المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المرحلة الخامسة: النظر في اختلاف الطرق -إن وجدت - التخريج ودراسة الأسانيد

[حاتم العوني]

فهرس الكتاب

- ‌ مقدمة

- ‌الجزء الأول: التخريج

- ‌شرح التعريف:

- ‌(فإلى الناقلة عنها بأسانيدها) :

- ‌ الحكم على الحديث:

- ‌ الحكم على المتن

- ‌بعض الكتب المؤلفة في التخريج:

- ‌فوائد علم التخريج:

- ‌بيان تفاوت مراتب التخريج:

- ‌نصائح لطلاب العلم في طرق تخريج الحديث:

- ‌الطريقة الأولى: [استخراج الحديث من خلال النظر في إسناده]

- ‌ من خلال معرفة الصحابي:

- ‌المسانيد

- ‌ المعاجم المرتبة على أسماء الصحابة

- ‌ كتب معرفة الصحابة المسندة:

- ‌ كتب الأطراف:

- ‌الكشافات والفهارس

- ‌ مسانيد الصحابة المُفردة:

- ‌ كتب تراجم الرواة المُسندة التي تتضمن تراجم للصحابة:

- ‌ من خلال راوٍ في أثناء السند:

- ‌ كتب ومصنفات هذا الراوي

- ‌ الأجزاء والكتب التي أفردت حديث راوٍ بعينه:

- ‌كتب الفوائد والأمالي:

- ‌ فهارس الأعلام ورجال الأسانيد في الكتب المحققة:

- ‌ كتب التراجم المُسندة:

- ‌ كتب الأطراف الدقيقة في ترتيبها:

- ‌ الكتب الخاصة بصفةٍ معينة تتعلق بالراوي:

- ‌ الكتب التي اهتمت بأحاديث راوٍ معيّن

- ‌ الكتب التي عُرف مؤلفوها بالاختصاص بشيخ معيّن

- ‌ من خلال صفة تتعلق بالإسناد:

- ‌ الكتب التي تتضمن أحكاماً على الأحاديث

- ‌ كتب مبهمات الإسناد:

- ‌ كتب الغرائب والأفراد:

- ‌ كتب الأحاديث المسلسلة:

- ‌الطريقة الثانية: [استخراج الحديث من خلال النظر في المتن]

- ‌ استخراج الحديث من خلال طرف المتن

- ‌الكتب التي تخدم هذه الوسيلة:

- ‌الكتب التي رتبت على حروف المعجم:

- ‌الفهارس والكشافات الحديثة التي صُنعت في أواخر الكتب المحققة

- ‌ استخراج الحديث من خلال كلمة بارزة فيه:

- ‌(المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي)

- ‌الفهارس الحديثة التي صنعها بعض الكتَّاب على الألفاظ:

- ‌كتاب (مفتاح كنوز السنّة)

- ‌كتب غريب الحديث:

- ‌ استخراج الحديث عن طريق موضوعه أو الأحكام المستنبطة منه

- ‌الكتب المرتبة على الموضوعات:

- ‌الكتب المُفردة في موضوعات معيّنة

- ‌ استخراج الحديث من خلال وصف يتعلق بالمتن:

- ‌إذا كان الحديث مُشكلاً في ظاهره

- ‌ إذا كان الحديث معللاً فنرجع إلى كتب العلل

- ‌إذا كان في متن الحديث إدراج

- ‌إذا كان الحديث قدسياً

- ‌إذا كان الحديث من الزوائد

- ‌إذا كان الحديث موصوفاً بأنه متواتر

- ‌إذا كان الحديث موصوفاً بأنه ناسخٌ أو منسوخ

- ‌إذا كان في متن الحديث رجلٌ مبهم

- ‌الطريقة الثالثة: [استخراج الحديث من خلال الحاسب الآلي (الكمبيوتر) ]

- ‌مزايا الحاسب الآلي:

- ‌عيوبه:

- ‌الطريقة الرابعة: [استخراج الحديث من خلال الاستعراض والجَرْد لكتب السنّة]

- ‌ مزايا هذه الطريقة:

