المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب الصيد والذبائح - فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب الفرائض

- ‌كتاب الوصية

- ‌كتاب الوديعة

- ‌كتاب قسم الفيء والغنيمة

- ‌كتاب قسم الزكاة

- ‌كتاب النكاح

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخِطْبَةِ

- ‌فصل: أركانه النكاح

- ‌فَصْلٌ: فِي عَاقِدِ النِّكَاحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌فَصْلٌ: فِي مَوَانِعِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ

- ‌باب ما يحرم من النكاح

- ‌باب نكاح المشرك

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح الرقيق

- ‌كتاب الصداق

- ‌كتاب القسم

- ‌كتاب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌كتاب الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌كتاب الظهار

- ‌كتاب الكفارة

- ‌كتاب اللعان والقذف

- ‌كتاب‌‌ العدد

- ‌ العدد

- ‌باب الاستبراء

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌كتاب الجناية

- ‌الجناية على البدن

- ‌باب كيفية القود والإختلاف فيه ومستوفيه

- ‌كتاب الديات

- ‌في مقدار الديات

- ‌باب موجبات الدية والعاقلة وجناية الرقيق والغرة والكفارة

- ‌باب دعوى الدم والقسامة

- ‌كتاب البغاة

- ‌كتاب الردة

- ‌كتاب الزنا

- ‌كتاب حد القذف

- ‌كتاب‌‌ السرقة

- ‌ السرقة

- ‌باب قاطع الطريق

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب الصيال وضمان الولاة وغيرهم والختن

- ‌كتاب الجهاد

- ‌كتاب الجزية

- ‌كتاب الهدنة

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌كتاب الأضحية

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌كتاب المسابقة

- ‌كتاب الأيمان

- ‌كتاب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌تولية القضاء وآدابه

- ‌باب القضاء على الغائب

- ‌باب القسمة

- ‌كتاب الشهادات

- ‌كتاب الدعوى والبينات

- ‌كتاب الإعتاق

- ‌كتاب التدبير

- ‌كتاب الكتابة

- ‌كتاب أمهات الأولاد

الفصل: ‌كتاب الصيد والذبائح

‌كتاب الصيد والذبائح

.

أركان الذبح ذبح وذابح وذبيح وآلة فالذبح قطع حلقوم ومريء من مقدور وقتل غيره بأي محل ولو ذبح مقدورا من قفاه أو أذنه عصى وشرط في الذبح قصد فَلَوْ سَقَطَتْ مُدْيَةٌ عَلَى مَذْبَحِ شَاةٍ أَوْ احْتَكَّتْ بِهَا فَانْذَبَحَتْ أَوْ اسْتَرْسَلَتْ جَارِحَةً بِنَفْسِهَا فقتلت أو أرسل سهما لصيد فقتل صيدا حرم كجارحة غابت عنه مع الصيد أو جرحته وغاب ثم وجده ميتا فيها لا إن رماه ظانه حجرا أو سرب ظباء فأصاب واحدة أو قصد واحدة فأصاب غيرها وسن نحر إبل قائمة معقولة ركبة يسري وذبح نحو بقر مضجعا لجنب أيسر مشدودا قوائمه غير رجل يمنى وأن يقطع الودجين ويحد مديته ويوجه ذبيحته لقبلة ويسمى الله وحده ويصلي على النبي وفي الذابح حل نكاحنا لأهل ملته.

ــ

كِتَابُ الصَّيْدِ.

أَصْلُهُ مَصْدَرٌ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَصِيدِ " وَالذَّبَائِحِ " جَمْعُ ذَبِيحَةٍ بِمَعْنَى مَذْبُوحَةٍ وَالْأَصْلُ فيهما قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} 1 وقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} 2.

