المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب موجبات الدية والعاقلة وجناية الرقيق والغرة والكفارة - فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب الفرائض

- ‌كتاب الوصية

- ‌كتاب الوديعة

- ‌كتاب قسم الفيء والغنيمة

- ‌كتاب قسم الزكاة

- ‌كتاب النكاح

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخِطْبَةِ

- ‌فصل: أركانه النكاح

- ‌فَصْلٌ: فِي عَاقِدِ النِّكَاحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌فَصْلٌ: فِي مَوَانِعِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ

- ‌باب ما يحرم من النكاح

- ‌باب نكاح المشرك

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح الرقيق

- ‌كتاب الصداق

- ‌كتاب القسم

- ‌كتاب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌كتاب الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌كتاب الظهار

- ‌كتاب الكفارة

- ‌كتاب اللعان والقذف

- ‌كتاب‌‌ العدد

- ‌ العدد

- ‌باب الاستبراء

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌كتاب الجناية

- ‌الجناية على البدن

- ‌باب كيفية القود والإختلاف فيه ومستوفيه

- ‌كتاب الديات

- ‌في مقدار الديات

- ‌باب موجبات الدية والعاقلة وجناية الرقيق والغرة والكفارة

- ‌باب دعوى الدم والقسامة

- ‌كتاب البغاة

- ‌كتاب الردة

- ‌كتاب الزنا

- ‌كتاب حد القذف

- ‌كتاب‌‌ السرقة

- ‌ السرقة

- ‌باب قاطع الطريق

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب الصيال وضمان الولاة وغيرهم والختن

- ‌كتاب الجهاد

- ‌كتاب الجزية

- ‌كتاب الهدنة

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌كتاب الأضحية

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌كتاب المسابقة

- ‌كتاب الأيمان

- ‌كتاب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌تولية القضاء وآدابه

- ‌باب القضاء على الغائب

- ‌باب القسمة

- ‌كتاب الشهادات

- ‌كتاب الدعوى والبينات

- ‌كتاب الإعتاق

- ‌كتاب التدبير

- ‌كتاب الكتابة

- ‌كتاب أمهات الأولاد

الفصل: ‌باب موجبات الدية والعاقلة وجناية الرقيق والغرة والكفارة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الِاسْتِتْبَاعِ بِخِلَافِ الدِّيَةِ وَتَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ تَفْسِيرُ الشَّيْنِ " وَفِي " إتْلَافِ " نَفْسِ رَقِيقٍ " وَلَوْ مُدَبَّرًا وَمُكَاتَبًا وَأُمَّ وَلَدٍ " قِيمَتُهُ " وَإِنْ زَادَتْ عَلَى دية الحر كسائر الأموال المتلفة " وفي " إتْلَافِ " غَيْرِهَا " أَيْ غَيْرِ نَفْسِهِ مِنْ الْأَطْرَافِ وَاللَّطَائِفِ " مَا نَقَصَ " مِنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا " إنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ " ذَلِكَ الْغَيْرُ " فِي حُرٍّ " نَعَمْ وإن كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ مَتْبُوعِهِ أَوْ مِثْلِهِ لَمْ يَجِبْ كُلُّهُ بَلْ يُوجِبُ الْقَاضِي حُكُومَةً بِاجْتِهَادِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْمَحْذُورُ السَّابِقُ فِي الْحُرِّ نقله البلقيني عن المتولي وقالا هُوَ تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ تَقَدَّرَ فِي الْحُرِّ كَمُوضِحَةٍ " فَنِسْبَتُهُ " أَيْ فَيَجِبُ مِثْلُ نِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ " مِنْ قِيمَتِهِ فَفِي " قَطْعِ يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ كَمَا يَجِبُ فِيهَا مِنْ الْحُرِّ نِصْفُ دِيَتِهِ وَفِي قَطْعِ " ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ قِيمَتَاهُ " كَمَا يَجِبُ فِيهِمَا مِنْ الْحُرِّ دِيَتَانِ نَعَمْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ اثْنَانِ فَقَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدًا مَثَلًا وَجِنَايَةُ الثَّانِي قَبْلَ انْدِمَالِ الْأُولَى وَلَمْ يَمُتْ مِنْهُمَا لَزِمَهُ نِصْفُ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَصَارَتْ بِالْأُولَى ثَمَانِمِائَةٍ لَزِمَ الثَّانِي مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لَا أَرْبَعُمِائَةٍ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى لَمْ تَسْتَقِرَّ وقد أوجبنا نصف الْقِيمَةَ فَكَأَنَّ الْأَوَّلَ انْتَقَصَ نِصْفَهَا.

ص: 174

‌باب موجبات الدية والعاقلة وجناية الرقيق والغرة والكفارة

.

صَاحَ أَوْ سَلَّ سِلَاحًا فَإِنْ كَانَ عَلَى غير قوى تمييز بطرف عال فوقع فمات فشبه عمد وإلا فهدر كما لو وضع حرا بمسبعة فأكله سبع وإن عجز عن تخليصه ولو صاح على صيد فوقع غير مميز من طرف عال فخطأ ولو ألقت جنينا ببعث نحو سلطان إليها ضمن ولو تبع بنحو سلاح هاربا منه فرمى نقسه في مهلك كنار عالما به لم يضمنه أو جاهلا أو انخسف به سقف ضمنه كما لو علم صبيا العوم فغرق أو حفر بئرا عدوانا أو بدهليزه وسقط فيها من.

ــ

بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ غَيْرُ مَا مَرَّ مِنْهَا فِي الْبَابَيْنِ قَبْلَهُ وَالْعَاقِلَةِ وَجِنَايَةِ الرَّقِيقِ وَالْغُرَّةِ وَالْكَفَّارَةِ.

لِلْقَتْلِ بِعَطْفِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى مُوجِبَاتِ وَزِيَادَةُ المتوسطين منها في الترجمة.

لو " صاح أوسل سِلَاحًا فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ قَوِيِّ تَمْيِيزٍ " لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ ضَعْفِ عَقْلٍ كَائِنٍ " بِطَرَفِ " مَكَان " عَالٍ " كَسَطْحٍ " فَوَقَعَ " بِذَلِكَ بِأَنْ ارْتَعَدَ بِهِ " فَمَاتَ " مِنْهُ " فَشِبْهُ عَمْدٍ " فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِذَلِكَ " وَإِلَّا " بِإِنْ لم يمت منه أو كان عَلَى قَوِيِّ تَمْيِيزٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِطَرَفِ مَكَان عَالٍ بِأَنْ كَانَ بِأَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ أَوْ قَرِيبَةٍ مِنْهَا فَوَقَعَ بِذَلِكَ فَمَاتَ " فَهَدَرٌ " لِأَنَّ مَوْتَ غَيْرِ قَوِيِّ التَّمْيِيزِ فِي الْأُولَى غَيْرُ مَنْسُوبٍ لِلْفَاعِلِ وَفِيمَا عَدَاهَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَعَدَمُ تَمَاسُكِ قَوِيِّ التَّمْيِيزِ بِذَلِكَ خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ حَالِهِ فَيَكُونُ مَوْتُهُمَا مُوَافَقَةَ قَدْرٍ فَالْحُكْمُ فِيمَا ذُكِرَ مَنُوطٌ بِالتَّمْيِيزِ الْقَوِيِّ وَعَدَمِهِ لَا بِالْبُلُوغِ أَوْ الْمُرَاهَقَةِ وَعَدَمِهِمَا كَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ بَلْ مَفْهُومُ كَلَامِهِ فِي الْمُمَيِّزِ مُتَدَافِعٌ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِ قَوِيِّ تَمْيِيزٍ وَعَالٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِصَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ وَسَطْحٍ " كَمَا لَوْ وَضَعَ حُرًّا " وَلَوْ غَيْرَ مميز " بِمَسْبَعَةٍ " أَيْ مَوْضِعِ السِّبَاعِ " فَأَكَلَهُ سَبُعٌ " فَإِنَّهُ هَدَرٌ " وَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهِ " مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُلْجِئُ السَّبُعَ إلَيْهِ بَلْ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ السَّبُعِ الْفِرَارُ مِنْ الْإِنْسَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهُ فِي زُبْيَةِ السَّبُعِ وَهُوَ فِيهَا أَوْ أَلْقَى السَّبُعَ عَلَيْهِ فَأَكَلَهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَخَرَجَ بِحُرٍّ الرَّقِيقُ فَيَضْمَنُهُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَتَعْبِيرِي بِالْحُرِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ.

" وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَوَقَعَ " بِهِ " غَيْرُ مُمَيِّزٍ مِنْ طَرَفِ " مَكَان " عال " بأن ارتعد به فمات منه " فخطأ " لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " وَلَوْ أَلْقَتْ " امْرَأَةٌ " جَنِينًا " بِانْزِعَاجِهَا " بِبَعْثِ نَحْوِ سُلْطَانٍ إلَيْهَا " أَوْ إلَى مَنْ عِنْدَهَا " ضُمِنَ " بِبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ بِالْغُرَّةِ كَمَا سَيَأْتِي سَوَاءٌ أَذُكِرَتْ عِنْدَهُ بِسُوءٍ أَمْ لَا خِلَافًا لما يوهمه مِنْ أَنَّ ذِكْرَهَا عِنْدَهُ بِذَلِكَ شَرْطٌ وَخَرَجَ بِأَلْقَتْ جَنِينًا مَا لَوْ مَاتَتْ فَزَعًا مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ نَعَمْ لَوْ مَاتَتْ بِالْإِلْقَاءِ ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ دِيَتَهَا مَعَ الْغُرَّةِ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ قَدْ يَحْصُلُ مِنْهُ مَوْتُ الْأُمِّ وَنَحْوِ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَوْ تبع بنحو سلاح هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ فِي مُهْلِكٍ كَنَارٍ " وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " عَالِمًا بِهِ " فهلك " لَمْ يَضْمَنْهُ " لِأَنَّهُ بَاشَرَ إهْلَاكَ نَفْسِهِ قَصْدًا " أَوْ جَاهِلًا " بِهِ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ " أَوْ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ " فِي طَرِيقِهِ فَهَلَكَ " ضَمِنَهُ " لِإِلْجَائِهِ إلَى الْهَرَبِ الْمُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ وَذَلِكَ شِبْهُ عَمْدٍ " كَمَا لَوْ علم " ولي أو غيره " صبيا العوم " فَغَرِقَ " أَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا " كَأَنْ حَفَرَهَا بملك غيره أو مشترك بلا.

ص: 174

دعاه جاهلا بها ويضمن ما تلف بقمامات وقشور نحو بطيخ طرحت بطريق أو بجناح أو ميزاب إلى شارع وإن جاز إخراجه فإن تلف بالخارج فالضمان أو وبالداخل فنصفه كجدار بناء مائلا إلى شارع ولو تعاقب سببا هلاك كأنه حفر بئرا ووضع آخر حجرا عدوانا فعثر به إنسان ووقع بها فعلى الأول فإن وضعه بحق فالحافر ولو وضع حجرا وآخران حجرا فعثر بهما آخر فالضمان أثلاث أو وضع حجرا فَعَثَرَ بِهِ غَيْرُهُ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ ضمنه المدحرج وَلَوْ عَثَرَ بِقَاعِدٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ وَاقِفٍ بِطَرِيقٍ اتَّسَعَ وَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا هَدَرَ عَاثِرٌ فإن ضاق هدر قاعد ونائم وضمن واقف.

ــ

إذْنٍ فِيهِمَا أَوْ بِطَرِيقٍ أَوْ مَسْجِدٍ يَضُرُّ حَفْرُهَا فِيهِ الْمَارَّةَ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَوْ لَا يَضُرُّهَا وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ إمَامٌ وَالْحَفْرُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ عَامَّةٍ فَهَلَكَ بِهَا غَيْرُهُ.

" أَوْ " حَفَرَهَا " بِدِهْلِيزِهِ " بِكَسْرِ الدَّالِ " وَسَقَطَ فِيهَا مَنْ دَعَاهُ جَاهِلًا بِهَا " لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ أَوْ تَغْطِيَةٍ لَهَا فَهَلَكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ بِإِهْمَالِ الصَّبِيِّ وَبِالْحَفْرِ وَبِالِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ وَبِالتَّغْرِيرِ وَإِذْنُ الْإِمَامِ فِيمَا يَضُرُّ كَلَا إذْنٍ وَذَلِكَ شِبْهُ عَمْدٍ نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ التَّعَدِّي كَأَنْ رَضِيَ المالك بإبقاء البئر أو ملكها المتعدي فَلَا ضَمَانَ أَمَّا حَفْرُهَا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ كَأَنْ حَفَرَهَا بِمَوَاتٍ أَوْ بِمِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ أَوْ بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ مُشْتَرَكٍ بِإِذْنٍ أَوْ بِطَرِيقٍ أَوْ مَسْجِدٍ لَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ وَأَذِنَ الْإِمَامُ وَإِنْ حُفِرَتْ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَمْ يَنْهَ وَحُفِرَتْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ كَالْحَفْرِ لِلِاسْتِقَاءِ أَوْ لِجَمْعِ مَاءِ الْمَطَرِ أَوْ حُفِرَتْ بِدِهْلِيزِهِ وَسَقَطَ فِيهَا مَنْ لَمْ يَدْعُهُ أَوْ مَنْ دَعَاهُ وَكَانَ عَالِمًا بِهَا فَلَا ضَمَانَ لِجَوَازِهِ مَعَ عَدَمِ التَّغْرِيرِ وَالْمَصَالِحُ الْعَامَّةُ يُغْتَفَرُ لِأَجْلِهَا الْمَضَرَّاتُ الْخَاصَّةُ نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الضَّمَانَ فِيمَا لَوْ حَفَرَهَا بِمَسْجِدٍ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَقَوْلِي جَاهِلًا بِهَا مِنْ زِيَادَتِي.

" وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِقُمَامَاتٍ " بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ كُنَاسَاتٍ " وَقُشُورِ نَحْوِ بِطِّيخٍ طُرِحَتْ بِطَرِيقٍ " إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِهَا إنْسَانٌ وَيَمْشِيَ عَلَيْهَا قَصْدًا فَلَا ضَمَانَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ " أَوْ " تلف " بجناح أَوْ مِيزَابٍ " خَارِجٍ " إلَى الشَّارِعِ " لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ وَالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ " وَإِنْ جَازَ إخْرَاجُهُ " أَيْ الْجَنَاحِ أَوْ الْمِيزَابِ لِلْحَاجَةِ " فَإِنْ تَلِفَ بِالْخَارِجِ " مِنْهُمَا " فَالضَّمَانُ " بِهِ " أَوْ " بِهِ " وَبِالدَّاخِلِ فَنِصْفُهُ " لِأَنَّ التَّلَفَ بِالدَّاخِلِ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَوُزِّعَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلى وزن أو مساحة " كَجِدَارٍ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ " أَوْ مِلْكِ غيره بغير إذنه فإن تَلِفَ بِهِ مَضْمُونٌ كَالْجَنَاحِ وَلَا يُبَرَّأُ نَاصِبُ الجناح أو الميزاب وباني الْجِدَارُ مِنْ الضَّمَانِ بِبَيْعِ الدَّارِ لِغَيْرِهِ فِي صُورَةِ الشَّارِعِ وَلِغَيْرِ الْمَالِكِ فِي صُورَةِ مِلْكِ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِهِمَا إنْسَانٌ ضَمِنَتْهُ عَاقِلَةُ الْبَائِعِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ غَيْرَهَا يَوْمَ النَّصْبِ أَوْ الْبِنَاءِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ أَمَّا لَوْ بَنَاهُ مُسْتَوِيًا فَمَالَ عَلَى شَارِعٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى مِلْكِهِ وَسَقَطَ وَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ حَالَ سُقُوطِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ إصْلَاحُهُ لِأَنَّ الْمَيْلَ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ وَلَهُ فِي الثَّانِي أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ شَاءَ.

" وَلَوْ تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ كَأَنْ حَفَرَ " وَاحِدٌ " بِئْرًا " حَفْرًا عُدْوَانًا " وَوَضَعَ آخَرُ حَجَرًا " وَضْعًا " عدوانا فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَوَقَعَ بِهَا " فَهَلَكَ " فَعَلَى الأول " من السببين يحال الْهَلَاكِ وَهُوَ فِي هَذَا الْمِثَالِ الْوَضْعُ لِأَنَّ الْعُثُورَ بِمَا وَضَعَ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهُ إلَى الْوُقُوعِ فِيهَا الْمُهْلِكِ فَوَضْعُ الْحَجَرِ سَبَبٌ أَوَّلٌ لِلْهَلَاكِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ سَبَبٌ ثَانٍ لَهُ " فَإِنْ وَضَعَهُ بِحَقٍّ " كَأَنْ وَضَعَهُ فِي مِلْكِهِ " فَالْحَافِرُ " هُوَ الضَّامِنُ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي وَلِلرَّافِعِيِّ فِيهِ بَحْثٌ ذكرته مع جوابه في شرح الروض وغيره "وَلَوْ وَضَعَ" وَاحِدٌ "حَجَرًا" فِي طَرِيقٍ " وَآخَرَانِ حَجَرًا " بِجَنْبِهِ " فَعَثَرَ بِهِمَا آخَرُ فَالضَّمَانُ " لَهُ " أَثْلَاثٌ " بِعَدَدِ الْوَاضِعِينَ " أَوْ وَضَعَ حَجَرًا " فِي طَرِيقٍ " فَعَثَرَ بِهِ غَيْرُهُ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ " فَهَلَكَ " ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ " لِأَنَّ الْحَجَرَ إنَّمَا حَصَلَ ثَمَّ بِفِعْلِهِ " وَلَوْ عَثَرَ " مَاشٍ " بِقَاعِدٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ وَاقِفٍ بِطَرِيقٍ اتَّسَعَ وَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا هَدَرَ عَاثِرٌ " لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ الْمَعْثُورِ بِهِ لَا يَهْدِرُ وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَهْدِرُ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا " فَإِنْ ضَاقَ " الطَّرِيقُ " هَدَرَ قَاعِدٌ وَنَائِمٌ " لِتَقْصِيرِهِمَا لَا عَاثِرٌ بِهِمَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ " وَضَمِنَ وَاقِفٌ " لِأَنَّ الْوُقُوفَ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ لَا عَاثِرٍ بِهِ لِتَقْصِيرِهِ نَعَمْ إنْ انْحَرَفَ الْوَاقِفُ إلَى الْمَاشِي فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ وَمَاتَا فَكَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا وَحُكْمُهُ يَأْتِي عَلَى الأثر.

ص: 175

فصل

اصطدم حران فعلى عاقلة من قصد نصف دية مغلظة وغيره نصفها مخففة وعلى كل أو في تركته نصف قيمة دابة الآخر ومن أركب صبيين أو مجنونين تعديا ولو وليا ضمنهما ودابتيهما أو رقيقان فهدر أو سفينتان فكدابتين والملاحان كراكبين فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا مَالُ أَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا نصف الضمان ولو أشرفت سفينة على غرق جَازَ طَرْحُ مَتَاعِهَا وَوَجَبَ لِرَجَاءِ نَجَاةِ رَاكِبٍ فإن طرح مال غيره بلا إذن ضمنه كما قال ألق متاعك وعلى ضمانه أو نحوه.

ــ

فَصْلٌ: فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ.

لَوْ " اصْطَدَمَ حُرَّانِ " مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ وَلَوْ صَبِيَّيْنِ أَوْ مَجْنُونَيْنِ أَوْ حَامِلَيْنِ مُقْبِلَيْنِ كَانَا أَوْ مُدْبِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُقْبِلًا وَالْآخَرُ مُدْبِرًا فَوَقَعَا وَمَاتَا وَدَابَّتَاهُمَا " فَعَلَى عَاقِلَةِ مَنْ قَصَدَ " الِاصْطِدَامَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا " نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ " لِوَارِثِ الْآخَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ الْآخَرِ فَفِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَضْمُونٌ فِي حَقِّ الْآخَرِ ضَمَانُ شِبْهِ عَمْدٍ لَا عَمْدٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الِاصْطِدَامَ لَا يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ " وَ " عَلَى عَاقِلَةِ " غَيْرِهِ " وَهُوَ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاصْطِدَامَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِعَمًى أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ ظُلْمَةٍ " نِصْفُهَا مُخَفَّفَةً وَعَلَى كُلٍّ " مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَمُتْ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ فِي تَرِكَتِهِ " إنْ مَاتَ " نِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ " وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِتْلَافِ مَعَ هَدَرِ فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي فِي السَّفِينَتَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّتَيْنِ مَالُ أَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا نِصْفُ الضَّمَانِ أيضا لو كَانَتْ حَرَكَةُ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ ضَعِيفَةً بِحَيْثُ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهَا مَعَ قُوَّةِ حَرَكَةِ الْأُخْرَى لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حُكْمٌ كَغَرْزِ إبْرَةٍ في جلد الْعَقِبِ مَعَ الْجِرَاحَاتِ الْعَظِيمَةِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الإمام وأقراه وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَاشِيَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ.

