الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
307 - باب قيام الليل
1306 -
. . . مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاثَ عُقَدٍ، يضربُ مكانَ كلِّ عُقدةٍ: عليك ليلٌ طويلٌ فارقُدْ، فإنِ استيقظَ فذكر الله انحلَّتْ عقدةٌ، فإن توضأ انحلَّت عُقدةٌ، فإن صلى انحلَّت عُقَدُه، فأصبح نشيطاً طيبَ النفسِ، وإلا أصبح خبيثَ النفسِ كسلان".
حديث متفق على صحته من حديث أبي الزناد
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 249/ 486). ومن طريقه: البخاري (1142)، وأبو داود (1306)، وأبو عوانة (2/ 34/ 2215)، وابن حبان (6/ 293/ 2553)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (58 - مختصره)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 146/ 2556)، والطحاوي في المشكل (1/ 318/ 340)، والجوهري في مسند الموطأ (529)، والبيهقي (2/ 501)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 32/ 920)، [التحفة (9/ 591/ 13825)، الإتحاف (15/ 191/ 19136)، المسند المصنف (31/ 146/ 14225)].
رواه عن مالك: عبد الله بن مسلمة القعنبي (301)، ومعن بن عيسى، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وأبو مصعب الزهري (532)، وعبد الرحمن بن القاسم (334 - بتلخيص القابسي)، وعبد الله بن وهب، ويحيى بن يحيى الليثي (486)، وسويد بن سعيد الحدثاني (172).
تابع مالكًا عليه:
أ- سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم:"يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد إذا نام، بكل عقدة يضرب عليك ليلاً طويلاً، فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان، فإذا صلى انحلت العقد، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان".
أخرجه مسلم (776)، وأبو عوانة (2/ 34/ 2217)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 37/ 1768)، والنسائي في المجتبى (3/ 203/ 1607)، وفي الكبرى (2/ 115/ 1353). وابن خزيمة (2/ 174/ 1131)، وأحمد (2/ 243)، والحميدي (990)، وعلي ابن المديني في حديثه (89)، وأبو يعلى (11/ 167/ 6278)، والآجري في فضل قيام الليل (17)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (476)، [التحفة (9/ 553/ 13687)، الإتحاف (15/ 191/ 19136)، المسند المصنف (31/ 146/ 14225)].
ب- ورواه شعيب بن أبي حمزة [ثقة ثبت]: ثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي
هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد كل ليلة، فإن قام فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت الثانية، فإن صلى انحلت الثالثة، فأصبح نشيطًا طيب النفس، فإن لم يفعل أصبح تعس النفس كسلان".
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (4/ 290/ 3328).
وهو حديث صحيح.
ج- ورواه داود بن عمرو الضبي [بغدادي، ثقة]، وعبد الله بن وهب [مصري، ثقة]، قالا: حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد، في كل عقدة يضرب مكانها: عليك ليلٌ طويلٌ فارقد؛ فإن استيقظ فذكر ربه انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيط النفس، طيب النفس، وإن لم يفعل أصبح خبيث النفس كسلان".
أخرجه أبو يعلى (11/ 218/ 6333)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 146/ 2556)، والطحاوي في المشكل (1/ 318/ 340)، والبيهقي (2/ 501)، [المسند المصنف (31/ 146/ 14225)].
وهو حديث صحيح، وعبد الرحمن بن أبي الزناد؛ حديثه بالمدينة: صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون؛ إلا ما كان من رواية سليمان بن داود الهاشمي؛ فأحاديثه عنه حسان، وهذا الحديث من الأول؛ فقد رواه عنه: ابن وهب، وهو ممن حمل عن أهل المدينة، وحفظ حديث أهل الحجاز [انظر: ما تقدم تحت الحديث رقم (148)].
وله طرق أخرى عن أبي هريرة.
1 -
روى أيوب بن سليمان بن بلال [ثقة]، وإسماعيل بن أبي أويس [ليس به بأس، له غرائب لا يتابع عليها]:
عن أبي بكر بن أبي أويس [ثقة]، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام: ثلاثَ عُقَدٍ، يضرب كل عقدة مكانها: عليك ليلٌ طويلٌ فارقدْ، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عُقَدُه كلُّها، فأصبح نشيطاً طيبَ النفس، والا أصبح خبيثَ النفس كسلان".
أخرجه البخاري (3269)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (356)، والبزار (14/ 246/ 7821)، والبيهقي (3/ 15)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (2/ 0 1/ 802). و [انظر: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 279/ 5138)] [التحفة (9/ 423/ 13375)، المسند المصنف (31/ 14229/149)].
2 -
وروى أبو معاوية الضرير محمد بن خازم، وحفص بن غياث، وأبو الأحوص [وهم من أثبت أصحاب الأعمش]:
حدثنا الأعمش، عن أبي صالح [وفي رواية حفص: حدثني أبو صالح]، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قافيةُ رأس أحدكم حبلٌ فيه ثلاث عقد، فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإذا قام فتوضأ انحلت عقدة، فإذا قام إلى الصلاة انحلت عُقَدُه كلها"، قال:"فيصبح نشيطاً طيبَ النفس، قد أصاب خيراً، وإن لم يفعل، أصبح كسلانَ، خبيثَ النفس، لم يصب خيراً".
كذا في رواية أحمد والحسن بن عرفة عن أبي معاوية، وفي رواية أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية [عند ابن ماجه]: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم بالليل بحبل فيه ثلاث عقد،
…
"، الحديث، وفي آخره: "وإن لم يفعل أصبح كسِلاً خبيثَ النفس لم يصب خيراً".
ووقع عند البزار بنحو رواية الجماعة بدون ذكر الحبل، إلا أنه زاد في آخره:"لم يصب خيرا".
وفي رواية أبي الأحوص [عند الطحاوي]: "إن للشيطان عند رأس أحدكم حبلاً فيه ثلاث عقد، فإذا استيقظ ووحد الله حُلَّت عقدة، وإن قام وتوضأ حُلَّت عقدة أخرى، فإذا هو صلى حُلَّت عُقَدُه كلّها، وأصبح خفيفاً طيبَ النفس، وإن هو نام حتى يصبح أصبح عليه عُقَدٌ، وأصبح وهو ثقيلٌ خبيثُ النفس".
أخرجه أحمد (2/ 253)، وابن ماجه (1329)، والبزار (16/ 107/ 9185)، وابن نصر في قيام الليل (103 - مختصره)، وأبو عوانة (2/ 34/ 2216)، والطحاوي في المشكل (1/ 318/ 341)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (307)، [التحفة (9/ 138/ 12550)، أطراف المسند (7/ 219/ 9300)، الإتحاف (14/ 628 - حاشية 42)، المسند المصنف (31/ 147/ 14227)].
وهو حديث صحيح، إسناده على شرط الشيخين.
واختلف فيه على الأعمش:
أ- فرواه أبو معاوية، وحفص بن غياث، وأبو الأحوص:
عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره.
ب- ورواه أيضًا: أبو معاوية، وحفص بن غياث، وأبو الأحوص، وتابعهم: عبد الله بن نمير، وعيسى بن يونس، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي:
فرووه عن الأعمش، قال: سمعت أبا سفيان، يقول: سمعت جابراً، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ذكر ولا أنثى إلا وعلى رأسه جرير معقود ثلاث عقد، حين يرقد، فإن استيقظ ندكر الله انحلت عقدة، فإذا قام فتوضأ انحلت عقدة، فإذا قام إلى الصلاة انحلت عقده كلها".
زاد ابن نمير في آخره: "وأصبح نشيطاً قد أصاب خيراً، وإن هو نام لا يذكر الله أصبح عليه عقده ثقيلًا".
ولفظ عيسى بن يونس [عند ابن حبان]: "ما من مسلم؛ ذكر ولا أنثى، ينام إلا وعليه جرير معقود، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، وإن هو توضأ ثم قام إلى الصلاة أصبح نشيطاً قد أصاب خيراً، وقد انحلت عقده كلها، وإن أصبح ولم يذكر الله أصبح وعقده عليه، وأصبح ثقيلاً كسلاناً لم يصب خيرًا".
وقال شيبان في آخره: "وأصبح خفيفاً طيب النفس، قد أصاب خيراً".
أخرجه ابن خزيمة (2/ 175/ 1133)، وابن حبان (6/ 294/ 2554) و (6/ 296/ 2556)(1/ 228/ 191 - التقاسيم والأنواع)(1/ 229/ 192 - التقاسيم والأنواع)، وأحمد (3/ 315)، وأبو يعلى (4/ 195/ 2298)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 147/ 2557)، [الإتحاف (3/ 163/ 2741)، المسند المصنف (5/ 226/ 12587)].
قال ابن خزيمة: "الجرير: الحبل".
قلت: هكذا رواه ثلاثة من أثبت أصحاب الأعمش عنه به على الوجهين؛ مما يدل على كونه محفوظاً عنه بالإسنادين جميعاً.
فهو حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم، واستشهد به البخاري.
وقد روي عن جابر من وجه أخر:
فقد رواه علي بن زياد اللحجي [كان راوياً لأبي قرة، مستقيم الحديث، الثقات (8/ 475)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 208)]، وأبو حمة محمد بن يوسف الزَّبيدي [صاحب أبي قرة، صدوق]:
ثنا أبو قرة، قال: ذكر زمعة، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد إلا على رأسه جرير معقود، فإذا استيقظ [فـ] حمد الله تعالى وقام فتوضأ وصلى حُلَّت العُقَد، وإن استيقظ [ولم يحمد الله]، قال له الشيطان: عليك ليل طويل فارقد، فإن رقد قمعه الشيطان، وعقد عليه الجرير".
أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 85/ 9201). وابن بشران في الأمالي (893).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن زياد بن سعد إلا زمعة، تفرد به: أبو قرة".
قلت: وهذا حديث غريب من حديث أبي الزبير عن جابر، لم يروه عن زياد بن سعد الثقة الثبت؛ سوى زمعة بن صالح، وهو: ضعيف، تفرد به عنه: أبو قرة موسى بن طارق، وهو: ثقة يغرب، وأما قوله: ذكر فلان، فليس بعلة، قال الدارقطني لما سئل عن ذلك:"هو سماع له كله، وقد كان أصاب كتبَه آفةٌ فتورع فيه، فكان يقول: ذكر فلان"[سؤالات السهمي (402)].
3 -
وروى علي بن قرة بن حبيب بن يزيد بن مطر الرماح: نا أبي: أخبرنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الرحمن [هو: ابن بابي]، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا نام عقد الشيطان عليه ثلاث عقد، فإن تعارَّ من الليل فذكر الله، حُلَّتْ عُقدةٌ، فإن توضأ حُلَّت عقدتان، فإن صلى ركعتين حلت العقد كلها، فحُلُّوا عُقَدَ الشيطان ولو بركعتين".
أخرجه ابن خزيمة (2/ 175/ 1132)، [الإتحاف (15/ 145/ 19538)، المسند المصنف (31/ 147/ 14226)].
قلت: هذا حديث غريب من حديث شعبة؛ حيث تفرد به عنه هكذا: قرة بن حبيب، وهو مقل جدّاً عن شعبة؛ بل لم يذكر في أصحابه [انظر: رجال عروة بن الزبير (136 - 139)]، وهو وإن وثقه أبو حاتم والدارقطني؛ فلم يكثر عنه البخاري، فقد أخرجٍ له موضعاً واحداً في الصحيح في الرقائق في غزوة خيبر توبع على أصله، وأخرج له موضعًا واحدًا في الأدب المفرد (502)، وموضعًا آخر متابعة في خلق أفعال العباد (69)[التهذيب (3/ 437)].
وابنه علي: روى عنه جماعة من الحفاظ، ولم يكثروا عنه، فأخرج له ابن خزيمة في صحيحه هذا الحديث وحده، وقد تفرد به، وأخرج له البزار في مسنده ثلاثة أحاديث فقط (6/ 252 و 255/ 2292) و (9/ 367/ 3944) و (15/ 253/ 8716)، ولم يكثر عنه ابن صاعد، وأكثر أحاديثه غرائب، وقد أشار إلى ذلك البزار والطبراني [انظر: المعجم الأوسط (1395)]، مع قلة اعتناء المحدثين بحديثه.
وأما قول البرذعي لأبي زرعة: "قرة بن حبيب تغير؟ " فقال أبو زرعة: "نعم؛ كنا أنكرناه بآخره؛ غير أنه كان لا يحدث إلا من كتابه، ولا يحدث حتى يحضر ابنه"، ثم ذكر في ذلك قصة طويلة تدل على أن ابنه كان يحفظه من التلقين، ويمنع أن يُدخَلَ عليه ما ليس من حديثه، والشاهد من القصة قول ابنة قرة:"ولا آمن أن يغلطوك، أو يدخلوا عليك ما ليس من حديثك، فلا تخرج إليهم حتى يجيء أخي"، تعني: علي بن قرة [سؤالات البرذعي (2/ 575)]؛ فهذه القصة وحدها ليست كافية لوصف علي بن قرة بالضبط لكتاب أبيه، لا سيما مع عدم اعتماد الحفاظ على روايته عن أبيه، واللّه أعلم.
ثم إن قرة بن حبيب قد خولف في هذا الحديث عن شعبة، خالفه من هو أثبت من مثله مائة مرة؛ فقد رواه عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة به فأوقفه:
° قال ابن حجر في الإتحاف: "رواه ابن جرير، عن ابن المثنى، وسعيد بن الربيع، عن ابن مهدي، عن شعبة به، ولم يرفعه".
وإنما يُعرف عبد الرحمن بن بابي بهذا الإسناد، وبهذا الحديث وحده، وسياق ترجمته عند البخاري وأبي حاتم يدل على ترجيح الوقف، حيث قالا:"سمع أبا هريرة رضي الله عنه قوله، روى عنه يعلى بن عطاء"، وبهذا أيضاً ترجم له ابن حبان في الثقات [التاريخ الكبير (5/ 263)، الجرح والتعديل (5/ 216)، الثقات (5/ 197، الثقات لابن قطلوبغا (6/ 231)].
وبناء على ما تقدم ذكره؛ فإن هذه الزيادة التي في آخره: "فحُلُّوا عُقَدَ الشيطان ولو بركعتين": لا تثبت مرفوعة من حديث أبي هريرة، ولو ثبتت من رواية ابن مهدي عن شعبة؛ لكانت من قول أبي هريرة، موقوفة عليه، والله أعلم.
وبعد كتابة هذا البحث بأكثر من عام طبع جزء من حديث علي ابن المديني، وقد اشتمل على ما يؤكد وقفه على أبي هريرة:
قال ابن المديني في حديثه (90): حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: حدثني يعلى بن عطاء، عن عبد الرحمن بن بابي، عن أبي هريرة، قال: للشيطان على ابن آدم ثلاثُ عقدٍ إذا هو نام، قال: فحُلُّوا عُقَدَ الشيطان ولو بركعتين.
قال علي بن غالب [راوي الجزء]: قال علي ابن المديني: قال لي يحيى بن سعيد: فيه كلام أكثر من هذا.
ثم قال ابن المديني (91): وحدثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، قال: سمعت عبد الرحمن بن بابي، يحدث أنه يعني: سمع أبا هريرة، قال: للشيطان على ابن آدم ثلاث عقد، فإن استيقظ فذكر الله، انحلَّتْ عُقدةٌ، فإذا توضأ انحلَّت عقدتان، فإذا صلى انحلت العقد كلها، فحُلُّوا عُقَدَ الشيطان ولو بركعتين، ألا ترون أحدَكم إذا أصبح ولم يصلِّ أصبح مربتحاً [كذا، ولعلها تحرفت].
هكذا رواه عن شعبة به موقوفًا على أبي هريرة: ثلاثةٌ، هم أثبت أصحابه: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وغندر محمد بن جعفر.
وعليه: فالمحفوظ من هذا الوجه: موقوفٌ على أبي هريرة، بإسناد ضعيف؛ لأجل جهالة عبد الرحمن بن بابي، والذي لا يُعرف إلا بهذا الحديث كما بيّنّا.
4 -
وروى أبو النضر هاشم بن القاسم [ثقة ثبت]، قال: حدثني المبارك [صدوق، من أصحاب الحسن؛ لكنه كثير الخطأ والتدليس]، عن الحسن البصري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على ابن آدم ثلاث عُقَدٍ بجرير، إذا بات من الليل، فإن هو تعارَّ من الليل فذكر الله صلى الله عليه وسلم انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن قام فعزم فصلى انحلت العقد جميعاً، وإن هو بات ولم يذكر الله عز وجل، ولم يتوضأ، ولم يصلِّ حتى يصبح؛ أصبح وعليه العقد جميعاً".
أخرجه أحمد (2/ 497)، [الإتحاف (14/ 439/ 17959)، المسند المصنف (31/ 148/ 14228)].
هكذا رواه المبارك بن فضالة عن الحسن البصري به مرفوعاً، وقد خولف في ذلك:
• فقد رواه إسماعيل ابن علية، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى [وهم ثقات أثبات]:
عن يونس بن عبيد [ثقة ثبت، أثبت الناس في الحسن]، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: إذا نام أحدكم عُقِد على رأسه ثلاث عقد بجرير، فإن قام فذكر الله عز وجل أطلقت واحدة، وإن مضى فتوضأ أطلقت الثانية، فإن مضى فصلى أطلقت الثالثة، فإن أصبح ولم يقم شيئًا من الليل، ولم يصلِّ؛ أصبح وهو عليه؛ يعني: الجرير. موقوف.
أخرجه أحمد (2/ 497)، والدارقطني فيما انتقاه من حديث أبي الطاهر الذهلي (97)[الإتحاف (14/ 439/ 17959)، المسند المصنف (31/ 148/ 14228)].
• وخالفهم فرفعه عن يونس: عبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]، رواه عن يونس، عن
الحسن، عن أبي هريرة مرفوعًا. ذكره الدارقطني في العلل (8/ 243/ 1550).
قلت: المحفوظ رواية من أوقفه فهم أكثر عدداً، وأضبط حفظاً ممن رفعوه، وهذا السياق أشبه بقول أبي هريرة، وفي سنده انقطاع، واللّه أعلم.
فقد نفى جمهور النقاد سماع الحسن من أبي هريرة، ونفى بعضهم رؤيته، أو لقيه، ومنهم جماعة من خاصة أصحاب الحسن، ممن هم أثبت الناس فيه وأعلمهم بحديثه؛ فمنهم: يونس بن عبيد، وأيوب السختياني، وزياد الأعلم، وعلي بن زيد بن جدعان، وشعبة، وبهز بن أسد، وابن معين، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو داود، والبرديجي، والترمذي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والبزار، والنسائي، والطوسي، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والخطيب البغدادي، والجوزقاني، وجماعة آخرون [المراسيل لابن أبي حاتم (102 - 111)، حديث عفان بن مسلم (154 و 155)، طبقات ابن سعد (7/ 158)، تاريخ ابن معين للدوري (4/ 220/ 4054) و (4/ 4598/322)، تاريخ ابن معين للدارمي (275)، سؤالات ابن محرز (1/ 128/ 638) و (2/ 202/ 675)، حديث يحيى بن معين برواية أبي منصور الشيباني (166)، العلل ومعرفة الرجال، مسائل صالح (320 و 321)، مسند أحمد (2/ 362)، مسائل حرب الكرماني (3/ 1228 و 1229 - النكاح)، علل الحديث لابن المديني (71)، رسالة أبي داود لأهل مكة (30)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 437/ 1576 و 1577 - السفر الثاني)، المعرفة والتاريخ (2/ 66)، جامع الترمذي (2305 و 2425 و 2703 و 2889 و 3298)، علل الترمذي الكبير (213)، مسند البزار (10/ 98/ 4161)، السنن الصغرى للنسائي (6/ 169/ 3461)، السنن الكبرى له (196)، المنتخب من ذيل المذيل (125)، تاريخ الطبري (11/ 637)، علل الحديث لابن أبي حاتم (721)، صحيح ابن حبان (3/ 252/ 971)، المجروحين (1/ 342)، المعجم الصغير للطبراني (417)، علل الدارقطني (8/ 249/ 1552) و (8/ 260/ 1556) و (10/ 266/ 2001)، معرفة علوم الحديث (111)، المستدرك (2/ 11)، الإرشاد (3/ 824)، حديث الجويباري للبيهقي (7)، الأسماء والصفات له (2/ 287)، الخلافيات (2/ 443 - 444)، التمهيد (6/ 178)، تاريخ بغداد (9/ 391)، المتفق والمفترق (3/ 1679/ 1180)، التعديل والتجريح (1/ 304) و (2/ 484)، الأباطيل والمناكير (1/ 202/ 65)، العلل المتناهية (8 و 612)، الترغيب والترهيب (1934 و 2188)، نصب الراية (1/ 91) و (2/ 476)، السير (4/ 571) و (8/ 302)، تاريخ الإسلام (7/ 49)، فتح الباري لابن رجب (5/ 395)، الفتح لابن حجر (6/ 437) و (9/ 403)، إكمال التهذيب لمغلطاي (4/ 87)، جامع التحصيل (115 و 164)، تحفة التحصيل (67)، التابعون الثقات المتكلم في سماعهم من الصحابة (363 - 387)، فضل الرحيم الودود (3/ 208/ 248). وغيرها].
وما جاء في بعض الأسانيد من تصريح بالسماع فمردود، غير محفوظ [التابعون
الثقات المتكلم في سماعهم من الصحابة (363 - 387). وانظر فيما روي فيه سماع للحسن عن أبي هريرة، ولا يثبت: فضل الرحيم الودود (5/ 19/ 402) و (9/ 452/ 864)].
5 -
وقد روي عن أبي هريرة من وجه آخر بزيادة منكرة:
رواه الحسن بن قتيبة: ثنا أبو مريم، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعقد الشيطان في رأس أحدكم ثلاث عقد كل ليلة، فإن استيقظ فذكر الله حلت عقدة، فإن قام فتوضأ حلت عقدة أخرى، فإن قام فصلى حلت العقدة الثالثة، فإن نام حتى يصبح بال الشيطان في أذنيه، فيصبح وهو يشتكي كاهله، يقول: بئس ما وسدتمونا الليلة".
أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 128)، بإسناد لا بأس به إلى الحسن بن قتيبة.
قلت: وهذا حديث باطل موضوع؛ أبو مريم عبد الغفار بن القاسم: رافضي، متروك الحديث، بل كان يضع الحديث [اللسان (5/ 226)]، والحسن بن قتيبة الخزاعي المدائني: متروك الحديث [اللسان (3/ 106)].
وأما الشواهد:
• فقد صح من حديث جابر، وتقدم ذكره في طرق حديث أبي هريرة.
• وروي من حديث أبي سعيد الخدري، ولم يثبت عنه [أخرجه الآجري في فضل قيام الليل (18)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 53 - 54) و (3/ 300)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 201 و 276)][وفي إسناده: عطية بن سعد العوفي، وبكر بن بكار القيسي، وهما: ضعيفان].
• وروي من حديث ابن مسعود، وهو حديث موضوع، ويأتي ذكره في شواهد الحديث الآتي برقم (1309).
• وروي بعض معناه من حديث عقبة بن عامر:
فقد روى عمرو بن الحارث أثقة ثبت،، وعبد الله بن لهيعة [ضعيف]:
أن أبا عشانة حدثهما؛ أنه سمع عقبة بن عامر، يقول: لا أقول اليوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ بيتاً من جهنم".
وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "رجلان من أمتي؛ يقوم أحدهما من الليل يعالج نفسه إلى الطهور، وعليه عقد فيتوضأ، فإذا وضأ يديه انحلت عقدة، وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة، وإذا مسح برأسه انحلت عقدة، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة، فيقول الله للذين وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا، يعالج نفسه يسألني، ما سألني عبدي فهو له".
أخرجه ابن حبان (3/ 330/ 1052) و (6/ 295/ 2555)، وأحمد (4/ 159 و 201)،
والحسن بن موسى الأشيب في جزئه (16)، والروياني (236 و 237)، والطبراني في الكبير (17/ 301/ 832) و (17/ 305/ 843)، وفي طرق حديث "من كذب علي"(144)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 9)، وابن الجوزي في الموضوعات (86 و 187)[الإتحاف (11/ 188/ 13870)، المسند المصنف (20/ 396/ 9322)].
وهذا إسناد مصري صحيح، صححه ابن حبان [انظر: ما تقدم برقم (1203)].
• وانظر في المراسيل: ما أخرجه عبد الرزاق (11/ 3919845).
***
1307 -
. . . أبو داود: حدثنا شعبة، عن يزيد بن خمير، قال: سمعت عبد الله بن أبي قيس، يقول: قالت عائشة: لا تَدَعْ قيامَ الليل، فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدَعُه، وكان إذا مرِض أو كسِل صلَّى قاعداً.
حديت صحيح
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1273)، في طرق حديث عائشة، الطريق رقم (16)، وهو حديث صحيح.
***
1308 -
. . . يحيى: حدثنا ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحِمَ الله رجلاً قامَ من الليلِ، فصلَّى وأيقظَ امرأته، فإن أبَتْ، نضح في وجهها الماءَ، رحِم الله امرأةً قامتْ من الليل، فصلتْ وأيقظتْ زوجَها، فإن أبى نضحتْ في وجهه الماء".
حديث صحيح
أعاده أبو داود بنفس إسناده ومتنه في أبواب الوتر، برقم (1450).
وأخرجه النسائي في المجتبى (3/ 205/ 1610)، وفي الكبرى (2/ 115/ 1302)، وابن ماجه (1336)، وابن خزيمة (2/ 183/ 1148)، وابن حبان (6/ 307/ 2567)، والحاكم (1/ 309)(2/ 80/ 1177 - ط .. الميمان)، وأحمد (2/ 250 و 436)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (233)، والبزار (15/ 355/ 8928)، وابن نصر في قيام الليل (100 - مختصره)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 151/ 2569)، والآجري في فضل قيام الليل والتهجد (19)، وابن بشران في الأمالي (995)، والبيهقي (2/ 501)، [التحفة (9/ 232/ 12860)، الإتحاف (14/ 513/ 18122)، المسند المصنف (31/ 151/ 14232)].
