الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْحَرْبِيِّ الْمَذْكُورِ الْحَرْبِيُّ الَّذِي لَا أَمَانَ لَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَمِثْلُهُ الْجَلَّادُ الْقَاتِلُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ ظُلْمًا وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ لِأَنَّهُ سَيْفُ الْإِمَامِ وَآلَةُ سِيَاسَتِهِ وَبِالْقَتْلِ غَيْرُهُ كَالْجِرَاحَاتِ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِوُرُودِ النَّصِّ بِهَا فِي الْقَتْلِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَلَيْسَ غَيْرُهُ فِي مَعْنَاهُ وَبِالْمَعْصُومِ عليه غيره كباغ قتله عادل عكسه فِي الْقِتَالِ وَصَائِلٍ وَمُقْتَصٍّ مِنْهُ وَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ لَهُ وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِهِ وَإِنَّمَا حَرُمَ قَتْلُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَتَالِيَيْهَا لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لَيْسَ لِحُرْمَتِهِمْ بَلْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَفُوتَهُمْ الِارْتِفَاقُ بِهِمْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَوْ قَتَلَ بِأَمْرِ غَيْرِهِ ضَمِنَ آمِرُهُ فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فِي مَالِهِمَا فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا وَالْعَبْدُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ اصْطَدَمَ شَخْصَانِ فَمَاتَا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَّارَتَانِ وَاحِدَةٌ لِقَتْلِ نَفْسِهِ وَوَاحِدَةٌ لِقَتْلِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ لَوْ اصْطَدَمَتْ حَامِلَانِ فَمَاتَتَا وَأَلْقَتَا جَنِينَيْنِ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ نفسيهما وجنينهما.
باب دعوى الدم والقسامة
شرط لكل دعوى أن تكون معلومة كقتله عَمْدًا أَوْ شَبَّهَهُ أَوْ خَطَأً أَفْرَادًا أَوْ شركة فإن أطلق سن استفصاله وملزمة وأن يعين مدعى عليه وأن يكون كل غير حربي مكلفا وأن لا تناقضها أخرى فلو ادعى انفراده بقتل ثم على آخر لم تسمع الثانية أو عمدا وفسره بغير عمل بتفسيره وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ فِي قَتْلٍ وَلَوْ لِرَقِيقٍ بمحل لوث وهو قرينة تصدق المدعي كأن وجد قتيل أو بعضه في محلة أو قرية صغيرة لأعدائه أو تفرق عنه محصورون أو أخبر بقتله عدل.
ــ
بَابُ دَعْوَى الدَّمِ
أَعْنِي الْقَتْلَ بِقَرِينَةِ مَا يأتي وعبر به عنه للزومه غَالِبًا " وَالْقَسَامَةِ " بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ الْأَيْمَانِ الْآتِي بَيَانُهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْقَسَمِ وَهُوَ الْيَمِينُ.
