الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب البغاة
.
هم مخالفو إمام بتأويل باطل ظنا وشوكة لهم ويجب قتالهم وَأَمَّا الْخَوَارِجُ وَهُمْ قَوْمٌ يُكَفِّرُونَ مُرْتَكِبَ كَبِيرَةٍ ويتركون الجماعات فلا يقاتلون ما لم يقاتلوا وهو في قبضتنا وإلا قوتلوا ولا يجب قتل القاتل منهم وتقبل شهادة بغاة وقضاؤهم فيما يقبل قضاؤنا إنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا وَلَوْ كَتَبُوا بِحُكْمٍ أَوْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَلَنَا تنفيذه والحكم بها ويعتد بما استوفوه من عقوبة وخراج وزكاة وجزية وبما فرقوه من سهم المرتزقة على جندهم.
ــ
كِتَابُ الْبُغَاةِ.
جَمْعُ بَاغٍ سُمُّوا بِذَلِكَ لِمُجَاوَزَتِهِمْ الحد والأصل فيه آية: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} 1 وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ صَرِيحًا لَكِنَّهَا تَشْمَلُهُ لِعُمُومِهَا أَوْ تَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْقِتَالَ لِبَغْيِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةِ فَلِلْبَغْيِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْلَى.
" هُمْ " مُسْلِمُونَ " مُخَالِفُو إمَامٍ " وَلَوْ جَائِرًا بِإِنْ خَرَجُوا عَنْ طَاعَتِهِ بِعَدَمِ انْقِيَادِهِمْ لَهُ أَوْ مَنْعِ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ كَزَكَاةٍ " بِتَأْوِيلٍ " لَهُمْ فِي ذَلِكَ " بَاطِلٍ ظَنًّا وَشَوْكَةً لَهُمْ " وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِمُطَاعٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا لَهُمْ " وَيَجِبُ قِتَالُهُمْ " لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا مَعَ قَوْلِي بَاطِلٍ ظَنًّا مِنْ زِيَادَتِي وَلَيْسُوا فَسَقَةً لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ بِاعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ كَتَأْوِيلِ الْخَارِجِينَ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه بِأَنَّهُ يَعْرِفُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَيَقْدِرُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُمْ لِمُوَاطَأَتِهِ إيَّاهُمْ وَتَأْوِيلُ بَعْضِ مَانِعِي الزَّكَاةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ الزَّكَاةَ إلَّا لِمَنْ صَلَاتُهُ سَكَنٌ لَهُمْ وَهُوَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَنْ فُقِدَتْ فِيهِ الشروط المذكورة بأن خرجوا بلا تأويل كما نعي حَقِّ الشَّرْعِ كَالزَّكَاةِ عِنَادًا أَوْ بِتَأْوِيلٍ يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ كَتَأْوِيلِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَوْكَةٌ بِأَنْ كَانُوا أَفْرَادًا يَسْهُلُ الظَّفَرُ بِهِمْ أَوْ لَيْسَ فِيهِمْ مُطَاعٌ فَلَيْسُوا بُغَاةً لِانْتِفَاءِ حرمتهم فيترتب على أفعالهم مقتضاها على تفصيل في ذي الشوكة يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي حَتَّى لَوْ تَأَوَّلُوا بِلَا شَوْكَةٍ وَأَتْلَفُوا شَيْئًا ضَمِنُوهُ مُطْلَقًا كَقَاطِعِ طَرِيقٍ.