" وَمَنْ أَرْكَبَ صَبِيَّيْنِ أَوْ مَجْنُونَيْنِ تَعَدِّيًا وَلَوْ وَلِيًّا " كَأَنْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ دَابَّتَيْنِ شَرِسَتَيْنِ أَوْ جَمُوحَتَيْنِ " ضَمِنَهُمَا وَدَابَّتَيْهِمَا " وَالضَّمَانُ الْأَوَّلُ عَلَى عَاقِلَتِهِ والثاني عليه نعم إن تعمدا الِاصْطِدَامَ فَفِي الْوَسِيطِ يُحْتَمَلُ إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهِمَا بناء على أن عمدهما عَمْدٌ وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّيْخَانِ وَفَرَضُوهُ فِي الصَّبِيِّ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْمُرْكِبُ فَكَمَا لَوْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا وَالتَّقْيِيدُ بِالتَّعَدِّي مَعَ ذِكْرِ حُكْمِ الْوَلِيِّ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " اصْطَدَمَ " رَقِيقَانِ " وَمَاتَا " فَهَدَرٌ " وَإِنْ تَفَاوَتَا قِيمَةً لِفَوَاتِ مَحَلِّ تَعَلُّقِ الجناية وإن مات أحدهما فنصف قيمتهفي رَقَبَةِ الْحَيِّ نَعَمْ لَوْ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا كَمُسْتَوْلَدَتَيْنِ لَزِمَ سَيِّدَ كُلٍّ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْآخَرِ وَكَذَا لَوْ كَانَا مَغْصُوبَيْنِ لَزِمَ الْغَاصِبَ الْأَقَلُّ أَيْضًا وَتَعْبِيرِي بِالرَّقِيقِ أَعَمُّ من تعبيره بالعبد " أو " اصطدام " سَفِينَتَانِ " لِمَلَّاحَيْنِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ " فَكَدَابَّتَيْنِ " فِي حُكْمِهِمَا السَّابِقِ فَإِنْ كَانَتَا فِي الثَّانِيَةِ لِاثْنَيْنِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ جَمِيعِ قِيمَةِ سَفِينَتِهِ مِنْ مَلَّاحِهِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ بِنِصْفِهَا عَلَى مَلَّاحِ الْآخَرِ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهَا مِنْهُ وَنِصْفَهَا مِنْ مَلَّاحِ الْآخَرِ " وَالْمَلَّاحَانِ " فِيهِمَا الْمُجْرِيَانِ لَهُمَا "كَرَاكِبَيْنِ" لِدَابَّتَيْهِمَا فِي حُكْمِهِمَا السَّابِقِ نَعَمْ أن تعمدا الاصطدام بما يعد مفضيا للهلاك غالبا وَجَبَ نِصْفُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي تَرِكَةِ الآخر لا عَلَى عَاقِلَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَمُوتَا وَكَانَ مَعَهُمَا ركاب وماتوا بذلك اقتص منهما الواحد بِالْقُرْعَةِ وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَةُ.

" فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا مَالُ أَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا " مِنْهُمَا " نِصْفُ الضَّمَانِ " لِتَعَدِّيهِمَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ جَمِيعِ بَدَلِ مَالِهِ مِنْ أَحَدِ الْمَلَّاحَيْنِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ بِنِصْفِهِ عَلَى الْآخَرِ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ مِنْهُ وَنِصْفَهُ مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ الْمَلَّاحَانِ رَقِيقِينَ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِمَا هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الِاصْطِدَامُ بِفِعْلِهِمَا أَوْ بِتَقْصِيرِهِمَا كَأَنْ قَصَّرَا فِي الضَّبْطِ مَعَ إمْكَانِهِ أَوْ سَيَّرَا فِي رِيحٍ شَدِيدَةٍ لَا تَسِيرُ فِي مِثْلِهَا السُّفُنُ أَوْ لَمْ يُكْمِلَا عُدَّتَهُمَا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهُمَا كَأَنْ حَصَلَ الِاصْطِدَامُ بِغَلَبَةِ الرِّيَاحِ فَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ غَلَبَةِ الدَّابَّتَيْنِ الرَّاكِبَيْنِ لِأَنَّ الضَّبْطَ مُمْكِنٌ بِاللِّجَامِ " وَلَوْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ " فِيهَا مَتَاعٌ وَرَاكِبٌ " عَلَى غَرَقٍ " وَخِيفَ غَرَقُهَا بِمَتَاعِهَا " جَازَ طَرْحُ مَتَاعِهَا " كُلِّهِ فِي الْبَحْرِ لِرَجَاءِ سَلَامَتِهَا أَوْ بَعْضِهِ لِرَجَاءِ سَلَامَةِ الباقي وقيد البلقيني الجواز بإذن المالك وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ " وَوَجَبَ " طَرْحُهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ " لِرَجَاءِ نَجَاةِ رَاكِبٍ " مُحْتَرَمٍ إذَا خِيفَ هَلَاكُهُ وَيَجِبُ إلْقَاءُ مَا لَا رُوحَ فِيهِ لِتَخْلِيصِ ذِي رُوحٍ وَإِلْقَاءُ الدَّوَابِّ لِإِبْقَاءِ الْآدَمِيِّينَ وَإِذَا انْدَفَعَ الْغَرَقُ بِطَرْحِ بَعْضِ الْمَتَاعِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ " فَإِنْ طَرَحَ مَالَ غيره بلا إذن " منه " ضمنه " كأكل.

ص: 176

وخاف غرقا ولم يختص نفع الإلقاء بالملقى ولو قتل حجر منجنيق أحد رماته هدر قسطه وعلى عاقلة الباقين الباقي أو غيرهم بلا قصد فخطأ أو به فعمد إن غلبت الإصابة.

فصل:

عاقلة جان عصبته وقدم أقرب فإن بقي شيء فمن يليه ومدل بأبوين فمعتق فعصبته فمعتقه فعصبته فمعتق أبي الجاني فعصبته فمعتقه فعصبته وهكذا ولا يعقل بعض جان ومعتق ولو ابن ابن عمها وعتيقها تعقله عاقلتها ومعتقون وكل من عصبة كل معتق كمعتق ولا يعقل عتيق فبيت مال عن مسلم فعلى جان وتؤجل عليه كعاقلة دية.

ــ

الْمُضْطَرِّ طَعَامَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ " كَمَا لَوْ قَالَ " لِآخَرَ فِي سَفِينَتِهِ " أَلْقِ مَتَاعَك " فِي الْبَحْرِ " وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَوْ نَحْوَهُ " كَقَوْلِهِ عَلَى أَنِّي ضَامِنُهُ أَوْ عَلَى أَنِّي أَضْمَنُهُ فَأَلْقَاهُ فِيهِ " وَخَافَ " الْقَائِلُ لَهُ " غَرَقًا وَلَمْ يَخْتَصَّ نَفْعُ الْإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي " بِأَنْ اخْتَصَّ بِالْمُلْتَمِسِ أَوْ به وبالملقي أو بأجنبي أو به أو بأحدهما أَوْ عَمَّ الثَّلَاثَةَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ وَلَمْ تَحْصُلْ النَّجَاةُ لِأَنَّهُ الْتِمَاسُ إتْلَافٍ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ بِعِوَضٍ فَصَارَ كَقَوْلِهِ اعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا فَإِنْ لَمْ يَخَفْ غَرَقًا أَوْ اخْتَصَّ النَّفْعُ بِالْمُلْقِي كَأَنْ قَالَ مَنْ بِالشَّطِّ أَوْ بِزَوْرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ بِقُرْبِ السَّفِينَةِ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَأَلْقَاهُ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَلْقِ متاعك لم يضمنه لأنه في الأول شَبِيهٌ بِمَنْ الْتَمَسَ هَدْمَ دَارِ غَيْرِهِ فَفَعَلَ وَفِي الثَّانِيَةِ أَمَرَ الْمَالِكَ بِفِعْلٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَفَعَلَهُ لِغَرَضِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ عِوَضٌ كَمَا لَوْ قَالَ لِمُضْطَرٍّ كُلْ طَعَامَك وَعَلَيَّ ضمانه فأكله وفي الثانية لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ حَيْثُ يَرْجِعُ بِهِ عليه بأن أداء الدين ينفعه قطعا وإلقاء قَدْ لَا يَنْفَعُهُ.