أَرْكَانُ الذَّبْحِ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ أَرْبَعَةٌ " ذَبْحٌ وَذَابِحٌ وَذَبِيحٌ وَآلَةٌ فَالذَّبْحُ " الشَّامِلُ لِلنَّحْرِ وَقَتْلِ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بِمَا يَأْتِي " قَطْعُ حُلْقُومٍ " وهو مجرى النفس " وَمَرِيءٍ " وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ " مِنْ " حَيَوَانٍ " مَقْدُورٍ " عَلَيْهِ " وَقَتْلِ غَيْرِهِ " أَيْ قَتْلِ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ " بِأَيِّ مَحَلٍّ " كَانَ مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي الذَّبْحِ اسْتِقْلَالًا فَلَا يَرِدُ الْجَنِينُ لِأَنَّ ذَبْحَهُ بِذَبْحِ أُمِّهِ تَبَعًا لِخَبَرِ: "ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ"" وَلَوْ ذَبَحَ مَقْدُورًا " عَلَيْهِ " مِنْ قَفَاهُ أَوْ " مِنْ دَاخِلِ " أُذُنِهِ عَصَى " لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ ثُمَّ إنْ قَطَعَ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ أَوَّلَ الْقَطْعِ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَسَوَاءٌ فِي الْحِلِّ أَقَطَعَ الْجِلْدَ الَّذِي فَوْقَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ أَمْ لَا وَتَعْبِيرِي بِأُذُنِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ.

" وَشُرِطَ فِي الذَّبْحِ قَصْدٌ " أَيْ قصد العين أَوْ الْجِنْسِ بِالْفِعْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " فَلَوْ سَقَطَتْ مُدْيَةٌ عَلَى مَذْبَحِ شَاةٍ أَوْ احْتَكَّتْ بِهَا فَانْذَبَحَتْ أَوْ اسْتَرْسَلَتْ جَارِحَةً بِنَفْسِهَا فَقُتِلَتْ أَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا لَا لِصَيْدٍ " كَأَنْ أَرْسَلَهُ إلَى غَرَضٍ أَوْ اخْتِبَارًا لِقُوَّتِهِ " فَقَتَلَ صَيْدًا حَرُمَ " وَإِنْ أَغْرَى الْجَارِحَةَ صَاحِبُهَا بَعْدَ استرسالها في الثانية وَزَادَ عَدْوُهَا لِعَدَمِ الْقَصْدِ الْمُعْتَبَرِ " كَجَارِحَةٍ " أَرْسَلَهَا و " غَابَتْ عَنْهُ مَعَ الصَّيْدِ أَوْ جَرَحَتْهُ " ولم ينته بالجرح إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ " وَغَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا فيها " فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّحْرِيمِ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنْ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ الْحِلَّ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَصَحُّ دَلِيلًا وَفِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الصَّوَابُ أَوْ الصَّحِيحُ " لَا إنْ رَمَاهُ ظَانُّهُ حَجَرًا " أَوْ حَيَوَانًا لَا يُؤْكَلُ " أَوْ " رَمَى " سِرْبَ " بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ قَطِيعُ " ظِبَاءٍ فَأَصَابَ وَاحِدَةً " مِنْهُ " أَوْ قَصَدَ وَاحِدَةً " مِنْهُ " فأصاب غيره " فَلَا يَحْرُمُ لِصِحَّةِ قَصْدِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ الْمَذْكُورِ " وَسُنَّ نَحْرُ إبِلٍ " فِي لَبَّةٍ وَهِيَ أَسْفَلُ الْعُنُقِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ رُوحِهَا بِطُولِ عنقها " قَائِمَةً مَعْقُولَةَ رُكْبَةٍ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " يَسْرِي وَذَبْحُ نَحْوِ بَقَرٍ " كَغَنَمٍ وَخَيْلٍ فِي حَلْقٍ وَهُوَ أَعْلَى الْعُنُقِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَيَجُوزُ عَكْسُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ " مُضْجَعًا لِجَنَبٍ أَيْسَرَ " لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِهِ السِّكِّينَ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِهِ الرَّأْسَ بِالْيَسَارِ " مَشْدُودًا قَوَائِمُهُ غَيْرَ رِجْلٍ يُمْنَى " لِئَلَّا يَضْطَرِبَ حَالَةَ الذَّبْحِ فَيَزِلُّ الذَّابِحُ بِخِلَافِ رجله اليمنى فتترك بلا شد لِيَسْتَرِيحَ بِتَحْرِيكِهَا وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ بَقَرٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.

" و " سُنَّ " أَنْ يَقْطَعَ " الذَّابِحُ " الْوَدَجَيْنِ " بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالدَّالِ تَثْنِيَةُ وَدَجٍ وَهُمَا عِرْقَا صَفْحَتَيْ عُنُقٍ يُحِيطَانِ بِهِ يُسَمَّيَانِ.

