الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما
الحكم على المتن
فقط:
وهذا يفعله من كان قليل المعرفة جداً بعلم الحديث أو عنده ورعٌ زائد في حكمه على الأسانيد، كما فعل الشيخ محمود شاكر في تخريجه في (تهذيب الآثار) للطبري، فهو يترجم لرواة الإسناد ترجمةً كاملة، ولو أراد أن يحكم على الإسناد لفَعَلَ، لكنه لا يحكم؛ لأنه يقول:"أنه ليس من أهل هذا الفن"، لكنه يعزو الحديث إلى مصادره، وفي هذا حكمٌ على المتن، فلو قال: أخرجه البخاري، فإنه يحكم على المتن بأنه صحيح، أما إسناد الطبري فلا يحكم عليه.فهذه الحالة يمكن أن يلجأ إليها الطالب الذي يريد أن يخلي نفسه من المسؤولية تماماً، فيترجم لرواة الإسناد، ويعزو الحديث إلى المُخرّج، فإن المُخرِّجَ قد حكم على الحديث، أو إخراجه له يقتضي حكماً يكتفى به، فيقول: أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، أو أخرجه ابن عدي وقال: ضعيف لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وهكذا.
(
…
غالباً) : لاشك أن غالب كتب التخريج تعتني بالحكم على الحديث؛ لأنه الثمرة الأخيرة من العزو ودراسة الإسناد. لكن قد يقوم المخرّج بتخريج الحديث ولا يحكم عليه بحكمٍ ما، وهذا يحصل حتى في كتب التخريج المشهورة مثل (التلخيص الحبير) ، و (نصب الراية) ، ويكثر عند ابن كثير في كتابه (تحفة الطالب في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب) ، و (تخريج أحاديث الشفا) للسيوطي، فهؤلاء يكتفون بالعزو فقط ولا يحكمون على الحديث غالباً.
وعليه يتضح من ذلك أن الحكم على الحديث ليس شرطاً في التخريج، لكن غالب كتب التخريج تتضمن الحكم على الحديث.
وقد يلجأ الباحث إلى عدم الحكم لعدم جزمه بحكمٍ على الحديث، فقد يدرس الإسناد ويتوقف في الحكم؛ لأن عِلمه قاده إلى التوقف في الحكم على الحديث.
هذا التعريف الآنف الذكر هو التعريف الإصطلاحي لعلم التخريج الذي سنتكلم عليه فيما يأتي. لكن قد يأتي لفظ "التخريج" ويُراد به غير المعنى الاصطلاحي المذكور، وللتخريج -سوى المعنى السابق- معنيان آخران:
*رواية الحديث بإسناده من مُخرّجه إلى منتهاه. فهذا التخريج جاء بمعنى الرواية. فكما يصح أن تقول: رواه البخاري، يصح أن تقول: خرّجه البخاري، وهذا يقوله العلماء، وابن رجب خاصةً في كتبه يستعمل هذه اللفظة، فيستخدم "خرّجه" كثيراً.واصطلاح المتأخرين والمعاصرين خاصة فرّق بين التخريج والإخراج، فيطلقون التخريج على المعنى الاصطلاحي السابق، ويطلقون الإخراج ويقصدون به "رواه"، بل المعاصرين أيضاً فرّقوا بين أخرجه ورواه، فيقولون مثلاً رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار أخرجه البخاري من هذا الطريق، فيستخدمون لفظة "رواه" لغير المصنف بل لذكر الراوي الوارد في أثناء السند لو نقل طرف الإسناد، فيقولون: رواه فلان عن فلان، فإذا أراد أن يعزو إلى الكتاب قال: أخرجه. وهذا استخدام جيّد مادام التفريق يُعين على الفهم، وملاحظة الاصطلاح، فإذا أردت أن تعزو إلى الكتاب تقول: أخرجه، وإذا أردت أن تبيّن طرف الإسناد أو جزء من الإسناد تقول: رواه، حتى يحصل التفريق.