الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب القضاء
تولية القضاء وآدابه
…
كتاب القضاء.
توليه فرض كفاية فَمَنْ تَعَيَّنَ لَهُ فِي نَاحِيَةٍ لَزِمَهُ طَلَبُهُ وقبوله فيها أو كان أفضل سنا له أو مفضولا ولم يمتنع الأفضل كرها له أو مساويا فكذا إن اشتهر وكفى وإلا سنا له وشرط القاضي كونه أهلا للشهادات كافيا مُجْتَهِدًا وَهُوَ الْعَارِفُ بِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَبِالْقِيَاسِ وأنواعها وحال الرواة ولسان العرب وأقوال العلماء فإن فقد.
ــ
كتاب القضاء.
بِالْمَدِّ أَيْ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} 1 وقوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} 2 وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهَا فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ وَمَا جَاءَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ كَقَوْلِهِ مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ مَحْمُولٌ عَلَى عِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ أَوْ عَلَى مَنْ يكره له القضاء أو يحرم عليه مَا يَأْتِي.
" تَوَلِّيهِ " أَيْ الْقَضَاءِ " فَرْضُ كِفَايَةٍ " في حق الصالحين له في الناحية أَمَّا تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ لِأَحَدِهِمْ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ " فَمَنْ تَعَيَّنَ لَهُ فِي نَاحِيَةٍ لَزِمَهُ طَلَبُهُ " وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ أَوْ خَافَ مِنْ نَفْسِهِ الْمَيْلَ " وَ " لَزِمَهُ " قَبُولُهُ " إذَا وَلِيَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهَا فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ " فِيهَا " أَيْ فِي نَاحِيَتِهِ فَلَا يَلْزَمَانِهِ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لِمَا فيه من ترك الوطن بالكلية لأنه عَمَلَ الْقَضَاءِ لَا غَايَةَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ الْمُحْوِجَةِ إلَى السَّفَرِ كَالْجِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ " أَوْ " لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهَا لَكِنَّهُ " كَانَ أَفْضَلَ " مِنْ غَيْرِهِ " سُنَّا " أَيْ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ " لَهُ " فِيهَا إذَا وَثِقَ بِنَفْسِهِ وَقَوْلِي وَقَبُولُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
" أَوْ " كَانَ " مَفْضُولًا وَلَمْ يَمْتَنِعْ الْأَفْضَلُ " مِنْ الْقَبُولِ " كُرِهَا لَهُ " أَيْ لِلْمَفْضُولِ لِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: "لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ" فَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْقَبُولِ فَكَالْمَعْدُومِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَفْضُولُ أَطْوَعَ وَأَقْرَبَ إلَى الْقَبُولِ وَالْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " كَانَ " مُسَاوِيًا " لِغَيْرِهِ " فَكَذَا " أَيْ فَيُكْرَهَانِ لَهُ " إنْ اشْتَهَرَ " بِالِانْتِفَاعِ بِعِلْمِهِ " وَكُفِيَ " بِغَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِلَا حَاجَةٍ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ امْتِنَاعُ السَّلَفِ " وَإِلَّا " بِأَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ أَوْ لم يكف بما ذكر " ستا لَهُ " لِيُنْتَفَعَ بِعِلْمِهِ أَوْ لِيُكْفَى مِنْ بَيْتِ المال وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ بِعَزْلِ صَالِحٍ لَهُ وَلَوْ مَفْضُولًا وَتَبْطُلُ عَدَالَةُ الطَّالِبِ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِي " وَشَرْطُ الْقَاضِي كَوْنُهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ " بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا عَدْلًا سَمِيعًا بَصِيرًا نَاطِقًا " كَافِيًا " لِأَمْرِ الْقَضَاءِ فَلَا يُوَلَّاهُ كَافِرٌ وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ وَأُنْثَى وَخُنْثَى وَفَاسِقٌ وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَأَعْمَى وَأَخْرَسُ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ وَمُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ النَّظَرِ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لِنَقْصِهِمْ " مُجْتَهِدًا وَهُوَ الْعَارِفُ بِأَحْكَامِ القرآن والسنة وبالقياس وَأَنْوَاعِهَا " فَمِنْ أَنْوَاعِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَالْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ وَالنَّصُّ وَالظَّاهِرُ وَالنَّاسِخُ المنسوخ وَمِنْ أَنْوَاعِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرُ وَالْآحَادُ وَالْمُتَّصِلُ وَغَيْرُهُ وَمِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِي وَالْأَدْوَنُ كَقِيَاسِ الضَّرْبِ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّأْفِيفِ لَهُمَا وَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ فِيهِمَا وَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِجَامِعِ الطَّعْمِ.
" وَحَالِ الرُّوَاةِ " قُوَّةً وَضَعْفًا فَيُقَدَّمُ عِنْدَ التَّعَارُضِ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالنَّصُّ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمُحْكَمُ عَلَى الْمُتَشَابِهِ والناسخ والمتصل والقوي على مقابلها " وَلِسَانِ الْعَرَبِ " لُغَةً وَنَحْوًا وَصَرْفًا وَبَلَاغَةً " وَأَقْوَالِ
1 سورة المائدة الآية: 49.
2 سورة المائدة الآية: 42.
الشرط فولي سلطان ذو شوكة ملسما غير أهل نفذ قضاؤه للضرورة وَسُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ فإن أطلق التولية استخلف فيما عجز عنه والإذن فمطلقا وشرطه كالقاضي إلا أن يستخلفه في خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ به ويحكم باجتهاده أو اجتهاد مقلده ولا يشترط عليه خلافه وجاز نصب أكثر من قاض بمحل إن لم يشترط اجتماعهم على الحكم وتحكيم اثنين أهلا للقضاء في غير عقوبة لله تعالى وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا بِرِضَاهُمَا بِهِ قَبْلَهُ إن لم يكن أحدهما قاضيا ولا يكفي رضا جان في ضرب دية على عاقلته ولو رجع أحدهما قبله امتنع.
ــ
الْعُلَمَاءِ " إجْمَاعًا وَاخْتِلَافًا فَلَا يُخَالِفُهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ " فَإِنْ فُقِدَ الشَّرْطُ " الْمَذْكُورُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ مُتَّصِفٌ بِهِ " فَوَلِيُّ سُلْطَانٌ ذُو شَوْكَةٍ مُسْلِمًا غَيْرَ أَهْلٍ " كَفَاسِقٍ وَمُقَلِّدٍ وَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ " نَفَذَ " بِمُعْجَمَةٍ " قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ " لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ وَتَعْبِيرِي بِمُسْلِمًا غَيْرَ أَهْلٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِتَعْلِيلِهِمْ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُهُمْ تَفَقُّهًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْأَهْلِ مَعْرِفَةُ طَرَفٍ مِنْ الْأَحْكَامِ.
" وَسُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ " إعَانَةً لَهُ " فَإِنْ أَطْلَقَ التَّوْلِيَةَ " بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ " اسْتَخْلَفَ " وَلَوْ بَعْضَهُ " فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ " لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ دُونَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ " أَوْ " أَطْلَقَ " الْإِذْنَ " بِأَنْ لَمْ يُعَمِّمْ لَهُ فِي الْإِذْنِ فِي الِاسْتِخْلَافِ ولم يخصص " فَ " يَسْتَخْلِفُ " مُطْلَقًا " وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَكَإِطْلَاقِ الْإِذْنِ تَعْمِيمُهُ كَمَا فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَإِنْ خَصَّصَهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَتَعَدَّهُ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يُمْكِنُهُ إنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ " وَشَرْطُهُ " أَيْ الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ " كَالْقَاضِي " أَيْ كَشَرْطِهِ السَّابِقِ " إلَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ فِي " أَمْرٍ " خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ " إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا " أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ " بِفَتْحِ اللَّامِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا بِكَسْرِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ بِمُعْتَقَدِهِ " وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ خِلَافُهُ " أَيْ خِلَافُ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهُ " وَجَازَ نَصْبُ أَكْثَرَ مِنْ قَاضٍ بِمَحَلٍّ " كَبَلَدٍ وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ كَالْأَمْوَالِ أَوْ الدِّمَاءِ أَوْ الْفُرُوجِ هَذَا " إنْ لَمْ يشرط اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْحُكْمِ " وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلِي أَكْثَرَ مِنْ قَاضٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ قَاضِيَيْنِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يُكْثِرُوا وَفِي الْمَطْلَبِ يَجُوزُ أَنْ يُنَاطَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ.
" وَ " جَازَ " تَحْكِيمُ اثْنَيْنِ " فَأَكْثَرَ " أَهْلًا لِلْقَضَاءِ " وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ " فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى " وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ أَوْ فِي قَوَدٍ أَوْ نِكَاحٍ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَإِلَّا جَازَ حَتَّى فِي عَقْدِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصٌّ وَبِغَيْرِ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى عُقُوبَتُهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهَا إذْ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّ الَّذِي لَا طَالِبَ لَهُ مُعَيَّنٌ فلا يَجُوزُ فِيهِ التَّحْكِيمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَيْ صَرِيحًا " وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا بِرِضَاهُمَا بِهِ قَبْلَهُ " لِأَنَّ رِضَاهُمَا هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْوِلَايَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا قَاضِيًا " وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَوْلِيَةٌ مِنْهُ فَلَوْ حَكَّمَا اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ قَاضِيَيْنِ لِيَجْتَمِعَا عَلَى الْحُكْمِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَمَّا الرِّضَا بِالْحُكْمِ بَعْدَهُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ.
" وَلَا يَكْفِي رِضَا جَانٍ " هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ رِضَا قَاتِلٍ بِحُكْمِهِ " فِي ضَرْبِ دِيَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ " بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمْ أَيْضًا بِهِ وَلَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِإِقْرَارِهِ فَكَيْفَ يُؤَاخَذُونَ بِرِضَاهُ " وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ " أَيْ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَوْ بَعْدَ إقَامَةِ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ " امْتَنَعَ " الْحُكْمُ وَلَيْسَ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْبِسَ بَلْ غَايَتُهُ الْإِثْبَاتُ وَالْحُكْمُ وَإِذَا حَكَمَ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُقُوبَاتِ كَالْقَوَدِ وحد القذف لم يستوفه لأن ذلك يحرم أبهة الولاة.
فصل:
زالت أهليته بنحو جنون وإغماء انعزل فلو عادت لم تعد ولايته وله عزل نفسه للإمام عزله بخلل بأفضل وبمصلحة إلا حرم وينفذ إن وجد صالح ولا ينعزل قبل بلوغه عزله فإن علقه بقراءته كتابا انعزل بها وبقراءته عليه وينعزل بانعزاله نائبه لا قيم يتيم ووقف وَلَا مَنْ اسْتَخْلَفَهُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ اسْتَخْلِفْ عَنِّي ولا ينعزل قاض ووال بانعزال الإمام وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُتَوَلٍّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ ولايته ولا معزول حكمت بكذا ولا شهادة كل بحكمه إلَّا إنْ شَهِدَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَلَمْ يَعْلَمْ القاضي أنه حكمه وَلَوْ اُدُّعِيَ عَلَى مُتَوَلٍّ جَوْرٌ فِي حُكْمٍ لم يسمع إلا ببينة أو ما لَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ أَوْ عَلَى مَعْزُولٍ شَيْءٌ فكغيرهما.
ــ
فَصْلٌ: فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ.
لَوْ " زَالَتْ أَهْلِيَّتُهُ " أَيْ أَهْلِيَّةُ الْقَاضِي " بِنَحْوِ جُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ " كَغَفْلَةٍ وَصَمَمٍ وَنِسْيَانٍ يُخِلُّ بِالضَّبْطِ وَفِسْقٍ " انْعَزَلَ " لِوُجُودِ الْمُنَافِي وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ عَقْدٌ جَائِزٌ نَعَمْ لَوْ عَمِيَ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا وَلَمْ يَحْتَجْ لِإِشَارَةٍ نَفَذَ حُكْمُهُ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " فَلَوْ عَادَتْ " أَهْلِيَّتُهُ " لَمْ تَعُدْ وِلَايَتُهُ " كَالْوَكَالَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ " وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ " كَالْوَكِيلِ وَهَذَا مِنْ زيادتي " وَلِلْإِمَامِ عَزْلُهُ بِخَلَلٍ " ظَهَرَ مِنْهُ وَيَكْفِي فِيهِ غلبة الظن وحمل هَذَا وَمَا قَبْلَهُ إنْ وُجِدَ ثُمَّ صَالِحٌ غَيْرَهُ لِلْقَضَاءِ " وَبِأَفْضَلَ " مِنْهُ " وَبِمَصْلَحَةٍ " كَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ سَوَاءٌ أَعَزَلَهُ بِمِثْلِهِ أَمْ بِدُونِهِ وَذِكْرُ حُكْمِ دُونِهِ مِنْ زِيَادَتِي " وَإِلَّا " بِأَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ " حَرُمَ " عَزْلُهُ " وَ " لَكِنَّهُ " يَنْفُذُ " طَاعَةً لِلْإِمَامِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إنْ وُجِدَ " ثُمَّ " صَالِحٌ " غَيْرَهُ لِلْقَضَاءِ وَإِلَّا فَلَا يَنْفُذُ أَمَّا الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ بِلَا مُوجِبٍ بِنَاءً عَلَى انْعِزَالِهِ بِمَوْتِهِ " وَلَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ عَزْلُهُ " لِعِظَمِ الضَّرَرِ بِنَقْضِ الْأَحْكَامِ وَفَسَادِ التَّصَرُّفَاتِ نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْخَصْمُ أَنَّهُ مَعْزُولٌ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لَهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ غير حاكم باطنا ذكره الماوردي.
