الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللسان (7/ 143)] عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس، نحو عشرين حديثاً؟ فقال: "هي أحاديث موضوعة،
…
"، وقال البخاري: "فيه نظر"، وأنكر العقيلي أحاديثه، وقال ابن حبان: "يروي عن الزبير بن عدي بنسخة موضوعة، ما لكثيرِ حديثٍ منها أصل،
…
"، وقال عنه في الثقات في ترجمة الزبير بن عدي: "ولا يروى عنه إلا على جهة التعجب"، وقال في ترجمة الزبير من المشاهير: "وكل ما في أخباره من المناكير فهي من جهة بشر بن الحسين الأصبهاني"، وقال ابن عدي: "وعامة حديثه ليس بالمحفوظ"، ثم قال: "وإنما أتي ذلك من قبل بشر بن الحسين؛ لأنه يبطل في روايته عن الزبير ما لا يتابعه أحدٌ عليه، والزبير: ثقة، وبشر: ضعيف"، وقال الدارقطني: "متروك"، وقال أيضًا: "أصبهاني، عن الزبير بن عدي، وله عنه نسخة موضوعة، والزبير: ثقة" [التاريخ الكبير (2/ 71)، الجرح والتعديل (2/ 355)، ضعفاء العقيلي (1/ 141)، المجروحين (1/ 190)، الثقات (4/ 262)، المشاهير (992)، الكامل (2/ 10)، طبقات المحدثين بأصبهان (1/ 384)، ضعفاء الدارقطني (126)، تاريخ الإسلام (14/ 76)، اللسان (2/ 292)].
• وانظر أيضًا في: المناكير والأباطيل: ما أخرجه الخطيب في الموضح (2/ 438). * وأما الأحاديث الواردة في الحث على القصد في العبادة، فسيفرد لها أبو داود باباً مستقلّاً، في آخر أبواب قيام الليل [الأحاديث رقم (1368 - 1370)]، ويأتي الكلام عليها في هذا الموضع إن شاء الله تعالى، ومنها قصة الحولاء بنت تويت، والله أعلم.
* * *
309 - باب من نام عن حزبه
1313 -
قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان،
(ح) وحدثنا سليمان بن داود، ومحمد بن سلمة المرادي، قالا: حدثنا ابن وهب- المعنى-، عن يونس، عن ابن شهاب؛ أن السائبَ بن يزيد وعبيدَ الله أخبراه؛ أن عبد الرحمن بن عبدٍ - قالا عن ابن وهب: ابنَ عبدٍ القارِيَّ -قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن حزبِه، أو عن شيءٍ منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كُتِبَ له كأنما قرأه من الليل".
* حديث صحيح
• أخرجه من طريق قتيبة بن سعيد، عن أبي صفوان عبد الله بن سعيد، عن يونس به مرفوعًا:
الترمذي (581)، والنسائي في المجتبى (3/ 259/ 1790)، وفي الكبرى (2/ 179/ 1466)، والدولابي في الكنى (2/ 668/ 1180)، والطحاوي في المشكل (4/ 67/
1436)، والشجري في الأمالي الخميسية (1005 - ترتيبه)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 113/ 985)، [التحفة (7/ 267/ 10592)، المسند المصنف (22/ 164/ 10011)].
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال البغوي: "هذا حديث صحيح".
• هكذا رواه عن ابن وهب: أبو الربيع سليمان بن داود بن حماد المهري [ثقة]، ومحمد بن سلمة المرادي [ثقة ثبت]:
• وتابعهما عن ابن وهب: هارون بن معروف، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو ابن السرح، وحرملة بن يحيى، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، والربيع بن سليمان المرادي صاحب الشافعي، ويونس بن عبد الأعلى، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وأحمد بن عيسى بن حسان المصري، وبحر بن نصر الخولاني، وعمرو بن سوَّاد بن الأسود العامري المصري [وهم اثنا عشر رجلًا من ثقات أصحاب ابن وهب]:
عن ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، وعبيد الله بن عبد الله؛ أخبراه عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل".