1 سورة المائدة الآية: 2.

2 سورة المائدة الآية: 3.

ص: 226

وكونه في غير مقدور بصيرا وكره ذبح أعمى وغير مميز وسكران وَحَرُمَ مَا شَارَكَ فِيهِ مَنْ حَلَّ ذَبْحُهُ غيره لا ما سبق إلَيْهِ آلَةُ الْأَوَّلِ فَقَتَلَتْهُ أَوْ أَنْهَتْهُ إلَى حركة مذبوح وفي الذبيح كونه مأكولا فيه حياة مستقرة ولو أرسل آلة على غير مقدور فجرحته ولم يترك ذبحه بتقصير حل إلا عضوا أبانه بجرح غير مذفف وَمَا تَعَذَّرَ ذَبْحُهُ لِوُقُوعِهِ فِي نَحْوِ بِئْرٍ.

ــ

بِالْوَرِيدَيْنِ " و " أَنْ " يُحِدَّ " بِضَمِّ الْيَاءِ " مُدْيَتَهُ " لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: "وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ" وَهِيَ بِفَتْحِ الشِّينِ السِّكِّينُ الْعَظِيمُ وَالْمُرَادُ السِّكِّينُ مُطْلَقًا " و " أَنْ " يُوَجِّهَ ذَبِيحَتَهُ " أَيْ مَذْبَحَهَا " لِقِبْلَةٍ " وَيَتَوَجَّهَ هو لها أيضا " و " أن " يسمي لله وَحْدَهُ " عِنْدَ الْفِعْلِ مِنْ ذَبْحٍ أَوْ إرْسَالِ سَهْمٍ أَوْ جَارِحَةٍ فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الذَّبْحِ لِلْأُضْحِيَّةِ بِالضَّأْنِ وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَخَرَجَ بِوَحْدِهِ تَسْمِيَةُ رَسُولِهِ مَعَهُ بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَجُوزُ لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَإِنْ أَرَادَ أَذْبَحُ بِسْمِ اللَّهِ وَأَتَبَرَّكُ بِاسْمِ محمد صلى الله عليه وسلم فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ نَفَى الْجَوَازَ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ يَصِحُّ نَفْيُ الْجَوَازِ عَنْهُ " و " أَنْ " يُصَلِّي " وَيُسَلِّمُ " عَلَى النَّبِيِّ " صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ مَحَلٌّ يُشْرَعُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ فَيُشْرَعُ فِيهِ ذِكْرُ نَبِيِّهِ كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ.

" و " شُرِطَ " فِي الذَّابِحِ " الشَّامِلِ لِلنَّاحِرِ وَلِقَاتِلِ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بِمَا يَأْتِي لِيَحِلَّ مَذْبُوحُهُ " حِلَّ نِكَاحِنَا لِأَهْلِ مِلَّتِهِ " بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا بِشَرْطِهِ السَّابِقِ فِي النِّكَاحِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَوْ أَمَةً كِتَابِيَّةً قَالَ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} 1 بِخِلَافِ الْمَجُوسِيِّ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا حَلَّتْ ذَبِيحَةُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا لِأَنَّ الرِّقَّ مَانِعٌ ثَمَّ لَا هُنَا وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُعْتَبَرٌ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى آخِرِهِ وَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا رِدَّةٌ أَوْ إسْلَامُ نَحْوِ مَجُوسِيٍّ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ وَدَخَلَ فِيمَا عَبَّرْتُ بِهِ ذَبِيحَةُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَحِلُّ بِخِلَافِ مَا عَبَّرَ بِهِ " وَكَوْنُهُ فِي غَيْرِ مَقْدُورٍ " عَلَيْهِ مِنْ صَيْدٍ وَغَيْرِهِ " بصيرا " فلا يحل مذبوح لأعمى بِإِرْسَالِ آلَةِ الذَّبْحِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مَعَ شُمُولِهِ لِغَيْرِ الصَّيْدِ مِنْ زِيَادَتِي " وَكُرِهَ ذَبْحُ أَعْمَى وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ " لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ " وَسَكْرَانٍ " لِأَنَّهُمْ قد يُخْطِئُونَ الْمَذْبَحَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحِلُّ ذَبْحُ الْأَعْمَى فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَذَبْحُ الْآخَرِينَ مُطْلَقًا لِأَنَّ لهم قصد أو إرادة فِي الْجُمْلَةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ حِلِّ ذَبْحِ النَّائِمِ وَقَدْ حَكَى الدَّارِمِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَذِكْرُ حِلِّ ذَبْحِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الصَّيْدِ مَعَ ذِكْرِ كَرَاهَةِ ذَبْحِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالسَّكْرَانِ مِنْ زِيَادَتِي.