" وَأَمَّا الْخَوَارِجُ وَهُمْ قَوْمٌ يُكَفِّرُونَ مُرْتَكِبَ كَبِيرَةٍ وَيَتْرُكُونَ الْجَمَاعَاتِ فَلَا يُقَاتَلُونَ " وَلَا يُفَسَّقُونَ " مَا لَمْ يُقَاتِلُوا " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " وَهُمْ فِي قَبْضَتِنَا " نَعَمْ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ تَعَرَّضْنَا لَهُمْ حَتَّى يَزُولَ الضَّرَرُ " وَإِلَّا " بِأَنْ قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يَكُونُوا فِي قَبْضَتِنَا " قُوتِلُوا وَلَا يَجِبُ قَتْلُ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ " وَإِنْ كَانُوا كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ فِي شَهْرِ السِّلَاحِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَفِيهِمَا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمَ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ فَإِنْ قَيَّدَ بِمَا إذَا قَصَدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ فَلَا خِلَافَ " وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بُغَاةٍ " لِتَأْوِيلِهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِمْ بِتَصْدِيقِهِمْ كَالْخَطَّابِيَّةِ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْبُغَاةِ كَمَا يُعْلَمُ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ " وَ " يُقْبَلُ " قَضَاؤُهُمْ فيما يقبل " فيه " قضاؤنا " لِذَلِكَ " إنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا " وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا قَضَاؤُهُمْ لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الشَّاهِدِ وَالْقَاضِي وَتَقْيِيدُ الْقَبُولِ بِعِلْمِ مَا ذُكِرَ مَعَ قَوْلِي وَأَمْوَالَنَا مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِمَا يَقْبَلُ فِيهِ قَضَاؤُنَا غَيْرَهُ كَأَنْ حَكَمُوا بِمَا يُخَالِفُ النَّصَّ أَوْ الْإِجْمَاعَ أَوْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فَلَا يُقْبَلُ.
" وَلَوْ كَتَبُوا بِحُكْمٍ أَوْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَلَنَا تَنْفِيذُهُ " أَيْ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ أَمْضَى وَالْحَاكِمُ بِهِ مِنْ أَهْلِهِ " وَ " لَنَا " الْحُكْمُ بِهَا " أَيْ بِبَيِّنَتِهِمْ لِتَعَلُّقِهِ بِرَعَايَانَا نَعَمْ يُنْدَبُ لَنَا عَدَمُ التَّنْفِيذِ وَالْحُكْمِ اسْتِخْفَافًا بِهِمْ " وَيُعْتَدُّ بِمَا اسْتَوْفَوْهُ من عقوبة " حد أو
1 سورة الحجرات الآية: 9.
وحلف في دفع زكاة لهم لا خراج أو جزية وفي عقوبة إلَّا أَنْ ثَبَتَ مُوجِبُهَا بِبَيِّنَةٍ وَلَا أَثَرَ لها ببدنه وما أتلفوه علينا أو عكسه لضرورة حرب هدر كذي شوكة بلا تأويل ولا يقاتلهم الإمام حتى يبعث أمينا فطنا ناصحا يسألهم ما ينقمون فإن ذكروا مظلمة أو شبهة أزالها فإن أصروا وعظهم ثم أعلمهم بالمناظرة ثم بالقتال فإن استمهلوا فعل ما رآه مصلحة ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل مثخنهم وأسيرهم ولا يطلق ولو صبيا أو امرأة حتى تنقضي الحرب ويتفرق جمعهم إلا أن يطيع باختياره ويرد بعد أمن غائلتهم ما أخذ ولا يستعمل ولا يقاتلون بما يعم كنار ومنجنيق ولا يستعان عليهم بكافر إلا لضرورة ولا بمن يرى قتلهم مدبرين ولو آمنوا حربيين ليعينوهم نفذ عليهم ولو أعانهم.
ــ
تَعْزِيرٍ " وَخَرَاجٍ وَزَكَاةٍ وَجِزْيَةٍ " لِمَا فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالرَّعِيَّةِ " وَ " يُعْتَدُّ " بِمَا فَرَّقُوهُ مِنْ سَهْمِ الْمُرْتَزِقَةِ عَلَى جُنْدِهِمْ " لِأَنَّهُمْ مِنْ جُنْدِ الْإِسْلَامِ وَرُعْبُ الْكُفَّارِ قَائِمٌ بِهِمْ " وَحَلَفَ " الشَّخْصُ نَدْبًا إنْ أُتْهِمَ كَمَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ لَا وُجُوبًا وَإِنْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ هُنَا " فِي " دَعْوَى " دَفْعِ زَكَاةٍ لَهُمْ " فَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي أُمُورِ الدِّينِ " لَا " فِي دَعْوَى دَفْعِ " خَرَاجٍ " فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ " أَوْ " دَفْعُ " جِزْيَةٍ " لِأَنَّ الذِّمِّيَّ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ فِيمَا يَدَّعِيه عَلَيْنَا لِلْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ " وَ " حَلَفَ وُجُوبًا فَيُصَدَّقُ " فِي عُقُوبَةٍ " أَنَّهَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ " إلَّا أَنْ ثَبَتَ مُوجِبُهَا بِبَيِّنَةٍ وَلَا أَثَرَ لَهَا بِبَدَنِهِ " فَلَا يُصَدَّقُ فِيهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إقَامَتِهَا وَلَا قَرِينَةَ تدفعه فعلم أنه يصدق فيما أثر بِبَدَنِهِ لِلْقَرِينَةِ وَفِي غَيْرِهِ إنْ ثَبَتَ مُوجِبُهَا بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ بَقَاءَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ كَالرُّجُوعِ وَتَعْبِيرِي بِالْعُقُوبَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ وَذِكْرُ التَّحْلِيفِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِي.