" وَلَوْ قَتَلَ حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ " بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ فِي الْأَشْهَرِ " أَحَدَ رُمَاتِهِ " كأن عاد عليه " هدر قسطه على عَاقِلَةِ الْبَاقِينَ الْبَاقِي " مِنْ دِيَتِهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بفعله وفعلهم خطأ فإن كان واحدا مِنْ عَشَرَةٍ سَقَطَ عُشْرُ دِيَتِهِ وَوَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْ التِّسْعَةِ عُشْرُهَا " أَوْ " قَتَلَ " غَيْرَهُمْ بِلَا قَصْدٍ " مِنْ الرُّمَاةِ " فَخَطَأٌ " قَتَلَهُ لِعَدَمِ قَصْدِهِمْ لَهُ " أَوْ بِهِ " أَيْ بِقَصْدٍ مِنْهُمْ " فَعَمْدٌ إنْ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ " مِنْهُمْ بِحَذْفِهِمْ لِقَصْدِهِمْ مُعَيَّنًا بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِنْ غَلَبَ عدمها أو استوى الأمران فشبه عمد.

فصل: في العاقلة وكيفية تأجيل ما تحمل.

وَسُمُّوا عَاقِلَةً لِعَقْلِهِمْ الْإِبِلَ بِفِنَاءِ دَارِ الْمُسْتَحِقِّ وَيُقَالُ لِتَحَمُّلِهِمْ عَنْ الْجَانِي الْعَقْلَ أَيْ الدِّيَةَ وَيُقَالُ لِمَنْعِهِمْ عَنْهُ وَالْعَقْلُ الْمَنْعُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْعَقْلُ عَقْلًا لِمَنْعِهِ مِنْ الْفَوَاحِشِ.

" عَاقِلَةُ جَانٍ عصيته " الْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِمْ مِنْ النَّسَبِ لِمَا فِي رِوَايَةٍ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ أَوَائِلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا " وَقُدِّمَ " مِنْهُمْ " أَقْرَبُ " فَأَقْرَبُ فَيُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِهِ الْوَاجِبُ مِنْ الدِّيَةِ آخِرَ السَّنَةِ كَمَا سَيَأْتِي " فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ " مِنْهُ " فَمَنْ يَلِيهِ " أَيْ الْأَقْرَبُ يُوَزَّعُ الْبَاقِي عَلَيْهِ وَهَكَذَا وَالْأَقْرَبُ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ نَزَلُوا ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ كَالْإِرْثِ " وَ " قُدِّمَ " مُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ " عَلَى مُدْلٍ بِأَبٍ كالإرث " ف " إن عُدِمَ عَصَبَةُ النَّسَبِ أَوْ لَمْ يَفِ مَا عليهم بالواجب في الجناية " فمعتق فَعَصَبَتُهُ " مِنْ النَّسَبِ " فَمُعْتِقُهُ فَعَصَبَتُهُ " كَذَلِكَ وَهَكَذَا " فَمُعْتِقُ أَبِي الْجَانِي فَعَصَبَتُهُ " كَذَلِكَ " فَمُعْتِقُهُ فَعَصَبَتُهُ " كَذَلِكَ وَتَعْبِيرِي بِالْفَاءِ آخِرًا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ فِيهِ بِالْوَاوِ "وَهَكَذَا" أَيْ بَعْدَ مُعْتِقِ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ مُعْتِقُ الْجَدِّ إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي وَيُوَزَّعُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُعْتِقِينَ بِقَدْرِ مِلْكِهِمْ لَا بعدد رؤوسهم وَيَعْقِلُ الْمَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ إذَا لَمْ يُوجَدْ عِتْقٌ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ وَيَتَحَمَّلُ أَيْضًا بَعْدَ مَنْ ذَكَرَ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ وَذَوُو الْأَرْحَامِ إنْ وَرَّثْنَاهُمْ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَنَقَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَالظَّاهِرُ أَنْ تَحْمِلَ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ قَبْلَ ذَوِي الْأَرْحَامِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ.

" وَلَا يَعْقِلُ بَعْضٌ جَانٍ وَ " بَعْضٌ " مُعْتِقٌ " مِنْ أَصْلٍ وَفَرْعٍ لِمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ أَوَائِلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَبَرَأَ الْوَلَدُ أَيْ مِنْ الْعَقْلِ وَقِيسَ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَبْعَاضِ وَبِبَعْضِ الْجَانِي بَعْضُ الْمُعْتِقِ " وَلَوْ " كَانَ فَرْعُ الْجَانِيَةِ " ابْنَ ابْنِ عَمِّهَا " فَلَا يَعْقِلُ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ يَلِي نِكَاحَهَا لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ هُنَا مَانِعَةٌ وَثَمَّ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٍ فَإِذَا وُجِدَ مُقْتَضٍ زُوِّجَ بِهِ وَذَكَرَ حُكْمَ بَعْضِ الْمُعْتِقِ من زيادتي " وعتيقها " أي المرأة " تعقله عاقلتها " دونها لما يأتي أن المرأة لا تعقل " ومعتقون

ص: 177

نفس كاملة ثلاث سنين في كل سنة ثلث وكافر معصوم سنة ودية امرأة وخنثى سنتين في الأولى ثلث وتحمل عاقلة رقيقا ففي كل سنة قدر ثلث كغير نفس ولو قتل مسلمين ففي ثلاث وأجل نفس من زهوق وغيرها من جناية ومن مات في أثناء سنة فلا شيء ويعقل كافر ذو أمان عن مثله لا فقير ورقيق وصبي ومجنون وامرأة وخنثى ومسلم عن كافر وعكسه وعلى غني مَلَكَ آخِرَ السَّنَةِ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ عِشْرِينَ دينارا نصف دينار ومتوسط ملك دونها وفوق ربعه ربعه.

