الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وضبطًا وإتقانًا أن يرويه عنهما، فيجود هذا الحديث، ويرفعه، وهذا هو الموضع الذي يقال فيه: إنه لا تعارض بين الرفع والوقف، فكلاهما ثابت عن عمر، ولا يُعلُّ أحدهما الآخر، وقد سبق أن ذكرت من صحح الحديث مرفوعًا من الأئمة النقاد، وعلى رأسهم ابن المديني ومسلم، والله أعلم.
* وقد ذهب الدارقطني في العلل (2/ 180/ 202)، وفي التتبع (125 و 173) إلى ترجيح الموقوف، قال في العلل:"والأشبه بالصواب الموقوف"، لكنه لم يستوعب ذكر الاختلاف في بعض المواضع، ومن العجيب أنه عزا الحديث لمسلم من غير الطريق الذي أخرجه منه، فقال في خاتمة كلامه في العلل (2/ 202/180):"أخرجه مسلم، عن قتيبة، عن أبي صفوان، عن يونس مرفوعًا"، وإنما رواه مسلم من ثلاثة طرق عن ابن وهب عن يونس بن يزيد به مرفوعًا، ولم يخرجه من طريق أبي صفوان، وقد تقدم الجواب عما أعل به الدارقطني الحديث، إذ كل طريق أورده في الإعلال هو معلول في ذاته، أو لا يصلح الإعلال به، والصواب ما ذهب إليه جماعة النقال: ابن المديني، ومسلم، والترمذي، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، والبزار، وابن جرير الطبري، والطحاوي، والبغوي، من تصحيح هذا الحديث مرفوعًا، واللّه أعلم.
* ويشهد لحديث عمر، وهو حديث قولي، حديث عائشة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم:
فقد روى قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة،
…
فذكر حديثًا طويلًا، وموضع الشاهد منه: أنها قالت: وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحبَّ أن يداوِم عليها، وكان إذا غلبه نومٌ أو وجعٌ عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة.
أخرجه مسلم (746). ويأتي تخريجه مفصلًا في موضعه من السنن قريبًا بإذن الله تعالى، برقم (1
342).
* * * *
310 -
باب من نوى القيام فنام
1314 -
. . . مالك، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن رجل عنده رِضًا؛ أن عائشة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أخبرته؛ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال:"ما من امرئ تكون له صلاةٌ بليلٍ، فيغلبُه عليها نومٌ، إِلَّا كُتِبَ له أجرُ صلاته، وكان نومُه عليه صدقة".
* حديث صحيح بشاهده الموقوف
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 173/ 307)، ومن طريقه: أبو داود (1314)، والنسائي في المجتبى (3/ 257/ 1784)، وفي الكبرى (2/ 177/ 1461)، وأحمد (6/ 180)، وابن المبارك في الزهد (1237)، وابن وهب في الجامع (337)، وابن نصر المروزي في قيام
الليل (187 - مختصره)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 160/ 2594)، والجوهري في مسند الموطأ (237)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (508)، والبيهقي (3/ 15)، [التحفة (11/ 168/ 1607)، الإتحاف (17/ 675/ 23021)، المسند المصنف (37/ 275/ 17882)].
رواه عن مالك: عبد اللّه بن مسلمة القعنبي (153)، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وأبو مصعب الزُّهري (285)، وعبد الرحمن بن القاسم (86 - بتلخيص القابسي)، وعبد الله بن وهب، ويحيى بن يحيى الليثي (307)، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن عبد اللّه بن بكير، وسويد بن سعيد الحدثاني (98)، ومحمد بن الحسن الشيباني (167)[وسقط من إسناده الرجل المبهم].
قال ابن عبد البر في التمهيد (2/ 261): "هكذا روى هذا الحديث جماعة الرواة عن مالك فيما علمت، والرجل الرضي عند سعيد بن جبير قيل: أنه الأسود بن يزيد، واللّه أعلم".
