المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الأشربة . كل شراب أسكر كثيره حرم تناوله ولو لتداو أو - فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب الفرائض

- ‌كتاب الوصية

- ‌كتاب الوديعة

- ‌كتاب قسم الفيء والغنيمة

- ‌كتاب قسم الزكاة

- ‌كتاب النكاح

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخِطْبَةِ

- ‌فصل: أركانه النكاح

- ‌فَصْلٌ: فِي عَاقِدِ النِّكَاحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌فَصْلٌ: فِي مَوَانِعِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ

- ‌باب ما يحرم من النكاح

- ‌باب نكاح المشرك

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح الرقيق

- ‌كتاب الصداق

- ‌كتاب القسم

- ‌كتاب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌كتاب الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌كتاب الظهار

- ‌كتاب الكفارة

- ‌كتاب اللعان والقذف

- ‌كتاب‌‌ العدد

- ‌ العدد

- ‌باب الاستبراء

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌كتاب الجناية

- ‌الجناية على البدن

- ‌باب كيفية القود والإختلاف فيه ومستوفيه

- ‌كتاب الديات

- ‌في مقدار الديات

- ‌باب موجبات الدية والعاقلة وجناية الرقيق والغرة والكفارة

- ‌باب دعوى الدم والقسامة

- ‌كتاب البغاة

- ‌كتاب الردة

- ‌كتاب الزنا

- ‌كتاب حد القذف

- ‌كتاب‌‌ السرقة

- ‌ السرقة

- ‌باب قاطع الطريق

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب الصيال وضمان الولاة وغيرهم والختن

- ‌كتاب الجهاد

- ‌كتاب الجزية

- ‌كتاب الهدنة

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌كتاب الأضحية

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌كتاب المسابقة

- ‌كتاب الأيمان

- ‌كتاب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌تولية القضاء وآدابه

- ‌باب القضاء على الغائب

- ‌باب القسمة

- ‌كتاب الشهادات

- ‌كتاب الدعوى والبينات

- ‌كتاب الإعتاق

- ‌كتاب التدبير

- ‌كتاب الكتابة

- ‌كتاب أمهات الأولاد

الفصل: ‌ ‌كتاب الأشربة . كل شراب أسكر كثيره حرم تناوله ولو لتداو أو

‌كتاب الأشربة

.

كل شراب أسكر كثيره حرم تناوله ولو لتداو أو عطش أو درديا عَلَى مُلْتَزِمِ تَحْرِيمِهِ مُخْتَارٌ عَالِمٌ بِهِ وَبِتَحْرِيمِهِ ولا ضرورة وحد به وإن جهل الحد لا لتداو أو عطش ولا مستهلكا ولا بحقن وسعوط وحد حر أربعون وغيره عشرون ولاء بنحو سوط وأيد وللإمام زيادة قدره وهي تعازير وَحُدَّ بِإِقْرَارِهِ وَبِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا وسوط.

ــ

كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالتَّعَازِيرِ.

وَالْأَشْرِبَةُ جَمْعُ شَرَابٍ بِمَعْنَى مشروب " كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ " مِنْ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ " حَرُمَ تَنَاوُلُهُ " وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يُسْكِرْ لآية: {إِنَّمَا الْخَمْرُ} 1 وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ " كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ" وَخَبَرُ مُسْلِمٍ " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ"" وَلَوْ كَانَ " تَنَاوُلُهُ " لِتَدَاوٍ أَوْ عَطَشٍ " وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهُ " أَوْ " كان " درديا " وَهُوَ مَا يَبْقَى أَسْفَلُ إنَاءِ مَا يُسْكِرُ ثَخِينًا " عَلَى مُلْتَزِمِ تَحْرِيمِهِ مُخْتَارٌ عَالِمٌ بِهِ وَبِتَحْرِيمِهِ وَلَا ضَرُورَةَ وَحُدَّ بِهِ " أَيْ بِتَنَاوُلِ ذلك لأن صلى الله عليه وسلم كَانَ يَحُدُّ فِي الْخَمْرِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ خَبَرَ " مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ" وَقِيسَ بِهِ شُرْبُ النَّبِيذِ وَإِنَّمَا حُرِّمَ الْقَلِيلُ وَحُدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ كَمَا حَرُمَ تَقْبِيلُ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْخَلْوَةُ بِهَا لِإِفْضَائِهِمَا إلَى الْوَطْءِ وَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ السَّكْرَانُ وَخَرَجَ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ أَضْدَادُهَا فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْهَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكَافِرٍ وَمُكْرَهٍ وَمُوجَر وَجَاهِلٍ بِهِ أَوْ بِتَحْرِيمِهِ إنْ قَرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ شَرِقَ بِلُقْمَةٍ فَأَسَاغَهَا بِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا حُدَّ الْحَنَفِيُّ بِتَنَاوُلِهِ النَّبِيذَ وَإِنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ لِقُوَّةِ أَدِلَّةِ تَحْرِيمِهِ وَلِأَنَّ الطَّبْعَ يَدْعُو إلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلى الزجر عنه وخرج بالشراب غيره كَبَنْجٍ وَحَشِيشٍ مُسْكِرٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ حَرُمَ تَنَاوُلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لَا يُحَدُّ بِهِ وَلَا تَرِدُ الْخَمْرَةُ الْمَعْقُودَةُ وَلَا الْحَشِيشُ الْمُذَابُ نَظَرَا لِأَصْلَيْهِمَا وَيُحَدُّ بِمَا ذُكِرَ.