ــ

وَكُلٌّ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ كَمُعْتِقٍ " فِيمَا عَلَيْهِ كُلُّ سَنَةٍ مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ أَوْ رُبْعِهِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ فِي الْأُولَى لِجَمِيعِ الْمُعْتِقِينَ لَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَفِي الثَّانِيَةِ لِكُلٍّ مِنْ العصبة فلا يتوزع عليهم تورعه عَلَى الشُّرَكَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ بَلْ يُورَثُ به " ولا يعقل عتيق " ولا عصبته من معتقة لانتفاء إرثه " ف " إن عُدِمَ مَنْ ذُكِرَ أَوْ لَمْ يَفِ مَا عليه بما مر ف " بيت مَالٍ " يَعْقِلُ " عَنْ مُسْلِمٍ " الْكُلَّ أَوْ الْبَاقِيَ لأنه يرثه بخلاف الكافر فماله فَيْءٌ وَالْوَاجِبُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ اللَّقِيطُ فَلَا يَعْقِلُ عَنْ قَاتِلِهِ بَيْتُ الْمَالِ إذْ لَا فَائِدَةَ من أَخْذِهَا مِنْهُ لِتُعَادَ إلَيْهِ " فَ " إنْ عُدِمَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفِ مَا ذُكِرَ فَالْكُلُّ أَوْ الْبَاقِي " عَلَى جَانٍ " بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ ثُمَّ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَكُلُّهُ عَلَى جَانٍ " وَتُؤَجَّلُ " وَلَوْ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ قَاضٍ " عَلَيْهِ " أَيْ عَلَى الْجَانِي " كَعَاقِلَةِ دِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٍ " بِإِسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ وَذُكُورَةٍ " ثَلَاثَ سِنِينَ فِي " آخِرِ " كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثٌ " مِنْ الدِّيَةِ وَتَأْجِيلُهَا بِالثَّلَاثِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما وَعَزَاهُ الشَّافِعِيُّ إلَى قَضَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالظَّاهِرُ تَسَاوِي الثَّلَاثِ فِي الْقِسْمَةِ وَأَنَّ كُلَّ ثُلُثٍ آخِرَ سَنَتِهِ وَأُجِّلَتْ بِالثَّلَاثِ لِكَثْرَتِهَا لَا لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ وَتَأْجِيلُهَا عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي.

" وَ " تُؤَجَّلُ دِيَةُ " كَافِرٍ مَعْصُومٍ " وَلَوْ غَيْرَ ذِمِّيٍّ وَإِنْ عَبَّرَ الْأَصْلُ بِالذِّمِّيِّ " سَنَةً " لِأَنَّهَا قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةِ مُسْلِمٍ أَوْ أَقَلُّ " و " تُؤَجَّلُ " دِيَةُ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى " مُسْلِمَيْنِ " سَنَتَيْنِ فِي " آخِرِ " الْأُولَى " مِنْهُمَا " ثُلُثٌ " مِنْ دِيَةِ نَفْسٍ كَامِلَةٍ وَذِكْرُ حُكْمِ الْخُنْثَى مِنْ زِيَادَتِي " وَتَحْمِلُ عَاقِلَةٌ رَقِيقًا " أَيْ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ كَالْحُرِّ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ دِيَةٍ أَوْ دِيَتَيْنِ "فَفِي" آخِرِ " كُلِّ سَنَةٍ " يُؤْخَذُ مِنْهَا " قَدْرُ ثُلُثٍ " مِنْ دِيَةِ نَفْسٍ كَامِلَةٍ " كَ " وَاجِبِ " غَيْرِ نَفْسٍ " مِنْ الْأَطْرَافِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ بَدَلَهَا كَدِيَةِ النَّفْسِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ من تعبيره بِالْأَطْرَافِ " وَلَوْ قَتَلَ " رَجُلَيْنِ " مُسْلِمَيْنِ " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ رَجُلَيْنِ " فَفِي ثَلَاثٍ " لَا سِتٍّ مِنْ السِّنِينَ تُؤْخَذُ دِيَتُهُمَا فِي كُلِّ سَنَةٍ لِكُلِّ ثُلُثٍ دِيَةٌ " وَأُجِّلَ " وَاجِبُ " نَفْسٍ مِنْ " وَقْتِ " زَهُوقٍ " لَهَا بِمُزْهِقٍ أَوْ بِسِرَايَةِ جُرْحِ لِأَنَّهُ مَالٌ يَحِلُّ بِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَكَانَ ابْتِدَاءُ أَجَلِهِ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ " وَ " أُجِّلَ وَاجِبُ " غَيْرِهَا مِنْ " وَقْتِ " جِنَايَةٍ " لِأَنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُطَالَبُ بِبَدَلِهَا إلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ نَعَمْ لَوْ سَرَتْ جِنَايَةٌ مِنْ أُصْبُعٍ إلَى كَفٍّ مَثَلًا فَأُجِّلَ أَرْشُ الْأُصْبُعِ مِنْ قَطْعِهَا وَالْكَفِّ مِنْ سُقُوطِهَا كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارُ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ.

" وَمَنْ مَاتَ" مِنْ الْعَاقِلَةِ " فِي أَثْنَاءِ سَنَةٍ فَلَا شَيْءَ" عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبِهَا بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ بَعْدَهَا " وَيَعْقِلُ كَافِرٌ ذُو أَمَانٍ عَنْ مِثْلِهِ " إنْ زَادَتْ مُدَّتُهُ عَلَى مُدَّةِ الْأَجَلِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكُفْرِ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ " لَا فَقِيرٌ " وَلَوْ كَسُوبًا فَلَا يَعْقِلُ لِأَنَّ الْعَقْلَ مُوَاسَاةٌ وَالْفَقِيرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا " وَرَقِيقٌ " لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْأَرِقَّاءِ لَا مِلْكَ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ " وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى " وَهُمَا مِنْ زِيَادَتِي وَذَلِكَ لِأَنَّ مَبْنِيَّ الْعَقْلِ عَلَى النُّصْرَةِ وَلَا نُصْرَةَ بِهِمْ " وَمُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ وَعَكْسُهُ " إذْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا فَلَا نُصْرَةَ " وَعَلَى غَنِيٍّ " مِنْ الْعَاقِلَةِ وَهُوَ مَنْ " مَلَكَ آخِرَ السَّنَةِ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ عِشْرِينَ دِينَارًا " أَيْ قَدْرُهَا " نِصْفُ دينار و " على " مُتَوَسِّطٍ " وَهُوَ مَنْ " مَلَكَ " آخِرَ السَّنَةِ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ " دُونَهَا " أَيْ الْعِشْرِينَ دِينَارًا " وَفَوْقَ رُبْعِهِ " أَيْ الدِّينَارِ " رُبْعُهُ " بِمَعْنَى مِقْدَارِهِمَا لَا عَيْنِهِمَا لِأَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْوَاجِبَةُ وَمَا يُؤْخَذُ يُصْرَفُ إلَيْهَا وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ لَا يَأْخُذَ غَيْرَهَا وَإِنَّمَا شَرْطُ كَوْنِ الدُّونِ الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهِ فَوْقَ الرُّبْعِ لِئَلَّا يَصِيرَ بِدَفْعِهِ فَقِيرًا وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ مَنْ أَعْسَرَ آخِرَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قَبْلُ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ وَأَنَّ مَنْ أُعْسِرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوسِرًا أَخَّرَهَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ وَاجِبِهَا وَمَنْ كَانَ أَوَّلُهَا رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا وَصَارَ فِي آخِرِهَا بِصِفَةِ الْكَمَالِ لَا يَدْخُلُ فِي التَّوْزِيعِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَا فِيمَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ فِي الِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ وَذِكْرُ ضَابِطِ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ مِنْ زيادتي.