* هكذا رواه رأس المتقنين وكبير المتثبتين؛ مالك بن أنس، فأبهم الواسطة بين سعيد بن جبير وعائشة، وسماه أبو جعفر الرازي، واختلف عليه:
أ - فرواه محمد بن سليمان [قال النسائي في الكبرى: "وهو: ابن أبي داود، وكان يقال له بومة: ليس به بأس، وأبوه: ليس بثقة ولا مأمون"]، قال: حَدَّثَنَا أبو جعفر الرازي، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة، قالت: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "من كانت له صلاةٌ [ولفظه في الكبرى: من فاتته صلاةٌ] صلاها من الليل فنام عنها؛ كان ذلك صدقة تصدق الله عز وجل عليه، وكتب له أجر صلاته".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 258 / 1785)، وفي الكبرى (2/ 177/ 1462)(3/ 82/ 1551 - ط. التأصيل)، وابن صاعد في زياداته على الزهد لابن المبارك (1238)، والطبراني في الأوسط (6/ 196/ 6172)، والآجري في قيام الليل والتهجد (24)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 262)، وابن بشكوال في الغوامض (3/ 196)، [التحفة (11/ 168/ 16007)، المسند المصنف (37/ 275/ 17882)].
قال الآجري: "هذا - واللّه أعلم - على قدر شدة الأسف على ما فاته من ليلته كيف شغل عنه حتى فاته القيام؛ فقد أخذ نفسه بالتحرز فيما يستقبل خوفًا أن يفوته ورده ثانية".
قال الطَّبراني: "لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة؛ إِلَّا أبو جعفر الرازي، ورواه مالك، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن عائشة".
قلت: بل أثبت مالك الواسطة وأبهمها، ولم يتابع بومة على تسميته، وقد رواه غيره عن أبي جعفر بدونها، ومحمد بن سليمان بن أبي داود الحراني، ولقبه بومة: قال أبو حاتم
في حديث رواه بومة عن أبيه: "هذا حديث منكر؛ ومحمد بن سليمان: منكر الحديث، وأبوه ضعيف جدًّا"[العلل (1/ 159/ 449)]، وقال النسائي: "لا بأس به، وأبوه: ليس بثقة ولا مأمون، ووثقه مسلمة وغيره، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (3/ 579)، الميزان (3/ 569)]، فليس هو بالذي يعتمد عليه، لا سيما مع مخالفة الحفاظ له:
ب - فقد رواه يحيى بن أبي بكير الكرماني [كوفي الأصل، سكن بغداد: ثقة]، ووكيع بن الجراح [ثقة حافظ]:
عن أبي جعفر الرازي [عيسى بن ماهان]، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل تكون له ساعة من الليل، يقومها فينام عنها، إِلَّا كتب له أجر صلاته، وكان نومه محليه صدقة، تصدق به عليه". لفظ وكيع [عند أحمد].
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 258/ 1786)، وأحمد (6/ 63)، وإسحاق بن راهويه (3/ 938/ 1640)، [التحفة (11/ 168/ 16007)، الإتحاف (16/ 1096/ 21686)، المسند المصنف (37/ 275/ 17882)].
قال النسائي: "أبو جعفر الرازي: ليس بالقوي في الحديث".
قلت: وزيادة الأسود في إسناده تفرد بها بومة عن أبي جعفر الرازي، وقد رواه أبو جعفر أيضًا بإسقاط الأسود من الإسناد، فإما أن يكون الوهم فيه من بومة، أو هو من تخليط أبي جعفر الرازي؛ فإنه: ليس بالقوي، وله مناكير [انظر: التهذيب (4/ 504)].
والحاصل: فإن ذكر الأسود في إسناد هذا الحديث ليس بالمحفوظ؛ ومما يؤيد ذلك أن الإمام أحمد لما سئل عن: ما روى سعيد بن جبير عن عائشة، أهو على السماع؛ قال: "لا أُراه سمع منها، عن الثقة عن عائشة رضي الله عنها[العلل ومعرفة الرجال (3/ 284/ 5261)، المراسيل (261 و 262)، علل الدارقطني (15/ 44)، تحفة التحصيل (124)]، فلو أنه اعتبر بحديث بومة عن أبي جعفر؛ لأثبت الأسود بينهما، وإنما احتج في ذلك برواية مالك، والله أعلم.
