الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامس: قضية كلام الأقران في بعضهم البعض
، تكلم عن هذه القضية العلماء قديماً وحديثاً، لكنَّ المُلاحِظَ لكلام العلماء قديماً مع كلامهم حديثاً، يُلاحظ بَوْناً من ناحية زيادة تسليط الأضواء في العصر الحاضر على هذه القضية، وكأن علماء الجرح والتعديل كانوا يتكلمون بأهوائهم، حتى كأنه أيّ قرين لهم يجرحونه من باب الحسد، فيتصور طالب العلم أنه لا يُقبل كلام القرين في القرين بتاتاً، مع أن العكس هو الصواب؛ لأن الأقران هم أعرف الناس ببعض، وأئمة الجرح والتعديل كانوا أورع وأتقى لله عز وجل من أن يكون هذا الغالب من شأنهم، فإذا وجدنا مثالاً أو مثالين خالفت هذا المنطق، فلا نجعلها الصفة الغالبة. ويُنتبه إلى أن الذين أظهروا هذه القضية، أظهروها لغرضٍ مُعيّن في مثل كتاب (الرفع والتكميل) للكنوي، لا يخفى عن الطالب الحصيف، حيث إنها كانت دفاعاً عن شخصٍ معيّن فقط.
أما قاعدة "كلام الأقران في بعضهم لا يقبل"، فهي قاعدة صحيحة، لكن بقيّد تجاهله وتعامى عنه أولئك، حتى لكأنه لا عبرة به، وهذا القيد هو أن نقول: كلام القرين في القرين لا يقبل إذا كان المُتَكلّمُ فيه ثابت العدالة بكلام عامة أهل العلم، أي لا يقبل كلام الأقران فيمن ثبتت عدالته. مثاله: لما تكلم النسائي في أحمد بن صالح المصري، مع أن أحمد بن صالح إمامٌ في الجرح والتعديل مثل يحيى بن معين، فكلام النسائي فيه لا يقبل، خاصةً إذا عرفنا القضية التي جعلت النسائي يتكلم في أحمد بن صالح المصري، الإمام الذي أثنى عليه العلماء، ولم يجرحه إلا النسائي، فحينها تعلم أن جرح النسائي ليس في محله ولا يقبل منه.