أخرجه مسلم (747)، وأبو عوانة (2/ 14/ 2135)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 342/ 1694)، وابن ماجه (1343)، وابن خزيمة (2/ 195/ 1171)، وابن حبان (6/ 370/ 2643)، وابن وهب في الجامع (335)، والبزار (1/ 428/ 302)، وأبو يعلى (1/ 202/ 235)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 761/ 24 - مسند عمر)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 160/ 2593)، والطحاوي في المشكل (4/ 66/ 1434)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 326)[ولفظه شاذ]، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (516)، وابن حزم في المحلى (3/ 32)، والبيهقي في السنن (2/ 484 و 485)، وفي المعرفة (2/ 295/ 1349)، وابن حجر في نتائج الأفكار (3/ 181)، [التحفة (7/ 267/ 10592)، الإتحاف (12/ 305/ 15644)، المسند المصنف (22/ 164/ 10011)].
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن عمر، وإسناده صحيح".
وقال ابن جرير الطبري: "ذكر ما صح عندنا سنده من حديث عبد الرحمن بن عبدٍ القاري عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم "، ثم قال بعد أن أسنده من طريقين:"وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علةَ فيه توهِّنه، ولا سببَ يضعِّفه".
وقال أبو نعيم: "لا أعلم رواه عن ابن شهاب مرفوعًا إلا يونس".
وقال ابن حجر: "هذا حديث صحيح".
• وانظر فيمن وهم في إسناده على حرملة بن يحيى وهماً فاحشًا، فجعله من حديث
مالك عن الزهري، وإنما هو: يونس عن الزهري: التمهيد (12/ 271]، وعزاه للدارقطني في غرائب مالك، ونقل عن الدارقطني قوله:"لم يكتب من حديث مالك إلا من هذا الوجه، وهو غريب عن مالك، ومحفوظ من حديث يونس وعقيل عن الزهري"، وقال:"وأحمد بن طاهر: ليس بالقوي".
• ورواه ابن المبارك، واختلف عليه:
أ - فرواه سويد بن نصر [مروزي، ثقة، وهو راوية ابن المبارك]، والحسين بن الحسن بن حرب السلمي المروزي [صاحب ابن المبارك، ثقة]، والحسن بن عيسى [هو: ابن ماسرجس، مولى ابن المبارك: ثقة]، ونعيم بن حماد [مروزي، ضعيف]:
عن عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن ابن شهاب؛ أن السائب بن يزيد وعبيد الله أخبراه؛ أن عبد الرحمن بن عبدٍ [القاري]، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: من نام عن حزبه أو عن شىِء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل. موقوفاً.
أخرجه ابن المبارك في الزهد (1247)، ومن طريقه: النسائي في الكبرى (2/ 179 - 180/ 1467)(3/ 84/ 1556 - ط. التأصيل)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (188 - مختصره)، والطحاوي في المشكل (4/ 67/ 1436 م)، [التحفة (7/ 267/ 10592)، المسند المصنف (22/ 164/ 10011)].
ب - وخالفهما: عتاب بن زياد [مروزي، ثقة]، قال: حدثنا عبد الله -يعني: ابن المبارك-: أخبرنا يونس، عن الزهري، عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الرحمن بن عبدٍ، عن عمر بن الخطاب، -قال عبد الله بن أحمد: وقد بلغ به أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من فاته شيء من ورده -أو قال: من حزبه- من الليل فقرأه ما بين صلاة الفجر إلى الظهر، فكأنما قرأه من ليلته".
أخرجه أحمد (1/ 32 و 53)، [الإتحاف (12/ 305/ 15644)، المسند المصنف (22/ 164/ 10011)].
قلت: قول عبد الله بن أحمد هذا يدل على أنه كان يعلم أن ابن المبارك كان يقفه، خلافًا لأصحاب يونس، إلا أن أباه رفعه، فكأن أحمد لم يرتض هذا التقصير فيه من ابن المبارك بوقف الحديث، وقد رواه أصحاب يونس مرفوعًا، وهو المحفوظ عنه، فبلغ به أحمد إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
° كذلك لم يرتض ابن صاعد أيضًا فعل ابن المبارك بوقفه، فتعقب روايته في كتاب الزهد بقوله:"رفعه الليث بن سعد، وابن وهب، وأبو صفوان الأموي عبد الله بن سعيد، عن يونس بن يزيد".