ج - ورواه عبد الصمد: حَدَّثَنِي أبو جعفر الرازي، عن محمد بن المنكدر، عن ابن الزببر، عن عائشة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان للعبد صلاة من الليل ونام عنها، فإنما هي صدقة تصدق الله بها عليه، وكتب له أجر صلاته".
أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(588)، قال: حَدَّثَنَا محمد بن غالب أهو: الحافظ الإمام الملقب تمتام، وهو: ثقة مأمون]، قال: حَدَّثَنِي عبد الصمد به. ومن طريقه: أبو طاهر السلفي في الثالث من المشيخة البغدادية (22)(248 - مشيخة المحدثين البغدادية).
وهذه الرواية وهم؛ إنما الحديث لسعيد بن جبير، فإما أن يكون تحرف ابن جبير إلى: ابن الزُّبَير، أو وهم فيه عبد الصمد، وهو: ابن النعمان، وهو: بغدادي صدوق
مكثر، وله أوهام [تقدم الكلام عليه مفصلًا تحت الحديث رقم (782)، الشاهد الثاني (8/ 456 - فضل الرحيم). وانظر: اللسان (5/ 190)].
* تابع أبا جعفر على الوجه الثاني بإسقاط الواسطة:
أبو أويس [عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي: ليس به بأس]، وورقاء بن عمر اليشكري [ثقة]، وزياد بن سعد [ثقة ثبت، لكن الراوي عنه: مسلم بن خالد الزنجي: ليس بالقوي، كثير الغلط، قال البخاري وأبو حاتم: "منكر الحديث"، التهذيب (4/ 68)، والمتفرد به عنه: علي بن هارون الزينبي: لا يُعرف. الثقات (8/ 461)، الإكمال (4/ 202)، الأنساب (3/ 191)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 246)]، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند [وهو: ثقة، لكن الراوي عنه: داود بن عطاء المدني، وهو: منكر الحديث. التهذيب (1/ 567)]:
عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن عائشة؛ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما من امرئ تكون له صلاة بالليل، فيغلبه عليها نوم، إلا كتب الله عز وجل أجر صلاته، وكان نومه ذلك صدقة". لفظ أبي أويس، ولفظ ورقاء:"من كانت له صلاة فغلبه عليها نوم أو نام عنها كتب الله عز وجل له أجر صلاته، وكان نومه صدقة من الله تصدق بها عليه".
أخرجه أحمد (6/ 72)، والطيالسي (8/ 113/ 1631)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (205)، وأبو علي الرفاء في فوائده (266)، والطبراني في الأوسط (2/ 88 / 1338)، وابن مخلد البزاز في حديثه عن شيوخه (62)، [الإتحاف (16/ 1096/ 21686)، المسند المصنف (37/ 275/ 17882)].
وهذا منقطع؛ سعيد بن جبير: لم يسمع من عائشة، قاله أحمد وأبو حاتم [العلل ومعرفة الرجال (3/ 284/ 5261)، المراسيل (261 و 262)، علل الدارقطني (15/ 44)، تحفة التحصيل (124)].
* ورواه جعفر بن محمد السمسار: حَدَّثَنَا إبراهيم بن بشير: حَدَّثَنَا المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"ما من عبد يكون له صلاةٌ بليلٍ يغلبه عليه نوم إِلَّا كتب الله عز وجل له أجر صلاله تلك الليلة، وجعل نومه صدقة عليه".
أخرجه ابن سمعون في الأمالي (205).
قلت: وهذا حديث باطل؛ إنما هو حديث محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، قال فيه مالك: عن رجل عنده رِضًا؛ عن عائشة، وقال: أبو أويس، وورقاء بن عمر: عن عائشة؛ بغير واسطة، وتابعهما أبو جعفر الرازي في رواية الأحفظ عنه.