" فإن علقه " أي عزله " بقراءة كِتَابًا انْعَزَلَ بِهَا وَبِقِرَاءَةٍ " مِنْ غَيْرِهِ " عَلَيْهِ " لِأَنَّ الْغَرَضَ إعْلَامُهُ بِصُورَةِ الْحَالِ لَا قِرَاءَتُهُ بِنَفْسِهِ وَصَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ انْعِزَالِهِ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ فَرَّقَ بِأَنَّ الْمَرْعِيَّ ثَمَّ النَّظَرُ إلَى الصِّفَاتِ وهنا إلى الإعلام وكما ينعزل بقراءة الْكِتَابَ يَنْعَزِلُ بِمَعْرِفَتِهِ مَا فِيهِ بِتَأَمُّلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قِرَاءَةٌ حَقِيقَةً " وَيَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ " بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ " نَائِبُهُ " لِأَنَّهُ فَرْعُهُ " لَا قَيِّمُ يَتِيمٍ وَوَقْفٍ " فَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أَبْوَابُ الْمَصَالِحِ " وَلَا مَنْ اسْتَخْلَفَهُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ اسْتَخْلِفْ عَنِّي " لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ سَفِيرٌ فِي التَّوْلِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِك أَوْ أَطْلَقَ فَيَنْعَزِلُ بِذَلِكَ لِظُهُورِ غَرَضِ الْمُعَاوَنَةِ لَهُ فَلَا تُشْكِلُ الثَّانِيَةُ بِنَظِيرَتِهَا مِنْ الْوَكَالَةِ إذْ لَيْسَ الْغَرَضُ ثَمَّ مُعَاوَنَةَ الْوَكِيلِ بَلْ النَّظَرَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى إرَادَتِهِ " وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ وَوَالٍ " وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي " بِانْعِزَالِ الْإِمَامِ " بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ فِي تَعْطِيلِ الْحَوَادِثِ وَتَعْبِيرِي بِالِانْعِزَالِ هُنَا وَفِي الْقَيِّمِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَوْتِ.
" وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُتَوَلٍّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَا " قَوْلُ " مَعْزُولٍ حَكَمْت بِكَذَا " لِأَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا بِهِ " وَلَا شَهَادَةُ كُلٍّ " مِنْهُمَا "بِحُكْمِهِ" لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ " إلَّا إنْ شَهِدَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ " فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ كَذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ بِهِ كَمَا لَوْ صُرِّحَ بِهِ وَقَوْلِي وَلَمْ يَعْلَمْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَوْ اُدُّعِيَ عَلَى مُتَوَلٍّ جَوْرٌ في حكم لَمْ يُسْمَعْ " ذَلِكَ " إلَّا بِبَيِّنَةٍ " فَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ وَالدَّعْوَى عَلَى النَّائِبِ دَعْوَى عَلَى الْمُنِيبِ وَلِأَنَّهُ لَوْ فُتِحَ بَابُ التَّحْلِيفِ لَتَعَطَّلَ الْقَضَاءُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ وَإِلَّا حَلَفَ " أَوْ " اُدُّعِيَ عَلَيْهِ " مَا " أَيْ شَيْءٌ " لَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ أَوْ عَلَى مَعْزُولٍ شَيْءٌ " كَأَخْذِ مَالٍ بِرِشْوَةٍ أَوْ بِشَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ " فَكَغَيْرِهِمَا " فَتُفَصَّلُ الْخُصُومَةُ بِإِقْرَارٍ أَوْ حَلِفٍ أَوْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ وَقَيَّدَ السُّبْكِيُّ الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ فَقَالَ هَذَا إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَقْدَحُ فِيهِ وَلَا يُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ وَإِلَّا فَالْقَطْعُ بِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ وَلَا يَحْلِفُ وَلَا طَرِيقَ لِلْمُدَّعِي حِينَئِذٍ إلَّا الْبَيِّنَةُ ثُمَّ قَالَ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَقْدَحُ فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْحَاكِمِ صِحَّةُ الدَّعْوَى صِيَانَةً عَنْ ابْتِدَائِهِ بِالدَّعْوَى وَالتَّحْلِيفِ انْتَهَى وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مُتَوَلٍّ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عِنْدَ قَاضٍ أَنَّهُ حَكَمَ بكذا فإن كان.
فَصْلٌ
تَثْبُتُ التَّوْلِيَةُ بِشَاهِدَيْنِ يَخْرُجَانِ مَعَ الْمُتَوَلِّي يُخْبِرَانِ أو باستفاضة وسن أن يكتب موليه له ويبحث القاضي عن حال علماء المحل وعدوله ويدخل يوم اثنين فخميس فسبت وينزل وسط المحل وينظر أولا في أهل الحبس فمن أقر بحق فعل مقتضاه ومن قال ظلمت فعلى خصمه حجة فإن كان غائبا كتب إليه ليحضر ثم الأوصياء فمن وجده.
ــ
فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا أَوْ مَعْزُولًا سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ وَلَا يَحْلِفُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَمَا ذَكَرْته فِي الْمَعْزُولِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَاهُ فِيهِ.
فَصْلٌ: فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا.