- ‌الجزء الثاني: دراسة الأسانيد

- ‌مراحل دراسة الأسانيد

- ‌الأولى: استخراج الحديث بطرق التخريج المذكورة آنفاً

- ‌الثانية: الاستعراض الكامل لهذه الطرق

- ‌الثالثة: الترجمة للرواة

- ‌ تعيين الرواة:

- ‌ إذا كان في الإسناد راوٍ مبهم:

- ‌الطرق التي نعرف من خلالها الراوي المبهم:

- ‌ التخريج الموسع

- ‌ الرجوع إلى "فصل المبهمات

- ‌ إذا كان في الإسناد راوٍ مهمل

- ‌طرق معرفة الراوي المهمل:

- ‌ التخريج الموسع

- ‌ دراسة التلاميذ والشيوخ

- ‌ من خلال الرجوع إلى كتب الأطراف

- ‌ من خلال الرجوع إلى شروح الكتب

- ‌ من خلال الرجوع إلى كتب التخريج والعلل

- ‌ من خلال ما كُتب عن الرواة المهملين في بعض الكتب

- ‌من خلال فصول عقدها العلماء

- ‌ من خلال التوسع في الترجمة للرواة

- ‌ من خلال الرجوع إلى الكتب الخاصة بالرواة عن شخص معيّن

- ‌ من خلال الدراسات الحديثية في مقدمات الكتب المحققة

- ‌ الرجوع إلى مشيخته

- ‌ من خلال ملاحظة القرائن

- ‌ إذا كان الراوي مذكوراً بلقبه

- ‌ نسب الراوي لا لقبه

- ‌ إذا كان الراوي المهمل شيخ المصنف

- ‌إذا كان الراوي مُسمىً باسم واضح

- ‌ إذا كان اسم الراوي منطبق على راوٍ آخر تماماً

- ‌تنبيه: التوقف عن قبول رواية الرواة إلا أن يصرحوا بالسماع ليس في عموم الرواة

- ‌ الخطوة الثالثة: معرفة مرتبة الراوي في الجرح والتعديل

- ‌مسألة الرواية عن أهل البدع:

- ‌تنبيه: على طالب العلم أن يتنبه إلى أن كثيراً من ألفاظ العلماء حول المبتدعين

- ‌مسألة: مراتب الجرح والتعديل

- ‌تنبيهات حول قضايا الجرح والتعديل:

- ‌الأول: وجوب التنبه إلى الاصطلاحات الخاصة لبعض الأئمة

- ‌الثاني: التنبيه إلى مراتب العلماء تشدداً وتساهلاً واعتدالاً في الجرح والتعديل

- ‌الثالث: التنبيه إلى أن كثيراً من ألفاظ الجرح والتعديل غير محررة المعاني

- ‌الرابع: التنبيه إلى أن عبارات الأئمة المتقدمين ليست دائماً متقيدة بالمراتب

- ‌الخامس: قضية كلام الأقران في بعضهم البعض

- ‌السادس: أن الجرح والتعديل لا يقبلان إلا من ثقةٍ عارفٍ بأسبابهما

- ‌السابع: مسألة تعارض الجرح والتعديل

- ‌تنبيه: الأقلُّ في هذا العلم يقضي على الأكثر -قاعدة مطردة

- ‌المرحلة الخامسة: النظر في اختلاف الطرق -إن وجدت

- ‌تنبيه: أهمية الاستعانة بكتب العلل

الفصل: ‌المرحلة الخامسة: النظر في اختلاف الطرق -إن وجدت

المرحلة الرابعة -من مراحل دراسة الأسانيد-: الحكم على الإسناد المُفرد دون المجموع. فأنظر في كل إسناد منفرد عن بقية طرق الحديث، وأحكم على الإسناد بحسب ما يستحقه على الإنفراد، وهذا الحكم لن تكون له قيمة كبيرة إلا في الأخير، وذلك لأُميّز الإسناد الذي يقوي ويتقوى، أو لا يستطيع ذلك، كالإسناد الشديد الضعف.

‌تنبيه: الأقلُّ في هذا العلم يقضي على الأكثر -قاعدة مطردة

-، فالإسناد الذي كل رواته ثقات إلا راوٍ واحد ضعيف، فحكم هذا الإسناد ضعيف، والإسناد الذي كل رواته أئمةٌ حفاظ كبار إلا راوٍ واحد دجّال، فحكمه شديد الضعف، فتنظر في أقل راوي في هذا الإسناد، فتحكم عليه باعتبار درجة هذا الراوي.