• قلت: تقدمت رواية عبد الله بن وهب وأبي صفوان الأموي، وأما رواية الليث فقد وصلها:
الدارمي (1621)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 475)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (188 - مختصره)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 762/ 25 - مسند عمر)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 142 - 143/ 545)، والطحاوي في المشكل (4/ 66/ 1435)، والبيهقي في الشعب (3/ 231/ 1300) و (5/ 378/ 2807)، والبغوي في شرح السُّنة (4/ 113/ 985)، وابن حجر في نتائج الأفكار (3/ 181)، [الإتحاف (12/ 305/ 15644)، المسند المصنف (22/ 164/ 10011)].
من طريق: عبد الله بن صالح [أبو صالح المصري، كاتب الليث: صدوق، كان كثير الغلط، وكانت فيه غفلة]، ويحيى بن عبد الله بن بكير [مصري، ثقة في الليث]:
عن الليث، قال: حدثني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني السائب بن يزيد، وعبيد الله بن عبد الله؛ أن عبد الرحمن بن عبدٍ، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر؛ كتب له كأنما قرأه من الليل".
قال البغوي وابن حجر: "هذا حديث صحيح".
* هكذا رواه عن يونس بن يزيد الأيلي به مرفوعًا: الليث بن سعد، وعبد الله بن وهب، وأبو صفوان الأموي عبد الله بن سعيد [وهم ثقات، وفيهم اثنان من أثبت أصحاب يونس المكثرين عنه؛ الليث وابن وهب].
• وتابعهم أيضًا: شبيب بن سعيد الحبطي [والراوي عنه ابنه: أحمد بن شبيب]، فرواه عن يونس به مرفوعًا.
أخرجه أبو عوانة (2/ 14/ 2135 م)، قال: حدثنا أبو يوسف الفارسي، قال: حدثنا أحمد بن شبيب به. [الإتحاف (12/ 305/ 15644)].
قلت: أحمد بن شبيب شيخ للبخاري، أخرج البخاري في صحيحه عنه عشرة أحاديث، عن أبيه، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب [انظر مثلًا: صحيح البخاري (1325 م و 2389 و 3696 و 6445)].
قال ابن عدي في "أسامي من روى عنهم البخاري من مشايخه الذين ذكرهم في جامعه الصحيح" رقم (6): "أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي: من أهل مكة، قبله أهل العراق، ووثقوه، يروي عن أبيه، عن يونس، عن الزهري، نسخة للزهري
…
".
قال علي بن المديني: "شبيب بن سعيد: بصري ثقة، كان من أصحاب يونس".
وقال أبو حاتم عن شبيب: "كان عنده كتب يونس بن يزيد، وهو صالح الحديث، لا بأس به"، قلت: وقد وثقه جماعة من الأئمة.
وقال ابن عدي: "حدَّث عنه ابن وهب بالمناكير، وحدَّث شبيب عن يونس عن الزهري نسخة الزهري: أحاديث مستقيمة"؛ يعني: من رواية غير ابن وهب عنه، ثم قال في آخر ترجمته: "ولشبيب بن سعيد نسخة الزهري عنده عن يونس عن الزهري، وهي أحاديث
مستقيمة، وحدث عنه ابن وهب بأحاديث مناكير"، ثم علل ذلك بأنه حدث بمصر من حفظه فاخطأ ووهم، وليس هذا الحديث منها؛ فإنه من رواية ابنه أحمد عنه، فهو من مستقيم حديثه، والله أعلم [الجرح والتعديل (4/ 359)، الكامل (4/ 30)، التهذيب (2/ 150)].
وأما شيخ أبي عوانة، فهو الحافظ الكبير يعقوب بن سفيان بن جوان، أبو يوسف الفسوي الفارسي، صاحب التاريخ، نعته الذهبي في السير (13/ 180) بقوله:"الإمام، الحافظ، الحجة، الرحال، محدث إقليم فارس"، وهو: ثقة حافظ، من شيوخ الترمذي والنسائي.
فهذه رواية أربعة من أصحاب يونس قد اتفقوا على رفعه، وهو الصواب.