رواه عن يحيى بن سعيد القطان: أحمد بن حنبل، ومحمد بن بشار بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وعمرو بن علي الفلاس،
ومسدد بن مسرهد، وأبو قدامة عبيد الله بن سعيد بن يحيى السرخسي، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وأحمد بن ثابت الجحدري [وهم ثقات، أكثرهم حفاظ].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
قلت: لم يخرج مسلم شيئًا بهذه الترجمة، ولكنه أخرج للقعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة، من رواية: سهيل بن أبي صالح [مسلم (265)]، ومن رواية يعقوب بن عبد الله بن الأشج [مسلم (2708)]، والله أعلم.
• خالف القطانَ في إسناده، وسلك فيه الجادة والطريق السهل:
سفيانُ بن عيينة [ثقة حافظ]، فرواه عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، [قال]:"رحم الله رجلاً قام من الليل [فأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء] ". قال سفيان: لا ترش في وجهه، تمسحه.
أخرجه أحمد (2/ 247)، والبزار (15/ 160/ 8502)، والدارقطني في العلل (8/ 195/ 1506)، [الإتحاف (14/ 708/ 18542)، المسند المصنف (31/ 152/ 14233)].
رواه عن ابن عيينة: أحمد بن حنبل، والحسين بن علي الجعفي، وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم [وهم ثقات].
قال البزار: "وهذا الحديث إنما يرويه أصحاب ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقال حسين: عن ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة".
قلت: لم ينفرد به حسين، وقد توبع عليه كما ترى.
قال الدارقطني في العلل (8/ 194/ 1506): "رواه يحيى بن أيوب، ويحيى بن سعيد القطان، وسليمان بن بلال، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر رواية ابن عيينة، والاختلاف عليه فيها، مما يدل على أن الوهم إنما هو من ابن عيينة، حيث لم يقم إسناده، وسلك فيه الجادة، وأن رواية الجماعة هي الصواب، لكني لم أقف على من وصله من طريق يحيى بن أيوب، وسليمان بن بلال، وكلام البزار يدل على عدم تفرد يحيى القطان به، ويؤيد كلام الدارقطني، والله أعلم.
قال النووي في الخلاصة (1993)، وفي رياض الصالحين (1183)، وفي المجموع (4/ 49):"رواه أبو داود بإسناد صحيح".
قلت: ابن عجلان: ثقة؛ إلا أنه اختلطت عليه أحاديث المقبري عن أبي هريرة، وقد سبق أن فصلت الكلام على ابن عجلان [انظر مثلاً: الحديث رقم (796)]، ومما نقلت هناك، ما قاله النسائي في عمل اليوم والليلة (92): "وابن عجلان اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري: ما رواه سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وسعيد عن أخيه عن أبي هريرة،
وغيرهما من مشايخ سعيد، فجعلها ابن عجلان كلها عن سعيد عن أبي هريرة، وابن عجلان ثقة، والله أعلم".
وهذا الحديث ليس مما يرويه ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ولا عن أبيه أبي سعيد، وهي الأحاديث التي اختلطت عليه من أحاديث أبي هريرة، وإنما هو عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا رواه جماعة من ثقات أصحاب ابن عجلان عنه، فهو من صحيح حديث ابن عجلان، والله أعلم.
* وروي عن أبي هريرة من وجه آخر بلفظ الأمر، وفي سنده ضعف واختلاف: أخرجه عبد الرزاق (3/ 48/ 4739)، والدارقطني في العلل (9/ 14/ 1615).
* وله شاهد من حديث أبي مالك الأشعري:
رواه هاشم بن مرثد، قال: ثنا محمد بن إسماعيل: حدثني أبي: حدثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يستيقظ من الليل عز وجل امرأته، فإن غلبها النوم نضح في وجهها من الماء، فيقومان في بيتهما فيذكران الله عز وجل ساعة من الليل إلا غفر لهما".
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 295/ 3448).
وشريح بن عبيد: حمصي تابعي ثقة، لكن روايته عن أبي مالك الأشعري مرسلة، قال أبو حاتم:"شريح بن عبيد: عن أبي مالك الأشعري؛ مرسل "[المراسيل (327)، تاريخ الإسلام (2/ 744 - ط .. الغرب)، إكمال مغلطاي (6/ 239). تحفة التحصيل (146)]، وضمضم بن زرعة الحمصي: قال ابن معين: "ثقة"، وقال أبو حاتم:"ضعيف"، وقال صاحب تاريخ الحمصيين:"ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في الثقات، ونقل ابن خلفون عن ابن نمير توثيقه [العلل لابن أبي حاتم (2760)، تاريخ دمشق (24/ 415)، إكمال مغلطاي (7/ 40)، التهذيب (2/ 230)]، ورواية إسماعيل عن أهل الشام مستقيمة، لكن الشأن في ابنه، فإن محمد بن إسماعيل بن عياش: تكلموا فيه وفي روايته عن أبيه، فقال أبو حاتم:"لم يسمع من أبيه شيئًا، حملوه على أن يحدث عنه فحدث"، وقال أبو زرعة الرازي:"كان لا يدري أمر الحديث"، وقال أبو داود:"لم يكن بذاك، قد رأيته، ودخلت حمص غير مرة وهو حي، وسألت عمرو بن عثمان عنه فدفعه"[الجرح والتعديل (7/ 190)، علل الحديث (2/ 374)، سؤالات الآجري (1691)، التهذيب (3/ 514)]، وشيخ الطبراني: هاشم بن مرثد الطبراني، قال الخليلي:"ثقة؛ لكنه صاحب غرائب"، وقال ابن حبان:"ليس بشيء"، وقال الذهبي:"ما هو بذاك المجود"[الإرشاد (2/ 484)، تاريخ دمشق (73/ 342)، السير (13/ 270)، تاريخ الإسلام (6/ 635 - ط .. الغرب)، ديوان الضعفاء (4445)، اللسان (8/ 317)][راجع: الحديث رقم (61) من أحاديث الذكر والدعاء (1/ 119)].
وعليه: فهو حديث ضعيف.
وقد روي مرسلاً عن طاووس والحسن البصري: انظر ما أخرجه معمر في: الجامع (11/ 40/ 19846)، وابن أبي شيبة (2/ 72/ 6607)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (457)، وفي الصمت (665).
***
1309 قال أبو داود: حدثنا ابن كثير: أخبرنا سفيان، عن علي بن الأقمر، (ح) وحدثنا محمد بن حاتم بن بزيع: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن الأعمش، عن علي بن الأقمر -المعنى-، عن الأغر، عن أبي سعيد وأبي هريرة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أيقظَ الرجلُ أهلَه من الليل فصلَّيا- أو: صلى- ركعتين جميعاً، كُتِبا في الذاكرين والذاكرات".
ولم يرفعه ابن كثير، ولا ذكر أبا هريرة، جعله كلامَ أبي سعيد.
قال أبو داود: رواه ابن مهدي عن سفيان، قال: وأراه ذكر أبا هريرة.
قال أبو داود: وحديث سفيان موقوف.
لا يصح رفعه؛ إنما هو موقوف بإسناد صحيح
أعاد أبو داود حديث ابن بزيع وحده في أبواب الوتر، برقم (1451).
ولفظه هناك: "من استيقظ من الليل، وأيقظ امرأته، فصليا ركعتين جميعًا، كلتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات".
أخرجه من طريق سفيان الثوري:
الحاكم (2/ 416)(4/ 379/ 3603 - ط .. الميمان)، وعبد الرزاق (3/ 48/ 4738)، والحارث بن أبي أسامة (240 - بغية الباحث (4/ 392/ 586 - مطالب)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (405)، وأبو جعفر ابن البختري في الرابع من حديثه (43)(287 - مجموع مصنفاته)، والبيهقي (2/ 501)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 39)، [التحفة (3/ 299/ 3965)، الإتحاف (5/ 5127/167)، المسند المصنف (28/ 175/ 12625)].
رواه عن الثوري هكذا موقوفًا على أبي سعيد الخدري وحده، ولم يذكر أبا هريرة: أبو نعيم الفضل بن دكين، ومحمد بن كثير العبدي، وزائدة بن قدامة، وإسحاق بن يوسف الأزرق، وعبد الرزاق بن همام، وأبو النضر هاشم بن القاسم؛ أو عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي [وهم جميعاً ثقات][شك الحارث بن أبي أسامة في شيخه عن سفيان، والثاني أقرب، لذكر الدارقطني له في العلل]:
رووه عن سفيان، عن علي بن الأقمر، عن الأغر، عن أبي سعيد، قال: إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين، كتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.
ولفظ عبد الرزاق: إذا قام الرجل من الليل فأيقظ امرأته فصليا ركعتين كتبا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
ورواه يحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح:
عن سفيان، عن علي بن الأقمر، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة وأبي سعيد، قالا: إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا كتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 73/ 6613)، وعلقه الدارقطني في العلل (9/ 70/ 1649).
قال أبو داود: "رواه ابن مهدي عن سفيان، قال: وأراه ذكر أبا هريرة".
° قلت: رواه علي بن المديني في الخامس من العلل (139)، قال: حدثنا يحيى بن سعيد: ثنا سفيان، قال: حدثني علي بن الأقمر، عن الأغر، عن أبي سعيد- قال: وأحسبه عن أبي هريرة-، قال: إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين كتبا ليلتئذ من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.
قلت: قد كان يشك سفيان الثوري في ذكر أبي هريرة في إسناد هذا الحديث، لذا خلت رواية الجماعة عنه من ذكر أبي هريرة في الإسناد، لكنه لم يشك في رفعه، بل جزم بوقفه، وهو المحفوظ عنه بلا ريب.
• خالفهم؛ عمرو بن عبد الغفار [الفقيمي، وهو: متروك، منكر الحديث، متهم بالوضع، اللسان (6/ 215)]، وعيسى بن جعفر الرازي [قاضى الري، وهو كوفي سكن الري: صدوق، الجرح والتعديل (6/ 273)، الثقات (8/ 492)، تاريخ الإسلام (15/ 334)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 445)]:
قالا: حدثنا سفيان الثوري، عن علي بن الأقمر، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي سعيد الخدري [زاد عيسى بن جعفر: وأبي هريرة]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره.
أخرجه الدارقطني في العلل (9/ 70/ 1649)، والحاكم (2/ 416)(4/ 379/ 3603 - ط .. الميمان)، [الإتحاف (5/ 167/ 5127)، المسثد المصنف (28/ 175/ 12625)].
قال الحاكم: "لم يسنده أبو نعيم، ولم يذكر النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الإسناد، وأسنده عيسى بن جعفر، وهو ثقة، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
قلت: رواية جماعة الثقات من أثبت أصحاب الثوري هي الصواب، وهذه الرواية وهم بلا ريب.
قال أبو داود: "وحديث سفيان: موقوف".
وقال الدارقطني بعد ذكر رواية الأشجعي الموقوفة: "وقال يحيى القطان، عن الثوري فيه: عن أبي سعيد وأبي هريرة، ووقفه، والموقوف الصحيح"[العلل 41/ 316 - ط .. الريان)].
وعليه يدل مسلك ابن المديني في العلل؛ أن الثوري قد رواه موقوفًا، والله أعلم.
وأخرجه من طريق شيبان بن عبد الرحمن أبي معاوية النحوي:
النسائي في الكبرى (2/ 119/ 1312) و (10/ 219 - 220/ 11342)، وابن ماجه (1335)، وابن حبان (6/ 307/ 2568) و (6/ 358/ 2569)، والحاكم (1/ 316)(2/ 94/ 1204 - ط .. الميمان)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (232 و 424)، والبزار (15/ 60/ 8281) و (18/ 88/ 20)، وابن مخلد العطار الدوري في حديثه عن شيوخه ابن كرامة وغيره (62)، وابن الأعرابي في المعجم (216)، والآجري في فضل قيام الليل والتهجد (20)، والدارقطني في العلل (9/ 70/ 1649)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (8/ 45 - 46)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (469)، والبيهقي في السنن (2/ 501)، وفي الشعب (3/ 126/ 3083)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 38)، [التحفة (3/ 299/ 3965)، الإتحاف (5/ 167/ 5127)، المسند المصنف (28/ 174/ 12625)].
رواه عن شيبان: عبيد الله بن موسى، والوليد بن مسلم [وهما ثقتان].
ولفظ الوليد [عند ابن ماجه وابن حبان وابن أبي الدنيا]: "إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين، كتبا [ليلتئذ]، من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات".
ولفظ عببد الله [عند ابن حبان والبيهقي]: "من استيقظ من الليل وأيقظ أهله، فقاما فصليا ركعتين [جميعاً]، كتبا [ليلتئذ] من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات".
• هكذا تفرد به شيبان عن الأعمش بهذا الوجه مرفوعاً، وخالفه جرير بن عبد الحميد فأوقفه.
قال الدارقطني في العلل (9/ 69/ 1649): "وخالفه جرير بن عبد الحميد، رواه عن الأعمش، عن علي بن الأقمر، عن الأغر، عن أبي هريرة وحده، موقوفاً".
وقال في موضع آخر (11/ 302/ 2297): "يرويه علي بن الأقمر، عن الأغر، فرواه شيبان، عن الأعمش، عن علي بن الأقمر، مسنداً مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وغيره يرويه عن علي بن الأقمر موقوفًا، والله أعلم".
° ثم وجدته مسنداً في الخامس من علل ابن المديني: قال علي بن المديني في الخامس من العلل (138): حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن علي بن الأقمر، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة، قال: ما من عبد يقوم من الليل فيتوضأ، وتتوضأ امرأته، فيصليان جميعاً ركعتين؛ إلا كتبا ليلتئذ من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
قلت: جرير بن عبد الحميد: أثبت في الأعمش وأكثر عنه رواية من شيبان، وقد أخرج الشيخان لجرير عن الأعمش أحاديث كثيرة تقرب من مائة وخمسين، بينما انفرد مسلم بإخراج ستة أحاديث لشيبان عن الأعمش، وعلى هذا: فإن رواية جرير الموقوفة أشبه بالصواب، ومسلك ابن المديني في العلل يدل على ترجيح الوقف، والله أعلم.
فإن قيل: فلماذا اشتهر حديث شيبان دون حديث جرير؛ فلم يصل الأخير إلينا إلا من هذا الوجه في كتب العلل حسب، فيقال: غالباً ما تتوفر الهمم والدواعي لتحمل المرفوع وروايته دون الموقوف، فلهذا لم تنهض همم المحدثين لتحمل حديث جرير وروايته، والله أعلم.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأغر إلا علي بن الأقمر، ولا نعلم رواه عن الأعمش إلا شيبان، ورواه الثوري عن علي بن الأقمر فلم يرفعه إلا عبد الرزاق عن الثوري".
قلت: رواية عبد الرزاق عن الثوري في مصنفه موقوفة، فلعله اختلف على عبد الرزاق في رفعه ووقفه، ولو فرضنا صحة كلام البزار بأن هذا الحديث لا يُعرف عن الأعمش إلا من حديث شيبان، فهو حينئذ: حديث غريب من حديث الأعمش تفرد به عنه شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وهو: ثقة، من أصحاب الأعمش، لكنه ينفرد عنه بأحاديث، ومن ثم فتقدم رواية الثوري الموقوفة، ولكن الصحيح: أن الحديث محفوظ من حديث جرير عن الأعمش موقوفاً، كما تقدم بيانه، والله أعلم.
وقال البزار في الموضع الثاني: "وهذا الحديث لا نعلم رواه إلا أبو سعيد وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا الإسناد".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وقال النووي في الخلاصة (1994)، وفي المجموع (4/ 49):"رواه أبو داود والنسائي وغيرهما بإسناد صحيح".
وقال ابن حجر: "هذا حديث صحيح".
قلت: الصحيح عن سفيان الثوري رواية الوقف؛ كما رواه عنه ثقات أصحابه - كما قال أبو داود والدارقطني، ويدل عليه مسلك ابن المديني في العلل-، وكذلك فإن الوقف هو المحفوظ من رواية الأعمش، والله أعلم.
فإذا اتفق الأعمش والثوري [وهما من أحفظ أهل زمانهما، وعليهما مدار أكثر حديث الكوفة] على روايته عن علي بن الأقمر، عن الأفر أبي مسلم، عن أبي سعيد وأبي هريرة، موقوفاً عليهما؛ فمن الناس بعدهما؟!
فهو موقوف بإسناد صحيح.
وله متابعات لا يثبت منها شيء:
أ- رواه محمد بن جابر، عن علي بن الأقمر، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين؛ كتبا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات".
أخرجه أبو يعلى (2/ 360/ 1112)، وابن أبي حاتم في التفسير (9/ 3134/ 17686)، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 437/ 1943).
قلت: وهذه الرواية لا تقوي رواية شيبان عن الأعمش، من وجهين: الأول: أن رواية جرير عن الأعمش الموقوفة هي المحفوظة، والثاني: أن محمد بن جابر بن سيار السحيمي اليمامي: ضعيف؛ وكان قد ذهبت كتبه في آخر عمره، وعمي، وساء حفظه، وكان يُلقَّن، ويُلحَق في كتابه، فخالف الثقات كثيراً بسبب ذلك، ووقع في حديثه المناكير [انظر: التهذيب (3/ 527)، الميزان (3/ 496)] [راجع: ترجمته تحت الحديث رقم (749)].
ب- ورواه أبو سعيد عبد الرحمن بن الحسن بن علي التاجر [لم أهتد إليه]: أنا أبو يعقوب يوسف بن أحمد الصيدلاني بمكة [هو: يوسف بن أحمد بن يوسف بن الدخيل، أبو يعقوب الصيدلاني المكي، راوي كتاب الضعفاء لأبي جعفر العقيلي، تاريخ الإسلام (8/ 643 - ط .. الغرب)]: نا عبد الرحمن بن عبد الله المقرئ [هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ: مكي ثقة، حدث عن جده ابن المقرئ بحديث ابن عيينة، وهو آخر من روى عن جده من الثقات، حمل عنه أهل الأمصار، واشتهر حديثه. الإرشاد (1/ 385)، تاريخ الإسلام (7/ 661 - ط .. الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (6/ 269)]: نا عبد الله بن أبي المودة [الأنباري: مجهول، روى عنه ثلاثة، ولم يوثقه أحد. تاريخ بغداد (11/ 422 - ط .. الغرب)، تاريخ الإسلام (6/ 110 - ط .. الغرب)]:
ورواه أيضاً: إبراهيم بن بيان [وعند ابن عساكر: إبراهيم بن بُنان] الجوهري الدمشقي [ترجم له ابن عساكر في تاريخه برواية ثلاثة عنه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو في عداد المجاهيل، مع قلة ما يروي. تاريخ دمشق (6/ 368) و (8/ 104)، توضيح المشتبه (1/ 599)]، قال: نا محمد بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي [ابن أخي الحسين بن علي: يحفظ الحديث، قال ابن حبان: "مستقيم الحديث، حدث بالشام الغرائب"، وقال الدارقطني: "يعتبر به"، وقال مسلمة بن قاسم: "تكلم الناس فيه، وروى مناكير". علل ابن أبي حاتم (1454)، الجرح والتعديل (7/ 313)، الثقات (9/ 115)، أطراف الغرائب والأفراد (2043)، الثالث من الأفراد (57)، تاريخ دمشق (54/ 78). التهذيب (3/ 625)]:
كلاهما [عبد الله بن أبي المودة، ومحمد بن عبد الرحمن الجعفي]، قالا: نا جعفر بن عون [كوفي، ثقة]: نا مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، عن علي بن الأقمر، عن الأغر، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أيقظ الرجل أهله فتوضيا وصليا كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات".
أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 218/ 2965)، وفي الصغير (248)، والواحدي في تفسيره الوسيط (3/ 471)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/ 369).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن مسعر إلا جعفر، تفرد به محمد بن عبد الرحمن".
قلت: هو غريب من حديث جعفر بن عون الكوفي، ولا يثبت عنه، وهذان إسنادان
كريبان جدّاً لا يثبت بهما الحديث إلى جعفر بن عون، كيف لا؟ وقد روى عن جعفر
جماعات من ثقات الأئمة والمصنفين، منهم: إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأبو مسعود
أحمد بن الفرات الرازي، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وعلي بن عبد الله
المديني، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن عبد الله بن
نمير، ومحمد بن يحيى الذهلي، هاسحاق بن منصور الكوسج، وأبو خيثمة زهير بن حرب،
وعبد بن حميد، ومحمد بن بشار بندار، وأبو غريب محمد بن العلاء، وأبو داود سليمان بن
سيف الحراني، وأبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج، وعثمان ابن أبي شيبة، وحميد بن
مخلد بن قتيبة ابن زنجويه، والحسن بن علي بن عفان العامري، والحسن بن علي الخلال
الحلواني، وهارون بن عبد الله الحمال، ومحمد بن إبراهيم بن مسلم أبو أمية الطرسوسي،
وأحمد بن منصور الرمادي، وخليفة بن خياط بن خليفة العصفري، وعلي بن سعيد بن
جرير النسائي، ومحمد بن إسحاق بن جعفر أبو بكر الصاغاني، وأحمد بن سليمان
الرهاوي، وأحمد بن سعيد بن إبراهيم الرباطي المروزي، وأحمد بن عثمان بن حكيم
الأودي، وأحمد بن سعيد بن صخر الدارمي، وأحمد بن عمر بن حفص الجلاب المعروف
بالوكيعي، وأحمد بن نصر بن زياد النيسابوري المقرئ الفقيه الزاهد، وأحمد بن يوسف بن
خالد الأزدي النيسابوري، والحسين بن عيسى البسطامي الدامغاني، والحسين بن منصور بن
جعفر النيسابوري، وسليمان بن معبد بن كوسجان المروزي، وعبد الله بن سعد بن
إبراهيم بن سعد الزهري، وعبد الأعلى بن واصل الأسدي، وعبدة بن عبد الله الصفار،
وعصمة بن الفضل النميري، وعلي بن محمد الطنافسي، ومحمد بن أحمد بن الجراح،
ومحمد بن إسماعيل ابن عليه، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، ومحمد بن حاتم بن بزيع،
ومحمد بن عبد الله بن قهزاذ المروزي، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه أبو بكر الغزال،
ومحمد بن عبد الوهاب بن حبيب الفراء، ومحمد بن عثمان بن كرامة، ومحمد بن معمر بن
ربعي القيسي البحراني، ومحمد بن هشام المروذي، وموسى بن عبد الرحمن المسروقي،
ويوسف بن موسى القطان، وكيرهم كثير.
ج- ورواه أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم: ثنا جدي أبو موسى بن إبراهيم
العقيلي: ثنا آدم بن أبي إياس: ثنا أبو مالك النخعي، عن علي بن الأقمر، عن الأغر، عن
أبي هريرة، وأبي سعيد، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام الرجل من الليل فتوضأ وصلى
ركعتين، وأيقظ أهله ففعلوا مئل ذلك، كتبهم الله من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات".
أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 49).
وهذا إسناد واهٍ بمرة؛ أبو مالك النخعي الواسطي، عبد الملك بن الحسين: متروك،
منكر الحديث [العلل ومعرفة الرجال (2/ 346/ 2535)، التاريخ الكبير (5/ 411)، الجرح
والتعديل (5/ 347)، توضيح المشتبه (2/ 503)، التهذيب (4/ 580)، التقريب (722)]،
ثم هو غريب من حديث آدم بن أبي إياس، حيث تفرد به عنه: عيسى بن إبراهيم بن صالح العقيلي، قال أبو الشيخ:"يحدث عن آدم بن أبي إياس بغرائب"[طبقات المحدثين (3/ 250)، تاريخ أصبهان (1/ 257)، تاريخ الإسلام (6/ 381 - ط .. الغرب)]، وحفيده أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم العقيلي الفابجاني: مجهول الحال [تاريخ أصبهان (2/ 49).
الأنساب (4/ 328)].
والأحاديث الواردة في فضل قيام الليل، وفي ذم تركه كثيرة جدّاً، نكتفي بذكر طرف يسير منها:
1 -
حديث ابن مسعود:
روى جرير بن عبد الحميد، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وزائدة بن قدامة، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، وعبد العزيز بن عبد الصمد، وفضيل بن عياض، والجراح بن مليح، وسفيان الثوري [وعنه: القاسم بن يزيد الجرمي، وهو: ثقة، وأبو إسحاق الفزاري، وهو: ثقة حافظ، وخالد بن يزيد العمري المكي، وهو: كذاب، ذاهب الحديث، وفي الإسناد إليه: متروك. اللسان (3/ 345) و (7/ 378)]:
عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: ذُكِر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ نام ليله [وفي رواية: ليلة] حتى أصبح، قال:"ذاك رجلٌ بال الشيطانُ في أذنيه"، أو قال:"في أذنه".
وفي رواية: ذُكِر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة، فقال:"بال الشيطان في أذنه".
أخرجه البخاري (1144 و 3270)، ومسلم (774)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 370/ 1766)، والنسائي في المجتبى (3/ 204/ 1602 و 1609)، وفي الكبرى (2/ 116/ 1304)، وفي جزء من أماليه (7)، وابن ماجه (1330)، وابن خزيمة (2/ 174/ 1130)، وأحمد في المسند (1/ 375 و 427)، وفي الزهد (13) وعلي ابن المديني في حديثه (93)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 73/ 6612)، وفي المسند (273)، والبزار (5/ 93/ 1667) و (5/ 17/ 2049)، وابن نصر في قيام الليل (153 - مختصره)، وأبو يعلى (9/ 43/ 5106)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (783)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 146/ 2554)، وفي الإقناع (1/ 137/ 32)، والطحاوي في المشكل (10/ 191/ 4519) و (10/ 192/ 4020 و 4021)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (2/ 83/ 653)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(418)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (257)، وأبو بكر الكلاباذي في بحر الفوائد (1/ 429)، وتمام في الفوائد (665)، وأبو القاسم عبد الملك بن محمد ابن بشران في الأمالي (963)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 320)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (477)، والبيهقي في السنن (3/ 15)، وفي الشعب (5/ 400/ 2835 - ط .. الأوقاف القطرية)، والبغوي في شرح السُّنَّة
(4/ 928/41)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (2/ 11/ 803)، [التحفة (6/ 312/ 9297)، الإتحاف (10/ 251/ 12682)، المسند المصنف (18/ 184/ 8494)].
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عبد الله إلا أبو وائل، ولا نعلم له إسناداً عن أبي وائل أحسن من هذا الإسناد".