ص: 178

فَصْلٌ

مَالُ جِنَايَةِ رَقِيقٍ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ ولسيده بيعه لها وفداؤه بالأقل من قيمته والأرش وقتها إن منع بيعه ثم نقصت قيمته وإلا فوقت فداء ولو جنى قبل فداء باعه فيهما أَوْ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشَيْنِ وَلَوْ أتلفه فداه كأم ولد بالأقل وجناياتها كواحدة ولو هرب أو مات برىء سيده إلا إن طلب فمنعه ولو اختار فداء فله رجوع وبيع.

فصل

في كل جنين انفصل أو ظهر ميتا وَلَوْ لَحْمًا فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ بِقَوْلِ قَوَابِلَ بجناية على أمه الحية وهو معصوم غرة.

ــ

فَصْلٌ: فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ.

" مَالُ جِنَايَةِ رَقِيقٍ " وَلَوْ بَعْدَ الْعَفْوِ أَوْ فِدَاءٍ مِنْ جِنَايَةٍ أُخْرَى " يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ " إذْ لَا يُمْكِنُ إلْزَامُهُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهِ مَعَ بَرَاءَتِهِ وَلَا أَنْ يُقَالَ فِي ذِمَّتِهِ إلَى عِتْقِهِ لِأَنَّهُ تَفْوِيتٌ لِلضَّمَانِ أَوْ تَأْخِيرٌ إلَى مَجْهُولٍ وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مُعَامَلَةِ غَيْرِهِ لَهُ لِرِضَاهُ بذمته فالمتلعق بِرَقَبَتِهِ طَرِيقٌ وَسَطٌ فِي رِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ " فَقَطْ " أَيْ لَا بِذِمَّتِهِ وَلَا بِكَسْبِهِ وَلَا بِهِمَا وَلَا بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِهِمَا مَعَ رَقَبَتِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْجِنَايَةِ وَإِلَّا لَمَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ كَدُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ حَتَّى لَوْ بَقِيَ شَيْءٌ لَا يَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ نَعَمْ إنْ أَقَرَّ الرَّقِيقُ بِالْجِنَايَةِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ سَيِّدُهُ وَلَا بَيِّنَةَ تَعَلَّقَ وَاجِبُهَا بِذِمَّتِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ أَوْ اطَّلَعَ سَيِّدُهُ عَلَى لُقَطَةٍ فِي يَدِهِ وَأَقَرَّهَا عِنْدَهُ أَوْ أَهْمَلَهُ وأعرض عنه فأتلفها أو تلفت عنده تَعَلُّقِ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ وَبِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّ جِنَايَةَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَوْ بَالِغًا بِأَمْرِ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْآمِرِ وَتَعْبِيرِي بِالرَّقِيقِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ " وَلِسَيِّدِهِ " وَلَوْ بِنَائِبِهِ " بَيْعُهُ لَهَا " أَيْ لِأَجْلِهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ " وَ" لَهُ " فِدَاؤُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ " لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ تَسْلِيمِ الرَّقَبَةِ وَهِيَ بَدَلُهَا أَوْ الْأَرْشُ فَهُوَ الْوَاجِبُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ " وَقْتَهَا " أَيْ وَقْتَ الجناية لأنه وقت تعلقها هَذَا " إنْ مَنَعَ " السَّيِّدُ " بَيْعَهُ " وَقْتَهَا " ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ وَإِلَّا فَوَقْتُ فِدَاءٍ " تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لِأَنَّ النَّقْصَ قَبْلَهُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَاتَ الرَّقِيقُ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ وقولي وقتها إلى آخرها مِنْ زِيَادَتِي.

" وَلَوْ جَنَى " ثَانِيًا مَثَلًا " قَبْلَ فِدَاءٍ بَاعَهُ فِيهِمَا " أَيْ فِي جِنَايَتَيْهِ وَوَزَّعَ ثَمَنَهُ عَلَيْهِمَا " أَوْ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشَيْنِ وَلَوْ أَتْلَفَهُ " حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ قَتَلَهُ أو عتقه أَوْ بَاعَهُ وَصَحَّحْنَاهُ بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا وَالْبَائِعُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ " فَدَاهُ " لُزُومًا لِمَنْعِهِ بَيْعَهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ " كَأُمِّ وَلَدٍ " أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْجَانِي أُمَّ وَلَدٍ فَيَلْزَمُهُ فِدَاؤُهَا لِذَلِكَ " بِالْأَقَلِّ " مِنْ قِيمَتِهَا وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَالْأَرْشِ " وَجِنَايَاتُهَا كَوَاحِدَةٍ " فَيَفْدِيهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَالْأَرْشِ فَيَشْتَرِكُ الْأَرْشُ الزَّائِدُ عَلَى الْقِيمَةِ فِيهَا بِالْمُحَاصَّةِ كَأَنْ تَكُونُ أَلْفَيْنِ وَالْقِيمَةُ أَلْفًا وَكَأُمِّ الولد الموقوف " وَلَوْ هَرَبَ " الْجَانِي " أَوْ مَاتَ بَرِئَ سَيِّدُهُ " مِنْ عُلْقَتِهِ " إلَّا أَنْ طَلَبَ " مِنْهُ " فَمَنَعَهُ " فَيَصِيرُ مُخْتَارًا لِفِدَائِهِ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَادِقٌ بِأَنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ " وَلَوْ اخْتَارَ فِدَاءً فَلَهُ رُجُوعٌ " عَنْهُ " وَبِيعَ " لَهُ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ وَلَيْسَ الْوَطْءُ اخْتِيَارًا.

فَصْلٌ: فِي الْغُرَّةِ.

وَتَقَدَّمَ دَلِيلُهَا فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوَائِلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ.

تَجِبُ " فِي كُلِّ جَنِينٍ " حُرٍّ " انْفَصَلَ أَوْ ظَهَرَ " بِخُرُوجِ رَأْسِهِ مَثَلًا " مَيِّتًا " فِي الْحَالَيْنِ " وَلَوْ لَحْمًا فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ بِقَوْلِ قَوَابِلَ بِجِنَايَةٍ عل أُمِّهِ الْحَيَّةِ وَهُوَ مَعْصُومٌ " عِنْدَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُ مَعْصُومَةً عِنْدَهَا " غُرَّةٌ " فَفِي جَنِينَيْنِ غُرَّتَانِ وَهَكَذَا وَلَوْ مِنْ حَامِلَيْنِ اصْطَدَمَتَا لَكِنَّهُمَا إنْ كَانَتَا مُسْتَوْلَدَتَيْنِ وَالْجَنِينَانِ مِنْ سَيِّدَيْهِمَا سَقَطَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ غُرَّةِ جَنِينِ مُسْتَوْلَدَتِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ إلَّا إذَا كَانَ لِلْجَنِينِ جَدَّةٌ لِأُمٍّ فَلَهَا السُّدُسُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا الرُّبْعُ وَالسُّدُسُ فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلُ وَلَمْ يظهر.