" تثبت التولية " للقضاء " بشاهدين " كغيرها " يخرجان مَعَ الْمُتَوَلِّي " إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ " يُخْبِرَانِ " أَهْلَهُ بِهَا " أَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ " بِهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ وَلِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ الإشهاد فلا تثبت بِكِتَابٍ لِإِمْكَانِ تَحْرِيفِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} 1 " وَسُنَّ أَنْ يَكْتُبَ مُولِيهِ " إمَامًا كَانَ أَوْ قاضيا فهو أعم وأولى من قَوْلِهِ لِيَكْتُبَ الْإِمَامُ " لَهُ " كِتَابًا بِالتَّوْلِيَةِ وَبِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَفِيهِ الزَّكَوَاتُ وَالدِّيَاتُ وَغَيْرُهَا " وَ " أَنْ "يَبْحَثَ الْقَاضِي عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْمَحَلِّ وَعُدُولِهِ" قَبْلَ دُخُولِهِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَحِينَ يَدْخُلُ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِهِمْ وَتَعْبِيرِي بالمحل هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَلَدِ " و " أَنْ " يَدْخُلَ " وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ " يَوْمَ اثْنَيْنِ " صَبِيحَتَهُ " و " إنْ عَسِرَ دَخَلَ يَوْمَ " خَمِيسٍ فَ " يَوْمَ " سَبْتٍ " وَقَوْلِي فَخَمِيسٍ فَسَبْتٍ مِنْ زِيَادَتِي وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ " وَ " أَنْ " يَنْزِلَ وَسَطَ الْمَحَلِّ " بِفَتْحِ السِّينِ عَلَى الْأَشْهَرِ لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ " وَ " أَنْ " يَنْظُرَ أَوَّلًا فِي أَهْلِ الْحَبْسِ " لِأَنَّهُ عَذَابٌ " فَمَنْ أَقَرَّ " مِنْهُمْ " بِحَقٍّ فَعَلَ " بِهِ " مُقْتَضَاهُ " فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ حَدًّا أَقَامَهُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ أَوْ تَعْزِيرًا وَرَأَى إطْلَاقَهُ فَعَلَ أَوْ مَالًا أَمَرَهُ بِأَدَائِهِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ وَلَمْ يَثْبُتْ إعْسَارُهُ أدام حَبْسُهُ وَإِلَّا نُودِيَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ خَصْمٍ آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ أُطْلِقَ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
" وَمَنْ قَالَ ظُلِمْت " بِالْحَبْسِ " فَعَلَى خَصْمِهِ حُجَّةٌ " فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا صُدِّقَ الْمَحْبُوسُ بِيَمِينِهِ " فَإِنْ كَانَ " خَصْمُهُ " غَائِبًا كَتَبَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ " هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ عَاجِلًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَلَفَ وَأُطْلِقَ لَكِنْ يَحْسُنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كَفِيلٌ " ثُمَّ " بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْمَحْبُوسِينَ يَنْظُرُ فِي " الْأَوْصِيَاءِ " بِأَنْ يُحْضِرَهُمْ إلَيْهِ فَمَنْ ادَّعَى وِصَايَةً بَحَثَ عَنْهَا هل ثبتت ببينة أولا وعن حاله وتصرفه.
1 سورة النساء الآية: 82.
عدلا قويا أقره أو فاسقا أخذ المال منه أو ضعيفا عضده بمعني ثم يتخذ كاتبا عدلا ذكرا حرا عارفا بكتابة محاضر وسجلات شرطا فقيها عفيفا وافر عقل جيد خط ندبا ومترجمين وَأَصَمُّ مُسْمِعِينَ أَهْلَيْ شَهَادَةٍ وَلَا يَضُرُّهُمَا الْعَمَى ويتخذ القاضي مزكيين ودرة لتأديب وسجنا لأداء حق ولعقوبة ومجلسا رفيقا وكره مسجد وقضاء عند تغير خلقه بنحو غضب وأن يعامل بنفسه أو وكيل معروف وسن أن يشاور الفقهاء وَحَرُمَ قَبُولُهُ هَدِيَّةَ مَنْ لَا عَادَةَ لَهُ قبل ولايته أو زاد عليها في محله ومن له خصومة وإلا جاز وسن أن يثيب عليها أو يردها أو يضعها في بيت المال ولا.
ــ
فِيهَا " فَمَنْ وَجَدَهُ عَدْلًا قَوِيًّا " فِيهَا " أَقَرَّهُ أَوْ فَاسِقًا " أَوْ شَكَّ فِي عَدَالَتِهِ وَلَمْ يُعَدِّلْهُ الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ " أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ أَوْ " عَدْلًا " ضَعِيفًا " لِكَثْرَةِ الْمَالِ أَوْ لِسَبَبٍ آخَرَ " عَضَدَهُ بِمُعَيَّنٍ " يَتَقَوَّى بِهِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي أمناء القاضي المنصوبين على المحاجيز وَتَفْرِقَةِ الْوَصَايَا ثُمَّ فِي الْوَقْفِ الْعَامِّ وَالْمَالِ الضَّالِّ وَاللُّقَطَةِ " ثُمَّ يَتَّخِذَ كَاتِبًا " لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَفْرُغُ لِلْكِتَابَةِ غَالِبًا " عَدْلًا " فِي الشَّهَادَةِ لِتُؤْمَنَ خِيَانَتُهُ " ذَكَرًا حُرًّا " هُمَا من زيادتي " عارفا بكتابة محاضروسجلات " وَكُتُبٍ حُكْمِيَّةٍ لِيَعْلَمَ صِحَّةَ مَا يَكْتُبُهُ مِنْ فَسَادِهِ " شَرْطًا " فِيهَا وَالْمَحْضَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَا يُكْتَبُ فِيهِ مَا جَرَى لِلْمُتَحَاكِمَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ أَوْ تَنْفِيذُهُ سُمِّيَ سِجِلًّا وَقَدْ يُطْلَقَانِ عَلَى مَا يُكْتَبُ " فَقِيهًا " بِمَا زَادَ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ لِئَلَّا يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ الْجَهْلِ " عَفِيفًا " عَنْ الطَّمَعِ لِئَلَّا يُسْتَمَالَ بِهِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي " وَافِرَ عَقْلٍ " لِئَلَّا يُخْدَعَ " جَيِّدَ خَطٍّ " لِئَلَّا يَقَعَ الْغَلَطُ وَالِاشْتِبَاهُ حَاسِبًا فَصِيحًا " نَدْبًا " فِيهَا " وَ " أَنْ يَتَّخِذَ " مُتَرْجِمَيْنِ " لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا فِي تَعْرِيفِ كَلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْقَاضِي لُغَتَهُ مِنْ خَصْمٍ أَوْ شَاهِدٍ أَمَّا تَعْرِيفُ كَلَامِ الْقَاضِي الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْخَصْمُ أَوْ الشَّاهِدُ لُغَتَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ لِأَنَّهُ إخبار محض.