هكذا رواه حسين بن علي الجعفي، ومعاوية بن عمرو، ويحى بن أبي بكير، وأبو بدر شجاع بن الوليد [وهم ثقات]:
عن زائدة بن قدامة، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه، قال:
…
فذكره.
• واختلف فيه على حسين الجعفي:
أ- فرواه أبو بكر ابن أبي شيبة [ثقة حافظ]: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال:
…
فذكره.
ب- وخالفه في إسناده فوهم: محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي [وهو: ضعيف]، قال: حدثثا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود به مرفوعاً.
أخرجه أبو يعلى (9/ 25/ 5091)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (783)، [المسند المصنف (18/ 185/ 8494)].
والمحفوظ هو الأول؛ ولا يُعرف من حديث عاصم بن بهدلة إلا من هذا الوجه، وهو منكر من حديث زائدة، والله أعلم.
• ورواه عبد الخالق بن أسد في المعجم (139) بإسناد فيه من يُجهل حاله؛ إلى عباس بن محمد الدوري [ثقة حافظ]: حدثنا عبيد الله بن موسى [ثقة]: أخبرنا إسرائيل، عن منصور بن المعتمر، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال:
…
فذكره.
قلت: لا أظنه يثبت من حديث إسرائيل بن أبي إسحاق، لعدم اشتهاره، ولم أجده في مصنف سوى معجم شيوخ عبد الخالق بن أسد الحنفي، والإسناد إلى عباس الدوري فيه جهالة، فلعله دخل لراويه حديث في حديث، والله أعلم.
ورواه القاسم بن يزيد الجرمي [ثقة]، وأبو إسحاق الفزاري [إبراهيم بن محمد بن الحارث: ثقة حافظ]:
عن سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل نام حتى أصبح؟ قال: "بال الشيطان في أذنه" أو قال: "أذنيه".
وقع عند ابن حبان والطبراني: قال سفيان [يعني: الثوري]: "هذا عندنا يشبه أن يكون نام عن الفريضة".
أخرجه أبو عوانة (2/ 35/ 2218)[وسقط منه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم]، وابن حبان (6/ 302/ 2562)، والبزار (5/ 417/ 2049)، والطبراني في الأوسط (8/ 151/ 8238)، وأبو
الشيخ في ذكر الأقران (257)، وأبو الحسين علي بن محمد ابن بشران في الأول من فوائده (84)(656 - فوائد ابن منده)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 320)، وفي تاريخ أصبهان (2/ 194 - 195 و 276)، [الإتحاف (10/ 413/ 13055)، المسند المصنف (18/ 186/ 8495)].
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الثوري عن سلمة عن أبي الأحوص عن عبد الله؛ إلا القاسم بن يزيد، ورجل آخر".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سفيان إلا القاسم الجرمي، تفرد به: علي بن حرب".
قلت: هو ثابت من حديث الثوري، وإن لم يشتهر عنه، وإسناده صحيح.
• ورواه قيس بن الربيع، عن سلمة بن كهيل، عن أبي وائل، عن عبد الله قال:
…
فذكر مثله.
أخرجه ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (316).
وهذه الرواية وهم؛ فإن قيس بن الربيع: ليس بالقوي، ضعفه غير واحد، وابتلي بابنِ له كان يدخل عليه ما ليس من حديثه فيحدث به [انظر: التهذيب (3/ 447)، الميزان (3/ 393)]، وحديث الثوري أولى بالصواب.
ورواه موسى بن زكريا بن يحيى [أبو عمران التستري البصري: متروك. سؤالات الحاكم (277)، الإرشاد (2/ 528)، المحلى (7/ 531) و (8/ 232)، اللسان (8/ 198)]، ومحمد بن غالب بن حرب [تمتام: ثقة حافظ]:
عن عمرو بن الحصين العقيلي: ثنا محمد بن عبد الله بن علاثة، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد العبد الصلاة من الليل أتاه الملك، فقال له: قُم، قد أصبحت فصلِّ، واذكر ربك، فيأتيه الشيطان، فيقول: عليك ليل، وسوف تقوم، فنم ساعة، فإن هو قام فصلى أصبح نشيطاً، خفيف الجسم، قرير العين [قد أصاب خيراً]، وإن هو أطاعٍ الشيطان حتى يصبح [فيفح الشيطان فحيحاً]، بال الشيطان في إذنه، [فيصبح كسلاناً حائرًا مغبونًا ذلك اليوم] ".
أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 167/ 8293)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (58).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث مرفوعاً عن الأعمش عن أبي إسحاق إلا ابن علاثة، تفرد به: عمرو بن الحصين".
قلت: هذا حديث موضوع؛ تفرد به عن الأعمش: محمد بن عبد الله بن عُلاثَة، وهو: جزري حراني قدم بغداد، أفسد حديثه عمرو بن الحصين، فروى عن ابن علاثة الموضوعات، فحمل بعضهم على ابن علاثة لأجل ما رواه عنه ابن الحصين، وهو بريء منه، وهو في نفسه صدوق، لكن ليس بذاك، ممن يهم كثيراً في الروايات [وقد تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (300)، الشاهد رقم (4)، وتحت الحديث رقم (531)، وتحت الحديث رقم (789)، الشاهد رقم (3)].
وعمرو بن الحصين: متروك متهم، يروي عن ابن علاثة أحاديث موضوعة [التهذيب (264/ 3 و 612)].
وروي عن الأعمش من وجه آخر:
رواه إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله، عن الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود، قال: ذُكر رجلٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن فلاناً نام الليل حتى أصبح، فقال:"ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه".
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/ 279/ 1339).
وهذا باطل من حديث الأعمش، تفرد به عنه: عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب الحمصي: متروك، منكر الحديث، لم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش [التهذيب (2/ 590)، الميزان (2/ 632)، الكامل (5/ 285)].
وقد صح موقوفاً على ابن مسعود من وجه آخر، وبسياق مختلف: انظر: ما أخرجه أحمد في الزهد (878)، وابن أبي شيبة (7/ 107/ 34555)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (399)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (478).
وانظر أيضًا: ما أخرجه علي ابن المديني في حديثه (92). وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (476).
° وروي من حديث أبي هريرة:
رواه يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: ذكروا عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً؛ أو: إن رجلًا قال: يا رسول الله! إن فلاناً نام البارحة ولم يصلِّ حتى أصبح، قال:"بال الشيطان في أذنه".
أخرجه أحمد (2/ 260 و 427)، والسهمي في تاريخ جرجان (202)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(417)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (2/ 634)، [الإتحاف (14/ 441/ 17968)، المسند المصنف (31/ 150/ هـ 1423)].
وهذا إسناد رجاله ثقات، وفي سنده انقطاع، فقد نفى جمهور النقاد سماع الحسن من أبي هريرة [راجع: الحديث السابق برقم (1306)].
2 -
حديث علي بن أبي طالب:
رواه عقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة، وصالح بن كيسان، ومعمر بن راشد [وهم ثقات، من أصحاب الزهري المقدمين فيه]، وإسحاق بن راشد [ثقة، ليس بذاك في الزهري]، ومحمد بن عبد الله بن أبي عتيق [حسن الحديث عن الزهري، التهذيب (3/ 616)]، وزيد بن أبي أنيسة [ثقة]، وعثمان بن عمر بن موسى التيمي [يوافق الثقات من أصحاب الزهري في حديثه عن الزهري، وقلما يخالفهم. انظر: صحيح البخاري (5576)، علل الدارقطني (4/ 368) و (7/ 284) و (8/ 96) و (10/ 76)، فهو: صدوق حسن الحديث، روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في الثقات، وأما قول ابن
معين بأنه لا يعرفه، وإقرار ابن عدي له عليه؛ فلا يقدح فيه، إذ قد عرفه غيره. انظر: التهذيب (3/ 74)، الثقات (7/ 200) و (8/ 441)، التاريخ الكبير (6/ 178 و 239)، الجرح والتعديل (6/ 124/ 159)]، وإسحاق بن يحيى بن علقمة الكلبي الحمصي [مجهول، أحاديثه صالحة، التهذيب (1/ 135)]:
عن الزهري، عن علي بن حسين؛ أن الحسين بن علي حدثه؛ أن علي بن أبي طالب حدثه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وفاطمةَ، فقال:"ألا تصلون؛"، فقلت: يا رسول الله! إنما أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين قلتُ له ذلك [ولم يرجع إليَّ شيئأ]، ثم سمعته وهو مدبرٌ، يضربُ فخِذَه، ويقول:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54].
أخرجه البخاري في الصحيح (1127 و 4724 و 7347 و 7465)، وفي الأدب المفرد (955)، ومسلم (775)(2/ 518/ 775 - ط .. التأصيل)، وأبو عوانة (2/ 31/ 2206) و (2/ 32/ 2207 - 2210)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 370/ 1767)، والنسائي في المجتبى (3/ 205/ 1611)، وفي الكبرى (2/ 1313/120) و (10/ 159/ 11242)، وابن حبان (6/ 305/ 2566)، وأحمد (1/ 112)(915 و 916 - ط. المكنز)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1/ 77)(581 و 585 - ط. المكنز)، وفي فضائل الصحابة (2/ 614/ 1050) و (2/ 693/ 1184) و (2/ 694/ 1186)، ومحمد بن يحيى الذهلي في جزء من حديثه (61)، والبزار (2/ 503/142)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (100 - مختصره)، والسرقسطي في الدلائل (1/ 361/ 187)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 148/ 2561)، والطحاوي في المشكل (12/ 221 - 223/ 4763 - 4767)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 1109 - 1111/ 2395)، وأبو علي الرفاء في فوائده (209)، وابن منده في التوحيد (1/ 285/ 134) و (2/ 87/ 227)، وابن بشران في الأمالي (1593)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 68 - 69) و (3/ 143)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (475) [ووقع عنده: الحسن بن علي مكبراً، وأظنه وهمًا؛ فإن رواية السراج: حسين بالتصغير]، والبيهقي في السنن (2/ 500)، وفي الأسماء والصفات (1/ 309)، والخطيب في الكفاية (341)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (123)، والبغوي في التفسير (3/ 168)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (2/ 9/ 800)، وأبو القاسم إسماعيل الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/ 417/ 226) و (2/ 495/ 481)، وأبو طاهر السلفي في التاسع والعشرين من المشيخة البغدادية (31)(2405 - مشيخة المحدثين البغدادية)، وأبو موسى المديني في اللطائف (839)، [التحفة (7/ 24/ 10070)، الإتحاف (11/ 352/ 14181)، المسند المصنف (21/ 166/ 9526)].
قال أبو نعيم وأبو موسى: "صحيح متفق عليه من حديث الزهري".
• ورواه إبراهيم بن سعد [ثقة حجة]، عن ابن إسحاق [صدوق]، قال: حدثني
حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف [حسن الحديث. سبق الكلام عليه عند الحديث رقم (393) (4/ 364 - فضل الرحيم الودود)]، عن محمد بن مسلم ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب، قال: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى فاطمة من الليل، فأيقظنا للصلاة، ثم رجع إلى بيته فصلى هَوياً من الليل فلم يسمع لنا حِسًا، فرجع إلينا فأيقظنا، فقال:"قوما فصليا"، قال: فجلست وأنا أعرُكُ عيني، وأقول: إنا والله ما نصلي إلا ما كتب الله لنا، إنما أنفسنا بيد الله، فإن شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: ويضرب بيده على فخذه: "ما نصلي إلا ما كتب الله لنا! {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] ".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 206/ 1612)، وابن خزيمة (2/ 178/ 1139)، وأحمد (1/ 91)(716 - ط. المكنز)، والبزار (2/ 143/ 504)، وأبو يعلى (1/ 301/ 366)، والطحاوي في المشكل (12/ 224/ 4769)، والحسن بن رشيق العسكري في جزئه (1)، [التحفة (7/ 24/ 10070). الإتحاف (11/ 352/ 14181)، المسند المصنف (21/ 9526/ 166)].
قلت: ومثل هذا التفصيل في القصة يحتمل من أهل السير، والله أعلم.
• واختلف فيه على ابن إسحاق:
أ- فرواه إبراهيم بن سعد [ثقة حجة، أثبت الناس في ابن إسحاق]، عن ابن إسحاق، قال: حدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن محمد بن مسلم ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب، قال:
…
فذكره.
ب- ورواه بشر بن النعمان الحراني، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني الزهري؛ أن علي بن حسين أخبره، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه،
…
ثم ذكر مثل حديث الجماعة.
أخرجه الطحاوي في المشكل (12/ 223/ 4768).
وهذه الرواية الثانية وهم، والمحفوظ عن ابن إسحاق هو الأول، بإثبات الواسطة بينه وبين الزهري، وبشر بن النعمان: لم أهتد إليه، فلعل اسمه تحرف، والله أعلم.
• هكذا رواه من طريق معمر متصلاً: أحمد بن يوسف السلمي [ثقة، ثبت في عبد الرزاق، سمع منه قبل ذهاب بصره]: أنا عبد الرزاق، عن معمر بن راشد، عن الزهري به.
أخرجه أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/ 417/ 226) و (2/ 495/ 481).
وقد قرن رواية معمر برواية شعيب بن أبي حمزة.
• خالفه: إسحاق بن إبراهيم الدبري [وقد تُكُلِّم في روايته عن عبد الرزاق، فإنه ممن سمع من عبد الرزاق بأخرة بعدما عمي وأضر، كما أن الدبري كان يصحف، ويحرف.
شرح العلل لابن رجب (2/ 754)، اللسان (2/ 36)]، فرواه عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن علي بن حسين، قال:
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على علي وفاطمة وهما نائمان، فقال:"ألا تصلوا؛"، فقال علي: يا رسول الله! إنما أنفسنا بيد الله، إذا أراد أن يبعثها بعثها، فانصرف عنهما وهو يقول:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)} [الكهف: 54].
أخرجه عبد الرزاق (1/ 590/ 2244)، [المسند المصنف (21/ 166/ 9526)].
فإن كانت رواية السلمي عن عبد الرزاق على ظاهر ما روى إسماعيل الأصبهاني من الاتصال؛ فهي المحفوظة، والله أعلم.
واختلف في إسناد هذا الحديث على قتيبة بن سعيد، وقد رواه جمهور أصحابه من الحفاظ عنه، عن الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن الزهري، عن علي بن الحسين؛ أن الحسين بن علي حدثه، عن علي بن أبي طالب؛
…
فذكره.
هكذا رواه عن قتيبة بن سعيد، فقال في إسناده: الحسين بن علي مصغراً: مسلم بن الحجاج [كما في النسخ التي بين أيدينا من صحيح مسلم، وهكذا ذكره من وصله أو علقه من طريق مسلم]، وأحمد بن شعيب النسائي، وعبد الله بن أحمد [وقد قال في روايته: كتب إليَّ قتيبة بن سعيد، قال: كتبت إليك بخطي، وختمت الكتاب بخاتمي، ونقشه: الله ولي سعيد، وهو خاتم أبي]، ومحمد بن إسحاق الصغاني، والحسن بن سفيان، وموسى بن هارون، وأبو العباس السراج [كما ذكر الدارقطني في التتبع (135)][وهم ثقات حفاظ]، وأبو علي الحسن بن الطيب بن حمزة بن حماد البلخي [خفي أمره على بعضهم، وضعفه جمهور النقاد، وكذبه مطين، واتهمه ابن عدي بسرقة الحديث، وقال الدارقطني: "لا يساوي شيئاً، حدث بما لم يسمع". الكامل (2/ 344)، سؤالات السهمي (246)، الإرشاد (3/ 936)، تاريخ بغداد (8/ 304 - ط. الغرب)، اللسان (3/ 60)، الثقات لابن قطلوبغا (3/ 363)].
تنبيهات:
• الأول: قال الدارقطني في التتبع (135): "أخرج مسلم حديث: قتيبة، عن ليث، عن عقيل، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن الحسن بن علي، عن علي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلاً.
وقد تابم مسلماً عن قتيبة: الخشني، وإبراهيم بن نصر النهاوندي.
وخالفهم: موسى والنسائي والسراج عن قتيبة؛ إلا أن موسى قال: حدثناه من غير كتابه، وكان في كتابه: الحسن.
وقد رواه أبو صالح وحمزة بن زياد والوليد بن صالح، عن الليث، فقالوا فيه: الحسن بن علي.
وقال يونس المؤدب وأبو النضر وغيرهما، عن الليث: الحسين بن علي، وكذلك قال
أصحاب الزهري، منهم: صالح بن كيسان، وابن أبي عتيق، وابن جريج، وإسحاق بن راشد، وزيد بن أبي أنيسة، وشعيب، وحكيم، ويحيى بن أبي أنيسة، وعقيل من رواية ابن لهيعة عنه، وعبد الرحمن بن إسحاق، وعبيد الله بن أبي زياد، وغيرهم.
وأما معمر فأرسله عن الزهري عن علي بن الحسين.
وقول من قال عن الليث: الحسن بن علي: وهم، والله أعلم" [وانظر بعض ذلك في: العلل (98/ 3/ 302)، وكان مما قال:"ويقال: إنه هكذا كان في كتاب الليث، فقيل له: إن الصواب: عن الحسين بن علي، فرجع إلى الصواب"].
وقد تعقبه أبو مسعود الدمشقي في الأجوبة (14)، فقال: "أما مسلم فما قال فيه إلا: عن الحسين، ورواه جماعة عن قتيبة على الوجهين معاً، وعن الليث على الصواب.
وكذلك قال محمد بن عبد الله بن يوسف الدَّوِيري، والحسن بن سفيان، ومحمد بن إسحاق الثقفي، عن قتيبة، قالوا فيه: عن الحسين.
وكذلك رواه علي بن محمد المصري، عن حسن بن عرفة، عن ابن بكير، عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن علي بن الحسين، والحسين مقيد.
وكذلك حديث قتيبة، مقيد من رواية مسلم.
وهؤلاء الثلاثة الذين ذكرت روايتهم عن قتيبة، عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن الحسين".
وقال أبو علي الغساني في تقييد المهمل (3/ 824) في الفروق بين روايات صحيح مسلم: "وكذلك وقع في نسخة أبي أحمد الجلودي: الزهري عن علي بن حسين عن أبيه عن علي، وفي نسخة أبي العلاء بن ماهان: عقيل عن الزهري عن علي بن حسين بن علي عن علي بن أبي طالب، هكذا روي عنه، وأسقط من الإسناد رجلًا، قاله عنه أبو زكرياء الأشعري وأبو العلاء بن الحذاء، والصواب ما تقدم دا [وانظر: المعلم للمازري (1/ 457)، إكمال المعلم للقاضي عياض (3/ 140)].
وقال القاضي عياض في المشارق (1/ 226): "عن علي بن حسين أن الحسين بن علي حدثه عن علي: كذا رواية مسلم فيه عندنا للجلودي، وعند ابن الحذاء عن ابن ماهان أن الحسن"، ثم قال:"سقط من رواية ابن ماهان من غير طريق ابن الحذاء الحرف كله، وعنده: عن علي بن الحسين بن علي حدثه أن عليّا، وهو وهم صريح".
وقال في موضع آخر (2/ 346): "أن الحسين بن علي حدثه، عن علي، كذا للجلودي عند شيوخنا.
وعند ابن ماهان: عن علي بن حسين حدثه، أن عليّاً، وسقط عنده: أن الحسين بن علي، وهو وهم.
وذكر بعضهم عن ابن الحذاء، أن روايته: أن الحسن، على التكبير.
وكذا كان في أصل شيخنا التميمي، بخط ابن العسال، روايته عن ابن الحذاء".
وقال النووي في شرحه على مسلم (6/ 64): "قوله: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا ليث، عن عقيل، عن الزهري، عن علي بن حسين؛ أن الحسين بن علي حدثه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هكذا ضبطناه؛ أن الحسين بن علي بضم الحاء على التصغير، وكذا في جميع نسخ بلادنا التي رأيتها مع كثرتها، وذكره الدارقطني في كتاب الاستدراكات"، فذكر كلام الدارقطني، ثم لخصه بقوله:"وحاصله أنه يقول: إن الصواب من رواية ليث: الحسين بالتصغير، وقد بينا أنه الموجود في روايات بلادنا، والله أعلم".
قلتْ ومثل هذا لا يُتَعقَّب به على مسلم؛ إنما الوهم فيه من الراوي عنه، والله أعلم.
• الثاني وقع في المطبوع من الحلية في الموضع الثاني (3/ 143) في رواية الحسن بن سفيان عن قتيبة به: الحسن بن علي مكبراً، لكنه تصحيف، فقد رواه مقروناً برواية ابن أبي عتيق عن الزهري به، وهي كالجماعة، وقد رواه أبو موسى المديني من طريق أبي نعيم به، ووقع عنده مصغراً وهو الصواب، وقد ترجم أبو موسى للحديث بقوله:"علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين، يروي عن أبيه أحاديث"؛ يعني: الحسين بن علي، فدل على وقوع التصحيف في مطبوعة الحلية، وهذا فضلاً عن كون أبي نعيم قد رواه في الموضع الأول (1/ 68 - 69) من طريق الحسن بن سفيان عن قتيبة به مقروناً برواية زبد بن أبي أنيسة عن الزهري به كالجماعة: عن علي بن الحسين عن أبيه، والله أعلم.
وقد تابع قتيبة على هذا الوجه عن الليث بن سعد:
يحيى بن بكير، وشعيب بن الليث بن سعد، ويونس بن محمد المؤدب، وأبو النضر هاشم بن القاسم، والوليد بن صالح النخاس [وهم ثقات]، وأبو صالح عبد الله بن صالح [كاتب الليث: صدوق، وكانت فيه غفلة] [وعنه: يزيد بن سنان، وإبراهيم بن أبي داود البرلسي، وهما ثقتان]، وحنيفة بن مرزوق أذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جماعة، وقال أبو عوانة:"شيخ ثقة". الثقات (8/ 217)، تاريخ بغداد (9/ 211 - ط. الغرب)، تاريخ الإسلام (5/ 65 - ط. الغرب)]:
قالوا: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن علي بن حسين؛ أن حسين بن علي حدثه، عن علي رضي الله عنه . . . فذكره.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (955)، وأبو عوانة (2/ 32/ 2207)، والطحاوي في المشكل (12/ 221/ 4763) و (12/ 222/ 4764) و (12/ 223/ 4766). وانظر: التتبع (135)، علل الدارقطني (3/ 98/ 302).
• وكذلك رواه ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري على الصواب [التتبع (135)، علل الدارقطني (3/ 98/ 302)].
خالفهم فقال: الحسن بن علي:
حجين بن المثنى أبو عمر [ثقة]، رواه عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، أن حسن بن علي حدثه، عن علي بن أبي طالب
…
فذكره.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 179/ 1140).
° والصواب من ذلك: رواية جماعة الحفاظ المتقنين عن قتيبة، وكذلك رواية جماعة الثقات من أصحاب الليث بن سعد: الحسين بن علي مصغراً.
وهو ما رواه عقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة، وصالح بن كيسان، ومعمر بن راشد [وهم من ثقات أصحاب الزهري المقدمين فيه]، وتابعهم: إسحاق بن راشد، ومحمد بن عبد الله بن أبي عتيق، وزيد بن أبي أنيسة، وعثمان بن عمر بن موسى التيمي، وحكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، وإسحاق بن يحيى بن علقمة الكلبي الحمصي:
عن الزهري، عن علي بن حسين؛ أن الحسين بن علي حدثه؛ أن علي بن أبي طالب حدثه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وفاطمةَ،
…
الحديث.
وهو ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم، والله أعلم.
قال الدارقطني في العلل (3/ 100/ 302): "والصواب: ما رواه صالح بن كيسان، وحكيم بن حكيم، ومن تابعهما: عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي".
• راجع: في معنى الحديث: الإفصاح (1/ 243).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا الحديث نص في ذم من عارض الأمر بالقدر؛ فإن قوله: إنما أنفسنا بيد الله
…
إلى آخره؛ إستناد إلى القدر في ترك امتثال الأمر، وهي في نفسها كلمة حق؛ لكن لا تصلح لمعارضة الأمر؛ بل معارضة الأمر بها من باب الجدل المذموم الذى قال الله فيه:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)} [الكهف: 54] " [المجموع (15/ 229)، [وانظر: شفاء العليل (18)].
3 -
حديث عبد الله بن عمرو:
رواه مبشر بن إسماعيل الحلبي [ثقة]، وعبد الله بن المبارك [ثقة ثبت متقن، إمام فقيه، من أثبت أصحاب الأوزاعي]، والوليد بن مسلم [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الأوزاعي]، والوليد بن مزيد [ثقة ثبت، من أثبت الناس في الأوزاعي]، وعمر بن عبد الواحد [السلمي، أبو حفص الدمشقي: ثقة، من أثبت أصحاب الأوزاعي]، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري [ثقة حافظ]، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير [ثقة]، ومحمد بن كثير المصيصي [صاحب الأوزاعي، وهو: صدوق كثير الغلط]، ويحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي الحراني [ضعيف، طعنوا في سماعه من الأوزاعي]:
عن الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة بن
عبد الرحمن، قال: حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل، فترك قيام الليل". لفظ ابن المبارك.
أخرجه البخاري (1152)، والنسائي في المجتبى (3/ 253/ 1763)، وفي الكبرى (2/ 116/ 1305)، وابن ماجه (1331)، وابن حبان (6/ 367 - 368/ 2641)، وأحمد (2/ 170)، وابن المبارك في الزهد (1211)، وابن سعد في الطبقات (4/ 265)، والبزار (6/ 349/ 2358)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 146/ 2555)، والطبراني في الكبير (13/ 381/ 14197)، وأبو العباس العصمي في جزئه (78)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (462)، وعبد الخالق بن أسد في المعجم (240)، وابن عساكر في المعجم (90)، وعلقه البيهقي (3/ 14)، [التحفة (6/ 151/ 8961)، الإتحاف (9/ 655/ 12133)، المسند المصنف (17/ 92/ 7975)].
• خالفهم: بشر بن بكر التنيسي [ثقة، من أصحاب الأوزاعي]، وعبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين [كاتب الأوزاعي، ليس به بأس]، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي [صدوق، من أصحاب الأوزاعي، منكر الحديث عن زهير بن محمد التميمي]:
قالوا: حدثنا الأوزاعي [كذا في رواية بشر وابن أبي العشرين، وفي رواية عمرو: عن الأوزاعي قراءة]، قال: حدثني يحيى بن اْبي كثير، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله! لا تكن بمثل فلان كان يقوم الليل، فترك قيام الليل".