" وَحَرُمَ مَا شَارَكَ فِيهِ مَنْ حَلَّ ذَبْحُهُ غَيْرَهُ " كَأَنْ أَمَرَّ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ مُدْيَةً عَلَى حَلْقِ شَاةٍ أَوْ قَتَلَا صَيْدًا بِسَهْمٍ أَوْ جَارِحَةً تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " لَا مَا سَبَقَ إلَيْهِ " مِنْ آلَتَيْهِمَا الْمُرْسَلَتَيْنِ إلَيْهِ " آلَةُ الْأَوَّلِ فَقَتَلَتْهُ أَوْ أَنْهَتْهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ " فَلَا يَحْرُمُ كَمَا لَوْ ذَبَحَ مُسْلِمٌ شَاةً فَقَدَهَا مَجُوسِيٌّ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْعَكَسَ ذَلِكَ أَوْ جَرَحَاهُ معا أو جَهِلَ ذَلِكَ أَوْ جَرَحَاهُ مُرَتَّبًا وَلَمْ يُذَفِّفْ أَحَدُهُمَا فَمَاتَ بِهِمَا تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ " و " شُرِطَ " فِي الذَّبِيحِ كَوْنُهُ " حَيَوَانًا " مَأْكُولًا فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ " أَوَّلَ ذَبْحِهِ وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَيْتَةٌ نَعَمْ الْمَرِيضُ لَوْ ذُبِحَ آخِرَ رَمَقٍ حَلَّ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِعْلٌ يُحَالُ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ مِنْ جرح أو نحوه وَسَيَأْتِي حِلُّ مَيْتَةِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ وَدُودِ طَعَامٍ لَمْ يَنْفَرِدْ عَنْهُ.

" وَلَوْ أَرْسَلَ آلَةً عَلَى غَيْرِ مَقْدُورٍ " عَلَيْهِ كَصَيْدٍ وَبَعِيرٍ نَدَّ وَتَعَذَّرَ لُحُوقُهُ وَلَوْ بِلَا اسْتِعَانَةٍ " فَجَرَحَتْهُ وَلَمْ يَتْرُكْ ذبح بتقصير " بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً كَأَنْ رَمَاهُ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ أَوْ أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا بِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ أَوْ بِغَيْرِ مُذَفِّفٍ وَلَمْ يُثْبِتْهُ بِهِ ثُمَّ جَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ حَالًا أَوْ أَدْرَكَهَا وَذَبَحَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ أَبَانَ مِنْهُ عضوا بجرح غير مذفف أوترك ذَبْحَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ كَأَنْ اشْتَغَلَ بِتَوْجِيهِهِ لِلْقِبْلَةِ أَوْ سَلَّ السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ " حَلَّ " إجْمَاعًا فِي الصَّيْدِ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَعِيرِ بالسهم وقيس بما فيه غيره ورويا خَبَرِ أَبِي ثَعْلَبَةَ مَا أَصَبْت بِقَوْسِك فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكُلْ " إلَّا عُضْوًا أَبَانَهُ " مِنْهُ " بِجُرْحٍ غَيْرِ مُذَفِّفٍ " أَيْ غَيْرِ مُسْرِعٍ لِلْقَتْلِ فَلَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ أُبِينَ مِنْ حَيٍّ سَوَاءٌ أَذَبَحَهُ بَعْدَ الْإِبَانَةِ أَمْ جَرَحَهُ ثَانِيًا أَمْ تَرَكَ ذَبْحَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ وَمَاتَ بِالْجُرْحِ وَمَا ذَكَرْتُهُ فِي صُورَةِ التَّرْكِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْلُ فِيهَا حِلُّ الْعُضْوِ أَيْضًا كَمَا لَوْ كَانَ الجرح مذففا أما لو ترك ذبح بِتَقْصِيرٍ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سِكِّينٌ أَوْ غُصِبَ مِنْهُ أَوْ عَلِقَ فِي الْغِمْدِ بِحَيْثُ يَعْسُرُ إخْرَاجُهُ أَوْ أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا بِجُرْحٍ غَيْرِ مُذَفِّفٍ وَأَثْبَتَهُ بِهِ ثُمَّ جَرَحَهُ وَمَاتَ فَلَا يَحِلُّ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ حَمْلِ السِّكِّينِ وَدَفْعِ.