" وَ " أَنْ يَتَّخِذَ قَاضٍ " أَصَمَّ مُسْمِعَيْنِ " لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا أَمَّا إسْمَاعُ الْخَصْمِ الْأَصَمِّ مَا يَقُولُهُ الْقَاضِي وَالْخَصْمُ فَقَالَ الْقَفَّالُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ لِمَا مَرَّ وَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الْمُتَرْجِمَيْنِ وَالْمُسْمِعَيْنِ أَنْ يَكُونَا " أَهْلَيْ شَهَادَةٍ " فَيُشْتَرَطُ إتْيَانُهُمَا بِلَفْظِهَا فَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَشْهَدُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَا وَيُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ حَتَّى لَا يُقْبَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ إنْ تَضَمَّنَ حَقًّا لهما ويجزي مِنْ الْمُتَرْجِمَيْنِ وَالْمُسْمِعَيْنِ فِي الْمَالِ أَوْ حَقِّهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَفِي غَيْرِهِ رَجُلَانِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ فِي الْمُتَرْجِمِ بِالْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَدِ وَفِي الْمُسْمِعِ بِالْعَدَدِ " وَلَا يَضُرُّهُمَا الْعَمَى " لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ وَالْإِسْمَاعَ تَفْسِيرٌ وَنَقْلُ اللَّفْظِ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا من زيادتي في المسمعين " و " أن " يَتَّخِذَ الْقَاضِي مُزَكِّيَيْنِ " لِمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي شَرْطُهُمَا آخِرَ الْبَابِ وَمَحَلُّ سَنِّ مَا ذُكِرَ مِنْ اتِّخَاذِ كَاتِبٍ وَمَنْ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً أَوْ رِزْقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ " وَ " أَنْ يَتَّخِذَ " دِرَّةً " بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ " لِتَأْدِيبٍ وَسِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ وَلِعُقُوبَةٍ " هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِتَعْزِيرٍ كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ رضي الله عنه " وَمَجْلِسًا رَفِيقًا " بِهِ وَبِغَيْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ وَاسِعًا لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِضِيقِهِ الْحَاضِرُونَ ظَاهِرًا لِيَعْرِفَهُ كُلُّ مَنْ يَرَاهُ لَائِقًا بِالْحَالِ كَأَنْ يَجْلِسَ فِي الشِّتَاءِ فِي كِنٍّ وَفِي الصَّيْفِ فِي فَضَاءٍ وَكَأَنْ يَجْلِسَ عَلَى مُرْتَفِعٍ وَفِرَاشٍ وَتُوضَعَ لَهُ وسادة.
" وكره مسجد " أي اتخاذه مجالسا لِلْحُكْمِ صَوْنًا لَهُ عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ وَاللَّغَطِ الْوَاقِعَيْنِ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ عَادَةً وَلَوْ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا وَقْتَ حُضُورِهِ فِيهِ لِصَلَاةٍ أَوْ غيرها فلا بأس بفصلها " وَ " كُرِهَ " قَضَاءٌ عِنْدَ تَغَيُّرِ خُلُقِهِ بِنَحْوِ غَضَبٍ " كَجُوعٍ وَشِبَعٍ مُفْرِطَيْنِ وَمَرَضٍ مُؤْلِمٍ وَخَوْفٍ مُزْعِجٍ وَفَرَحٍ شَدِيدٍ نَعَمْ إنْ غَضِبَ لِلَّهِ فَفِي الْكَرَاهَةِ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا " وَأَنْ يُعَامِلَ " هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَلَا يَبِيعَ " بِنَفْسِهِ " إلَّا إنْ فَقَدَ مَنْ يُوَكِّلُهُ " أَوْ وَكِيلِ " لَهُ " مَعْرُوفٍ " لِئَلَّا يُحَابِيَ وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْمَسْجِدِ وَالْمُعَامَلَةِ مِنْ زِيَادَتِي " وَسُنَّ " عِنْدَ اخْتِلَافِ وُجُوهِ النَّظَرِ وَتَعَارُضِ الْآرَاءِ فِي حُكْمٍ " أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ " الْأُمَنَاءَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} 1 " وَحَرُمَ قَبُولُهُ هَدِيَّةَ مَنْ لَا عَادَةَ لَهُ " بِهَا " قَبْلَ وِلَايَتِهِ أَوْ " لَهُ عَادَةٌ بِهَا وَ " زَادَ عَلَيْهَا " قَدْرًا أَوْ صِفَةً بِقَيْدٍ زِدْته فِيهِمَا بِقَوْلِي " فِي مَحَلِّهَا " أَيْ وِلَايَتِهِ " وَ " قَبُولُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا هَدِيَّةَ " مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ " عِنْدَهُ وَإِنْ اعْتَادَهَا قَبْلَ وِلَايَتِهِ لِأَنَّهَا فِي الْأَخِيرَةِ تَدْعُو إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِ وَفِي غَيْرِهَا سَبَبُهَا الْعَمَلُ ظَاهِرًا وَلِخَبَرِ هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ وَرُوِيَ سُحْتٌ رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ " وَإِلَّا " بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْ لَمْ يَزِدْ الْمُهْدِي عَلَى عَادَتِهِ وَلَا خُصُومَةَ فِيهِمَا " جَازَ " قَبُولُهَا وَلَوْ أَرْسَلَ بِهَا إلَيْهِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أهل عمله ولم يدخل مَعَهَا وَلَا حُكُومَةَ لَهُ فَفِي جَوَازِ قَبُولِهَا وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَحَيْثُ حَرُمَتْ لم يملكها.
1 سورة آل عمران الآية: 159.
يقضي بخلاف علمه ولا به في عقوبة لله أو قامت بينة بخلافه ولا لنفسه وبعضه ورقيق كل وشريكه في المشترك ويقضي لكل غيره ولو أقر مدعى عليه أو حلف المدعي أو أقام بينة وسأل القاضي أن يشهد بذلك أو الحكم بما ثبت والإشهاد به لزمه أو أن يكتب له محضرا أو سجلا سن إجابته ونسختان إحداهما له والآخرى بديوان الحكم وإذا حكم فبان بمن لا تقبل شهادته أو خلاف نص أو إجماع أو قياس جلي بان أن لا حكم وقضاء رتب على أصل كاذب ينفذ ظاهرا ولو رأى ورقة فيها حكمه أو شهادته أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ حَكَمَ أَوْ شَهِدَ بكذا لم يعمل به حتى يذكر.
ــ
" وَسُنَّ " لَهُ فِيمَا يَجُوزُ قَبُولُهَا " أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهَا أَوْ يَرُدَّهَا " لِمَالِكِهَا " أَوْ يَضَعَهَا فِي بيت المال " وهذان الأخيران مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا يَقْضِي " أَيْ الْقَاضِي " بِخِلَافِ عِلْمِهِ " وَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا لَكَانَ قَاطِعًا بِبُطْلَانِ حُكْمِهِ وَالْحُكْمُ بِالْبَاطِلِ مُحَرَّمٌ " وَلَا بِهِ " أَيْ بِعِلْمِهِ " فِي عُقُوبَةٍ لِلَّهِ " تَعَالَى من تحد أَوْ تَعْزِيرٍ لِنَدْبِ السَّتْرِ فِي أَسْبَابِهَا " أَوْ " فِي غَيْرِهَا وَ " قَامَتْ " عِنْدَهُ " بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ " وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالْعُقُوبَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحُدُودِ وَمَا عَدَا مَا ذُكِرَ يَحْكُمُ فِيهِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّهُ إذَا قَضَى بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَذَلِكَ إنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ فَبِالْعِلْمِ وَإِنْ شَمِلَ الظَّنَّ أَوْلَى وَشَرْطُ الْحُكْمِ بِهِ أَنْ يُصَرِّحَ بِمُسْتَنَدِهِ فَيَقُولُ عَلِمْت أَنَّ لَهُ عَلَيْك مَا ادَّعَاهُ وَحَكَمْت عَلَيْك بِعِلْمِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ " وَلَا " يَقْضِي مُطْلَقًا " لِنَفْسِهِ وَبَعْضِهِ " مِنْ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ " وَرَقِيقِ كُلٍّ " مِنْهُمْ وَلَوْ مُكَاتَبًا " وَشَرِيكِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ " لِلتُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ " وَيَقْضِي لِكُلٍّ " مِنْهُمْ " غَيْرُهُ " أَيْ غَيْرُ الْقَاضِي مِنْ إمَامٍ وَقَاضٍ وَلَوْ نَائِبًا عَنْهُ دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ وَذِكْرُ رَقِيقِ الْبَعْضِ وَشَرِيكِ غَيْرِ الْقَاضِي مِمَّنْ ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَلَوْ أَقَرَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ " بِالْحَقِّ " أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي " يَمِينُ الرَّدِّ أَوْ غَيْرَهَا " أَوْ أَقَامَ " بِهِ " بَيِّنَةً وَسَأَلَ " الْمُدَّعِي " الْقَاضِيَ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ " أَيْ بِإِقْرَارِهِ أَوْ يَمِينِهِ أَوْ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِي.