* وروي عن عقيل بن خالد:
رواه محمد بن عزيز الأيلي: حدثني سلامة بن روح، عن عقيل، قال: قال [وفي رواية: عن] ابن شهاب: وأخبرني السائب بن يزيد، وعبيد الله بن عبد الله؛ أن عبد الرحمن بن عبدٍ، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
بمثله سواء.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 195/ 1171 م)، وأبو عوانة (2/ 14/ 2136)، والطحاوي في المشكل (4/ 69/ 1437)، [الإتحاف (12/ 305/ 15644)، المسند المصنف (22/ 164/ 10011)].
قلت: سلامة: ليس بالقوي، ولم يسمع من عمه عقيل، وحديثه عن كتب عقيل، وكانت فيه غفلة [انظر: التهذيب (2/ 141)، الميزان (2/ 183)، التاريخ الكبير (4/ 195)، وقال:"سمع عقيلاً"، وتبعه على ذلك مسلم في الكنى (1058)، وقد نفى أهلُ بلده سماعَه من عقيل، كما قال أحمد بن صالح، وأقام على ذلك البرهان. انظر: الجرح والتعديل (4/ 301)، تاريخ أسماء الضعفاء لابن شاهين (271)، المؤتلف للدارقطني (4/ 1751)]، ومحمد بن عزيز: صدوق، تُكلم في سماعه من ابن عمه سلامة [انظر: التهذيب (3/ 648)، الميزان (3/ 647)، إكمال مغلطاي (10/ 277)]. وقد أُنكرت أحاديث بهذا الإسناد [انظر: الكامل لابن عدي (3/ 313). وغيره].
قال ابن عدي في الكامل (3/ 314)(5/ 346 - ط. الرشد): "وهذه الأحاديث عن عقيل عن الزهري كتاب نسخة كبيرة، يقع في جزأين، وفيها عن عقيل عن الزهري أحاديث أُنكِرت من حديث الزهري بما لا يرويه غير سلامة عن عقيل عنه".
قلت: وفي هذا إشارة إلى أن في هذا الكتاب عن عقيل أحاديث محفوظة عن الزهري، وهذا منها، ولذلك فقد احتج جماعة بهذا الطريق عن عقيل، لكونه متابعاً ليونس بن يزيد على رفع هذا الحديث عن الزهري، كما تابعه على إسناده أيضًا.
فهو إسناد صالح في المتابعات، باعتبار كونه كتابًا يروى عن عقيل بغير سماع، وقد قال إسحاق بن إسماعيل الأيلي للحافظ محمد بن مسلم ابن وارة عن سلامة: "الكتب التي
يروي عن عقيل: صحاح" [الجرح والتعديل (4/ 301)]، وإن كان لا يحتج بما ينفرد به عن عقيل؛ بل تُعَدُّ أفراده من المناكير، والله أعلم.
* خالفهما في رفعه، وفي إسناده:
معمر بن راشد [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الزهري]، فرواه عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري؛ أن عمر بن الخطاب، قال: من نام عن جزئه -أو قال: حزبه- من الليل، فقرأه فيما بين صلاة الصبح إلى صلاة الظهر؛ فكأنما قرأه من الليل.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 50/ 4748)(3/ 25/ 4800 - ط. التأصيل). ومن طريقه: النسائي في المجتبى (3/ 259 - 260/ 1791)(3/ 504/ 1807 - ط. التأصيل)[وسقط ذكر عروة من المطبوعتين، ووقع في الأولى مرفوعًا، وفي الأخرى موقوفاً، والصحيح ما أثبته]. وفي الكبرى (2/ 180/ 1468)(3/ 84/ 1557 - ط. التأصيل)، والطحاوي في المشكل (4/ 68 - 69/ 1436 م)، [التحفة (7/ 267/ 10592)، المسند المصنف (22/ 164/ 10011)].
هكذا أوقفه معمر، وجعل عروة موضع: السائب بن يزيد، وعبيد الله بن عبد الله.
