المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1- مأساة التتر في بخارى المسلمة: - كيف دخل التتر بلاد المسلمين

[سليمان بن حمد العودة]

الفصل: ‌1- مأساة التتر في بخارى المسلمة:

البيان – فلقيهم في الطريق خبر خوارزم شاه وما صنع بمخلفيهم، فجدوا السير فأدركوه قبل أن يخرج عن بيوتهم فتصافوا واقتتلوا قتالا عظيما لم يسمع بمثله، مدته ثلاثة أيام، وأحصي من قتل من المسلمين في هذه الوقعة فكانوا عشرين ألفا، وأما من الكفار فلا يحصى من قتل منهم، وجرت الدماء غزيرة على الأرض حتى كانت الخيل تزلق فيه من كثرته1.

1 الكامل 12/363، 364.

ص: 26

‌1- مأساة التتر في بخارى المسلمة:

عاد المسلمون بعد هذه المنازلة إلى بخارى وطلب إليهم خوارزم شاه التحصن بها وحمايتها ريثما يعد العدة للتتر من خوارزم وخرسان، ولكن هؤلاء التتر عاجلوا المسلمين بالتوجه إلى بخارى وحين وصلوها حاصروها واقتتلوا مع حاميتها قتالا شديدا على مدى ثلاثة أيام فر على أثرها العسكر الخوارزمي إلى خراسان حين أحسوا أنه لا طاقة لهم بهؤلاء التتر. واشتد الأمر على أهل بخارى حين أصبحوا وقد ترك العسكر الخوارزميون مواقعهم فارين إلى خراسان، ولم يكن أمام أهل البلد إلا أن يطلبوا الأمان، فأعطوا الأمان بواسطة أحد القضاة بدر الدين قاضي خان. وعلى إثر ذلك فتحت أبواب المدينة في الرابع من ذي الحجة عام ست عشرة وستمائة، فدخل التتر الكفار

ص: 26

بخارى المسلمة وأظهروا لأهلها العدل حسن السيرة، ثم توجه "جنكز خان" إلى القلعة التي احتمى بها طائفة من العسكر كانوا نحوا من أربعمائة فارس لم يتمكنوا من الهرب مع أصحابهم، وطلب جنكز خان من أهل البلد الخروج معه لمحاصرة هذه القلعة ومن تخلف قتل، فكانت تلك بداية الإستخفاف والإستذلال لأهل بخارى، فخرجوا خوفا من بطشه، وأمرهم بردم الخندق المحيط بالقلعة ففعلوا وبلغ من سوء التتر واستهتارهم أن استخدموا كل شيء في ردم هذا الخندق حتى ألقيت المنابر وريعات القرآن في الخندق.

وبعد جهد جهيد وقتال مرير، دخل جنكز خان وأصحابه القلعة وقتلوا من بقي بها من جند المسلمين الذين أصروا على الدفاع عن القلعة بكل ما يملكون وحتى آخر لحظة!

وقل توقفت مأساة التتر ببخارى عند هذا الحد؟ كلا، فحين فرغوا من القلعة طلب جنكز خان أن يُكتب له وجوه القوم ورؤساؤهم، فلما عُرضوا عليه أمر بإحضارهم فحضروا، وطلب منهم إحضار "النقرة" التي باعهم إياها خوارزم شاه وقد أخذت من تجار التتر – كما سبق البيان – فأحضر كل من كان عنده شيء منها بين يدي "جنكز خان" ثم أمرهم بالخروج من البلد فخرجوا مجردين من أموالهم ليس مع أحد منهم غير ثيابه التي عليه، ودخل الكفار البلد فنهبوه وقتلوا من وجدوا فيه، وأحاطوا بالمسلمين فاقتسموهم ونسائهم، وكان يوما شديدا على

ص: 27