علقه البخاري (1152 م)، ووصله مسلم (1159/ 185)، والإسماعيلي في مستخرجه على البخاري (9/ 124 - التوضيح)(2/ 433 - التغليق)، وأبو عوانة (2/ 31/ 2204 و 2205)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (3/ 237/ 2634)، والنسائي في المجتبى (3/ 253/ 1764)، وفي الكبرى (2/ 117/ 1306)، وابن خزيمة (2/ 173/ 1129)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 107/ 811)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (59 - مختصره)، والبيهقي (3/ 14)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 5/ 939)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (2/ 11/ 804)، وابن عساكر في المعجم (924)، وابن حجر في التغليق (2/ 433)، [التحفة (6/ 1 5 1/ 1 896)، الإتحاف (9/ 655/ 12133)، المسند المصنف (17/ 92/ 7975)].
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه إلا عبد الله بن عمرو، ولا نعلم رواه عن يحمى إلا الأوزاعي".
وقال النسائي في الكبرى: "أدخل بشر بن بكر بين يحيى وبين أبي سلمة: عمر بن الحكم".
وقال أبو حاتم الرازي لما سأله ابنه عن حديث ابن أبي العشرين: "الناس يقولون: يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، لا يدخلون بينهما عمر، وأحسب أن بعضهم قال:
يحيى، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم[العلل (1/ 124/ 344)].
فكان أبا حاتم يميل إلى ترجيح رواية ابن المبارك ومن معه، على أنها رواية أصحاب الأوزاعي وأثبتهم فيه، والله أعلم.
قال الدارقطني في التتبع (28): "وأخرج مسلم من حديث الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل"، خ م من حديث ابن المبارك ومبشر عنه، وقد تابعهما: أبو إسحاق الفزاري، وخالفهم: ابن أبي العشرين، والوليد بن مسلم، وعمر بن عبد الواحد، وبشر بن بكر، وعمرو بن أبي سلمة، فرووه عن الأوزاعي، عن يحيى، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن أبي سملمة، زادوا رجلاً".
قلت: الوجه الأول إنما رواه البخاري وحده، ولم يروه مسلم إلا بالزيادة من طريق عمرو بن أبي سلمة، وقد نقل ابن حجر في هدي الساري (2/ 941) عن الدارقطني قوله: "أخرج البخاري حديث الأوزاعي
…
"، فلا أدري صححه من قبل نفسه، أم وجده هكذا؟ كما أنني لم أقف على من ذكر رواية الوليد بن مسلم ولا عمر بن عبد الواحد فيمن رواه عن الأوزاعي بالزيادة من قدماء المحدثين، ولم أرها مسندة، وإنما يرويانه عن الأوزاعي بدون الزيادة كالجماعة.
قال ابن حجر في التغليق (2/ 432): "قلت: وزيادة عمر بن الحكم في هذا الإسناد من المزيد في متصل الأسانيد بلا ريب؛ فإن ابن المبارك ومبشر بن إسماعيل لم يوصفا بالتدليس، وقد صرحا في روايتهما بسماع الأوزاعي له من يحيى، وبسماع يحيى من أبي سلمة".
وقال متعقبًا الدارقطني في هدي الساري (2/ 941): "وهذا القول فيه كالقول في الذي قبله [يعني: أن البخاري لم يهمل حكاية الاختلاف الوارد فيه، مع كون هذا الاختلاف ليس بقادح]، بل صرح الأوزاعي هنا بالتحديث عن يحيى، وصرح يحيى بالتحديث عن أبي سلمة، فانتفت تهمة التدليس، والراوي له هكذا عنده عن الأوزاعي: عبد الله بن المبارك، وهو من الحفاظ المتقنين، ومع ذلك فالبخاري لم يهمل حكاية الخلاف في ذلك، بل ذكره تعليقاً".
وقال ابن حجر في الفتح (3/ 38) شارحًا تصرف البخاري: "وأراد المصنف بإيراد هذا التعليق التنبيه على أن زيادة عمر بن الحكم -أي: ابن ثوبان- بين يحيى وأبي سلمة: من المزيد في متصل الأسانيد؛ لأن يحيى قد صرح بسماعه من أبي سلمة، ولو كان بينهما واسطة لم يصرح بالتحديث"، ثم قال: "وظاهر صنيع البخاري: ترجيح رواية يحيى عن أبي سلمة بغير واسطة، وظاهر صنيع مسلم يخالفه؛ لأنه اقتصر على الرواية الزائدة، والراجح عند أبي حاتم والدارقطني وغيرهما: صنيع البخاري، وقد تابع كلّاً من الروايتين جماعةٌ من
أصحاب الأوزاعي، فالاختلاف منه، وكأنه كان يحدث به على الوجهين، فيحمل على أن يحيى حمله عن أبي سلمة بواسطة، ثم لقيه فحدثه به، فكان يرويه عنه على الوجهين، والله أعلم".
قلت: ولا مزيد على هذا البيان؛ وإن كانت رواية ابن المبارك ومن معه أرجح من جهة كثرة من رواه على هذا الوجه عن الأوزاعي، لا سيما وفيهم أثبت الناس فيه، فهم أكثر عددًا، وأعلى ضبطًا لحديث الأوزاعي ممن رواه بالزيادة، ومن رواه بالزيادة متكلم في روايته عن الأوزاعي، أو في ضبطه، وعادة أبي حاتم تقديم قول الزائد لما معه من زيادة علم، لكنه هنا مال إلى قول الأحفظ والأثبت في الأوزاعي، وتبقى رواية مسلم محتملة لما قاله ابن حجر بانها من المزيد في متصل الأسانيد، وأن الأوزاعي كان يرويه على الوجهين، والله أعلم.
° قال ابن حبان: "في هذا الخبر دليل على إباحة قول الإنسان بظهر الغيب في الإنسان ما إذا سمعه اغتم به، إذا أراد هذا القائل به إنباه غيره دون القدح في هذا الذي قال فيه ما قال".
4 -
حديث عبد الله بن عمر:
روى معمر بن راشد [واللفظ له]، ويونس بن يزيد [ولفظه مختصر]، وسليمان بن موسى، وسعيد بن عبد العزيز [مختصراً]:
عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمنيت أن أرى رؤبا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وكنت غلامًا شاباً عزبًا، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، قال: فلقيهما ملك [آخر] فقال لي: لم تُرَعْ، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"نِعْمَ الرجل عبد الله! لو كان يصلي من الليل! ".
قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وفي رواية يونس: "إن عبد الله رجل صالح".
وفي رواية سعيد بن عبد العزيز: كنت شاباً عزباً، وكنت أبيت في المسجد، وكان الرجل منهم إذا رأى الرؤيا أتى بها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يعبرها.
وفي رواية سليمان بن موسى: كنت شابًا عزبًا أبيت في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصها عليه فعبرها له، قال ابن عمر: إن كان لي عندك خيرٌ فأرني رؤيا أقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله: فأتاني آتٍ فعمدني إلى النار، فإذا لها فم كفم البئر، وقرون كقرون النير، بين
كل قرنين ملك يرفعه من حديد، فجاءني فصرفني عنها، فقال: لستَ من أهلها، قال: فاستيقظت فأتيت حفصة فقصصتها عليها، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عبد الله رجل صالح؛ إن أكثر من قيام الليل".
أخرجه البخاري في الصحيح (1121 و 1122 و 3738 و 3739 و 3704 و 3741 و 7030 و 7031)، وفي رفع اليدين (88)، ومسلم (2479)، وأبو عوانة (8/ 377/ 9593 - إتحاف) و (8/ 396/ 9629 - إتحاف)، والترمذي (1 32) مختصرًا، وابن ماجه (3919)، وابن حبان (15/ 547/ 7070) و (15/ 548 / 7071)، وأحمد (2/ 146)، وإسحاق بن راهويه (4/ 191/ 1988)، وعبد الرزاق (1/ 419/ 1645)، والمؤمل بن إهاب في جزئه (18)، وابن أبي الدنيا في المنامات (96)، وابن نصر في قيام الليل (62 - مختصره)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 136/ 2538)، والطبراني في الأوسط (2/ 196/ 1698)، وفي مسند الشاميين (270 و 329)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 353)، والبيهقي (2/ 501)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (31/ 99 و 100) و (46/ 307)، [التحفة (6936 و 6965) و (11/ 60/ 15805)، الإتحاف (8/ 377/ 9593) و (8/ 396/ 9629)، المسند المصنف (16/ 413/ 7807)].
رواه عن معمر: عبد الرزاق، وهشام بن يوسف، وعبد الله بن معاذ الصنعاني، واللفظ لعبد الرزاق، ولفظ هشام مطول، وفيه:"إن عبد الله رجل صالح، لو كان يكثر الصلاة من الليل! ".
تنبيهان:
• الأول: رواه الوليد بن مسلم [ثقة ثبت]، قال: ثنا سعيد بن عبد العزيز: حدثني الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال:
…
فذكره مختصراً [مسند الشاميين (270)].
وخالفه: أبو مسهر [عبد الأعلى بن مسهر الدمشقي: ثقة إمام، كان راوية لسعيد بن عبد العزيز]، فقال: ثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: سمعت رجلًا يعرض على سليمان بن موسى، عن الزهري، حدثه عن سالم، عن ابن عمر، قال:
…
فذكره مطولاً [مسند الشاميين (329)].
قلت: وهما محتملان، فإن سعيد بن عبد العزيز لما سمعه من حديث سليمان بن موسى عن الزهري، أحب ألا يكون بينه وبين الزهري واسطة؛ فالتقى الزهري فسمعه منه، وثبته فيه، والله أعلم.
• الثاني: وهم صالح بن أبي الأخضر [وهو ضعيف]، فروى عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: كنت أعزب شاباً، أبيت في المسجد، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الكلاب تقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك.
أخرجه أحمد (2/ 70 - 71)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 289).
وهذا إنما هو حديث الزهري عن حمزة بن عبد الله عن أبيه، كما رواه يونس بن
يزيد، وأما حديث الزهري عن سالم عن أبيه، فهو كما يرويه معمر بن راشد؛ قلبه صالح بن أبي الأخضر، وهذا من شواهد ضعفه، والله أعلم [راجع: فضل الرحيم الودود (4/ 317/ 382)، انظر: علل الدارقطني (13/ 144/ 3521)].
ورواه عبيد الله بن عمر، وأيوب السختياني، وصخر بن جويرية، وعبد الله بن عون [وهم من ثقات أصحاب نافع، ومن المقدمين فيه]، وجرير بن حازم [بصري، ثقة]، وعبد الله بن عمر العمري [ليس بالقوي]:
عن نافع، عن ابن عمر، قال: كنت أبيت في المسجد، ولم يكن لي أهل، فرأيت في المنام كأنما انطلق بي إلى بئر فيها رجال معلقين، فقيل: انطلقوا به إلى ذات اليمين، فذكرت الرؤيا لحفصة، فقلت: قصيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصتها عليه، فقال:"من رأى هذه؟ " قالت: ابن عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم الفتى"، أو قال:"نعم الرجل لو كان يصلي من الليل".
قال: وكنت إذا نمت لم أقم حتى أصبح، قال: فكان ابن عمر يصلي من الليل [لفظ أبي إسحاق الفزاري عن عبيد الله].
وفي رواية لأيوب: رأيت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كأن بيدي قطعة إستبرق، فكأني لا أريد مكاناً من الجنة إلا طارت إليه، ورأيت كأن اثنين أتياني أرادا أن يذهبا بي إلى النار، فتلقاهما ملك، فقال: لم تُرَعْ خلِّيا عنه، فقصت حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم إحدى رؤياي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل"، فكان عبد الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل.
وأما صخر فقد أطال في اقتصاص الرؤيا، فقال: إن رجالًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يرون الرؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقصونها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله، وأنا غلام حديث السن، وبيتي المسجد قبل أن أنكح، فقلت فى نفسي: لو كان فيك خيرٌ لرأيتَ مثل ما يرى هؤلاء، فلما اضطجعتُ ذات ليلة، قلت: اللُّهُمَّ إن كنتَ تعلم فيَّ خيرًا فأرني رؤيا، فبينما أنا كذلك إذ جاءني ملكان، في يد كل واحد منهما مقمعة من حديد، يقبلان بي إلى جهنم، وأنا بينهما أدعو الله: اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من جهنم، ثم أراني لقيني ملك في يده مقمعة من حديد، فقال: لن تراع، نعم الرجل أنت، لو كنت تكثر الصلاة، فانطلقوا بي حتى وقفوا بي على شفير جهنم، فإذا هي مطوبة كطي البئر، لها قرون كقرن البئر، بين كل قرنين ملك بيده مقمعة من حديد، وأرى فيها رجالاً معلقين بالسلاسل، رءوسهم أسفلَهم، عرفتُ فيها رجالاً من قريش، فانصرفوا بي عن ذات اليمين.
فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن عبد الله رجل صالح، لو كان يصلي من الليل"، فقال نافع: فلم يزل بعد ذلك يكثر الصلاة. [لفظه عند البخاري (7028 و 7029) (7032 - ط. التأصيل)، وبعض ألفاظه من رواية الكشميهني].
وقد رواه مطولاً أيضاً: جرير بن حازم، وعبد الله بن عمر.
أخرجه البخاري (440 و 1156 و 1157 و 7015 و 7016 و 7028 و 7029)، ومسلم (2478 و 2479)، وأبو عوانة (9/ 164/ 10794 - إتحاف)، والنسائي في المجتبى 21/ 50/ 722)، وفي الكبرى (1/ 397 / 853) و (7/ 114/ 7599) و (7/ 364/ 8231)، والترمذي (3825)، وقال:"حسن صحيح". وأبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي "مختصر الأحكام"(301)، وابن ماجه (751)، والدارمي (1541 - ط. البشائر) و (2323 و 2324 - ط. البشائر)، وابن خزيمة (2/ 286/ 1335)، وابن حبان (15/ 549/ 7072)، وأحمد (5/ 2 و 12 و 106)، والطيالسي (3/ 1693/164)، وابن سعد في الطبقات (4/ 146 - 147)، وابن أبي شيبة (1/ 427/ 4914) و (6/ 183/ 30522)، وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 31)، وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر (37)، وابن أبي الدنيا في المنامات (95)، وفي التهجد وقيام الليل (206)، والبزار (12/ 126/ 5673 و 5674) و (12/ 176/ 5814)، وأبو يعلى (12/ 482/ 7057)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 136/ 2537)، والدارقطني في الأفراد (1/ 582/ 3391 - أطرافه)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (467 و 468)، والبيهقي في الدلائل (7/ 13 و 14)، وفي المعرفة (/ 2/ 258 1289)، وفي الشعب (5/ 399/ 2834 - ط. الأوقاف القطرية)، والبغوي في شرح السُّنَّة (12/ 232/ 3290) و (14/ 147/ 3944)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (2/ 10/ 801)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (31/ 101 - 103)، [التحفة (5/ 352/ 7514) و (5/ 412/ 7694) و (5/ 438/ 7796) و (5/ 491/ 8012) و (5/ 530/ 8173) و (11/ 60/ 15805)، الإتحاف (9/ 121/ 10648) و (9/ 164/ 10794)، المسند المصنف (16/ 410/ 7806)].
5 -
حديث أم سلمة:
رواه معمر بن راشد [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الزهري]، وشعيب بن أبي حمزة [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الزهري]، وعمرو بن دينار [ثقة ثبت]، ويحيى بن سعيد الأنصاري [ثقة ثبت]، ومحمد بن أبي عتيق أحسن الحديث عن الزهري.
التهذيب (3/ 616)]، وزياد بن سعد [ثقة ثبت في الزهري، لكن الراوي عنه: زمعة بن صالح، وهو: ضعيف، ممن يروي عن الزهري أيضاً]:
عن الزهري، عن هند بنت الحارث [الفراسية]، عن أم سلمة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة، فقال:"سبحان الله ماذا أُنزل الليلة من الفتنة، ماذا أُنزل من الخزائن، من يوقظ صواحب الحجرات [حتى يصلين]؟ يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ في الآخرة".
وفي رواية: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، وهو يقول:"لا إله إلا الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة، ماذا أنزل من الخزائن، من يوقظ صواحب الحجرات؟ كلم من كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ يوم القيامة".
قال الزهري: وكانت هند لها أزرار في كميها بين أصابعها.
أخرجه البخاري (115 و 1126 و 3599 و 5844 و 6218 و 7069)، والترمذي (2196)، وقال:"حسن صحيح". وابن حبان (2/ 466/ 691 - ترتيب ابن بلبان)[وفيه زيادة مقحمة](5/ 363/ 4554 - التقاسيم والأنواع)، والحاكم (4/ 509)(10/ 364/ 8763 - ط. الميمان)، وأحمد (6/ 397)، وإسحاق بن راهويه (4/ 180/ 1972)، وعبد الرزاق (11/ 362/ 25748)، والحميدي (294)، وابن أبي عاصم في الزهد (200 و 201)، وأبو يعلى (12/ 421/ 6988)، وأبو بكر الباغندي فيما رواه الأكابر عن الأصاغر (4)، والطبراني في الكبير (23/ 355/ 833) و (23/ 356/ 835 و 836)، وفي الأوسط (9/ 86/ 9204)، وفي مسند الشاميين (4/ 261/ 3225)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (298)، وفي الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (9)(624 - المخلصيات). وفي الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (251)(1827 - المخلصيات)، وابن بشران في الأمالي (206 و 207)، وأبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن (61)، والبيهقي في الشعب (5/ 387/ 2821 - ط. الأوقاف القطرية) و (15/ 41/ 10007 - ط. الأوقاف القطرية)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 205) و (23/ 448)، وفي الاستذكار (8/ 308)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 33/ 921)، وفي الشمائل (454)، وأبو القاسم الأصبهاني في الدلائل (172)، وأبو موسى المديني في اللطائف (555)، [التحفة (12/ 163/ 18290)، الإتحاف (18/ 221/ 23589)، المسند المصنف (40/ 485/ 19393)].
قال عبد الرزاق: "قال ابن عيينة: سمعت حديث هند بنت الحارث عن الزهري: من عمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد، ومعمر، ومالك بن أنس"[أما رواه الأكابر عن الأصاغر (4)].
وقد اختلف في إسناده على ابن عيينة، وعلى يحيى بن سعيد الأنصاري:
أ- فرواه صدقة بن الفضل المروزي [ثقة]، ولوين محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي [ثقة]، ويعقوب بن حميد بن كاسب [صدوق حافظ، له مناكير وغرائب]:
عن ابن عيينة، عن معمر، عن الزهري، عن هند، عن أم سلمة؛
وعمرو ويحيى بن سعيد، عن الزهري، عن هند، عن أم سلمة، قالت:
…
فذكر الحديث [كذا للبخاري عن صدقة به].
وفي رواية لوين المصيصي، وابن كاسب: ثنا سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، ومعمر بن راشد، عن الزهري، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر ذات ليلة إلى السماء، فقال:
…
فذكره.
أخرجه البخاري (115)، وابن أبي عاصم في الزهد (200)، والطبراني في الكبير (23/ 355/ 833)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس
298 -
، وفي الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (9)(624 - المخلصيات). وفي الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (251)(1827 - المخلصيات)، وأبو موسى المديني في اللطائف (555).
قال أبو موسى المديني: "هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن صدقة عن ابن عيينة عن الثلاثة، غير أنه في رواية عمرو ويحيى لم يسم هندًا، وقال: عن امرأة".
قلت: قد اختلفت روايات صحيح البخاري في ذلك، ففي رواية أبي ذر عن الكشميهني، والأصيلي، وابن عساكر، وأبي الوقت: لم يسمِّ هنداً في رواية عمرو بن دينار ويحيى بن سعيد الأنصاري، وإنما قال: عن امرأة [طبعة المنهاج وطوق النجاة (1/ 34)، طبعة التأصيل (1/ 277/ 118)].
قال ابن حجر في الفتح (1/ 215): "ووقع في غير روايةٍ عن أبي ذر: عن امرأة، بدل قوله: عن هند، في الإسناد الثاني، والحاصل: أن الزهري كان ربما أبهمها وربما سماها".
ب- ورواه إبراهيم بن بشار الرمادي [ثقة حافظ، من أصحاب ابن عيينة الذين لازموه وسمعوا حديثه مراراً، وممن سمع منه قديماً، وكان يغرب عليه أحياناً]: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن شهاب، عن امرأة، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛
قال سفيان: وأخبرني معمر، ويحيى بن سعيد، عن ابن شهاب، عن هند -يعني: ابنة الحارث-، عن أم سلمة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ذات ليلة فرفع رأسه إلى السماء فقال:
…
فذكره.
أخرجه ابن بشران في الأمالي (206 و 207).
• قال الدارقطني في العلل (15/ 253/ 4001): "وكذلك قال أبو عبيد الله المخزومي، وأبو همام، ومحمد بن يحيى بن رزين، عن ابن عيينة".
قلت: وسعيد بن عبد الرحمن أبو عبيد الله المخزومي: ثقة، من أصحاب ابن عيينة، وأبو همام الوليد بن شجاع: ثقة، ومحمد بن يحيى بن رزين المصيصي؛ قال ابن حبان:"دجال، يضع الحديث"، وقال أبو نعيم:"روى موضوعات"، وقال الخطيب:"ذاهب الحديث"[المجروحين (2/ 312)، ضعفاء أبي نعيم (232)، تاريخ بغداد (15/ 181 - ط. الغرب)، اللسان (7/ 576)].
ج- ورواه محمد بن أبي عمر العدني [ثقة، لازم ابن عيينة، وكانت فيه غفلة]، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد، عن الزهري، عن أم سلمة؛ ومعمر، عن الزهري، عن هند، عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة:
…
فذكر الحديث.
أخرجه ابن حبان (2/ 466/ 691 - ترتيب ابن بلبان)[وفيه زيادة مقحمة] (5/ 363/
4554 -
التقاسيم والأنواع)، والطبراني في الكبير (23/ 356/ 835)، وفي الأوسط (2/ 962/ 1273) [ولعله وقع فيه وهم لشيخ الطبراني فزاد في إسناد ابن أبي عمر عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزهري: هند بنت الحارث، وروايته عند ابن حبان بدونها]، [الإتحاف (18/ 221/ 23589)].
• تابع ابنَ أبي عمر عليه به هكذا: الحميدي [ثقة حافظ، إمام فقيه، من أثبت أصحاب ابن عيينة، وهو راويته]، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد، عن الزهري، عن أم سلمة؛ وحدثناه معمر، عن الزهري، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة به مرفوعًا.
أخرجه الحميدي (294). ومن طريقه: ابن عبد البر في التمهيد (23/ 448).
رواه ابن عبد البر من طريق: محمد بن إسماعيل الترمذي [وهو: ثقة حافظ]، قال: حدثني الحميدي به.
• ورواه الحاكم (4/ 509)(10/ 364/ 8763 - ط. الميمان) في مستدركه من طريق الحميدي، لكنه أثبت هنداً في إسناد الثلاثة سواء، فقال: حدثني علي بن حمشاذ العدل [ثقة متقن، حافظ إمام. تذكرة الحفاظ (3/ 855)، السير (15/ 398)، تاريخ الإسلام (25/ 165)]: ثنا بشر بن موسى [البغدادي الأسدي، راوي مسند الحميدي: ثقة نبيل. الجرح والتعديل (2/ 367)، سؤالات السلمي (74)، تاريخ بغداد (7/ 86)، السير (13/ 352)]: ثنا الحميدي: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد، ومعمر، عن ابن شهاب، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، فوهم في استدراكه على البخاري.
وهذا وهم؛ لا أدري أهو من الحاكم أم من غيره؟ فإن بشر بن موسى قد رواه في مسند الحميدي كما رواه أبو إسماعيل الترمذي بإسقاط هند من إسناد عمرو بن دينار ويحيى بن سعيد، والله أعلم.
د- ورواه أبو خيثمة زهير بن حرب [ثقة ثبت متقن]: حدثنا ابن عيينة، وإسماعيل بن إبراهيم، عن معمر، عن الزهري، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة قالت:
…
فذكر الحديث.
أخرجه أبو يعلى (12/ 421/ 6988).
وذكر الدارقطني في العلل (15/ 252/ 4501) الاختلاف على ابن عيينة بأوسع من ذلك، والحاصل عندي من هذا الاختلاف أنه من ابن عيينة نفسه، لا سيما وجلُّ رواته عنه ثقات، وإخراج البخاري للحديث من طريق صدقة الموصولة له فيها وجه، فمان صدقة لم ينفرد بهذا الوجه عن ابن عيينة، ثم إن البخاري لم يحتج بهذا الطريق على انفراده، بل اعتماده في ذلك على حديث معمر وشعيب عن الزهري، والله أعلم.
هـ- ورواه عبد الله بن نمير [ثقة]، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن شهاب الزهري، عن امرأة من قريش؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة فنظر إلى أفق السماء، فقال:
…
فذكره.
أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (987). ومن طريقه: ابن عبد البر في التمهيد 131/ 204) و (23/ 447).
و- ورواه مالك بن أنس [رأس المتقنين، وكبير المتثبتين]، عن يحيى بن سعيد، عن ابن شهاب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من الليل فنظر في أفق السماء، فقال:
…
فذكر نحوه.
أخرجه مالك في الموطأ (2/ 2653/500).
قال ابن عبد البر: "لم يقمه يحيى بن سعيد، وإنما يرويه ابن شهاب عن هند بنت الحارث عن أم سلمة"[وانظر: المسالك شرح الموطأ (7/ 291)].
ز- ورواه يعقوب بن محمد الزهري [ضعيف، وهاه أحمد وأبو زرعة. التهذيب (4/ 447)، الميزان (4/ 454)]: حدثني عبد الله بن يعقوب بن إسحاق مولى معاوية [مجهول]: حدثنا يحيى بن سعيد، عن الزهري، قال: أتت عليَّ امرأةٌ من المهاجرات، قد جعلت درعها في كمها خوفاً تخرج منها أصابعها، فحدثتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة".