1 سورة المائدة الآية: 5.

ص: 227

حل بجرح يزهق ولو بسهم لا بجارحة وفي الآلة كونها محددة تجرح كحديد وقصب وحجر إلا عظما فلو قتل بثقل غير جارحة كبندقة ومدية كآلة أو بمثقل ومحدد كبندقة وسهم حرم لَا إنْ جَرَحَهُ سَهْمٌ فِي هَوَاءٍ وَأَثَّرَ فسقط بأرض ومات أو قتل بإعانة ريح للسهم وكونها في غير مقدور جَارِحَةَ سِبَاعٍ أَوْ طَيْرٍ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَصَقْرٍ معلمة بأن تنزجر بزجر وتسترسل بإرسال وتمسك ولا تأكل منه مع تكرر يظن به تأدبها ولو تعلمت ثم أكلت من صيد حرم واستؤنف تعليمها.

ــ

غَاصِبِهِ وَبِعَدَمِ اسْتِصْحَابِ غِمْدٍ يُوَافِقُهُ وَبِتَرْكِ ذَبْحِهِ بعد قدرته عليه نعم رجح البلقيني الحال فِيمَا لَوْ غُصِبَ بَعْدَ الرَّمْيِ أَوْ كَانَ الْغِمْدُ مُعْتَادًا غَيْرَ ضَيِّقٍ فَعَلِقَ لِعَارِضٍ.

" وَمَا تَعَذَّرَ ذَبْحُهُ لِوُقُوعِهِ فِي نَحْوِ بِئْرٍ حَلَّ بجرح يزهق وَلَوْ بِسَهْمٍ " لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي مَعْنَى الْبَعِيرِ النَّادِّ " لَا بِجَارِحَةٍ " أَيْ بِإِرْسَالِهَا فَلَا يَحِلُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْجَارِحَةِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي " و " شُرِطَ " فِي الْآلَةِ كَوْنُهَا مُحَدَّدَةً " بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ذَاتَ حَدٍّ " تَجْرَحُ كَحَدِيدٍ " أَيْ كَمُحَدَّدِ حَدِيدٍ " وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ " وَرَصَاصٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ " إلَّا عَظْمًا " كَسِنٍّ وَظُفُرٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: " مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ" وَأَلْحَقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامِ وَمَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَا قَتَلَتْهُ الْجَارِحَةُ بِظُفُرِهَا أَوْ نَابِهَا حَلَالٌ فَلَا حَاجَةَ لاستثنائه " فلو قتل بثقل غير جارحة " مِنْ مُثَقَّلٍ " كَبُنْدُقَةٍ " وَسَوْطٍ وَأُحْبُولَةٍ خَنَقَتْهُ وَهِيَ مَا تُعْمَلُ مِنْ الْحِبَالِ لِلِاصْطِيَادِ " و " مِنْ مُحَدَّدٍ مِثْلِ " مُدْيَةٍ كَآلَةٍ أَوْ " قَتَلَ " بِمُثَقَّلٍ " بفتح القاف المشددة " ومحدد كبندقة وسهم " وسهم جرح صيدا فوقع بحبل أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ وَمَاتَ " حَرُمَ " فِيهِمَا تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} 1 أَيْ الْمَقْتُولَةُ ضَرْبًا فِي الْأُولَى بِنَوْعَيْهَا أَمَّا الْمَقْتُولُ بِثِقْلِ الْجَارِحَةِ فَكَالْمَقْتُولِ بِجُرْحِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْضًا " لَا إنْ جَرَحَهُ سَهْمٌ فِي هَوَاءٍ وَأَثَّرَ " فِيهِ " فَسَقَطَ بِأَرْضٍ وَمَاتَ أَوْ قُتِلَ بِإِعَانَةِ رِيحٍ لِلسَّهْمِ " فَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّ السُّقُوطَ عَلَى الْأَرْضِ وَهُبُوبَ الرِّيحِ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُمَا وَخَرَجَ بِجَرَحَهُ وَأَثَّرَ مَا لَوْ أَصَابَهُ السَّهْمُ فِي الْهَوَاءِ بِلَا جَرْحٍ كَكَسْرِ جَنَاحٍ أَوْ جَرَحَهُ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ فَيَحْرُمُ فَتَعْبِيرِي بِجَرَحَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَصَابَهُ وقولي وأثر من زيادتي.

