الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه المنطقة تشكل المنطلق الأساسي للأفعال التلقائية التي تتم بدون تفكير، ولا يوجد إنسان على ظهر الأرض إلا ولديه منطقة يقين خاصة به .. هذا اليقين قد يكون صحيحا، وقد يكون خاطئا، ولكنه يبقى يقينا ليس فيه شك.
فعلى سبيل المثال: هل يشك أحد في اسمه أو أسماء أبنائه وزوجته؟!
وهل يشك أحد في كون الماء سببا للإرواء والطعام للإشباع، وأن الظلام يحل في المساء والشمس تشرق في الصباح؟!
كيف يتكون اليقين
؟
يقين الإنسان يتكون من خلال الأفكار التي ترد عليه من العقل المدرك.
فما من فكرة يقبلها العقل المدرك إلا وتدخل إلى منطقة اللاشعور، فإذا تكرر مرور هذه الفكرة مرات ومرات من الشعور إلى اللاشعور اكتسبت هذه الفكرة صفة الرسوخ، وأصبحت ضمن يقين الإنسان وثوابته ومعتقداته، وأصبحت تشكل مصدرا لأفعاله التلقائية.
فعلى سبيل المثال: فهم قواعد اللغة العربية يتم من خلال العقل المدرك، فإذا تدرب العقل مرات كثيرة على أن الفاعل دائما مرفوع، والمفعول دائما منصوب، فإن هذه المعلومات ترسخ فى اللاشعور لينطلق اللسان بعد ذلك رافعا للفاعل وناصبا للمفعول بتلقائية.
وكذلك تعلم أحكام التجويد يتم أولا بالعقل المدرك ثم تنطلق هذه الأحكام إلى اللاشعور وترسخ فيها بالتكرار ثم التكرار، لتطلق الألسنة بعد ذلك وتطبق هذه الأحكام عند التلاوة ودونما تفكير، با أن الشخص قد ينسى منطوق الحكم التجويدي بمرور السنين لكنه لا يخطئ في تطبيقه.
علاقة اليقين بالتغيير
من الأمور الملاحظة بيننا: أننا كثيرا ما نتكلم عن قيم ومبادئ وتصورات، ونبدي قناعة تامة بما نسمع ونتحدث ثم نفاجأ بأن الكثير منا يخالف بفعله ما قاله بلسانه.
فعلى سبيل المثال: عند طرح موضوع الذكور والإناث أيهما تريد أن تلده زوجتك؟! تجدنا نتبارى في إظهار استسلامنا لله عز وجل، وأننا سنرضى بما يقسمه لنا من هذا الرزق.
هذا في ميدان القول، أم في الواقع فالأمر قد يختلف، فالبعض لن يستقبل مولودته الأنثى بهذا الرضا الذي أظهره أثناء المناقشة، فإذا ما أنجبت زوجته أنثى للمرة الثانية ازداد ضيقه .. هذا الضيق قد يتصاعد في المرة الثالثة لينطلق متهما زوجته بأنها السبب في ذلك، وقد يتوعدها إن تكرر الأمر مرة أخرى!!
وفي موقف أخر تجد الحديث الدائر بين الناس عن أهمية الإحسان إلى الزوجة واستشارتها في أمور الحياة وأما في الواقع فتجد بعض المشاركين في هذا الحديث والمتحمسين له، يسيء لزوجته ويتعامل معها بأسلوب الأوامر وفرض الرأي ..
نتحدث عن الدنيا وقيمتها الحقيرة، وضرورة عدم التعلق بها لأنها فانية و
…
فإذا انتقلنا إلى واقعنا نجد الكثير منا يشغل باله وتفكيره بمستقبله ومستقبل أولاده الصغار وكيف يؤمنه لهم، فيبني لهم الدور، ويسعى سعيا حثيثا للادخار والاستثمار .. يفرح كلما ازداد رصيده من المال ويحزن عند نقصانه
هذه وغيرها من الأمثلة تبين لنا التناقض بين الأقوال والأفعال، والتي تنشأ بصورة رئيسية بسبب التناقض بين ما نقتنع به بعقولنا المدركة، وبين ما يوجد في يقيننا من أفكار وتصرفات.
فالولد الذي تربى في بيته على حب المال، عندما يكبر ويسمع عن ضرورة وأهمية الإنفاق في سبيل الله فإنه قد يبذل بعضا من ماله تأثرا بما سمعه، لكن سرعان ما يزول أثر هذا الكلام من ذاكرته ويعود لسابق عهده من الحرص والشح بالمال، وما دفعه إلى ذلك إلا يقينه الخاطئ الذي تكون لديه منذ الصغر ومارس مقتضياته مرات ومرات.
كذلك فالذي يرى أباه يتعامل بجفاء مع أمه ولا ينكر ذلك، فإن هذه الصورة من التعامل سترسخ في يقينه ليطبقها بعد ذلك في التعامل مع زوجته.