الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في بيته، وأما البعيد فلا يدخل فيه بالاتفاق، لكن من كان في المسجد عند الحائط، هل هو قريب أو بعيد؟ على قولين (1) .
وهكذا أخبرهم عن سائر المؤمنين فقال: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عليه السلام» .
وكان هو صلى الله عليه وسلم مدفونًا في حجرة عائشة، وقد قالت عائشة إنه قال في مرضه الذي مات فيه (2) :«لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» قالت عائشةُ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ؛ وَلَكِنْ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا.
فبينَتْ أنه دُفن في الحجرة ولم يظهر قبرُهُ؛ لئلا يتخذ مسجدًا يُصلى عنده، وإن كان المصلي إنما يصلي لله، ويدعو الله، فإنه لعن من يتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، ونهى أمته أن يتخذوا القبور مساجد، فإذا كان /18ب/ هو صلى الله عليه وسلم لعن من يصلي عندها لله، ويدعو الله //149أ// - لأن ذلك ذريعة إلى الشرك - فكيف بمن يصلي لها، ويسجد لها، أو يدعوها (3) ، ويستغيث بها، ويطلب منها ما يطلب من ربّ العالمين، فإن هذا من أعظم الشرك، وجعلها أوثانًا وأندادًا لله رب العالمين، كما فعل قوم نوح، ومن ضاهاهم من مشركي أهل الكتاب.
ف
مقصودُهُ صلى الله عليه وسلم بقوله: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عليه السلام
(4) » بيان حياتِه، وأنه يَسمع السلام من القريب،
(1) في الأصل وخ2: (القولين) ، والتصويب من المحقق.
(2)
(الذي مات فيه) ليست في خ2.
(3)
في خ2: (ويدعوها) .
(4)
(السلام) ليست في خ2.
ويبلَّغ السلامَ من البعيد، ليس مقصودُهُ أمر الأمة بأن يأتوا إلى القبر ليسلموا عليه عند قبره (1) ، فإنه لم يأمرهم بذلك، إنما أمرهم بالسلام عليه في الصلاة، وذلك أفضل وأكمل له ولهم؛ وذلك لأن سلام التحية مشروع لمن أتى لحاجة كما كانوا يأتونه في حياته فيسلّمون عليه، وكذلك من دخل (2) إلى بيته يسلّم (3) عليه، وأما أن يقصد إتيانه لأجل ردّه، فهذا غير مشروع، لا في حياته، ولا بعد موته.
ولهذا اتفقوا على أنه لا يشرع لأهل المدينة إذا دخلوا وخرجوا، ولو كان (4) هذا كالسلام في الصلاة لكان مستحبًّا لأهل المدينة، ولكن السلام عليه لمن قدم جائزٌ مشروعٌ باتفاق العلماء، وإنما النزاع: هل يستقبل به الحجرة، أو القبلة؟ وهل هو السلام المأمور به في القرآن كالصلاة عليه، أو هو سلام /19أ/ التحية، الذي يشترك فيه جميع المؤمنين، الأحياء، والأموات؟
وقد تنازع العلماء: هل يُكره أن يُقال: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ على قولين: فكره ذلك مالك وغيرُهُ، بل وكره أن يقال: طواف الزيارة. وللناس في تعليل ذلك أقوال:
قيل: لأن الزائر أفضل (5)، وقيل: لكراهة زيارة القبور، وقيل: يكره أن يُقال: زرت قبره، ولا يكره أن يقال: زرته، وقيل: لأن زيارة قبره ممتنعةٌ، فإن زيارة قبره إنما تكون إذا دخل إلى بيته، حيث دفن، وهذا ممتنع، وإنما الممكن أن يأتي مسجده، ومسجده يؤتَى لكونه مسجدًا، لا لأجل القبر، لكن يسلّم عليه في مسجده كما كان يُسلّم عليه في مسجده في حياته؛
(1) في خ2: (عنده) بدل (عند قبره) .
(2)
في خ2: (يدخل) .
(3)
في خ2: (سلم) .
(4)
في خ2: (أن) .
(5)
علق في هامش الأصل بقلم مغاير: (قوله: لأن الزائر أفضل. انظر ما وجه أن الزائر أفضل من المزور، وهل هذا على إطلاقه؟) .
كان (1) يسلم عليه [فيه](2) في الصلاة ويسلّم (3) عليه سلام التحية، فالسلام المأمور به مشروع فيه باتفاق العلماء، وسلام التحية فيه قولان.
وهل يستقبل القبر أو القبلة؟ [فيه](4) قولان، ومالك يرى استقبال القبر، وأبو حنيفة يرى استقبال القبلة.
# # #
(1) في الأصل وتبعه المطبوع: (كما كان) ، بزيادة (كما) ، وهي زيادة مقحمة من الناسخ، ليست في خ2، والعبارة دونها أسلم.
(2)
إضافة من خ2.
(3)
في الأصل: (السلام)، وعدلها محقق المطبوع إلى:(والسلام) ، والمثبت هو ما في خ2.
(4)
إضافة من خ2.