والمنكدر بن محمد بن المنكدر: ليس بالقوي، لم يكن بالحافظ لحديث أبيه، روى عن أبيه ما لم يتابع عليه [التهذيب (4/ 162)، سؤالات ابن طهمان (198 و 366)، تاريخ ابن أبي خيثمة (2/ 353/ 3338 - السفر الثالث)].
وإبراهيم بن بشير المكي: قال الدارقطني: "ضعيف"[ضعفاء الدارقطني (28)، اللسان (1/ 251)]، وجعفر بن محمد بن عبد الله بن بشر بن كُزال، أبو الفضل السمسار: وثقه مسلمة بن قاسم، وقال الدارقطني:"ليس بالقوي"[سؤالات الحاكم (71)، تاريخ بغداد (7/ 189)، تاريخ الإسلام (2/ 141)، اللسان (2/ 158)].
* والحاصل من هذا الاختلاف على محمد بن المنكدر:
أن المحفوظ فيه: ما رواه مالك بن أنس، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن رجل عنده رِضًا؛ عن عائشة؛ إذ هو أحفظ وأضبط وأجل من روى هذا الحديث عن ابن المنكدر، ثم إنه زاد في الإسناد رجلًا؛ والحكم لمن زاد.
وظاهر هذا الإسناد الضعف؛ لأجل الرجل المبهم؛ لكن إخراج مالك لهذا الحديث في موطئه، وتقديمه له في الباب على أحاديث متفق عليها، مما يقوي أمره، ويبدو أن مالكًا اعتمد تعديل سعيد بن جبير لشيخه المبهم، لا سيما وسعيد بن جبير إمام حجة، ومما يدل على انتقائه للرجال؛ قول يحيى بن سعيد القطان:"مرسلات سعيد بن جبير: أحب إفي من مرسلات عطاء"؛ يعني: أنه أشد انتقاءً للرجال من عطاء، بدليل قول ابن المديني:"مرسلات مجاهد: أحب إليَّ من مرسلات عطاء بكثير، كان عطاء يأخذ عن كل ضرب"، بل لما سئل يحيى بن سعيد عن مرسلات مالك؟ قال:"هي أحب إليَّ"، ثم قال:"ليس في القوم أصح حديثًا من مالك"[التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 213/ 607)، المراسيل (4 و 5 و 11)، الجرح والتعديل (1/ 244)]، وهذا وغيره مما سبق أن ذكرناه في مواضع في ترجمة مالك وانتقائه لأحاديث الموطأ، مما يقوي هذا الحديث عند مالك نفسه، وأنه قد احتج به في بابه، فلم نعد نعتمد هنا على كون هذا المبهم لم يزكه سوى الراوي عنه، وهو سعيد بن جبير؛ بل انضم إليه مالكٌ في تزكيته تزكية ضمنية؛ بإخراجه هذا الحديث له في موطئه، وهذا الرجل وإن كان مبهمًا إِلَّا أنه داخل في عموم توثيق مالك لرجال موطئه؛ فإن من أخرج له مالك في موطئه فهو ثقة عنده، وقد كان مالك من أشد الناس انتقادًا للرجال، فقد سأل بشر بن عمر الزهراني مالك بن أنس عن رجل، فقال:"هل رأيته في كتبي؟ "، قال: لا، قال:"لو كان ثقةً لرأيته في كتبي"، وفي رواية:"أترى في كتبي عنه شيئًا؟ لو كنتُ أرضاه رأيتَ في كتبي عنه"، وقد سبق تقرير هذا القول، ونقل كلام أهل العلم فيه تحت شواهد الحديث السابق برقم (623).
ومما يؤيد تقوية هذا المبهم وتوثيقه أيضًا، واعتماد تزكية سعيد بن جبير له، أن الإمام أحمد لما سئل عن: ما روى سعيد بن جبير عن عائشة، أهو على السماع؟ قال:"لا أُراه سمع منها، عن الثقة عن عائشة رضي الله عنها"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 284/ 5261)]، فنعته أحمد بالثقة، مع كونه مبهمًا، فاجتمع حينئذ في تزكية هذا المبهم وتوثيقه: ثلاثة؛ الراوي عنه سعيد بن جبير، وقبل تزكيته واعتبرها توثيقًا له: مالك وأحمد، وقد وجدت له شاهدًا صحيحًا موقوفًا على أبي الدرداء أو أبي ذر؛ وذلك مما يجعل النفس تطمئن لثبوته، واللّه أعلم.
