المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌12 - طول القيام مع كثرة الركوع والسجود - قيام الليل لسعيد بن وهف القحطاني

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: التهجد وقيام الليل

- ‌أولاً: مفهوم التهجد

- ‌ثانياً: صلاة التهجد سنة مؤكدة

- ‌ثالثاً: فضل قيام الليل عظيم؛ للأمور الآتية:

- ‌1 - عناية النبي صلى الله عليه وسلم بقيام الليل حتى تفطرت قدماه

- ‌2 - من أعظم أسباب دخول الجنة

- ‌3 - قيام الليل من أسباب رفع الدرجات في غرف الجنة

- ‌4 - المحافظون على قيام الليل محسنون

- ‌6 - شهد لهم بالإيمان الكامل

- ‌7 - نفى الله التسوية بينهم

- ‌8 - قيام الليل مكفِّر للسيئات

- ‌9 - قيام الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة

- ‌10 - شرف المؤمن قيام الليل

- ‌11 - قيام الليل يُغْبَطُ عليه صاحبه

- ‌12 - قراءة القرآن في قيام الليل غنيمة عظيمة

- ‌رابعاً: أفضل أوقات قيام الليل الثلث الآخر

- ‌خامساً: عدد ركعات قيام الليل، ليس له عددٌ مخصوص

- ‌سادساً: آداب قيام الليل:

- ‌1 - ينوي عند نومه قيام الليل

- ‌2 - يمسح النوم عن وجهه عند الاستيقاظ، ويذكر الله

- ‌3 - يفتتح تهجّدَه بركعتين خفيفتين

- ‌4 - يُستحبُّ أن يكون تهجدُه في بيته

- ‌5 - المداومة على قيام الليل وعدم قطعه

- ‌6 - إذا غلبه النعاس ينبغي له أن يترك الصلاة وينام حتى يذهب عنه النوم

- ‌7 - يُستحب له أن يوقظ أهله

- ‌8 - يقرأ المتهجد جزءاً من القرآن أو أكثر

- ‌وأما الجهر بالقراءة والإسرار بها في قيام الليل

- ‌9 - جواز التطوع جماعة أحياناً في قيام الليل

- ‌10 - يختم تهجده بوتر

- ‌11 - يحتسب النومة والقومة

- ‌12 - طول القيام مع كثرة الركوع والسجود

- ‌سابعاً: الأسباب المعينة على قيام الليل:

- ‌1 - معرفة فضل قيام الليل، ومنزلة أهله عند الله تعالى

- ‌2 - معرفة كيد الشيطان، وتثبيطه عن قيام الليل

- ‌3 - قصر الأمل وتذكر الموت

- ‌4 - اغتنام الصحة والفراغ؛ ليكتب له ما كان يعمل

- ‌5 - الحرص على النوم مبكراً؛ ليأخذ قوة ونشاطاً يستعين بذلك

- ‌6 - الحرص على آداب النوم، وذلك بأن ينام على طهارة

- ‌7 - العناية بجملة الأسباب التي تعين على قيام الليل

- ‌ثامناً: صلاة النهار والليل المطلقة:

- ‌تاسعاً: جواز صلاة التطوع جالساً:

- ‌المبحث الثاني: صلاة‌‌ التراويح

- ‌ التراويح

- ‌1 - مفهوم صلاة التروايح: سميت بذلك

- ‌2 - صلاة التراويح سنة مؤكدة، سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله، وفعله

- ‌3 - فضل صلاة التراويح ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - مشروعية الجماعة في صلاة التراويح

- ‌أ- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحثّ على قيام رمضان، ورغَّب فيه

- ‌ب- أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع خلفائه الراشدين

- ‌5 - الاجتهاد في قيام عشر شهر رمضان الأواخر

- ‌6 - وقت صلاة التراويح بعد صلاة العشاء مع سنتها الراتبة

- ‌7 - عدد صلاة التراويح ليس له تحديد لا يجوز غيره

- ‌المبحث الثالث: صلاة الوتر

- ‌1 - الوتر سنة مؤكدة

- ‌2 - فضل الوتر، له فضل عظيم

- ‌3 - وقت صلاة الوتر:

- ‌أ- وقت الوتر الشامل:

- ‌ب- الوتر قبل النوم مستحب

- ‌ج- الوتر في آخر الليل أفضل لمن وثق بالاستيقاظ

- ‌4 - أنواع الوتر وعدده

- ‌أولاً: إحدى عشرة ركعة يسلِّم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة

- ‌ثانياً: ثلاث عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة

- ‌ثالثاً: ثلاث عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر من ذلك بخمس سرداً

- ‌رابعاً: تسع ركعات لا يجلس إلا في الثامنة ثم يأتي بالتاسعة

- ‌خامساً: سبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن

- ‌سادساً: سبع ركعات لا يجلس إلا في السادسة

- ‌سابعاً: خمس ركعات لا يجلس إلا في آخرهن

- ‌ثامناً: ثلاث ركعات يسلم من ركعتين ثم يوتر بواحدة

- ‌تاسعاً: ثلاث ركعات سرداً رضي الله عنه لا يجلس إلا في آخرهن

- ‌5 - القراءة في الوتر

- ‌7 - مَوضِعُ دعاء القنوت قبل الركوع وبعده

- ‌8 - رفع اليدين في دعاء القنوت وتأمين المأمومين

- ‌9 - آخر صلاة الليل الوتر

- ‌10 - الدعاء بعد السلام من صلاة الوتر

- ‌11 - لا وتران في ليلة ولا يُنقض الوتر

- ‌12 - إيقاظ الأهل لصلاة الوتر مشروع

- ‌13 - قضاء الوتر لمن فاته

الفصل: ‌12 - طول القيام مع كثرة الركوع والسجود

‌12 - طول القيام مع كثرة الركوع والسجود

هو الأفضل في صلاة الليل ما لم يشق ذلك أو يسبب الملل؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل الصلاة طول القنوت (1)

)) (2)؛ ولحديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن رجلاً سأله عن عملٍ يدخل به الجنة، أو بأحب الأعمال

(1) القنوت: في الحديث يروى بمعانٍ متعددة، فيطلق على: الطاعة، والخشوع، والصلاة، والدعاء، والعبادة، والقيام، وطول القيام، والسكوت، والسكون، وإقامة الطاعة، والخضوع [انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب القاف مع النون، 4/ 111، ومشارق الأنوار على الصحاح والآثار، للقاضي عياض، حرف القاف مع سائر الحروف، 2/ 186، وهدي الساري مقدمة فتح الباري، لابن حجر، ص176]، وذكر الحافظ ابن حجر أن ابن العربي ذكر أن القنوت ورد لعشرة معانٍ نظمها الحافظ زين الدين العراقي:

ولفظ القنوت اعدد معانيه تجد

مزيداً على عشرة معاني مرضية

دعاء، خشوع، والعبادة، طاعة

إقامتها، إفراده بالعبودية

سكوت، صلاة، والقيام، وطوله

كذا دوام الطاعة الرابح القنيه

[راجع فتح الباري الطبعة السلفية 2/ 491].

قال ابن الأثير رحمه الله بعد أن ذكر معاني القنوت في الأحاديث: ((فيصرف كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله الحديث الوارد فيه)) [النهاية في غريب الحديث والأثر، 4/ 111].

(2)

مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب أفضل الصلاة طول القنوت، برقم 756.

ص: 37

إلى الله، فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ((عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحطَّ عنك بها خطيئة)) (1)؛ ولحديث ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته، فقال لي:((سل)) فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال: ((أوَغيرَ ذلك؟)) قلت: هو ذاك. قال: ((فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود)) (2)؛ ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثر الدعاء)) (3)؛ ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمِنٌ أن يُستجاب لكم)) (4).

(1) مسلم، برقم488، وتقدم تخريجه.

(2)

مسلم، برقم 489، وتقدم تخريجه.

(3)

مسلم، برقم 482، وتقدم تخريجه.

(4)

مسلم، برقم 479، وتقدم تخريجه.

ص: 38

واختلف العلماء رحمهم الله؛ لهذه الأحاديث في أيهما أفضل: طول القيام مع قلة السجود، أو كثر السجود مع قصر القيام؟

فمنهم من قال: كثرة السجود والركوع أفضل من طول القيام، واختارها طائفة من أصحاب الإمام أحمد؛ لأحاديث فضل السجود آنفة الذكر.

ومنهم من قال: إنهما سواء.

ومنهم من قال: طول القيام أفضل من كثرة الركوع والسجود؛ لحديث جابر المذكور آنفاً (1): ((أفضل الصلاة طول القنوت)) (2)،قال الإمام النووي-رحمه الله:((المراد بالقنوت هنا القيام باتفاق العلماء فيما علمت)) (3).

وقال الإمام الطبري-رحمه الله في قول الله تعالى:

(1) انظر: المغني لابن قدامة، 2/ 564، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/ 69، ونيل الأوطار للشوكاني، 2/ 270.

