الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - يُستحب له أن يوقظ أهله
؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل فإذا أوتر قال لعائشة رضي الله عنها: ((قومي فأوتري يا عائشة)) (1)؛ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، ثم أيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، ثم أيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)) (2).وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات)) (3).
(1) متفق عليه: البخاري، برقم 997، ومسلم واللفظ له، برقم 744، وتقدم تخريجه.
(2)
النسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الترغيب في قيام الليل، برقم 1610، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل، برقم 1336، وأبو داود، كتاب التطوع، باب قيام الليل، برقم 1308، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 1/ 354.
(3)
ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل، برقم 1335، وأبو داود، كتاب التطوع، باب قيام الليل، برقم 1309، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 243.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً فقال: ((ألا تصليان؟)) فقلت: يا رسول الله، إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت له ذلك، ولم يرجع إليَّ شيئاً، ثم سمعته وهو مدبرٌ يضرب فخذه ويقول:{وَكَانَ الإنسان أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} (1).
قال ابن بطال رحمه الله: ((فيه فضيلة صلاة الليل، وإيقاظ النائمين من الأهل والقرابة لذلك)) (2)، وقال الطبري رحمه الله: ((لولا ما علم النبي صلى الله عليه وسلم من عِظَمِ فضل الصلاة في الليل ما كان يُزعج ابنَتَه وابنَ عمه، في وقت جعله الله لخلقه سكناً، لكنه اختار لهما إحراز تلك
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب التهجد، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل والنوافل من غير إيجاب، برقم 1127، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الحث على صلاة الليل وإن قلَّت، برقم 775، والآية من سورة الكهف:54.
(2)
نقلاً عن فتح الباري، لابن حجر 3/ 11.
الفضيلة على الدَّعة والسكون، امتثالاً لقول الله تعالى (1):{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (2). وقول علي رضي الله عنه: ((إنما أنفسنا بيد الله)) اقتبس علي رضي الله عنه ذلك من قوله تعالى: {الله يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (3)، وقوله ((بعثنا)) المقصود: أيقظنا (4)، وقوله:((طرقه))، ذكر النووي رحمه الله أن الطرق هو الإتيان في الليل، وأن ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لفخذه المختار في معناه: أنه من سرعة جوابه وعدم موافقته به على الاعتذار، ولهذا ضرب فخذه، والحديث فيه: الحث على صلاة الليل، وأمر الإنسان صاحبه بها، وتعهد الإمام
(1) نقلاً عن فتح الباري، لابن حجر 3/ 11.
(2)
سورة طه، الآية:132.
(3)
سورة الزمر، الآية:42.
(4)
انظر: فتح الباري، لابن حجر، 3/ 11.
والكبير رعيته، بالنظر في مصالح دينهم ودنياهم، وأنه ينبغي للناصح إذا لم تقبل نصيحته أو اعتذر إليه بما لا يرتضيه أن ينكف ولا يُعنِّف إلا لمصلحة (1).
وعن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعاً، فقال:((سبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن؟ وماذا أُنزِل من الفتن؟ أيقظوا صواحب يوسف - يريد أزواجه - لكي يصلين، رُبَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)). وفي لفظ: ((ماذا أنزل الليلة؟)) (2). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((
…
فيه التحريض على صلاة الليل وعدم الإيجاب، يُؤخذ من ترك إلزامهن بذلك)) (3). وفي الحديث استحباب ذكر الله عند الاستيقاظ،
(1) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم،6/ 311،وفتح الباري لابن حجر، 3/ 11.
(2)
البخاري، كتاب العلم، باب العلم والعظة بالليل، برقم 115، وكتاب التهجد، باب تحريض النبي على قيام الليل والنوافل من غير إيجاب، برقم 1126، وكتاب الأدب، باب التكبير والتسبيح عند التعجب، برقم 6218، وكتاب الفتن، باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه، برقم 7079.
(3)
فتح الباري، 3/ 11.
وإيقاظ الرجل أهله بالليل للعبادة، لا سيما عند آية تَحدُثُ (1)، قال ابن الأثير رحمه الله:((رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)) هذا كناية عما يقدمه الإنسان لنفسه من الأعمال الصالحة، يقول:((رُبَّ غني في الدنيا لا يفعل خيراً، وهو فقير في الآخرة، ورُبَّ مكتسٍ في الدنيا ذي ثروة ونعمة عارٍ في الآخرة شقيٌّ)) (2).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أن أباه عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله، حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: الصلاة الصلاة، ثم يتلو هذه الآية:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (3).
(1) انظر: المرجع السابق، 3/ 11.
(2)
جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، 6/ 68.
(3)
موطأ الإمام مالك، كتاب صلاة الليل، باب ما جاء في صلاة الليل، برقم 5، قال الشيخ عبد القادر الأرنؤوط في حاشيته على جامع الأصول، 6/ 69:((إسناده صحيح))، وصححه الألباني في حاشيته على مشكاة المصابيح للتبريزي، 1/ 390، برقم 1240.