والرفع زيادة من ثقتين من أصحاب الزهري، فوجب قبولها، كما أن رواية الزهري عن عروة جادة مسلوكة، وطريق سهلة، يسبق اللسان إليها، وهي أكثر بكثير من روايته عن السائب، وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، لذا يسبق الوهم إليها، بخلاف هذا الإسناد الذي جمع فيه الزهري بين اثنين من شيوخه، أضف إلى ذلك: أن ذلك القول في تعيين وقت بذاته لقضاء صلاة الليل، وحصول ثوابها فيه، لا يتأتى إلا من قِبَل الوحي، ولا مجال للرأي والاجتهاد فيه؛ ومن ثم فإنَّ من وقفه حينئذ يكون مقصراً به، وبهذه القرائن يتبين وهم معمر في إسناد هذا الحديث، وأن المحفوظ فيه ما أخرجه مسلم، والله أعلم.
° والحاصل: فقد صحح هذا الحديث، ورجح رفعه جماعة من النقاد والأئمة، منهم: مسلم بن الحجاج حيث أخرجه في صحيحه، والترمذي، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، والبزار، وابن جرير الطبري، والطحاوي، والبغوي.
وممن أطال في بيان وجوه ترجيح المرفوع وعدم إعلاله بالموقوف: ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار، والطحاوي في المشكل.
° ونختم بقول إمام علم العلل؛ الإمام علي بن المديني، حيث قال ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 248) ينقل عن ابن المديني قوله:"ورواه غير واحد عن عمر ولم يرفعه، ورفعه الزهري، وجوَّد إسناده، وصححه"، يريد ابن كثير: أن ابن المديني قد صحح هذا الحديث؛ معتمداً رواية الزهري المرفوعة، حيث إنه أثبت من روى هذا الحديث، وقد جوَّده، وضبط إسناده، والله أعلم.
• وقد روي من حديث زياد بن سعد عن الزهري، ولا يثبت عنه:
رواه أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني: حدثنا ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، عن عبد الرحمن بن عبد القاري؛ أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نام عن حزبه من الليل، فقرأ به من الهاجرة إلى الظهر فكأنما قرأه من الليل".
أخرجه الطبراني في الصغير (962).
قال الطبراني: "لم يروه عن ابن جريج إلا أبو قتادة الحراني".
قلت: هو حديث باطل من حديث ابن جريج، فقد تفرد به عنه دون بقية أصحابه على كثرتهم: أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني، وهو: متروك، منكر الحديث.
* وقد روي ذلك عن عمر من وجوه أخرى من قوله وفعله:
1 -
فقد روى عبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن المبارك، وأبو مصعب الزهري، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن بكير، ويحيى بن يحيى الليثي، وسويد بن سعيد الحدثاني:
عن مالك، عن داود بن الحصين، عن الأعرج، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري؛ أن عمر بن الخطاب قال: من فاته حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر؛ فإنه لم يفُتْه، أو: كأنه أدركه.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 276/ 538)، ومن طريقه: النسائي في المجتبى (3/ 260/ 1792)(3/ 504/ 1808 - ط. التأصيل)، وفي الكبرى (2/ 180/ 1469)(3/ 85/ 1558 - ط. التأصيل)، وابن المبارك في الزهد (1248)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 475)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (517)، والبيهقي (2/ 484 و 485)، [التحفة (7/ 267/ 10592)، المسند المصنف (22/ 164/ 10011)].
قال ابن عبد البر في التمهيد (12/ 270): "وأما حديث مالك، عن داود، عن الأعرج، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر؛ فإن قوله فيه: "فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر" وهمٌ عندي، والله أعلم.
ولا أدري أمِن داود جاء أم من غيره؛ لأن المحفوظ فيه عن عمر من حديث ابن شهاب: "من نام عن حزبه أو عن شيء من حزبه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه
…
". وقد اختلف في إسناده ورفعه عن ابن شهاب
…
"، فذكر اختلاف يونس ومعمر على ابن شهاب، ثم ذكر رواية الدارقطني في غرائب مالك وتضعيفه لها، ثم قال: "وهذا الوقت فيه من السعة ما ينوب عن صلاة الليل، فيتفضل الله برحمته على من استدرك من ذلك ما فاته، وليس من زوال الشمس إلى صلاة الظهر ما يستدرك فيه كل أحد حزبه، وهذا بيِّن، والله أعلم".