* قال الدارقطني في العلل (14/ 328/ 3672): "يرويه محمد بن المنكدر، واختلف عنه في إسناده:
فرواه مالك بن أنس، عن محمد بن المنكدر، واختلف عنه:
فرواه أصحاب الموطأ، منهم: القعنبي، ومعن بن عيسى، وعبد الملك الماجشون، وقتيبة، ويحيى القطان، وابن المبارك، وعبد الرحمن بن القاسم، وابن وهب، وأبو مصعب، ويحيى بن بكير، عن مالك، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن رجل عنده رضًا، عن عائشة.
ورواه محمد بن عون بن أبي عون، عن مالك، عن ابن المنكدر، عن سعيد بن جبير، مرسلًا، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
ورواه عثمان بن عمر، ومحمد بن القاسم، عن مالك، عن ابن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن عائشة، ولم يذكرا بينهما أحدًا.
وكذلك رواه أبو أويس، وورقاء بن عمر، وأبو جعفر الرازي، واختلف عنه؛
فرواه عبد الرحمن الدشتكي، ووكيع بن الجراح، وأبو أحمد الزبيري، عن أبي جعفر الرازي، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن عائشة.
ورواه محمد بن سليمان بن أبي داود، عن أبي جعفر، عن ابن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة.
ورواه عبد اللّه بن سعيد بن أبي هند، عن ابن المنكدر، عمن حدثه، عن عائشة.
ورواه إبراهيم بن أبي يحيى، عن ابن المنكدر، وصفوان بن سليم، عن سعيد بن جبير، عن عائشة.
ورواه المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر، ووهم في قوله: جابر.
والصحيح: ما قاله مالك في الموطأ، عن ابن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن رجل عنده رضًا، عن عائشة.
ورواه أيوب بن سيار، عن ابن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن عروة، عن عائشة بلفظ غير مضبوط، وهو أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى ثنتي عشرة ركعةً من النهار، فحافظ عليهن، بنى الله له بيتًا في الجنة"، وهذا اللفظ غير الأول، قاله محمد بن بكير الحضرمي، عن أيوب".
قلت: الوجه الأخير: رواه أيوب بن سيار، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى في يوم اثنتي عشرة ركعة يحافظ عليهن؛ بنى الله له بيتًا في الجنة".
أخرجه إسحاق بن راهويه (3/ 940/ 1642)، وأبو طاهر السلفي في الثاني والثلاثين من المشيخة البغدادية (35) (2620 - مشيخة المحدثين البغدادية). وانظر: علل الدارقطني (14/ 329/ 3672)، تعليقات الدارقطني على المجروحين (20).
قلت: هو حديث باطل، أيوب بن سيار: متروك، منكر الحديث، كذبه بعضهم [الميزان (1/ 288)، اللسان (1/ 539)، الجامع في الجرح والتعديل (1/ 90)].
* وله شاهد من حديث أبي الدرداء، أو أبي ذر:
يرويه حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن سليمان الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبدة بن أبي لبابة، عن سويد بن غفلة، عن أبي الدرداء، يبلغ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال:"من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل؛ فغلبته عيناه حتى أصبح، كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه عز وجل".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 258/ 1787)، وفي الكبرى (2/ 178/ 1463)، وابن ماجة (1344)، وابن خزيمة (2/ 196/ 1172)، والحاكم (1/ 311)(2/ 83/ 1183 - ط. الميمان)، والبزار (10/ 87/ 4153)[وسقط من إسناده حبيب بن أبي ثابت، والبلية فيه من شيخ البزار، حميد بن الربيع، وهو: ذاهب الحديث. تقدم الكلام عنه مرارًا، راجع مثلًا: فضل الرحيم الودود (10/ 369/ 975)]، وابن نصر المروزي في قيام الليل (187 - مختصره)، والآجري في قيام الليل والتهجد (23)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (325)، والبيهقي (3/ 15)، [التحفة (7/ 442/ 10937)، الإتحاف (12/ 573/ 16114)، المسند المصنف (27/ 115/ 12163)].