" أَوْ " سَأَلَهُ " الْحُكْمَ بِمَا ثبت " عنده " والإشهاد به لزمه " إجابته لِأَنَّهُ قَدْ يُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ حَكَمْت بِكَذَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا نَسِيَ أَوْ عُزِلَ وَقَوْلِي أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَلَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ ذَلِكَ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ مَرَّةً أُخْرَى لَزِمَهُ إجَابَتُهُ " أَوْ " سَأَلَهُ " أَنْ يَكْتُبَ لَهُ " فِي قِرْطَاسٍ أَحْضَرَهُ " مَحْضَرًا " بِمَا جَرَى مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ " أَوْ " أَنْ يَكْتُبَ لَهُ " سِجِلًّا " بِمَا جَرَى مَعَ الْحُكْمِ بِهِ " سُنَّ إجَابَتُهُ " لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَقْوِيَةً لِحُجَّتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ كَالْإِشْهَادِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تُثْبِتُ حَقًّا بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ وَالْوُقُوفُ وَغَيْرُهُمَا نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَتْ الْحُكُومَةُ بِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَجَبَ التَّسْجِيلُ عَلَى مَا نقل عن الزبيدي وَشُرَيْحٍ وَالرُّويَانِيِّ وَكَالْمُدَّعِي فِي سِنِّ الْإِجَابَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَصِيغَةُ الْحُكْمِ نَحْوُ حَكَمْت أَوْ قَضَيْت بِكَذَا أَوْ أَنْفَذْت الْحُكْمَ بِهِ أَوْ أَلْزَمْت الْخَصْمَ بِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا أَوْ صَحَّ لِأَنَّهُ ليس بإلزام والحكم إلزام " وَ " سُنَّ "نُسْخَتَانِ" لِمَا وَقَعَ بَيْنَ ذِي الحق وخصمه "إحدهما" تُعْطَى " لَهُ " غَيْرَ مَخْتُومَةٍ " وَالْأُخْرَى " تُحْفَظُ " بِدِيوَانِ الحكم " مختومة مكتوب عَلَى رَأْسِهَا اسْمُ الْخَصْمَيْنِ.
" وَإِذَا حَكَمَ " قَاضٍ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ " فَبَانَ " حُكْمُهُ " بِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ " كَعَبْدَيْنِ " أَوْ خِلَافِ نَصٍّ " مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ نَصِّ مُقَلَّدِهِ " أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ " وَهُوَ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ أَوْ بَعُدَ تَأْثِيرُهُ " بَانَ أَنْ لَا حُكْمَ " وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ نَقَضَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ أَيْ مِنْ الْحُكَّامِ لِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ فِيهِ وَلِمُخَالَفَتِهِ الْقَاطِعَ أَوْ الظَّنَّ الْمُحْكَمَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ وَهُوَ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ تَأْثِيرُ الْفَارِقِ فَلَا ينفض الْحُكْمَ الْمُخَالِفَ لَهُ لِأَنَّ الظُّنُونَ الْمُتَعَادِلَةَ لَوْ نُقِضَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لَمَا اسْتَمَرَّ حُكْمٌ وَلَشَقَّ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ وَالْجَلِيُّ كَقِيَاسِ الضَّرْبِ عَلَى التَّأْفِيفِ لِلْوَالِدَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} 1 بِجَامِعِ الْإِيذَاءِ وَالْخَفِيُّ كَقِيَاسِ الذُّرَةِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِجَامِعِ الطَّعْمِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ الْمَذْكُورِ بَعْضُهُ فِي الشَّهَادَاتِ " وَقَضَاءٍ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " رُتِّبَ على أصل كاذب " بأن كَانَ بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ " يَنْفُذُ ظَاهِرًا " لَا بَاطِنًا فَلَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا عَكْسُهُ فَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ زُورٍ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ لَمْ يَحْصُلْ بِحُكْمِهِ الْحِلُّ بَاطِنًا سَوَاءٌ الْمَالُ وَالنِّكَاحُ وَغَيْرُهُمَا أَمَّا الْمُرَتَّبُ عَلَى أَصْلٍ صَادِقٍ فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ فِيهِ بَاطِنًا أَيْضًا قَطْعًا إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ اتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ وَعَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لِمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ لِتَتَّفِقَ الْكَلِمَةُ وَيَتِمَّ الِانْتِفَاعُ فَلَوْ قَضَى حَنَفِيٌّ لِلشَّافِعِيِّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ أَوْ بِالْإِرْثِ بِالرَّحِمِ حَلَّ لَهُ الْأَخْذُ بِهِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي مَنْعُهُ مِنْ الأخذ بذلك ولا من الدعوى.
1 سورة الاسراء الآية: 23.
وله حلف على ماله به تعلق اعتمادا على خط نحو مورثه إن وثق بأمانته وله رواية الحديث بخط محظوظ.
فصل:
تجب تسوية بين الخصمين في الإكرام كقيام ودخول واستماع وطلاقة وجه وجواب سلام ومجلس وله رفع مسلم وإذا حضراه سكت أو قال ليتكلم المدعي فإذا ادعى طالب خصمه بالجواب فإن أقر فذاك أَوْ أَنْكَرَ سَكَتَ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَكَ حجة فإن قال لي حجة وأريد حلفه مكن أولا ثم أقامها قبلت وإذا ازدحم مدعون.
ــ
بِهِ إذَا أَرَادَهَا اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَالِاجْتِهَادُ إلَى الْقَاضِي لَا إلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا جَازَ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ اعْتِقَادِهِ.