" وَإِنْ جَهِلَ الْحَدَّ " بِهِ لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ " لَا " بِتَنَاوُلِهِ " لِتَدَاوٍ أَوْ عَطَشٍ " فَلَا يُحَدُّ بِهِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لِشُبْهَةِ قَصْدِ التَّدَاوِي وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ بِذَلِكَ ضَعَّفَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ " وَلَا " بِتَنَاوُلِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ " مُسْتَهْلِكًا " بِغَيْرِهِ كَخَبْزٍ عجن دقيقه به لاستهلاكه " ولا " بتناوله " بِحَقْنٍ وَسَعُوطٍ " بِفَتْحِ السِّينِ لِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ وَلَا حَاجَةَ فِيهِمَا إلَى زَجْرٍ " وَحَدُّ حُرٍّ أَرْبَعُونَ " جَلْدَةً فَفِي مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ أَرْبَعِينَ وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه جَلَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ " وَ " حَدُّ " غَيْرِهِ " وَلَوْ مُبَعَّضًا " عِشْرُونَ " عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ كَنَظَائِرِهِ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّقِيقِ " وَلَاءُ " كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَالْعِشْرِينَ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بِهَا زَجْرٌ وَتَنْكِيلٌ فَلَا يُفَرَّقُ عَلَى الْأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ لِعَدَمِ الإيلاء فَإِنْ حَصَلَ بِهَا حِينَئِذٍ إيلَامٌ قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ مَا يَزُولُ بِهِ الْأَلَمُ الْأَوَّلُ كَفَى وَإِلَّا فَلَا وَيُحَدُّ الرَّجُلُ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةً وَتَلُفُّ امْرَأَةٌ أَوْ نَحْوُهَا عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَكَالْمَرْأَةِ الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَخْتَصَّ بِلَفِّ ثِيَابِهِ الْمَرْأَةُ وَنَحْوُهَا ويحتمل تعيين المحرم ونحوه وَيَحْصُلُ الْحَدُّ " بِنَحْوِ سَوْطٍ وَأَيْدٍ " كَنِعَالٍ وَعَصَى مُعْتَدِلَةٍ وَأَطْرَافِ ثِيَابٍ بَعْدَ فَتْلِهَا حَتَّى تَشْتَدَّ " وَلِلْإِمَامِ زِيَادَةُ قَدْرِهِ " أَيْ الْحَدِّ عَلَيْهِ إنْ رآه فيبلغ الحر ثمانين غيره أَرْبَعِينَ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْحُرِّ وَرَآهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه قَالَ لِأَنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَحَدُّ الِافْتِرَاءِ ثمانون.

1 سورة المائدة الآية: 90.

ص: 201

العقوبة بين قضيب وعصا ورطب ويابس ويفرقه على الأعضاء ويتقي المقاتل والوجه ولا تشديده ولا تجرد ثيابه الخفيفة ولا يحد في سكره ولا في مسجد فإن فعل أجزأ.

فصل:

عزر لمعصية لا حد فيها ولا كفارة غالبا بنحو حبس وضرب باجتهاد إمام ولينقصه عن أدنى حد المعزر وله تعزير من عفا عنه مستحقه.

ــ

" وَهِيَ " أَيْ زِيَادَةُ قَدْرِ الْحَدِّ عَلَيْهِ " تَعَازِيرُ " لا حد إلا لَمَا جَازَ تَرْكُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ وَضْعَ التَّعْزِيرِ النَّقْصُ عَنْ الْحَدِّ فَكَيْفَ يُسَاوِيهِ وَأُجِيبُ بِمَا أَشَرْت إلَيْهِ بِتَعَازِيرُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لِجِنَايَاتٍ تَوَلَّدَتْ مِنْ الشَّارِبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ شَافِيًا فَإِنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ تَتَحَقَّقْ حَتَّى يُعَزَّرَ وَالْجِنَايَاتُ الَّتِي تَتَوَلَّدُ مِنْ الْخَمْرِ لَا تَنْحَصِرُ فَلْتَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَانِينَ وَقَدْ مَنَعُوهَا قَالَ وَفِي قِصَّةِ تَبْلِيغِ الصَّحَابَةِ الضَّرْبَ ثَمَانِينَ أَلْفَاظٌ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ الْكُلَّ حَدٌّ وَعَلَيْهِ فَحَدُّ الشَّارِبِ مَخْصُوصٌ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْحُدُودِ بِأَنْ يَتَحَتَّمَ بَعْضُهُ وَيَتَعَلَّقَ بَعْضُهُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ سَوْطٍ إلَى آخِرِهِ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ.