وقال أيضًا في الاستذكار (2/ 475): "هكذا هذا الحديث في الموطأ عن داود بن
الحصين، وهو عندهم وهمٌ من داود والله أعلم؛ لأن المحفوظ من حديث ابن شهاب: عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد اللّه، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر بن الخطاب، قال: من نام عن حزبه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل، ومن أصحاب ابن شهاب من يرويه عنه بإسناده عن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وهذا عند أهل العلم أولى بالصواب من حديث داود من حصين، حين جعله من زوال الشمس إلى صلاة الظهر؛ لأن ضيق ذلك الوقت لا يدرك فيه المرء حزبه من الليل، ورُبَّ رجلٍ حزبه نصف وثلث وربع نحو ذلك،
…
والذي في حديث ابن شهاب: من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر أوسع وقتًا، وابن شهاب: أتقن حفظًا، وأثبت نقلًا" [وانظر: المسألك في شرح الموطأ (3/ 370)، فقد نقل كلامه بتصرف].
قلت: حديث مالك هذا رجاله كلهم ثقات متفق عليهم؛ غير داود بن الحصين المدني، وهو: ثقة إِلَّا في عكرمة، فروايته عنه منكرة، قال ابن المديني:"ما روى عن عكرمة فمنكر"، وقال أبو داود:"أحاديثه عن شيوخه مستقيمة، وأحاديثه عن عكرمة: مناكير"، وقد ليَّنه جماعة من النقاد، منهم: أبو حاتم، وأبو زرعة؛ بل قال أبو حاتم:"ليس بالقوي، ولولا أن مالكًا روى عنه لتُرِك حديثه"[التهذيب (1/ 561)، إكمال مغلطاي (4/ 244)، الميزان (2/ 5)].
وعلى هذا فالحمل فيه على داود، كما قال ابن عبد البر، وأن رواية الزُّهري أولى من روايته، والله أعلم.
2 -
وروى هشام الدستوائي [ثقة ثبت، وهو أثبت الناس في يحيى]، والأوزاعي [ثقة فقيه إمام، كان يهِم في حديث يحيى]:
عن يحيى بن أبي كثير: حَدَّثَنَا أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن عبدٍ؛ أنه دخل على عمر بن الخطاب فوجده يصلي قبل الظهر، فقال: ما هذه الصلاة يا أمير المؤمنين؟ قال: إنها صلاة الليل، وفي رواية: هذا من صلاة الليل. لفظ هشام.
وفي رواية: أنه دخل على عمر بن الخطاب وهو يصلي قبل الظهر، فقال: ما هذه الصلاة؟ قال: إنها تعدُّ من صلاة الليل.
أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 117 و 474 و 475 و 655)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 763 و 934/ 1076 - 1095 - مسند عمر).
وهذا موقوف على عمر بإسناد صحيح، وهي واقعة عين، توافق ما رواه عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولا يُعلُّ بها حديث ابن شهاب المرفوع.
3 -
وروى عبد اللّه بن المبارك، وغندر محمد بن جعفر، وإسماعيل ابن عليه [وهم ثقات أثبات]:
عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن حميد بن عبد الرحمن؛ أن عمر قال: من فاته وِرده من الليل فليقرأه في صلاة قبل الظهر؛ فإنها تعدل صلاة الليل.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 260/ 1793)(3/ 505/ 1809 - ط التأصيل)، وفي الكبرى (2/ 180/ 1470)(3/ 85/ 1559 - ط. التأصيل)، وابن المبارك في الزهد (1249)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 764/ 1096 - مسند عمر)، [التحفة (7/ 196/ 10436) و (7/ 267/ 10592)، المسند المصنف (22/ 164/ 10011)].
تنبيه: وقع في المجتبى بدون ذكر عمر، وأثبته في الكبرى، وترجم له بقوله:"ورواه حميد بن عبد الرحمن عن عمر موفوفًا".
* خالفهم فأفحش في الوهم:
سلام بن سليمان المدائني الضرير، قال: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فاته من وِرده من أول الليل شيءٌ فليجعله في صلاله قبل الظهر؛ فإنها تعدل صلاة الليل". رواه مرة مرفوعًا، ومرة موقوفًا.
أخرجه أبو علي الرفاء في فوائده (187)[موقوفًا]. وابن المظفر في غرائب حديث شعبة (91)[مرفوعًا].
