الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمين حتى قال ابن الأثير: وكان يوما عظيما من كثرة البكاء من الرجال والنساء والولدان
…
وتفرق المسلمون قددا وتمزقوا كل ممزق، وأصبحت بخارى خاوية على عروشها كأن لم تغن بالأمس، وارتكبوا من النساء العظيم والناس ينظرون ولا يقدرون على فعل شيء، ورضي بعض المسلمين بالموت دون ذلك فقاتلوا حتى قتلوا؛ ومن هؤلاء الفقيه الإمام "ركن الدين إمام زاده" وولده، وكذلك فعل القاضي "صدر الدين خان"، ومن استسلم أخذ أسيرا. ولم يرحل التتر عن بخارى حتى ألقوا النار في البلد والمدارس والمساجد وعذبوا الناس بأنواع العذاب في طلب المال - فإنا لله وإنا إليه راجعون1.
1 انظر: الكامل لإبن لأثير 12/365-367.
2- مأساة التتر في سمرقند:
ولم تقف المأساة عند حدود بخارى، بل رحل هؤلاء التتر الرعاع إلى سمرقند يستصحبون معهم من سلم من أهل بخارى أسارى ويسوقونهم مشاة على أقبح صورة وكأنهم قطيع من الغنم، فكل من أعيا وعجز عن المشي قتلوه.
فلما قاربوا سمرقند قدموا الخيالة وتركوا الرجالة والأسارى والأثقال وراءهم حتى تقدموا شيئا فشيئا ليكون أرعب لقلوب المسلمين فلما رأى أهل البلد سوادهم استعظموه فلما كان اليوم
الثاني وصل الأسارى والرجالة والأثقال ومع كل عشرة من الأسارى علم، فظن أهل البلد أن الجميع عساكر مقاتلة. وأحاطوا بالبلد وفيه خمسون ألف مقاتل من الخوارزمية، وأما عامة البلد فلا يحصون كثرة فخرج إليهم شجعان أهله وأهل الجلد والقوة رجالة، ولم يخرج معهم من العسكر الخوارزمي أحد لما في قلوبهم من خوف هؤلاء الملاعين، فقاتلهم الرجالة بظاهر البلد فلم يزل التتر يتأخرون وأهل البلد يتبعونهم ويطمعون فيهم، وكان الكفار التتر قد كمنوا لهم كمينا، فلما جاوزوا الكمين خرج عليهم وحال بينهم وبين البلد، ورجع الباقون الذين أنشبوا القتال أولا فبقوا في الوسط وأخذهم السيف من كل جانب فلم يسلم منهم أحد؛ قتلوا عن آخرهم شهداء رضي الله عنهم وكانوا سبعين ألفا على ما نقل ابن الأثير1.
فلما رأى الباقون من الجند والعامة – في سمرقند - ذلك ضعفت نفوسهم وأيقنوا بالهلاك فقال الجند – وكانوا أتراكا -: نحن من جنس هؤلاء ولا يقتلوننا، فطلبوا الأمان فأجيبوا إلى ذلك ففتحوا أبواب البلد ولم يقدر العامة على منعهم، وخرجوا إلى الكفار بأهلهم وأموالهم، فقال لهم الكفار: ادفعوا إلينا سلاحكم وأموالكم ودوابكم ونحن نسيركم إلى مأمنكم، ففعلوا ذلك، فلما أخذوا أسلحتهم ودوابهم وضعوا السيف فيهم وقتلوهم عن آخرهم،
1 الكامل 12/367، 368.