قال ابن خزيمة: "هذا خبر لا أعلم أحدًا أسنده غير حسين بن علي عن زائدة، وقد اختلف الرواة في إسناد هذا الخبر".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من وجه من الوجوه إِلَّا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وهو حسن الإسناد من غريب حديث الأعمش متصل الإسناد".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والذي عندي أنهما عللاه بتوقيف روي عن زائدة".
وقال النووي في المجموع (4/ 51)، وفي الخلاصة (1996):"رواه النسائي وابن ماجة بإسناد صحيح على شرط مسلم".
قلت: هكذا رواه عن زائدة به مرفوعًا: الحسين بن علي الجعفي الكوفى، وهو ثقة، مكثر عن زائدة، وله عنه أوهام يسيرة.
* خالفه فأوقفه: معاوية بن عمرو [ثقة، كان راوية لزائدة]، فرواه عن زائدة به موقوفًا من قول أبي الدرداء.
أخرجه الحاكم (1/ 311)(2/ 83/ 1184 - ط. الميمان)، والبيهقي (3/ 15)، [الإتحاف (12/ 573/ 16114)].
قال الحاكم: "وهذا مما لا يوهِّن؛ فإن الحسين بن علي الجعفي: أقدم وأحفظ وأعرف بحديث زائدة من غيره، والله أعلم".
وقال البيهقيّ: "ورواه جرير، عن سليمان الأعمش، عن حبيب، عن عبدة بن أبي لبابة، عن زر بن حبيش، عن أبي الدرداء موقوفًا، ورواه الثوري، عن عبدة، عن زر، أو عن سويد، عن أبي الدرداء، أو عن أبي ذر، موقوفًا".
قلت: رواية معاوية بن عمرو الموقوفة أشبه من رواية الحسين الجعفي المرفوعة؛ لتتابع الثقات على وقف هذا الحديث.
* فقد رواه موقوفًا، وخالفه في إسناده فجعل زرًا موضع سويد:
جرير بن عبد الحميد [كوفي، ثقة]، رواه عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبدة بن أبي لبابة، عن زر بن حبيش، عن أبي الدرداء، قال: من حدث نفسه بساعة من الليل يصليها فغلبته عينه فنام، كان نومه صدقة عليه، وكتب له مثل ما أراد أن يصلي.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 196/ 1173)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (187 - مختصره)، [الإتحاف (12/ 569/ 16103)، المسند المصنف (27/ 116/ 12163)].
قال ابن خزيمة: "وهذا التخليط من عبدة بن أبي لبابة، قال مرة: عن زر، وقال مرة: عن سويد بن غفلة، كان يشك في الخبر، أهو عن زر، أو عن سويد".
* خالفه سفيان الثوري:
رواه عبد الله بن المبارك [ثقة حجة، إمام فقيه]، وعبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ]: عن سفيان الثوري، قال: سمعت عبدة بن أبي لبابة، يقول: سمعت سويد بن غفلة، يحدث عن أبي ذر، أو عن أبي الدرداء، قال: ما من رجل يريد أن يقوم ساعة من الليل، فتغلبه عينه، إِلَّا كتب اللّه له أجرها، وكان نومه صدقة، تصدق اللّه بها عليه.
أخرجه ابن المبارك في الزهد (1239)، ومن طريقه: النسائي في المجتبى (3/ 258 / 1788)، وفي الكبرى (2/ 178/ 1464)(3/ 83/ 1553 - ط. التأصيل)، وعبد الرزاق (2/ 500/ 4224)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 160/ 2595)، [التحفة (7/ 442/ 10937)، المسند المصنف (27/ 115/ 12163)].
* ورواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن سفيان، عن عبدة بن أبي لبابة، عن زر بن حبيش، أو عن سويد بن غفلة - شك عبدة -، عن أبي الدرداء، أو عن أبي ذر، قال: ما من رجل تكون له ساعة من الليل يقومها فينام عنها إِلَّا كتب اللّه له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة تصدق بها عليه.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 197/ 1174)، [الإتحاف (12/ 573/ 16114)، المسند المصنف (27/ 115/ 12163)].
* ورواه أيضًا: عبد اللّه بن المبارك، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي لبابة، عن سويد بن غفلة، عن أبي ذر، أو عن أبي الدرداء، قال: ما من رجل يريد صلاة بالليل فينام إِلَّا كان نومه عليه صدقة من الله عز وجل، وإلا كتب له ما نوى.
أخرجه ابن المبارك في الزهد (1240)، ومن طريقه: النسائي في الكبرى (2/ 178/
1464) (3/ 83/ 1553 - ط. التأصيل)، [التحفة (7/ 442/ 10937)، المسند المصنف (27/ 115/ 12163)].
* تابعه: الحسين بن الحسن بن حرب السلمي المروزي [صاحب ابن المبارك، وراوي كتاب الزهد: ثقة]، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عبدة بن أبي لبابة، بإسناده نحوه.
أخرجه الحسين المروزي في زياداته على كتاب الزهد لابن المبارك (1241).
قال ابن خزيمة: "وعبدة رحمه الله قد بيَّن العلة التي شك في هذا الإسناد: أسمعه من زر، أو من سويد، فذكر أنهما كانا اجتمعا في موضع، فحدث أحدهما بهذا الحديث، فشك مَن المحدِّث منهما، ومَن المحدَّث عنه".
* فرواه عبد الجبار بن العلاء [ثقة، من أصحاب ابن عيينة]: ثنا سفيان، قال: حفظته من عبدة بن أبي لبابة، قال: ذهبت مع زر بن حبيش إلى سويد بن غفلة نعوده، فحدث سويد، أو حدث زر، وأكبر ظني أنه سويد، عن أبي الدرداء، أو عن أبي ذر، وأكبر ظني أنه عن أبي الدرداء، أنه قال: ليس عبد يريد صلاة - وقال مرة: من الليل -، ثم ينسى فينام إِلَّا كان نومه صدقة عليه من الله، وكتب له ما نوى.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 197/ 1175)، [الإتحاف (12/ 573/ 16114)، المسند المصنف (27/ 115/ 12163)].
قال ابن خزيمة: "فإن كان زائدة حفظ الإسناد الذي ذكره، وسليمان سمعه من حبيب، وحبيب من عبدة؛ فإنهما مدلسان، فجائز أن يكون عبدة حدث بالخبر مرة قديمًا عن سويد بن كفلة، عن أبي الدرداء بلا شك، ثم شك بعدُ أسمعه من زر بن حبيش أو من سويد؟ وهو عن أبي الدرداء أو عن أبي ذر؛ لأن بين حبيب بن أبي ثابت وبين الثوري وابن عيينة من السن ما قد ينسى الرجل كثيرًا مما كان يحفظه، فإن كان حبيب بن أبي ثابت سمع هذا الخبر من عبدة فيشبه أن يكون سمعه قبل مولد ابن عيينة؛ لأن حبيب بن أبي ثابت لعله أكبر من عبدة بن أبي لبابة، قد سمع حبيب بن أبي ثابت من ابن عمر، واللّه أعلم بالمحفوظ من هذه الأسانيد".
قلت: سمع حبيب من ابن عمر وهو صغير، فلم يسمع منه سوى ثلاثة أحاديث فقط [راجع: بحثي في سماع حبيب من ابن عمر: فضل الرحيم الودود (6/ 404/ 567)].
ولا يستبعد قول ابن خزيمة باحتمال سماع حبيب لهذا الحديث من عبدة قبل مولد ابن عيينة؛ لأن ابن عيينة ولد سنة (107)، وسمع من عبدة بن أبي لبابة سنة (123)[التهذيب (2/ 59 و 644)]، وكانت وفاة حبيب سنة (119)، فلم يجالس ابن عيينة عبدة إِلَّا بعد وفاة حبيب، ورواية حبيب عن عبدة من باب رواية الأكابر عن الأصاغر؛ فإن حبيبًا أكبر من عبدة، واللّه أعلم.