(2)

مسلم، برقم 756، وتقدم تخريجه.

(3)

شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 281.

ص: 39

{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الليل سَاجِدًا وَقَائِمًا} (1) هو في هذا الموضع قراءة القارئ قائماً في الصلاة

وقال آخرون: هو الطاعة، والقانت المطيع)) (2).

وقال ابن كثير رحمه الله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الليل سَاجِدًا وَقَائِمًا} أي في حال سجوده وفي حال قيامه، ولهذا استدل بهذه الآية من ذهب إلى أن القنوت هو الخشوع في الصلاة ليس هو القيام وحده كما ذهب إليه آخرون، وقال ابن مسعود رضي الله عنه القانت المطيع لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم)) (3).

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن تطويل الصلاة قياماً وركوعاً وسجوداً أولى من تكثيرها قياماً وركوعاً وسجوداً (4).

(1) سورة الزمر، الآية:9.

(2)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 1/ 267.

(3)

تفسير القرآن العظيم لابن كثير، 4/ 48.

(4)

فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/ 71، وقد فصل في ذلك من 23/ 69 - 83، وذكر أن جنس السجود أفضل من جنس القيام من اثني عشر وجهاً، ثم ذكر هذه الوجوه بالأدلة تفصيلاً.

ص: 40

وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله يقول: ((قد تنازع أهل العلم في أيهما أفضل: طول القيام مع قلة السجود، أو كثرة السجود مع قصر القيام، منهم من فضل هذا ومنهم من فضل هذا، وكانت صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم معتدلة إن أطال القيام أطال السجود والركوع، وإن قصر القيام قصر الركوع والسجود، وهذا أفضل ما يكون)). وذكر رحمه الله أن الأفضل أن يصلي المسلم ما يستطيع، حتى لا يمل، فإذا ارتاحت نفسه للتطويل أطال، وإن ارتاحت نفسه للتقصير قصر إذا رأى أن التقصير أخشع له وأقرب إلى قلبه وراحة ضميره وتلذذه بهذه العبادة، وكلما كثرت السجدات كان أفضل، فإن استطاع المسلم ذلك فالأفضل طول القيام مع كثرة الركوع والسجود يجمع بين الأمرين، وهي

ص: 41

صلاة معتدلة إن أطال القيام أطال الركوع والسجود وإن قصر قصر (1).

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحمل كثيراً في العبادة، ويتلذذ بها، وربما يقوم في صلاة الليل حتى تتفطَّرَ قدماه، فتقول له عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، لم تصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول:((أفلا أكون عبداً شكوراً)) (2).وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في ركعة واحدة من قيام الليل: سورة البقرة، والنساء، وآل عمران (3)،ورآه حذيفة رضي الله عنه يصلي أربع ركعات من الليل قرأ فيهن: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة أو الأنعام (4).

وقالت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان يصلي إحدى

(1) سمعته من سماحته أثناء تقريره على الحديث رقم 1261 من منتقى الأخبار لابن تيمية.

(2)

متفق عليه: البخاري، برقم 4836/ 4837، ومسلم، برقم 2819، 2820 من حديث عائشة والمغيرة رضي الله عنهما وتقدم تخريجهما.

(3)

مسلم، برقم 772، وتقدم تخريجه.

(4)

أبو داود، برقم 873، والنسائي، برقم 1049، وتقدم تخريجه.

ص: 42

عشرة ركعة، كانت تلك صلاته - تعني بالليل - فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأُ أَحَدُكُم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه)) (1).

وقد كان صلى الله عليه وسلم يرتاح لذلك ولا يملُّ من عبادة ربه عز وجل؛ بل كانت الصلاة قُرَّةَ عينه، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حُبِّبَ إليّ النساء والطيب، وجُعِلت قُرَّةُ عيني في الصلاة)) (2). وكانت الصلاة راحته، فعن سالم بن أبي الجعد قال: قال رجل: ليتني صليت واسترحت، فكأنهم عابوا عليه ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها)) (3).

أما الأمة فقال لهم صلى الله عليه وسلم: ((خذوا من الأعمال ما تطيقون،

(1) البخاري، كتاب الوتر، باب ما جاء في الوتر، برقم 994.

(2)

النسائي، كتاب عِشرة النساء، باب حب النساء، برقم 3904، وأحمد، 3/ 128، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 3/ 827.

(3)

أبو داود، كتاب الأدب، باب ما جاء في العتمة، برقم 4985، ورقم 4986، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 3/ 941

ص: 43