" وَمَا أَتْلَفُوهُ عَلَيْنَا أَوْ عَكْسُهُ " أَيْ أَتْلَفْنَاهُ عَلَيْهِمْ فِي حَرْبٍ أَوْ غَيْرِهَا " لِضَرُورَةِ حَرْبِ هَدَرٌ " اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَتَرْغِيبًا فِي الطَّاعَةِ وَلِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالْحَرْبِ فَلَا نَضْمَنُ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا وَهُمْ إنَّمَا أَتْلَفُوا بِتَأْوِيلٍ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ أَوْ فِيهَا لَا لِضَرُورَتِهَا فَمَضْمُونٌ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْإِتْلَافَاتِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " كَذِي شوكة " مسلم " بِلَا تَأْوِيلٍ " فَيُهْدَرُ مَا أَتْلَفَهُ لِضَرُورَةِ حَرْبٍ لِأَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْبَاغِينَ لِقَطْعِ الْفِتْنَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا بِخِلَافِ مَا يُتْلِفُهُ الْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَبِخِلَافِ مَا تُتْلِفُهُ طَائِفَةٌ ارْتَدَّتْ وَلَهُمْ شَوْكَةٌ وَإِنْ تَابُوا وَأَسْلَمُوا لِجِنَايَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ " وَلَا يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ حَتَّى يَبْعَثَ " إلَيْهِمْ " أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ " أَيْ يَكْرَهُونَ " فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً " بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا " أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا " عَنْهُمْ لِأَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم إلَى أَهْلِ النَّهْرَوَانِ فَرَجَعَ بَعْضُهُمْ إلَى الطَّاعَةِ " فَإِنْ أَصَرُّوا " بَعْدَ الْإِزَالَةِ " وَعَظَهُمْ " وَأَمَرَهُمْ بِالْعَوْدِ إلَى الطَّاعَةِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ أَهْلِ الدِّينِ وَاحِدَةً " ثُمَّ " إنْ لَمْ يَتَّعِظُوا " أَعْلَمَهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ " وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " ثُمَّ " إنْ أَصَرُّوا أَعْلَمَهُمْ " بِالْقِتَالِ " لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ ثُمَّ بِالْقِتَالِ " فَإِنْ اسْتَمْهَلُوا " فِيهِ " فَعَلَ " بِاجْتِهَادِهِ " مَا رَآهُ مَصْلَحَةً " مِنْ الامهال وعدمه فإن ظهر له أن استمهالهم لِلتَّأَمُّلِ فِي إزَالَةِ الشُّبْهَةِ أَمْهَلَهُمْ أَوْ لِاسْتِلْحَاقِ مَدَدٍ لَمْ يُمْهِلْهُمْ " وَلَا يَتْبَعُ " إذَا وَقَعَ قِتَالٌ " مُدْبِرَهُمْ " إنْ كَانَ غَيْرَ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزٍ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ " وَلَا يَقْتُلُ مُثْخَنَهُمْ " بِفَتْحِ الْخَاءِ مِنْ أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ أَضْعَفَتْهُ " وَأَسِيرَهُمْ " لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ بِذَلِكَ فَلَوْ قُتِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَا قَوَدَ لِشُبْهَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ وَلَّوْا مُجْتَمَعِينَ تَحْتَ رَايَةِ زَعِيمِهِمْ اُتُّبِعُوا " وَلَا يُطْلَقُ " أَسِيرُهُمْ " وَلَوْ " كَانَ " صَبِيًّا أَوْ إمرأة " أو عبدا " حتى تنقضي الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ " وَلَا يُتَوَقَّعَ عَوْدُهُمْ " إلَّا أَنْ يُطِيعَ " أَيْ الْأَسِيرُ " بِاخْتِيَارِهِ " فَيُطْلَقُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ وَكَذَا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ إنْ كَانُوا مُقَاتِلِينَ وَإِلَّا أُطْلِقُوا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ.