قلت: وهذا حديث منكر؛ والمعروف عن شعبة ما رواه عنه جماعة الثقات، وخالفهم في إسناده، ورفعه: سلام بن سليمان الطويل المدائني، وهو: متروك، منكر الحديث.
* وهذا قد رواه شعبة على وجوه أخر:
فقد روى غندر محمد بن جعفر: نا شعبة، عن حميد، عن أنس، قال: كانوا يقولون: صلاة قبل الظهر تعدل صلاة الليل.
أخرجه أبو القاسم البغوي في الجعديات (1467).
* ورواه غندر مرة أخرى، قال: حَدَّثَنَا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: كان يقال: صلاة قبل الظهر تعدل صلاة الليل.
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 768/ 1102 - مسند عمر).
* تابع شعبة على الوجه الأول: مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، فرواه عن سعد بن إبراهيم، عن حميد بن عبد الرحمن، قال: قال عمر: من فاته شيء من قراءته بالليل فصلى ما بينه وبين الظهر فكأنما صلى بالليل.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 416/ 4781)(4/ 21/ 4859 - ط. الشثري).
وهذا منقطع؛ فإن رواية حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن عمر: مرسلة [انظر: تحفة التحصيل (83)].
4 -
وروى وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن الأوزاعي [ثقة فقيه، إمام حافظ]، عن عبدة [هو: ابن أبي لبابة، وهو: ثقة]، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم؛ أن رجلًا استأذن
على عمر بالهاجرة فحجبه طويلاٌ، ثم أذن له، فقال: إني كنت نمت عن حزبي فكنت أقضيه.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 416/ 4782)(4/ 21/ 4860 - ط. الشثري).
وهذا أيضًا منقطع؛ فإن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يدرك عمر، وظاهره مرسل.
5 -
وروى محمد بن بشار [بندار: ثقة ثبت]: حَدَّثَنَا عبد الوهاب بن عبد المجيد [الثقفي: ثقة]، قال: سمعت يحيى بن سعيد [الأنصاري: ثقة ثبت، من الخامسة]، قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب، قال: من فاتته صلاة كان يصليها من الليل، وصلاها بالهاجرة، فكأنما صلاها بالليل.
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 765/ 1097 - مسند عمر).
وهذا أيضًا منقطع، بل معضل.
* وإن قيل: ألا يعله أيضًا: ما رواه جماعة عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبيه، أنه قال: دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة، فوجدته يسبِّح، فقمت وراءه، فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه، فلما جاء يرفأ، تأخرت، فصففنا وراءه.
وهو صحيح عن عمر، موقوفًا عليه [تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (7/ 110/ 613)].
فيقال: إنما كانت تلك صلاة الضحى، ولم تكن صلاة الليل يقضيها عمر، وقد بوب له مالك بقوله:"جامع سبحة الضحى"، بخلاف الأول فقد جعله تحت باب ما جاء في تحزيب القرآن، ولو فرضنا كونه كان قضاءً لصلاة الليل لقيل فيه ما يقال في سابقه.
* والحاصل: فإن ما ثبت عن عمر موقوفًا عليه من فعله؛ فيما رواه يحيى بن أبي كثير: حَدَّثَنَا أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن عبدِ؛ أنه دخل على عمر بن الخطاب فوجده يصلي قبل الظهر
…
؛ لا يُعارض ما ثبت عنه مرفوعًا؛ فيما رواه الزُّهري، عن السائب بن يزيد، وعبيد الله بن عبد الله؛ أنهما أخبراه عن عبد الرحمن بن عبل! القاري، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كانما قرأه من الليل".
فإن الرفع هنا زيادة يجب قبولها؛ بل هما حديثان مستقلان، رواهما عبد الرحمن بن عبدٍ القاري عن عمر، مع اختلاف سياقهما، أحدهما مرفوعًا من قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، والآخر موقوفًا على عمر من فعله في واقعة عين، والحديث المرفوع قد رواه عن القاري رجلان، أحدهما: صحابي صغير، وهو السائب بن يزيد، والآخر: أحد بحور العلم من التابعين، وأحد فقهاء المدينة، وهو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة الهذلي، وكفى بالزهري جلالة