" شَرْطٌ لِكُلِّ دَعْوَى " بِدَمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَغَصْبٍ وَسَرِقَةٍ وإتلاف سِتَّةٌ شُرُوطٍ أَحَدُهَا " أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً " غَالِبًا بأن يفصل المدعي ما يدعيه " كَ " قَوْلِهِ " قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ شَبَّهَهُ أَوْ خَطَأً أَفْرَادًا أَوْ شَرِكَةً " لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَيَذْكُرُ عَدَدَ الشُّرَكَاءِ إنْ أَوْجَبَ الْقَتْلُ الدِّيَةَ نَعَمْ إنْ قَالَ أَعْلَمُ أنهم لا يزيدون على عشر مَثَلًا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَطَالَبَ بِحِصَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا طَالَبَهُ بِعُشْرِ الدِّيَةِ وَقَوْلِي أَوْ شِبْهَهُ مِنْ زِيَادَتِي " فَإِنْ أَطْلَقَ " مَا يَدَّعِيه كَقَوْلِهِ هَذَا قَتَلَ أَبِي " سُنَّ " لِلْقَاضِي " استفصاله " عما ذكره لِتَصِحَّ بِتَفْصِيلِهِ دَعْوَاهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ اسْتَفْصَلَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَ الِاسْتِفْصَالِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ " وَ " ثَانِيهَا أَنْ تَكُونَ " مُلْزِمَةً " وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى هِبَةِ شَيْءٍ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ إقْرَارٍ بِهِ حَتَّى يَقُولَ الْمُدَّعِي وَقَبَضْته بِإِذْنِ الْوَاهِبِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَوْ الْمُقِرَّ التَّسْلِيمُ إلَيَّ " وَ " ثَالِثُهَا " أَنْ يُعَيِّنَ مُدَّعًى عَلَيْهِ " فَلَوْ قَالَ قَتَلَهُ أَحَدُ هَؤُلَاءِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لِإِيهَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ " وَ " رَابِعُهَا وَخَامِسُهَا " أَنْ يَكُونَ كُلٌّ " مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ " غَيْرَ حَرْبِيٍّ " لَا أَمَانَ لَهُ " مُكَلَّفًا " وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ كَذِمِّيٍّ وَمُعَاهِدٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ لَكِنْ لَا يَقُولُ السَّفِيهُ في دعواه المال واستحق تسلمه بل ووليي يَسْتَحِقُّ تَسَلُّمَهُ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَى حَرْبِيٍّ لَا أمان له وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَا دَعْوَى عَلَيْهِمْ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِ حَرْبِيٍّ لِشُمُولِهِ الْمُعَاهِدَ وَالْمُسْتَأْمَنَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُلْتَزِمٍ لِإِخْرَاجِهِ لَهُمَا " وَ " سَادِسُهَا " أَنْ لَا تُنَاقِضَهَا " دَعْوَى " أُخْرَى فَلَوْ ادَّعَى " عَلَى وَاحِدٍ " انْفِرَادَهُ بِقَتْلٍ ثُمَّ " ادَّعَى " عَلَى آخَرَ " شَرِكَةً أَوْ انْفِرَادًا " لَمْ تُسْمَعْ " الدَّعْوَى " الثَّانِيَةُ " لِأَنَّ الْأُولَى تُكَذِّبُهَا نَعَمْ إنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ فَهُوَ مؤاخذ بِإِقْرَارِهِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأُولَى لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُكَذِّبُهَا " أَوْ " ادَّعَى " عَمْدًا " مَثَلًا " وَفَسَّرَهُ بِغَيْرِهِ عُمِلَ بِتَفْسِيرِهِ " فَتُلْغَى دَعْوَى الْعَمْدِ لَا دَعْوَى الْقَتْلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ عَمْدًا فَيَعْتَمِدُ تَفْسِيرُهُ مُسْتَنَدًا إلَى دَعْوَاهُ الْقَتْلَ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الدَّعْوَى لِإِيهَامِهِ بُطْلَانَ التَّفْسِيرِ.
" وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ فِي قَتْلٍ وَلَوْ لِرَقِيقٍ " لَا فِي غَيْرِهِ كَقَطْعِ طَرَفٍ وَإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِ رَقِيقٍ لِأَنَّهَا خِلَافُ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَهُوَ الْقَتْلُ فَفِي غَيْرِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ مَعَ اللَّوْثِ وَعَدَمِهِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْقَتْلِ " بِمَحَلِّ لَوْثٍ " بِمُثَلَّثَةٍ " وَهُوَ " أَيْ اللَّوْثُ " قَرِينَةٌ تُصَدِّقُ الْمُدَّعِي " أَيْ تُوقِعُ فِي الْقَلْبِ صِدْقَهُ " كَأَنْ " هو أولى من قوله بأن.