أخرجه ابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (408).
° والحاصل: فإن هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري في صحيحه، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم وأبو موسى المديني، والعمدة فيه على رواية أثبت الناس في الزهري: معمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، ومن تابعهما، بإثبات هند بنت الحارث في إسناد هذا الحديث، والله أعلم.
° قال الدارقطني في العلل (15/ 254/ 4001) بعدما أطال في ذكر الاختلاف فيه على سفيان بن عيينة: "والحديث حديث هند".
° فائدة: قال ابن بطال في شرح البخاري (9/ 116): "ألا ترى قول الزهرى: وكانت هند لها أزرار فى كميها بين أصابعها، وإنما فعلت ذلك لئلا يبدو من سعة كميها شيء من جسدها، فتكون وإن كانت ثيابها غيرَ واصفة لجسدها داخلة في معنى قوله: كاسية عارية"[وانظر في وجوه معنى كاسية عارية: الفتح لابن حجر (13/ 23)، وقد ذكر منها خمسة أوجه].
وقال أيضًا (10/ 14): "ودل حديث أم سلمة على الوجه الذي يكون به الفساد، وهو ما يفتح الله عليهم من الخزائن، وأن الفتن مقرونة بها، ويشهد لذلك قول الله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)} [العلق: 6، 7]، فمن فتنة المال ألا ينفق في طاعة الله، وأن يمنع منه حق الله، ومن فتنته السرف في إنفاقه ألا ترى قوله صلى الله عليه وسلم: "رب كاسية فى الدنيا عارية في الآخرة"، قال المهلب: فأخبر أن فيما فتح من الخزائن فتنة
الملابس، فحذر صلى الله عليه وسلم أزواجه وغيرهن أن يُفتنَّ في لباس رفيع الثياب التى يفتن النفوس فى الدنيا رقيقها وغليظها، وحذرهن التعري يوم القيامة منها ومن العمل الصالح، وحضهن بهذا القول أن يقدِّمن ما يفتح عليهن من تلك الخزائن للآخرة وليوم يحشر الناس عراةً، فلا يكسى إلا الأول فالأول في الطاعة والصدقة والإنفاق فى سبيل الله، فمن أراد أن تسبق إليه الكسوة فليقدمها لَاخرته، ولا يذهب طيباته فى الدنيا، وليرفعها إلى يوم الحاجة".
6 -
حديث أبي هريرة:
روى أبو عوانة، عن أبي بشر، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: صلاة الليل".
أخرجه مسلم (1163/ 202)، وأبو عوانة (2/ 232/ 2959)، وأبو داود (2429)، والترمذي (438 و 740)، وقال:"حسن صحيح". والنسائي في المجتبى (3/ 206/ 1613)، وفي الكبرى (2/ 120/ 1314) و (3/ 253/ 2919)، والدارمي (1910 - ط. البشائر)، وابن حبان (8/ 398/ 3636)، وأحمد (2/ 344)، وابنه عبد الله في زياداته على الزهد (23)، وإسحاق بن راهويه (277)، وعبد بن حميد (1423)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (58 - مختصره)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(193)، والَاجري في فضل قيام الليل (3)، وابن شاهين في فضائل الأعمال (558)، والبيهقي في السنن (4/ 290)، وفي الشعب (6/ 297/ 3495 - ط. الأوقاف القطرية) و (6/ 298/ 3496 - ط. الأوقاف القطرية)، وفي فضائل الأوقات (230)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 210)، والشجري في الأمالي الخميسية (1788 - ترتيبه)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 35/ 923) و (6/ 341/ 1788)، وقال:"صحيح". وغيرهم. [التحفة (9/ 58/ 12292]، الإتحاف (14/ 463/ 18006 و 18007)، المسند المصنف (31/ 605/ 14599)].
• خالفه: شعبة [وعنه: عبد الله بن المبارك]، فرواه عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية؛ أنه سمع حميد بن عبد الرحمن، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة بعد الفريضة: قيام الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان: المحرم".
أخرجه ابن المبارك في الزهد (1214). ومن طريقه: النسائي في المجتبى (/ 3/ 207 1614)، وفي الكبرى (2/ 121/ 1315)، [التحفة (9/ 58/ 12292)، المسند المصنف (31/ 605/ 14599)].
قال النسائي: "أرسله شعبة بن الحجاج".
قلت: وهذا الحديث مما انتقده الدارقطني على مسلم فأخطأ، حيث قال في التتبع (26):"أخرج مسلم حديث أبي عوانة، عن أبي بشر، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان المحرم".
قال: خالفه شعبة؛ رواه عن أبي بشر، عن حميد الحميري مرسلاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
وقد خالف الدارقطني نفسه في ذلك؛ حين قال في العلل (9/ 90/ 1656) بعد ذكر حديث عبد الملك بن عمير الآتي: "ورواه أبو بشر جعفر بن إياس، عن حميد الحميري، واختلف عنه:
فأسنده أبو عوانة، عن أبي بشر، عن حميد الحميري، عن أبي هريرة.
وخالفه شعبة؛ فرواه عن أبي بشر، عن حميد بن عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا.
ورفعه صحيح"، قلت: يعني تصحيح الموصول، في مقابل الإرسال، فإنه لم يقل أحد من الرواة بوقفه.
* قلت: قد ثبت موصولاً من وجه آخر:
فقد رواه أيضًا: أبو عوانة، وتابعه: جرير بن عبد الحميد، وزائدة بن قدامة، وأبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي [وهؤلاء أربعة من الثقات الأثبات]، وسفيان الثوري [ولا يثبت من حديثه]، وعكرمة بن إبراهيم [الأزدي الموصلي، وهو: ليس بشيء، منكر الحديث. اللسان (5/ 460)، والراوي عنه: الهيثم بن حبيب الخراساني: متهم بالوضع، التهذيب (4/ 295)، اللسان (8/ 354)]:
عن عبد الملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سئل إيُّ الصلاة أفضل بعد المكتوبة، وأيُّ الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال:"أفضل الصلاة بعد المكتوبة: الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان: شهر الله المحرم". لفظ جرير.
ولفظ زائدة: عن عبد الملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن أبي هريرة، قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: "الصلاة في جوف الليل"، قال: فأي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: "شهر الله الذي تدعونه المحرم".
ولفظ أبي عوانة [عند أحمد]: عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أفضل الصلاة بعد المفروضة: [الـ] صلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان: شهر الله الدي تدعونه المحرم".
ولفظ شيبان [عند أبي يعلى] مرفوعًا: "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".
أخرجه مسلم (1163/ 203)، وأبو عوانة (2/ 30/ 2201) و (2/ 225/ 2935)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (3/ 242/ 2649) و (3/ 243/ 2650 - 2652)، والنسائي في الكبرى (3/ 253/ 2917 و 2918)، وابن ماجه (1742)، والدارمي (1620 و 1909 - ط. البشائر)، وابن خزيمة (2/ 176/ 1134) و (3/ 282/ 2076)، وابن حبان (6/ 302 - 303/ 2563)، والحاكم (1/ 307)(2/ 75/ 1168 - ط. الميمان)، وأحمد (2/ 303
و 329 و 342 و 535]، وإسحاق بن راهويه (276)، وابن أبي شيبة (2/ 300/ 9226)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (237)، والبزار (16/ 301/ 9515)، وأبو يعلى (11/ 280/ 6392) و (11/ 282/ 6395)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 393/ 418) و (3/ 389/ 685 و 686)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 147/ 2558)، والطحاوي في المشكل (3/ 292/ 1255)، وابن أبي ثابت في الأول من حديثه (14)، والآجري في فضل قيام الليل (3)، والبيهقي في السنن (3/ 4) و (4/ 291)، وفي الشعب (5/ 392/ 2826 - ط. الأوقاف القطرية) و (6/ 298/ 3496 - ط. الأوقاف القطرية)، وفي فضائل الأوقات (231)، وأبو القاسم الحنائي في فوائده (136)، والشجري في الأمالي الخميسية (1594 - ترتيبه)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 404/ 1878)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (2/ 115 - 116/ 478)، وقال:"صحيح". وابن عساكر في تاريخ دمشق (20/ 274)، [التحفة (9/ 58/ 12292]، الإتحاف (14/ 463/ 18006 و 18007)، المسند المصنف (31/ 605/ 14599)].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، فوهم في استدراكه على مسلم.
° وهذا الحديث قد صححه مسلم، والترمذي، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبغوي، والجوزقاني.
فهذا أبو عوانة قد رواه بالوجهين، مرة عن عبد الملك بن عمير، ومرة عن أبي بشر، وقد تابعه على الوجه الأول: زائدة، وجرير، وشيبان، وخالفه في الوجه الثاني: شعبة، فأرسله، وهو تقصير منه، فقد جزم جماعة من الأئمة النقاد بتصحيح المتصل، وهو الصواب؛ ومما يدل على أن أبا عوانة قد حفظه على الوجهين، وأنه لم يحمل أحدهما على الآخر: اختلاف متن الحديث عنده من كلا الطريقين.
وقول أبي عوانة في وصل الحديث مقدَّم على إرسال شعبة من وجه آخر، فإنَّ أبا عوانة: ثقة ثبت، تقبل زيادته، لا سيما مع صحة كتابه وضبطه، والقرائن تدل على أنه رواه من كتابه لا من حفظه، حيث رواه بإسنادين مختلفين، ومتنين متغايرين في اللفظ، قال عبد الرحمن بن مهدي:"كتاب أبي عوانة أثبت من حفظ هشيم"، وقال يحيى بن سعيد القطان:"ما أشبه حديثه بحديثهما"؛ يعني: أبا عوانة بسفيان وشعبة، وفي كتاب الخطيب:"ما كان أشبه حديث أبي عوانة بحديث شعبة وسفيان"، وقال القطان أيضًا:"أبو عوانة من كتابه: أحبُّ إليَّ من شعبة من حفظه"، وقال عفان:"كان أبو عوانة صحيح الكتاب، كثير العَجم والنقط، وكان ثبتاً، وأبو عوانة في جميع حاله: أصح حديثاً عندنا من هشيم"، وسئل عفان عن شعبة وأبي عوانة، فقال:"كان شعبة يحذف الأحاديث، وكان أبو عوانة يكتبها بأصولها"، وقال أحمد بن حنبل:"إذا حدث أبو عوانة من كتابه فهو أثبت، وإذا حدث من غير كتابه فربما وهم" [المعرفة والتاريخ (2/ 168)، الجرح والتعديل (9/ 40)،
تاريخ بغداد (15/ 640 - ط. الغرب) و (16/ 136 - ط. الغرب)، تاريخ الإسلام (4/ 773 - ط. الغرب)، إكمال مغلطاي (12/ 218)، التهذيب (4/ 308)].
• وقد وهم في إسناد هذا الحديث أيضًا:
عبيد الله بن عمرو الرقي [ثقة]، فرواه عن عبد الملك بن عمير، عن جندب بن سفيان البجلي [وهو: جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي]، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أفضل الصلاة بعد المفروضة: الصلاة في جوف الليل، وإن أفضل الصيام بعد شهر رمضان: شهر الله الذي تدعونه المحرم".
أخرجه النسائي في الكبرى (3/ 252 - 253/ 2916)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (406)، والروياني (970)، وابن جرير الطبري (4/ 90/ 3997 - إتحاف المهرة)، والطبراني في الكبير (2/ 170/ 1695)، وفي الأوسط (6/ 281/ 6417)، وابن بشران في الأمالي (583 و 1385)، والبيهقي (3/ 4) و (4/ 291)، والخطيب في الموضح (2/ 257)، والشجري في الأمالي الخميسية (1595 - ترتيبه)، [التحفة (2/ 597/ 3266)، الإتحاف (4/ 90/ 3997)، المسند المصنف (7/ 170/ 3563)].
قال أبو حاتم: "أخطأ فيه عبيد الله، الصواب: ما رواه زائدة وغيره، عن عبد الملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن، منهم من يقول: عن أبي هريرة، ومنهم من يرسله، يقول: حميد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والصحيح متصل: حميد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم[العلل (751)].
وقال أبو زرعة: "هكذا رواه عبيد الله بن عمرو، ورواه زائدة، وأبو عوانة، وجرير، عن عبد الملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح"[العلل (770)].
وقال البزار (16/ 302): "وهذا الحديث هكذا رواه أبو عوانة وزائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، وهو الصواب.
ورواه عبيد الله بن عمرو، عن عبد الملك بن عمير، عن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يحفظ عبيد الله بن عمرو، والحديث لزائدة ولأبي عوانة".
وقال الدارقطني في العلل (13/ 479/ 3370): "يرويه عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد الملك، عن جندب، ووهم فيه.
والمحفوظ: عن عبد الملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة".
وقال في موضع آخر (9/ 89/ 1656): "رواه عبد الملك بن عمير، واختلف عنه:
فرواه زائدة بن قدامة، وأبو حفص الأبار، والثوري، وشيبان، وأبو حمزة، وأبو عوانة، وعبد الحكيم بن منصور، وعكرمة بن إبراهيم، وجرير بن عبد الحميد، عن
عبد الملك، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
وخالفهم: عبيد الله بن عمرو الرقي، رواه عن عبد الملك بن عمير، عن جندب بن سفيان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووهم فيه، والذي قبله أصح عن عبد الملك".
قلت: لم يُعرف الحديث عن سفيان الثوري، ولا عن أبي حمزة السكري؛ إنما هو مشهور عن أبي عوانة وزائدة وجرير، لذا جرى ذكرهم على السُّنَّة الحفاظ.
وقال المزي في التحفة: "الصحيح: حديثه عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن أبي هريرة".
وقال ابن حجر في الإتحاف: "صححه [يعني: ابن جرير الطبري]، وفيه نظر، فإنَّ عبيد الله بن عمرو تفرد به، وخالفه أبو عوانة وزائدة وغير واحد، فرووه: عن عبد الملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، من هذا الوجه أخرجه مسلم".
* قال ابن صاعد: "حميد بن عبد الرحمن الحميري: بصري، رجل من التابعين، ليس هو ابن عوف"[الزهد لابن المبارك].
قلت: وهو كما قال، كما ورد منسوبًا في إسناد هذا الحديث، ووهم من قال: هو ابن عوف. وانظر: الجمع بين الصحيحين للحميدي (3/ 322)، شرح مسلم للنووي (1/ 143) و (8/ 55)، التوضيح لابن الملقن (3/ 74).
قال ابن حجر في النكت الظراف (9/ 336 - حاشية التحفة) تعليقاً على ما وقع في سنن النسائي: "وقوله: ابن عوف؛ وهمٌ من غير النسائي، وقد رواه غير ابن السني فلم يقل فيه: ابن عوف، ونسبه مسلم في روايةٍ: الحميري".
° فإنَّ قيل: فإن هذا الحديث لا يصح لانقطاعه بين حميد بن عبد الرحمن الحميري، وبين أبي هريرة، وقد نص مسلم على ذلك في مقدمته.
فيقال: قال مسلم في المقدمة: "
…
، وأسند حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأحاديث، فكل هؤلاء التابعين الذين نصبنا روايتهم عن الصحابة الذين سميناهم لم يحفظ عنهم سماع علمناه منهم في رواية بعينها، ولا أنهم لقوهم في نفس خبر بعينه، وهي أسانيد عند ذوي المعرفة بالأخبار والروايات من صحاح الأسانيد، لا نعلمهم وهنوا منها شيئًا قط، ولا التمسوا فيها سماع بعضهم من بعض، إذ السماع لكل واحد منهم ممكن من صاحبه غير مستنكر، لكونهم جميعًا كانوا في العصر الذي اتفقوا فيه".
قلت: وليس في ذلك حجة على ضعف الحديث وانقطاعه، فإن مسلمًا وإن لم يثبت له السماع في حديث بعينه، ولكنه نقل لنا عن ذوي المعرفة بالأخبار والروايات تصحيح هذا الإسناد وقبوله، وعدم توهينه، وهو كما قال، وإلا لما أورده في صحيحه محتجاً به، وإدراك حميد بن عبد الرحمن الحميري لأبي هريرة ممكن غير مدفوع؛ فإنه قد لقي
عبد الله بن عمر وسمع منه، فقد أخرج مسلم في أول كتاب الإيمان (8)، قال: حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب: حدثنا وكيع، عن كهمس، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري -وهذا حديثه-: حدثنا أبي، حدثنا كهمس، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجَّين، أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوُفِّقَ لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي، أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله،
…
فذكر حديث عمر بن الخطاب في الإسلام والإيمان والإحسان [التحفة (7/ 257/ 10572)، ويأتي عند أبي داود برقم (4695 - 4697) إن شاء الله تعالى]، وابن عمر توفي في آخر سنة (73) أو أول التي تليها [وله في مسلم موضع ثالث برقم (1628/ 8)، سمع فيه من ثلاثة من ولد سعد بن أبي وقاص]، وقد روى حميد أيضًا عن أبي بكرة [عند البخاري (1741)، ومسلم (1679/ 31)، والنسائي في الكبرى (5/ 365/ 5819)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 210/ 1567)، قال ابن أبي عاصم: "والرجل: حميد بن عبد الرحمن الحميري، سماه أبو عامر وغيره عن قرة، ولم يسمه يحيى بن سعيد". التحفة (11671 و 11682)، علل الدارقطني (7/ 152/ 1265)، المدرج للخطيب (2/ 747)، التعديل والتجريح (2/ 504)، الفتح لابن حجر (1/ 341) و (13/ 27)]، وأبو بكرة نفيع بن الحارث الثقفي توفي سنة إحدى أو اثنتين وخمسين بالبصرة، وقد سمع حميد من ابن عباس بالبصرة [مسند أبي داود الطيالسي (26)، طبقات ابن سعد (3/ 353)، مسند أحمد (1/ 46)، أخبار المدينة لابن شبة (2/ 76 و 80 و 81)، مشكل الآثار (13/ 229)]، وتوفي ابن عباس سنة (68)، وأما أبو هريرة فقد كانت وفاته بين سنة (57 - 59).
• ومما يدل على تقدم سن حميد الحميري، وفضله في العلم:
أنه قد روى عنه جماعة من الطبقة الوسطى من التابعين، مثل: محمد بن سيرين (ت 110)، وهو مشهور بالرواية عن أبي هريرة، وقد أثنى على حميد، فقال:"كان حميد بن عبد الرحمن أفقه أهل البصرة قبل موته بعشر سنين"، وفي رواية:"كان حميد أعلم أهل المصرين [يعني: البصرة والكوفة] قبل أن يموت بعشرين سنة"[طبقات ابن سعد (7/ 147)، تاريخ ابن معين للدوري (4/ 241/ 4156)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 598/ 3837)، التاريخ الكبير (2/ 346)، معرفة الثقات (363)، المعرفة والتاريخ (2/ 68)، تهذيب الكمال (7/ 383)، السير (4/ 293)].
ومثل: محمد بن المنتشر بن الأجدع، وهو مشهور بالرواية عن عائشة [في الصحيحين]، وعن ابن عمر [عند مسلم].
ومثل: عبد الله بن بريدة، وهو مشهور بالرواية عن أبيه بريدة، وسمرة بن جندب،
وابن عباس، وابن عمر، وعمران بن حصين، وعبد الله بن مغفل المزني، وأبي هريرة، وعائشة، وغيرهم من الصحابة.
كما أن حميداً كان يجالس الحسن البصري، وإن كان أكبر سنًا من الحسن [انظر: المعرفة والتاريخ (2/ 67 و 68)]، وكان من فقهاء أهل البصرة وعلمائهم، ممن كان يُرجَع إلى رأيه في النوازل [مشاهير علماء الأمصار (667)، السير (4/ 293)].
كما أن ابنه عبيد الله قد سمع من عامر بن شراحيل الشعبي، وهو: تابعي من الطبقة الثالثة [التاريخ الكبير (5/ 377)، سنن أبي داود (3524)].
فكيف لم يسمع حميد من أبي هريرة؟! مع تقدمه في السن، وقد روى عنه بعض أصحاب أبي هريرة، ومع كونه كان يحج ويعتمر فيلتقي بأبي هريرة وغيره من الصحابة، وكانت وفاته بعد سنة ثمانين على ما قاله خليفة في الطبقات (204) [وانظر: تاريخ الإسلام (6/ 53 و 338)]، ويستأنس على اتصاله أيضًا بقول أبي حاتم السابق نقله:"والصحيح متصل: حميد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم"[العلل (751)]، بل قد جزم الخطيب البغدادي بسماع حميد من أبي هريرة وابن عباس [المتفق والمفترق (1/ 712)].
فهو من كبار الطبقة الوسطى من التابعين، أو من صغار الطبقة الأولى منهم، وهو أكبر سنًا وطبقةً من ابن سيرين والحسن البصري، وقد عدَّه النسائي في الطبقة الأولى من التابعين من فقهاء أهل البصرة، وقرنه بمطرف بن عبد الله بن الشخير، بعد الصحابة مباشرة، وعدَّ الحسن وابن سيرين في الطبقة التي تليها [تسمية فقهاء الأمصار (78)]، بينما عده مسلم في الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة، في طبقة الحسن وابن سيرين [طبقات مسلم (1736)]، وتصرف النسائي أقرب للصواب، وهو لم يدرك كبار الصحابة، قال أبو زرعة:"وحميد بن عبد الرحمن: لم يلق أبا بكر، ولم يقارب لقاءه"[العلل (2104)].
وقد حدَّث عنه أبو التياح يزيد بن حميد الضبعي [تابعي، من الطبقة الصغرى] بحديث سمعه منه قبل خمسين سنة من حين حدث به [علل ابن أبي حاتم (2104)].
ولعله لهذه القرائن وغيرها قال الخطيب في ترجمته من المتفق والمفترق (1/ 712): "حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري: سمع أبا هريرة، وعبد الله بن عباس".
ثم كيف يُدَّعى تفرده بهذا الحديث، وأنه لم يتابع على ما جاء به؟! أما فضل صلاة الليل، ففيه أحاديث عدة، منها ما ذكرنا في هذا الباب، ومنها ما يأتي ذكره لاحقاً إن شاء الله تعالى، وأما فضل صيام المحرم، فلكونه متضمناً لصيام عاشوراء، وكان قد فرض الله صيامه على الناس قبل فرض صيام رمضان، فكيف لا يكون الصيام في شهر الله المحرم يأتي في المرتبة الثانية بعد صيام شهر رمضان؛ وقد كان الصوم فيه فرضاً قبل فرضه في رمضان.
فقد أخرج الشيخان من حديث: هشام بن عروة، عن أبيه، أن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة
صامه، وأمر بصيامه، فلما فرض [شهر] رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه [البخاري (2002). ومسلم (1125). ويأتي تخريجه عند أبي داود برقم (2442)][والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ليس هذا موضع إيرادها].
وهذا فضلاً عن كون شهر الله المحرم هو الشهر الذي نجى الله فيه موسى، في يوم عاشوراء منه، وهذا ثابت في الصحيحين من حديث ابن عباس.
فقد روى الشيخان من حديث: سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسئلوا عن ذلك؟ فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، فنحن نصومه تعظيماً له، [وفي رواية: فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"نحن أولى بموسى منكم"، فأمر بصومه [وفي رواية: فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامه] [البخاري (2004)، ومسلم (1130)، ويأتي تخريجه في السنن برقم (2444) إن شاء الله تعالى].
* بل قد جزم ابن عباس بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيامه ويفضله على غيره:
فقد روى الشيخان من حديث: عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرَّى صيام يومٍ فضَّله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء، وهذا الشهر؛ يعني: شهر رمضان.
وفي رواية: سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يومًا يَطلُب فضلَه على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهراً إلا هدا الشهر؛ يعني: رمضان. [البخاري (2006)، ومسلم (1132)].
وعلى هذا فالصوم في شهر الله المحرم يوم عاشوراء مما اجتمع عليه أهل الكتاب، وقريش في الجاهلية، وصامه موسى عليه السلام، وصامه نبينا صلى الله عليه وسلم، وأمر المسلمين بصيامه.
وعلى هذا فلا يحمل الحديث على ظاهره من إرادة صوم شهر المحرم كله، فهو من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، وإنما أراد التنبيه على ما اشتمل عليه هذا الشهر من أيام فاضلة حث الشرع على صيامها، ومنها صيام التاسع والعاشر من المحرم، فضلاً عن بقية الأيام التي يشرع صيامها، وعليه فللصوم في شهر المحرم فضل على غيره من الشهور، بنص هذا الحديث مع الاقتران بفضل صوم عاشوراء، والله الموفق للصواب.
° قال ابن هبيرة في الإفصاح (8/ 215): "وأرى في هذا الحديث إشارة إلى أنه لما كان القتال محرماً في المحرم، وكان انتهاز وقته للصوم فرصة؛ من أجل أن أوقات إباحة القتال لا يقتضي أن يكون المؤمن فيها صائماً؛ لما يضعف الصوم أهله، وكان ذلك في المحرم؛ ولأن القتال ربما أدى إلى السباب، والصائم مأمون بترك السباب، ولذلك جاء في الحديث في الصائم: "فإن امرؤ قاتله فليقل: إني صائم"".
7 -
حديث عبد الله بن عمر:
روى سفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد، ومعمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة
[وهم من ثقات أصحاب الزهري]، وعقيل بن خالد [ثقة ثبت؛ لكن في الإسناد إليه مقال]، والنعمان بن راشد [ليس بالقوي]:
عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن؛ فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً؛ فهو ينفقه أناء الليل وآناء النهار".
