبَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِحَقِّهَا عِوَضًا فَإِنْ أَخَذَتْهُ لَزِمَهَا رَدُّهُ وَاسْتَحَقَّتْ الْقَضَاءَ وَلِلْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ وَمَتَى فَاتَ قَبْلَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِهِ لَا يَقْضِي.

فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ إمَّا مِنْ أَحَدِهِمَا أو منهما.

فَلَوْ " ظَهَرَ إمَارَةِ نُشُوزِهَا " قَوْلًا كَأَنْ تُجِيبَهُ بِكَلَامٍ خَشِنٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ أَوْ فِعْلًا كَأَنْ يَجِدَ مِنْهَا إعْرَاضًا وَعَبُوسًا بَعْدَ لُطْفٍ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ " وَعَظَ " هَا بِلَا هَجْرٍ وَضَرَبٍ فَلَعَلَّهَا تُبْدِي عُذْرًا أَوْ تَتُوبُ عَمَّا وَقَعَ مِنْهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَالْوَعْظُ كَأَنْ يَقُولَ لها اتقي اللَّهَ فِي الْحَقِّ الْوَاجِبِ لِي عَلَيْك وَاحْذَرِي الْعُقُوبَةَ وَيُبَيِّنَ لَهَا أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَالْقَسْمَ " أَوْ عَلِمَ " نُشُوزَهَا " وَعَظَ " هَا " وَهَجَرَ " هَا " فِي مَضْجَعٍ وَضَرَبَ " هَا وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ النُّشُوزُ " إنْ أَفَادَ " الضَّرْبُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} 1 وَالْخَوْفُ فِيهِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً} 2 وَتَقْيِيدُ الضَّرْبِ بِالْإِفَادَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يَضْرِبُ إذَا لَمْ يُفِدْ كَمَا لَا يَضْرِبُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَلَا وَجْهًا وَمَهَالِكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى العفو وخرج بالمضجع الهجر في الكلام فَلَا يَجُوزُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيَجُوزُ فِيهَا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ" لَكِنَّ هَذَا كَمَا قَالَ جمع محمول على ما إذا قصد بهجرها رَدَّهَا لِحَظِّ نَفْسِهِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَإِصْلَاحَ دِينِهَا فَلَا تَحْرِيمَ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ إذْ النُّشُوزُ حِينَئِذٍ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ وَالْهَجْرُ فِي الْكَلَامِ لَهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَمِنْهُ هَجْرُهُ صلى الله عليه وسلم كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبِيهِ وَنَهْيُهُ الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ وَلَوْ ضَرَبَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِ نُشُوزٍ وَادَّعَتْ عَدَمَهُ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ: وَاَلَّذِي يُقَوِّي فِي ظَنِّي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ جعله وليا في ذلك.

1 سورة النساء الآية: 34.

2 سورة البقرة الآية: 182.

ص: 77

وفاءه أو أذاها بلا سبب نهاه ثم عزره أو ادعى كل تعدى صاحبه منع الظالم بخبر ثقة فإن اشتد شقاق بعث لكل حكما برضاهما وسن من أهلهما وهما وكيلان لهما فيوكل حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ وَتُوَكِّلُ هِيَ حَكَمَهَا ببذل وقبول.

ــ

" فَلَوْ مَنَعَهَا حَقًّا كَقَسْمٍ " وَنَفَقَةٍ " أَلْزَمَهُ قَاضٍ وَفَاءَهُ " كَسَائِرِ الْمُسْتَحَقِّينَ مِنْ أَدَاءِ الْحُقُوقِ " أَوْ أَذَاهَا " بِشَتْمٍ أَوْ نَحْوِهِ " بِلَا سَبَبٍ نَهَاهُ " عَنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَزِّرْهُ لِأَنَّ إسَاءَةَ الْخُلُقِ تَكْثُرُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالتَّعْزِيرُ عَلَيْهَا يُورِثُ وَحْشَةً بَيْنَهُمَا فَيَقْتَصِرُ أَوَّلًا عَلَى النَّهْيِ لَعَلَّ الْحَالَ يَلْتَئِمُ بَيْنَهُمَا " ثُمَّ " إنْ عَادَ إلَيْهِ " عَزَّرَهُ " بِمَا يَرَاهُ إنْ طَلَبَتْهُ " أَوْ ادَّعَى كُلٌّ " مِنْهُمَا " تَعَدِّيَ صَاحِبِهِ " عَلَيْهِ " مَنَعَ " الْقَاضِي " الظَّالِمَ " مِنْهُمَا " بِخَبَرِ ثِقَةٍ " خَبِيرٍ بِهِمَا مِنْ عَوْدِهِ إلَى ظُلْمِهِ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ أَحَالَ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ يَرْجِعَا عَنْ حَالِهِمَا " فَإِنْ اشْتَدَّ شِقَاقٌ " بَيْنَهُمَا بِأَنْ دَامَا عَلَى التَّسَابِّ وَالتَّضَارُبِ " بَعَثَ " الْقَاضِي وُجُوبًا " لِكُلٍّ " مِنْهُمَا " حَكَمًا برضاهما وسن " كونهما " من أهلهما " لينظرا في أمرهما بعد اختلاء حكمه به وحكمهما بها ومعرفة ما عندهم فِي ذَلِكَ وَيُصْلِحَا بَيْنَهُمَا أَوْ يُفَرِّقَا إنْ عسر الإصلاح على ما يأتي لآية: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} 1 فَإِنْ اخْتَلَفَ رَأْيُ الْحَكَمَيْنِ بَعَثَ الْقَاضِي آخَرَيْنِ لِيَجْتَمِعَا عَلَى شَيْءٍ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ كَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي وَاعْتُبِرَ رِضَاهُمَا لِأَنَّ الْحَكَمَيْنِ وَكِيلَانِ كَمَا قُلْت " وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا " لَا حَاكِمَانِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ لِأَنَّ الْحَالَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْفِرَاقِ وَالْبُضْعُ حَقُّ الزَّوْجِ وَالْمَالُ حَقُّ الزَّوْجَةِ وَهُمَا رَشِيدَانِ فَلَا يُوَلَّى عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا " فَيُوَكِّلُ " هُوَ " حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ وَتُوَكِّلُ هِيَ حَكَمَهَا بِبَذْلٍ " لِلْعِوَضِ " وقبول " لِلطَّلَاقِ بِهِ وَيُفَرِّقَانِ بَيْنَهُمَا إنْ رَأَيَاهُ صَوَابًا فَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِبَعْثِهِمَا وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ أَدَّبَ الْحَاكِمُ الظَّالِمَ وَاسْتَوْفَى لِلْمَظْلُومِ حَقَّهُ ولا يكفي حكم واحد ويشترط فيهماإسلام وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَالَةٌ وَاهْتِدَاءٌ إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ بَعْثِهِمَا لَهُ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِيهِمَا ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ لِتَعَلُّقِ وِكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي أمينه ويسن كونهما ذكرين.

1 سورة النساء الآية: 35.

ص: 78