أَوْ عَبْدَانِ أَوْ امْرَأَتَانِ أَوْ صَبِيَّةٌ أَوْ فسقة أو كفار ولو تقاتل صفان وانكشفا عن قتيل فلوث في حق الآخر ولو ظهر لوث فقال أحد ابنيه قتله زيد وكذبه الآخر ولو فاسقا بطل أو ومجهول والآخر عمرو ومجهول حلف كل على من عينه وله ربع دية ولو أنكر مدعى عليه اللوث حلف ولو ظهر لوث القتل مطلقا فلا قسامة وهي حلف مستحق بدل الدم ولو مكاتبا أو مرتدا وتأخيره ليسلم وأولى خمسين يمينا ولو متفرقة ولو مات لم يبن وارثه وتوزع على ورثته بحسب الإرث ويجبر كسر ولو نكل أحدهما أو غاب حلفها الآخر وأخذ حصته وله صبر للغائب ويمين مدعى عليه بلا لوث ومردودة ومع شاهد خمسون والواجب بالقسامة دية ولو ادعى عمدا بلوث على ثلاثة حضر.
ــ
" وجد قتيل أَوْ بَعْضُهُ " وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي " فِي مَحَلَّةٍ " مُنْفَصِلَةٍ عَنْ بَلَدٍ كَبِيرٍ " أَوْ " فِي " قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَعْدَائِهِ " فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا وَلَمْ يُخَالِطْهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ غَيْرِ أَصْدِقَاءِ الْقَتِيلِ وَأَهْلِهِ " أَوْ تَفَرَّقَ عَنْهُ " جَمْعٌ " مَحْصُورُونَ " يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ وَإِلَّا فَلَا قَسَامَةَ نَعَمْ إنْ ادَّعَى عَلَى عَدَدٍ مِنْهُمْ مَحْصُورِينَ مُكِّنَ مِنْ الدَّعْوَى وَالْقَسَامَةِ وَتَعْبِيرِي بِالْمَحْصُورِينَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجَمْعِ " أَوْ أَخْبَرَ " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ شَهِدَ " بِقَتْلِهِ " وَلَوْ قَبْلَ الدَّعْوَى " عَدْلٌ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ امْرَأَتَانِ أَوْ صَبِيَّةٌ أَوْ فَسَقَةٌ أَوْ كُفَّارٌ " وَإِنْ كَانُوا مُجْتَمَعِينَ لِأَنَّ كُلًّا منهم يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ وَلِأَنَّ اتِّفَاقَ كُلٍّ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَخِيرَةِ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الشَّيْءِ يَكُونُ غَالِبًا عَنْ حَقِيقَةٍ وَاحْتِمَالٌ التَّوَاطُؤِ فِيهَا كَاحْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي إخْبَارِ الْعَدْلِ وَتَعْبِيرِي بِعَبْدَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ تَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِعَبِيدٍ وَنِسَاءٍ.
" وَلَوْ تَقَاتَلَ " بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ قَبْلَ اللَّامِ " صَفَّانِ " بِأَنْ الْتَحَمَ قِتَالٌ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بِأَنْ وَصَلَ سِلَاحُ أَحَدِهِمَا للآخر " وانكشفت عَنْ قَتِيلٍ " مِنْ أَحَدِهِمَا " فَلَوْثٌ فِي حَقِّ " الصَّفِّ " الْآخِرِ " لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ صَفَّهُ لَا يَقْتُلُهُ " وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ " فِي قَتِيلٍ " فَقَالَ أحدا بنيه " مَثَلًا " قَتَلَهُ زَيْدٌ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ وَلَوْ فَاسِقًا " وَلَمْ يَثْبُتْ اللَّوْثُ بِعَدْلٍ " بَطَلَ " أَيْ اللَّوْثُ فَلَا يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ لِانْخِرَامِ ظَنِّ الْقَتْلِ بِالتَّكْذِيبِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى الِانْتِقَامِ مِنْ قَاتِلِ مُوَرِّثِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ بِأَنْ صَدَّقَ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ أَوْ كَذَّبَهُ وَثَبَتَ اللَّوْثُ بِعَدْلٍ " أَوْ " قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ زَيْدٌ " وَمَجْهُولٌ وَ " قَالَ " الْآخَرُ " قَتَلَهُ " عَمْرٌو وَمَجْهُولٌ حَلَفَ كُلٌّ " مِنْهُمَا " عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ " إذْ لَا تَكَاذُبَ مِنْهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِي أَبْهَمَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْ عَيَّنَهُ الْآخَرُ " وَلَهُ " أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا " رُبْعُ دِيَةٍ " لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ نِصْفُهَا وَحِصَّتُهُ مِنْهُ نِصْفُهُ " وَلَوْ أَنْكَرَ مُدَّعًى عَلَيْهِ اللَّوْثَ " فِي حَقِّهِ كأن قال كُنْت عِنْدَ الْقَتْلِ غَائِبًا عَنْهُ أَوْ لَسْت أنا الذي رؤي مَعَهُ السِّكِّينُ الْمُتَلَطِّخُ عَلَى رَأْسِهِ " حَلَفَ " فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ.
" وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ بِقَتْلٍ مُطْلَقًا " عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ وَغَيْرِهِ كَأَنْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِهِ بَعْدَ دَعْوَى مُفَصَّلَةٍ " فَلَا قَسَامَةَ " لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ مُطَالَبَةَ الْقَاتِلِ وَلَا الْعَاقِلَةِ " وَهِيَ " أَيْ الْقَسَامَةُ " حَلِفُ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ وَلَوْ مُكَاتَبًا " بِقَتْلِ رَقِيقِهِ فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ نُكُولِهِ حَلَفَ السَّيِّدُ " أَوْ مُرْتَدًّا " لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِحَلِفِهِ نَوْعُ اكْتِسَابٍ لِلْمَالِ فَلَا تَمْنَعُ مِنْهُ الرِّدَّةُ كَالِاحْتِطَابِ " وَتَأْخِيرُهُ لِيُسْلِمَ أَوْلَى " لِأَنَّهُ لَا يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ وَمَنْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ مَثَلًا بِقِيمَةِ عَبْدِهِ إنْ قُتِلَ ثُمَّ مَاتَ حَلَفَ الْوَارِثُ بَعْدَ دَعْوَاهَا وَبِهَذَا وَبِمَا مَرَّ مِنْ حَلِفِ السَّيِّدِ بَعْدَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ عُلِمَ أَنَّ الْحَالِفَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُدَّعٍ " خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً " بِجُنُونٍ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ الْمُخَصَّصِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَجَوَّزَ تَفْرِيقَهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهَا حُجَّةٌ كَالشَّهَادَةِ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا.
" وَلَوْ مَاتَ " قبل تمامها " لم يَبْنِ وَارِثُهُ " إذْ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ لِوَارِثِهِ أَنْ يُقِيمَ شَاهِدًا آخَرَ لِأَنَّ كُلًّا شَهَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ " وَتُوَزَّعَ " الْخَمْسُونَ " عَلَى وَرَثَتِهِ " اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ " بِحَسَبِ الْإِرْثِ " غَالِبًا قِيَاسًا لَهَا عَلَى مَا يَثْبُتُ بِهَا " وَيُجْبَرُ كَسْرٌ " إنْ لَمْ تَنْقَسِمْ صَحِيحَةً لِأَنَّ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ " وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا " أَيْ الْوَارِثِينَ " أَوْ غَابَ حَلَفَهَا " أَيْ الْخَمْسِينَ " الْآخَرُ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ " لِأَنَّ الْخَمْسِينَ هِيَ الْحُجَّةُ " وَلَهُ " فِي الثَّانِيَةِ " صَبْرٌ لِلْغَائِبِ " حَتَّى يَحْضُرَ فَيَحْلِفُ مَعَهُ مَا يَخُصُّهُ وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ بعد حلفه حلف خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَوْ قَالَ الْحَاضِرُ لَا أَحْلِفُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْ الْقَسَامَةِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ حَلَفَ مَعَهُ حِصَّتُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ حَائِزٍ حَلَفَ خَمْسِينَ فَفِي زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَشْرًا وَالْبِنْتُ أَرْبَعِينَ بِجَعْلِ الْأَيْمَانِ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا لِأَنَّ سِهَامَهُمَا خَمْسَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ مِنْهَا وَاحِدٌ " وَيَمِينُ مُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا لَوْثٍ وَ " يمين " مردودة " من.
أحدهم حلف خمسين وأخذ ثلث دية فإن حضر آخر فكذا إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ فِي الْأَيْمَانِ وَإِلَّا اكتفى بها والثالث كالثاني ولا قسامة فيمن وارث له.