ص: 179

وإن انفصل حيا فإن مات عقبه أو دام ألمه فمات فدية وإلا فلا ضمان والغرة رقيق مميز بلا عيب مبيع وهرم يبلغ عشر دية الأم وتفرض كأب دينا إن فضلها فيه فالعشر فقيمته لورثة جنين وَفِي جَنِينٍ رَقِيقٍ عُشْرِ أَقْصَى قِيَمِ أُمِّهِ مِنْ جِنَايَةٍ إلَى إلقاء لسيده وتقوم سليمة والواجب على عاقلة.

فصل:

على غير حربي وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَرَقِيقًا وَمُعَاهِدًا وَشَرِيكًا وَمُرْتَدًّا كفارة بقتله معصوما عليه ولو معاهدا وجنينا وعبده ونفسه.

ــ

أَوْ انْفَصَلَ وَظَهَرَ لَحْمٌ لَا صُورَةَ فِيهِ أو كانت أمه ميتة أو كان هوغير مَعْصُومٍ عِنْدَ الْجِنَايَةِ كَجَنِينِ حَرْبِيَّةٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُودِهِ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ وَظُهُورِ مَوْتِهِ بِمَوْتِهَا فِي الثَّالِثَةِ وَعَدَمِ الِاحْتِرَامِ فِي الرَّابِعَةِ وَالتَّصْرِيحِ بِاعْتِبَارِ وُقُوعِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيَّةِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِعِصْمَةِ جَنِينِهَا مِنْ زِيَادَتِي وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَقْيِيدِي لَهُ بِهَا أَوْلَى مِنْ تقييد من قيد أمه بها لا يهام ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَنَى عَلَى حَرْبِيَّةٍ جَنِينُهَا مَعْصُومٌ حِينَئِذٍ لَا شَيْءَ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

" وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ عَقِبَهُ " أَيْ عقب انفصاله " أو دام ألمه فمات فَدِيَةٌ " لِأَنَّا تَيَقَّنَّا حَيَاتَهُ وَقَدْ مَاتَ بِالْجِنَايَةِ " وَإِلَّا " بِأَنْ بَقِيَ زَمَنًا وَلَا أَلَمَ بِهِ ثم مات " فَلَا ضَمَانَ " فِيهِ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ مَوْتَهُ بِالْجِنَايَةِ " وَالْغُرَّةُ رَقِيقٌ " وَلَوْ أَمَةً " مُمَيِّزٌ بِلَا عَيْبِ مَبِيعٍ " لِأَنَّ الْغُرَّةَ الْخِيَارُ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَعِيبِ لَيْسَا مِنْ الْخِيَارِ وَاعْتُبِرَ عَدَمُ عَيْبِ المبيع كإبل الدية لأنه حق آدمي لو حظ فِيهِ مُقَابَلَةُ مَا فَاتَ مِنْ حَقِّهِ فَغُلِّبَ فِيهِ شَائِبَةُ الْمَالِيَّةِ فَأَثَّرَ فِيهَا كُلُّ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَالِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْكَفَّارَةَ وَالْأُضْحِيَّةَ " وَ " بِلَا " هَرَمٍ " فَلَا يُجْزِئُ رَقِيقٌ هَرِمٌ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِيهَا لفظ الرقبة " يبلغ " أي الرقيق أي قيمته " عُشْرَ دِيَةِ الْأُمِّ " فَفِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ رَقِيقٌ تبلغ قيمته خمس أَبْعِرَةٍ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ " وَتُفْرَضُ " أَيْ الْأُمُّ " كَأَبٍ دِينَا إنْ فَضَلَهَا فِيهِ " فَفِي جَنِينٍ بَيْنَ كِتَابِيَّةٍ وَمُسْلِمٍ تُفْرَضُ الْأُمُّ مُسْلِمَةً " فَ " إنْ فُقِدَ الرَّقِيقُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَجَبَ " الْعُشْرُ " مِنْ دِيَةِ الْأُمِّ " فَ " إنْ فُقِدَ الْعُشْرُ بِفَقْدِ الْإِبِلِ وَجَبَ " قِيمَتُهُ " كَمَا فِي إبِلِ الدِّيَةِ وَهَذَا مَعَ ذِكْرِ الْفَرْضِ مِنْ زِيَادَتِي وَالْغُرَّةُ " لِوَرَثَةِ جَنِينٍ " لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى غُرَّةِ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ.

" وَفِي جَنِينٍ رَقِيقٍ عُشْرِ أَقْصَى قِيَمِ أُمِّهِ مِنْ جِنَايَةٍ إلَى إلْقَاءٍ " أَمَّا وُجُوبُ الْعُشْرِ فَعَلَى وِزَانِ اعْتِبَارِ الْغُرَّةِ فِي الْحُرِّ بِعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ الْمُسَاوِي لِنِصْفِ عُشْرِ دِيَةِ أَبِيهِ وَأَمَّا وُجُوبُ الْأَقْصَى وَهُوَ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَعَلَى وِزَانِ الْغَصْبِ وَالْأَصْلُ اقْتَصَرَ عَلَى اعْتِبَارِ عُشْرِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ " لِسَيِّدِهِ " لِمِلْكِهِ إيَّاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِأُمِّهِ فَقَوْلِي لِسَيِّدِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لِسَيِّدِهَا " وَتُقَوَّمُ " الْأُمُّ " سَلِيمَةً " سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَاقِصَةً وَالْجَنِينُ سَلِيمٌ أَمْ بِالْعَكْسِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِسَلَامَتِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي فَلِأَنَّ نُقْصَانَ الْجَنِينِ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَاللَّائِقُ الِاحْتِيَاطُ وَالتَّغْلِيظُ " وَالْوَاجِبُ " مِنْ الْغُرَّةِ وَعُشْرُ الْأَقْصَى " عَلَى عَاقِلَةٍ " لِلْجَانِي لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَلِأَنَّهُ لَا عَمْدَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَلَا حَيَاتُهُ حَتَّى يَقْصِدَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ اصْطَدَمَتْ حَامِلَانِ فَأَلْقَتَا جَنِينَيْنِ لَزِمَ عَاقِلَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ غرتي جنينهما لِأَنَّ الْحَامِلَ إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا لَزِمَ عَاقِلَتَهَا الْغُرَّةُ كَمَا لَوْ جَنَتْ عَلَى حَامِلٍ أُخْرَى فَلَا يُهْدَرُ مِنْهَا شَيْءٌ بخلاف الدية لأن الجنين أجنبي عنهما.

فَصْلٌ: فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ.

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} 1 وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} 2.

تَجِبُ " عَلَى غَيْرِ حَرْبِيٍّ " لَا أَمَانَ لَهُ " وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَرَقِيقًا وَمُعَاهِدًا وَشَرِيكًا وَمُرْتَدًّا كَفَّارَةٌ بِقَتْلِهِ " وَلَوْ خَطَأً أَوْ بِتَسَبُّبٍ أَوْ شَرْطٍ " مَعْصُومًا عَلَيْهِ وَلَوْ مُعَاهِدًا وَجَنِينًا " وَمُرْتَدًّا "وَعَبْدَهُ وَنَفْسَهُ " وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُمَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تجب لحق الله تعالى.

1 سورة النساء الآية: 92.

2 سورة النساء الآية: 92.

ص: 180