الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علاقة التعريف الاصطلاحي باللغوي ظاهرة: وهي أنك بعزوك للحديث أظهرته وأبرزته وأعلمت أماكن وجوده، إضافةً إلى أن حكمك على الحديث يعطيه مكانةً وقدراً، ويعرِّف القارئ من خلال حكمك هل يُعمل بهذا الحديث أم لا.
*
شرح التعريف:
(العزو) : هو النسبة، أو الإحالة.
وللعزو أساليب مختلفة منها:
1-
…
العزو المطوّل: وهو الذي يلتزم فيه المحُيل أو العازي ذكر مكان وجود الحديث في الكتاب من خلال ذكر الكتاب الذي أورد فيه الحديث، والباب، ثم يضيف المحيل والعازي إلى ذلك: رقم المجلد، والصفحة، ورقم الحديث إن وُجد أيضاً. وهذا أطول عزو ممكن، وقد يقوم مقام الباب والكتاب، ذكر الترجمة فيما لو كان الكتاب مرتب على التراجم، كتاريخ بغداد، وتراجم الضعفاء، فتقول: في ترجمة فلان. وميزة العزو المطوّل: أنه تبقى إفادته مهما اختلفت طبعات الكتاب. وعيبه: الطول، خاصةً إذا كان الحديث يُعزى إلى مصادر كثيرةٍ جداً.
2-
العزو المختصر: وهو أن تذكر من أخرج الحديث فقط. فتقول: أخرجه البخاري، من دون ذكر الباب ولا الكتاب ولا الصفحة ولا المجلد ولا أي شئ، كما كان يفعله المتقدمون، أنظر (تلخيص الحبير) ، و (نصب الراية) ، وكتب التخريج المشهورة. وهذه الطريقة مفيدة خاصة مع الكتب المشهورة مثل الصحيحين، والتي صنعت لها فهارس متعددة في الوقت الحاضر مما يسهل الرجوع للحديث فيها.
ولعل السبب في استعمال هذه الطريقة عند المتقدمين هو اختلاف النسخ، ولم يكن لديهم طبعة معينة يمكن أن يعزى إليها كما هو حاصل في الوقت الحاضر. وهذه الطريقة المختصرة يمكن اللجوء إليها في مرّات قليلة ونادرة فيما لو كان الكتاب مشهوراً ومتداولاً، وفيما لو كان الذي يكتب ويصنف لا يصنف في التخريج فيأتي حديث أو حديثين فيعزوها إلى مصادرها عزواً مختصراً.
3-
…
وهناك طريقة متوسطة: وهي التي يُذكر فيها رقم الحديث إذا كان الكتاب مرقماً، وهي الأفضل؛ لأن الترقيم غالباً لا يختلف بين الطبعات اختلافاً كثيراً، فيتقدم الحديث عشراً أو عشرين رقماً ثم تجده وهكذا،فالوقوف عليه مع اختلاف الطبعات ممكن، لكن الذي يقلل من فائدة هذه الطريقة هو أن بعض الكتب ترقيمها ليس صحيحاً، كما حصل في (مصنف ابن أبي شيبة) حيث رُقمت منه مجلدات وهناك مجلدات منه لم ترقم، ثم رجعوا للمجلدات الأخيرة ورقموها دون الالتفات للمجلدات الوسطى فأصبح الترقيم لا فائدة منه أو قليل الفائدة،لكن إذا كان الترقيم جيداً ودقيقاً إلى حدٍّ ما يكون العزو إليه أفضل من غيره، وهو متوسط بين التطويل والاختصار.
إلا أن العزو المطوّل له فائدة خاصة في بعض الأحيان، ويلزم الباحث أن يعتني به فيما لو كان الموطن الذي يعزو إليه له أهمية خاصة كأن يكون طريقاً مهماً في كتابٍ سئ الطباعة والتحقيق، يُظنّ أنه سوف يُحققُ تحقيقاً جديداً، فتحديد الموطن مفيد؛ لأنه قد تختلف الطبعة، وقد يشكك الباحث إذا لم يجد الطريق في الطبعة الجديدة ولكن إذا قيل له مثلاً: أخرجه ابن عدي في الكامل في ترجمة فلان بن فلان، أمكن الوقوف على الطريق حتى لو اختلفت الطبعات.