فصل
إنما يثبت قتل بسحر بإقرار وموجب قود به أو بعدلين ومال بذلك أو برجل وامرأتين أو ويمين ولو عفا عن.
ــ
مُدَّعَى عَلَيْهِ " وَ " يَمِينٌ " مَعَ شَاهِدٍ خَمْسُونَ " لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ حَتَّى لَوْ تَعَدَّدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَفَ كُلٌّ خَمْسِينَ وَلَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ وَفَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الْمُدَّعِي بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَنْفِي عَنْ نَفْسِهِ الْقَتْلَ كَمَا يَنْفِيه الْمُنْفَرِدُ وَكُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِينَ لَا يَثْبُتُ لِنَفْسِهِ مَا يَثْبُتُهُ الْمُنْفَرِدُ.
" وَالْوَاجِبُ بِالْقَسَامَةِ دِيَةٌ " عَلَى مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي قَتْلِ عَمْدٍ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي قتل خطأ وشبه عمد كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَلَا يَجِبُ بِهَا قَوَدٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ: "إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ أَوْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ" وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَوَدِ وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَلَا تُوجِبُ الْقَوَدَ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الدِّمَاءِ كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَأُجِيبَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أن التَّقْدِيرَ بَدَلُ دَمِ صَاحِبِكُمْ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ " وَلَوْ ادَّعَى " قَتْلًا " عَمْدًا " مَثَلًا " بِلَوْثٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ حَضَرَ أَحَدُهُمْ " وَأَنْكَرَ " حَلَفَ " الْمُسْتَحِقُّ " خَمْسِينَ وَأَخَذَ " مِنْهُ " ثُلُثَ دِيَةٍ فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ فَكَذَا " أَيْ فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ كَالْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ ثُلُثَ دِيَةٍ " إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ فِي الْأَيْمَانِ وَإِلَّا اكْتَفَى بِهَا " بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ " وَالثَّالِثُ كَالثَّانِي " فِيمَا مَرَّ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا قَسَامَةَ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ " خَاصًّا لِأَنَّ تَحْلِيفَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مُمْكِنٍ لَكِنْ يَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ وَيُحَلِّفُهُ.
فَصْلٌ: فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ.
" إنَّمَا يَثْبُتُ قَتْلٌ بسحر بإقرار " به حقيقة أَوْ حُكْمًا لَا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَعْلَمُ قَصْدَ السَّاحِرِ وَلَا يُشَاهِدُ تَأْثِيرَ السِّحْرِ نَعَمْ إنْ قَالَ قَتَلْته بِكَذَا فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ نَادِرًا فَيَثْبُتُ مَا شهدا به والإقرار أن يقول قتله بِسِحْرِي فَإِنْ قَالَ وَسِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِقْرَارٌ بِالْعَمْدِ فَفِيهِ الْقَوَدُ أَوْ يَقْتُلُ نَادِرًا فَإِقْرَارٌ بِشِبْهِ الْعَمْدِ أَوْ قَالَ أَخْطَأْت مِنْ اسْمِ غيره إلى اسمه فإقرار الخطأ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ عَلَى السَّاحِرِ لَا الْعَاقِلَةِ إلَّا أن يصدقوه " و " إنما يثبت " موجب قو د" بِكَسْرِ الْجِيمِ مَنْ قُتِلَ بِغَيْرِ سِحْرٍ أَوْ جرح أو إزالة " به " أي بإقرار حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا " أَوْ بِ " شَهَادَةِ " عَدْلَيْنِ " بِهِ " وَ " إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ " مَالِ " مَنْ قُتِلَ بِغَيْرِ سِحْرٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ إزَالَةٍ " بِذَلِكَ " أَيْ بِإِقْرَارٍ بِهِ أَوْ شَهَادَةٍ عَدْلَيْنِ به " أو برجل وامرأتين
قود لم يقبل للمال الأخيران كأرش هشم بعد إيضاح وليصرح الشاهد بالإضافة فلا يكفي جرحه فمات حتى يقول منه أو فقتله وتثبت دامية بضربه فأدماه أو فأسال دمه وموضحة بأوضح رأسه ويجب لقود بيانها وتقل شهادته لمورثه بجرح اندمل أو بمال في مرض لا شهادة عاقلة بفسق بينة جناية يحملونها وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِهِ فَشَهِدَا به على الأولين فإن صدق الولي الأولين فقط حكم بهما وإلا بطلتا ولو أقر بعض ورثة بعفو بعض سقط القود ولو اختلف شاهدان في زمان فعل أو مكانه أو آلته أو هيئته لغت ولا لوث.