ويُنتبه إلى خطورة الاكتفاء بهذا الحكم المُفرد على الأسانيد، فلا يُظنّ أن العمل قد انتهى، بل لا بد من مراعاة المراحل الآتية، التي هي في غاية الأهمية، ويغفل عنها كثيرٌ من طلبة العلم.

‌المرحلة الخامسة: النظر في اختلاف الطرق -إن وجدت

-

فأنظر هل الاختلاف في هذه الرواية من ناحية المتن أو الإسناد؟ كأن يُبدل راوٍ براوٍ آخر، أو يروى الحديثُ مرّة متصلاً وأخرى مرسلاً، ومرة مرفوعاً وأخرى موقوفاً، أو اختلافات في المتن من نقص أو زيادة أو تقديم أو تأخير يؤثر في المعنى مطلقاً.

فإن لم يوجد اختلاف لا في الإسناد ولا في المتن، عندها يُنظر هل حُكِّمَ على هذا الحديث بالتفرّد؟ ، فإن لم يحكم عليه بالتفرد، فعندها من الممكن أن أحكم حكماً مبدئياً على هذا الإسناد بما يستحقه من صحة أو ضعف، فإن ظهر لي أن الحديث تفرّد به الراوي، والتفرد يظهر بأحد أمرين:

1-

إما بالنصّ من أحد الأئمة المُطلعين الحُفاظ، كأن يقول: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث فلان، أو هذا حديث فرْدٌ، أو لا أعرفه إلا من هذا الوجه، وغيرها مما يدل على التفرّد والغرابة.

2-

قد أحكم بالتفرد دون وجود هذا النصّ، وذلك حين اجتماع أمرين:

ص: 102

أ) عند الاستقصاء الواسع من الباحث في التخريج، ويكون من أهل الاستقصاء، وهو مَنْ يعرف المراجع والمصادر، بحيث أنّه في ظنّه لن يغيب عن علمه واطلاعه أمرٌ ذو بال.

ب) أن يوافق ذلك قرائن تدل على أن العلماء والحفّاظ لم يعرفوا هذا الحديث إلا من هذا الوجه، مثل: فيما لو جئت مثلاً إلى (العلل) للدارقطني فذكر هذا الحديث -ومن شأن الدارقطني أنه يبسط طرق الحديث-، فلم يذكر إلا طريقاً واحداً لهذا الحديث، فهذه قرينة؛ لأنه لو وجد الدارقطني طرقاً أو روايات أخرى لذكرها، ثم قد يوافق الدارقطني ابن أبي حاتم، فيذكر الحديث في علله، ويذكر ما حصل فيه من اتفاق واختلاف، وأيضاً يذكر أن مرجعه إلى راوٍ واحد. وبعض الأحيان تأتي عبارات، مثل أن يقول العالم:" هذا الحديث يُعرف بفلان "، فهذه ليست صريحة بالتفرد، لكنه اشتهر بروايته، حتى كأنه تفرّد به. ثم يوافق ذلك عدم وقوفي على الحديث من وجه آخر، فحينها يمكن أن أميل لترجيح أن هذا الراوي تفرّد بهذا الحديث.