" وَلَوْ رَأَى " قَاضٍ أَوْ شَاهِدٌ " وَرَقَةً فِيهَا حُكْمُهُ أَوْ شَهَادَتُهُ " عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ " أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ حَكَمَ أَوْ شَهِدَ بِكَذَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ " وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي إمْضَاءِ حُكْمٍ وَلَا أَدَاءِ شَهَادَةٍ " حَتَّى يَذْكُرَ " مَا حُكِمَ أَوْ شُهِدَ بِهِ لِإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ وَمُشَابَهَةِ الْخَطِّ " وَلَهُ " أَيْ الشَّخْصِ " حَلِفٌ عَلَى مَا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ " كَاسْتِحْقَاقِ حَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ أَدَائِهِ لِغَيْرِهِ " اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّ نَحْوِ مُوَرِّثِهِ " كَنَفْسِهِ وَمُكَاتِبِهِ الَّذِي مَاتَ مُكَاتَبًا أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَدَّاهُ مَا لَهُ عَلَيْهِ " إنْ وَثِقَ بِأَمَانَتِهِ " لِاعْتِضَادِهِ بِالْقَرِينَةِ وَفَارَقَ الْقَضَاءَ وَالشَّهَادَةَ بِمَا تَضَمَّنَهُ الْخَطُّ حَيْثُ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَذْكُرْ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَعَلَّقُ بِهِ وَالْحُكْمَ وَالشَّهَادَةَ بِغَيْرِهِ وَكَالْخَطِّ إخْبَارُ عَدْلٍ كَمَا فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَنَحْوِ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَهُ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ بِخَطٍّ مَحْفُوظٍ " عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قِرَاءَةً وَلَا سَمَاعًا وَلَا إجَازَةً وَعَلَى ذَلِكَ عَمِلَ العلماء سلفا وحلفا وَفَارَقَتْ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهَا أَوْسَعُ مِنْهَا لِأَنَّ الْفَرْعَ يَرْوِي مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ وَلَا يَشْهَدُ.
فَصْلٌ: فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا.
" تَجِبُ تَسْوِيَةٌ " عَلَى الْقَاضِي " بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي " وُجُوهِ " الْإِكْرَامِ " وَإِنْ اخْتَلَفَا شَرَفًا " كَقِيَامٍ " لَهُمَا وَنَظَرٍ إلَيْهِمَا " وَدُخُولٍ " عَلَيْهِ فَلَا يَأْذَنُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ " وَاسْتِمَاعٍ " لِكَلَامِهِمَا " وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ " لَهُمَا " وَجَوَابِ سَلَامٍ " مِنْهُمَا إنْ سَلَّمَا مَعًا فَلَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ سَلِّمْ أَوْ يَصْبِرَ حَتَّى يُسَلِّمَ فَيُجِيبُهُمَا جَمِيعًا قَالَ الشَّيْخَانِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ وَكَأَنَّهُمْ احْتَمَلُوهُ مُحَافَظَةً عَلَى التَّسْوِيَةِ " وَمَجْلِسٍ " بِأَنْ يُجْلِسَهُمَا إنْ كَانَا شَرِيفَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ أو أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ وَقَوْلِي فِي الْإِكْرَامِ مَعَ جَعْلِ مَا بَعْدَهُ أَمْثِلَةً لَهُ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَمْثِلَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ التَّسْوِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَلَهُ رَفْعُ مُسْلِمٍ " عَلَى كَافِرٍ فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ كَأَنْ يُجْلِسَ الْمُسْلِمَ أَقْرَبَ إلَيْهِ كَمَا جَلَسَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِجَنْبِ شُرَيْحٍ فِي خُصُومَةٍ لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ وَقَالَ لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا لَجَلَسْت مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْك وَلَكِنِّي سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لا تساووهم في المجلس" رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَذِكْرُ رَفْعِ الْمُسْلِمِ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ وَصَرَّحَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَزِدْت لَهُ تَبَعًا لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ لِأُنَبِّهَ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ فِي الرَّفْعِ فِي الْمَجْلِسِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ سُلَيْمٍ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّمْيِيزِ وَهُوَ قِيَاسُ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ إذَا جَازَ وَجَبَ كَقَطْعِ الْيَدِ في السرقة انتهى يجاب بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَكْثَرِيَّةٌ لَا كُلِّيَّةٌ بِدَلِيلِ سُجُودِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ " وَإِذَا حَضَرَاهُ " أَيْ الْخَصْمَانِ هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا جَلَسَا أَيْ بَيْنَ يَدَيْهِ مَثَلًا " سَكَتَ " عَنْهُمَا حَتَّى يَتَكَلَّمَا " أَوْ قَالَ لِيَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي " مِنْكُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ هَيْبَةِ الْقُدُومِ قَالَ الشَّيْخَانِ أَوْ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي إذَا عَرَفَهُ تَكَلَّمْ وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
" فَإِذَا ادَّعَى " أَحَدُهُمَا " طَالَبَ " الْقَاضِي جَوَازًا " خَصْمَهُ بِالْجَوَابِ " وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَبِذَلِكَ تَنْفَصِلُ "فَإِنْ أَقَرَّ" بِالْحَقِّ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا " فَذَاكَ " ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِهِ " أَوْ أَنْكَرَ سكت أو قال للمدعي ألك حجة ".
قدم بسبق علم فبقرعة بدعوى واحدة وسن تقديم مسافرين مستوفزين ونسوة إن قلوا وحرم اتخاذ شهود لا يقبل غيرهم بل من علم حاله عمل بعلمه إلا استزكاه كأن يكتب ما يميز الشاهد والمشهود له وعليه وبه ويبعث به لكل مزك ثُمَّ يُشَافِهُهُ الْمَبْعُوثُ بِمَا عِنْدَهُ بِلَفْظِ شَهَادَةٍ ويكفي أنه عدل وشرط المزكي كشاهد مع معرفته بجرح وتعديل وَخِبْرَةِ بَاطِنِ مَنْ يُعَدِّلُهُ بِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ أو معاملة وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ جَرْحٍ وَيُعْتَمَدُ فِيهِ مُعَايَنَةً أو سماعا منه أو استفاضة ويقدم على تعديل فإن قال المعدل تاب من سببه قدم ولا يكفي قول المدعي عليه هو عدل.