ــ
أَوْ " بِرَجُلٍ " وَيَمِينٍ " وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ذُكِرَتْ هُنَا تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَيَأْتِي ثَمَّ الْكَلَامُ فِي صِفَاتِ الشُّهُودِ وَالْمَشْهُودِ بِهِ مُسْتَوْفًى وَفِي بَابِ الْقَضَاءِ بَيَانُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ.
" وَلَوْ عَفَا " الْمُسْتَحِقُّ " عَنْ قَوَدٍ " لَمْ يَثْبُتْ عَلَى مَالٍ " لَمْ يُقْبَلُ لِلْمَالِ الْأَخِيرَانِ " أَيْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَيَمِينُ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ ثُبُوتِ مُوجِبِ الْقَوَدِ وَلَا يَثْبُتُ بِمِنْ ذُكِرَ " كَ " مَا لَا يَقْبَلَانِ ل " أَرْشَ هَشْمٍ بَعْدَ إيضَاحٍ " لِأَنَّ الْإِيضَاحَ قَبِلَهُ الْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ وَاحِدٍ فِي مَرَّتَيْنِ ثَبَتَ أَرْشُ الْهَشْمِ بِذَلِكَ وَهُوَ وَاضِحٌ وَالتَّصْرِيحُ فِي هَاتَيْنِ بِالرَّجُلِ وَبِالْيَمِينِ مِنْ زِيَادَتِي " وَلْيُصَرِّحْ " وُجُوبًا " الشَّاهِدُ بِالْإِضَافَةِ " أَيْ بِإِضَافَةِ التَّلَفِ لِلْفِعْلِ "فَلَا يَكْفِي " فِي ثُبُوتِ الْقَتْلِ " جُرْحُهُ " بِسَيْفٍ " فَمَاتَ حَتَّى يَقُولَ " فَمَاتَ " مِنْهُ أو فقتله " لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْجُرْحِ " وَتَثْبُتُ دَامِيَةٌ بِ " قَوْلِهِ " ضَرْبِهِ فأدماه أو فأسال دَمَهُ " لَا بِقَوْلِهِ فَسَالَ دَمُهُ لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِهِ بِغَيْرِ الضَّرْبِ " وَ " تَثْبُتُ " مُوضِحَةٌ بِ " قَوْلِهِ " أَوْضَحَ رَأْسَهُ " لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَوْضَحَ عَظْمَ رَأْسِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِهِ وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ثُمَّ ذَكَرَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْلُ عَنْ حِكَايَةِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الموضحة من الإيضاح وَلَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصٌ بِعَظْمٍ.