" وَحُدَّ بِإِقْرَارِهِ وَبِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا " وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَهُوَ عَالِمٌ مُخْتَارٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجَهْلِ وَالْإِكْرَاهِ وَقَوْلِي أَنَّهُ تَنَازَعَهُ المصدر ان قَبْلَهُ فَلَا يُحَدُّ بِرِيحٍ مُسْكِرٍ وَلَا بِسُكْرٍ وَلَا بِقَيْءٍ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ أَوْ الْإِكْرَاهِ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ " وَسَوْطُ الْعُقُوبَةِ " مِنْ حَدٍّ وَتَعْزِيرٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَسَوْطُ الْحُدُودِ " بَيْنَ قَضِيبٍ " أَيْ غُصْنٍ " وَعَصًا " غَيْرِ مُعْتَدِلَةٍ " وَرَطْبٍ ويابس " بِأَنْ يَكُونَ مُعْتَدِلَ الْجِرْمِ وَالرُّطُوبَةِ لِلِاتِّبَاعِ فَلَا يكون عصا غير معتدلة ولا رطب فَيَشُقُّ الْجِلْدَ بِثِقَلِهِ وَلَا قَضِيبًا وَلَا يَابِسًا فَلَا يُؤْلِمُ لِخِفَّتِهِ وَفِي خَبَرٍ مُرْسَلٍ رَوَاهُ مَالِكٌ الْأَمْرُ بِسَوْطٍ بَيْنِ الْخَلَقِ وَالْجَدِيدِ وَقِيسَ بِالسَّوْطِ غَيْرُهُ " وَيُفَرِّقُهُ " أَيْ السَّوْطَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ عَلَى الْأَعْضَاءِ فَلَا يَجْمَعُ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ " وَيَتَّقِي الْمَقَاتِلَ " كَثُغْرَةِ نَحْرٍ وَفَرْجٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ رَدْعُهُ لَا قَتْلُهُ " وَالْوَجْهَ " لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: "إذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ" ولِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ فَيَعْظُمُ أَثَرُ شَيْنِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَّقِ الرَّأْسَ لِأَنَّهُ مَسْتُورٌ بِالشَّعْرِ غَالِبًا " ولا تشد يده" وَلَا يَمُدُّ هُوَ عَلَى الْأَرْضِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاتِّقَاءِ بِيَدَيْهِ فَلَوْ وَضَعَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا عَلَى مَوْضِعٍ عَدَلَ عَنْهُ الضَّارِبُ إلَى آخَرَ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ أَلَمِهِ بِالضَّرْبِ فِيهِ وَلَا تُجَرَّدُ ثِيَابُهُ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي الْخَفِيفَةُ أَمَّا الثقيلة كجبة مَحْشُوَّةٍ وَفَرْوَةٍ فَتُجَرَّدُ نَظَرَا لِمَقْصُودِ الْحَدِّ.

" وَلَا يُحَدُّ فِي " حَالِ " سُكْرِهِ " بَلْ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ مِنْهُ لِيَرْتَدِعَ " وَلَا فِي مَسْجِدٍ " لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ " لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ" وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَلَوَّثَ مِنْ جِرَاحَةٍ تَحْدُثُ " فَإِنْ فَعَلَ " أَيْ حَدَّ فِي سُكْرِهِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ " أَجْزَأَ " أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِظَاهِرِ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَكْرَانَ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ فَمِنَّا مَنْ ضَرَبَهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ ضَرَبَهُ بِنَعْلِهِ وَمِنَّا مَنْ ضَرَبَهُ بِثَوْبِهِ وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ فَضَرَبُوهُ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَكَالصَّلَاةِ فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ وَقَضِيَّتُهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ الْبَنْدَنِيجِيُّ لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَوْلِي وَلَا فِي إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

فَصْلٌ: فِي التَّعْزِيرِ.

مِنْ الْعَزْرِ أَيْ الْمَنْعِ وَهُوَ لُغَةً التَّأْدِيبُ وَشَرْعًا تَأْدِيبٌ عَلَى ذَنْبٍ لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ غَالِبًا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} 1 وَفِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ الْحَاكِمُ في صحيحه.