(الحديث) : في الاصطلاح: هو كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة أو سيرة أو إلى الصحابة أو إلى التابعين كذلك.
وهو قيدٌ نخرج به عزو الآيات القرآنية، وعزو الأبيات الشعرية إلى الدواوين.
(إلى مصادره الأصلية) : نلاحظ في وصف الكتاب بالأصالة في علوم الحديث أمرين:
1-
قِدَمُ الكتاب. 2- أهمية الكتاب.
فقد يكون الكتاب قديماً لكنه ليس أصيلاً؛ لأنه غير مهم، مثاله: لو وقفت على حديث في (صحيح البخاري) يخرجه البخاري من نسخة (وكيع عن الأعمش) -وهي نسخة حديثية مطبوعة- هل يصح أن أعزو إلى (نسخة وكيع) المتقدمة أم إلى (صحيح البخاري) ؟ الصحيح أن أعزو إلى (صحيح البخاري) مع أن (نسخة وكيع) متقدمة، لكن مرتبة (صحيح البخاري) في الأهمية جعلته يُقدم على (نسخة وكيع) المتقدمة.
وقد يحصل العكس فيكون الكتاب مهماً لكنه ليس بقديمٍ جداً، فلا يصح أن أعزو إلى ابن عساكر في (تاريخ دمشق) لحديث أخرجه ابن عساكر من طريق القطيعي عن عبد الله بن الإمام أحمد عن أحمد بن حنبل في (المسند) ، وأترك العزو للمسند، بل الواجب عليَّ أن أعزو إلى (المسند) ثم إذا أضفت ابن عساكر بعد ذلك فلا بأس، لكن أن أترك العزو إلى (المسند) وأكتفي بالعزو إلى ابن عساكر مع أن ابن عساكر يرويه من طريق (المسند) بإسناده وأغفل (المسند) ، فهذا خطأٌ في التخريج؛ لأني لم أعزُ إلى المصدر الأصلي، فالمصدر الأصلي هو الذي بنى عليه ابن عساكر إسناده وروايته. ومن أمثلتها أيضاً روايات البغوي في كتابه (شرح السنّة) عن الكتب الستة، فلا يصح أن أعزو الحديث إلى البغوي في شرح السنّة والحديث موجود في أحد الكتب الستة، والبغوي كثير الرواية عن الكتب الستة في كتبه ومصنفاته، وكذلك المزي في (تهذيب الكمال) ، وغيرهم.
(المُسندة) : وهي التي يروي فيها المؤلف الأحاديث بإسناده هو عن شيخه عن شيخ شيخه إلى منتهى الإسناد.
وبهذا تعلم أنه من الخطأ الكبير أن تعزو الحديث إلى (جامع الأصول) لابن الأثير، أو إلى (مجمع الزوائد) للهيثمي، أو إلى النووي في (رياض الصالحين) ، وأنّ من فعل شيئاً من هذا فإنه لا يعرف شيئاً في فن التخريج. ومثل الكتب المشهورة المتداولة التي تورد الأحاديث مقطوعة أو بلاغات أو بغير أسانيد.
•
…
مسألة: هل وَصفُ الكتاب بأنه أصلي أو أصيل يُغني عن وصفه بأنه مسند؟
الجواب: قد يكون الكتاب أصيلاً لكنه غير مسند، مثاله:(الأذكار) للنووي وتخريجه (نتائج الأفكار) لابن حجر، فـ (نتائج الأفكار) كتاب مسند، والأصل (الأذكار) غير مسند، فيصح أن تعزو لكتاب (نتائج الأفكار) ؛ لأنه كتاب مسند ويسوق أحاديث كتاب (الأذكار) بإسناده هو -أي ابن حجر-، ومثله كتاب (مسند الشهاب) للقضاعي، الذي ألّف كتاباً سمّاه (الشهاب) ، أورد فيه الحكم النبوية والأحاديث التي تصلح أن تكون أمثالاً متداولة، أوردها بغير إسناد في كتابه (الشهاب) ، ثم هو نفسه ألّف مسنداً لهذا الكتاب سمّاه (مسند الشهاب) ، ومثله أيضاً كتاب (الفردوس) للديلمي ليس فيه أسانيد، حتى جاء ابن المؤلف وأسند أحاديث كتاب أبيه، ورواها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، في كتاب سمّاه (مسند الفردوس) ، وهو أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي. فكتاب (الفردوس) كتاب أصيل، لكنه غير مسند، وكتاب (مسند الفردوس) كتاب أصيل ومسند، وعليه: فلا بد من إضافة "مسند".