" وَيُرَدُّ " لَهُمْ " بَعْدَ أَمْنِ غَائِلَتِهِمْ " أَيْ شَرِّهِمْ لِعَوْدِهِمْ إلَى الطَّاعَةِ أَوْ تَفَرُّقِهِمْ وَعَدَمِ تَوَقُّعِ عَوْدِهِمْ " مَا أُخِذَ " مِنْهُمْ " وَلَا يُسْتَعْمَلُ " مَا أُخِذَ مِنْهُمْ فِي حَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ لَمْ نَجِدْ مَا نَدْفَعُ بِهِ عَنَّا إلَّا سِلَاحَهُمْ أَوْ مَا نَرْكَبُهُ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ إلَّا خَيْلَهُمْ " وَلَا يُقَاتَلُونَ بِمَا يَعُمُّ كَنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ " وَهُوَ آلَةُ رَمْيِ الْحِجَارَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ قَاتَلُوا بِهِ فَاحْتِيجَ إلَى الْمُقَاتَلَةِ بِمِثْلِهِ دَفْعًا أَوْ أَحَاطُوا بِنَا وَاحْتَجْنَا فِي دَفْعِهِمْ إلَى ذَلِكَ " وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِكَافِرٍ " لِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ " إلَّا لِضَرُورَةٍ " بِأَنْ كَثُرُوا وَأَحَاطُوا بِنَا فَقَوْلِي إلَّا لِضَرُورَةٍ رَاجِعٌ إلَى الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا تَقَرَّرَ وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ " لِعَدَاوَةٍ أَوْ اعْتِقَادٍ كَالْحَنَفِيِّ وَالْإِمَامُ لَا يَرَى ذَلِكَ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ فَلَوْ احْتَجْنَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهِ جَازَ إنْ كَانَ فِيهِ جَرَاءَةٌ أَوْ حُسْنُ إقْدَامٍ وَتَمَكَّنَّا مِنْ مَنْعِهِ لَوْ اتَّبَعَ مُنْهَزِمًا " وَلَوْ أَمَّنُوا حَرْبِيِّينَ " بِالْمَدِّ أَيْ عَقَدُوا لَهُمْ أَمَانًا " ليعينوهم " علينا.
كفار معصومون عالمون بتحريم قتالنا مختارون انتقض عهدهم فإن قال ذميون ظننا أنهم محقون وأن لنا إعانة المحق فلا ويقاتلون كبغاة.
فصل:
شرط الإمام كونه أهلا للقضاء قرشيا شجاعا وتنعقد الإمامة بِبَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَوُجُوهِ الناس المتيسر اجتماعهم بصفة الشهود وباستخلاف الإمام كجعله الأمر شورى بين جمع وباستيلاء متغلب ولو غير أهل.
ــ
" نَفَذَ " أَمَانُهُمْ " عَلَيْهِمْ " لِأَنَّهُمْ أَمَّنُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَا عَلَيْنَا لِأَنَّ الْأَمَانَ لِتَرْكِ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَنْعَقِدُ بِشَرْطِ قِتَالِهِمْ فَلَوْ أَعَانُوهُمْ وَقَالُوا ظَنَنَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا إعَانَةُ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْ أَنَّهُمْ الْمُحِقُّونَ وَلَنَا إعَانَةُ الْمُحِقِّ أَوْ أَنَّهُمْ اسْتَعَانُوا بِنَا عَلَى كُفَّارٍ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ.