" وَيَجِبُ لِقَوَدٍ " أَيْ لِوُجُوبِهِ فِي الْمُوضِحَةِ " بَيَانُهَا " مَحَلًّا وَمِسَاحَةً وَإِنْ كَانَ بِرَأْسِهِ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ لِجَوَازِ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً فَوَسَّعَهَا غَيْرُ الْجَانِي وَخَرَجَ بِالْقَوَدِ الدِّيَةُ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَحَلِّ الْمُوضِحَةِ وَمِسَاحَتِهَا " وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ " أَيْ الْوَارِثِ ظَاهِرًا عِنْدَ الْقُضَاةِ " لِمُوَرِّثِهِ " غَيْرِ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بابها " بجرح اندمل أو بمال " وَلَوْ " فِي مَرَضٍ " لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِهَا قَبْلَ انْدِمَالِ جُرْحِهِ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَفَارَقَ قَبُولُهَا بِمَالٍ فِي الْمَرَضِ بِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبُ الْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ وَبِأَنَّهُ إذَا شَهِدَ لَهُ بِالْمَالِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ حَالَ وُجُوبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ لَهُ بِالْجُرْحِ " لَا شَهَادَةَ عَاقِلَةٍ بِفِسْقِ بَيِّنَةِ جِنَايَةِ " قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ " يَحْمِلُونَهَا " بِأَنْ تَكُونَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَيَكُونُوا أَهْلًا لِتَحَمُّلِهَا وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَلَوْ فُقَرَاءَ فَلَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِدَفْعِ التَّحَمُّلِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ بَيِّنَةِ إقْرَارٍ بِذَلِكَ أَوْ بَيِّنَةِ عَمْدٍ وَفَارَقَ عَدَمُ قَبُولِهَا مِنْ الفقراء قبولها من الأباعاد وفي الأقربين وفاء بالواجب أن الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ فَالْغَنِيُّ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ فَتَحْصُلُ التُّهْمَةُ وَمَوْتُ الْقَرِيبِ كَالْمُسْتَبْعَدِ فِي الِاعْتِقَادِ فَلَا تتحقق فيه تهمة وتعبيري بِالْجِنَايَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقَتْلِ.
" وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِهِ فَشَهِدَا بِهِ " أَيْ بِقَتْلِهِ " عَلَى الْأَوَّلَيْنِ " فِي الْمَجْلِسِ مُبَادَرَةً " فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ " الْمُدَّعِي " الْأَوَّلَيْنِ " أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا " فَقَطْ حَكَمَ بِهِمَا " وَسَقَطَتْ شَهَادَةُ الْآخِرَيْنِ للتهمة ولأن الولي كذبهما " وَإِلَّا " بِأَنْ صَدَّقَ الْآخِرَيْنِ أَوْ الْجَمِيعَ أَوْ كَذَّبَ الْجَمِيعَ " بَطَلَتَا " أَيْ الشَّهَادَتَانِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الثَّالِثِ وَوَجْهُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَاوَةَ الْآخِرَيْنِ لَهُمَا وَفِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ كُلِّ فَرِيقٍ تَكْذِيبَ الْآخَرِ " وَلَوْ أَقَرَّ بَعْضُ وَرَثَةٍ بِعَفْوِ بَعْضٍ " مِنْهُمْ عن القود وعينه أو لم يعنيه " سقط القود " لأن لَا يَتَبَعَّضُ وَبِالْإِقْرَارِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ فَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِي وَلِلْجَمِيعِ الدِّيَةُ سَوَاءٌ عُيِّنَ الْعَافِي أَمْ لَا نَعَمْ إنْ أَطْلَقَ الْعَافِي الْعَفْوَ أَوْ عَفَا مَجَّانًا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا.
" وَلَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ فِي زَمَانِ فِعْلٍ " كَقَتْلٍ " أَوْ مَكَانِهِ أَوْ آلَتِهِ أَوْ هَيْئَتِهِ " كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بُكْرَةً وَالْآخَرُ عَشِيَّةً أَوْ قَتَلَهُ فِي الْبَيْتِ وَالْآخَرُ فِي السُّوقِ أَوْ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَالْآخَرُ بِرُمْحٍ أَوْ قَتَلَهُ بِالْحَزِّ وَالْآخَرُ بِالْقَدِّ " لَغَتْ " شَهَادَتُهُمَا " وَلَا لَوْثَ " لِلتَّنَاقُضِ فِيهَا وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي فِعْلُ الْإِقْرَارِ فَلَوْ اخْتَلَفَا زَمَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ يَوْمَ السَّبْتِ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ لَمْ تَلْغُ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي الْفِعْلِ وَلَا فِي صِفَتِهِ بَلْ فِي الْإِقْرَارِ وَهُوَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَقَرَّ فِيهِمَا نَعَمْ إنْ عَيَّنَا زَمَنًا فِي مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمُسَافِرُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ بِمَكَّةَ يَوْمَ كَذَا وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ بِمِصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا.