المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1- اسباب قدرية كونية - كيف دخل التتر بلاد المسلمين

[سليمان بن حمد العودة]

الفصل: ‌1- اسباب قدرية كونية

بعضا، فلا يعرف الوالد ولده ولا الأخ أخاه، وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى، واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى"1.

1 انظر: البداية والنهاية 13/192، 193.

ص: 37

‌خامسا: أسباب المحنة وعوامل الإنتشار

‌1- اسباب قدرية كونية

خامسا: أسباب المحنة وعوامل الإنتشار:

يستطيع المتأمل في محنة التتر أن يرصد عددا من الأسباب ساهمت في دخول التتر بلاد المسلمين، وأعانت على سرعة انتشارهم ومن هذه الأسباب:

1-

أسباب قدرية كونية:

ولا شك أن كل ما يقع في هذا الكون لا يخرج عن تقدير الله وإرادته الكونية القدرية يهيء أسبابه ويقدر أحداثه.

ومن هذه الأسباب التي هيأها لهؤلاء التتر أن زمن خروجهم اتفق مع خلو الأرض من عدد من الملوك؛ وذلك أن خوارزم شاه كان قد قتل الملوك من سائر الممالك واستقر في الأمر، وكانت جميع البلاد المتاخمة لبلاد التتر تحت أيدي نوابه، فلما انهزم أمامهم في النهاية وهرب من أرضه وتخلى عن سلطانه خلت البلاد ولم يبق لها من يحميها فساهم ذلك ولا شك في سرعة انتشارهم واستئصال

ص: 37

شأفة المسلمين من حولهم1.

والذي يلفت النظر ويؤكد أهمية هذا السبب أنه انتشار مذهل عجب منه المؤرخون، ولم يستطيعوا مقارنته بما فعل "بخت نصّر" ببني إسرائيل على الرغم من كثرة قتله وتخريبه بيت المقدس.

ولم يبلغ "الإسكندر المقدوني" مبلغ هؤلاء القم على الرغم من ملكه الدنيا كلها؛ وذلك أنه لم لم يملكها في سنة واحده، إنما ملكها في نحو عشرين سنة، ولم يقتل أحدا بل رضي من الناس بالطاعة، وهؤلاء التتر ملكوا أكثر المعمورة في نحو سنة، وأوسعوا الناس قتلا وإرهابا – كما سلف – ولم يتفق لأحد من أهل البلاد التي لم يطرقوها بقاء إلا وهو خائف يترقب وصولهم.

فكيف إذا أضفنا إلى ذلك طبيعة هؤلاء التتر وكثرة عددهم – إذ هم يخرجون عن الإحصاء – وقوة بأسهم، وشده صبرهم على القتال؛ فهم لا يعرفون هزيمة، وعدم حاجتهم إلى غيرهم؛ فهم يعملون ما يحتاجون إليه من السلاح بأيهديم، ولا يحتاجون إلى ميرة ومدد يأتيهم؛ فمعهم الأغنام والبقر والخيل وغير ذلك من الدواب؛ يأكلون لحومها لا غير، وأما دوابهم التي يركبون فإنها تحفر الأرض بحوافرها

1 الكامل 12/361، البداية والنهاية 13/84، 85.

ص: 38