ص: 103

فإن ثبت أن هذا الحديث تفرّد به فلان، فأنظر هل هذا الحديث مما يُحتمل أن يتفرد به هذا الراوي أم لا؟ ؛ لأن العلماء نصّوا -وعلى رأسهم ابن الصلاح،وغيره- أن من أقسام الحديث الشاذ والمنكر المردودة: تفرّد من ليس فيه من الضبط والإتقان ما يقع جابراً لتفرده. فقد يكون الراوي ثقة أو صدوقاً فيتفرد بأصل، والمقصود بالأصل: هو الحكم أو الخبر الغريب الذي لا نكاد نجده بهذا الوضع إلا في هذا الحديث، ومسألة التفرد بأصل مسألةٌ شائكةٌ، ولا يمكن لأي إنسان أن يدخل فيها، ويحكم بأن هذا الحديث أصل، وتفرّد به- وقد سبق ذكر قرائن وملاحِظِ الحكم على التفرّد -، فإذا تفرّد الثقة أو الصدوق بأصل، وكان ممن لا يحتمل التفرّد، فهذا نردّه، ونقول: لعله من أوهامه، إذ لو كان صحيحاً لتصدّى الأئمة الكبار لحفظ هذا الأصل وضبطه. ومن أمثلة ذلك: حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه، أخرجه أبو داود بسند صحيح، ثم قال عنه: هذا حديث منكر. وبيّن العلماء سبب نكارته: أنه تفرّد به راوٍ اسمه: همّام بن يحيى، وهو ثقة من رجال الشيخين، لكن رأى أبو داود أنه لا يحتمل التفرّد بهذا الحديث، وكذلك قال النسائي عن هذا الحديث:" هذا حديث غير محفوظ "؛ والسبب في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس خاتماً في آخر عمره، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم-يخلعه كلما أراد الخلاء؛ لكَثُر الناقلون عنه؛ لأنها قضية متكررة في اليوم والليلة، فتفرد همّام بن يحيى بهذا الحديث عن شيخه، وشيخه عن شيخه إلى الصحابي مثيرٌ للريبة، فكيف لا يرويه إلا همّام بن يحيى في طبقة أتباع التابعين؟! ألا يرويه من الأمة أحد غيره!! ، فجعل العلماء يستنكرون بذلك الحديث، وأنه لا يصح.

ص: 104

أما في حالة: إذا اختلف الرواة، فحينئذ ينبغي أن أُحدّد -أولاً- موطن الاختلاف، والراوي الذي اختلف عليه، فمثلاً أجد روايات حديث ما التقت عند الزهري، ثم اختلف في الراوية على الزهري على الأوجه المُختلف عليها، فمثلاً بعضهم يرويه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وبعضهم يرويه عن الزهري عن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي-صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يرويه من كلام الزهري. من هذا المثال يتضح أن موطن الخلاف هو الزهري.

فإذا عينت الراوي المختلف فيه، انظر هل هو ثقة أو ليس بثقة، فإن كان ثقة، فأنظر في الرواة المختلفين عنه، لعل الرواة عنه فيهم ضعيف، فيكون هو الذي خالف، فإذا وقفت -مثلاً- على أن الرواة عنه: واحدٌ منهم ثقة، والبقية ضعفاء، فتكون الوجوه كلها خطأ من هؤلاء الضعفاء، والصحيح هو الوجه الذي رواه ذلك الثقة، وأعتبر رواية الصدوق شاذة. والمقصود هنا المخالفة الحقيقية، كاختلاف الوصل مع الإرسال. وإذا كان غالب الرواة على وجه، وجاء راوٍ أو اثنين وتفرّدا بوجه آخر، فعندها نرجح رواية الأكثر عدداً، خاصة إذا كان الراوي أو الراويين أقل درجة من الأكثرين.

ص: 105

قد تأتي حالة لا أستطيع أن أوهّم فيها الرواة عن الشيخ، كأن أجد أن كل وجه من الوجوه اتفق على روايته عددٌ من الثقات، فاتفاق هؤلاء الثقات على رواية هذا الوجه يُبعد احتمال أن يكونوا جميعاً أخطأوا على هذا الشيخ، وكذلك الثقات الآخرون الذين رووا الوجه الآخر وغيرهم على وجه ثالث، فعندها أنظر إن كان هذا الراوي المُختلف عليه إمامٌ واسع الرواية يُحتمل أن يكون هذا الحديث عنده من جميع هذه الوجوه؛ لأنه حافظ وشيوخه كثيرون، فتكون هذه الروايات عنه صحيحة، لكن إذا كان الراوي المُختلف عليه صدوق في ضبطه شئ، فيعتبر النقاد اختلاف الوجوه عنه دليل على اضطراب حفظه، فإما أن نجد قرينة من غير الروايات عنه تُرَجِحُ أحد هذه الوجوه أو يقول النقاد:" هذا حديث مضطرب، لم يُعرف الصواب فيه". فإذا وجدنا ما يدل على صحة أحد هذه الوجوه من دليل خارجي، غير روايات هذا الرجل حكمنا به، وإن لم نجد: نحكم بالإضطراب على هذه الرواية.

ص: 106