أخرجه البخاري في الصحيح (5025 و 7529)، وفي خلق أفعال العباد (656)، ومسلم (815)، واللفظ له. وأبو عوانة (2/ 468/ 3854 - 3859)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 410/ 1845 و 1846)، والترمذي (1936)، وقال:"حسن صحيح". وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(6/ 1533/415)، والنسائي في الكبرى (7/ 280/ 8018)، وابن ماجه (4209)، وابن حبان (125 و 126)، وأحمد (2/ 9 و 36 و 88 و 152)، وابن المبارك في الزهد (1203)، وفي المسند (58)، وعبد الرزاق (3/ 360/ 5974)، والحميدي (629)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (121)، وابن أبي شيبة (6/ 153/ 30281)، وعبد بن حميد (729)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 47)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (42 - مختصره)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (97 - 100)، وأبو يعلى (9/ 291/ 5417) و (9/ 365/ 5478) و (9/ 401/ 5543)، والروياني (1389 م)، والطحاوي في المشكل (1/ 400/ 459 و 460)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (730)، والكلاباذي في بحر الفوائد (1/ 135)، وابن منده في التوحيد (711)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1712/ 4314)، وفي الحلية (2/ 195)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (452 - 454)، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي في فضائل القرآن (57 - 59)، والبيهقي في السنن (4/ 188)، وفي الشعب (4/ 146/ 1819)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 119)، وفي جامع بيان العلم (62)، والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 432) و (7/ 84)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده المهروانيات بتخريج الخطيب البغدادي (7)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 432/ 1176) و (13/ 115/ 3537)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 56/ 1144)، وعبد الخالق بن أسد في معجمه (197)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 34) و (37/ 332)، وفي المعجم (321 و 671)، وغيرهم كثير. [التحفة (5/ 110/ 6815) و (5/ 124/ 6852) و (5/ 175/ 7010)، الإتحاف (8/ 379/ 9598)، المسند المصنف (16/ 248/ 7668)][راجع: تخريج أحاديث الذكر والدعاء (16)].
• وانظر له طرقاً أخرى في بعضها مقال، أو فيمن وهم على الزهري في إسناده: انظر ما أخرجه أحمد (2/ 133). وبحشل في تاريخ واسط (238). والطحاوي في المشكل (1/ 400/ 461)، وأبو جعفر ابن البختري في الرابع من حديثه (226)(470 - مجموع مصنفاته)، والسهمي في تاريخ جرجان (313)، وأبو العباس الأصم في جزء من
حديثه (8 - رواية أبي بكر النيسابوري)، والطبراني في الكبير (12/ 296/ 13162) و (12/ 363/ 13351)، وفي الأوسط (3/ 126/ 2688)، وابن عدي في الكامل (1/ 300)، والدارقطني في العلل (9/ 128/ 1672)، وفي الأفراد (2/ 275/ 5107 - أطرافه)، وتمام في الفوائد (400)، وأبو موسى المديني في اللطائف (559). وانظر أيضًا: علل الدارقطني (13/ 39/ 2930).
8 -
حديث عبد الله بن سلام:
رواه يحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن المبارك، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وابن أبي عدي، وهشيم بن بشير، وسعيد بن عامر، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، والنضر بن شميل، وغندر محمد بن جعفر، ومروان بن معاوية الفزاري، وعبد الله بن يزيد المقرئ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وعبد الوهاب بن عطاء، وهوذة بن خليفة، وعثمان بن الهيثم المؤذن، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي [وهم ثقات]، ومعاذ بن عوذ الله [بصري، مستقيم الحديث. الثقات (9/ 178)، تاريخ الإسلام (5/ 459 - ط. الغرب)]، وغيرهم:
عن عوف بن أبي جميلة، عن زرارة بن أوفى، عن عبد الله بن سلام [وفي رواية أبي أسامة: حدثني عبد الله بن سلام]، قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، وقيل: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت في الناس لأنظر إليه، فلما استبنت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء تكلم به أن قال:"يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، [وصلوا الأرحام]، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام".
أخرجه الترمذي (2485)، وابن ماجه (1334 و 3251)، والدارمي (1604 و 2835 - ط. البشائر)، والحاكم (3/ 13) و (4/ 160)، والضياء في المختارة (9/ 431 - 433/ 399 - 404)، وأحمد (5/ 451)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الخطب والمواعظ (10)، وابن سعد في الطبقات (1/ 235)، وابن أبي شيبة (2/ 217/ 25389) و (5/ 248/ 25740) و (7/ 257/ 35847)، ومحمد بن الحسين البُرجلاني في الكرم والجود (54)، وعبد بن حميد (496)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 108)، وفي مشيخته (8)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (6)، وابن أبي عاصم في الأوائل (79)، وابن نصر في قيام الليل (53 - مختصره)، وابن المنذر فى الإقناع (2/ 647/ 219)، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الأول من أماليه (42)، وابن قانع في المعجم (2/ 132)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(1142)، والطبراني في الكبير (14/ 336/ 14968)، وفي مكارم الأخلاق (153)، وفي الأوائل (34)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (215)، وأبو هلال العسكرى في الأوائل (117)، وتمام في الفوائد (1066 و 1067)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1665/ 4170)، وابن بشران في
الأمالي (181)، والقضاعي في مسند الشهاب (719)، والبيهقي في السنن (2/ 502)، وفي الشعب (5/ 559/ 3090) و (13/ 9/ 8375)، وفي الآداب (74)، وفي الدلائل (2/ 531 و 532)، وابن البطر في فوائده (18)، والشجري في الأمالي الخميسية (986 - ترتيبه)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 40/ 926)، وفي الشمائل (58)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (1/ 264/ 409) و (3/ 63/ 2079)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 104 - 106)، وفي المعجم (1339)، وغيرهم. [التحفة (4/ 246/ 5331)، الإتحاف (6/ 676/ 7179)، المسند المصنف (11/ 304/ 5366)].
قال الترمذي: "هذا حديث صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وقال في الموضع الثاني:"هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".
قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي، وسئل: هل سمع زرارة من عبد الله بن سلام؟ قال: ما أُراه، ولكن يدخل في المسند، وقد سمع زرارة من عمران بن حصين، ومن أبي هريرة، ومن ابن عباس، قلت: ومن أيضًا؟ قال: هذا ما صح له"[المراسيل (221)].
قلت: انفرد بإثبات السماع في هذا الحديث أبو أسامة حماد بن أسامة، وهو ثقة ثبت، ورواه عنه أبو بكر بن أبي شيبة، وعنه: البخاري في التاريخ الكبير (3/ 439)، وابن ماجه وابن أبي عاصم، وهم جميعاً حفاظ، وقد ذكر البخاري في التاريخ أيضًا من وجه آخر ما يثبت هذا السماع ويؤيده، فقال:"وقال سليمان [يعني: ابن حرب]: عن حماد [يعني: ابن زيد]، عن عوف [يعني: ابن أبى جميلة]، قال: حدثنا زرارة، قال: حدثنا عبد الله بن سلام".
وعلى هذا فإن البخاري يثبت بهذين الإسنادين سماع زرارة بن أوفى من عبد الله بن سلام، والله أعلم.
ولذلك فقد جزم الترمذي بصحة هذا الحديث واتصاله، وهو الصواب، والله أعلم، وأبو حاتم وإن لم يثبت السماع، فإنه لم يقطع بنفيه، بل قال:"ولكن يدخل في المسند"، حملاً له على الاتصال، فرجع إلى قول البخاري؛ بل وهذا هو ما فهمه مسلم من كلام البخاري، فقال في الكنى (931):"أبو حاجب زرارة بن أوفي العامري: سمع أبا هريرة، وتميمًا الداري، وسعد بن هشام، وعبد الله بن سلام"، وقال مغلطاي في إكمال التهذيب (5/ 55) ردّاً على أبي حاتم:"وأبى ذلك البخاري، فذكر سماعه من ابن سلام، وتميم"، والله أعلم.
وعلى هذا: فهو حديث صحيح، رجاله ثقات، سمع بعضهم من بعض.
• وانظر في الأباطيل: ما أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 313/ 5410)[وهو حديث باطل، تفرد به: عمرو بن عبد الغفار الفقيمي، وهو: متروك، منكر الحديث، متهم بالوضع. اللسان (6/ 215)].
* وقد جاء هذا الحديث عن عدد من الصحابة، منهم: أبو هريرة، وأبو مالك الأشعري، وعبد الله بن عمرو، ومعاذ بن جبل، وعلي بن أبي طالب، وأنس بن مالك، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وخولي بن أبي خولي، وابن عمر، وكدير الضبي:
أ - أما حديث أبي هريرة:
فيرويه همام بن يحيى، وحجاج بن حجاج الباهلي الأحول [وهما ثقتان، من طبقة الشيوخ من أصحاب قتادة، وروايتهما عنه في الصحيحين]، وسعيد بن بشير [ضعيف، يروي عن قتادة المنكرات]:
عن قتادة، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة؛ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني إذا رأيتك طابت نفسي، وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء، قال:"كل شيء خلق من الماء"، قال: أنبئني بأمر إذا أخذتُ به دخلتُ الجنة، قال:"أفشِ السلام، وأطعم الطعام، وصلِ الأرحام، وصلِّ والناسُ نيام، ثم ادخل الجنة بسلام".
وفي رواية: "أفش السلام، وأطب الكلام، وصلِ الأرحام، وصلِّ بالليل والناسُ نيام، ثم ادخل الجنة بسلام".
أخرجه الحاكم (4/ 129 و 160)، وأحمد (2/ 295 و 323 - 324 و 324 و 493)، وابن طهمان في مشيخته (65)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (7)، والبزار (17/ 34/ 9547)، وابن أبي حاتم في التفسير (8/ 2451/ 13642)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 60/ 2730)، وأبو طاهر المخلص في الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (282)(1858 - المخلصيات)، وابن منده في التوحيد (64)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 59)، وفي الطب النبوي (2/ 655/ 713)، والبيهقي في الشعب (12/ 109/ 7691) و (13/ 8/ 8374)، وفي الأسماء والصفات (2/ 244/ 808)، [الإتحاف (16/ 274/ 20772) و (16/ 275/ 20773)، المسند المصنف (33/ 279/ 15480)].
هكذا رواه عن همام: عبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، وبهز بن أسد، وعفان بن مسلم، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو داود الطيالسي [وهم ثقات أثبات]، وعبد الله بن رجاء الغداني [صدوق].
• وانظر فيمن وهم في إسناده على همام: ما أخرجه إسحاق بن راهويه (1/ 184/ 133). وعنه: ابن نصر المروزي في قيام الليل (54 - مختصره)، وابن حبان (195 و 743 - التقاسيم والأنواع)(2/ 261/ 508) و (6/ 299/ 2559)[وفي سند مطبوعة الإحسان خطأ في اسم شيخ قتادة].
وأبو ميمونة هذا: ليس هو الفارسي، ولا يسمى، وقد فرق بينهما: البخاري ومسلم وأبو حاتم وأبو أحمد الحاكم [انظر: العلل ومعرفة الرجال (624)، التاربخ الكبير (9/ 74)، الكنى لمسلم (3290)، المنفردات والوحدان (553)، الجرح والتعديل (9/ 447)، التهذيب (4/ 596)].
وقال البرقاني في سؤالاته للدارقطني (593): "سمعت الدارقطني يقول: قتادة عن أبي ميمونة عن أبى هريرة: مجهول، يترك".
وذكر مسلم في الوحدان بأنه قد تفرد عنه قتادة، فهو مجهول؛ لكنه في هذا الحديث لم يرو منكرًا، بل روى متناً معروفاً مستقيماً [انظر: ترجمته مفصلة فيما يأتي تحت الحديث رقم (1378)].
فهو إسناد صالح في المتابعات والشواهد، وهو حديث حسن بشواهده.
• وروي عن أبي هريرة بإسنادين آخرين، لكنهما باطلان [أخرج الأول: أبو محمد الخلال في المجالس العشرة (31)] [وفيه: الربيع بن النعمان؛ روى عن سهيل بن أبي صالح، وتفرد عنه بغرائب وفيه لين. اللسان (3/ 454). والراوي عنه: جبارة بن المغلس، وهو: واهٍ، يروي أحاديث كذب، لا يتعمدها. التهذيب (1/ 288)].
[وأخرج الثاني: الحاكم في المستدرك (4/ 129)][الإتحاف (16/ 268/ 20759)][وفيه: عبيد الله بن أبي حميد الهذلي، وهو: متروك، منكر الحديث، يروي عن أبي المليح عجائب. التهذيب (3/ 8)، والعلاء بن عمرو الحنفي: متروك، روى أحاديث كذب، تاريخ الإسلام (5/ 649 - ط. الغرب)، اللسان (5/ 466)].
ب- وأما حديث أبي مالك الأشعري:
فقد رواه معمر بن راشد [ثقة، من أصحاب يحيى، وقد يهِم عليه]، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق، أو أبي معانق، عن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى والناسُ نيام".
أخرجه معمر في الجامع (11/ 418/ 20883)، ومن طريقه: ابن خزيمة (3/ 306/ 2137)، وابن حبان (2/ 262/ 509)(741 - التقاسيم والأنواع)، وأحمد (5/ 343)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (1/ 318/ 157) و (2/ 578/ 349)، والطبراني في الكبير (3/ 301/ 3466)، والبيهقي في السنن (4/ 300)، وفي الشعب (6/ 394/ 3609)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 40/ 927)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2078)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 205)، [الإتحاف (14/ 361/ 17831)، المسند المصنف (29/ 310/ 13363)].
قال الدارقطني في العلل (13/ 307/ 3186): "يرويه يحيى بن أبى كثير، واختلف عنه؛ فرواه معمر، عن يحيى، عن معانق، عن أبي مالك.
وغيره يرويه عن يحيى، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي ذر، والله أعلم بالصواب".
قلت: قد اشتهر حديث معمر، وتناقله الناس في البلدان، وأخرجه أصحاب الصحاح والمسانيد والمعاجم، بينما لم يصل إلينا حديث أبي ذر مسنداً ولا معلقاً، ولا أُراه إلا
غريباً من حديث يحيى، فضلاً عن كونه جادة مسلوكة، ولم يعين أحدًا ممن رواه على هذه الجادة، وقد أعرض عنه الأئمة، وأصحاب المصنفات الحديثية على اختلاف فنونها، فلا ينبغي أن يعارض بمثله حديث معمر، والله أعلم.
• بل إن حديث زيد بن سلام عن أبي سلام محفوظ من نفس الوجه الذي رواه معمر عن يحيى، متابعاً له في روايته عن أبي معانق عن أبي مالك الأشعري:
• فقد رواه معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام: حدثني أبو سلام: حدثني أبو معانق الأشعري؛ أن أبا مالك الأشعري حدثه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه: "أن في الجنة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأطاب الكلام، وتابع الصلاة والصيام، وقام بالليل والناس نيام".
أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (9/ 3077/ 17408)، والطبراني في الكبير (3/ 301/ 3467)، وفي مسند الشاميين (4/ 115/ 2873) [وسقط من إسناده: أبو سلام]. والخطيب في التاربخ (8/ 202).
وهذا إسناد صحيح إلى أبي معانق الأشعري.
وهذا الحديث في إسناده: أبو معانق عبد الله بن معانق الأشعري، روى عنه جماعة من ثقات التابعين، مثل: أبي سلام ممطور الحبشي، وبسر بن عبيد الله، وشهر بن حوشب، وروى عنه أيضًا: يحيى بن أبي كثير، وهو إمامٌ، كان لا يحدث إلا عن ثقة؛ كما قال أبو حاتم في الجرح (9/ 142)، وقال العجلي:"شامي ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يروي عن أبي مالك الأشعري، وما أُراه شافهه"، وقال ابن خزيمة: "إن صح الخبر؛
…
ولست أعرف ابن معانق، ولا أبا معانق الذي روى عنه يحيى بن أبي كثير"، وقال الدارقطني: "لا شيء، مجهول" [التاريخ الكبير (5/ 194)، معرفة الثقات (974)، الجرح والتعديل (5/ 168)، العلل (142)، الثقات (5/ 36) و (7/ 52)، تاريخ دمشق (33/ 204)، التهذيب (2/ 436)].
قلت: أما الذهبي فقد تعقب الدارقطني في وصف أبي معانق بالجهالة، فقال في تاريخ الإسلام (2/ 962 - ط. الغرب):"أما الجهالة فمعدومة"؛ فأصاب في ذلك؛ وقد تجاهل ابنُ حجر قولَ الدارقطني وأعمل فيه توثيق العجلي، كما أن رواياته مستقيمة، فإن من روى عنه جماعةٌ فيهم يحيى بن أبي كثير الذي كان يضارَع بالزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري؛ فليس بمجهول، ولقد قال شعبة:"يحيى أحسن حديثًا من الزهري"، وقال أحمد:"يحيى من أثبت الناس، إنما يعدُّ مع الزهري ويحيى بن سعيد، وإذا خالفه الزهري؛ فالقول: قول يحيى"[الجرح والتعديل (9/ 141)، تاريخ أسماء الثقات (1595)، تاريخ دمشق (55/ 356)، شرح علل الترمذي (1/ 167)، السير (6/ 28)، تاريخ الإسلام (3/ 557)، التهذيب (4/ 383)]، كما أن يحيى لم يكن يحدث إلا عن ثقة، ورواية جماعة من ثقات التابعين عن أبي معانق مما يقوي أمره، ولذلك فإن القول بتوثيقه هو الأقرب للصواب، والله أعلم.
• فإن قيل: قد روى يحيى بن أبي كثير عن أبي معانق بواسطة أبي سلام، مما يدل على أنه لم يسمع من أبي معانق؟
فيقال: قد روى إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن ابن معانق الدمشقي، عن أبي مالك الأشعري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث:
منها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل الله القتلَ في سبيله صادقاً من نفسه ثم مات أو قتل فله أجر شهيد، ومن جُرح جرحاً في سبيل الله أو نُكب نكبةً فإنها تأتي يوم القيامة كأغزر ما كانت، لونها كالزعفران وريحها ريح المسك، ومن خرج به خراج في سبيل الله كان عليه طابع الشهداء".
ومنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أعد للمجاهدين في سبيل الله مائة درجة، بين كل درجتين ما بين السماء والأرض، ولو كان في يدي ما أتقوَّى به، وأقوي المسلمين، أو بأيديهم ما يتقوون ما انطلقت سرية إلا كنت صاحبها".
ومنها: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن للشهيد عند الله سبع خصال:
…
" فذكر الحديث.
أخرجها إجمالاً: البخاري في التاريخ الكبير (5/ 194)، وابن أبي عاصم في الجهاد (38 و 174 و 182 و 205 و 248)، والطبراني في الكبير (3/ 300/ 3464 و 3465)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 205).
قلت: ولا يثبت عندي هذا الإسناد عن يحيى بن أبي كثير بهذه الزيادة فيه؛ لأجل سعيد بن يوسف الرحبي هذا، فهو: ضعيف [سؤالات ابن محرز (1/ 53/ 30)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (453)، ضعفاء النسائي (274)، الجرح والتعديل (4/ 75)، الثقات (6/ 374)، الكامل (3/ 380)، الميزان (2/ 163)، إكمال مغلطاي (5/ 377)، التهذيب (2/ 52)]، وعلى هذا فالأصل سماع يحيى بن أبي كثير من أبي معانق، والله أعلم.
وأما شبهة الانقطاع الواردة في قول ابن حبان: "يروي عن أبي مالك الأشعري، وما أُراه شافهه"؛ يعني: أن بينهما عبد الرحمن بن غنم [انظر: العلل (142)، الثقات (5/ 36) و (7/ 52)]؛ فهي مدفوعة برواية معاوية بن سلام المصرحة بسماع أبي معانق من أبي مالك، لا سيما وهما جميعًا أشعريان، قال أبو أحمد الحاكم في الكنى، فيمن لا يعرف له اسماً:"أبو معانق الأشعري سمع أبا مالك الأشعري"[تاريخ دمشق (33/ 207)]؛ فأثبت سماعه من أبي مالك، كما أنه قديم الوفاة، فقد وقع في كتاب الصريفيني:"توفي في حدود سنة ست وتسعين"[إكمال مغلطاي (8/ 214)]، وذكره الذهبي في وفيات ما بين (81 - 90)[تاريخ الإسلام (2/ 962 - ط. الغرب)]، والله أعلم.
وقد ذكروا وفاة أبي مالك الأشعري في طاعون عمواس، سنة (18)، وفي ثبوت السماع دليل على أن أبا معانق قد عمَّر حتى أدرك أبا مالك وهو صغير، والله أعلم.
قال الضياء المقدسي في صفة الجنة (56) بعد حديث عبد الله بن عمرو الآتي: "هذا
عندي إسناد حسن، وذكر أبي مالك فيه مما يدل على صحته؛ لأن أبا مالك قد رواه، وإسناده أيضًا حسن" [ونقله عنه: ابن القيم في حادي الأرواح (97)، وابن كثير في النهاية في الفتن (2/ 354)].
وجود إسناده أيضًا: ابن كثير في التفسير (4/ 177 - ت. سامى السلامة).
قلت: فهو حديث صحيح، والله أعلم.
• وقد رواه ابن أبي الدنيا في الصمت وآداب اللسان (303)، بإسناد صحيح إلى: خالد بن يزيد [الجمحي المصري: ثقة]، عن سعيد بن أبي هلال [وهو: صدوق، مصري، نشأ بالمدينة]؛ أنه بلغه عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، قال: إن في الجنة غرفاً يَرى مَن في باطنها مَن في ظاهرها، ومَن في ظاهرها مَن في باطنها، هي لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وصلى بالليل والناس نيام.
وهذا موقوف بإسناد منقطع، لكن مثله لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، فله حكم الرفع، وهي متابعة صالحة للإسناد السابق، والله أعلم.
• فإذا انضاف إلى ذلك شاهده من حديث عبد الله بن عمرو زاده قوة، واطمأنت النفس إلى ثبوت حديث أبي مالك وصحته، والله أعلم.
ج- وأما حديث عبد الله بن عمرو:
فقد رواه ابن لهيعة [ضعيف]: حدثني حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، حدثه عن عبد الله بن عمرو؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها"، فقال أبو موسى الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال: "لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام، وبات لله قائماً والناس نيام".
أخرجه أحمد (2/ 173)، والطبراني في مكارم الأخلاق (167)[ولم يعين فيه السائل]، [الإتحاف (9/ 570/ 11958)، المسند المصنف (17/ 91/ 7974)].
قلت: وقول ابن لهيعة في هذا الحديث: فقال أبو موسى الأشعري؛ وهمٌ، والصواب: أبو مالك الأشعري، كما قال ابن وهب.
• تابعه: ابن وهب [ثقة ثبت]: حدثني حيي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها"، فقال أبو مالك الأشعري: لمن يا رسول الله؟ قال: "لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قانتاً [وفي رواية: قائماً] والناس نيام".
أخرجه الحاكم (1/ 80 و 321)(1/ 191/ 273 - ط. الميمان) و (2/ 103/ 1215 - ط. الميمان)، والطبراني في الكبير (14/ 80/ 14687)، والبيهقي في الشعب (5/ 391/ 2825)، وفي البعث والنشور (818)، [الإتحاف (9/ 570/ 11958)].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا جميعًا بحيي، وهو أبو عبد الرحمن المذحجي صاحب سليمان بن عبد الملك، ويقال: مولاه، ولم يخرجاه".
وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
قلت: هو حديث حسن؛ حيي بن عبد الله المعافري: أخرج له الأربعة، ولم يخرج له الشيخان شيئًا، وهو: منكر الحديث فيما تفرد به، ولم يتابع عليه، وقد يحسن حديثه إذا توبع، وقد قال فيه أحمد:"أحاديثه مناكير"، وقال البخاري:"فيه نظر"، وقال النسائي:"ليس بالقوي"، ومن قواه مثل ابن معين وابن حبان وابن عدي فإنما نظر إلى أحاديثه التي وافق فيها الثقات فحسن القول فيه، وهذا منها [انظر: التهذيب (1/ 510)، الميزان (1/ 624)، سؤالات ابن محرز (1/ 68)، الكامل (2/ 450)] [وانظر الكلام عن هذا الإسناد مفصلاً: الشاهد الخامس تحت الحديث رقم (447)(5/ 349/ 447 - فضل الرحيم)، وتخريج الذكر والدعاء (1/ 423/ 210)].
وهذا الحديث مما توبع عليه حيي في الجملة، ومما يدل على كونه حفظ الحديث؛ أنه ذكر فيه قرينةً تدل على ذلك، وهي أن السائل أبا مالك الأشعري هو راوي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم ذكره قبل قليل، والله أعلم.
قال الضياء المقدسي في صفة الجنة (56): "هذا عندي إسناد حسن، وذكرُ أبي مالك فيه مما يدل على صحته؛ لأن أبا مالك قد رواه، وإسناده أيضًا حسن"[ونقله عنه: ابن القيم في حادي الأرواح (97)، وابن كثير في النهاية في الفتن (2/ 354)].
وجوَّد إسناده أيضًا: ابن كثير في التفسير (4/ 177 - ت. سامي السلامة).
• وقد روي من وجه آخر:
من حديث عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو به مرفوعًا: وقد تفرد بموضع الشاهد في صلاة الليل: عبد الحكيم بن منصور، وهو: متروك، كذبه ابن معين [أخرجه من هذا الوجه: ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (8)].
• وقد رواه جماعة من الثقات من نفس الوجه بدون موضع الشاهد، وفيهم من روى عن عطاء قبل اختلاطه، مثل: زائدة بن قدامة، وهمام بن يحيى، وتابعهما: محمد بن فضيل، وأبو عوانة، وعبد الوارث بن سعيد، وجرير بن عبد الحميد، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وخالد بن عبد الله الواسطي:
رووه عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اعبدوا الرحمن، وأطعموا الطعام، وأفشوا السلام؛ تدخلوا الجنان".
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (981)، والترمذي (1855)، وابن ماجه (3694)، والدارمي (2247 - ط. البشائر)، وابن حبان (2/ 242/ 489) و (2/ 261/ 507)(737 و 894 - التقاسيم والأنواع)، وأحمد (2/ 170 و 196)، وابن أبي شيبة (5/ 248/ 25739)، وعبد بن حميد (355)، والبزار (6/ 383/ 2402)، والطبراني في الكبير (13/ 570/ 14472) و (13/ 571/ 14473)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 287)، [التحفة (6/ 26/ 8641)، الإتحاف (9/ 460/ 11673)، المسند المصنف (17/ 379/ 8212)].
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
قلت: وهو كما قال.
• وأصله في الصحيحين من وجه آخر، وبدون موضع الشاهد أيضًا، ولفظه: أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف"[أخرجه البخاري (12 و 28 و 6236)، ومسلم (39). ويأتي عند أبي داود برقم (5194) إن شاء الله تعالى][راجع: تخريج أحاديث الذكر والدعاء (2/ 745/ 338)].