" وَلَوْ أَعَانَهُمْ كُفَّارٌ مَعْصُومُونَ " هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَهْلُ ذِمَّةٍ " عَالِمُونَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا مُخْتَارُونَ " فِيهِ " انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ " كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِالْقِتَالِ " فَإِنْ قَالَ ذِمِّيُّونَ " كُنَّا مُكْرَهِينَ أَوْ " ظَنَنَّا " جَوَازَ الْقِتَالِ إعَانَةً أَوْ ظَنَنَّا " أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ " فِيمَا فَعَلُوهُ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " وَإِنَّ لَنَا إعَانَةَ الْمُحِقِّ " وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ " فَلَا " يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ لِمُوَافَقَتِهِمْ طَائِفَةً مُسْلِمَةً مَعَ عُذْرِهِمْ " وَيُقَاتَلُونَ كَبُغَاةٍ " لِانْضِمَامِهِمْ إلَيْهِمْ مَعَ الْأَمَانِ فَلَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ وَلَا يُقْتَلُ مُثْخَنُهُمْ وَلَا أَسِيرُهُمْ وَخَرَجَ بِالذِّمِّيِّينَ الْمُعَاهَدُونَ وَالْمُؤْمِنُونَ فَيُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ وَلَا يُقْبَلُ عُذْرُهُمْ إلَّا فِي الإكراه ببينة وَبِقِتَالِهِمْ الضَّمَانُ فَلَوْ أَتْلَفُوا عَلَيْنَا نَفْسًا أَوْ مالا ضمنوه.
فَصْلٌ:
فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَفِي بَيَانِ طُرُقِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْقَضَاءِ.
" شَرْطُ الْإِمَامِ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ " بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا حُرًّا مُكَلَّفًا عَدْلًا ذَكَرًا مُجْتَهِدًا ذَا رَأَى وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَنُطْقٍ لِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَفِي عِبَارَتِي زِيَادَةُ الْعَدْلِ " قُرَشِيًّا " لِخَبَرِ النَّسَائِيّ: "الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ" فَإِنْ فُقِدَ فَكِنَانِيٌّ ثُمَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ ثُمَّ عجمي على ما في التهذيب أو جر همي عَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ ثُمَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ " شُجَاعًا " لِيَغْزُوَ بِنَفْسِهِ وَيُعَالِجَ الْجُيُوشَ وَيَقْوَى عَلَى فَتْحِ الْبِلَادِ وَيَحْمِي الْبَيْضَةَ وَتُعْتَبَرُ سَلَامَتُهُ مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةَ النُّهُوضِ كَمَا دَخَلَ فِي الشَّجَاعَةِ " وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ " بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ أَحَدُهَا " بِبَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ الْمُتَيَسِّرِ اجْتِمَاعُهُمْ " فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا عَدَدٌ بَلْ لَوْ تَعَلَّقَ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ بِوَاحِدٍ مُطَاعٍ كَفَتْ بَيْعَتُهُ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ وَلَا تَكْفِي بَيْعَةُ الْعَامَّةِ وَيُعْتَبَرُ اتِّصَافُ الْمُبَايِعِ " بِصِفَةِ الشُّهُودِ " مِنْ عَدَالَةٍ وَغَيْرِهَا لَا اجْتِهَادٍ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كونه مجتهدا إن اتحد وأن يكون فيهم مجتهد أَنْ تَعَدُّدٌ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ " وَ " ثَانِيهَا " بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ " مَنْ عَيَّنَهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَانَ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ حِينَئِذٍ لِيَكُونَ خَلِيفَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَيُعَبِّرُ عَنْهُ بِعَهْدِهِ إلَيْهِ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ رضي الله عنهما وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي حَيَاتِهِ " كَجَعْلِهِ الْأَمْرَ " فِي الْخِلَافَةِ " شُورَى " أَيْ تَشَاوُرًا "بَيْنَ جَمْعٍ " فَإِنَّهُ كَالِاسْتِخْلَافِ لَكِنْ لِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ جَمْعٍ فَيَرْتَضُونَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ فِي حَيَاتِهِ بِإِذْنِهِ أَحَدَهُمْ كَمَا جَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْأَمْرَ شورى بَيْنَ سِتَّةٍ عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ وَعُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةَ فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه " وَ " ثالثها " باستيلاء " شخص " متغلب " على الإمامة " وَلَوْ غَيْرَ أَهْلٍ " لَهَا كَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ بِأَنْ قَهَرَ النَّاسَ بِشَوْكَتِهِ وَجُنْدِهِ وَذَلِكَ لِيَنْتَظِمَ شَمْلُ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْفَاسِقِ وَالْجَاهِلِ.