لكن الأقرب - والله أعلم - أن رفع هذا الحديث وهمٌ؛ حيث تفرد به حسين الجعفي،
وخالفه معاوية بن عمرو فرواه عن زائدة به موقوفًا، وتابعه على وقفه عن الأعمش: جرير بن عبد الحميد، ثم رواه عن عبدة به موقوفًا أيضًا: سفيان الثوري، وابن عيينة، وأما الاختلاف في تابعيه، هل هو: سويد بن غفلة، أم زر بن حبيش؟ فلا يضر؛ لكونهما كانا حاضرين في مجلس واحد، لكن عبدة لم يضبط ممن سمعه، ولا يضر ذلك؛ إذ كل منهما ثقة مخضرم، فقد ماتا سنة ثمانين أو بعدها بقليل، وعمَّرا طويلًا، حيث توفيا عن عمر يناهز (130) سنة، والله أعلم.
* فإن قيل: قد رواه شعبة عن عبدة به مرفوعًا:
فيقال: ثبت العرش ثم انقش؛ فقد رواه أبو إسحاق محمد بن سعيد الأنصاري: حَدَّثَنَا مسكين بن بكير: حَدَّثَنَا شعبة، عن عبدة بن أبي لبابة، عن سويد بن غفلة؛ أنه عاد زر بن حبيش في مرضه، فقال: قال أبو ذر، أو أبو الدرداء - شك شعبة -: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يحدث نفسه بقيام ساعة من الليل، فينام عنها، إِلَّا كان نومه صدقة تصدق الله بها عليه، وكتب له أجر ما نوى".
أخرجه ابن حبان (6/ 323/ 2588)، [الإتحاف (14/ 120/ 17502)، المسند المصنف (27/ 116/ 12163)].
قلت: مسكين بن بكير الحراني: لا بأس به، كان كثير الوهم، حدث عن شعبة بأحاديث لم يروها أحد [التهذيب (4/ 64))]، والراوي عنه: أبو إسحاق محمد بن سعيد بن حماد الأنصاري الحراني، روى عنه: النسائي، وابن الباغندي، وأبو عروبة الحراني، وأبو أمية الطرسوسي، قال النسائي:"لا أدري ما هو؟ "، وذكره ابن حبان في الثقات [الثقات (9/ 102)، تاريخ الإسلام (18/ 436)، التهذيب (3/ 573)].
قال الدارقطني في العلل (6/ 207/ 1074) بعد ذكر رواية الأعمش والثوري: "رفعه مسكين بن بكير عن شعبة، ووقفه غندر وغيره، ووقفه ابن عيينة عن عبدة، ولم يرفعه، والمحفوظ: الموقوف".
وعليه؛ فإن رواية مسكين بن بكير هذه شاذة، والمحفوظ عن شعبة: موقوف.
* والحاصل: فإن هذا حديث موقوف على أبي الدرداء أو أبي ذر بإسناد صحيح.
* وقد رواه مهدي بن جعفر: حَدَّثَنَا ضمرة، عن الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود، قال: عن النَّبِيّ عليه السلام، قال:"من حدث نفسه بقيام الليل فنام كان ذلك صدقة عليه، وكتب الله له أجر قيامه".
أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (509).
قلت: وهذا حديث خطأ؛ وذكر ابن مسعود فيه وهم، وجادة مسلوكة، ورواية زر عن ابن مسعود في الصحيحين [انظر: التحفة (6/ 271/ 9205)]، إنما هو عن أبي الدرداء أو أبي ذر موقوفًا، ولا يثبت هذا عن الأوزاعي؛ ضمرة بن ربيعة الفلسطيني: ثقة، لكن له أوهام وإفرادات عن الأوزاعي لا يتابع عليها [انظر مثلًا: تاريخ أبي زرعة الدمشقي (459