د- وأما حديث معاذ بن جبل:
فيرويه يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي؛ أنه حدثه عن مالك بن يخامر السكسكي، عن معاذ بن جبل، قال: احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة من صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس، فخرج سريعًا فثوب بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجوَّز في صلاته، فلما سلم دعا بصوته فقال لنا:"على مصافِّكم كما أنتم"، ثم انفتل إلينا فقال:"أما إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة: أني قمتُ من الليل فتوضأت فصليت ما قُدِّر لي، فنعست في صلاتي فاستثقلت، فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة، فقال: يا محمد قلت: لبيك ربِّ، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري رب، -قالها ثلاثًا- قال: فرأيته وضع كفه بين كتفيَّ حتى وجدتُ بردَ أنامله بين ثدييَّ، فتجلى لي كل شيء وعرفتُ، فقال: يا محمد، قلت: لبيك رب، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات، قال: ما هن؟ قلت: مشيُ الأقدام إلى الجماعات، والجلوسُ في المساجد بعد الصلوات، وإسباغُ الوضوء في المكروهات، قال: ثم فيم؟ [وفي رواية: قال: وما الدرجات؟]، قلت: إطعامُ الطعام، ولينُ الكلام، والصلاةُ بالليل والناس نيام، قال: سلْ، قلت: اللَّهُمَّ إني أسألك فعلَ الخيرات، وتركَ المنكرات، وحبَّ المساكين، وأن تغفرَ لي وترحمني، وإذا أردتَ فتنةً في قوم فتوفني غيرَ مفتون، وأسألك حبَّك وحبَّ من يحبك، وحبَّ عملٍ يقربُ إلى حبِّك".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها حق فادرسوها ثم تعلموها".
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، سألت محمد بن إسماعيل [يعني: البخاري] عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث حسن صحيح".
قلت: وهو كما قالا، وقد سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (3/ 1138/ 587)، وقد روي نحوه من حديث ابن عباس وغيره، وهي أحاديث معلولة [انظر: علل ابن أبي حاتم (26)، علل الدارقطني (6/ 54/ 973)، وقال:"ليس فيها صحيح، كلها مضطربة". الكامل لابن عدي (6/ 345)].
هـ- وأما حديث علي:
فيرويه عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي رضي الله عنه، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة غرفاً يُرى ظهورُها من بطونها، وبطونها من ظهورها"، فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، [وأفشى السلام]، وصلى بالليل والناس نيام".
أخرجه الترمذي (1984 و 2527)، وابن خزيمة (3/ 306/ 2136)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1/ 155)، وفي زياداته على الزهد (100)، وابن أبي شيبة (5/ 248/ 25743) و (7/ 30/ 33972)، وهناد بن السري في الزهد (123)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (389)، والبزار (2/ 281/ 702)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (54 - مختصره)، وأبو يعلى (1/ 337/ 428) و (1/ 344/ 438)، وأبو بكر بن أبي داود في البعث (74)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (1/ 315/ 153) و (2/ 578/ 350)، والسهمي في تاريخ جرجان (303)، وأبو بكر الآجري في فضل قيام الليل (10)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (319)، والبيهقي في الشعب (5/ 558/ 3089)، وفي البعث والنشور (819)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1/ 165/ 236)، وفي المتفق والمفترق (3/ 1510/ 928)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (397 و 990 و 1942)، [التحفة (7/ 131/ 10296)، الإتحاف (11/ 644/ 14790]، المسند المصنف (21/ 429/ 9708)].
قال الترمذي: "هذا حديث غريب؛ لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، وقد تكلم بعض أهل الحديث في عبد الرحمن بن إسحاق هذا من قبل حفظه، وهو كوفي، وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي: مدني، وهو أثبت من هذا، وكلاهما كانا في عصر واحد".
وقال ابن خزيمة: "إن صح الخبر؛ فإن في القلب من عبد الرحمن بن إسحاق أبي شيبة الكوفي".
قال عبد الله بن أحمد في العلل ومعرفة الرجال (2/ 353/ 2560): "سألت أبي عن عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي؟ فقال: هذا يقال له: أبو شيبة، وهو واسطي، كان يروي عنه ابن إدريس وأبو معاوية وابن فضيل، وهو الذي يحدث عن النعمان بن سعد عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أحاديث مناكير، ليس هو بذاك في الحديث، والمديني عبد الرحمن وهو عباد أعجب إليَّ من هذا الواسطي".
وقال أبو داود في سؤالاته (332): "سمعت أحمد قال: النعمان بن سعد الذي يحدث عن علي: مقارب الحديث، لا بأس به، ولكن الشأن في عبد الرحمن بن إسحاق: له أحاديث مناكير".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي به، وهو: ضعيف، منكر الحديث، يروي ما لا يتابع عليه، ويحدث عن النعمان بن سعد أحاديث مناكير، والنعمان بن سعد: مجهول [التهذيب (4/ 231). راجع: الحديثين المتقدمين برقم (756 و 844)].
و- وأما حديث أنس [فأخرجه البزار (13/ 357/ 6996)، وابن المقرئ في المعجم (1265)][وفي إسناده: حفص بن أسلم الأصفر، وهو ضعيف، يروي عن ثابت ما لا أصل له، فهو حديث باطل. اللسان (3/ 222)].
• وله حديث ثانٍ [أخرجه ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (338)][وفي إسناده: عبد الرحيم بن زيد العمي، وهو: متروك، منكر الحديث، كذبه ابن معين، وأبوه زيد بن الحواري: ضعيف، وسويد بن سعيد الحدثاني: ضعيف].
• وله حديث ثالث [أخرجه ابن شاذان في مشيخته الصغرى (38)][تفرد به عن يزيد بن هارون: يعقوب بن إسحاق بن تحية الواسطي، وهو: متهم بالوضع. اللسان (8/ 524)].
ز - وأما حديث ابن عباس مرفوعًا. "إن في الجنة غرفاً إذا كان ساكنها فيها لم يخف عليه ما خلفها، فإذا كان خلفها لم يخف عليه ما فيها"، فقيل: لمن هي يا رسول الله؟ قال: "لمن أطاب الكلام، وواصل الصيام، وأطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى والناس نيام"، قيل: وما طيب الكلام؟ قال: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنها تأتي يوم القيامة ولها مقدِّمات ومجنِّبات ومعقِّبات"، قيل: وما وصال الصيام؟ قال: "من صام شهر رمضان ثم أدرك شهر رمضان آخر فصامه"، قيل: وما إطعام الطعام؟ قال: "من قات عياله وأطعمهم"، قيل: ما إفشاء السلام؟ قال: "مصافحة أخيك وتحيته"، قيل: فما الصلاة والناس نيام؟ قال: "صلاة العشاء الآخرة"[فأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق (1/ 316/ 154) و (2/ 579/ 351)، وابن حبان في المجروحين (1/ 260)، وابن عدي في الكامل (2/ 387)، والبيهقي في البعث والنشور (821)، والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 291 - ط. الغرب)][وهو حديث باطل؛ تفرد به حفص بن عمر بن حكيم، وهو: مجهول، كما قال ابن عدي والبيهقي، وقد حدث عن عمرو بن قيس الملائي، عن عطاء، عن ابن عباس: أحاديث بواطيل، وهذا منها، قال ابن عدي: "وهذه الأحاديث بهذا الإسناد مناكير، لا يرويها إلا حفص بن عمر بن حكيم هذا، وهو: مجهول". اللسان (3/ 230)].
ح- وأما حديث جابر؛ فهو بنحو لفظ حديث ابن عباس السابق، وفيه زيادات، وفي آخره:"ومن صام رمضان، ومن كل شهر ثلاثة أيام، فقد أدام الصيام، ومن صلى العشاء الآخرة، وصلى الغداة في جماعة، فقد صلى الليل والناس نيام؛ اليهود والنصاري والمجوس"[أخرجه تمام في الفوائد (1448)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 356)، والبيهقي في البعث والنشور (820)، والشجري في الأمالي الخميسية (951 - ترتيبه)] [وهو حديث منكر؛ تفرد به: عبد الرحمن بن عبد المؤمن الأزدي، عن محمد بن واسع عن الحسن عن جابر به مرفوعًا، وليس هو بالمهلبي الجرجاني المحدث المشهور، وهو متأخر جدًّا في الطبقة عن الراوي عن محمد بن واسع، فلعله الملقب بالرام، وليس بذاك المشهور، وفيه
جهالة، ولا يحتمل تفرده عن محمد بن واسع بهذا، والحسن لم يسمع من جابر بن عبد الله؛ إنما هو كتاب، راجع في ذلك ما تقدم تحت: الحديث رقم (1248). وانظر: التاريخ الكبير (5/ 319)، مسائل محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن شيوخه (50)، الثقات (8/ 372)، الثقات لابن قطلوبغا (6/ 275)] [قال البيهقي:"هذا الإسناد غير قوي"، فلعله أعله بعبد الرحمن بن عبد المؤمن هذا، والله أعلم].
ط- وأما حديث خولي بن أبي خولي [فأخرجه ابن منده في معرفة الصحابة (1/ 529)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 996/ 2545)][وإسناده مجهول].
ي- وأما حديث ابن عمر [فأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/ 233/ 1247). ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 449)][وهو حديث غريب جدًا، يرويه بقية عن ثلاثة من شيوخه عن نافع عن ابن عمر، اثنان منهم مجهولان. انظر: الجرح والتعديل (4/ 341 و 375) و (7/ 209)، علل الحديث (1714 و 1866)، الثقات (6/ 438)، اللسان (4/ 239 و 248)، الثقات لابن قطلوبغا (5/ 246)، والثالث منهم: علي بن أبي حملة، وهو: ثقة، العلل ومعرفة الرجال (3/ 88/ 4313)، علل الحديث (2809)، معرفة الثقات (1292)، الجرح والتعديل (6/ 183)، الثقات (7/ 210)، المشاهير (1432)، اللسان (5/ 535)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 202)، والراوي عن بقية: محمد بن مصفى بن بهلول الحمصي، وهو: صدوق، مدلس، يسوي حديث بقية، وقد أنكرت عليه أحاديث، فلعله أدرج في إسناده علي بن أبي حملة، ولم يكن فيه، وشيخ الطبراني: إبراهيم بن محمد بن الحارث ابن عرق: مجهول الحال، قال الذهبي: "شيخ للطبراني غير معتمد". الميزان (1/ 63)، اللسان (1/ 355)].
[ورواه ابن عدي في كامله (2/ 20) من وجه آخر من طريق أحد شيوخ بقية المجهولين][وأعله ببشير بن زاذان، وهو: ضعيف. اللسان (2/ 320). وشيخ ابن عدي: أحمد بن حفص بن عمر الجرجاني: ضعيف، حدث بأحاديث منكرة لم يتابع عليها. اللسان (1/ 445)].
ك- وأما حديث كدير:
فقد رواه شعبة [وعنه: غندر، وأبو داود الطيالسي، وعفان بن مسلم، وأبو الوليد الطيالسي، ومحمد بن كثير، وعمرو بن مرزوق]، وسفيان الثوري [وعنه: يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن كثير]، والأعمش [وعنه: وكيع بن الجراح]، وإسرائيل بن أبي إسحاق، ومعمر بن راشد، وفطر بن خليفة، وأبو الأحوص سلام بن سليم [ثقة متقن، لكن الإسناد إليه ضعيف]، وزيد بن أبي أنيسة [ثقة، لكن الإسناد إليه لا يثبت][وفيهم أثبت أصحاب أبي إسحاق: سفيان وشعبة وإسرائيل]:
قال شعبة: سمعت أبا إسحاق يحدث؛ أنه سمع كديراً الضبي يحدث؛ أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، قال:"قلِ العدلَ، وقدمِ الفضلَ"، قال: لا
أطيق، قال:"أطعم الطعام، وأفش السلام، وصلِّ والناس نيام"[شك شعبة في إفشاء السلامٍ وقد قالها شعبة]، قال: لا أطيق ذلك، قال:"لك إبل؟ "، قال: نعم، قال:"انظر بعيراً فيها، وسقاءً، ثم انظر إلى أهل بيت لا يجدون الماء إلا غباً، فاسقهم، فلعله أن لا يخرق سقاؤك، ولا ينفق بعيرك، حتى تجب لك الجنة".
وقال سفيان: ثنا أبو إسحاق، عن كدير الضبي، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أخبرني بعمل يدخلني الجنة؟
…
فذكر نحوه مختصراً بدون الجملة الثانية موضع الشاهد.
ورواه الأعمش، عن أبي إسحاق، عن كدير الضبي، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
…
فذكر نحوه مختصرًا بدون الجملة الثانية موضع الشاهد.
ورواه إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن كدير الضبي، قال: أتى أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
…
فذكر نحوه مطولاً دون ذكر قيام الليل.
وقال معمر: عن أبي إسحاق، قال: أخبرني كدير الضبي؛ أن رجلًا أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
…
فذكر نحوه مطولاً دون ذكر قيام الليل، وفي آخره: فانطلق الأعرابي يكبر، فما انخرق سقاؤه، ولا هلك بعيره، حتى قتل شهيدًا.
ورواه فطر، عن أبي إسحاق، عن كدير الضبي، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
…
فذكر نحوه مطولاً دون ذكر قيام الليل.
أخرجه الطيالسي (2/ 699/ 1458)، وعبد الرزاق (10/ 456/ 19691)، وهناد بن السري في الزهد (1/ 349/ 655) و (2/ 515/ 1063)، وإبراهيم بن إسحاق الحربي في غريب الحديث (2/ 609)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 199 و 200/ 2728 و 2729)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (54 - مختصره)، وابن خزيمة (4/ 125/ 2503)، والطبراني في الكبير (19/ 187/ 422)، وابن عدي في الكامل (6/ 79)، وأبو الفتح الأزدي في المخزون (144)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2412/ 5904)، وفي الحلية (4/ 346)، والبيهقي في السنن (4/ 186) و (10/ 158)، وفي الشعب (5/ 567/ 3102)، والخطيب في تاريخ بغداد (15/ 590 - ط. الغرب)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (3/ 106/ 2173)، [الإتحاف (13/ 5/ 16370)] [وكدير هذا: لم يخرج له أصحاب الكتب الستة شيئًا، وليس له في أطراف العشرة سوى هذا الحديث].
• نكتة: قال يونس بن حبيب: نا أبو داود: نا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت كديراً الضبي رضي الله عنه، قال أبو إسحاق: وسمعته منه منذ خمسين سنة. قال شعبة: وسمعته أنا من أبي إسحاق، منذ أربعين سنة أو أكثر. قال أبو داود: وسمعته أنا من شعبة منذ خمسين سنة أو ستة وأربعين سنة. قال يونس: وسمعته أنا من إبي داود منذ أكثر من خمسين سنة.
قال ابن خزيمة: "لست أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من كدير"، قلت: قد ثبت سماعه، لكن لا تثبت الصحبة لكدير.
• خالفهم فوهم في وصله: زهير بن معاوية، فرواه عن أبي إسحاق، عن كدير الضبي رضي الله عنه، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه أعرابي،
…
فذكر نحوه مطولاً دون ذكر قيام الليل.
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 200/ 2730)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 280/ 2916)، وعنه: ابن قانع في المعجم (2/ 384).
قال ابن قانع: "كذا قال ابن منيع، عن كدير؛ أنه أتى، ولم ير كدير النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو: عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
قال أبو داود في مسائله لأحمد (1925): "قلت لأحمد: كدير الضبي له صحبة؟ فقال: لا، قلت: زهير يقول: إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، أو: إن أعرابياً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، أعني: في حديث زهير، عن أبي إسحاق، عن كدير الضبي؟ فقال: زهير سمع من أبي إسحاق بأخرة".
وقال البخاري في التاريخ الكبير (7/ 242): "روى عنه سماك بن سلمة، وضعفه"، قلت: وهذا يقتضي نفي الصحبة عنه، فقد أحال البخاري بيان حال كدير على من هو أعرف به، فإن سماك بن سلمة: تابعي ضبي ثقة، وأهل الرجل أعلم به من غيرهم، فيؤخذ بقوله فيه، ثم أخذ البخاري بقوله في الضعفاء الصغير (323)، فقال:"ليس بالقوي"، والله أعلم [وانظر: المعرفة والتاريخ (3/ 102)].
وقال أبو حاتم: "روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً"، وقال:"محله الصدق"، ولما قيل له: إن البخاري أدخله في الضعفاء، قال:"يحوَّل من هناك"[الجرح والتعديل (7/ 174)].
وقال في المراسيل (648): "لا نعلم له صحبة".
وقال النسائي: "كدير الضبي: ضعيف"[الضعفاء (502)].
وقال البرديجي في الأسماء المفردة (93): "قيل: ليس له صحبة".
وذكره العقيلي في الضعفاء (4/ 13)، وقال:"كان من الشيعة".
وقال ابن حبان في المجروحين (2/ 221)(2/ 225 - ط. الصميعي): "كدير الضبي: شيخ يروي المراسيل، روى عنه أبو إسحاق السبيعي، منكر الرواية؛ على أن المراسيل لا تقوم عندنا بها الحجة، وهي وما لم يُروَ عندنا سيان، فلا يعجبني الاحتجاج بما انفرد [به] كدير من غير المراسيل إن وجد ذلك".
وقال ابن عدي: "وهذا معروف بكدير الضبي، ويقال: إن لكدير صحبة، وهو من الصحابة الذي لم يرو عنه غير أبي إسحاق السبيعي"، وقال عنه أيضًا في ترجمة الذي بعده:"غير معروف"، ولم يذكر له في ترجمته غير هذا الحديث الواحد، كما أشار البغوي في معجمه أيضًا إلى أن له حديثًا واحداً.
وقال الدارقطني في المؤتلف (4/ 1960): "ويختلف في صحبة كدير"[وكذا في الإكمال لابن ماكولا (7/ 129)].
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (2226): "يختلف في صحبته، وحديثه عند أكثرهم مرسل".
وممن قال أيضًا بأنه مختلف في صحبته: الطبراني، وأبو نعيم.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 40): "رواه الطبراني والبيهقي، ورواه الطبراني إلى كدير رواة الصحيح، ورواه ابن خزيمة في صحيحه باختصار، وقال: لست أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من كدير، قال الحافظ: قد سمعه أبو إسحاق من كدير، ولكن الحديث مرسل، وقد توهم ابن خزيمة أن لكدير صحبة، فأخرج حديثه في صحيحه، وإنما هو تابعي شيعي تكلم فيه البخاري والنسائي، وقواه أبو حاتم وغيره، وقد عدَّه جماعةٌ من الصحابة وهماً منهم، ولا يصح، والله أعلم".
وقال الذهبي في الميزان (3/ 410): "كدير الضبي: شيخ لأبي إسحاق، وهِمَ من عدَّه صحابيّاً، قواه أبو حاتم، وضعفه البخاري والنسائي، وكان من غلاة الشيعة"[وانظر: اللسان (6/ 417)، الإصابة (5/ 575)].
قلت: هو شيخ مجهول لأبي إسحاق، ولا صحبة له، وقد وجدت له آثاراً يرويها عن علي تدل على غلوه في التشيع، وأنه ضعيف في الرواية؛ كما قال النسائي وابن حبان [انظر مثلاً: المعرفة والتاريخ (3/ 102)، ضعفاء العقيلي (4/ 13)، معجم ابن الأعرابي (2/ 738/ 1500)].
وعليه: فهو مرسل بإسناد ضعيف، والله أعلم.
9 -
حديث بلال:
رواه بكر بن خنيس [كوفي ضعيف. التهذيب (1/ 242)، الميزان (1/ 344)]، عن محمد القرشي، عن ربيعة بن يزيد [أبو شعيب الإيادي الدمشقي: ثقة]، عن أبي إدريس الخولاني، عن بلال، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، وتكفير للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد".
أخرجه الترمذي (3549)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (1)، وابن نصر في قيام الليل (55 - مختصره)، والروياني (745)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 148/ 2559)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (2/ 372/ 978)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (557)، وأبو نعيم في الطب النبوي (115)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (465 و 466)، والواحدي في التفسير الوسيط (3/ 453) [سقط من إسناده: محمد القرشي]. وابن عساكر في تاريخ دمشق (14/ 316) و (67/ 182)[وفي الموضع الثاني: سقط ظاهر في المخطوط، يلاحظ بوضوح بمقابلته بالمختصر لابن منظور (29/ 138)]. والسبكي في معجم الشيوخ (602)، [التحفة (2/ 129/ 2036)، المسند المصنف (4/ 399/ 2192)][انظر: بيان الوهم (3/ 101)].
قال الترمذي: "حديث غريب؛ لا نعرفه من حديث بلال إلا من هذا الوجه، ولا يصح من قبل إسناده، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: محمد القرشي هو: محمد بن
سعيد الشامي، وهو: ابن أبي قيس، وهو: محمد بن حسان، وقد ترك حديثه".
وقال المزي في التحفة: "رواه آدم بن أبي إياس، عن بكر بن خنيس، عن أبي عبد الرحمن، عن ربيعة بن يزيد. وعن أبي الطيب، عن يزيد بن زهدم، عمن حدثه، عن أبي إدريس به- مرسلاً، ليس فيه: عن بلال".
قلت: هذا هو المشهور والمحفوظ في إسناد هذا الحديث؛ وأنه إنما يُعرف بمحمد بن سعيد بن حسان بن قيس المصلوب الكذاب.
وعليه: فهذا حديث موضوع؛ محمد بن سعيد؛ المصلوب في الزندقة: كذاب مشهور، يضع الحديث عمداً، قلب أهلُ الشام اسمَه على نحو مائة اسم ليخفى أمره على الناس [التهذيب (3/ 572)].
• وقد روي من وجوه أخرى، لا يثبت منها شيء، فجعله بعضهم في أحدها: عن أبي إدريس عن أبي الدرداء مرفوعًا، وجعله بعضهم: عن بكر بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي، عن بلال: أخرجها ابن الأعرابي في المعجم (2/ 526/ 1022)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 80 - ط. الغرب)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (60/ 89) و (63/ 120).
• ورواه مكي بن إبراهيم [البلخي: ثقة ثبت]، حدثنا أبو عبد الله خالد بن أبي خالد، عن يزيد بن ربيعة، عن أبي إدريس الخولاني، عن بلال بن رباح، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره.
أخرجه البيهقي في السنن (2/ 502)، وفي الشعب (3/ 127/ 3087 و 3088)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (60/ 90).
قال ابن عساكر: "يزيد بن ربيعة غير ربيعة بن يزيد، وكلاهما دمشقي يروي عن أبي إدريس".
قلت: الشأن في محمد بن سعيد المصلوب، فإن خالد بن أبي خالد هذا معروف بالرواية عنه؛ فقد روى دحيم: حدثنا خالد بن أبي خالد [وفي رواية: خالد بن يزيد الأزرق]، قال: سمعت محمد بن سعيد يقول: "إذا كان الكلام حسنًا لم أبالِ أن أجعل له إسناداً"[سؤالات البرذعي (2/ 725 - 726)، الجرح والتعديل (7/ 263)، المعرفة والتاريخ (1/ 700)، الكامل (6/ 140)، تاريخ أسماء الضعفاء (574)، الأباطيل والمناكير (1/ 261)، تاريخ دمشق (53/ 77)]؛ فعاد الإسناد إلى المصلوب مرة أخرى، دلسه خالد، وخالد هذا هو: خالد بن يزيد السلمي الأزرق، كما جاء في رواية عن دحيم، وإن كان الخطيب البغدادي قد غاير بين من روى عن يزيد بن ربيعة وعنه مكي بن إبراهيم، وبين الأزرق [انظر: غنية الملتمس (172 و 173)]، والذي يظهر في أنهما واحد.
وخالد بن يزيد السلمي: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، لكن أبا زرعة الدمشقي ذكره في تسمية نفر متقاربين مع صدقة بن يزيد، وصدقة بن المنتصر، وصدقة بن عبد الله [تاريخ دمشق (16/ 317)، تهذيب الكمال (8/ 213 - 214)] وهذا مما
يدل على ضعف خالد بن يزيد السلمي هذا فإن: صدقة بن عبد الله السمين، وصدقة بن يزيد الخراساني ثم الشامي: ضعيفان، وأما صدقة بن المنتصر: فإنه لا بأس به [التقريب (281)، اللسان (3/ 228)، الجرح والتعديل (4/ 434)، الثقات (8/ 319)، الثقات لابن قطلوبغا (4/ 96)].
وأما يزيد بن ربيعة الرحبي الدمشقي فهو: متروك، منكر الحديث [اللسان (8/ 492)، الجرح والتعديل (9/ 261)].
• ورواه أبو صالح عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة للإثم".
أخرجه الترمذي (3549 م)، وابن خزيمة (2/ 176/ 1135)، والحاكم (1/ 308)(2/ 76/ 1169 - ط. الميمان)(2/ 239/ 1171 - ط. التأصيل)(1/ 147/ أ- مخطوط رواق المغاربة)(1/ 127/ ب - وزيرية)، وابن معين في الثاني من فوائده (169)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (2)، وابن جرير الطبري (6/ 236/ 6412 - إتحاف)، والآجري في فضل قيام الليل (4)، والطبراني في الكبير (8/ 92/ 7466)، وفي الأوسط (3/ 311/ 3253)، وفي مسند الشاميين (3/ 128/ 1931)، وابن عدي في الكامل (4/ 207)، وأبو نعيم في الطب النبوي (117)، والبيهقي (2/ 502)(5/ 345/ 4710 - ط. هجر)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 34/ 922)، في التفسير (3/ 599)، [الإتحاف (6/ 236/ 6412)، المسند المصنف (26/ 58/ 11651)].
قال الترمذي: "وهذا أصح من حديث أبي إدريس عن بلال".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي أمامة إلا أبو إدريس، ولا عن أبي إدريس إلا ربيعة، تفرد به: معاوية بن صالح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه"[وانظر فيمن جرى فيه أيضًا على ظاهر السند: تذكرة الحفاظ (1/ 389)، المغني عن حمل الأسفار (1277)].
قلت: ليس على شرط أي منهما؛ بل هو حديث منكر: قال أبو حاتم في العلل (346): "هو حديث منكر، لم يروه غير معاوية، وأظنه من حديث محمد بن سعيد الشامي الأزدي، فإنه يروي هذا الحديث هو بإسناد آخر".