" وكونها " أَيْ الْآلَةِ "فِي غَيْرِ مَقْدُورٍ " عَلَيْهِ " جَارِحَةَ سِبَاعٍ أَوْ طَيْرٍ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَصَقْرٍ مُعَلَّمَةٍ " قَالَ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} 2 أي صيده وتعلمها " بأن تنزجر بزجر " فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَبَعْدَهُ " وَتَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالٍ " أَيْ تَهِيجُ بِإِغْرَاءٍ " وَتَمْسِكَ " مَا أُرْسِلَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا تُخَلِّيهِ يَذْهَبُ لِيَأْخُذَهُ الْمُرْسَلُ " وَلَا تَأْكُلَ منه " أي من لحمه أو نحوه كجلد وَحُشْوَتِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبَهُ وَمَا ذَكَرْته مِنْ اشْتِرَاطِ جَمِيعِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي جَارِحَةِ الطير وجارحة السباع وهو مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ كَغَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا يُخَالِفُ ذَلِكَ حَيْثُ خَصَّهَا بِجَارِحَةِ السِّبَاعِ وَشَرَطَ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ تَرْكَ الْأَكْلِ فَقَطْ " مَعَ تَكَرُّرٍ " لِذَلِكَ " يَظُنُّ بِهِ تَأَدُّبَهَا " وَمَرْجِعُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَنَاوُلُهَا الدَّمَ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْ مَا هُوَ مَقْصُودُ الْمُرْسِلِ " وَلَوْ تَعَلَّمَتْ ثُمَّ أَكَلْت مِنْ صَيْدٍ " أَيْ مِنْ لَحْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبَهُ فَقَوْلِي مِنْ صَيْدٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ " حَرُمَ " لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ "فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ" وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي خَبَرٍ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ " كُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ" فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِي رِجَالِهِ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَإِنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا أَطْعَمَهُ صاحبه منه أَوْ أَكَلَ مِنْهُ بَعْد مَا قَتَلَهُ وَانْصَرَفَ أَمَّا مَا قَبْلَهُ مِنْ الصُّيُودِ فَلَا يَنْعَطِفُ التحريم عليه " واستؤنفت تعليمها " قال في المجموع لفساد التعليم الأول أي من حينه لا من أصله.

1 سورة المائدة الآية: 3.

2 سورة المائدة الآية: 4.

ص: 228

فصل:

يملك صيد بإبطال منعته قصدا كضبط بيد وتذفيف وإزمان ووقوعه فيما نصب له وإلجائه لمضيق بحيث لا ينفلت منهما ولا يزول ملكه عنه بانفلاته وبإرساله ولو تحول حمامه لبرج غيره لزمه تمكين فَإِنْ عَسِرَ تَمْيِيزُهُ لَمْ يَصِحَّ تَمْلِيكُ أَحَدِهِمَا شيئا منه لثالث فإن علم العدد واستوت القيمة وباعاه صح ولو جرحا صيدا معا وأبطلا منعته فلهما أو أحدهما فله أو مرتبا وأبطلها أحدهما فله ثُمَّ بَعْدَ إبْطَالِ الْأَوَّلِ بِإِزْمَانٍ إنْ ذَفَّفَ الثَّانِي فِي مَذْبَحٍ حَلَّ وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ أَرْشٌ أو في غيره أو لم يذفف ومات بالجرحين حرم ويضمن للأول ولو ذفف أحدهما فيه وأزمن الآخر وجهل السابق جرم.

ــ

فَصْلٌ: فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ.