ــ
نَعَمْ إنْ عَلِمَ عِلْمَهُ بِأَنَّ لَهُ إقَامَتَهَا فَالسُّكُوتُ أَوْلَى أَوْ شَكَّ فَالْقَوْلُ أَوْلَى أَوْ علم جهله بذلك وجب إعلامه به " فَإِنْ قَالَ " فِيهِمَا " لِي حُجَّةٌ وَأُرِيدُ حَلِفَهُ مُكِّنَ " لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْلِفُ وَيُقِرُّ فَيَسْتَغْنِي الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ الْحُجَّةِ وَإِنْ حَلَفَ أَقَامَهَا وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ فَلَهُ فِي طَلَبِ حَلِفِهِ غَرَضٌ " أَوْ " قَالَ " لَا " حُجَّةَ لِي أَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَا حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً أَوْ كُلُّ حُجَّةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ كَاذِبَةٌ أَوْ زُورٌ " ثُمَّ أَقَامَهَا " وَلَوْ بَعْدَ الْحَلِفِ " قُبِلَتْ " لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَعْرِفْ لَهُ حُجَّةً أَوْ نَسِيَ ثُمَّ عَرَفَ وَتَعْبِيرِي بِالْحُجَّةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَيِّنَةِ لِشُمُولِهِ الشَّاهِدَ مَعَ الْيَمِينِ " وَإِذَا ازْدَحَمَ مُدَّعُونَ " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ خُصُومٌ " قَدَّمَ " وُجُوبًا " بِسَبْقِ " مِنْ أَحَدِهِمْ " عِلْمٍ فَ " إنْ لَمْ يعلم سبق بأن جهل أو جاؤوا مَعًا قَدَّمَ " بِقُرْعَةٍ " وَالتَّقْدِيمُ فِيهِمَا " بِدَعْوَى وَاحِدَةٍ " لئلا يطول الزمن فيتضرر الباقون " وَ " لَكِنْ " سُنَّ تَقْدِيمُ مُسَافِرِينَ مُسْتَوْفِزِينَ " شَدُّوا الرجال لِيَخْرُجُوا مَعَ رُفْقَتِهِمْ عَلَى مُقِيمِينَ " وَ " تَقْدِيمُ " نِسْوَةٍ " عَلَى غَيْرِهِنَّ مِنْ الْمُقِيمِينَ طَلَبًا لِسِتْرِهِنَّ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْمُسَافِرُونَ وَالنِّسْوَةُ فِي الْمَجِيءِ إلَى الْقَاضِي " إنْ قَلُّوا " وَيَنْبَغِي كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ مُدَّعِينَ وَمُدَّعًى عَلَيْهِمْ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ التَّقْدِيمِ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ كَثُرُوا أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ مُسَافِرِينَ أَوْ نِسْوَةً فَالتَّقْدِيمُ بِالسَّبْقِ أَوْ الْقُرْعَةِ كَمَا مَرَّ أَوْ نِسْوَةً وَمُسَافِرِينَ قُدِّمُوا عَلَيْهِنَّ وَالِازْدِحَامُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ كَالِازْدِحَامِ عَلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ الْعِلْمُ فَرْضًا وَإِلَّا فَالْخِيَرَةُ إلَى الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ.
" وَحَرُمَ " عَلَيْهِ " اتِّخَاذِ شُهُودٍ " مُعَيَّنِينَ " لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ " لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ " بل من " شهد عنده و " علم حاله " مِنْ عَدَالَةٍ أَوْ فِسْقٍ " عَمِلَ بِعِلْمِهِ " فِيهِ فَيَقْبَلُ الْأَوَّلَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْدِيلٍ وَإِنْ طَلَبَهُ الْخَصْمُ وَيَرُدُّ الثَّانِي وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَحْثٍ نَعَمْ لَا يَعْمَلُ بِشَهَادَةِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِلَا ترجيح تفريعا على تصحيح الروصة أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ لَهُمَا " وَإِلَّا " أَيْ وإن لم يعلم فيه ذلك " استزكاه " أَيْ طَلَبَ تَزْكِيَتَهُ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ فِيهِ الْخَصْمُ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ فَيَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ شَرْطِهَا " كَانَ " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ " يَكْتُبَ مَا يُمَيِّزُ الشَّاهِدَ وَالْمَشْهُودَ لَهُ وَ " الْمَشْهُودَ " عَلَيْهِ " مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَالْحِرَفِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الشَّاهِدِ مَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ كَبَعْضِيَّةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ " وَ " الْمَشْهُودُ " بِهِ " مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَنِكَاحٍ فَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الشَّاهِدِ فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَقَدَّرَ الدَّيْنَ " وَيَبْعَثُ " سِرًّا " بِهِ " أَيْ بما كتبه صاحبا مسألة ولا يعلم أحدهما بالآخر " لكل مزك " ليبحث عن حاله من ذكر قَبُولِ الشَّاهِدِ فِي نَفْسِهِ وَهَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ شَهَادَتَهُ " ثُمَّ يُشَافِهُهُ الْمَبْعُوثُ بِمَا عِنْدَهُ بِلَفْظِ شَهَادَةٍ " لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَقَعُ بِشَهَادَتِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " وَيَكْفِي " أَشْهِدْ على شهادته " أَنَّهُ عَدْلٌ " وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي وَعَلَيَّ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْعَدَالَةَ الَّتِي اقْتَضَاهَا قَوْله تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} 1 فَزِيَادَةُ لِي وَعَلَيَّ تَأْكِيدٌ وَاعْتَذَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ فِي الْبَلَدِ بِالْحَاجَةِ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ إلَى الْقَاضِي.
" وَشَرْطُ الْمُزَكِّي كَشَاهِدٍ " أَيْ كَشَرْطِهِ " مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ " أَيْ بِأَسْبَابِهِمَا " وَخِبْرَةِ بَاطِنِ مَنْ يُعَدِّلُهُ بِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ " بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا " أَوْ مُعَامَلَةٍ " لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِمَّا يَشْهَدُ بِهِ مِنْ التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ " وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ جَرْحٍ " كَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ بِخِلَافِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ وَلَا يُجْعَلُ بِذِكْرِ الزِّنَا قاذفا وإن انفرد لأنه مسؤول فَهُوَ فِي حَقِّهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَوْ عَيْنٍ بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا إذَا نَقَصُوا عَنْ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهُمْ قَذَفَةٌ لِأَنَّهُمْ مَنْدُوبُونَ إلَى السِّتْرِ فَهُمْ مُقَصِّرُونَ " وَيَعْتَمِدُ فِيهِ " أَيْ الْجَرْحِ " مُعَايَنَةً " كَأَنْ رَآهُ يَزْنِي " أَوْ سَمَاعًا مِنْهُ " كَأَنْ سَمِعَهُ يَقْذِفُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ اسْتِفَاضَةً " أَوْ تَوَاتُرًا أَوْ شَهَادَةً مِنْ عَدْلَيْنِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِذَلِكَ وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ مَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ مُعَايَنَةٍ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ نَعَمْ وَثَانِيهمَا وَهُوَ الْأَقْيَسُ لَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالثَّانِي أَوْجَهُ أَمَّا أَصْحَابُ.
1 سورة الطلاق الآية: 2.