قلت: لما كان هذا الحديث إنما يُعرف من حديث المصلوب، ولم يكن معاوية بن صالح ممن يحتج به استقلالاً، ولا ممن يعتمد على حفظه، مع إمكان دخول الوهم عليه، أو دخول هذا الحديث عليه مما ليس من حديثه، لذا جزم أبو حاتم بنكارة الحديث من هذا الوجه، وهم أئمة هذا الشأن الذي ينبغي التسليم لهم في أحكامهم، فلعل أبا حاتم اطلع على ما لم نطلع عليه من القرائن الدالة على صحة ما ذهب إليه، فلا ينبغي أن ننازع هذا الأمر أهله، بل نرده إلى عالمه، ونسلم له في حكمه، والله أعلم.
ومعاوية بن صالح الحضرمي الحمصي: صدوق، له إفرادات وغرائب وأوهام، ولأجل ذلك تكلم فيه من تكلم، والأكثر على توثيقه، وقد أكثر عنه مسلم، لكن أكثره في المتابعات والشواهد [راجع: فضل الرحيم الودود (7/ 358/ 666)].
• تنبيه: وقع في المطبوعتين الأوليين للمستدرك وفي المخطوطتين: عن ثور بن يزيد، بدل: ربيعة بن يزيد، وتم تصحيحه في مطبوعة التأصيل، وهو خطأ منهم، وذلك لأنه وقع هكذا في أصل المخطوط، لكن قد يعتذر لهم بأن البيهقي قد رواه في السنن الكبرى عن الحاكم به مصححاً: عن ربيعة بن يزيد، ثم أتبعه بقوله:"كذا في هذه الرواية"[وهكذا هو في تهذيب السنن (2/ 934/ 4122)].
• ورواه الوليد بن مسلم [وقد سقط ذكره في إسناد الطبراني]: ثنا عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون، عن الأعمش، عن أبي العلاء [العنزي]، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة لكم إلى الله عز وجل، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة الداء عن الجسد".
أخرجه الآجري في فضل قيام الليل (5)، والطبراني في الكبير (6/ 258/ 6154)، وابن عدي في الكامل (4/ 286)، وأبو نعيم في الطب النبوي (116)، والبيهقي في الشعب (3/ 127/ 3089).
قال ابن عدي: "وابن أبي الجون هذا: مثل ابن أبي الرجال، وعامة أحاديثه مستقيمة، وفي بعضها بعض الإنكار، فلذلك ذكرته، وله غير ما ذكرت من الحديث، وقد روى عنه الوليد بن مسلم ونظراؤه من الناس من أهل دمشق، وأرجو أنه لا بأس به".
وقال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (3/ 255/ 995): "وابن أبي الجون: قال أبو أحمد: أرجو أنه لا بأس به، أحاديثه مستقيمة؛ وليس الشأن فيه عندي، وإنما الشأن في أبي العلاء العنزي، فإنه لا يعرف بغير هذا، ولم يذكره البخاري، ولا ابن أبي حاتم، وذكره ابن الجارود غير مسمى، ولا معرفاً بشيء من أمره، إلا روايته عن سلمان، ورواية الأعمش عنه، فاعلم ذلك".
وقال الذهبي في ترجمة ابن أبي الجون من الميزان (2/ 568): "أبو العلاء: لا أعرفه".
وبذا يتضح أن الطبراني قد أخطأ في تسميته حين قال في ترجمة الحديث: "أبو العلاء- أظنه: يزيد بن عبد الله بن الشخير-، عن سلمان رضي الله عنه ".
قلت: هو حديث باطل من حديث الأعمش؛ فأين أصحاب الأعمش من أهل العراق على كثرتهم الكاثرة، فلم يروه أحد منهم حتى يتفرد به عنه: عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون الدمشقي، وهو: لا بأس به، وفي حديثه بعض الإنكار [التهذيب (2/ 513)]، فمثل هذا مما لا يحتمل، ولذا أورده ابن عدي في جملة أحاديث مما أنكر عليه، وهذا فضلاً عن جهالة أبي العلاء العنزي، والله أعلم.
• وانظر أيضًا: فوائد الكوفيين (38)[وفي إسناده: سفيان بن وكيع، وهو: ضعيف، واتهم، جعله من حديث عائشة، ورواه بإسناد على شرط الشيخين، وأظنه من بلاياه].
* وفي الباب أيضًا مما لا يخلو من مقال:
10 -
عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بقيام الليل، ولو ركعة واحدة"
…
الحديث [تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1265)، وهو حديث منكر].
11 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبغض كل جعظري جواظ، سخاب بالأسواق، جيفة بالليل، حمار بالنهار، عالم بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة"[أخرجه ابن حبان (72)، وأبو الشيخ في الأمثال (234)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (482)، والبيهقي (10/ 194)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (2/ 443/ 1953)][الإتحاف (15/ 6/ 18763)، المسند المصنف (33/ 190/ 15383)][روي بأسانيد، أحدها: رجاله ثقات، وفي سنده انقطاع، مع غرابته. وفي الثاني: جبارة بن المغلس، وهو: واهٍ، يروي أحاديث كذب، لا يتعمدها. وفي الثالث: عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، وهو: متروك، منكر الحديث].
12 -
وعن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قالت أم سليمان بن داود لسليمان: يا بني، لا تكثر النوم بالليل، فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل فقيرًا يوم القيامة"[أخرجه ابن ماجه (1332)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الخطب والمواعظ (72)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (491)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 456)، وابن حبان في المجروحين (3/ 136)، والطبراني في الصغير (337)، والآجري في فضل قيام الليل (21)، وأبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين (11)، والبيهقي في الآداب (678)، وفي الشعب (7/ 433/ 4417 - ط. الأوقاف القطرية)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 276)، وابن الجوزي في الموضوعات (3/ 250/ 1478)][التحفة (2/ 510/ 3094)، المسند المصنف (5/ 225/ 2586)][وهو حديث منكر؛ لم يروه عن محمد بن المنكدر إلا ابنه يوسف، وهو: ضعيف، روى عن أبيه ما لا يتابع عليه، وقد تفرد به عنه: سنيد بن داود، وهو: ضعيف. التهذيب (4/ 460)، علل ابن أبي حاتم (480 و 2711)، أطراف الغرائب (5235)، الثالث والثمانون من الأفراد (70)][وقد روي مقطوعًا على بعض التابعين. أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 456). وانظر أيضًا: ما أخرجه ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (492)].
13 -
وعن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كثرت صلاته بالليل، حسن وجهه بالنهار" [أخرجه ابن ماجه (1333)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (382)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (58 - مختصره)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 176)، والآجري في فضل قيام الليل (6)، وابن عدي في الكامل (2/ 99)، وتمام في الفوائد (1329)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (463)، والقضاعي في مسند
الشهاب (408 - 412)، والبيهقي في الشعب (5/ 395/ 2830)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 83)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 196) و (15/ 159)، والشجري في الأمالي الخميسية (932 - ترتيبه)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (58/ 379 و 380)، وابن الجوزي في الموضوعات (2/ 411/ 986) و (2/ 412/ 987)] [التحفة (2/ 254/ 2336)، المسند المصنف (5/ 224/ 2585)].
[وهو حديث باطل، ليس له أصل؛ تفرد به ثابت بن موسى أبو يزيد، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر به، ولم يتابعه عليه ثقة.
قال ابن نمير: "الشيخ لا بأس به، والحديث منكر"، وقال أبو حاتم:"الحديث موضوع"[علل الحديث (196)، الجرح والتعديل (1/ 327)].
ونقل الحاكم والبيهقي عن ابن نمير قوله في هذا الحديث: "غلطٌ من الشيخ، وأما غير ذلك فلا يتوهم عليه".
وحكم عليه أبو زرعة بالبطلان، فسأله البرذعي:"غير واحد رواه عن شريك؟ "، فقال:"باطل؛ إن كان شيء فحدثنا عثمان، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر: إذا قام أحدكم من الليل، أو قال: إن في الليل ساعة"[سؤالات البرذعي (2/ 502)].
وقال العقيلي: "حديثه باطل، ليس له أصل، ولا يتابعه عليه ثقة".
وقال ابن حبان في المجروحين (1/ 207) في ترجمة ثابت: "كان يخطئ كثيرًا، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وهو الذي روى عن شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كثرت صلاته بالليل، حسن وجهه بالنهار"، وهذا قول شريك، قاله في عقب حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد"؛ فأدرج ثابت بن موسى في الخبر، وجعل قول شريك كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سرق هذا من ثابت بن موسى جماعةٌ ضعفاء، وحدثوا به عن شريك".
وقال في ترجمة عبد الحميد بن بحر من المجروحين (2/ 142)(2/ 125 - ط. الصميعي): "عبد الحميد بن بحر الكوفي: سكن البصرة، يروي عن مالك وشريك والكوفيين مما ليس من أحاديثهم، كان يسرق الحديث، لا يحل الاحتجاج به بحال، روى عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل أو عبد يكثر صلاته بالليل إلا حسن وجهه بالنهار"، أخبرناه الحسن بن سفيان عنه، وهذا قد أخطأ فيه ثابت بن موسى عن شريك في حديث القافية، إنما هو من قول شريك، فأدرجه ثابت، وسرقه هذا الشيخ فحدث به عن شريك نفسه".
وقال ابن عدي: "ثابت بن موسى: كوفي، روى عن شريك حديثين منكرين بإسناد واحد، ولا يعرف الحديثان إلا به، وأحدهما سرقه منه جماعة الضعفاء"، ثم قال: "وسرق هذا الحديث عن ثابت من الضعفاء: عبد الحميد بن بحر، وعبد الله بن شبرمة الشريكي،
وإسحاق بن بشر الكاهلي، وموسى بن محمد أبو الطاهر المقدسي، وحدثني به بعض الضعاف عن زحمويه وكذب، فإن زحمويه ثقة، وبلغني عن محمد بن عبد الله بن نمير أنه ذُكر له هذا الحديث عن ثابت، فقال:[هذا] باطل؛ شُبِّهَ على ثابت، وذاك أن شريكاً كان مزاحًا، وكان ثابت رجلًا صالحًا، فيشبه أن يكون ثابت دخل على شريك وكان شريك يقول: الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فالتفت فرأى ثابتًا، فقال يمازحه: من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار، فظن ثابت لغفلته أن هذا الكلام الذي قال شريك هو متن الإسناد الذي قرأه، فحمله على ذلك، وإنما ذلك قول شريك، والإسناد الذي قرأه متنه حديث معروف" [الكامل (2/ 99) (2/ 581 - ط. الرشد)].
وقال في موضع ثانٍ: "وهذا حديث ثابت بن موسى عن شريك، على أن قومًا ضعفاء قد سرقوه منه فحدثوا به عن شريك، وليس فيهم أشهر وأصدق من الحسن بن علي بن راشد هذا الذي ألزق العدوي عليه"[الكامل (2/ 341) (3/ 554 - ط. الرشد)].
وقال في موضع ثالث: "وهذا يعرف بثابت بن موسى الكوفي عن شريك، وقد سرقه منه جماعة ضعفاء، منهم: عبد الحميد بن بحر هذا"[الكامل (5/ 322) (8/ 411 - ط. الرشد)].
وقال في موضع رابع: "وابن سهيل هذا كذب على زحمويه، حين روى عنه عن شريك هذا الحديث، وإنما يروي هذا الحديث عن شريك قومٌ ضعفاء، وأصلح من روى هذا الحديث شيخ صالح، يقال له: ثابت بن موسى كوفي، وقالوا: شُبِّه عليه، ورواه غيره طبقةٌ ضعفاء: عبد الحميد بن بحر العسكري، وعبد الله بن شبرمة ابن عم شريك، وموسى بن محمد أبو الطاهر المقدسي، والعدوي حدثنا عن الحسن بن علي الواسطي، وكلٌّ ضعفاء، وأما عن زحمويه باطل، فإن زحمويه ثقة"[الكامل (6/ 303) (9/ 451 - ط. الرشد)].
وقال في موضع خامس: "وهذا حديث ثابت بن موسى عن شريك، سرقة منه موسى هذا مع جماعة ضعفاء"[الكامل (6/ 347) (9/ 548 - ط. الرشد)].
وقال الدارقطني في المؤتلف (3/ 1718): "الحسن بن غفير المصري: منكر الحديث، يروي عن يوسف بن عدي، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار"، وهذا باطل من حديث يوسف بن عدي، ويأتي عن غير يوسف بعجائب".
وقال أبو عبد الله الحاكم في المدخل إلى كتاب الإكليل (125): "وهذا ثابت بن موسى الزاهد دخل على شريك بن عبد الله القاضي، والمستملي بين يديه، وشريك يقول: حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر المتن، فلما نظر إلى ثابت بن موسى، قال: من كثَّر صلاتَه بالليل حسُن وجهُه بالنهار، وإنما أراد بذلك ثابت بن موسى لزهده وورعه، فظن ثابت بن موسى أنه روى [هذا] الحديث مرفوعًا
بهذا الإسناد، فكان ثابت يحدث به عن شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، وليس لهذا الحديث أصل إلا من هذا الوجه، وعن قوم من المجروحين سرقوه من ثابت بن موسى، فرووه عن شريك" [ونقله عنه القضاعي في مسند الشهاب (412)، وكذلك أبو علي الصوري].
وقال الخليلي في الإرشاد (1/ 170): "ومثل هذا قد يقع لمن لا معرفة له بهذا الشأن، ولا إتقان، وقد وقع لشيخ زاهد ثقة بالكوفة، يقال له: ثابت بن موسى، دخل على شريك بن عبد الله القاضي، فكان يُقرأ عليه حديثٌ: عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بصر به ورأى عليه أثر الخشوع، قال: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار، فظن ثابت، أن ما تكلم به شريك من قبل نفسه، هو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد، فرواه عن شريك بعده، وسمع منه الكبار، وسرقه جماعة من الضعفاء، فرووه عن شريك، وصار هذا حديثاً كان يُسأل عنه، والأصل فيه ما شرحناه".
وقال ابن عبد البر: "حديث منكر، انفرد به ثابت بن موسى أبو يزيد الكوفى، وهو منكر الحديث، رماه ابن معين بالكذب"[الاستذكار (2/ 83)].
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما رواية جابر: ففي الطريق الأول منها: عبد الحميد بن بحر، قال ابن حبان: يسرق الحديث ويحدث عن الثقات بما ليس من حديثهم، لا يصح الاحتجاج به بحال.
وفي الطرق البواقي: ضعاف ومجاهيل وكذابون، فمن الضعاف: محمد بن أيوب، ومن المجاهيل: محمد بن ضرار وأبوه، ومن الكذابين: العدوي.
وأما حديث أنس: ففيه عثمان بن دينار، قال العقيلي: تروي عنه ابنته حكَّامة أحاديث بواطيل ليس لها أصل"].
[وانظر: أحكام القرآن (4/ 141)، إكمال المعلم (2/ 8)، الخلاصة (2054)، الميزان (1/ 367)، تخريج أحاديث الكشاف (3/ 317)، النكت على مقدمة ابن الصلاح للزركشي (2/ 290)، الشذا الفياح (1/ 226)، التقييد والإيضاح (132)، شرح التبصرة (1/ 316)، فتح المغيث (1/ 328)، التهذيب (1/ 268)، الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (120)، مصنفات الأحاديث الموضوعة. وغيرها].
[وروي هذا الحديث من طرق أخرى كثيرة جدًا، إما مسروقة مكذوبة، وإما مناكير وأباطيل، وجعله بعضهم من حديث أنس، وقد اغتر بعضهم بكثرة هذا الغثاء، وحسب أن فيه غناء: أخرجها ابن حبان في المجروحين (2/ 142)، وابن عدي في الكامل (2/ 341) و (5/ 322) و (6/ 303) و (6/ 347)، والدارقطني في المؤتلف (3/ 1718)، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (169)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 422)، ومحمد بن علي العلوي في الفوائد المنتقاة والغرائب الحسان، بانتخاب أبي علي الصوري (41)، والقضاعي في مسند الشهاب (412 - 417)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 392)،
والشجري في الأمالي الخميسية (916 - ترتيبه)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (31/ 69) و (40/ 25) و (61/ 323)، وأبو طاهر السلفي في الحادي والثلاثين من المشيخة البغدادية (9)(2574 - مشيخة المحدثين البغدادية)، وابن الجوزي في الموضوعات (2/ 410 - 413/ 984 و 985 و 988 - 990)] [وانظر: تخريج أحاديث الكشاف (3/ 317)، اللسان (3/ 102) و (5/ 69) و (6/ 494) و (7/ 209 و 302)].
14 -
الحديث المرفوع: "شرف المؤمن صلاته في جوف الليل، وعزه استغناؤه عما في أيدي الناس"[روي من حديث ابن عباس، وهو حديث منكر][أخرجه ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (244)، وفي إصلاح المال (307)، والدولابي في الكنى (2/ 699/ 1226)، وابن السماك في التاسع من فوائده "جزء حنبل" (20)، وأبو محمد الضراب في ذم الرياء (132)، والدارقطني في المؤتلف (2/ 1249)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (460)][وفي إسناده: الضحاك بن مزاحم: لم يلق ابن عباس. تحفة التحصيل (155)، ونهشل بن سعيد: متروك، متهم. التهذيب (4/ 243). والراوي عنه: أصرم بن حوشب، وهو: كذاب خبيث، يضع الحديث على الثقات. اللسان (2/ 210). وفي طريق أخرى: جويبر بن سعيد: متروك، روى عن الضحاك أشياء مناكير. التهذيب (1/ 320). وقد روي مقطوعاً على الضحاك وغيره].
[وأخرجه ابن عساكر في المعجم (619)، وقال: "غريب المتن والإسناد"][وقد تفرد به عن عكرمة عن ابن عباس: الحكم بن أبان العدني؛ وهو: صدوق، فيه لين، وله أوهام وغرائب، ويتفرد عن عكرمة بما لا يتابع عليه. راجع: ترجمته وشيئاً من غرائبه: فضل الرحيم الودود (6/ 547/ 590) و (7/ 522/ 688) و (8/ 86/ 717). وتفرد به عنه: ابنه إبراهيم بن الحكم بن أبان؛ وهو: ليس بثقة، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، كان يوصل المراسيل عن أبيه. التهذيب (1/ 63). لكن يبدو لي أن التبعة ليست على هذين؛ فإن الحديث مروي من طريق عبد الرزاق، ولم أعرف الراوي عنه، وفي الإسناد إليه: منصور بن عبد الله بن خالد أبو علي الخالدي الهروي، حدث عن جماعة من الخراسانيين بالغرائب والمناكير، وهذا منها، وقال أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي: "كذاب، لا يعتمد على روايته". تاريخ بغداد (15/ 97 - ط. الغرب)، اللسان (8/ 163)].
• [وروي من حديث أبي هريرة، ولا يثبت، قال العقيلي: "ليس له أصل مسند"][أخرجه العقيلي في الضعفاء (2/ 37)، وتمام في الفوائد (1104). وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 436/ 1940)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (12/ 92) و (23/ 81)، وابن الجوزي في الموضوعات (2/ 407/ 981)] [وراويه عن أبي هريرة: مجهول، وقد اختلف على راويه يحيى بن عثمان بن صالح، فمرة يرويه عن داود بن عثمان الثغري عن الأوزاعي، ومرة يقول: حدثني أبو المنهال حبيش بن عمر الدمشقي -وذكر لي أنه كان يطبخ للمهدي-: حدثني أبو عمرو الأوزاعي، وهذا باطل من حديث الأوزاعي؛ فإنَّ داود بن
عثمان الثغري: كان يحدث بمصر عن الأوزاعي وغيره بالبواطيل. اللسان (3/ 403)، وأبو المنهال حبيش بن عمر الدمشقي: مجهول. الإكمال (2/ 331)، تاريخ دمشق (12/ 92)، ويحتمل أن يحيى بن عثمان بن صالح كان يحدث به على الوجهين، مما يدل على أنه لم يكن يضبط إسناده؛ ولعله أُتي من التحديث من غير كتبه، فإنَّ يحيى بن عثمان بن صالح القرشي السهمي مولاهم، أبو زكريا المصري: حافظ أخباري، صدوق، له ما يُنكَر، ويحدث من غير كتبه، فطعنوا فيه لأجل ذلك. التهذيب (4/ 377)، الميزان (4/ 396)، السير (13/ 354)، إكمال مغلطاي (12/ 347)] [قال العقيلي:"هذا يروى عن الحسن البصري وغيره من قولهم، وليس له أصل مسند"].
• [وروي من حديث سهل بن سعد، ولا يثبت][ولفظه: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس"][أخرجه السهمي في تاريخ جرجان (102)، ومكرم البزاز في الثاني من فوائده (244)، والطبراني في الأوسط (4/ 306/ 4278)، والحاكم (4/ 324 - 325) (9/ 524 - 525/ 8119 - ط. الميمان)، وقال: "صحيح الإسناد". وأبو نعيم في الحلية (3/ 253)، وقال: "حديث غريب". والقضاعي في مسند الشهاب (151 و 746)، والبيهقي في الشعب (15/ 78/ 10058)، والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 16 - ط. الغرب)، والشجري في الأمالي الخميسية (2925 - ترتيبه)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (23/ 216)، وأبو طاهر السلفي في الثالث والثلاثين من المشيخة البغدادية (10) (2655 - مشيخة المحدثين البغدادية)، وفي الخامس والثلاثين من المشيخة البغدادية (6) (2730 - مشيخة المحدثين البغدادية)، وابن الجوزي في الموضوعات (2/ 408/ 982)][الإتحاف (6/ 116/ 6223)] [تفرد به عن أبي حازم عن سهل بن سعد: محمد بن عيينة الهلالي، قال أبو حاتم:"لا يحتج بحديثه، يأتي بالمناكير"، وقد مشاه غيره مثل أبي داود والعجلي وابن حبان، والقول قول أبي حاتم؛ فإن جرحه مفسر، الجرح والتعديل (8/ 42)، سؤالات الآجري (281)، التهذيب (3/ 671)، ولم يروه عنه سوى زافر بن سليمان الإيادي، وهو: صدوق، كثير الأوهام، ولا يحتمل من مثله التفرد، والراوي عنه: محمد بن حميد الرازي، وهو: حافظ ضعيف، كثير المناكير، وقد اشتهر الحديث عنه، وتابعه عند الحاكم: عيسى بن صبيح، وهو: ابن أبي فاطمة أبو الحسن، قال أبو حاتم وأبو زرعة:"صدوق"، الجرح والتعديل (6/ 279)، الثقات (8/ 495)، تاريخ الإسلام (5/ 418 - ط. الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 459)، ولا يصح الإسناد إليه، فإن شيخ الحاكم؛ محمد بن أحمد بن سعيد أبا جعفر الرازي المكتب: ضعيف، وقد اتهم، قال الذهبي في الميزان (3/ 457):"لا أعرفه، لكن أتى بخبر باطل، هو آفته"، وضعفه الدارقطني، وقال الحاكم:"لم ينكر عليه إلا حديث واحد". تاريخ نيسابور (555)، تاريخ الإسلام (7/ 806 - ط. الغرب)، اللسان (6/ 503
و 523). وتابعه أيضًا عند القضاعي: عبد الصمد بن موسى القطان، ولم أقف له على ترجمة، وليس هو بالهاشمي أبي إبراهيم، الذي نقل الخطيب تضعيفه، ولا يثبت الإسناد إليه. اللسان (5/ 189)].
15 -
وعن ابن عباس مرفوعًا: "أشراف أمتي حملة القرآن وقوام الليل"، وفي رواية:"وأصحاب الليل"[أخرجه ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (3)، والسهمي في تاريخ جرجان (217 و 494)، والطبراني في الكبير (12/ 125/ 12662)، وابن عدي في الكامل (3/ 358) و (7/ 57)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (1/ 319)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (459)، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي في فضائل القرآن (47)، والبيهقي في الشعب (5/ 124/ 2447) و (5/ 472/ 2977)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 124) و (8/ 80)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (51/ 164)][تفرد به: سعد بن سعيد الجرجاني المعروف بسعدويه، قال: حدثنا نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس، وهو حديث باطل؛ الضحاك: لم يلق ابن عباس، ونهشل بن سعيد: متروك متهم، كذبه الطيالسي وابن راهويه، وسعد بن سعيد الجرجاني: روى عن الثوري ونهشل ما لا يتابع عليه لغفلته، وذكر ابن عدي هذا الحديث في غرائبه وأفراده، وأورده في ترجمة نهشل أيضًا، ثم قال: "وهذه الأحاديث كلها عن الضحاك غير محفوظة"، وقال الذهبي: "سعد بن سعيد الجرجاني: عن نهشل؛ قال البخاري: لا يصح حديثه، يعنى: أشراف أمتي حملة القرآن". ضعفاء العقيلي (2/ 118)، الكامل (3/ 358)، الميزان (2/ 121)، اللسان (4/ 29)، الثقات لابن قطلوبغا (4/ 433)].
16 -
وعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نام العبد في سجوده باهى الله عز وجل به ملائكته، قال: انظروا إلى عبدي؛ روحه عندي، وجسده في طاعتي"[أخرجه ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (404)، والآجري في فضل قيام الليل (22)، وتمام في الفوائد (1670)، والبيهقي في الخلافيات (2/ 143/ 412)، وقال: "ليس هذا بالقوي". وقاضي المارستان في مشيخته (728)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 292)][بأسانيد، في أحدها: داود بن الزبرقان، وهو: متروك، كذبه الجوزجاني، فهو حديث باطل؛ حيث تفرد به عن سليمان التيمي. وفي الثاني: أبان بن أبي عياش، وهو: متروك، منكر الحديث، رماه شعبة بالكذب، وزمعة بن صالح: ضعيف. وفي الثالث: راويه عن أنس مبهم؛ فلعله أبان، وأبهمه زائدة لضعفه][وقد صح عن الحسن قوله مقطوعاً عليه، أو بلاغاً: أخرجه ابن المبارك في الزهد (1213)، وابن أبي شيبة (7/ 232/ 35599)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (298 و 299)].
[وقد صح خلافه من حديث: عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبلٌ ممدودٌ بين الساريتين، فقال:"ما هذا الحبل؟ "، قالوا: هذا حبلٌ لزينب فإذا فترت تعلقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا؛ حُلُّوه، ليُصلِّ أحدُكم نشاطَه، فإذا فتر فليقعد".