" عزر لمعصية لا حد فيها وَلَا كَفَّارَةَ " سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِآدَمِيٍّ كَمُبَاشَرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَسَبٍّ لَيْسَ بِقَذْفٍ وَتَزْوِيرٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ وَضَرْبٍ بغير حق بخلاف الزنا لا يجابه الْحَدَّ وَبِخِلَافِ التَّمَتُّعِ بِطِيبٍ وَنَحْوِهِ فِي الْإِحْرَامِ لِإِيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ وَأَشَرْت بِزِيَادَتِي " غَالِبًا " إلَى أَنَّهُ قَدْ يُشْرَعُ التَّعْزِيرُ وَلَا مَعْصِيَةَ كَمَنْ يَكْتَسِبُ باللهو الذي لا معصية.

1 سورة النساء الآية: 34.

ص: 202

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَعَهُ وَقَدْ يَنْتَفِي مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ وَالْكَفَّارَةِ كَمَا فِي صَغِيرَةٍ صَدَرَتْ مِنْ وَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى وَكَمَا فِي قَطْعِ شَخْصٍ أَطْرَافَ نَفْسِهِ وأنه قد يجتمع مع الحد كَمَا فِي تَكَرُّرِ الرِّدَّةِ وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الكفارة فِي الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَإِفْسَادِ الصَّائِمِ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعِ حَلِيلَتِهِ وَيَحْصُلُ " بِنَحْوِ حَبْسٍ وَضَرْبٍ " غَيْرِ مُبَرِّحٍ كَصَفْعٍ وَنَفْيٍ وَكَشْفِ رَأْسٍ وَتَسْوِيدِ وَجْهٍ وَصَلْبِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ وَتَوْبِيخٍ بِكَلَامٍ لَا بِحَلْقِ لِحْيَةٍ " بِاجْتِهَادِ إمَامٍ " جِنْسًا وَقَدْرًا إفْرَادًا وَجَمْعًا وَلَهُ فِي الْمُتَعَلِّقِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْعَفْوُ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ صَفْعٍ أَوْ تَوْبِيخٍ وَالصَّفْعُ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْكَفِّ أَوْ بِبَسْطِهَا.

" وَلِيُنْقِصَهُ " أَيْ الْإِمَامُ التَّعْزِيرَ وُجُوبًا " عَنْ أَدْنَى حَدِّ الْمُعَزَّرِ " فَيَنْقُصُ فِي تَعْزِيرِ الْحُرِّ بِالضَّرْبِ عَنْ أَرْبَعِينَ وَبِالْحَبْسِ أَوْ النَّفْيِ عَنْ سَنَةٍ وَفِي تَعْزِيرِ غَيْرِهِ بِالضَّرْبِ عَنْ عِشْرِينَ وَبِالْحَبْسِ أَوْ النَّفْيِ عَنْ نِصْفِ سَنَةٍ لِخَبَرِ: "مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حد فهو من المعتدين" رواه البيهقي وَقَالَ الْمَحْفُوظُ إرْسَالُهُ وَكَمَا يَجِبُ نَقْصُ الْحُكُومَةِ عَنْ الدِّيَةِ وَالرَّضْخِ عَنْ السَّهْمِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبَ أَنْ يَنْقُصَ فِي عَبْدٍ عَنْ عِشْرِينَ وَحُرٍّ عَنْ أَرْبَعِينَ.

" وَلَهُ " أَيْ الْإِمَامِ " تَعْزِيرُ مَنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّهُ " أَيْ التَّعْزِيرِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَا يُعَزِّرُهُ بِدُونِ عَفْوٍ قَبْلَ مُطَالَبَةِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ أَمَّا مَنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّ الْحَدِّ فَلَا يَحُدُّهُ الْإِمَامُ وَلَا يُعَزِّرُهُ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَتَعَلَّقُ أَصْلُهُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَجَازَ أو لَا يُؤَثِّرَ فِيهِ إسْقَاطُ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْحَدِّ.

فَرْعٌ: لِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا تَعْزِيرُ مُوَلِّيهِ بِارْتِكَابِهِ مَا لَا يَلِيقُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ مَعَ صَبِيٍّ تَكْفُلُهُ كَذَلِكَ وَلِلسَّيِّدِ تَعْزِيرُ رَقِيقِهِ لِحَقِّهِ وَحَقِّ اللَّهِ وَلِلزَّوْجِ تَعْزِيرُ زَوْجَتِهِ لِحَقِّهِ كَنُشُوزٍ وَلِلْمُعَلِّمِ تَعْزِيرُ الْمُتَعَلِّمِ مِنْهُ.

ص: 203