(فإن تعذرت) : أي تعذر الوقوف على المصادر الأصلية. ومن أسباب تعذر ذلك: أن يكون الكتاب مخطوطاً لا يتيسر الاطلاع عليه، أو لا تتيسر الرحلة للنظر فيه، ففي هذه الحالة نلجأ للعزو إلى المصدر الفرعية.
(فإلى الفرعية المسندة) : ونعني بالكتب الفرعية: الكتب الحديثية الناقلة عن كتب أقدم منها أو أكثر منها أهمية. فالكتب الفرعية هي التي اجتمع فيها أمران:
1-
أن تكون جاءت بعد كتب أصيلة في الزمن. 2- أن تكون أقل أهمية من الكتب التي سبقتها.
ويشترط في الكتاب الفرعي أيضاً أن يكون مسنداً. مثاله: ما لو روى البيهقي من الجزء المفقود من (صحيح ابن خزيمة)(1) ، فلو أخرج البيهقي بإسناده إلى ابن خزيمة حديثاً في (صحيح ابن خزيمة) م كتاب البيوع، فهنا يوصف كتاب البيهقي بأنه مصدر فرعي؛ لأنه يخرج هذا الحديث عن كتاب أقدم منه وأكثر منه أهمية، لكن عندما يتعذر على الوقوف على المصدر الأصلي؛ فإنه يلزمني العزو إلى المصدر الفرعي، مثل (السنن الكبرى) أو (معرفة السنن والآثار) أو (شعب الإيمان) .
أيضاً مثل ما لو روى ابن عساكر عن جزء مفقود من (معجم الطبراني الكبير) –ومعجم الطبراني الكبير هناك أجزاء منه مفقودة- فابن عساكر مصدر فرعي والطبراني مصدر أصلي، لكن لمّا تعذر الوقوف عليه تم العزو إلى المصدر الفرعي.
ويدخل في المصادر الفرعية: كتب الزوائد التي تذكر الأحاديث بأسانيدها مثل: كتاب (كشف الأستار عن زوائد مسند البزار) للهيثمي، ومثل (المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية) لابن حجر. فهذه ليست الكتب الأصلية، بل كتبٌ فرعية استخرجت الزوائد من كتاب معيّن على كتب معينة، ويذكر هذه الأحاديث المؤلف الأصلي.
ويدخل في المصادر الفرعية: كتب أطراف الحديث "الأطراف" مثل: (تحفة الأشراف) و (إتحاف المهرة) و (أطراف الغرائب والأفراد) .
(1) حيث إن الموجود من (صحيح ابن خزيمة) الآن هو ربع الكتاب الأصلي ويتضمن أبواب العبادات فقط والباقي مفقود.
فمثلاً قد تضمن (إتحاف المهرة) مسندَ أبي عوانة كاملاً [وهو مستخرجه على صحيح مسلم] ، وأما مطبوع مسنده ففيه نقصٌ، فنضطر أحياناً عند العزو إلى (مسند أبي عوانة) أن نعزو إلى (إتحاف المهرة) لابن حجر. وأيضاً هناك كتب من (صحيح ابن خزيمة) كانت موجودة عند الحافظ ابن حجر، مثل كتاب التوكل، وكتاب السياسة، كانا موجودين عند الحافظ ابن حجر وهي غير موجودة في (صحيح ابن خزيمة) المطبوع، فأضطر حينها في العزو إلى (إتحاف المهرة)، فأقول: أخرجه ابن خزيمة في صحيحه في كتاب التوكل، أنظر (إتحاف المهرة) للحافظ ابن حجر، فهذا مصدرٌ فرعي؛ لأنه نقل عن الكتب التي تروي بالإسناد.
والكتب الفرعية لابد أن تكون مسندة وإلا لم يصح ذكرها في التخريج.
(فإن تعذرت) : أي تعذر الوقوف على المصادر الأصلية والفرعية.