" يُمْلَكُ صَيْدٌ " غَيْرُ حَرَمِيٍّ وَلَيْسَ بِهِ أَثَرُ مِلْكٍ كَخَضْبٍ وَقَصِّ جَنَاحٍ وَصَائِدُهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ " بِإِبْطَالِ مَنَعَتِهِ " حِسًّا أَوْ حُكْمًا " قَصْدًا كَضَبْطٍ بِيَدٍ " وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهُ حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ مَلَكَهُ " وَتَذْفِيفٍ " أَيْ إسْرَاعٍ لِلْقَتْلِ " وَإِزْمَانٍ " بِرَمْيٍ أَوْ نَحْوِهِ " وَوُقُوعِهِ فِيمَا نُصِبَ لَهُ " كَشَبَكَةٍ نَصَبَهَا لَهُ " وَإِلْجَائِهِ لِمَضِيقٍ " بِأَنْ يُدْخِلَهُ نَحْوَ بَيْتٍ " بِحَيْثُ لَا يَنْفَلِتُ مِنْهُمَا " وَذِكْرُ الضَّابِطِ الْمَزِيدِ مَعَ جَعْلِ الْمَذْكُورَاتِ بَعْدَهُ أَمْثِلَةً لَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ يُمْلَكُ الْمَصِيدُ بِضَبْطِهِ بِيَدِهِ إلَى آخِرِهِ إذْ مِلْكُهُ لَا يَنْحَصِرُ فِيهَا إذْ مِمَّا يُمْلَكُ بِهِ مَا لَوْ عَشَّشَ الطَّائِرُ فِي بِنَائِهِ وَقَصَدَ بِبِنَائِهِ تَعْشِيشَهُ وَمَا لَوْ أَرْسَلَ جَارِحَةً عَلَى صَيْدٍ فَأَثْبَتَتْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَلَتَ منها وخرج بقصد مَا لَوْ وَقَعَ اتِّفَاقًا فِي مِلْكِهِ وَقَدَرَ عَلَيْهِ بِتَوَحُّلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ بِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ وَلَا مَا حَصَلَ مِنْهُ كَبَيْضٍ وَفَرْخٍ وَتَقْيِيدِي مَا نُصِبَ بِقَوْلِي لَهُ وَبِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ زِيَادَتِي وَلَوْ سَعَى خَلْفَهُ فَوَقَفَ إعْيَاءً لَمْ يَمْلِكْهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ " وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِانْفِلَاتِهِ " كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ نَعَمْ لَوْ انْفَلَتَ بِقَطْعِهِ مَا نُصِبَ لَهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ " و " لَا " بِإِرْسَالِهِ " لَهُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ سَيَّبَ بَهِيمَةً وَمَنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَلَوْ قَالَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ عِنْدَ إرْسَالِهِ أَبَحْتُهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ حَلَّ لِآخِذِهِ أَكْلُهُ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ.

" وَلَوْ تَحَوَّلَ حَمَامُهُ لِبُرْجِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ " أَيْ الْغَيْرُ " تَمْكِينٌ " مِنْهُ وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَإِنْ حَصَلَ بَيْنَهُمَا بَيْضٌ أَوْ فَرْخٌ فَهُوَ تَبَعٌ لِلْأُنْثَى فَيَكُونُ لِمَالِكِهَا هَذَا إنْ اخْتَلَطَ وَلَمْ يَعْسُرْ تَمْيِيزُهُ " فَإِنْ عَسِرَ تَمْيِيزُهُ لَمْ يَصِحَّ تَمْلِيكُ أحدهما شيئا منه لثالث " لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيهِ وَخَرَجَ بِالثَّالِثِ مَا لَوْ مَلَّكَ ذَلِكَ لِصَاحِبِهِ فَيَصِحُّ لِلضَّرُورَةِ " فَإِنْ عُلِمَ " لَهُمَا " الْعَدَدُ وَاسْتَوَتْ الْقِيمَةُ وَبَاعَاهُ " لِثَالِثٍ " صَحَّ " الْبَيْعُ وَوُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى الْعَدَدِ فإذا كان لأحدهما مِائَةً وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ كَانَ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا وَكَذَا يَصِحُّ لَوْ بَاعَا لَهُ بَعْضَهُ الْمُعَيَّنَ بِالْجُزْئِيَّةِ فَإِنْ جَهِلَا الْعَدَدَ وَلَوْ مَعَ اسْتِوَاءِ الْقِيمَةِ أَوْ عَلِمَاهُ وَلَمْ تَسْتَوِ الْقِيمَةُ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ نَعَمْ لَوْ قَالَ كُلٌّ بِعْتُك الْحَمَامَ الَّذِي لِي فيه بكذا صح " وَلَوْ جَرَحَا صَيْدًا مَعًا وَأَبْطَلَا مَنَعَتَهُ " بِأَنْ ذَفَّفَا أَوْ أَزْمَنَا أَوْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا وَأَزْمَنَ الْآخَرُ وَالْأَخِيرُ مِنْ زِيَادَتِي " فَلَهُمَا " الصَّيْدُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ " أَوْ " أَبْطَلَهَا " أَحَدُهُمَا " فَقَطْ " فَلَهُ " الصَّيْدُ لِانْفِرَادِهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ بِجَرْحِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرَحْ مِلْكَ غَيْرِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُذَفَّفَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ حَلَالٌ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّذْفِيفُ فِي الْمَذْبَحِ أَمْ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ الْإِبْطَالِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ لَهُمَا أَوْ عُلِمَ تَأْثِيرُ أَحَدِهِمَا وَشُكَّ فِي الْآخَرِ سُلِّمَ النِّصْفُ لِمَنْ أَثَّرَ جُرْحُهُ وَوُقِفَ النِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالُ أَوْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا قُسِمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِلَّ كُلٌّ مِنْ الْآخَرِ مَا حَصَلَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ " أَوْ " جَرَحَاهُ " مُرَتَّبًا وَأَبْطَلَهَا أَحَدُهُمَا " فَقَطْ " فَلَهُ " الصَّيْدُ فَإِنْ أَبْطَلَهَا الثَّانِي فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ بِجَرْحِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ أَوْ أَبْطَلَهَا الْأَوَّلُ بِتَذْفِيفٍ فَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ إنْ كَانَ لِأَنَّهُ جنى على ملك غيره.

" ثم إبْطَالِ الْأَوَّلِ بِإِزْمَانٍ إنْ ذَفَّفَ الثَّانِي فِي مَذْبَحٍ حَلَّ وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ أَرْشٌ " لِمَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ عَنْ قِيمَتِهِ مُزْمَنًا " أَوْ " ذَفَّفَ " فِي غَيْرِهِ " أَيْ فِي غَيْرِ مَذْبَحٍ " أَوْ لَمْ يُذَفَّفْ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ حَرُمَ " تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ " وَيَضْمَنُ لِلْأَوَّلِ " قِيمَتَهُ مُزْمَنًا فِي التَّذْفِيفِ وَكَذَا فِي الْجُرْحَيْنِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَكِنْ اسْتَدْرَكَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ فقال إن.

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كانت قيمته سليما عشيرة وَمُزْمَنًا تِسْعَةً وَمَذْبُوحًا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ لِحُصُولِ الزَّهُوقِ بِفِعْلَيْهِمَا فَيُوَزَّعُ الدِّرْهَمُ الْفَائِتُ بِهِمَا عَلَيْهِمَا وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَإِنْ تَمَكَّنَ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ وَلَمْ يَذْبَحْهُ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ الثَّانِي لَا جَمِيعُ قِيمَتِهِ مُزْمَنًا لِأَنَّ تَفْرِيطَ الْأَوَّلِ صَيَّرَ فِعْلَهُ إفْسَادًا فَفِي الْمِثَالِ السَّابِقِ تُجْمَعُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا وَقِيمَتُهُ زَمِنًا فَتَبْلُغُ تِسْعَةَ عَشَرَ فَيُقْسَمُ عَلَيْهَا مَا فَوَّتَاهُ وَهُوَ عَشَرَةٌ فحصة الأول لو كان ضامنا عشرة أجزاء من تسعة عشر جزءا من عشرة وَحِصَّةُ الثَّانِي تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهِيَ اللَّازِمَةُ لَهُ " وَلَوْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا فِيهِ " أَيْ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ " وَأَزْمَنَ الْآخَرُ وَجُهِلَ السَّابِقُ " مِنْهُمَا " حَرُمَ " الصَّيْدُ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْإِزْمَانِ فَلَا يَحِلُّ بَعْدَهُ إلَّا بِالتَّذْفِيفِ فِي الْمَذْبَحِ وَلَمْ يُوجَدْ وَقَوْلِي فِيهِ مِنْ زِيَادَتِي.

ص: 230